عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2009-07-09, 12:02 AM
مسدد مسدد غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2008-06-24
المشاركات: 191
افتراضي

الطريقة الحوارية كما تناولها علماء التربية:
الطريقة الحوارية:
أول من استخدم هذه الطريقة هو الفيلسوف اليوناني القديم سقراط، وتقوم على الحوار الذي يتم بين المعلم وتلاميذه، ويعتمد هذا الحوار على إلقاء مجموعة من الأسئلة المتسلسلة المترابطة على الطلاب بحيث تصل عقولهم إلى المعلومات الجديدة بعد أن يكتشفوا نقصهم أو خطأهم بأنفسهم .. وتقوم هذه الطريقة من خلال مرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة الاستكشاف:
يتم في هذه المرحلة إلقاء مجموعة من الأسئلة من المعلم، هدفها معرفة ما بذهن الطالب من معلومات عن الدرس الجديد، واكتشاف النقص والخطأ في هذه المعلومات.
ولكن في هذه المرحلة يصل المدرس إلى حقيقة ثابتة هي أن هذه المعلومات التي عند الطالب هي خاطئة وغير صحيحة، ولكن لا يتم في هذه المرحلة تصحيح الأخطاء، ويتم إثبات عجز الطالب عن كشف الحقيقة وحثه على طلب المعرفة الصحيحة.
المرحلة الثانية: مرحلة الاسترشاد:
بعد أن يعرف الطلبة من خلال المدرس أن ما في حوزتهم من معلومات انه خطأ، تزداد رغبتهم في معرفة المعلومات الصحيحة، وهنا يستدرجهم المعلم حتى يصل بهم من خلال الحوار إلى المعلومات الصحيحة والصواب والمعرفة السليمة، ومهم في هذه المرحلة أن لا يلقي المعلم المعلومات الصحيحة على التلاميذ، بل يجعلهم بالسؤال والجواب يتوصلون إلى الحقيقة اعتمادا على أنفسهم.
الكلمة الطيبة وعلاقتها بالحوار
الله سبحانه وتعالى خلقنا، وخلق لنا السمع والبصر والفؤاد، والأيدي، والأرجل والعقل والقلب. وهذه كلها نعم عظيمة أنعم بها علينا، وقد منحنا الله هذه النعم من أجل أن نستعملها فيما يرضي الله تعالى.
وأخطر هذه النعم وأهمها فيما يؤاخذ الله به، وفيما يتعامل الناس به، هو اللسان. فاللسان هو المعبر عما في القلب، فمكنون نفسك، يعبر عنه لسانك. والكلمة التي ينطق بها اللسان، لها خطرها، ولها شأنها في الدنيا والآخرة.
والإنسان يمتاز عن غيره بالكلمة، والمسلم يعصم ماله، ويعصم نفسه، ويعصم عرضه ولا يجوز لأحد أن يناله بسوء في شيء من ذلك كله، وكتاب الله تعالى أفضل كلام ينطق به اللسان، هو أعظم الكلام على الإطلاق، فإذا نطقت بالكلمة من كتاب الله كان لك بكل حرف عشر حسنات.
وأحاديث رسول الله كلها كلمات يستنير بها القلب، وتنشرح لها النفس وفيها منهجنا في الحياة وكيف نسير على ما يرضي الله سبحانه وتعالى. وقد حث ربنا سبحانه وتعالى عن قول الكلمة الطيبة بأنواعها في آيات كثيرة قال تعالى: "وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ" [آل عمران: 104].
والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكلام الطيب وقال سبحانه أيضاً مؤكداً على ذلك "ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هي أَحْسَنُ" [النحل: 125].
بل إن الله دعا إلى الكلام الطيب حتى مع المخالفين في الدين والاعتقاد "وَلاَ تُجَادِلُواْ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ" [العنكبوت: 46].
إذن الكلمة الطيبة لها أهميتها وقيمتها.
صفات المحاور:
 سلاسة العبارة وجودة الإلقاء وحسن العرض.
 حسن التصور عند المحاور؛ فلا تكون الأفكار متضاربة أو مشوشة.
 القدرة على ترتيب الأفكار وعدم التداخل.
 العلم؛ فالبعض قد يخذل الحق في شخصه؛ لضعف علمه, وهذا يحدث كثيراً خاصة في وسائل الإعلام عندما يتحدث باسم الإسلام شخص ضعيف العلم والفهم.
 الفهم مع العلم.
 الإخلاص والتجرد في طلب الحق.

الحوار.. مجادلة لا مداهنة:
في العالم اليوم دعوات كثيرة إلى الحوار: حوار بين الأديان ولا سيما النصرانية والإسلام، أو النصرانية واليهودية، وحوار بين أهل الديانات والمنكرين لها، وحوار بين الفرق الدينية داخل الدين الواحد، وحوار خاصٌّ بين المنتمين إلى الوطن الواحد من كل تلك الأنواع.
الحوارات تتعدد بتعدد أغراضها: فمنها ما يكون هدف المحاور إقناع الآخر بأن اعتقاده أو رأيه أو موقفه هو الأحق بأن يتبع، ومنها ما يكون هدفه مجرد معرفة ما عنده؛ كي لا يكون هنالك سوء تفاهم بأن يَنسب إليه ما لا يرى أو يعتقد، ومنها ما يكون الغرض منه إمكانية الوصول إلى آراء أو أهداف مشتركة تساعد على التعايش والتعاون، وهكذا.
والمسلم يرى كل هذه أهدافاً مشروعة، ولا يتردد في المشاركة فيها، ما لم يتّصل بها ما يجعل ضررها أكبر من نفعها.
لكن الحوار لا يكون ناجحاً ولا يحقق شيئاً من تلك الأهداف التي وصفناها بالمشروعة إلا إذا توفرت فيه بعض الشروط، وإلا إذا خلا من بعض المفسدات.
الشرط الأول: أن يكون المتحاورون صادقين مخلصين في الوصول إلى ما أعلنوا من أهداف، لا أن يكون الحوار مجرد وسيلة إلى أغراض أخرى يُضمرها أحد المتحاورَيْن أو كلاهما.
الشرط الثاني: أن يستند إلى معايير يؤمن بها الطرفان؛ فإذا كان حواراً بين مؤمنين وملحدين كان المعيار هو العقل والحقائق العلمية المتفق على التسليم بها, وإذا كان بين مؤمنين بوجود الخالق أضيف هذا إلى تلك المعايير, وأضيف إليه أيضاً المحاكمة إلى حقائق دينية يؤمن بها كل من الفريقين. وإذا كان بين منتسبين إلى دين واحد كالإسلام مثلاً كانت المعايير مراجع دينهم الذي يؤمنون به.
هذا هو الحوار كما يعرفه ويدعو إليه كل العقلاء من المفكرين من أهل الأديان وغير الأديان.
ومن أعجب الكلمات التي ينبغي أن نقف عندها؛ كلمة الإمام الفذ الشافعي رحمه الله, وهو من كبار أساتذة التاريخ الإسلامي, في فنون الجدل, والمناظرة, وتأصيلها فقد كان يقول (ما جادلت أحداً إلا تمنيت أن يظهر الله الحق على لسانه).
هل لنا نصيب من هذه العبارة الحكيمة, وهل يوجد اليوم أحد من الناس يقول مقالة الإمام الشافعي رحمه الله قولاً وفعلاً؟
الإمام رحمه الله قال هذه الكلمة؛ لأنه واثق أنه سيقبل الحق إن ظهر له سواء عند نفسه أو الآخر, والمشكلة هي في الطرف الآخر الذي لا يقبل الحق إلا إذا قاله هو, ولن يقبله إذا خرج من الشافعي؛ لذا تمنى أن يظهر الله الحق على لسان محاوره حتى يقبله الجميع.
هنا نلاحظ:
 صفاء نفس الإمام الشافعي.
 محبته لظهور الحق على لسان أي طرف خاصة لو كان المحاور.
 محبته لقبول هذا الحق الذي ينبغي أن يكون هدفاً.
 عدم قصد الإمام الشافعي لإحراج من أمامه؛ سواء بإظهار تناقضه أو ادعاء ما ليس له أو غير ذلك.
 فكرة العلو في الأرض أو التسلط على عباده غير واردة في جدول أعمال الإمام.
 كان من أقواله أيضاً (والله لقد تمنيت أن الخلق كلهم تعلموا هذا, وأنه لم ينسب إلي منه حرف واحد).
يتبع ..
رد مع اقتباس