عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 2011-04-30, 01:33 AM
يعرب يعرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-12
المكان: دار الاسلام
المشاركات: 4,144
افتراضي فصل في وجوب الأمر بالمعروف على الحجاج وغيرهم

فصل في وجوب الأمر بالمعروف على الحجاج وغيرهم

ومن أعظم ما يجب على الحجاج وغيرهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة، كما أمر الله بذلك في كتابه، وعلى لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم - .
وأما ما يفعله الكثير من الناس من سكان مكة وغيرها من الصلاة في البيوت وتعطيل المساجد فهو خطأ مخالف للشرع فيجب النهي عنه ، وأمر الناس بالمحافظة على الصلاة في المساجد ؛ لما قد ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال لابن أم مكتوم – رضي الله عنه – لما استأذنه أن يصلي في بيته ؛ لكونه أعمى بعيد الدار عن المسجد: "هل تسمع النداء بالصلاة ؟ " قال : نعم ، قال : " فأجب " ، وفي رواية " لا أجد لك رخصة "، وقال – صلى الله عليه وسلم - : " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أنطلق إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار "، وفي سنن ابن ماجه وغيره بإسناد حسن ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر "وفي صحيح مسلم، عن ابن مسعود – رضي الله عنه - : " من سره أن يلفى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم ، كما يُصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كَتَبَ الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه الله بها درجة ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف ".

ويجب على الحجاج وغيرهم اجتناب محارم الله – تعالى – والحذر من ارتكابها؛ كالزنى، واللواط، والسرقة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والغش في المعاملات، والخيانة في الأمانات، وشرب المسكرات ، والدخان ، وإسبال الثياب، والكِبر، والحسد، والرياء، والغيبة، والنميمة، والسخرية بالمسلمين، واستعمال آلات الملاهي، كالاسطوانات، والعود، والرباب، والمزامير، وأشباهها، واستماع الأغاني، وآلات الطرب من الراديو وغيره، واللعب بالنرد، والشطرنج والمعاملة بالميسر وهو: القمار – وتصوير ذات الأرواح من الآدميين وغيرهم، والرضى بذلك، فإن هذه كلها من المنكرات التي حرمها الله على عباده في كل زمان ومكان، فيجب أن يحذرها الحجاج وسكان بيت الله الحرام أكثر من غيرهم؛ لأن المعاصي في هذا البلد الأمين إثمهما أشد وعقوبتها أعظم، وقد قال الله – تعالى - : " ومن يرد فيه بإلحاد نذقه من عذاب أليم "، فإذا كان الله قد توعد من أراد أن يلحد في الحرم بظلم فكيف تكون عقوبة من فعل؟! لا شك أنها أعظم وأشد، فيجب الحذر من ذلك من سائر المعاصي.
ولا يحصل للحجاج برُّ الحج وغفران الذنوب إلا بالحذر من هذه المعاصي وغيرها مما حرم الله عليهم، كما في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ".
وأشد من هذه المنكرات وأعظم منها: دعاء الأموات والاستغاثة بهم ، والنذر لهم ، والذبح لهم، رجاء أن يشفعوا لداعيهم عند الله، أو يشفوا مريضه أو يردوا غائبه ونحو ذلك. وهذا من الشرك الأكبر الذي حرمه الله، وهو دين مشركي الجاهلية، وقد بعث الله الرسل وأنزل الكتب لإنكاره والنهي عنه.
فيجب على كل فرد من الحجاج وغيرهم أن يحذره ، وأن يتوب إلى الله مما سلف من ذلك إن كان قد سلف منه شيء، وأن يستأنف حجة جديدة بعد التوبة منه ؛ لأن الشرك الأكبر يحبط الأعمال كلها ، كما قال الله – تعالى - : " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون " .
ومن أنواع الشرك الأصغر: الحلف بغير الله؛ كالحلف بالنبي والكعبة والأمانة ونحو ذلك.
ومن ذلك: الرياء والسمعة، وقول: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وأشباه ذلك.
فيجب الحذر من هذه المنكرات الشركية، والتواصي بتركها؛ لما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي بإسناد صحيح، وفي الصحيح عن عمر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت"، وقال – صلى الله عليه وسلم – أيضاً: "من حلف بالأمانة فليس منا " أخرجه أبو داود، وقال – صلى الله عليه وسلم – أيضاً : " أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " ، فسئل عنه ، فقال : " الرياء " ، وقال – صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان"، وأخرج النسائي، عن ابن عباس - رضي الله عنهما-، أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما شاء الله وشئت، فقال: "أجعلتني لله نداً، بل ما شاء الله وحده".
وهذه الأحاديث تدل على حماية النبي – صلى الله عليه وسلم – جناب التوحيد ، وتحذيره أمته من الشرك الأكبر والأصغر ، وحرصه على سلامة إيمانهم ونجاتهم من عذاب الله وأسباب غضبه ، فجزاه الله عن ذلك أفضل الجزاء ، فقد أبلغ وأنذر ، ونصح لله ولعباده – صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين - .
والواجب على أهل العلم من الحجاج والمقيمين في بلد الله الأمين ومدينة رسوله الكريم- عليه الصلاة والتسليم – أن يُعَلّموا الناس ما شرع الله لهم ، ويحذروهم مما حرّم الله عليهم من أنواع الشرك والمعاصي ، وأن يبسطوا ذلك بأدلته ، ويبينوه بياناً شافياً ؛ ليُخرجوا الناس بذلك من الظلمات إلى النور ، وليؤدوا بذلك ما أوجب الله عليهم من البلاغ والبيان ، قال الله – سبحانه - : " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه " .
والمقصود من ذلك : تحذير علماء هذه الأمة من سلوك مسلك الظالمين من أهل الكتاب في كتمان الحق ؛ إيثاراً للعاجلة على الآجلة ، وقد قال – تعالى - : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أن الدعوة إلى الله – سبحانه – وإرشاد العباد إلى ما خُلقُوا له من أفضل القربات وأهم الواجبات ، وأنها هي سبيل الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة، كما قال الله – سبحانه - : " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " وقال – عز وجل - : " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين "، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من دل على خبر فله مثل أجر فاعله" أخرجه مسلم في صحيحه، وقال لعلي – رضي الله عنه -: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمُر النَّعم " متفق على صحته، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فحقيق بأهل العلم والإيمان أن يضاعفوا جهودهم في الدعوة إلى الله – سبحانه -، وإرشاد العباد إلى أسباب النجاة، وتحذيرهم من أسباب الهلاك، ولا سيما في هذا العصر الذي غلبت فيه الأهواء ، وانتشرت فيه المبادئ الهدامة والشعارات المضللة، وقَلَّ فيه دعاة الهدى وكثر فيه دعاة الإلحاد والإباحية. فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله:
من أحب أبابكر فقد أقام الدين،
ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل،
ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله،
ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى،

ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق.

[align=center]
[/align]

رد مع اقتباس