بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإنه كثيرا ما قرأنا من بعض الإخوة إثارة مسألة نبذ الخلاف والدعوة إلى الائتلاف، وهي دعوة صادقة ولكن كثيرا من الناس يخطئ في الوسائلالموصلة إلى هذا المقصد والوسائل لها أحكام المقاصد.
لقد قامت دعوة الإخوان المفلسين –هداهم الله وردهم إلى جادة الصواب – على مقولة " نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه"، وهذه الكلمة هي منشأ دعوتهم إلى وحدة الأديان وإلى التقارب بين السنة والشيعة ، وقد قلت من قبل وأقول : إن هذا التقارب قد يحصل في حالتين: أن يقول الرافضي رضيت بالقرآن وأنه غير محرف وترضى عن الصحابة ووو...أو أن يقول السني رضيت بتحريف القرآن ويجوز سب الصحابة وغير ذلك ، ففي هاتين الحالتين نقول حصل التقارب بين السنة والشيعة.
إخوتي في الله إن دعوة أهل السنة والجماعة لا تأخذ نصوصها إلا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وماعدا ذلك من أقوال أي بشر فهو مردود إذا خالف أصولها ، ودعوتنا قائمة على أصل النصح لكل مسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ودعوة الناس إلى الاجتماع والتكتل تحت راية الإسلام، ونبذ العصبيات والحزبيات التي فرقت الأمة وشتت شملها، لقوله عزوجل:"وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَفَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"،
وقوله:"وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَرِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"، وغير ذلك من الأدلة الكثيرة.
ولكننا حين نقول هذا فليس على حساب دعوتنا وعقيدتنا، فلا توحيد كلمة إلا على كلمة التوحيد ومقتضاها ، فكيف نوحّد كلمتنا مع رافضي يعتقد أننا ضلاّل كفّار أنجس من اليهود والنصارى؟، وكيف نوحد ديننا مع من يقول بالتثليث وأن لله ولدا ووو... !؟ هذا محال في القياس بديع.
وإننا حين نرد شبهات منكري السنة أو الروافض لسنا نفرّق الشمل ، بل والله لنحن أشد حرصا على هداية الناس ولئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
أما أننا نظلم الناس صوفية كانوا أو شيعة أو غير ذلك ، فإنهم وإن ارتفعت بهم كلماتهم فقد وضعتهم عقائدهم ، ولسنا نظلم الناس ولكنهم لأنفسهم يظلمون بأن خالفوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وتعرضوا لنصوص الوحيين بالتزييف والتخريف ولكلام أهل العلم بالتحريف.
فأما من يقول :لم تهتمون بالردود؟ فنقول:
وكيف يلقى البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم.
فكيف تُعَرّف المسلمين بالعقيدة الصحيحة وخلفك ألف هادم لها ، ومهوّش عليها ، والقلوب ضعيفة والشبه خطّافة، وسنة الدفع قائمة ولولاها لفسدت الأرض ، قال تعالى:" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين".
فإن هذا المنتدى المبارك قائم على حراسة الحدود والدفاع عن المصادر الأصلية للأمة، وهو جهاد بالقلم واللسان لا ينزل عن مرتبة التعرض للرمح والسنان، فهيا إخواني لنعمل جاهدين على حماية بيضة المسلمين ولا نعمق الهوة ونوسع الرقع ونزيد الشرخ بين أهل السنة والجماعة الذين هم كما قال شيخ الإسلام :أعرف الناس للحق وأرحمهم للخلق.
وأسأل الله عزوجل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ويجنبنا الزلل ، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.