عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-01-02, 12:04 AM
ابوالوليد ابوالوليد غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-12-18
المشاركات: 600
افتراضي من هم منكري السنة ؟ ومن أين ظهرت هذه التخاريف ؟






منكري السنة

واحدة من البدع الضالة القديمة، ظهرت في القرن الثاني الهجري، ثم وئدت في بعض حالاتها بالحجة والحوار بين علماء الأمة وبين أهل هذه البدعة، لكن حالات أخرى اقتضت المواجهة، لما استفحلت الفتنة، وأراد أصحابها، أن يستبدلوا شريعة الله بشريعة الأهواء.
ومنذ بدايات القرن الثالث، لم يسمع أحد، ولم يأت ذكر في كتب التاريخ أو الملل والنحل، لهذه البدعة، حتى أتى الإنجليز إلى واحدة من مراكز الامبراطوريات الإسلامية منذ قرن ونصف القرن من الزمان، ساعين إلى تأكيد سقوطها بكل الوسائل الممكنة، السياسية والاقتصادية والعسكرية، وعرفوا أن السبيل الأول لتحقيق هذه الأهداف، لن يكون يسيراً قبل سقوط العقيدة الإسلامية الصحيحة، من نفوس وقلوب وعقول المسلمين في الهند الكبرى، واستطاعوا من خلال أصحاب الشهوات والمطامع أن يخترقوا جدران الدعوة، وأن يصنعوا شرخاً بين صفوف الدعاة، وأن ييقظوا فتنة عاصفة بين علماء الأمة، مستغلين مساحة الجهل والأمية التي اتسعت رقعتها بين مجتمعات الامبراطورية، فتصدع البناء، وانهارت الجدران لتسقط على رؤوس المسلمين، وتنتهي امبراطورية الإسلام في الهند.
كانت تلك البدعة، هي الاكتفاء بأحد مصدريّ التشريع الإسلامي وهو كتاب الله الكريم، والاستغناء عن المصدر الثاني وهو السنة النبوية المطهرة، وذلك بالتشكيك بداية في شرعية هذه السنة، ثم التشكيك في صدق ماورد بها من أحكام وتشريعات، ولتحقيق هذين الهدفين المتلازمين، اتخذت سبل عديدة، تعتمد التشكيك في متن الأحاديث، وطرق روايتها، والرواة، ومن ثم إسقاط الأحكام التي وردت بها.
ومن الهند انتشرت هذه البدعة إلى العراق ومصر وليبيا واندونيسيا وما ليزيا وغيرهم من بلاد المسلمين.

تعريف السنة

السنة في اللغة:
الطريقة أو السيرة، حسنة أو سيئة (1).

السنة في الاصطلاح:
يختلف معناها حسب الغرض والهدف:
عند المحدثين: ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قول أو فعل أو إقرار أو صفة خلقية أو سيرة، قبل البعثةأو بعدها (2).
وعند الفقهاء: الصفة الشرعية للعقل المطلوب طلباً غير جازم، بحيث يثاب المرء على فعله ولا يعاقب على تركه (3).
وعند الأصوليين : هي قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره (4).

تعريف منكري السنة

طائفة من الناس تنادي بعدم الاحتجاج بالسنة (5).
طائفة من علماء الهند شعروا بضرورة وحدة الصف الإسلامي، والخلاص من الفرق المتعددة، من حنفية وحنابلة وشافعية ومالكية وغيرهم، وجمع المسلمين تحت راية (6).
إحدى حركتين، ثانيتهما القاديانية، رأى فيهما المشروع الإنجليزي في الهند نوعاً جديداً من مناوأة الإسلام، باستدراج عدد من الدعاة، وضمهم إلى صفوفه السياسية مع كثير من القساوسة المنصرين، والإيقاع بهم في شبكة لتحريف الإسلام، تقوم بأعمال ثقافية ومشروعات علمية تبعد الثقة عن النفوس تجاه الحديث الشريف (7).
بعض من يتسمون بأسماء المسلمين، أحيوا بدعة قديمة، تدعو إلى الاكتفاء بالقرآن عن السنة والأحاديث، وقالوا: حسبنا كتاب الله (8).
في النهاية هي فرقة تتخذ من نصوص الأحاديث النبوية موقف الرفض، أقلهم تشدداً يرفض بعضها، والغلاة منهم يرفضونها إجمالاً وتفصيلاً، وبين الفريقين درجات، وجميعهم يدعو إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم مصدراً متفرداً للتشريع، ويطلق عليهم اسم (القرآنيون) أو (منكري السنة).

النشأة والتطور

يمكننا التأريخ لنشأة فرقة منكري السنة النبوية، بظهور فرقة الشيعة وموقفهم العدائي من صحابة رسول الله رضي الله عنهم وصلى الله عليه وآله وسلم، بعد بيعتهم لأبي بكر الصديق إماماً وخليفة للمسلمين، وأرادوا هم ألا يؤم المسلمين أحد من غير بيت النبوة إلى يوم القيامة ... ورفض كل ما يأتي من أخبار وروايات وأحاديث عن طريقهم، بعد أن حكموا عليهم بالكفر والخروج من ملة الإسلام(9).
ومن أثر شطط الأحكام الضالة لفرقة الخوارج، نسب إليهم الإمام البغدادي، إنكار السنة جملة وتفصيلاً(10).
فلما جاء المعتزلة، كانوا على صنفين في موقفهم من السنة النبوية:
الأول:

كان متشدداً في إيجازه لاحتمال الكذب في السنة بنوعيها؛ المتواتر والآحاد فلا يجوز العمل بها (11).
الثاني:

كان أخف في إيجازه لاحتمال الكذب في أحاديث الآحاد فلا يجوز العمل بها (12).
غير أن المعتزلة إجمالاً، قد انتهوا إلى:

عدم الاعتراف بالسنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
إنكار إقامة الحد على شارب الخمر(13).
إنكار شفاعة رسول الله صلى الله علية وآله وسلم (14).
نفي الرؤية عن الله عز وجل (15).
وهكذا منذ وفاة الرسول صلى الله علية وآله وسلم وحتى أواخر القرن الثاني الهجري، نتيجة للشبهات التي خلفها الشيعة والخوارج والمعتزلة، كان في الأمة من يدعو إلى إلغاء السنة بالكلية، أو قبول بعضها ورفض بعضها، وعدم الاعتداد بها في مصدرية التشريع لأحكام الإسلام. (16)
وقد أفاد الإمام الشافعي رحمه الله، بأنه وجد في زمانه من كان ينكر الحجة في السنة كلها، ويقول بالاعتماد على القرآن وحده (17).

منكري السنة في شبه القارة الهندية

يتفق الباحثين في تاريخ الأفراد والجماعات التي انتسبت إلى الإسلام ودعت إلى نبذ السنة، أن لا سيرة لهم ولا وجود، منذ نهاية القرن الثاني وأول القرن الثالث الهجري، وكان آخرهم مَن ذكرهم الشافعي، وقد أصبحوا بعد ذلك في ذمة التاريخ، لمدة اثني عشر قرناً من الزمان على وجه التقريب، فيقول أبو الأعلى المودودي رحمه الله: ما إن حل القرن الثالث عشر الهجري، حتى دبت الحياة في هذه الفتنة من جديد، فكانت ولادتها في العراق، وترعرعت في الهند ... وإن بدايتها لتعود في الهند إلى:

سيد أحمد خان
ومولوي (شيخ) جراغ علىّ.
ثم كان فارسها المقدام مولوي عبد الله چَكرَالَوِي
ثم استلم الراية مولوي أحمد الدين خواجة أمرتسري
ثم تقدم بها مولانا أسلم جراجبوري
وأخيراً تولى رياستها غلام أحمد برويز الذي أوصلها إلى ساحل الضلال) (18)
واتفقت المصادر التي بحثت عن نشأة منكري السنة في الهند وخروجهم إلى حيز الوجود وإدلائهم بالآراء المخالفة في الدين، على أنهم الثمرة الطبيعية التي بذر بذورها أعضاء حركة أحمد رضا خان بالهند، استجابة لمخطط انجليزي.(19)
وهو ما أكده الشيخ ثناء الله الملقب بأسد بنجاب مدير مجلة (أهل حديث) التي كانت تصدر في أمَرَتْسِِري (20)، فقد كان لآراء أحمد خان وتلميذه جراغ علي وأتباعهما، الصدى الأكبر في الجهر بإنكار السنة كلها في الهند، وتهيئة الأجواء لعقيدة الاكتفاء بالقرآن، وهذا ما فعله (چَكرَالـَوي) عندما أسس جماعة (أهل الذكر والقرآن)، بعد موت أحمد خان بأربع سنوات، لإعلان الحرب على جماعة (أهل الحديث) (21).

نشأة منكري السنة في مصر

وفي مصر بدأت دعوة منكري السنة في عهد محمد علي باشا، عندما بدأت البعثات العلمية تغدو وتروح لتلقي العلم في إيطاليا عام 9081غربية، ثم في فرنسا بعد ذلك .
وفي عهد حفيده اسماعيل باشا ازداد الوضع سوءاً ... بإنشاء المحاكم المختلطة، ثم المحاكم الأهلية التي سمح فيها للنصاري وغير المسلمين، أن يكونوا قضاة فيها (22).
وأظلم الجو أكثر من ذي قبل بعد وصول جمال الدين الأفغاني عام 0781، الذي أحل رابطة الوطن محل رابطة الدين، ودعا إلى وحدة الأديان الثلاثة، ثم تبعه على نفس الدرب الإمام محمد رشيد رضا في مجلته المنار ثم تلميذه محمد عبده، الذي صاغ مباديء الحزب الوطني بمساعدة المستشرق بلنت، على أنه حزب سياسي داعياً للفصل بين الدين والدولة.
ثم أخذ على تطويع الشريعة لتتقبل مباديء الحضارة الأوربية، ولا سيما بعد تولىه منصب الإفتاء، بدعوى الإصلاح الديني، الذي حدده تلميذه مصطفى عبد الرازق في ثلاثة أمور:

1ـ تحرير الفكر من قيد التقليد، ومن أحكام زعماء الدنيا وزعماء الدين.
2ـ اعتبار الدين صديقاً للعلم، إذ لكل منهما وظيفة يؤديها (23).
3ـ وجوب أن يكون القرآن هو الأصل الذي تحمل عليه المذاهب والآراء في الدين (24).
ومن خلال جامعة القاهرة، ثم الجامعة الأمريكية البروتستانتية الإنجيلية بالقاهرة، فتحت الأبواب لعشرات المستشرقين الذين وفدوا إلى مصر للتدريس في كليتي الآداب ثم دار العلوم، فأعدوا أجيالاً من الأتباع والتلاميذ، مازالوا هم طليعة الكتاب ورجال التدريس، فتوالى على عمادة الكليتين ورئاسة الجامعة نفر كثير من منكري السنة (إجمالاً أو انتقاءً) (25).
وانقسم هؤلاء إلى ثلاثة أقسام :
1ـ قسم هدف إلي نبذ الدين وهدم كل مايمت بصلة إلى الله.
2ـ قسم أنكر السنة إجمالاً مدعياً أن القرآن فيه ما يكفي لتشكيل الحياة.
3ـ قسم أنكر بعض السنة وأخذ بعضها مما يتوافق مع هواه وعقله (26).

مصادر التلقي

أن مصادر التلقي لجماعات منكري السنة، هي أربعة مصادر:

الخوارج. _ الشيعة. _ المعتزلة.
وحديثاً: المستشرقين

الخـــوارج

الخوارج هم هؤلاء القوم الذين أنكروا على سيدنا على رضي الله عنه، التحكيم في موقعة صفين، وتبرأوا منه، ثم تبرأوا من سيدنا عثمان رضي الله عنه وذريته وأعلنوا عليهم القتال خروجاً على خيار المسلمين.
ولم يكن في الخوارج أحد من أصحاب رسول الله #ولا من فقهاء أصحاب الصحابة من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، ولو كان منهم أحد ما اجترأوا على الفتنة والخروج على خليفة المسلمين عثمان بن عفان، واتهامه بالكفر، ثم قتله طلباً للدنيا وحقداً وحسداً له، وقلة دين وضعف يقين كما خاطبهم الإمام علي كرم الله وجهه (28).

ويمكن تحديد الأسس التي اعتمد عليها الخوارج، فيما يلي:
أن الصحابة (رضوان الله عليهم) أشركوا بعد الاشتراك في الفتنة، فلا يصح أخذ علم الدين عنهم، وبذلك:
رد الأحاديث التي رويت في الأحكام السابقة عن جمهور الصحابة بعد الفتنة لقبولهم التحكيم أو الرضي به أو أتباع أئمة الجور (حسب زعمهم) وبذلك فَقَدَ الصحابة عدالتهم وثقتهم في نقل علم الدين. (29)
لم يقبلوا من السنة إلا ما جاء عن طريق صحابي لم يشترك في الفتنة الكبري وما بعدها من الأحداث.
ردوا أحاديث جمهور الصحابة التي ظهرت بعد الفتنة
أوقعهم ذلك في أن شذوا عن المسلمين بآراء كثيرة كان لها أكبر الأثر فيما أثير حول السنة من الشبهات.(30)
وينقل عن الخوارج أنهم أنكروا حجية الإجماع والسنن الشرعية، وزعموا أنه لا حجية في شيء من شيء من أحكام الشريعة إلا من القرآن (31).
ويقول ابن حزم الظاهري: وقد تسمي باسم الإسلام، من أجمعت جميع فرق الإسلام على أنه ليس مسلماً، مثل طوائف من الخوارج الذين غلوا، فقالوا إن الصلاة ركعة بالغداة وركعة بالعشي (32).
كما أنكروا:
حد الرجم.
المسح على الخفين.
وقطعوا يد السارق في القليل والكثير لأن الأمر بقطع السارق في القرآن مطلق، ولم يقبلوا الرواية في نصاب القطع ولا الرواية في اعتبار الحرز فيه. (33)
وقالت الأزارقة (إحدى فرقهم) بـ:

استحلال كفر الأمانة التي أمر الله بأدائها.
إسقاط الحد على قاذف الرجل المحصن
إقامة الحد على قاذف المحصنات. (34)
ثم أتت فرقة النجدات، فأضافت على سابقتها، ضلالة إسقاط حد الخمر. (35)
أما فرقة الميمونية، فأباحت نكاح ابنة الإبنة وابنة الابن،وبنات وأولاد الأشقاء والشقيقات، لأن القرآن لم يحرمهم. (36)
وشرّعت فرقة المعبدية أخذ الزكاة من العبيد وتوزيعها عليهم. (37)

ولذا نسب البغدادي، في كتابه أصول الدين (38) إنكار السنة كلها إلى الخوارج، لإنكارهم البدهيات الثابتة عن طريقها، فقال: (والثابت عن الخوارج إنكارها حجة الإجماع والسنن الشرعية، وقد زعمت أنه لا حجة في شىء من أحكام الشريعة إلا من القرآن.
وتتلخص حجج هؤلاء منكري السنة الأوائل في موقفهم من السنة فيما يلي:
إن القرآن حوى بين دفتيه تبيان كل شيء وتفصيل ما تحتاج إليه الأمة مما لايدع مجالاً للسنة في دين الله.
إذا جاءت الأخبار بأحكام لم ترد بالقرآن، كان ذلك معارضة من ظني الثبوت (وهو الأخبار والأحاديث) لقطعي الثبوت (وهو القرآن الكريم).
وإن جاءت الأخبار مؤكدة ومؤيدة لحكم القرآن، كان الاتباع للقرآن لا للسنة.
وإن جاءت مبينة لما أجمله القرآن، كان ذلك تبياناً للقطعي الذي يَكفُر منكر حرف منه، بظني لايَكفُر من أنكر ثبوته.
تروي السنة عن طريق رجال لا يرتفع احتمال الكذب وخيانة الذاكرة عنهم، ما نتج عنه رفع الثقة المطلوبة من القطعية واليقين في الشعائر الدينية الثابتة عن طريق هذا المصدر التشريعي في الإسلام، فلا يستساغ أن يثبت بموجبها شيء في دين الله عز وجل.
إذ أن السنة كلها لا تعدو مرحلة الظن والوهم مع أن حسن الظن في الراوي والمروي مما لامقام له في دين الله سبحانه وتعالى (39).

الشيعة

قام التشيع في ظاهر الأمر على أساس الاعتقاد بأن علياً رضي الله عنه وذريته هم أحق الناس بالخلافة بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وأن علياً أحق بها من سائر الصحابة بوصية من النبي # كما زعموا في رواياتهم التي اخترعوها، وملأوا بها كتبهم، قديماً وحديثاً (40).
وقد قسم الحافظ الذهبي (41) التشيع إلى نوعين:

أـ تشيع بلا غلو، يفضل على بن أبي طالب على سائر الصحابة دون إكفار واحد منهم ولا سب ولا بغض.
ب ـ تشيع مع غلو ،يقوم على تكفير الصحابة جميعاً وسبهم ولعنهم (إلا نفر يسير) كما يتبرأ من الشيخين البخاري ومسلم.
وقد ورد في أصح الكتب عندهم بعد كتاب الله عز وجل وهو الكافي (42) ، الذي يعد عندهم ،كالبخاري عند أهل السنة: (كان الناس أهل ردة بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إلا ثلاثة: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم.وفيه أيضاً: إن أهل مكه ليكفرون بالله جهرة، وإن أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفاً.(43)
وكان لهجومهم وتجنيهم على الصحابة، الأثر الكبير فيما أثير حول السنة والقرآن من شبهات، إذ لا يعتبرون إلا بما صح لهم من طرق أهل البيت، يعني ما رواه الصادق عن أبيه الباقر عن أبيه زين العابدين عن الحسين السبط، عن أبيه أمير المؤمنين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (44)
أما ما يرويه أبي هريرة، وسمرة بن جندب، ومروان بن الحكم، وعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص، ونظائرهم، فليس لهم عند الإمامية (من أعتى فرق الشيعة) من الاعتبار مقدار بعوضة. (45)
ووفق هذا الاعتقاد، أسقطوا كل السنة، وما يتعلق بها من مرويات ورواة ومتون وأسانيد وصحاح، وبالتبعية خضع القرآن الكريم وتفاسيره إلى نفس شروطهم الاعتقادية فيما يقبل وفيما لا يقبل، مما ضل به الخوارج وزيادة.

المعتزلة

ظهرت المعتزلة في الفترة من 105 : 110هـ ، وسميت بهذا الاسم على أرجح الأقوال لا عتزال واصل بن عطاء وأصحابه، مجلس حسن البصري، لانفراد رأيه في مرتكب الكبيرة، ثم بعد ذلك استقلالهم الفردي في الأفكار العقلية الشاذة التي خرجت على إجماع الأمة الإسلامية في عهودها المجيدة. (46)
·ونقلاً عن د. غالب عواجي: إن هذه الفرقة من أعظم الفرق رجالاً وأكثرها تابعاً، فإن شيعة العراق على الإطلاق معتزلة، وكذلك شيعة الأقطار الهندية والشامية وبلاد فارس، ومثلهم الزيدية في اليمن ... وهؤلاء يعدون في المسلمين بالملايين) (47)
وهم قوم من المتكلمين فتنتهم الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني، وما نقل من الفلسفة الهندية والأدب الفارسي، وكان جمهورهم ممن ينتمون إلى أصل فارس فأولوا القرآن الكريم لينسجم مع الفلسفة اليونانية وكذبوا الأحاديث التي لا تتفق مع هذه العقلية اليونانية الوثنية، واعتبروا فلاسفة اليونان أنبياء العقل الذي لا خطأ فيه) (48).
ومن هنا ذهب المعتزلة إلى القول بـ :

·* جواز أن تجتمع الأمة على الخطأ.
·* لأن الأخبار المتواترة لا حجة فيها.
·* ولأنها يجوز وأن يكون وقوعها كذباً.
·* وطعنوا في عدالة الصحابة.
·* وأبطلوا القياس في الشريعة (49).
وذكر الجاحظ في كتابه (المعارف) وكتابه (الفتيا)، أن النظـَّام ]أحد كبار المعتزلة]:
·* عاب على أصحاب الحديث، روايتهم لأحاديث أبي هريرة.
·* وزعم أن أبا هريرة كان أكذب الناس.
·* وطعن في الفاروق عمر...
·* وكذّب ابن مسعود ...) (50)
ولم يكن موقف أبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وتلميذ واصل بن عطاء، أقل شطحاً من موقف النظـّام من السنة، فقد ذكر عن أبي الهذيل العلاف قال:
·* إن الحجة لا تقوم فيما غاب، إلا بخبر عشرين، فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر.
·* ولا تخلو الأرض عن جماعة هم أولياء الله، معصومين لا يكذبون ولا يرتكبون الكبائر فهم الحجة لا التواتر.
·* إذ يجوز كذب جماعة ممن لا يحصون عدداً، إذا لم يكونوا أولياء. (51)
·فإذا جاز الكذب في الخبر المتواتر فتجويزهم إياه في الآحاد أولى، وتصبح الحجة بأحكام الشريعة معدومة عند هؤلاء، إلا ماذكره القرآن الكريم. (52)
·ووفق هذا الميزان المعتل، ابتليت كل فرق المعتزلة، بإنكار السنة النبوية:
·* فمنهم من أنكر بعضاً من أحاديث الآحاد وقبل البعض الآخر.
·* ومنهم كانت فرقة الجعفرية المبشرية، التي خطـّأت إجماع الصحابة في:
·ـ إقامة الحد على شارب الخمر، التزاماً بالنص القرآني.
ـ عدم الاعتراف بالسنة الفعلية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحد من حدود الله.
·* وكان الخياط وهو من كبار المعتزلة ينكر الحجة في أخبار الآحاد ويقول: (إنها محتملة الكذب)، وبذلك رد أكثر الفروض الفقهية المبنية على هذه الأخبار. (53)
·* أما ما ورد من السنة فيما غاب عن الحس، ولا سيما ما جاء منه خبرا،ً عما يصير إليه الإنسان بعد الموت، فهو مرفوض لدي أكثر المعتزلة.
·* فلذا أنكروا عذاب القبر ومنكر ونكير.
·* وتردد قولهم في الصراط بين الإثبات والنفي.
·* كما أجمعوا على نفي الشفاعة لأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وصرح القاضي عبد الجبار وهو من كبار المعتزلة أيضاً، بإنكار هذه الشفاعة فقال: عندنا أن الشفاعة للتائبين من المؤمنين، وعند المرجئة أنها للفساق من أهل الصلاة، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إذا شفع لصاحب الكبيرة فلا يخلوا:
·* إما أن يشفع أو لاً، فإن لم يشفع لم يجز، لأنه يقدح بإكرامه.
·* وإن شفع فيه لم يجز أيضاً، لأن إثابة من لا يستحق الثواب قبيح ...
·* وكيف يخرج الفاسق من النار بشفاعة النبي عليه السلام؟. (54)
·والأدهي والأمر من كل ما سبق، أن القاضي أوجب نفي الرؤية عن الله. (55)
·وموجز القول: (56) إن موقف المعتزلة من إنكار السنة، ولا سيما إنكار آحادها في مجال العقيدة، شائع بينهم لا يسع الباحث نفيه، ويعود هذا النفي في جوهره إلى اعتمادهم على العقل وتقديمهم له على النص، فيقول الجاحظ: (فما الحكم القاطع إلا للذهن، وما الاستنابة إلا للعقل) (57)
·وربما تبادر إلي الذهن أن هذه الطائفة تقبل المتواتر من الأخبار لأنه يفيد القطع واليقين، والذي يظهر أن هؤلاء لا يعتبرون أن هؤلاء لا يعتبرون المتواتر قطعياً لأنه جاء من طرق آحادها ظنية، فاحتمال الكذب أو ضعف الذاكرة أو حسن الظن لايزال فيه قائماً (58).

الاستشراق

الاستشراق هو تعبير أطلقه الغربيون على الدراسات المتعلقة بشعوب الشرقيين ... وتعني به الدراسات الإسلامية؛ تلك الجهود الاستشراقية التي تبذل لخدمة أغراض التنصير ومحاربة الإسلام (59).
·وقد كان الاستشراق، هو المعين الذي لا ينضب لإثارة الشبهات حول القرآن والسنة، لجماعات وأفراد منكري السنة في بلاد المسلمين جميعاً، حيث استطاع المستشرقون جمع تراث الخوارج والمعتزلة والشيعة وكل الفرق الباطنية ويوزعوه علي تلك المدارس بحسب سياسات ومعايير دقيقة وفق المنهج التالي (60):
1ـ تحليل الإسلام ودراسته بعقلية أوربية، اعتماداً على القيم والمقاييس الغربية المستمدة من الفهم المحدود والمغلوط الذي يجهل حقيقة الإسلام .
2ـ تحديد أفكار مسبقة ثم اللجوء إلي النصوص لإثباتها واستبعاد ما يخالفها.
3ـ الاعتماد على الضعيف والشاذ من الأخبار والأحاديث، وغض الطرف عن الصحيح والثابت
4ـ تحريف النصوص ونقلها نقلاً مشوهاً، وعرضها عرضاً مبتوراً وإساءة فهم وتأويل ما لا يجدون سبيلاً لتحريفه.
5ـ عدم استيعاب المضامين الشرعية الصحيحة بسبب الجهل باللغة العربية.
6ـ الخلل المتعمد في استخدام مصادر البحث والمرجعية العلمية، للحكم بفساد متون الأحاديث النبوية.
7ـ إبراز الخلافات بين الفرق، وصناعة الشبة التي تزيد الفرقة وتصور متناقضات واختلافات بين الأخبار، راجعة لقلة العلم وسوء الفهم.
·8ـ ترقية الاستنتاجات الخاطئة والوهمية، وليدة قلة العلم وسوء الفهم والتعصب وجعلها أحكاماً يقينية يكثرون من ترديدها وترويجها ليصبح إجماعهم عليها يقيناً كما لو كان شرعياً.
9ـ الرؤى العقلية المادية البحتة التي تعجز عن التعامل مع الحقائق الروحية.
01ـ وفقاً لمناهج حياتهم الفاسدة لجأوا إلى تفسير سلوك المسلمين أفراداً وجماعات، بأنه مدفوع بأغراض شخصية ونوازع نفسية دنيوية، لعدم قناعتهم بأن يكون الدافع ابتغاء مرضاة الله (61).

الأصول والمباديء

·إن ما أورده منكري السنة على أنه مصادر علمية موثوق بها، لا يتجاوز في الحقيقة أن يكون هوامش أو تعليقات يجتزأونها جزاً من بين سياقها العام ونسيجها الخاص مشوشة ومبتورة.
ولاشك أن جرأة منكري السنة على الحديث النبوي ورواته، أسقط هيبة القرآن في نفوسهم، إذ اقتضى إنكار السنة، اعتماد العقل والهوى ميزاناً لأحكام القرآن، فأوغلوا في تفسيره وتأويله، رافضين إجمالاً أو انتقاءً ما ورد بشأنه في روايات الصحابة والتابعين.
ومن هنا أصبح منكري السنة منكرين أيضاً لتفاسير علماء المسلمين وشروحهم لكتاب الله الكريم، معتمدين تفاسير وشروح المستشرقين والمستغربين، فتعددت طعونهم وشبهاتهم التي تشكل أصولهم ومبادئهم.
شبهات منكري السنة حول السنة النبوية

حسبنا كتاب الله (62).
السنة ليست وحياً(63).
الحط من قدر السنة (64).
طعن السنة إجمالاً (65).
القول بأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم شرك (66).
التشكيك في مشروعية السنة النبوية(67).
إن في أوامر السنة منازعة لأوامر كتاب الله(68).
التشكيك في اعتقاد الصحابة بالسنة (69).
السنة لم تكن شرعاً في عهد النبوة(70).
الطعن في شرعية السنة كمصدر للأحكام (71).
التشكيك في وجوب السنة (72).
أحكام السنة غير ملزم (73).
إلغاء السنة النبوية (74).
لا سنة إلا ماوافق القرآن (75).
الشرك هو الإيمان بالسنة (76).
السنة لزمانها فقط لا تتجاوز عهد النبوة (77).
السنة خاصة بالنبي (78).
التدليس في معنى السنة (79).
الربط بين السنة وكتب اليهود(81):بالربط بين المشناة والجمارا عند اليهود، وهما عبارة عن مجموعة تعاليم شفوية لحاخامات وكبار علماء اليهود، وبين الحديث والسنة عند المسلمين.
السنة مصطلح وثني (82).
اختزال مهمة النبوة (83).

أسباب شبهات منكري السنة
حول السنة النبوية
السنة تفتقد صفة التدين (84).
عدم اليقين بالسنة، ويدعون أسباباً مردود عليها] لعدم اليقين هذا، نذكر منها:
تأخر تدوين السنة (85).
السنة ليست بلفظ الرسول (86).
التدليس على السنة القولية (88).
أن الله لم يتكفل الله بحفظها(89).
أن السنة لا تتجاوز أخبار الآحاد(90).
رفض أحاديث الآحاد(91).
طعن الحديث المتواتر (92)).
نقد متون الحديث (93).
ظنية القياس والجرح والتعديل (94).
تجاهل علم الرجال (95).
عدم الاعتبار بالجرح والتعديل (96).
الذم في الصحابة (97).
الطعن في الصحابة والسنة (98).
الطعن في أبي بكر الصديق (99).
اتهام الصحابة بحب المـلك (100).
·الطعن في نوايا الخلفاء الراشدين (101).
الطعن في رجال الحديث (102).
التشكيك في الرواة (103).
سب أبي هريرة (104).
الصحاح الستة مؤامرة ضد الإسلام (106).
الطعن في صحيح البخاري (107).
التشكيك في البخاري ومسلم (108).
الطعن في ناسخي السنة (109).
السنة تفرق الأمة (110).
إخضاع الأحاديث للتجارب المعملية (111).


يتبع ,,,
رد مع اقتباس