عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-06-30, 10:58 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,059
افتراضي الاستخلاص العجيب / إعداد: د. أحمد محمد زين المنّاوي

الاستخلاص العجيب

الدكتور/ أحمد محمد زين المنّاوي


في علم الإنسان.. ترشدك المقدّمات إلى النتائج..
في علم الله.. المقدّمات والنتائج بين يديه.. يسيّرها كيف يشاء..
لذا يتوقف الإنسان بالتعظيم أمام الآيات التي لا تشير نتائجها إلى ما سبقها من مقدّمات..
آيات الله في هذا كثيرة.. لا تعد ولا تحصى.. منها آية استخلاص اللبن..
هذا اللبن الذي نشربه سائغًا نقيًّا جاءنا من بين دم وفضلات طعام في بطون الأنعام!!
سبحان من هذا خلقه!!
وسبحان من علمنا هذا قبل العلوم الحديثة في قرآن يتلى قبل أكثر من 1400 عام..
ولاحظ بنفسك.. فإن كنت معتادًا على شراء لبن طازج من مكان معين، ثم قدّر لك أن تشتريه من مكان آخر، ربما تلاحظ اختلافًا واضحًا في طعمه أو رائحته أو نكهته، وقد لا تجد تفسيرًا لذلك الاختلاف!
لكن لو سألت فلاحًا بسيطًا سوف يقول لك إن الأمر يُعزى إلى نوع الغذاء الذي تناولته الأنعام التي اُستمد اللبن من ضرعها. وقد ثبت علميًّا وبما لا يدع مجالًا للشك أن هناك علاقة مباشرة بين نوع الغذاء الذي تأكله الأنعام واللبن الذي تنتجه، إذ يظهر تأثير ذلك الغذاء في لون اللبن ومكوناته.
وحتى بعدما تأكدت العلاقة المباشرة بين ألبان الأنعام ونوع الغذاء الذي تأكله هذه الأنعام، لم يكن أحد يملك تفسيرًا لكيفية تأثير الغذاء في اللبن، ولم يكن أحد يعلم الكيفية التي يتحول عبرها الطعام إلى لبن خالص سائغ للشاربين.
المعجزة أن القرآن الكريم بيّن ذلك بوضوح وأكد أن لبن الأنعام يخرجُ من بطونها من بين فرث ودم.. فتأمّلوا هذه الآية من سورة النحل..

{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)}

كثيرة هي الآيات العلمية التي أودعها الخالق سبحانه وتعالى في كتابه كي يتأملها الإنسان ويتفكر فيها، ومنها هذه الآية الكريمة التي تحوي إعجازًا علميًّا باهرًا، كما أنها تنبهنا على قدرة الخالق العظيم الذي أخرج لنا لبنًا خالصًا طيبًا سائغًا من بين الفرث والدم في بطون الأنعام، وهي: الإبل والبقر والضأن والماعز.
والفرث هو الطعام أو العلف المخمّر والمهضوم هضمًا جزئيًّا في بطون الأنعام.
وقد أثبت العلم بعد اثني عشر قرنًا من نزول هذه الآية أن اللبن يتكوّن في الأساس من خلاصة محتوى الأمعاء الدقيقة من الغذاء المهضوم هضمًا جزئيًّا، والأغشية التي تغلّفها، وهي الأوعية والعروق الدموية التي تمتص هذه الخلاصة فتوصلها إلى الغدة اللبنية في ضرع الأنعام، وهناك يُصنع اللبن في عمليات حيوية في غاية الدقة والإعجاز في الخَلْق، ويُفرز اللبن خالصًا من كل الشوائب في قنوات الضرع. وهذه الحقيقة تُعتبر اليوم من أهم اكتشافات علوم الكيمياء البيولوجية وعلوم وظائف الأعضاء، وهي لم تكن معروفة لأي أحد من البشر على الإطلاق حتى عصر قريب.
والآية الكريمة تربط بين إدرار اللبن ومكونات غذاء الأنعام والدورة الدموية، منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، وتشير إلى هذه الحقائق العلمية بشكل دقيق في وقت كان فيه العالم كلّه يجهلها تمامًا. وقبل اكتشاف أجهزة التشريح خلال القرنين الماضيين، لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم هذه الحقائق العلمية، ولا كيفية تكوين اللبن، ولا يعلم أسرار ما يجري في الجهاز الهضمي، ووظائف هذا الجهاز المعقّد وعلاقته بالدورة الدموية ومراحل تكوين اللبن في بطون الأنعام! إضافة إلى هذا الإعجاز فلنا أن نعلم أن إنتاج لتر واحد فقط من ألبان الأنعام يتطلب مرور ما لا يقل عن 300 لتر من الدم من خلال الخلايا الغشائية لهذا المصنع الحيوي المعجز.
ولكي نفهم المعنى الدقيق الذي تتضمنه هذه الآية الكريمة بشأن مصدر تكوين لبن الأنعام يلزم أن نستعين بحقائق علوم الحيوان في تخصص الألبان، وأن نستعين أيضًا بحقائق علم وظائف الأعضاء، وعلم التشريح، وعلم الأنسجة، وعلوم أخرى عديدة كالكيمياء الحيوية والتمثيل الغذائي والدورة الدموية وعلم الغدد والجهاز الهضمي، وغيرها من العلوم. ولما تطورت الأجهزة الطبية والتجارب العلمية خلال القرنين الماضيين، عرف الإنسان أن مكونات اللبن تُستخلص بعد هضم الطعام من بين الفرث، وتجري مع مجرى الدم لتصل إلى الغدد اللبنية في ضروع الإناث، التي تقوم باستخلاص مكونات اللبن من بين الدم دون أن تبقى أي آثار في اللبن من الفرث أو الدم، وتُضاف إليه في حويصلات اللبن مادة سكر اللبن التي تجعله سائغًا للشاربين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أهم المصادر:

أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم.

ثانيًا: المصادر الأخرى:

النجار، زغلول راغب محمد (2010)؛ من آيات الإعجاز العلمي: الحيوان في القرآن الكريم؛ بيروت: دار المعرفة.

بازرعة، علي سالم (2006)؛ سنريهم آياتنا في الآفاق؛ الرياض: دار طويق للنشر والتوزيع.

طيارة، نادية (2009)؛ موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك؛ أبوظبي: مكتبة الصفاء للنشر والتوزيع.

بتصرف وتلخيص عن موقع طريق القرآن

رد مع اقتباس