عرض مشاركة واحدة
  #52  
قديم 2016-06-19, 12:30 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,055
افتراضي التمهيد

كتاب قواعد قرآنية - 50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة

الشيخ عمر بن عبد الله المقبل

التمهيد


يحسن قبل الدخول إلى ما تيسر إعداده من قواعد، أن أبينّ ّ حد هذه القواعد، ومرادي بها؛ فأقول: تضمن العنوان كلمتي: قواعد، وقرآنية ،
فأما (القواعد):
فهي جمع قاعدة، وأصلها اللغوي يعود الى مادة (قعد) وهي كما يقول ابن فارس ـ أصْلٌ مُطَرِدٌ مُنْقَاسٌ لا يُخْلَفُ وإنْ كَانَ يُتَكّلَّمُ في مَوَاضِعَ لا يُتَكَلَّمُ فيهَا بالجُلُوسِ … وقواعد البيت أساسه (مقاييس اللغة 5/108)
فكأن قَواعد البيت في سفولها تخالف عواليه. ولهذا يقال والقاعدُ والقاعدة أصل الأس

وفي التنزيل : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ } [ البقرة:127]
وفيِه : { فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ َّ } [النحل :26]

قال الزجاج القواعد َ أساطين البناء التي تَعمده (المحكم والمحيط الأعظم لإبن سيده 1/172)
وعلى هذا فقاعدة الباب: ُ الأصل الذي تنبني عليه مسائله، وفروعه.
أما تعريف القاعدة إصطلاحا . فهو قضيَّة كلية منطبقة على جزيئاتها
((تيسير التحرير (1 / 14 ) وينظر: التعريفات (171) إجابة السائل شرح بغية الآمل، ص: (25) ، حاشية العطار على شرح الجلال المحلى على جمع الجوامع، ص: (1/31))

- فقولهم: (قضية كلية) أي يدخل تحتها جميع أجزائها، لا يشذ من ذلك شئ.
وهذا الوصف دقيق، ومطرد في حق القواعد القرآنية التي تعتمد الآية الكريمة، او جزء منها في إثباتها؛ لأنها تعتمد على النص القرآني، فهو كلام الله تعالى الذي :
{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}(فصلت)

أما بالنسبة للقواعد التي يصوغها علماء الأصول، أو علماء التفيسر، فهذه الكلية قد تنتقض في بعض صورها، فهي -إذن- نسبية، وليست مطردة.ولا يلزم -في هذه القواعد- من ذلك تعديل الصياغة ليقال بأن القواعد »حكم أغلبي«؛ لوجود استثناءات في بعض القواعد، كلا؛ لأن هذه الإستثناءات لا تخرق القاعدة ِ َ ْ فالعبرة بالأغلب، كما يقول الكفوي: (( وتخلف الأصل في موضع أو موضعين لا ينافي أصالته(الكليات: 122))، وللشاطبي رحمه الله كلام نفيس في تقرير صحة الاعتماد على القواعد وإن وجد لها استثناءات، أو تخلفت بعض جزئياتها، ((ينظر: الموافقات: (2/83) قواعد التفسير للسبت: (1/23))

- وقولهم: » منطبقة على جزئياتها « لأن هذه هي حقيقة القاعدة، فهي الأساس والأصل لما فوقها، وهي تجمع فروعا َمن أبواب شَّتى (الكليات: 728)

- وأما » القرآنية :
فنسبة إلى القرآن، وهو ً لغة: َ مأخوذ من قرأ، وأصلها من قريَ ـ كما يقول ابن فارس ـ الذي يدل على جمع واجتماع
ومنُه ُ القرآن ، كأنْه سمي بذلك لجمعه ما فيه من الأحكام والقصص وغير ذلك (( مقاييس اللغة: 5/78 ) بتصرف، وفي »الإتقان « للسيوطي: (2/339)(النوع السابع عشر) بسط وتوسع في اشتقاقه، ليس هذا موضع بسطه)).

وأقرب ما قيل في تعريفه ً اصطلاحا: » كلام الله تعالى حقيقة، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته ((ينظر: " الإتقان" للسيوطي: 2/339 (النوع السابع عشر)، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان (17))
ومما يحسن ذكره ههنا، ما علقه الشيخ محمد بن عبدالله دراز رحمه الله حيث قال - بعد أن تحدث عن فضل القرآن على ما سبقه من الكتب السماوية -: لما كان القرآن بهذا المعنى الأسمى جزئيًّا حقيقياً كان من المتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص،...،
وأما ما ذكره العلماء من تعريفه بالأجناس والفصول - كما تعرف الحقائق الكلية - فإنما أرادوا به تقريب معناه، وتمييزه عن بعض ما عداه، مما قد يشاركه في الاسم ولو توهما؛ ذلك أن سائر كتب الله تعالى، والأحاديث القدسية، وبعض الأحاديث النبوية، تشارك القرآن في كونها وحيا إلهيا فربما ظن ظان أنها تشاركه في اسم القرآن أيضا، فأرادوا بيان اختصاص الاسم به ببيان صفاته التي امتاز بها عن تلك الأنواع « ا.هـ. ينظر: النبأ العظيم (43.)

وأما استعمال هذا اللفظ (قرآنية)؛ فإنني لم أقف على استعمال هذه النسبة (قرآنية) في كتب المتقدمين من أئمة اللغة، وإنما وجدتها عند بعض المتأخرين، كما في تاج العروس للزبيدي (ت: 1205)، ((11/163 ،18/190) (ًينظر -على سبيل المثال-: تاج العروس))وفي(كليات « أبي البقاء الكفوي) ت: 1094 الكليات 1/421

وأما ورود هذه النسبة في كتب المفسرين من القرن السادس والسابع فكثير، ومن أقدم من وقفت على استعماله لها: الرازي (ت: 606 ) في تفسيره مفاتيح الغيب (ينظر -على سبيل المثال-: 7/ 110 ،10/162 ،17/269.).وأبي حيان ( ت: 745 ) في البحر المحيط (ينظر على سبيل المثال: البحر المحيط في التفسير: 6/74)
وأما وروده في كلام غير المفسرين من المتأخرين، فكثير جدا، وليس هذا مما يعنينا ههنا.

وبناءً على ما تقدم، فيمكن الخلوص إلى تعريف القواعد القرآنية ( نظرا لأن هذا الميدان بكرٌ فلم أقف على من عرفها باعتبار مجموع الكلمتين لأن هذا العنوان لا أعلمه طُرقَ من قبل، ولهذا، فيمكن اختيار تعريف لهذه الجملة )، باعتباره لقبا على ما اصطلح عليه حديثا بهذه الجملة، فيقال في تعريفها، هي:
» أحكام كلية قطعية، مستخرجة من نصوص القرآن «.

ولتوضيح هذا التعريف يقال:
- قولنا: أحكام كلية فقد سبق البحث فيها قريبا
- وقولنا: قطعية أي: أن حكمها مقطوع به، فلا يتطرق إليه الظن في أصل بنيتها؛ لأنها مأخوذة من كلام الله تعالى، فهو حق متيقن؛ وإنما يتطرق الظن في ما يدخله المتأمل من أفراد تلك القاعدة.كما أن للظن مجالاً في ما يتعلق بتصنيف القواعد إلى كبرى وصغرى.

- قولنا: » مستخرجة من نصوص القرآن « وفي هذا إشارة إلى مادة هذه القواعد، فهي مأخوذة من الآيات القرآنية، وليست كقواعد المفسرين أو الأصوليين التي يجتهد العلماء في صياغتها وتحرير ألفاظها.
رد مع اقتباس