عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2007-12-23, 11:13 PM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,400
افتراضي


الشبهة الثالثة

قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [الجاثية : 23]

[الـــرد:]
أولاً : الفعل (اتخذ) فعل متعد لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر يفيد التحويل بمعنى أن يصير أحدهما إلى الآخر. والبناء اللغوى الذى يدعيه هذا صحيح لغةً ، ولكن السياق القرآنى جاء على نسق أعلى وأرقى مما اعتادت عليه لغة العرب وسأبين هذا بمثال.
المثال الأول : اتخذ الطالب كتابه رفيقه.
المثال الثانى : اتخذ الطالب رفيقه كتابه.
نلاحظ أن المثالين على نفس النسق والبناء القرآنى ، ولكن المثال الثانى هو الأقرب بلاغة.
ولنتأملهما جيداً لنعرف الفرق بين البنائين.
المثال الأول : (اتخذ الطالب كتابه رفيقه) يفيد أن الطالب قد اتخذ الكتاب رفيقاً له ، ولكن هذا لا يمنع من وجود رفاق آخرين مع الكتاب.
المثال الثانى : (اتخذ الطالب رفيقه كتابه) يفيد أن الطالب قد اتخذ الكتاب رفيقاً له أيضاً ، ولكن هنا الكتاب هو الرفيق الوحيد ولا رفيق سواه. أى أن كل الرفاق عند الطالب أصبحوا هم الكتاب نفسه ، فهذه صيغة تخصيص وحصر.

ثانياً : أنقل لكم قول عبد القاهر الجرجانى مؤسس علم البلاغة فى مسألة التقديم والتأخير فيقول فى كتابه الفذ (دلائل الإعجاز) ص131 طبعة مكتبة الأسرة : "تقديم ذكر المُحَدّث عنه يفيد التنبيه والتحقيق" ويقول فى نفس الصفحة : "تقديم المحدث عنه يقتضى تأكيد الخبر".
إذن أصبحت المسالة واضحة لا لبس فيها إن شاء الله.

ثالثاً : قلنا أن تقديم قوله تعالى : (إلهه) يفيد الحصر والتخصيص فباستعراضنا جيداً للسورتين اللتين ذكر فيهما هذه الآية (الفرقان : 43) ، (الجاثية : 23) نجد مثلاً الحديث فى سورة الفرقان كله يأتى للحديث عن الإله الحق.
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (1) ....... [الإله الحق]

(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ((2) ....... [الإله الحق]
(وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً) ....... [الإله الحق]
(تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا (10) ....... [الإله الحق]
(أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا (45) ....... [الإله الحق]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) ....... [الإله الحق]
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ... (48) ....... [الإله الحق]
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)... (53) ....... [الإله الحق]
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) ....... [الإله الحق]
(الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) ....... [الإله الحق]
( تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا (61) ....... [الإله الحق]
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) (62) ....... [الإله الحق]

يتضح بما لا يدع مجالاً لشك أن السورة بتمامها جاءت للإخبار عن الإله الحق ، ولذا وجب وجب تقديم قوله : (إلهه) عند الحديث عن الإله الباطل لأنه هو المقصود من الكلام. [والله أعلم]
__________________
قـلــت :
[LIST][*]
من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
[*]
ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
[*]
ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
[*]
ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
[/LIST]
رد مع اقتباس