عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2009-11-22, 09:03 AM
اكرم1969 اكرم1969 غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-05-02
المشاركات: 833
مهم هل الإلحاد عقل؟ ...أم جنون؟! موضوع خاص للملحدين

هل الإلحاد عقل؟ ...أم جنون؟!




هكذا بدأت الحياة!!!

والله وحده يعلم النهاية!!!

قبلها كنت صفراً على يسار الحياة(الدنيا)!!!

وأعجب ما في الحياة أنّ الحقائق تختلط بالأوهام!!!

وأعجب العجب أنّ العين ترى المصنوع فتراه حقيقة لا يتطرق إليه شك!

لكنّها تعمى عن الصانع فهو عندها شكّ أو وهم!!!

والآن!

سوف أحكي لكم حكاية ليست سرّا

بل هي سرّ الأسرار

قبلها أسأل نفسي!

لو لم يكن ثمّ خالق هل سيكون ثمّ (شيء)!؟

كون ... حياة... أشياء... حقائق

وحيث وجدت هذه كلها!!... في وجود يبهر حجماً ... لطافة ... وجمال!!!

فهل ثمّ خالق؟

تقول الحكاية:

طفل في ملجأ للأيتام سأل مربيته يوماً عن والدته

وهو سؤال كبير

فقالت له: وماذا يعني لك السؤال؟

قال: سؤال فطري!

قالت: وماذا تعني لك الإجابة؟

قال: تعني الحياة!!

أو

الموت!!

وأنت... ماذ يعني لك السؤال:

من خلقك؟

وماذا تعني لك إجابته؟؟؟!!!



تمهيد...
دعنا نركّز على الخطّ الواصل بين:
(عقل الإنسان) .........وبين..........(الإيمان المطمئن)

وإلا فإنّ الإفاضة في التأملات الوجوديّة لا ينتهي
من عقل (بشري صغير) يسلط بصيص ضوء صغير على قبّة هائلة
بحجم قبّة السماء العظيمة
ماذا يعنيه انْ ينتقل من نقطة إلى نقطة في فضاء واسع

الذين لم يعرفوا الله لم يعرفوا عقولهم
ولم يعرفوا نفوسهم المليئة بالبراهين
ولم يعرفوا محيطهم الواسع عظمة وجلالا وجمالا

لم يعرفوا الله لأنّهم قاسوه بأدوات العالم المادّي
ولم تتسع عقولهم لرؤية عوالم غير متناهي العدد تختلف في كنهها وجوهرها ومظهرها عن عالمنا المادّي الذي كيفه الله علينا وخلقه لنا

هل يتسع عقلك لانْ ترى عوالم هائلة العدد
تتداخل أو تتقاطع أو تتباين مع عالمنا
وأيٍّ منها لا تحكمها نواميس عالمنا المحسوس

دعنا في شهر الخير
نجوع فتصفوا عقولنا
وترقّ مشاعرنا
وتشفّ قرائحنا عن تأملات غاية في الروعة والجمال
حينما يحلّق القلب في افياء آيات كريمة يرتلها أو يسمعها
فيطير القلب خشوعا ... والعقل انبهارا ...

لا أدري لماذا أكره نقل مفردات المقاييس الماديّة ولو على سبيل الكناية والمجاز إلى التأمّل في الآفاق والأنفس والمعاني والدلائل!!!
هل لأنّها تغلظ العقل، وتلقي بظلالها الجامدة على حركة التأمّل؟!!!



تأملات في الإلحاد

الإلحاد ليس (جين)اً مورثاً!
ولا ينتقل عبر الانقسامات الخلويّة بالطبع!!
لكنّه -في ظنّي- حالة من ارتباك التفكير(انعدام الوزن) جراء الحملقة المجهدة في البراهين والأدلّة وما تتضمنه من مفاهيم وحقائق!
فهو يبحلق في الوجود بأنواعه (المحسوسة وغير المحسوسة، والمدركة والعصيّة على الإدراك)، وفي العدم النسبي والعدم المحض، والشر النسبي والشر المحض، وغير ذلك.

والعدم المحض-على سبيل التمثيل- عصيّ على التصوّر والإدراك؛
ذلك أنّه سابق على الوجود وبالتالي سابق على (العقل) البشري،
فهو بحكم ذاته العدميّة غير محسوس،
وسبيل الذهن في إدراكه (مجرّد التصوّر).

إذاً! فصورة (العدم المحض) في الذهن ليست من الوضوح بما يكفي للسجال به في مضمار الجدال الذهني.
حتى وإنْ كان معنى لفظ (العدم) متصوّرا في الذهن.
أجزم أنْ لا عقل من عقولنا قادر على تصوّر حقيقة العدم المحض، العدم الذي يعني لا وجود ولا حيّز(مكان) ولا زمان.

أمّا الإيمان فتمتدّ جذوره إلى ما قبل العدم، ذلك أنّه إيمان بخالق أوجد من العدم موجودات وفطر منه كينونات واقعيّة ذات ابعاد زمانيّة ومكانيّة وجوديّة.

فالإيمان يجسر الفجوة بين العدم والوجود بما يحيّد جهود العقل في استكناه حقيقة العدم وبالتالي التوهان في صحرائها المغرقة.


أمّا خيوط الإلحاد والشكّ فإنّها تعثر فيه ثمّ تتوه على عتباته!!
فبين العدم والوجود حقبة غامضة على الذهن ... ولربما جسرها (عقل الملحد) بنفي العدم المحض، وقال بأزليّة المادّة (الوجود المادي) لينجو من معضلة ما وراء العدم.

وفي ظنّي أيضاً أنّ الخدع السينمائيّة وفّرت خيالات محسوسة تصوّر انبثاق أشياءٍ من العدم، فالبطل الذي يظهر من لا شيء فجأة أمام عين المشاهد، هو تمثيل لنشأة الوجود من العدم مباشرة، ورغم أنّها خيالات يستحضر العقل الراشد أنّها مجرّد خدعة غير أنّ ظلالها تعمل في خلفيّة التفكير، ويكون لها اثرها في خفوت وهج معجزة الخلق من العدم، مما يؤثّر في انسياقيّة التفكير إلى بحث ما وراء الوجود.

ومن حكم الله العظيم -جلّ وعز- أنْ أودع الكون مظاهر الفناء ودلائله، فتلك التحولات التي تطرأ على المادّة الحيّة وغيرالحيّة، مظهر من مظاهر الفناء، فموت إنسان يعني فناءه، وإنْ بقي جسده أو تحلّل في التربة، فحقيقة فناء الإنسان موته، إذْ بالموت يفنى (الجوهر)، وإنْ بقيت توابعه أو تحولت وتبسطتن كما أنّ فناء التمثال بطحنه أو تذويبه.

ميلاد الإلحاد ...

الإلحاد لا يولد فجأة (من دون مقدمات)، وبرغم كونه قرارا (ضدّ الطبيعة) التي يشهد وجودها المادّي وتكوينها المبهر على وجود (الله) بدءا من الجسيمات الدقيقة وانتهاءً بالثقوب السوداء، كما يشهد وجودها المزدوج (طاقة-مادّة) وتحولها التذبذبي بينهما بعدم (ازليّة) المادة، كما يشهد أيضاً أصلها (الطاقي) باعتبار حقيقة المادّة (طاقة مركّزة) بوجود (الفاعل) العظيم الذي قال (كن) فكانت، برغم ذلك كلّه فإنّ الإلحاد ثمرة لتفكير (بشري) يستحقّ التأمّل.

ليس غمطا من قيمة العقل البشري أنْ نصفه بالقصور؛ القصور في معلوماته، والقصور في تصوّره، والقصور في أحكامه، ولن يدعي عاقل أنّه يدرك كلّ شيء حوله، ولا أنّه يتصوّر القضايا والمسائل الرياضيّة والفيزيائيّة والعلاقات والتفاعلات التي تكون حوله كلها، ولا أنّه يصيب في جميع أحكامه العقليّة.

احتجاب الله جلّ شأنه عن المشاهدة العينيّة، كان عاملاّ من عوامل الإلحاد، وليس هو العامل الرئيس،
فالعقل البشري يسلّم بأنّ ثمّة زوايا في الكون يستحيل أنْ يدركها البشر بأعينهم ولا بأجهزتهم المحدودة مهما بلغت من تطوّر، فالعلم الحديث يتكلم عن آفاق كونيّة تبعد مليارات السنين الضوئيّة.

واحتجاب الله جلّ شأنه عن مباشرة الفعل، بمعنى انتظاميّة الحوادث كلها من حركة ذرّة وتفاعلها وإسهامها في نمو خليّة ونمو برعم وولادة إنسان إلى وفاته وانصرام الحياة، بصورة توحي بتلقائيّة الفعل، ليس ذلك قطعا هو العامل الرئيس للإلحاد، فإنّ أبحاث الإنسان المتطوّرة التي تجاوزت فكرة (الفرديّة) إلى الإنتظاميّة تحكم على هذه الإنتظاميّة بالإعجاز المبهر الذي يصغر عنده إعجاز الوجود المادّي ذاته.

ربّما كان العامل الرئيس وراء الإلحاد العقلاني (إذا استبعدنا الإلحاد العاطفي الذي في حقيقته تمرّد) هو في (الجهل)، والمقصود بالجهل هنا هو (التوهان عن الحقيقة)، وليس ذلك مظهرٌ بسيط بل هو معقّد ومتنوّع، ويمكن وصفه وتحليله كما يلي:
حينما يسلك العقل في بحثه عن الله (العظيم) المسرب المادّي، يكون قد ضبط بوصلته على (التمظهر المادّي للوجود) فيتسلسل في تفكيره من المادّة إلى ما قبل المادّة حتى يصل (بحسب طاقته المعرفيّة) إلى العدم، فيكون العدم أمام تفكيره (البشري البسيط) فجوة سحيقة ولغزا غير متصوّر، وبحكم بوصلته فإنّه يعجز عن تصوّر وجود يسبق العدم، وعن رؤية الله بعقله (الله خالق كلّ شيء) لأنّ ذلك يلقيه في متاهة التسلسل.

وحينما يسلك العقل في بحثه عن الله (جل جلاله) المسرب التنظيمي، يكون قد ضبط بوصلته على (التنظيميّة في الكون)، فيسوقه الإعجاز المبهر بدقّة التنظيم وروعته في الطبيعة إلى الحياة (نشاط الأحياء) فيها، وبنصاعة الضمير الذي طهره جمال الطبيعة ونقائها يُصدم بما يراه في الحياة من مظاهر الظلم والقسوة والعنف والألم (بخاصّة من الإنسان)، وكونها تحدث تباعاً، ويحيا الظالم ويموت المظلوم فإنّه يتيه فيما وراء (الانتظاميّة الجبريّة) وهي (الانتظاميّة الطوعيّة)، فإنْ افتقد الوحي (المخلّص) الذي يحلّ لغز علاقة الفعل الإلهي بالفعل الإنساني، فإنّه يجنح إمّا إلى الجبريّة فيلوم القدر ويدنف إلى الإلحاد (حيث يعجز عن حلّ لغز الإله الفعّال لما يريد ووقوع الظلم)، أو يجنح إلى مقابل الجبريّة وهي (نفي القضاء والقدر وأنّ الله خالق أفعال العباد)؛ فيدنف إلى الإلحاد من طريق أخرى (حيث يعجز عن تصوّر إله عاجز عن حكم المخلوق، وكونٍ يفعل بذاته).

إضاءة:
حينما نقول إنّ عقيدة أهل السنّة والجماعة في الربوبيّة والألوهيّة والأسماء والصفات وفي القضاء والقدر سفينة نوح، فإنّه ليس جزافا؛ فهذه المتاهات المختومة بالمغاليق التي ينتهي إليها العقل لا يمكن عبورها إلا بنور الوحي (ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور) صدق الله العظيم


دلائل الإيمان...

لعلنا قبل أنْ نَرِدَ على دلائل الإيمان ونواقض الإلحاد أنْ نقدّم بين يديها توطئة مهمّة، ونقداً جوهريّاً للتصوّر البشري، بإيجاز آمل أنْ يكون غير مملّ ولا مخلّ:

حينما تُسلب العين رشدها فتحملق في نقطة داكنة على جدار أبيض، فإنّها حتماً تتشكّك في نصاعة الجدار.
وليست العين كالذهن في البصيرة؛ فصورة الحقائق في اذهاننا ليست بالضرورة تطابق الصورة حقيقيّة الأشياء، فليست أذهاننا عينا تجتمع عليها الأشعّة وترسم صورة طبق الأصل عن الشيء المرئي.
بل إنّ تكوّن الصورة الذهنية أعقد بكثير من مجرّد انعكاس ظل، ينطبع كما هو على شبكيّة العين؛ فلو استمعتُ أنا وأنت إلى وصف لصورة شخص ما، فإنّ صورتي الذهنيّة عنه تخالف قليلا أو كثيرا صورتك الذهنية عنه، والشأن أعظم وأنكى في المفاهيم ، فضلا عن الغيبيات، فضلاً عن أجلّ مستتر وهو الله جلّ جلاله، الذي لا شبيه له ولا مثيل.
وعليه فإنّ الملحد جاحد للصورة الذهنية التي انطبعت في ذهنه عن (الله تعالى)، ومن المفهوم أنْ يكون الملحد ملحدا ومؤمنا(مصدقاً) في الآن ذاته، فهو يعلن إلحاده بالله وفي حقيقة الأمر يلحد ويكفر بما تصوّره في ذهنه عنه (تعالى الله) ، وتأمّل معي قول الله تعالى( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
فمن المتعيّن إذا أنْ نتأمّل مع الملحد في تصوّره الذي جحده، فربّما كان محقّا في جحوده ذلك، فمن ألحد بإله رآه اتخذ صاحبة وولدا(كما تزعم النصارى) محقّ، ومن ألحد بإله رآه يظلم ويبغي (كما زعمت اليهود) محقّ، ومن كفر بآلهة رمزيّة متعدّدة (كما زعم الرومان وغيرهم) محقّ، ومن جحد بإله ليس له وصف أصدق من العدم؛ فليس داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته وليس يسمع ولا يبصر ولا يتكلّم ولا ...(كما زعم بعض الجهميّة وغيرهم) محقّ، ومن جحد ألوهيّة إله كالبشر(كما زعمت المشبّة والمجسمة) فهو محقّ، ...الخ
وهكذا نرى أنّ الضّالين عن نور الوحي سبب رئيس في الإلحاد، وهم هم أيضا بعض من ضحايا الانسياق مع التكييفات الذهنية المشوّهة للنصوص، وترميماته العاطفية أوالعقليّة المشوهة أيضاً.
فهل يجدر إذاً بالملحد أنْ يعود من جديد ليضبط تصوّره مسترشدا بنصوص الوحي في سياقها الجمعي، مخليا ذهنه من الأحكام المسبقة، متأمّلا في نصوص الوحي الثابت(قرآنا وسنّة)، وما اتصل سنده بالله ذاته محفوظا(فليس أحد أعلم بالله من الله)، (قل إنْ كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ...).

إنّ إيمان العقل كسطح الماء يحمل القشة كما يجمل السفينة العظيمة فإذا ربصت القشّة بالماء، أو مالت السفينة ...فإنّها تهوي إلى القاع.
بمعنى أنّ الملحد-حينما يُزمع إعادة البحث-يعاني من (رانٍ) عاطفي كثيف، يثبّط الهمّة ويصرفها عن معاودة النظر، والاستمتاع بلذّة التأمّل الشفافة، وأشبه وصف له قرآني قول الله تعالى : (واتل عليهم نبأ الذين آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعهناه بها ولكنّه أخلد إلى الأرض ...)، ومن السنّة قول رسوله الكريم (يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة...)؛ ولا غرو! فمن انفتل عزّ عليه الاجتماع...

والآن...ماذا عن دلائل الإيمان؟!

الدلائل على أحقّ الحقائق لا يحصرها ذهن، وربما كان الأنسب التركيز على الأدلة الأجلى، ومن الطريف انتقاء ما لم يحض بالعناية ممّن كتب في هذا الشأن، فاقول مستعينا بالله تعالى:

(العقل البشري) أوّل الأدلّة على الله، فالوعي الإدراكي والتصوّري والتحليلي والاستنباطي ... كلها حقائق وجوديّة لا متخيّلة، وليست من جنس مفردات الطبيعة، وليس في الطبيعة ما يمكن اعتباره (منْتِجا) لها، فهي أرقى من جميع المفردات التي نُحسّها، فليس أدلّ على الله جلّ شأنه (وجوداً وقدرة وحكمة) منها، ذلك الوعي الذي يتفاوت فيه أفراد النّاس، ويتفاوت أيضاً في الفرد الواحد عبر مراحل نموّه وصحّته ونومه ويقضته، وهو مناط التكليف بالمسئوليّة.
إنّ الدماغ في تركيبه المادّي (الدهني) وفي وظائفه التي يقوم بها يستحقّ أنْ يكون الدليل الأوّل على التوحيد أيضاً، فهذه التلافيف الدهنيّة تحوي أجلّ المواهب وأعظم المعجزات الخَلقيّة التي احتجبت في تلك التلافيف، ولم يعد يُدرَك أو يُحَسّ إلا من خلال آثاره الوظيفيّة والكهربيّة، وهو مركز التحكّم والسيطرة، ولا يتصوّر إنسان بعقلين يعملان معا، كما لا يتصوّر كون بإلهين اثنين.

العقل الذي يعدّ الأطور في مفردات الخلق جدير بخالق عظيم كما القصر الذي يحكي علم صانعه وقدرته وحكمته ...
فالعقل (العظيم) في خلقه وإمكاناته دالّ على تفرّد الخالق العظيم، وهو جدير بالشهادة لله بالوحدانيّة والتفرّد بجليل الصفات وجميلها (الصفات الحسنى).

واعجب معي فيمن وعى وأدرك وتصوّر ... وتميّز بهذا الأدراك عن الجماد والنبات والحيوان، ثمّ هو يشهد بالإلحاد ... وينكر وجود الله الذي هو أصل الوجود ...
ولا تسأل عن التيه الذي يتردّى فيه ملحد جاحد

نتابع الأدلّة...

وفي سياق الأدلّة المبهرة، المختبئة تحت غطاء الإلف والاعتياد حدّ فقدان بريقها الخلاب نرى أعاجيب منها:
فكرة الحياة، وهي بذاتها معجزة؛ فالحياة بمفهومها الفلسفي (وفي الإطار الدنيوي): هي قدر من الوعي الحسّي والعقلي، يؤهّل صاحبه لممارسة أنشطة اختياريّة، وفكرة أنْ تبعث الحياة في المادّة، فتكسى ثوبا من الوعي والإدراك والفاعليّة (نفخ الروح) فكرة معجزة تستحقّ التأمّل بغضّ النظر عن كنهها، فأي عقل في إطارنا الحياتي (المخلوق) جدير بإبداعها، ثمّ هي من حيث كنهها وجوهرها مثيرة للقشعريرة والرهبة من مقام الإلوهية العظيم، ولا يوجد فيما حولنا من مفردات الكون ما يستحقّ أنْ يكون مصدرا لخلق لهذه الفكرة فضلاً عن أنْ يكون مصدر تحقيق لها(بنفخ الحياة في الأحياء).
إنّ هذا الدليل من السطوع والإبهار بما يكفي لسحقّ جميع الأفكار التي تنحرف بنا (ساعة جهل) عن (تأليه الله) وحده لا شريك له،

وفي سياق الأدلّة العظيمة المنزوية تحت غطاء الاعتياديّة والإلف وهي مما يسوق المرء سوقاً إلى باحة الإيمان العميق بالله ورؤية بصيص مبهر من نور المعرفة الربانيّة (معرفة جلال الله سبحانه وتعالى):

فكرة الحياة الدنيا: ولإيضاحها نستعير مصطلح (سيناريو الحياة) للتعبير عن هذه الفكرة العجيبة؛ فالحياة التي تنشأ على ظهر الأرض عبر سلسلة من الحركة والفاعليّة، ونسق الأحدث التي تتساوق عليه بصورة يكون الإنسان فيها تامّ السلوك، وفي الوقت ذاته (مجبوراً) لا يملك من شأن دخوله (لعبة الحياة) شيء وظهوره كإنسان(الميلاد)، ولا من شأن خروجه من (اللعبة) بالموت، وتلك الأحداث التي يشارك فيها بصورة واعية وبقدر نسبي متفاوت من المسؤولية، فيتفاعل الأحياء (الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة) فيها تفاعلاً يبلغ فيه الإنسان حدّ (كماله الإنساني) من طرف وحدّ الشيطنة من طرف آخر، دون أنْ يؤثّر ذلك التفاعل الفردي والجمعي على مسار الحياة الدنيا بشيء، وفي الوقت ذاته تسبح الأرض (التي هي مسرح اللعبة) ككرة في فضاء شاسع بين أعدد هائلة من الأجرام السماويّة، وفي وضع ميكانيكي حرج(يقترب حدّ حافّة الهاوية) من الاصطدام والدمار، عبر سنين طويلة، وتستمرّ الحياة الدنيا برتمها المعتاد دون أنْ يُحسّ مخلوق بالهلكة سوى بعض الحوادث التي لا تخرج عن (قانون اللعبة) بل تزيد في إتقانيتها وإعجازها.

سألني أحدهم ...الله....ماذا يفعل الان ؟
ومن معه ؟
واين هو ؟

فقلت: أجيبك بسوأل، ليس فرارا من الإجابة ولكن سؤالي هو إجابة لسؤالك

من أنا؟
وأين أنا؟
وماذا أفعل الآن؟
ومن معي؟
..........................
يعفّ العقل العلمي عن طرح مثل هذه الأسئلة لإثبات فكرة ما
هذا في حقّ مخلوق ضعيف
فكيف بالخالق الجليل(الله لا إله إلا هو وسع كلّ شيئ علما)

الذي يرى المصنوع فلا يستدلّ على قدر الصانع
إمّا مغفّل
أو
مكابر

وأعيذك عنهما

هل تدبّرت في فكرة (التنفّس) وإنتاج الطاقة، كفكرة فقط
ما أعظم من قدّرها قبل أنْ لم تكن
فكيف بمالا يحصى من الأفكار والتنظيمات المبدعة

إنّه الله الذي تسأل عنه أنت كما لو كان خافيا

وأبشّرك:
بإنّ أعظم الأنس والطمأنينة في التأمّل الخاشع في الكون
من عقل يبحث صادقا عن ومضة إيمان ... وغمرة يقين

إعرف الله ... قبل أنْ تهلك

فليس أبأس من جسد قُبر
وهو لم يتضمّخ بالإيمان

دمت على هدى وتقوى وإيمان


ثم سألني آخر: كيف تعرف الحقيقه؟؟

فأجبته:

الحقيقة مثل النبع في الصحراء
بعض العقول (تُغرّز) لأنها لا تملك دفعاً رباعيّا!
وبعضها يتيه عند شعبة من شعب الطريق وبنيّاته!
وبعضها يراه من بعد كسراب بقيعة فهو مؤمن به وكافر
ومنهم من يرده كاصفى ما يكون المورد وأعذب ما تكون العين الصافية

لذا لن يغيب عن ذهنك:
أنّ كذبة (العقل) هي كذبة (الإلحاد والزندقة)
لست أقصد العقل المطلق الذي يعني تمام المعرفة وتمام التصوّر والإدراك ...
لا ... لا ...لا
ولكنّي أقصد (العقل البشري)!
لأنّ العقول البشرية متفاوتة في المعرفة وفي التصوّر والإدراك
وهي أيضاً متجدّدة، فما يستيقنه اليوم يتشكّك فيه غدا!!!

إنّ رفع (العقل البشري) إلى مقام (الحَكَم العدل)
وادّعاء أنّه قادر على معرفة جميع الحقائق كما هي عليه في الواقع؛
جهل بحقيقة هذا العقل (الصغير نسبيّا)!
وظلم له!!
وظلم للحقيقة!!!
جهل بحقيقته: لأنّه قاصر في الواقع
وظلم له: لأنّه تحميل له بما لا يحتمل
وظلم للحقيقة التي أصبحت كالسراب الذي تراه العين ولا يصدّق به العقل

ومن الإنصاف الوقوف بالعقل البشري عند قدره؛
فهو مناط التكليف الشرعي،
وهذا هو الحدّ الادنى الذي إنْ قصر عنه عقل
كان في عداد غير المكلفين المسئولين،
أمّا الحد الأعلى فإنّه آفاق شاسعة التباين،
ويكون التكليف الشرعي فيها بحسب الوسع والطاقة،
وهذا هو العدل المحض (مع العقل)
لذا جاءت به الشرائع السماويّة كأوضح ما يكون.

أخي الكريم:
الحقيقة (عين أو معنى)
وصورتها في ذهنك
غير صورتها في ذهني
غير صورتها في ذهن الثالث ...
...
__________________


<CENTER></CENTER>
رد مع اقتباس