عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2009-04-10, 04:07 AM
وسام الدين اسحق وسام الدين اسحق غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-04-10
المشاركات: 39
افتراضي مقدمة كتاب عالم التوبة

المقدمة


إن فكرة هذا الكتاب هي محاولة لإلقاء نظرة جادة على أسس الديانة الإسلامية المتوارثة من أجل أن يخلصها من أعظم شوائبها السلفية, التي أتت من أفكار علماء وفقهاء الدين القدامى, التي استمرت عبر عصور الإستعمار والتخلف السحيقة, والتي مرت بها الأمة الإسلامية, فتأثرت بها مدارسها ومعاهدها الدينية, فأورثتنا أفكار ما نسب للرسول والصحابة والفقهاء , فوصلت إلينا وكأنها أساطير الأولين التي حذر منها الله سبحانه وتعالى, حيث كان أغلب ما استقرأوه من معانٍ لآيات القرآن, لعصرهم وأفقهم المحدود, تبعد بعداً شاسعاً وإنحيازاً عن الحق والحقيقة بشكل واضح, يقول الله تعالى :
(سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق أولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد ) 41/53
ولقد حاولت في هذا الكتاب أن أضع نظريات العلم الجديد بشكل عام ونظرية التطور بشكل خاص لأظهرها من خلال معان أيات القرآن وفقاً للآفاق الجديدة ولتطور العلم الجديد, فكان من البديهي بأن أنتهي بتعريف ليس فقط لديانة جديدة بل الإيمان بإلـه جديد, يختلف عن الإله القديم الذي كنت أعتقد بوجوده سلفياً, أي أنه ليس فقط رؤية جديدة للنص, بل رؤية أقوى وأمتن للأمور, والتي كانت حصيلة طريقة الإستقراء الجديدة المبنية على التوافق مع واقع وحيثيات العلم الحديث, يقول الله تعالى برسالته لنا :
(لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) 50/22

ومن أهم أساليب قراءة النص القرآني الحديثة هي استخدام اسلوب الترتيل, الذي سأشرحه لكم في هذه المقدمة, هذه الطريقة المبتكرة في فهم النص الإلهي التي ساعدت على استقراء العديد من الحقائق الموجودة في القرآن, والتي تريح الإنسان وتقربه من الخالق حباً وطلباً له وليس خوفاً واستسماحاً منه.

تلك الحقائق التي تجيب عن أسئلة هامة جداً مثل :
من أين أتينا وماذا نفعل هنا وإلى أين نحن ذاهبون, وتجيب أيضاً عن أهم أسرار العدالة الإلهية في خلقه وكيفية عبادته, فأعادت نظرتنا للواقع من زاوية مختلفة لو أنها عممت على جميع المعاهد والمدارس الدينية لساهمت في دفع عجلة المسلمين إلى التقدم والإزدهار, مضيفة أهم عناصر الحياة التي منها : السعادة, والمحبة بين الناس, والرأفة, والمودة, والصدق ,والأمانة, منتشلة أفكارنا من مستنقعات الجهل والتخلف إلى صدارة العلم والتقدم.

إن من أهم الأسئلة التي يطرحها هذا الكتاب هو:
لماذا نجد أن المؤمنين بالإله يسوع المسيح, أو بالإله بوذا, أو حتى بإله موسى, هم جميعهم من أسياد مجتمعات القرن الحادي والعشرين, بينما بقينا نحن وحدنا نأكل الطعام من تحت طاولات موائدهم, منتظرين أن يتحننوا علينا بعظمة أو بقطعة خبز؟
هل ضللنا عن الله الحقيقي وعبدنا غيره ؟
أم أن إلهنا وهماً على هامش الحقيقة, فأصبحنا نحن على هامش الحياة والعلم والإقتصاد.
فالله الذي نعبده هو واحد أحد ولم يلد ولم يولد, وهو إلـه إبراهيم وموسى ووعيسى وهو: الله القدوس (أي الذي ليس مقدس سواه) وهو الصمد, ويسبح له مافي السموات والأرض, وكل آتيه يوم القيامة فرداً.
ولكن هل جنته مليئة بالنساء والغلمان والفاكهة والشراب والطعام وأن كل رجل سيتزوج من ألف حورية في اليوم والليلة, هل في الجنة فعلاً نهور من عسل ولبن وخمر؟, وهل الجنة فعلاً بيت للملذات والشهوات وكأنها (لاس فيجاس)؟ وكل شيء فيها بالمجان وإلى الأبد.
وهل النار والجحيم فعلاً نار ولظى وحديد مصهور, تكوى به الجلود؟ ويتلذذ خزنتها بتعذيب البشر والجن بالأساليب المخيفة.
لنذكر كيف نظرنا نحن المسلمين, إلى أساليب التعذيب الأمريكية في أبو غريب, التي وصلت إلى عرض الأجساد العارية للكلاب المفترسة, والإغتصاب الجنسي وخلع الأظافر وكي الجلود, ووصفناها بالجرائم الوحشية, فكيف نحكم على تعذيب الإنسان للإنسان بأنه وحشي وهناك في مخيلتنا نحن, أن الله أشد وحشية بعذابه وهو الذي وصف نفسه بالرؤوف الرحيم, وهل عبارة "شديد العقاب" أكثر من "وحشية العقاب"؟

كلنا يعرف قصة “سانتا كلوز” (بابا نويل) وكلنا يعلم أنها خرافة, فهل ما وصلنا عن الله من علماء الدين القدامى هو حقيقة الأمر, أم أن شوائب كثيرة علقت في صميم إيماننا حتى أتهمنا الأخرون بالجهل والتخلف؟

ما هو موقف الإنسان المؤمن بديانة تؤمن بأن عمر الأرض سبعة ألاف سنة, وأن الإنسان بدأ من آدم وحواء, وأن حواء خلقت من ضلع من أضلاعه, وآدم من تمثال من طين نفخ الله فيه الروح الإلهية.
متى لهذا الإنسان أن يبدأ بمواجهة الحقيقية؟
أم أن الإنسان كتب عليه أن يؤمن بخرافات التلمود؟, والقرآن منها بريء.
لأن الحقيقة أن الإنسان قد ظهر منذ أكثر من مليوني عام وتطور إلى ما هو عليه اليوم.



الفصل الأول


الكتابة


إختلاف الكتابات والأخطاء المتواترة في نصوص القرآن.
لننظر إلى الصورة التالية من مصحف صنعاء الذي يعيده العلماء إلى القرن الأول الهجري :



الشكل 1


حاول التدقيق في الصورة فستجد أنه قد اتت قال قل, و اتت أية أيية, وكلها طريقة قرشية تعود إلى القرن الأول الهجري فعلاً, وأتت (فانفخ فيها) في السطر السابع الكلمة رقم 3 وهي من آل عمران الآية 61 وأتت في مصحفنا اليوم (فانفخ فيه). وهذا خطأ إنساني, كما يلاحظ أنه ليس هناك موقع للنجوم في هذا المصحف كما أن الهمزة غير موجودة.



الشكل 2

هذه الصورة هي من مصحف تم العثور عليه في الجامع الكبير في صنعاء أيضاً ويقول العلماء أنه يرجع إلى القرن الأول الهجري أيضاً ونلاحظ التالي :
لم تستخدم طريقة التنقيط بالشحطات وإنما بالنقاط وهي طريقة حديثة جداً ولا تنتمي إلى القرن الأول الهجري إطلاقاً.
ولكن أتت كلمة أييت بياءتين على الطريقة القرشية من القرن الأول الهجري ثم اتت في موقع آخر بياء واحدة فقط.
وفي السطر 13 الكلمة الثانية أتت افلا تبصرون بالتاء وليس بالياء كما هو في مصحفنا اليوم وأتت علا قرشية على طريقة كتابة القرن الأول الهجري ولكن كان هناك تطابق للألف والياء بنسبة 95% مع مصحف اليوم وهذا ملفت للنظر, وغريب, ومما يرجح أن هذه النسخة كتبت في عصر لاحق مركزة على الكتابة القديمة أي أن الكاتب استخدم الإسلوب القديم في الكتابة وأن المخطوطة لا تعود إلى القرن الأول الهجري لحداثة بعض المفارقات الأساسية.


الشكل 3
وهذه الصورة أيضاً تم العثور عليها في الجامع الكبير في صنعاء, ولمصحف آخر أعاده العلماء أيضاً إلى القرن الأول الهجري نرى أنه قد أتت فيها كلمة مضى مضا بالألف الممدودة وهذه كتابة غريبة جداً ليست قرشية على الإطلاق ويقطع القرشيون الكتابة في أي حرف حر ثم يتابعوا الكلمة من أول السطر التالي وقد أتت طريقتهم هذه بشكل نادر في هذه المخطوطة في السطر 4 والسطر 5 صفحة 2 في كلمة ضرب, كما اتت كلمة (على) مكتوبة بطريقة القرن الثاني الهجري وكلمة (عباده) اتت بدون الف ممدودة (عبـده) السطر الثالث الكلمة 2 صفحة 2 كما أتت كلمة (الخصام) (الخصـم) السطر السادس الكلمة السادسة, وكل هذه المفارقات في طريقة الكتابة تعود إلى العهود الجديدة التي دخلت في الإسلام في العصر الأموي أي أن هذه النسخة قد تعود إلى القرن الثاني الهجري وليس القرن الأول كما يعتقد العلماء.

غياب كلمة (هم) من عبارة (الذين هم عبد الرحمن) الزخرف 19
السطر 7 الكلمة 3 صفحة 2
كلمة (على) أتت بطريقة القرن الثاني الهجري.
أتت قال قل ثم قالوا قـلوا وباقية بـقية وكلها متوفرة في القرن الأول والثاني الهجري.
وأتت كلمة (حتى) على طريقة القرن الثاني الهجري أيضاً.


الشكل 4

وهذه أيضاً واحدة من مخطوطات الجامع الكبير وأيضاً أعادها العلماء إلى القرن الأول الهجري, نجد أنه قد أتت كلمة (أنشأنا) (أنشنا) وهذه كتابة غريبة ليست قرشية السطر الخامس الكلمة 2.
اتت (على) السطر 13 الكلمة 5 على طريقة القرن الثاني الهجري الأنعام 12 أتت (فاطر) (فـطر) سطر 16 كلمة 7 الأنعام 14
نستطيع أن نرى التشكيل واضح في هذه الصفحة على كلمة (سموت) بالتنقيط سطر 11 أخر السطر ونجد الترقيم بالألوان لعدد الآيات الآية رقم 10 اتت مكان الآية رقم 9 والآية 15 مكان الآية 14 من ذات السورة.


الشكل 5

هذه صورة لمصحف قديم موجود في النمسا ومن محاولة ترجمته الحرفية حصلنا على النص التالي :

الدنيا ثم هو يوم القيـمة من المحضرين 61 ويوم يناديهم
فيقول اين شركاي الذين كنتم تزعمون 62
قال الذين حق عليهم القول ربنا هولا الذين اغو
نا اغوينـهم كما غوينا تبرنا اليك ما كانوا ايـنا يعبد
ون 63 وقيل ادعوا شركاكم فدعوهم فلم
يستجيبوا لهم وراوا العذاب لو انهم كانوا يهتد
ون 64 ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين 65
فعميت عليهم الانبا يوميذ فهم لا يتسالون 66
فاما من تاب وامن وعمل صـلحا فعسى ان يكون من
المفلحين 67 وربك يخلق ما يشا ويختار ما كان لهم ا
لخيرة سبحـن الله وتعـلى عما يشركون 68 وربك يعلم ما
تكن صدورهم وما يعلنون 69 وهو الله لا الـه الا
هو له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم وا
ليه ترجعون 70 قل اريتم ان جعل الله عليكم اليل
سرمدا الى يوم القيـمة من الـه غير الله ياتيكم
بضيا افلا تسمعون 71 قل اريتم ان جعل الله عليكم
النهار سرمدا الى يوم القيـمة من الـه غير الله
ياتيكم بليل تسكنون فيه افلا تبصرون 72

النص قد يعود إلى القرن الثالث الهجري أو أحدث من ذلك, وهذا لطريقة كتابة الهاء والفاء بالإضافة إلى طريقة التنقيط كما تلاحظون ومع مقارنة هذه الصورة مع الصورة التي أتت في الشكل 2 نجد أن النسختان تعودان إلى ذات الوقت وذات الطريقة في الكتابة والتنقيط.




الشكل 6

هذه الصورة لمصحف عثر عليه في البحرين وموجودة في بيت القرآن ويعتقد أنها من أواخر القرن الأول, أما ما أراه أنا فإن الكتابة كوفية تشبه الكتابة الأولى للمصحف الإمام إلا أن علا (على) أتت على طريقة القرن الثاني الهجري ولا يمكن أن تكون تتبع لأواخر القرن الأول الهجري, وطريقة كتابة الهاء مستحدثة ونادرة كما أن طريقة التنقيط حديثة جداً فتعود إلى أحدث من القرن الثالث الهجري.

فما هو التشكيل ومتى تم استخدامه فعلاً في كتابة النصوص, القرآنية او أي نصوص أخرى ؟
إن الباحث في أصول اللغة العربية المكتوبة سيفاجئ بالعدد القليل من المراجع وعدم تدوين مثل تلك الأمور التي ساهمت في طمس الحقيقية عبر العصور السحيقة التي مررنا بها ضمن سحابات الجهل الغليظة, ولكن إن عدنا إلى الكتابات القديمة التي تعود فقط للمئة الأولى للإسلام سنجد التالي :


الشكل 7



الشكل 8

من الواضح أن الذي رسم هذه الصورة وزورها لم يعلم أن في عصر الرسول قد كانت الحروف تكتب منقطة لتمييز الباء عن النون والياء كما هو موجود في رسالة الرسول إلى كسرى في الشكل 7, وأن ما قيل عنه تنقيطاً كان للتشكيل, فالذي رسم هذا الرسم لم يخطئ فقط بإخفاء النقاط بل أنه لم يكن على دراية أن في القرن الأول الهجري كان المسلمون يكتبون كلمة (على) بألف ممدودة (علا) ولم يكتبوها بألف مقصورة.

للنظر إلى قبر إمرئ القيس الذي يعود للمئة الأولى قبل الإسلام والذي توفى في عام 223 م :


الشكل 9

أين الكتابة العربية وماذا حصل للحروف ؟

في الحقيقة أن الكتابة العربية قد اعتمدت على الحروف النبطية التي اشتهر بها العرب باسم الشعر النبطي القديم, تلك الأمة القديمة التي كانت عاصمتها البتراء, والذي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد, والتي امتدت بطونها في بلاد الجزيرة العربية وبلاد الشام وتلك البطون هي التالي :
الهاشميين, والأمويين والعدنانيين, والغساسنة والمناذرة والحمدانيين(التغلبيين) والمنانعة والزبيديين والشنابلة,والقواسمة والقرامطة والسبأيون, والقحطانيين كلهم كتبوا كتاباتهم بطرق مختلفة طبقاً لمكانهم الجغرافي, وأن الفرس الذين تبنوا الكتابة الفارسية الكوفية (المانديك) هم الذين استعمروا مناطق كثيرة من بلاد العرب متلازمين ومعاصرين للإمبراطورية الرومانية فأثروا على ثقافتهم وغيروا لهم طريقة كتابتهم للأحرف النبطية القديمة وطوروها إلى ما نسميه اليوم بالخط العربي, علماً أن هذا الخط هو خط كوفي فارسي الأصل, أضاف الغساسنة الهمزة عليه أما القرشيون فلم يهمزوا.

الشكل 10
هذه كتابات عرب أهل اليمن السبأية.


الشكل ط1


ونرى من هذا المخطط المنقول عن الموسوعة البريطانية والذي يؤكد أن الخط العربي له اصل شمالي وجنوبي وبشكل منفصل تطور أخيراً إلى الكتابة الأثيوبية, وأن هناك قسم للخط العربي أتى من النبطية, المتطورة عن الأرامية, ثم تفرعت الفارسية منها, علماً أن الكوفي الفارسي (المانديك) هو الذي حرف الأحرف النبطية فجعلها كوفية, لكن الموسوعة البريطانية أعتبرت أن المانديك تطور للغة المكتوبة الأرامية والتي تفرع منها الكتابة اليهودية والتي لم تعتبر بالكتابة العبرية, والغريب أيضاً أن النبطية والعبرية أعتبرت من فرعين مختلفين لذات الشجرة الأرامية, علماً أنهما من ذات الأحرف المكتوبة, أي أن المخطط الموجود حتى في مخططات الموسوعة البريطانية قد أكد الخطأ الذي يقع فيه أغلب الناس اليوم والسؤال هنا من الذي كتب لنا هذا التاريخ ؟

لنحاول أن نتعرف على النقوش النبطية والأحرف النبطية العربية القديمة :


الشكل ط 2

نجد التفاوت الكبير بين هذه الحروف وبين الحروف العربية الحديثة اليوم أما إن قارنا الأحرف النبطية بالعبرية فماذا نجد ؟


الشكل ط 3

الغريب أن الكتابة النبطية والكتابة العبرية هي واحدة ولا أعلم لماذا قد تم فصلها تماماً عن الجذر الأصلي لهما عندما وضعتهما الموسوعة البريطانية ضمن طريقين مختلفين تماماً كما جاء في الشكل ط1.
ولنحاول أن نتعرف على الخط الفارسي الذي يدعى (المانديك) والذي ظهر في منطقة الخليج الفارسي ولنقارنه بالخط العربي اليوم :


الشكل ط 4

ومن خلاصة بحث الكتابة نخرج إلى أن الخط العربي والعبري أساسه الخط النبطي وهو من ذات العائلة أما ما نعرفه اليوم من الخط العربي فهو ما يدعى بالخط الكوفي الفارسي الأصل المانديك.

التشكيل


إن العرب المعاصرين مازالوا يعتقدون خطأً أن الكتابة العربية (الكوفية) القديمة لم تكن منقطة لمعرفة الفروق بين أحرف النقاط التالية :
ب ج خ غ ف ق ث ض ن ت ي ش ظ ز ة ذ, وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق لأنه من المستحيل أن يستطيع أن يقرأ الإنسان نصاً فيه من الأحرف ما يتفاوت تماماً في الرسوم والرموز إلا أن يصبح للحروف رسوم مختلفة, والعرب القدامى الذين استخدموا الطريقة النبطية في الكتابة, كانت أشكال حروفهم لا تحتاج إلى نقاط لتميزها عن بعضها البعض أما عندما بدأوا باستخدام الأحرف الكوفية فكان لابد لهم أن يستخدموا التنقيط:
لنحاول أن نتعرف على النقاط في كلا النسختين المتوفرتين لنص القرآن الكريم نسخة طشقند ونسخة استانبول :

نسخة طشقند لاحظ النقط التي تعيين الفروق بين الحروف المنقطة



نسخة استانبول لاحظ النقط التي تعيين الفروق بين الحروف المنقطة

إن ما جاء في كتب السلف بالنسبة للقراءات السبع هو كثير وأرغب بطرح واحدة من أهم ملخصات تلك البحوث :
اقتباس:
حقيقة الأحرف السبعة.
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعة بإستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذه الأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب ، فَتَكوّن بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجاً عن كل منهما فيما يلي:
المذهب الأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقد تعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيح وتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال: … إن كل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف.
أحدها: اختلاف أوزان الأسماء من الواحدة،والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقرئ. {لأَمَانَتِهِمْ} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه، نحو الماضي والمستقبل، والأمر ، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب، والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] بصيغة الدعاء، وقرئ: {رَبَّنَا بَاعَدَ} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] قرئ بفتح الراء وضمها(يُضَارُ). وقوله {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ} [البروج: 15] برفع {الْمَجِيدُ} وجره.
رابعها: الزيارة والنقص، مثل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] قرىء {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111] وقرئ: {فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [ البقرة: 259] بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [النازعات: 15] بالفتح و الإمالة في: {أتى} و {موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيم وإدغام…
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقة الرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعة المتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة ، فأنزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب،فأنزل الله القرآن بما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات ما يسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريش والعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم. غير أنا نرى أن المذهب الثاني أرجح وأقوى.



قد يعتقد القارئ أنني أدعم فكرة القراءات السبعة للقرآن وأني أؤيد فكرتها وخصوصاً ما جاء بالأحاديث التي تؤكدها, ولكنني أقول أن للقرآن قراءة واحدة, وإنما ما أتى إلينا من السلف هو تلك القراءات المختلفة والتي تضعنا في حيرة البحث عن القراءة الصحيحة, لذلك فإنه من واجب القارئ الجديد لنص القرآن أن يراعي الإختلافات الموجودة بين أيدينا من أجل البحث عن القراءة الصحيحة, أي أنهم أضاعونا بهذه المهمة الصعبة الموكلة على عاتقنا.
وهذا ما يجعلنا نبدأ من نقطة الصفر.
ما معنى ذلك ؟
أي أن القرآن قد نزل بحروف منقطة للتمييز بين الأحرف ولكنه ليس منقطاً بالتشكيل, أي طريقة اللفظ, وأن مهمة علماء اليوم هي البحث عن القراءة الصحيحة بغض النظر عن جميع القراءات القديمة, ويمكن أن نعتمد على القراءة كقاعدة للبدء بالقراءة ليس إلا, إلى ان ندخل في الإختلاف, وعندها علينا أن نكون حذرين جداً في تحديد القراءة الجديدة.

حقيقة أسباب الإختلاف في كتابة النص تعود إلى أمور ثلاثة لا يمكن الهروب منها :

أولاً : لم تكن الهمزة معروفة في كتابة النص القرآني في القرن الأول الهجري, لأن القرشيون كانوا لا يهمزون فكانوا يكتبون هؤلاء (هولا) أولئك (اوليك) المؤمنون (المومنون) وهكذا....
ثانيا : في العصر الأموي حيث كان مركز الخلافة في دمشق وكان الذين يستنسخون القرآن هم أصلاً من عرب بني غسان في سوريا فكتبوا كلمة (على ) بالألف المقصورة كما ينطقونها علماً أن أهل مكة والمدينة كانوا يكتبونها (علا) أي بالألف الممدودة كما يلفظونها.
مثلها مثل كتابة كلمات : سماوات (سموت) وعاجلة (عـجلة) والكافرين (الكـفرين) تعتبر ناتجة عن إختلاف اللهجات.
ثالثاً : التشكيل والإعراب لم لم يكن معروفاً عند العرب فهم قبل الإسلام لم يكتبوا بالأحرف العربية التي نكتب بها اليوم بل كانوا يستخدمون الأحرف النبطية كما رأينا في بحث الكتابة, والأحرف التي نكتب بها اليوم هي أحرف فارسية أتت إلى البلاد العربية عن طريق امتداد استعمار الفرس لتلك البلاد, ولقد كان لسيباويه الفارسي الأصل السبق في تفهيم العرب لقواعد الإعراب واللفظ (التشكيل) بعد أن أصبح ضرورياً عند دخول الأعاجم.
وتدعى أحرفنا التي نستخدمها اليوم بالأحرف العربية لأن تأسيس الإمبراطورية الإسلامية قد أتى بعد نزول القرآن الذي كتب بتلك الأحرف فنسبت للعرب بسبب القرآن, ليس إلا.
وهناك فرق بين اللغة النطق (لغة اللسان) واللغة المكتوبة (شكل الاحرف) فمثلاً لقد ترك الأتراك منذ زمن ليس ببعيد تلك الأحرف الفارسية في كتاباتهم مستبدلينها بالأحرف اللاتينية, فهل هذا كان عائقاً في فهم اللغة بالنسبة إليهم؟
والله تعالى عندما قال لنا : (...وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ)46/12
إن الله يتكلم عن اللغة المنطوقة اللسان وليس عن اللغة المكتوبة...
لقد كتب السيد والمفكر الإسلامي علي عبد الجواد رداً على مقالة "إبراهيم الخليل" تعقيباً يريح صدره في قراءة الآية التالية :
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) 17/16
وقال السيد عبد الجواد إن اعتبار النص فوق فهم العقل يجعلنا نحتار في مفهوم الآية التي تصر على أن الله يأمر بالفسق, ولكن إن اعتبرنا التشكيل هو عمل إنساني يحتمل الخطأ عندها يجب علينا تصليحة على مبدأ أن القرآن لا يأتيه الباطل لا من بين يديه اي من داخله (التشكيل)ولا من خارجه (أي بالتفسير الحديث وأسباب النزول) لوجب علينا نحن الذين ندعو إلى قراءة النص من جديد من إزالة اللغط في بعض الكلمات التي تناقض أسماء الله التي هي صفاته عندها نعلم أنه ليس من المنطقي أن يكون الله هو الآمر بالفسق, فبدأت بالبحث في كتاب الله لأجد الجواب ووجدت التالي في قوله تعالى :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) 6/125
علماً أن الله لن ينكر عن ذاته المكر بل قال أنه "خير الماكرين"
(وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) 3/54
وقراءة السيد عبد الجواد الجديدة لكلمة (أمَّرْنا) اتت بالتشديد على الميم بالفتحة وسكون الراء, فتأتي بمعنى (جعلنا في كل قرية أكابر مترفيها لهم الأمر والإمارة) ففسقوا فيها وليس بمعنى أن الله أمرهم بالفسق الذي هو من أفعال الفئة المترفة ذاتهم, والله لا يأمر بالفسق.
ولأن أمر التشكيل في القرآن أمر جديد على بعض الذين يقدسون النص ويعتبرون أنه قد أتى سليماً معافى علماً أنه قد وصلنا بعد الـ 1400 سنة الماضية بكل الغبار الذي التصق به سواء كانت أحاديث نسبت للرسول ظلماً وعدواناً, أو كانت مقصودة من حاسد يريد التشويه للإسلام , أو كانت نتيجة بدعة أسباب النزول التي تثبت النص بدلاً من تحريره, أو كانت نتيجة التفسيرات المغرضة التي شككت في الإسلام كضرب النساء والدعوة إلى الإسلام بالسيف والدعوة إلى قتل المرتد, وإن إظهار هذه الحقيقة اليوم وبعد مرور أكثر من 1200 سنة, والتي تتعارض مع إيمان الأكثرية بأن التشكيل منزل من السماء, قد وضع الناس اليوم في خشية وحيرة في تصليح التشكيل القديم, لأن ذلك يحتاج لطبعات جديدة للقرآن مع سحب النسخ القديمة من بين أيدي الناس, والذي سيؤدي إلى إعتبار أن التحريف قد تسلل إلى الكتاب مما سيدخل الريبة في قلوب الجميع, فكان من الأفضل السكوت والصمت عن الحقيقة, وأنا أقول أنه لا داعي لسحب أي نسخة أو تعديل أي نسخة فالأمر عائد للإنسان ولقارئ القرآن (الفرد) إذا آمن فعل وإن لم يؤمن لم يفعل فالإيمان وعدمه أمران يعودان للإنسان.
علينا أن نقبل بالحقيقة القائلة : أن القرآن لم يكن مشكلاً عند نزوله مع الوحي وأن التشكيل عمل إنساني أضيف للقرآن بعد ظهور ضرورته خاصة بعد دخول الأعاجم إلى الإسلام بالتالي فالتشكيل لم تكن عليه رقابة إللهية بعد نزول القرآن.

ولو قرأنا الآيات التالية من سورة القيامة :
( بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ * يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلَّا لَا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ * يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ * لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ * كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) 75/12-19

أولاً يجب قراءة النص كاملاً حتى نعرف أن الحديث هو للإنسان بشكل عام وأن الله تعالى لم يخصص تلك الآيات لعصر وزمان الرسول أو لشخص الرسول أبداً, (فهي ليست أيات محكمة بل آيات متشابهة)وهذا ما وقع فيه الكثير من الناس قبلاً في تفسير هذه الآيات بأن جعلوها خطاباً موجهاً للرسول فقط, أي أنها محكمة الزمان والمكان ولشخص الرسول, وإذا قرءنا تلك الآيات وجردناها من زمانيتها واعتبرناها خطابا عاماً للإنس في الأرض, حيث شاهدنا عبارات الخطاب للإنسان في أربع آيات في مقدمة السورة, ولا نجد فيها أي خطاب منفصل للرسول على الإطلاق ثم نقرأ ... (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) أي الإنسان ... وتحريك اللسان في اللغة ياتي في كتابة النص من أجل قراءته وهو التشكيل, ونجد بها أيضاً تصريحا إلهياً بأن القرآن فعلاً دُوِّنَ بدون أي حركات للنطق, أي أنه غير مشكل ولكن لماذا ....؟
يقول الله (حتى لا تعجل به) والإستعجال في طريقة النطق والتشكيل مسألة تحيد عن المعنى ونحن نعلم ان هناك آيات كثيرة في القرآن لم يأتي تأويلها بعد, ويجب تركها إلى أن يأتي زمانها وتبيانها, وبما أن القرآن لا يأتيه الباطل لا من خارجه ولا من داخله, كما قال لنا الله في الآية الكريمة :
( لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)41/42
وكذلك بين الله لنا كيفية حفظه للقرآن في سورة القيامة في أمور ثلاثة :
أولاً القراءة .. متروكة لله.
ثانياً الجمع متروك على الله.
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ
وثالثاُ البيان متروك لله أي الشرح.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ .
وهكذا نكون قد تأكدنا أن القرآن قد نزل كاملاً بالوحي على الرسول منقطاً ولكنه لم يكن مشكلاً, بالبرهان الحقيقي التاريخي مما لدينا اليوم من صحائف القرآن التي تعود للقرن الأول الهجري, ومن برهان ثاني من آيات الله في القرآن يصرح بها الله لنا أن قراءة وجمع وتبيان القرآن هي أمور متروكة لله سيظهرها لنا وهذه هي حكمته في حفظ القرآن أساساً:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)15/9

وهناك مواقع كثيرة على الإنترنت للإطلاع على المصاحف القديمة والأثرية :
<!-- m -->http://www.islamic-awareness.org/Quran/ ... yem1e.html<!-- m -->

ويمكنكم رؤية بقية الصفحات باستبدال الحرف e في آخر الموقع بالأحرف a b c d f للنظر في الصفحات الأخرى, كما يمكنكم زيارة مواقع أخرى والإضطلاع عليها بحريتكم لأنها كلها تجمع بأنها غير مشكلة, وإن وجدت أن بعضها جاء مشكلاً لوجدت عبارة تقول أنها لا تنتمي للقرن الأول الهجري وإنما للقرون اللاحقة الحديثة.
وهذا معروف من الجميع ويقر به السلف لكن البعض منا إلى هذا اليوم يعتقد أن القرآن قد نزل بدون تنقيط أيضاً, والبعض يخلط بين التنقيط والتشكيل.
ماذا فعل آباءنا المسلمين بالقرآن ...؟
1- نقشوه على الأوراق فأخطأوا بكتابة حرف الألف والياء لإختلاف اللهجات.
2- أضافوا عليه الهمزة من لغة الشام.
3- أضافوا عليه التشكيل من الفرس.
(وبعد هذه الإضافات عادوا اعتبروها منزلة من السماء)
4- أضافوا عليه قوانين التجويد.
5- أضافوا عليه تقسيم الأجزاء.
6- أضافوا عليه أماكن السجود.
معتبرين تلك الإضافات من الإضافات الثانوية الحسنة التي لا تؤثر على مفهوم القرآن, إلا أن قد تبين لنا أن مكان الوقف والمتابعة شيء خطير للغاية ويغير المعنى بشكل فظيع, فإن قرأنا مثلاً الآية التالية من دون أن نتوقف على المكان الصحيح لضاع المعنى:
(... وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ....) 3/7
إن اقتطاع الآية بهذا الشكل يقلب المعنى قلباً جذرياً.
لذلك كان من الأفضل أن نقرأ الآية بتمعن أكثر ومن خلال قراءتنا لها سنعلم أن الوقف يجب أن يأتي على كلمة الله, (بالبحث عن نقاء المعنى) وثم نتابع اللآية :
(هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ, وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) 3/7

لنفرض أن تلك الترسبات التي أضافها السلف قد كانت كلها بحسن نية ولم تكن عن قصد الإساءة وأنهم أخطأوا لأنهم بشر والبشر خطاء, فما عليهم إلا بالإعتراف بخطأ السلف.
بعدها ربما قد يتفكروا في قراءة النص من جديد وبعدها سيتبين لهم أن مواضيع الصلاة والصيام والطلاق والحج والزكاة في القرآن تختلف إختلافا كلياً عن رسالة البخاري وأبو هريرة.
وهناك طريقة وضعها الله في كتابه وحفظها بشكل سري ولمدة 1400 سنة لكشف النص الصحيح, وهي معجزة العدد 19 والتي أخفق الدكتور رشاد خليفة في البرهان عليها بسبب تعثره في حروف (اللألف والياء والنون) لإعتماده على النسخة (العثمانية) المنسوبة للحكم العثماني التركي وليس للخليفة عثمان بن عفان, فبدأ ظنه يأخذه إلى إعتبار أن هناك آيات من القرآن يجب حذفها وأن حرف النون في مطلع سورة القلم يجب أن تكتب (ن و ن) بدلا من (ن) لأنه أخفق في إيجاد النون الناقصة التي ظهرت في مصحف استانبول الأثري المكتوبة (نصرمنها) حيث أتت نون قسم المتكلم واضحة لا يشوبها أي تساؤل.


الشكل ط 5

وكلمة (صرم) تأتي هنا بمعنى (الدخول) أو (الهجرة إلى الشيء).
عزيزي القارئ بدلاً من الإقتناع بأن النسخة التي بين يدينا هي نسخة صافية من شوائب السلف يجب علينا التفكر فيها, وبدلا من الخوف على إنقسام الفئات الضالة أساساً, يجب علينا البدء بالعمل على تصفية ماء النبع.
يجب أن نؤمن أن الله تعالى هو الذي خاطبنا كمسلمين على الشكل التالي :
(إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ *كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) 75/17-20
إن الأمر بالجمع (هو أمر بإستخراج النصوص من المتاحف ونشرها بشكلها الكامل وليس لمصحف واحد أو لإثنين منها, بل جميعها ونشرها على الإنترنت وجعلها متوفرة للجميع بلا استثناء)
وقرآنه أي (قراءة النص) أي تشكيله. والتشكيل الحالي صحيح وبنسبة 98% وتلك خطوة جيدة وأسهل من البدء من نقطة الصفر.
ثم أن بيانه (تبيان معانيه) هو وعد الله لنا بأنه سيبينه لنا وحده من ذات القرآن, والحمد لله الذي ألهمنا إلى الترتيل والمحكم والمتشابه.


القراءات السبع


إن ترتيب عرض أفكار هذا الكتاب في ذهن القارئ بعرض مصطلحاته الجديدة قبل البدء في موضوعه الرئيسي سيساعد على فهم المقصد النهائي من هذا الكتاب, لأنه ومن خلال البحث عن مفاهيم القرآن, قد يقع المرء في مطبات القراءة غير الصحيحة لبعض الكلمات الواردة فيه, إما جهلاً بالمعنى, أو باعتبار أن ما وصل إلى أيدينا من قرآن هو سليم 100%, إن الإيمان الأعمى والمطلق بصحة النسخة الموجودة بين أيدينا هي السبب الرئيسي في ضياع الناس عن القراءات الصحيحة لبعض الكلمات والمواضيع المختلف عليها أساساً من وجهة نظر السلفيين والمعاصرين على حد سواء, فإن كان المتفقهين في الدين ودكاترة الأزهر على دراية تامة على وجود أكثر من 27 قراءة مختلفة لآيات وكلمات القرآن فكيف لهم أن يعتبروا أن القرآن سليم وبنسبة 100% علماً أنهم يعترفوا بإختلاف القراءات, تعالوا لنحاول أن لنعرض عليكم بعضاً من تلك القراءات في الأمثلة التالية :

وجاء في قراءة عاصم الموجودة بين أيدي أغلب الناس اليوم:


وجاء في قراءة ورش التالي :


هذه ثلاث قراءات من القراءات السبع للقرآن نجد فيها إختلافات في التشكيل وخصوصاً في كلمة (يضل) والتي أضاعت عدة الشهور على المسلمين فأصبحت سنتهم لاتنطبق على فصول السنة, بعد غياب شهر (النسيء) الذي كان يعيد للناس انطباق الشهور على فصولها كما يحصل للتقويم العبري القمري والتقويم الصيني القمري اليوم, وبما أن نسخة قراءة عاصم هي الأكثر مبيعاً في العالم الإسلامي والتي كتبت الفعل مبنيياً للمجهول فأصبح فيه شهر النسيء وكأنه هو الذي يقوم بعملية الضلالة في مفهوم الأغلبية, وكما يرجح بعض المفسرين بأن فاعل الضلالة أيضاً قد يكون الله نفسه, لأنه هو الذي يمدهم في طغيانهم بإضلالهم بشهر النسيء الذي هو المفعول به, وكل هذا أكد على ضرورة إلغاء شهر النسيء والذي تم في عصر الإمام والخليفة عبد الملك بن مروان., ولمعرفة المزيد عن هذا الموضوع أنصح بالرجوع إلى كتاب التقويم الهجري لوالدي الكاتب نيازي عز الدين في هذا المنتدى على هذا الرابط :
### عفواً لا يسمح بوضع أسماء منتديات تروج الضلالات ###] (المراقب العام)

أو كتابه النسيء المتوفر على النت وفي المكتبات.

وأحياناً نجد أن جميع القراءات قد أجمعت على قراءة غريبة لذات الكلمة والتي تثير الكثير من الإختلاف فمثلا نجد الآية 125 من سورة النساء تقول (إتخذ اللهُ إبراهيمَ خليلا).

ولكن إذا حاولنا أن نقارنها بما جاء في مصحف إستنبول المشكل في القرن الثاني الهجري فنرى التالي :




نعم إن الله يحب ويكره ويسمع ويرى وينادي ويده فوق أيدي خلقه في كل شيء, وإنه وملائكته يصلون على النبي, كل هذا الأفعال التي لم ينفيها الله عن ذاته أبداً بل وجاءت في القرآن بآيات كثيرة يمكن الرجوع إليها في كل أركان كتابه العظيم.
إنه ومن خلال تفهمنا لأسماء الله وأفعاله في القرآن نستطيع أن نجزم أن هناك أفعال يقوم بها الله وأفعال لا يقوم الله بها أبداً.
فالله قال أنه لا يظلم مثقال ذرة,,, هذا يعني أن الظلم هو من الأفعال التي لا يقوم بها هو. وقال أيضاً أنه لا يأمر بالفسق, فهذا أيضاً ليس من أفعاله, قد يسأل سائل ولكن الله فعال لما يريد .... !
(إن ربك فعال لما يريد) 11/107
ولكنه أيضاً القائل (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)4/40
هل هذا يعني أنه سيغير رأيه ويبدأ بالظلم....؟ سبحانه تعالى اسمه الرحمن الرحيم.
بالطبع لا.


الإصطفاء والإتخاذ

لنبدأ بكلمة اصطفاء وهي أتت في القرآن في 13 موقع إصطفاء في الدنيا من الناس وللناس كالرسل والأنبياء والملك طالوت وآدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران, ورسل بني اسرائيل بل ورسل الملائكة ورسل الناس, ومريم عليها السلام على نساء العالمين. لكن الله تعالى قد نفى الإصطفاء من الناس لشخصه تماماً, وأنكر سبحانه أيضاً قيامه بفعل الإتخاذ لذاته حيث قال الله تعالى :
( أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ {150} أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ {151} وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {152} أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ {153}‏ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) 37/153
وشبه الله تعالى إصطفاء المخلوق من أجل الخالق كإتخاذ الإبن الذي نكره في موضوع الإتخاذ فقال :
( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) 39/4
ومن هذه الآيات نتأكد أن الإصطفاء هو إختيار شخص من مجموعة ومن أجل المجموعة ذاتها لأخذ رسالة الله وتبليغها وإعلاء كلمة الله, ويصطفي الله من خلقه الناس والملائكة لهذه المسألة.
وينفي الله أي إصطفاء يندرج تحت مظلة الإتخاذ لذاته الإلهية.
أما الآية التي تدل على الإصطناع لنفس الله :
(إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى * وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي * اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ) طه 40-42
نجد أن الإصطناع لذات الله هو من أجل إنقاذ شخصه من فرعون وهو طفل, ومن اجل تجهيزه لعملية تخليص شعبه الذليل من حكم فرعون الذي طغى في البلاد ومن أجل نصر شعب الله الذي وعدهم بالتحرر من استعباد فرعون لهم, معلناً سبحانه أن ذلك الإصطناع لم يكن من أجل جعل موسى صديقاً لله وجليساً له أو كليماً له, لأن الله قد كلم موسى مرة أو مرتين لكنه لم ولن يصبح كليمه المطلق كما نفهم من عبارة (خليل الله).

وفي نهاية شرح معنى الإصفاء نحاول أن نقارن بينه وبين موضوع الإتخاذ.... !
لنأخذ مثلاً الأية التالية : (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) 35/28
ولنحاول أن نأخذ الفعل (يخشى) ثم نضع كلمة الله بعدها تماماً كما أتت في هذه الآية.
(يخشى الله) ثم طلبنا منكم أن تتخيلوا أن الله هو فاعل الخشية فهل تستطيعوا ذلك .... ؟ أم أنكم ستقولوا أن الله لا يخشى شيء ... وعليه فالله ليس فاعل الخشية وتشكيل كلمة لفظ الجلالة وبغض النظر عما سيأتي بعدها هو بالفتح وليس بالضم مهما كان. فيجب أن نقول (يخشى اللهَ.... الناس المؤمنون العلماء السموات والأرض الملائكة.... الخ ونسطيع أن نجلب مئات وألوف وملايين الأمثلة على خشية كل شيء من الله تعالى وليس العكس.

لنأتي الآن إلى كلمة الإتخاذ وجملة (اتخذ الله.... ولنحاول أن ندرج تلك الملايين في عملية الإتخاذ ولكن يجب علينا أن نجعل الله هنا فاعل الإتخاذ.. وبما أننا قد شربنا كلمة الخليل لمدة طويلة من الزمن ومن ثم أتت كلمة حبيب وشفيع وكليم, لذلك أطلب منكم أن تستبعدوا هذه الكلمات التي أصبحت في قلوبنا من المسلمات, فأرجوا منكم أن تضعوها جانباً ولو لبرهة من الزمن كي تتفكروا.
حاولوا أن تفكروا بمفعول به آخر وأكملوا العبارة :
(اتخذ الله......... ماذا؟
إن جميع آيات الإتخاذ في القرآن الكريم أتت في القرآن بالنفي القاطع, أي أن الإتخاذ هو من الأفعال التي لا يقوم بها الله, مثلها كمثل الظلم أو الأمر بالفسق. وهناك أية واحدة أتت في القرآن يتخذ الله فيها شهودأ من الناس وعلى الناس ولم يكن ذلك إتخاذاً لنقص موجود عند الله.
(ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ) 3/140
فالشهداء وظيفتهم الشهادة وبعدها تنتهي وظيفتهم كما نرى, وشهادتهم هي لما رأوا وسمعوا لينطقوا بالحق, علماً أن اللأيدي والأرجل والجلود سوف تنطق لتشهد إن تعذر وجود الشاهد حيث قال الله :
(يوم تشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون ) 24\24
اما الآية التالية :


نجد من قراءة هذه الآية وكأن الله يأمر بالفسق والعياذ بالله, لكن القراءة السليمة لهذه الآية هي التالي :
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) 17-16

أي فقط بزيادة شدة على الميم والتي تعني أن الله يرفع المترفين إلى الإمارة وهم من يقوم بفعل الفسق وليس الله الذي يأمرهم بالفسق.

وما جاء سابقاً في موضوع الإتخاذ فإنه لو كان الله الذي يقوم بفعل الإتخاذ فهذا يعني أنه يضيف لذاته شيء من خارجه ومما يتخذه من غيره, فكروا بمعنى كلمة الإتخاذ قبل الحكم عليها.
واعلمو أن الإنسان الناقص هو من يتخذ الله حبيباً وجليساً وليس العكس.


الترتيل


يعتبر الترتيل طريقة حديثة في قراءة نص القرآن, وقد خلص إلى هذه النتيجة, الدكتور الكاتب والمفكر الإسلامي السوري الأصل السيد محمد شحرور مفادها الأتي:
إذا أردنا أن نحدد "معاني كلمات" أو "مواضيع" القرآن نأت بها ونضعها في رتل واحد ثم نتفكر في معانيها, مثال :
1- معنى الكلمة من سياق الكلام :
كلمة حديد :
(آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) 18-96 فلذات الحديد
(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) 34-10 معدن الحديد المطاوع تمييزاً عن الحديد الصب والفولاذ
(فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) 50-22 النظر الثاقب
كلمة رجال :
(فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً) 2-239 أي مترجلين أو راكبين
(وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء)4-1 جمع رجل
كلمة كفار :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) 3-91 عكس المؤمن
(كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ) 57-20 أهل الكَفرْ أي المزارعين.

وهناك كلمات كثيرة في القرآن لها أكثر من معنى واحد حسب سياق الكلام والأمثلة عليها كثيرة جداً.

2- الدلالة الحرفية :
الآن يجب أن ننظر في "الدلالة الحرفية" في لغة القرآن :
كأن يستخدم الله "كلمة" في معنى واحد فقط للدلالة على شيء واحد كالمثال التالي:
كلمة : مطر
استخدمها الله دائماً للدلالة على الأذى والغضب واستخدم كلمة غيث للخير والرحمة,
(إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى) 4-102
(وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)7-84
(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)31-34
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ )42-28
ومن أمثال هذه الأمثلة نتج أن "الكلمة الواحدة" ممكن أن تاتي بأكثر من معنى حسب سياق الكلام ولكن عند إدراج المعنى في الدلالة الحرفية فإنها تأت في حالة واحدة, ولم تستخدم الكلمة لكي يكون لها دلالة في المعنى لأكثر من حالة واحدة.

وبتفسير آخر : إن الكلمة الواحدة يمكن أن يكون لها أكثر من معنى, ولكن كلمتين في القرآن لا يجب ان تعني ذات الشيء, ويمكن أن تدل عليه: كأن تكون الوعاء الحاوي لها ولكنها أكبر منها:

ككلمة ملائكة مثلاً هي دلالة على كل المخلوقات السبعة ولكن الجن والروح هم أصناف تحت وعاء الملائكة.
وكلمة الناس تدل على الذكور والإناث كوعاء لهم.
وكلمة المؤمنين أيضاً تدل على الذكور والإناث من المؤمنين إلا إذا كان الخطاب للإناث فقط كقوله (المؤمنات).

وسنرى هذا في عرض الكتاب مشروحا ومفصلاً, ويعتبر الترتيل مفتاحاً من أهم مفاتيح فهم القرآن حيث قال الله تعالى :
(ورتل القران ترتيلا ) 73/4

أما طريقة استخدام الترتيل لفهم المواضيع فتكون بأن نأتي بالآيات التي تتحدث عن ذات الموضوع في سور القرآن جميعها ثم نرتبها حسب نزولها, أو ترتيبها السوري(أي بحسب ترتيب السور), وبعدها نحاول أن نرتبها بحسب تسلسلها الزمني, وبعدها نخرج بالمفهوم الترتيلي لآيات.
مثال :
اقتباس:
الطلاق في القرآن

نحن نعلم أن الطلاق عند السلف ثلاث مرات , أي يستطيع الرجل أن يطلق زوجته طلاقاً كاملاً ثلاثة مرات كاملات وبعدها تصبح محرمة عليه ولا يحق له استرجاعها حتى تتزوج من غيره, وفي كل مرة يطلقها تخرج الزوجة إلى بيت أبيها أو تطرد من بيت الزوجية في كل مرة, وهناك من يوقف الزوجة المطلقة تحت عدة حتى تستطيع ان تتزوج مرة أخرى, وفي أثناء تلك الفترة يحق للزوج استردادها مرة أخرى وبذلك يكون قد خسر رصيده من الطلقات طلقة وفضل له طلقتين, ويقول علماء السلف أنه إذا ما استنفذ الزوج الطلقات الثلاث, فإنه بعدها لن يستطيع استرجاعها حتى تتزوج من غيره,فإن تزوجت ثم طلقها هذا الزوج وانتهت عدة طلاقها, بعدها يستطيع زوجها القديم أن يتزوجها من جديد, ويصبح رصيده كاملاً أي أن له ثلاث طلقات أخرى.
ويستندون في هذا على الآيات التالية :
(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ....) 229 -2
أي أن الطلاق مرتان والثالثة ( هي في قوله : (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ )) أي هي الفاصلة, أو يسمح باسترداد الزوجة مرتان ولا يحق له في استردادها في المرة الثالثة.

علماً أن الآية الكريمة لا تقول هذا أبداً, ولننظر إلى آيات القرآن وكيف يشرع لنا الله الطلاق في القرآن الكريم:

(الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...) 229-2
أي أن الطلاق المعرف الكامل لا يتم إلا إذا تمت "المرتان"
أي طلقة أولى + بلغن أجلهن + إمساك بمعروف. (إلغاء الطلاق) لعدم إكتمال شروط الطلاق.
أو طلقة أولى + بلغن أجلهن + تسريح بإحسان (الطلقة الثانية) إكتمال شروط الطلاق, وبعدها لا تحل له إلا من بعد أن تتزوج من غيره ويتم الطلاق من الجديد طلاقاً كاملاً.
تعالوا نرى ماذا أتى من الحكمة في آيات الطلاق :
( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ.... ) 231-2
فما هو المقصود هنا في (فبلغن أجلهن) ؟
(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ)232-2
أي أنه وقبل التسريح بإحسان ولكن بعد فترة (الأجل) والتي سنشرحها في وقتها وهذا إعلان لأهل الزوج والزوجة أو الحكم الذي يشرف على الطلاق إن الله يطلب من هؤلاء أن لا يميلوا إلى التفرقة بين الزوجين إن رأيا أنهما في رغبة في العودة إلى بيت الزوجية من جديد, وإلغاء الطلاق.

فما تعريف الأجل الذي يأتي بين الطلقة الأولى والطلقة الثانية :
يقول الله مخاطباً رسوله : (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ) 65-1
أن للطلاق عدة وتلك العدة يجب أن تحصى تماماً وهي الأجل الذي يريد الله أن تبلغه الزوجة المطلقة قبل إتخاذ القرار النهائي فإما تسرح بإحسان أي طلقة ثانية وبذلك يكتمل الطلاق أو إمساك بمعروف ويلغى الطلاق لعدم تكامل شروطه ولكن السؤال هنا أين تتم عملية إحصاء العدة هل تذهب الزوجة إلى بيت أبيها أو أخيها أو خالها أو عمها ؟ فماذا يقول الله ؟ :
يقول الله : (...لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ...) 65-1
أي أن العدة ستكون في بيتها بين أولادها لأنها ليست مطلقة بعد لكن ماذا لو أن سبب الطلاق سبب كبير أي أن الزوجة كانت مع عشيقها ترتكب الفاحشة مثلاً, فهل تبقى في بيتها بين أطفالها ؟
يقول الله : (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ...) 65-1
أي أنها هي الحالة الوحيدة التي تخرج فيها المطلقة إلى بيت أبيها مباشرة بعد الطلقة الأولى ولا داع عندها لأي عدة او مفاوضات, علماً أن كل من يطلق زوجته اليوم ويخرجها إلى بيت أبيها من الطلقة الأولى فهو يعاملها معاملة الزانية والعياذ بالله.
ولكن ما هي مدة العدة هذه هل هي شهور أو أيام أو ساعات لنرى ماذا يقول سبحانه .
يقول الله في ذلك ( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)65- 4
أن العدة التي تأتي بين الطلقتين والتي تقضيها الزوجة في بيتها ولا تخرج منه إلا بسبب الفاحشة هي ثلاثة أشهر إن خرجت عن المحيض والسبب هنا ليس له علاقة أبداً بالحمل لأنها لا تحيض أصلاً والعدة هي فقط لهدوء العاصفة (عاصفة الغضب), أما أولات الأحمال فعدتهن إلى ما بعد الولادة فلوأنها حدثت قبل ذلك وجب عليها ان تكمل الثلاثة أشهر, لأن الله وضع الحد الأدنى ثلاثة أشهر أما الحد الأعلى فهو وضع الحمل الذي قد يكون تسعة أشهر الحمل مع إضافة شهر للنفاس, وهذا ما بينه سبحانه في الآية التالية:
(والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا فاذا بلغن اجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير)2/234
قد يسأل سائل : المطلقة في أثناء العدة تبقى في بيتها هل هذا يعني أن الرجل يجب عليه أن يخرج خارج البيت حتى لا يقع في الفاحشة مع مطلقته ؟
إن الله لا يعتبر الزوجة في عداد المطلقة بعد, لأن الرجل لم يعزم الطلاق بعد فله أن يتراجع في أي لحظة وزوجته هي حلال له طيلة فترة العدة وإن أي إتصال معها يلغي الطلاق تماماً وهذا ما يريده الله يريد أن يحدث أمراً .
(....لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) 65-1
ويريد الله ان تبقى الزوجة والزوج في ذات البيت كلاهما :
( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ
أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ...) 65-6
وإذا لخصنا كل ما قلناه إلى هذه النقطة نكون قد عرفنا التالي : أن الطلاق مرتان أي طلقتان يتخللهما عدة وتلك العدة هي ثلاثة شهور للتي لا تأتيها الحيض أو التي يئست منه وهي ثلاثة قروء للتي تحيض وعشرة أشهر كحد أقصى للتي تبين حملها لأنه لا يجوز زواج المرأة من رجل آخر حتى تضع حملها كما قال الله تعالى في هذه الآية :
( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا...) 228-2
والحالة الأخيرة هي أن تكون الزوجة المطلقة حامل فعدتها إن تجاوزت الثلاثة أشهر فهي إلى فترة الوضع.
تعالوا الآن لنرى ماذا يحدث بعد إنتهاء العدة :
يقول الله : ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجً) 65-2
وهذا يعني أنه بعد إنتهاء العدة التي يجب أن تتم في بيتها بين أطفالها وزوجها, فإن لم يتراجع الزوج خلالها عن قراره فعلى الزوج أن يدعوا شهداء على واقعة الطلاق.
يقول الله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) 4- 35
يطلب الله تعالى أن تكون وظيفة الحكم للإصلاح بين الزوجين لإعادة الإسرة إلى سابق عهدها كي لا تتفرق وتنقسم وتضيع منها المحبة والترابط.
ثم يسأل سبحانه الزوج أولاً إن كان مازال عازماً على الطلاق, أم أنه سيمسك زوجته بإحسان ويلغي الطلاق ؟
يقول الله تعالى :
( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) 230-2
أي أنه إذا عزم على الطلاق بعد إنتهاء العدة فأخرجها من بيته, فلن تحل له بعد ذلك حتى تتزوج من رجل آخر زواجاً كاملاً فإن طلقها الثاني طلاقاً كاملاً لا تلاعب فيه بعدها يحل لهما أن يتراجعا.
وهكذا نكون قد بينا معنى الطلاق الكامل (الطلاق مرتان) كما ورد في القرآن بعيداً عن كل ما قاله أهل السلف معتمدين على اسلوب الترتيل




المحكم والمتشابه


والمفتاح الثاني من مفاتيح فهم القرآن : هو معرفة الفرق بين المحكم والمتشابه, والذي أخص فيه البحث لوالدي المفكر الإسلامي نيازي عزالدين مفادها التالي:

المحكم هو ما أحكم نصه لزمان ومكان بعينه, والمتشابه هو ما تشابه نصه لكل زمان ومكان.

ولكن ما معنى هذا ؟
لإعطاء المعنى يجب إدراج مثال حتى تنطبق النظرية على الواقع فينكشف الأمر للجميع :
فإن الآيات التي أتت لتأمر قوم موسى بالخروج من مصر, فهي ليست قانوناً ازلي يطبق في كل لحظة وفي كل عصر من الزمان, وأن الأرض التي وعدها لقوم مضى عليه أكثر من 5000 سنة, هو وعد قديم لشعب قديم زال وعدهم بزوال شعبهم وأن نسل وذريات ذلك الشعب الذي تطور إلى عالم اليوم هم ليسوا ذاتهم الموعودين بأرض فلسطين, وأن هذا الأمر حدث في الماضي لشعب مات وصارت (عظامه مكاحل) كما يقال عندنا في بلاد الشام.
حيث قال الله تعالى فيهم :
(تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون )
وأيضاً فإن أوامر الله لقتال المشركين في عصر الرسول هي أوامر أتت لتلك الفئة المعينة من الناس ونحن منها براء.
فآيات القتال التي أتت في سورة التوبة, هي خطاب محكم الزمان والمكان لعصر الرسول والصحابة فقط, وهي كوعد الله موسى بأرض السلام لشعبه ولعصره فقط, حتى ان الله حرمها على شعبه لمدة 40 سنة لأنهم سجدوا لعجل السامري, ومن الإجحاف أن نخلط بين النوعين من أنواع الآيات فنقع في فخ التناقض الذي لا يفهمه قارئ القرآن الدخيل على الإسلام, فيحاول أن يظهر آيات القتال في سورة التوبة على أنها قمة الإرهاب الديني.
مثال :
(فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) 9/5

إن الأشهر الحرم تنسلخ كل عام مرة, فهل هذا يعني أن على المسلمين أن يدخلوا في القتال بشكل موسمي مثله مثل طقوس صيام رمضان نحمل البنادق ونحاصر قرى باقي الأديان ممن نعتقد أنهم من المشركين ونجبرهم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة , فإن أطاعونا نخلي سبيلهم, وإن لم يطيعونا قطعنا رؤوسهم, إن جعلنا هذه الآية بالذات دستوراً لديانتنا كمسلمين في كل زمان وكل مكان,لأصبح الإسلام عبارة عن إفساد في الأرض, وسفك للدماء دائم إلى يوم الدين, ونصبح في عصر أسوأ من عصر التتر والمغول.
لذلك يجب علينا أن نعتبر تلك الآية من الآيات المحكمة زماناً ومكاناً

لننظر الفرق بينها وبين الآية المتشابه التالية :

(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) 2/190-195

من هنا نستطيع أن نستشف الفرق بين التوجيه المتشابه والتوجيه المحكم زماناً ومكاناً .
حيث أن الأوامرالإلهية الفورية التي نزلت على الرسول ليطبقها أمرة له وللمؤمنين بمباشرة القتال في زمانه, وبعقد الإتفاقيات والهدن السلمية فيما بينهم, كيف ثبت مفعولها والعمل بها بشكل محكم, وكيف أتت الدعوة إلى القتال في سورة البقرة محددة شروط القتال المشروع, بأنها لا تكون إلا دفاعاً عن النفس فقط, وليس من أجل نشر الدعوة إلى الإسلام كما قال الله تعالى في المتشابه أيضاً :
(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ) 18/29.
خلال وجود الرسول بين الصحابة كان لابد من تطبيق المحكم في زمان الرسول وترك المتشابه إلى ما بعد وفاة الرسول, لكن المنافقين الذين دخلوا الإسلام في عصره فعلوا العكس, بعد وفاته عليه الصلاة والسلام, مبعدين تطبيق الآية التالية :
(هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تاويله وما يعلم تاويله الا الله والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا اولوا الالباب ) 3/7
اما بعد وفاة الرسول الكريم فقد كان من واجب المسلمين إتباع المتشابه وترك ما أحكم زمانه ومكانه لعصر الرسول.
لكن من كان في قلبه زيغ بدأ بقلب الموازين وأعاد إتباع المحكم من أجل التوسع الإستعماري لرقعة الإمبراطورية بإسم الإسلام, في تلك الحقبة أصبحت الفتوحات هي من أجل السلب والنهب وليست من أجل العدالة ونشر الدين كما يقر التاريخ لنا من الفتوحات الأموية في عصر معاوية ومن جاء من بعده من خلفاء العباسيين, حتى أن العباسيين لم يقفوا مكتوفي الأيدي.

_________________
ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين
وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
رد مع اقتباس