عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2012-04-19, 09:15 PM
ابن النعمان ابن النعمان غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-07
المكان: اسيوط
المشاركات: 651
افتراضي




الامر لا يستدعى كل ذلك ..
يعتقد المسيحيين أن من صفات الله العدل والرحمة ، وبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي أرتكبها أبوهم وطرد بسببها من الجنة ، وبمقتضى صفة الرحمة كان على الله أن يغفر سيئات البشر ، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمة إلا بتوسط ابن الله الوحيد ليموت على الصليب كفارة ونيابة عنهم ، وبهذا العمل يكون الله قد جمع بين عدله ورحمته مع الإنسان وأخذ العدل حقه ، وظهرت رحمة الله !! .
لقد اثبتنا فيما سبق ان الرحمة لم تتدخل والتوفيق لم يحدث والظلم كان سيد المشهد , ما يهمنا الآن هو الاجابة عن هذا السؤال ..
هل الامر يستدعى كل تلك الترهلات ؟
الاجابة سوف نعرفها فى السطور القادمة من خلال طرح بعض الاسئلة والاجابة عليها..
هل يحتاج الرب لكى ينفذ مشيئته الجمع بين عدله ورحمته ؟
الكتاب المقدس يقول لا !!
وهناك الكثير من الأدلة على ذلك منها ما حدث لقوم نوح عليه السلام ولقد وردت هذه القصة ( قصة نوح والطوفان) في الإصحاحات من السادس إلى التاسع من سفر التكوين وتجري أحداثها على النحو التالي :
(رأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، فحزن أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، وعزم على أن يمحو الإنسان والبهائم والدواب والطيور عن وجه الأرض، وأن يستثني من ذلك نوحاً لأنه كان رجلاً باراً كاملاً في أجياله، وسار نوح مع الله ........... وتزداد شرور الناس، وتمتليء الأرض ظلماً، ويقرر الرب نهاية البشرية، ويحيط نوحاً علماً بما نواه، آمراً إياه بأن يصنع فلكاً ضخماً، وأن يكون طلاؤها بالقار والقطران من داخل ومن خارج، حتى لا يتسرب إليها الماء، وأن يدخل فيها اثنين من كل ذي جسد حي، ذكراً وأنثى، فضلاً عن امرأته وبنهيه ونساء بيته، هذا إلى جانب طعام يكفي من في الفلك وما فيه.. تكوين 6: 1 ـ 22.
و يكرر الرب أوامره في الإصحاح التالي فيأمره أن يدخل الفلك ومن معه ذلك لأن الرب قرر أن يغرق الأرض ومن عليها بعد سبعة أيام ذلك عن طريق مطر يسقط على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة، ويصدع نوح بأمر ربه فيأوي إلى السفينة ومن معه وأهله، ثم انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم وانفتحت طاقات السماء، واستمر الطوفان أربعين يوماً على الأرض.
و تكاثرت المياه ورفعت الفلك عن الأرض وتغطت المياه، ومات كل جد كان يدب على الأرض، من الناس، والطيور والبهائم والوحوش وبقي نوح والذين معه في الفلك حتى استقرت الفلك على جبل أرارات. ويلاحظ مما يبق ان الرب عاقب قوم نوح بلا قيد او شرط او اختلاق مشاكل تحتاج الى توفيق بين شيئين متضادين .
2- الرب ايضا غفر لاهل نينوى بلا صلب او فداء كما ورد فى سفر يونان .
مع الانتباه بان خطيئة اهل نينوى كانت نفس خطيئة قوم نوح (الكفر والضلال) .
3- ذكر الكتاب المقدس في خروج 40:12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمر بجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل ؟!
وكان ذلك قبل ولادة المسيح بأمد طويل وتمت مشيئة المغفرة بدون الافتقار الى التوفيق بينها و بين وشىء اخر .
4- - قال المسيح : (( وأما من قال على الروح القدس فلن يغفر له في هذا العالم ولا في الآتي )) (متى 12 : 32 ) يقصد المسيح أن من كذب أو استهزأ بجبريل فلا غفران له. نلاحظ ان الرب قد قد قضى بعدم الغفران لكل من كذب على الروح القدس بدون ان يكون هناك قيد متمثلا فى التوفيق بين العدل و الرحمة .
5- قال المسيح ايضا : (( ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان )) (متى 26 : 24) قال ذلك وهو يحذر أحد حواريه الذي سيخونه ويشي به إلى السلطة . فهو يبشر هذا الحوارى بعدم الخلاص دون ان تكون الرحمة عائقا لذلك.

6- المسيح علم تلاميذه ان يصلوا الى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]
ويقول أيضاً : (( فإن غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. )) [ متى 6 : 14 ، 15 ] .
وقد قال داود في صلواته : (( إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ )) [ مزمور 130 : 3 ] .
7- قال الرب لقابيل الذي قتل هابيل : (( إنك إن أحسنت تقبلت منك وإن لم تحسن فإن الخطية رابطة ببابك )) وإذا كان الأمر كذلك فقد صار إحسان المحسن من بني آدم مطهراً له ومخلصاً ، فلا حاجة إلي شيء آخر.
هل يمكن ان تتأتى المغفرة بشئ غير الدم ؟
نعم كالتالى :

المغفرة بالصلاة والتوبة
ا - ورد فى سفر إشعياء الإصحاح 55 : 7 " ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران "
وفى سفر أخبار الأيام الثاني الإصحاح 7 : 14 " فإذا تواضع شعبي الذين دعي اسمي عليهم وصلوا وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الردية فإنني أسمع من السماء وأغفر خطيتهم "
المغفرة بالجواهر
ورد فى سفر العدد (31:50) فقد قدمنا قربان الرب كل واحد ما وجده أمتعة ذهب حجولا وأساور وخواتم وأقراطا وقلائد للتكفير عن أنفسنا أمام الرب
المغفرة بالاموال
ورد فى سفر الخروج (30:15) الغني لا يكثر والفقير لا يقلل عن نصف الشاقل حين تعطون تقدمة الرب للتكفير عن نفوسكم.16 وتأخذ فضة الكفارة من بنى اسرائيل وتجعلها لخدمة خيمة الاجتماع . فتكون تذكارا امام الرب للتكفير عن نفوسكم .
المغفرة بالدقيق
ورد فى اللاويين (5:11) وان لم تنل يده يمامتين او فرخى حمام فياتى بقربانه عما اخطأ به عشر الايفة من دقيق قربان خطية . لا يضع عليه زيت ولا يجعل عليه لبان لانه قربان خطية 12 يأتي به إلى الكاهن فيقبض الكاهن منه ملء قبضته تذكاره ويوقده على المذبح على وقائد الرب. إنه قربان خطية .
اذن الله عز وجل يقبل غفران الخطيئة بدون دم بالـ.( المال , الجواهر , الدقيق , الصلاة , التوبة )
ولا نستطيع ان ننسى بان الله غفر لاهل نينوى ورفع عنهم العقاب بطريق من الطرق السابقة بلا صلب او فداء ( يونان 3 : 10 ).
هل العقاب يناقض المحبة؟
1- لا يمكن ان يكون هناك باعث يسمى بالمحبة ويجعل الاله يحيد عن فضيلة عظمى وهى فضيلة العفوا والغفران إلى شىء اخر تحيط به الكثير من البواعث الغامضة الا اذا كانت هذه الفضيلة (العفوا والغفران ) متعلقة بالحقد او الكراهية او محسوبة على القيم الوضيعة كما انه ليس من الحكمة في شيء أن نفتدي بدينار ما نستطيع أن نفتديه بفلس اما
2- بالنسبة للمحبة يجب ان يكون المتمتع بالجزء الاكبر منها المسيح , و اذا كان المسيح بالنسبة لله هو اعز واحب ما لديه فان كل شىء فى المعزة والمحبة سوف ياتى بعد المسيح.ويكون المسيح قبل كل شىء ومن البديهى ان تكون التضحية من اجل العزيز وليست بالعزيز من اجل من هو ادنى منه مرتبة بدون داعى , فليس هناك ما يلزم بفعل هذه التضحية ولا فائدة من التصنع المسرحى مع وجود حل اخر خالى من التعقيد بشاهدة المسيحيون انفسهم ..
يقول القس بولس سباط :
" لم يكن تجسد الكلمة ضروريا لإنقاذ البشر ، ولا يتصور ذلك مع القدرة الإلهية الفائقة الطبيعية " (مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص163 ) بينما الكاتب بولس اليافى يقول : "مما لا ريب فيه أن المسيح كان باستطاعته أن يفتدي البشر ويصالحهم مع أبيه بكلمة واحدة أو بفعل سجود بسيط يؤديه باسم البشرية لأبيه السماوي " (المصدر السابق ص164 )
3- إذا كان هناك بواعث مروجعها إلى صفات إلهية معينة أدت إلى الحول بين ادم والعقاب فبالقياس على ذلك سوف تكون البواعث التي أدت إلى قتل وصلب المسيح راجعة إلى بواعث مناقضة للبواعث الأولى و وبالتبعية مناقضة أيضا للصفات الإلهية المعينة التي أدت إلى هذه البواعث لان المقصود الفعل وليس المفعول به (المعاقب ) والفعل (العقاب ) قد حدث والصفة (الرحمة) لا الموصوف.

يقول آرثر ويجال Arthur Weigall :
"نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي الذي من أجل بعض البواعث الغامضة أوجب تضحية استرضائية . إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكلي القدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة . إن الدكتور كرودن الشهير يعتقد أنه من أجل مآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب أوقعها الله قصاصاً عليه . وهذا بالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري والتي قد تكون شرط لعقيدة بشعة ليست منفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية البدائية . وفي الواقع أن هذه العقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية في الإيمان" . (عقيدة الخطيئة الاولى وفداء الصليب – وليد المسلم )
واضافة الى هذا التعقيب هل يعقل ان تكون هناك بواعث متعلقة بالعقيدة او الايمان وتكون غامضة ؟ .
بينما يقول القس الذى اسلم بشاي جرجس بشاي وهو أستاذ سابق لللاهوت بالكلية الاكليركية : "هل يضحي الله بأبنه من اجل غيره .. فلا يعقل ان يضحي الله بأبنه او بغير ابنه من اجل ادم او غيره .. والجزئية الاخري ان ادم حينما اخطأ عوقب وفي هذه اللحظة حينها عاقب الله ادم .. ومن يملك القدرة علي العقاب لديه القدره علي العفو .. كيف لا يقوم الله بعد عقابه لادم بالعفو عنه" ويقول ايضا " ونأتي الي شئ مهم فالله سبحانه الي الان لم يعطني اولاد ولكن لو انا وانتم اشقاء .. وانا اجلس انا وانت نتكلم ثم دخل ابنك ليلعب فقمت بضربه وقلت له عيب يا ولد امشي .. ماذا سيكون رد فعلك فهل ستفرح لانني قمت بضرب ابنك ابدا لن تفرح وانا شقيقك وقد اكون الكبير ولكنك ستقول لي يا أخي عيب لا تقوم بضرب ابني وانا عايش .. حتي انتظر الي ان اموت وبعد ذلك اضربه فمهما كنت تحبني وانا اخوك لن تحبني اكثر من ابنك .. فما بالك الله والاب يقبل ان يظل في السماء وينزل ابنه الي الارض ليموت ويصلب من شيء هو قام بصنعه "(من حديث للقس السابق بشاى جرجس بشاى مع شبكة انا المسلم للحوار الاسلامى المسيحى )
و يقول الدكتور بهاء النحال :
"إن العهد القديم يروى لنا أن الله رفض أن يذبح إبراهيم عليه السلام ابنه قربانا له (ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه. فناداه ملاك الرب من السماء فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا) تكوين 10:23 فكيف يقبل الله ويسمح بقتل ابنه هو كذبيحة عن خطية آدم.
"إذا كان المسيح ابن الله ، فأين كانت عاطفة الأبوة وأين كانت الرحمة حينما كان الابن الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب الصلب مع دق المسامير في يديه"(عقيدة الخطيئة الاولى وفداء الصليب – وليد المسلم )
فمهما كانت الغاية فانها سوف تتناقض مع هذه العاطفة ومع الرحمة ايضا والمحبة ومهما كان التبرير او التفسير فانه لن ياخذ به لعدم وجود داعى لذلك واذا كان هناك داعى فان العاطفة والمحبة من الاب للابن من الطبيعى ان تكون اكبر منه مما لا يدع مجالا لاى شيء آخر .
وقصة ابراهيم وابنه التى وردت في الكتاب المقدس سواء كان اسحق او اسماعيل تجعلنا نتساءل اذا قدم الله فداء فى صورة كبش عن اسحق فلماذا لم يستخدم هذه الصورة فى فداء البشر فيخلق كبش ليكون فداء عاما عن كل البشر وعن المسيح فى نفس الوقت حتى يجعله فى منأى على الاقل عن القتل والصلب ؟ .
قد يقول البعض اين الكبش الذي يستطيع ان يتحمل كل خطايا البشر ؟
نقول من منطلق أن الله كلى القدرة له إما أن يخلق كبشا ويعطيه من العظمة الشيء الذي يؤهله لكي يكون فداء عاما عن كل بنى البشر وأما أن يخلق كبش لكل إنسان على حدة , وبعد ذلك لا فرق فى الكبش بين ان يقدمه الإنسان عن نفسه كما حدث مع إبراهيم او يقدمه الله عن كل إنسان على حده كما حدث مع اسحق او إسماعيل وذلك او ذاك على الله يسير إلا إذا كان الله عاجز عن ذلك فلا يكون كلى القدرة وبالتالي لا يكون كلى المحبة وتعالى الله عما يصفون مع العلم بان اسحق او إسماعيل كان له من الكرامة والفضل ما يجعله أفضل من الكبش بمسافات ساشعة ومع ذلك تم تقديمه عنه مما يدل على التساهل في هذه المسالة الذي كان أولى به مسالة الخطيئة الأولى لجعل المسيح على الأقل في منأى عن القتل والصلب وجعل البشر كذلك في منأى عن التشتت والحيرة والمعاناة الأرضية وما بها من هموم وأوجاع .
واخيرا يقول الدكتور مصطفى محمود :
"البعض يقول كيف يعذبنا الله و الله محبة ؟ و ينسى الواحد منهم أنه قد يحب ابنه كل الحب و مع ذلك يعاقبه بالضرب و الحرمان من المصروف و التأديب و التعنيف .. و كلما ازداد حبه لابنه كلما ازداد اهتمامه بتأديبه .. و لو أنه تهاون في تربيته لاتّهمه الناس في حبه لابنه و لقالوا عنه إنه أب مهمل لا يرعى أبناءه الرعاية الكافية .. فما بال الرب و هو المربي الأعظم .. و كلمة الرب مشتقة من التربية .
و الواقع أن عبارة ((الله محبة)) عبارة فضفاضة يسيء الكثيرون فهمها و يحملونها معنى مطلقاً .. و يتصورون أن الله محبة على الإطلاق .. و هذا غير صحيح .
فهل الله يحب الظلم مثلاً ؟
مستحيل ..
مستحيل أن يحب الله الظلم و الظالمين .. و أن يستوي في نظره ظالم و مظلوم .. و هذا التصور للقوة الإلهية .. هو فوضى فكرية ..
ويلزم فعلاً أن يكون لله العلو المطلق على كل الظالمين , و أن يكون جباراً مطلقاً يملك الجبروت على كل الجبارين .. و أن يكون متكبراً على المتكبرين مذلاً للمذلين قوياً على جميع الأقوياء .. و أن يكون الحكم العدل الذي يضع كل إنسان في رتبته و مقامه .
و أصحاب المشاعر الرقيقة الذين يتأففون من تصور الله جباراً معذباً علينا أن نذكرهم بما كان يفعله الخليفة التركي حينما يصدر حكم الإعدام بالخازوق على أعدائه .. و ما كان يفعله و ما كان يفعله الجلاد المنوط به تنفيذ الحكم حينما كان يلقى بالضحية على بطنه ثم يدخل في الشرج خازوقاً ذا رأس حديدية مدببة يظل يدق ببطء حتى تتهتك جميع الأحشاء و يخرج الخازوق من الرقبة .. و كيف أنه كان من واجب الجلاد أن يحتفظ بضحيته حيّاً حتى يخرج الخازوق من رقبته ليشعر بجميع الآلام الضرورية .
و أفظع من ذلك أن تفقأ عيون الأسرى بالأسياخ المحمية في النار .
مثل هؤلاء الجبارين هل من المفروض أن يقدم لهم الله حفلة شاي لأن الله محبة ؟
بل إن جهنم هي منتهى المحبة ما دامت لا توجد وسيلة غيرها لتعريف هؤلاء بأن هناك إلهاً عادلاً .
و هي رحمة من حيث كونها تعريفاً و تعليماً لمن رفض أن يتعلم من جميع الكتب و الرسل , و للذين كذبوا حتى أوليات العقل و بداهات الإنسانية .
أيكون عدلاً أن يقتل هتلر عشرين مليوناً في حرب عالمية .. يسلخ فيها عماله الأسرى و يعدمون الألوف منهم في غرف الغاز و يحرقونهم في المحارق .. ثم عند الهزيمة ينتحر هتلر هارباً و فارّاً من مواجهة نتيجة أعماله .
إن العبث وحده و أن يكون العالم عبثاً في عبث هو الذي يمكن أن ينجي هذا القاتل الشامل من ذنبه .
. و لا يكون الله محبة .. و لا يكون عادلاً .. إلا إذا وضع هذا الرجل في هاوية أعماله .
و عذاب الدنيا دائماً نوع من التقويم .. و كذلك على مستوى الفرد و على مستوى الأمم .. فهزيمة 67 في سيناء كانت درساً , كما أن رسوب الطالب يكون درساً – كما أن آلام المرض و اعتلال الصحة هي لمن عاش , حياة الإسراف و الترف و الرخاوة و المتعة درس .
و العذاب يجلو صدأ النفس و يصقل معدنها .
و لا نعرف نبيّاً أو مصلحاً أو فناناً أو عبقريّاً إل و قد ذاق أشد العذاب مرضاً أو فقراً أو اضطهاداً .
و العذاب من هذه الزاوية محبة .. و هو الضريبة التي يلزم دفعها للانتقال إلى درجة أعلى .
و إذا خفيت عنا الحكمة في العذاب أحياناً فلأننا لا ندرك كل شيء و لا نعرف كل شيء من القصة إلا تلك الرحلة المحدودة بين قوسين التي اسمها الدنيا .. أما ما قبل ذلك و ما بعد ذلك فهو بالنسبة لنا غيب محجوب , و لذا يجب أن نصمت في احترام و لا نطلق الأحكام .
(رحلتى من الشك الى الايمان – مصطفى محمود ص61 , 62 , 63 )
هل العفو يتعارض مع العدل..
او تطبيق العقوبة يتعارض مع الرحمة؟

القول بأن العفو عن الخطية يتعارض مع العدل، والقول بأن تطبيق العقوبة يتعارض مع الرحمة هو قول لا يتفق مع الحكمة. نعم لا يجوز العفو الدائم المستمر عن كل خطية، وإلا فقد القانون شرعيته وتأثيره، كذلك لا يجوز تطبيق العقوبة في كل حالة وإلا تحوّل المشرّع إلى دكتاتور ظالم مستبد. إن فلسفة تطبيق العقاب ينبغي أن تنبت من الرحمة وليس من الانتقام، أي أن الغرض من تطبيق العقاب يجب أن يكون هو الرحمة بالخاطئ لكي يمتنع عن ارتكاب الخطأ، والرحمة بالمجتمع لصيانته من نتائج ارتكاب الخطأ. فإذا تبين أن هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بتطبيق العقوبة، فالحكمة تقتضي حينئذ ضرورة تطبيق العقوبة. وأما إذا تبين أن هذا الهدف يمكن أن يتحقق بغير تطبيق العقوبة، فالحكمة تقتضي حينئذ عدم تطبيق العقوبة. فليس هناك أي تعارض بين العدل والرحمة لأن الحكمة تجمع بينهما. وما دام العدل ينبثق من الرحمة وليس من شهوة الانتقام، فلا تعارض بين العدل والرحمة، بل يخضع العدل للرحمة بحسب مقتضيات الحكمة. والله تعالى حكيم، والقول بأنه إذا طبق عدله فإن هذا يتعارض مع رحمته أو إذا طبق رحمته فإن هذا يتعارض مع عدله هو قول يخالف الحكمة والحق، ولا يمكن أن ينتج من الله تعالى الحكيم. وعلى هذا، فلا يمكن أن تكون هذه العقيدة التي أساسها الاختلاف بين العدل والرحمة عقيدة نابعة من لدن الإله الحكيم، فيتحتم رفضها ونبذها باعتبارها خرافة من نتاج العقل الإنساني الناقص، أو من اختراع العقل الإنساني الجاهل بصفات الله العادل الرحيم الحكيم.
(أجوبة عن الإيمان – الحلقة الثالثة والثلاثون )
ثانيا : الاستحقاق للعقاب داخل مفهوم العدل سوف يجعله مبرئا تماما من اى شبهة للقسوة او الظلم وبالأخص إذا أخذنا لطف وحكمة الخالق في تقدير ذلك العقاب وتكافئه مع حجم الخطأ في الحسبان ولذلك اذا كان ادم مستحقا للعقاب فلن يكون هناك ادنى تناقض بين العدل الذي اقتضى هذا العقاب وبين الرحمة لكون ادم قد حصل عى المقابل لهذا الثمن مقدما والدليل لفظ استحقاق فالإنسان لا يمكن ان يظلم اذا اخذ ما يستحق سواء كان ما له او عليه .
وإذا علمنا بأنه قد تم إنذاره وتحذيره من هذا الفعل يكون هو الذى اختار هذا العقاب بنفسه لنفسه لأنه بداهتا كان يمكن ان يكون في منأى عن هذا العقاب لو أطاع الأمر .
إلا إذا كان هذا العقاب أكثر من المستحق عليه.


__________________

لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا اله الا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

رد مع اقتباس