عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2014-03-13, 01:46 PM
ابن النعمان ابن النعمان غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-07
المكان: اسيوط
المشاركات: 651
افتراضي

نظرية المعرفة ونبوة الرسول
بقلم حمزة زورزيس

النبي محمد ادعى النبوة منذ عما يزيد عن 1400 سنة مضت. لتحقيق في صحة هذا الإدعاء، يجب علينا أن نحقق عقليا في الروايات والشهادات التاريخية عن حياة النبي (صلى الله عليه وسلم).
بعد أن نفعل ذلك، سنكون في موقف يسمح لنا لنستنتج أنه كان يقول الحقيقة، وملخص الحجة هي كالتالي:
1. النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يمكن أن يكون كاذبًا أو مضلا أو كلا الأمرين أو كان يقول الحقيقة.
2. هو لم يكن كاذبًا أو مضلا أو كلا الأمرين.
3. لذلك فهو كان يقول الحقيقة.

يجب أن ترفض الصين، لو كنت ترفض النبي!

في الابستمولوجيا ( المعروف بعلم دراسة المعرفة و الاعتقاد) الشهادة (testimony) تعتبر من مصادر المعرفة، واذا طبقت بشكل جيد، فإنها تؤسس اعتقادات معتبرة. الشهادة هي مصدر معرفة مقبول فقط عندما يكون من مصدر موثوق و خاصة إذا كان هناك مصادر متعددة متفقة عليها. طبعا هناك شروط في كيفية استعمال الشهادة، لكن في أغلب الحالات، فنحن نعتبر الشهادة كمصدر معرفة مقبول. خذ كمثال عن يقيننا بوجود الصين.

الكثير منا لم يذهب الصين، والكثير منا لم يأكل الطعام الصيني في الصين، ولم يتكلم مع شخص في الصين. كل ما نتملك كدليل هو خريطة وأناس يخبروننا أنهم سافروا للصين، لكن هل الخريطة دليل؟ الأ يمكن لشخص أن ينتج خريطة ويرسم دولة جديدة ويسميها فوفولا؟ هل التحدث مع شخص صيني دليل؟ ألا يمكن لشخص أن يأتي ويدعي أنه فوفولي ؟ ماذا عن الناس الذين سافروا للصين، هل هم مصدر معرفة، الأ يمكن لأناس أن يأتوك ويخببروك أنهم من فوفولا، كل هذه الأسئلة تقلل من يقيننا من وجود الصين!
بالمقابل، لو تأملنا في سبب يقيننا عن وجود الصين لاستنتجنا أنه بسبب الشهادة المتكررة. الشهادة المتكررة هي عبارة عن عدد كبير من الناس تروي دعوى عن معرفة ( مثل وجود الصين) والذي من المستحيل عليهم أن يتفقوا على كذبة أو يكذبوا جميعهم في نفس الوقت.

نعود لما ذكرناه مسبقا، لو كانت دعوى النبوة مرفوضة، فهذا مكافىء لرفض وجود الصين! لأن هناك أسباب اكثر لنصدق بها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يكذب في دعواه عن أسباب الاعتقاد بوجود الصين
لكي نستطيع أن نقيم دعوى النبوة، لابد أن نتناقش في أربعة احتمالات:
1. هو كان كاذبًا.
2. هو كان مخدوعًا.
3. هو كان كاذبا ومخدوعا في نفس الوقت.
4. هو كان يقول الحقيقة.

هل كان كاذبًا؟
المصادر التاريخية المبكرة عن حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) محمد توضح وتؤكد عن نزاهة شخصه. هو لم يكن كاذبًا والجزم بكونه كاذبا هي دعوى يصعب الدفاع عنها. الأسباب كثيرة ومنها كمثال، أنه كان معروفا بين أعدائه بالصادق الأمين.

دليل آخر على مصداقية النبي (صلى الله عليه وسلم) هي الحقيقة المفروضة والمؤكدة أن الكاذب يميل الى الكذب لكسب دنيوي، لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) رفض كل الطموحات الدنيوية وعاني كثيرا في تبليغ رسالته. فهو رفض الثروات والسلطة التي عرضت عليه حتى يتوقف عن تبليغ رسالته.
والمثير للاهتمام، أنه تم اضطهاده لاعتقاداته وقوطع وطرد من مدينته المحبوبة مكة، و جُوع من الطعام، ورموه الأطفال بالحجارة حتى دامت قدماه. زوجته توفت وأعز صحابته عذبوا واضطهدوا. السيرة الشخصية للنبي (صلى الله عليه وسلم) كانت متناقضة بشكل واضح مع الشخص الكاذب، والإصرار على فرضية أنه كاذب هو مكافىء لادعاء أشياء من غير أية دليل.

البرفيسور الفخري للدراسات العربية والإسلامية (مونتجومري وات) في كتابه (محمد في مكة) يبحث في هذه القضية حيث يقول: "استعداده للمرور بالاضطهاد في اعتقاداته، وشخصية الصحابة الأخلاقية الرفيعة الذين صدقوه واعتبروه قائدًا، وعظمة أنجازه العظيم، كل هذا يستلزم مصداقيته الأساسية، لافتراض أن محمد شخص منتحل سيسبب مشاكل أكثر من أن تحل شيئا."

كان صدق النبي (صلى الله عليه وسلم) هي السمة الرئيسية لنجاحه في المستويات السياسية والدينية معا. من غير صدقه الذي كان الجزء الأساسي لسلوكه الأخلاقي، لكان من الممتنع أن ينجز شيئا في وقت محدود نسبيا.
هذه النظرة أثيرت من المؤرخ (ادوارد جيبون) و(سيمون اوكلي) في كتاب (تاريخ الأمبراطورية الإسلامية):
"أعظم نجاح من حياة محمد كانت نتيجة التأثير الأخلاقي المطلق."

هل كان مخدوعا؟
لا يمكن للنبي (صلى الله عليه وسلم) أن يكون مخدوعا، لأنه من ناحية اصطلاحية، فالشخص المخدوع يقول الباطل بينما يصدق بأنه قوله صحيح. لبيان ضعف هذه الفرضية، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) تنبا بالكثير من الأشياء التي ستحدث له ولمجتمعه بعد وفاته، كتنبأه عن انتصاره وزوال الممالك الاستبدادية لكسرى وقيصر وانتشار الإسلام في أنحاء الأرض. هذه الأحداث حدثت بالضبط كما تنبأ بها النبي (صلى الله عليه وسلم). كأنه كان يقرأ المستقبل من كتاب مفتوح. وإضافة لذلك، فتعاليم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لا تمثل تعاليم رجل مخدوع.

هل كان مخدوعا وكاذبا في نفس الوقت؟

منطقيا هذا مستحيل، لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يمكن أن يكون مقتنعا أنه يقول الحقيقة لكن في نفس الوقت هذه الحقيقة معتمدة على باطل أو على أنه يمثل أنه يقول الحقيقة لكنها معتمدة على كذبة.

الرد على المزاعم الرئيسية
مزعم رئيسي على هذه الحجة هي أن الروايات التي تتكلم عن حياة الرسول ليست من مصادر المعرفة المقبولة. هذه الزعم ينقض نفسه بنفسه في عدة محاور. لو كانت رويات حياة الرسول مرفوضة، لكان التاريخ المؤسس كله مرفوض بما في ذلك الحرب العالمية الأولى وحرب الهاستنغ، وغزو النورمان من بريطانيا! سبب كون هذا الزعم يناقض نفسه هو أن العلوم التاريخية التي اعتنيت بالثقافة الإسلامية هي مختلفة ودقيقة بل وأكثر تفوقا من الطرق المستخدمة من المؤرخين الغرب.
الطريقة الإسلامية في توثيق الرويات التاريخية معتمدة على النص (المتن) وسلسلة الرواية (الإسناد), وكلاهما يكونان الحديث. الجزء النصي من الحديث قد يكون صحيحا لكن يلزمه سلسلة موثوقة من الرواية مع مخبرين موثوقين لكي يقبل الحديث.

عبدالله المبارك، شيخ الإمام البخاري يقول: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء."

• بالنسبة للإحالة مباشرة لمصدر معين مثل النبي عليه الصلاة والسلام أو الصحابة أو التابعي، حكم الأحاديث فيها يكون مرفوع، موقوف أو مقطوع.
• بالنسبة لسلسلة الإسناد أي سواء كانت سلسلة رواة الحديث منقطعة أو غير منقطعة، فحكم الأحاديث فيها هي: مسند و متصل ومنقطع ومعلق ومعضل ومرسل.
• بالنسبة لعدد الرواة في كل مرحلة من الإسناد فإنها تنقسم إلى متواتر وآحاد، والآحاد ينقسم إلى غريب وعزيز ومشهور.
• بالنسبة لطريقة رواية الحديث فهي تكون باستخدام الكلمات مثل: عن، حدثنا، أخبرنا، سمعت. هذا التقسيم يقع فيه حكم أحاديث المدلس والمسلسل.
• بالنسبة لطبيعة المتن والإسناد، فلدينا مثلا زيادة راوي والمعروف بزيادة ثقة أو العكس مثل مصدر ضعيف من المصدر القوي والمعروف بالشذوذ. في بعض الحالات، النص يحتوى على تعبير خشن أو تعليق غير منطقي أو تصريح خاطئ جدًا.
• بالنسبة لعلة مخفية موجودة في الإسناد أو المتن. على الرغم من أنه يمكن وضعه في التصنيفات السابقة، أحكام الأحاديث فيها هي: الحديث معلل أي الذي يستوجب شرحه منفصلا. العلة يمكن أن تحدث بعدة طرق، مثال على نوع الحديث المعلل هما المقلوب والمضطرب.
• بالنسبة لموثوقية وذاكرة الرواة، الحكم النهائي للحديث يكون معتمدًا على هذا العامل الأساسي: أحكام مثل صحيح و حسن وضعيف وموضوع يعتمد أساسيا على طبيعة رجال الإسناد.

لذلك، فأي شخص يرفض الروايات التي تشرح حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يكون حاله كحال الشخص الذي يرفض الحقائق التاريخية لأن علم الحديث يفوق المنهجيات المستخدمة في التاريخ الغربي.
__________________

لا إله إلا الله العظيم الحليم , لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا اله الا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ

رد مع اقتباس