عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 2016-05-07, 10:44 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي القاعدة التاسعة:{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}

كتاب قواعد قرآنية - 50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة

الشيخ عمر بن عبد الله المقبل

القاعدة التاسعة : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى }


هذه قاعدة من القواعد القرآنية العظيمة، التي هي أثر من آثار كمال علم الله وحكمته وقدرته في خلقه عز وجل، تلكم هي ما دل عليها قوله تعالى: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى }[آل عمران: 36].

وهذه الآية جاءت في سياق قصة امرأة عمران، والدة مريم -عليهما السلام -يقول تعالى: { إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم (36)}[آل عمران].

وخلاصة القصة:أن امرأة عمران قد نذرت أن يكون مولودها القادم خادما لبيت المقدس، فلما وضعت مولودها، قالت معتذرة: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى }؛لأن قدرة الذكر على خدمة بيت المقدس، والقيام بأعباء ذلك أكثر من الأنثى التي جبلها الله تعالى على الضعف البدني، وما يلحقها من العوارض الطبيعية التي تزيدها ضعفاً: كالحيض والنفاس ومن اللطائف في تركيب هذه القاعدة: أن الله تعالى قال: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } مع أنه لو قيل: "وليست الأنثى كالذكر" لحصل المقصود،ولكن لما كان الذكر هو المقصود قُدّم في الذكر هنا،ولأنه هو المرجو المأمول؛فهو أسبق إلى لفظ المتكلم. ينظر: التحرير و التنوير: (3/87)..

ولقد بين القرآن هذا التفاوت بين الجنسين في مواضع كثيرة، منها:
قوله تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ } وهم الرجال { عَلَى بَعْضٍ } وهن النساء، ومنها:
قوله تعالى: { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ }(البقرة: 228)، وذلك لأن الذكورة كمال خلقي، وقوة طبيعية، وشرف وجمال، والأنوثة نقص خَلْقي، وضعف طبيعي، كما هو محسوس مشاهد لجميع العقلاء، لا يكاد ينكره إلا مكابر في المحسوس، وقد أشار جل وعلا إلى ذلك بقوله:
{ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18)}[الزخرف]؛ فالأنثى تنشأ في الحلية، أي: الزينة -من أنواع الحلي والحلل -لتجبر بذلك نقصها الخَلْقي (أضواء البيان (3/498) ط.الراجحي).

بل يقال: إن بعض ما جبل الله عليه الأنثى هو نوع من الكمال في حقها، وإن كان نقصاً في حق الرجال، "ألا ترى أن الضعف الخَلْقي والعجز عن الإبانة في الخصام عيب ناقص في الرجال، مع أنه يعد من جملة محاسن النساء التي تجذب إليها القلوب"(أضواء البيان: (3/501)).

هذا هو حكم الله القدري:أن الذكر ليس كالأنثى،
وهذا حكم الأعلم بالحِكَمِ والمصالح سبحانه وتعالى، هذا كلام الذي خلق الخلق، وعَلِمَ ما بينهم من التفاوت والاختلاف:
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)}[الملك]، وقد تفرع على ذلك:اختلاف بين الذكر والأنثى في جملة من الأحكام الشرعية -وإن كانا في الأصل سواء-.

وهذا الاختلاف في الأحكام الشرعية بين الذكر والأنثى راجع إلى مراعاة طبيعة المرأة من حيث خلقتها، وتركيبها العقلي، والنفسي، وغير ذلك من صور الاختلاف التي لا ينكرها العقلاء والمنصفون من أي دين، وليعلم المؤمن ههنا قاعدة تنفعه في هذا الموضع وفي مواضع كثيرة، وهي: أن الشرع لا يمكن أن يفرق بين متماثلين، ولا يجمع بين متناقضين، وشأن المؤمن الحق أن لا يعارض الشرع بعقله القاصر، بل شأنه أن يتلمس الحكم من وراء ذلك التفريق، أو هذا الجمع.
ومن توهم أنهما سواء فقد أبطل دلالة القرآن والسنة على ذلك:

أما القرآن فإن القاعدة التي نحن بصدد الحديث عنها دليل واضح على هذا.

وأما السنة: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال (البخاري ح(5885) من حديث ابن عباس رضي الله عنه)، فلو كانا متساويين لكان اللعنُ باطلاً.

ولنتأمل شيئاً من حِكَمِ الله تعالى في التفريق بين الذكر والأنثى في بعض الأحكام الشرعية، ومن ذلك:

1 -التفريق في الميراث:
اقتضت سنة الله أن يكون الرجل هو الذي يكدح ويتعب في تحصيل الرزق، وهو الذي يطلب منه دفع الميراث، والمشاركة في دفع الدية -عند قيام المقتضي لذلك -فالذكر مترقب دوماً للنقص من ماله، بعكس الأنثى فهي دوماً تترقب الزيادة في مالها: حينما يدفع لها المهر، وحينما ينفق عليها من قبل وليها.

يقول العلامة الشنقيطي: "وإيثارُ مترقب النقص دائماً على مترقب الزيادة دائماً -لجبر بعض نقصه المترقب -حكمتُه ظاهرة واضحة، لا ينكرها إلا من أعمى الله بصيرته بالكفر والمعاصي"(أضواءالبيان: (3/500)).

2 -التفريق في الشهادة:

وهذا نصت عليه آية الدين:
{ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى...(282)}[البقرة]، كما دلت عليه السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم،وبين أن سبب هذا هو نقصٌ في عقلها.

وهذا التفريق -لمن تأمله -عين العدل، يقول الشيخ السيد رشيد رضا- مبيناً هذا المعنى-: "إن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية -التي هي شغلها -فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل، يعني أن طبع البشر ذكراناً وإناثاً أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها، ولا ينافي ذلك اشتغال بعض النساء الأجانب في هذا العصر الأعمال المالية فإنه قليل لا يعول عليه، والأحكام العامة إنما تناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها"(تفسيرالمنار: (3/104).انتهى.

ولا يظنن أحدٌ أن في ذلك انتقاصاً لقدرها، بل هو تنزيهٌ لها عن ترك مهمتها الأساسية في التربية والقرار في البيت، إلى مهمة أقل شأناً وسمواً، وهي ممارسة التجارة والمعاملات المالية!

وقد أشار فريق من الباحثين إلى أن المرأة الحامل ينكمش عندها حجم الدماغ، ولا يعود لحجمه الطبيعي إلا بعد أشهر من وضعها.

وليُ علم أن هذا الحكم -أعني كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل -ليس مطرداً في جميع الأبواب، بل إنها مثل الرجل في بعض الأحكام، كشهادتها في دخول شهر رمضان، وفي باب الرضاع، والحيض، والولادة، واللعان وغير ذلك من الأحكام.

ونحن بحمد الله مؤمنون بحكم الله وقدره، ولا تزيدنا البحوث الحديثة إلا يقيناً، ونقطع بأن أي بحث يخالف صريح القرآن فنتيجته غلط، وإنما أتي صاحبها من سوء فهمه.

وليس هذا التفريق بين الذكر والأنثى كله في صالح الرجل، بل جاءت أحكام تفرق بينهما تفريقاً لصالح المرأة -إن صحّت العبارة -، ومن ذلك: أن الجهاد لا يجب على النساء لطبيعة أجسادهن، فسبحان العليم الحكيم الخبير.

إذا تبين هذا؛ فعلى المؤمن أن يحذر من كلمة راجت على كثير من الكتاب والمثقفين، وهي كلمة "المساواة" في مقام الحديث عن موضوع المرأة، وهي كلمةٌ لم ترد في القرآن بهذا المعنى الذي يورده أولئك الكتاب، كقوله تعالى:
{ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ...(10)}[الحديد]، وكقوله تعالى:
{ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ...(95)}[النساء]، وكقوله تعالى:
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ...(16)}[الرعد] ،
والصواب أن يعبر عن ذلك بالعدل؛ لأن الله تعالى يقول:
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ...(90)}[النحل]، ولم يقل: يأمر بالمساواة! لأن في كلمة المساواة إجمالاً ولبساً بخلاف العدل، فإنها كلمة واضحة بينه صريحة في أن المراد أن يعطى كل ذي حق حقه.

إن دلالة العدل تقتضي أن يتولى الرجل ما يناسبه من أعمال، وأن تتولى المرأة ما يناسبها من أعمال، بينما كلمة مساواة: تعني أن يعمل كلٌ من الجنسين في أعمال الآخر!

ومدلول كلمة العدل: أن تعمل المرأة عدداً من الساعات يناسب بدنها وتكوينها الجسمي والنفسي، بينما مقتضى المساواة: أن تعمل المرأة نفس ساعات الرجل، مهما اختلفت طبيعتهما!

وهذا كلّه عين المضادة للفطرة التي فطر الله عليها كلاً من الرجل والمرأة!

ولهذا لما أصرت بعض المجتمعات الغربية على هذه المصادمة للفطرة، وبدأت تساوي المرأة بالرجل في كل شيء ذاقت ويلاتها ونتائجها المرة، حتى صرخ العقلاء منهم -رجالاً ونساء -وكتبَوا الكتب والرسائل التي تحذر مجتمعاتهم من الاستمرار وراء هذه المصادمة، ومن ذلك:

1 -ما قالته دافيسون - زعيمة حركة كل نساء العالم -: "هناك بعض النساء حطمن حياتهن الزوجية عن طريق إصرارهن على المساواة بالرجل، إن الرجل هو السيد المطاع، ويجب على المرأة أن تعيش في بيت الزوجية، وأن تنسى كل أفكارها حول المساواة"(العدوان على المرأة (ص102) فؤاد بن عبد الكريم).

2 -وهذه هيلين أندلين - وهي خبيرة في شؤون الأسرة الأمريكية - تقول: "إن فكرة المساواة- التماثل- بين الرجل والمرأة غير عملية أو منطقية، وإنها ألحقت أضراراً جسمية بالمرأة والأسرة والمجتمع"ا.هـ.(قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية. فؤاد بن عبدالكريم: (ص278).

3 -أما رئيسة الجمعية النسائية الفرنسية - رينيه ماري - فتقول: "إن المطالبة بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة تصل بهما إلى مرحلة الضياع، حيث لا يحصل أحد من الطرفين على حقوقه"ا.هـ (السابق (ص269)، ولو رجعنا إلى لغة الأرقام التي أجريت في بلاد الغرب لطال بنا المقام.

4- وهذه كلمات قالتها امرأة من أشهر دعاة الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة في منطقة الخليج (الكاتبة ليلى العثمان):
"سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يسمى بـ(حرية المرأة)، تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها، على حساب كرامتها، وعلى حساب بيتها وأولادها، سأقول: إنني لن أحمّل نفسي– كما تفعل كثيرات – مشقة رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل، نعم أنا امرأة!
ثم تقول: هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت -الذي هو جنة المرأة -على أنه السجن المؤبد، وأن الأولاد ما هم إلا حبل من مسد يشد على عنقي؟
وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبّل قدمي خشية أن تسبقه خطوتي؟
لا، أنا أنثى وأعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيت، ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملة أخدم خارج البيت نطاق الأسرة، ولكن-ويا رب أشهد-!: بيتي أولاً، ثم بيتي، ثم بيتي، ثم العالم الآخر"(رسائل إلى حواء (3/85)) ،انتهى.

وبعد هذا كله: فماذا يقال عمن سوّى بين الذكر والأنثى، والذي خلقهما يقول: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى

إنك لا تتعجب أن يقع الرد لهذا الحكم القدري من كفار أو ملاحدة، وإنما تستغرب أن يقع هذا من بعض المنتسبين لهذا الدين، والذين يصرحون في مقالاتهم وكتاباتهم بأن هذا الحكم كان في فترة نزول الوحي يوم كانت المرأة جاهلة لم تتعلم! أما اليوم فقد تعلمت المرأة، وحصلت على أعلى الشهادات!
وهذا الكلام خطير جداً،وقد يكون رِدّةً عن الدين؛ لأنه ردٌّ على الله تعالى، فإنه هو الذي قدَّر هذا الحكم، وهو الذي يعلم ما ستؤول إليه المرأة إلى يوم القيامة.

ثم إن التاريخ والواقع يُكذِب هذه المقولة من جهتين:
الأولى:
أن تكوين المرأة النفسي والبدني (الفسيولوجي) لم يتغير منذ خلق الله تعالى،فأمُنا حواء من ضلع أبينا آدم، وإلى أن يرث الله ومن عليها! ولم يربط الله تعالى ذلك بعلمٍ تتعلمه، أو بشهادة تحصل عليها.

والجهة الثانية لبيان خطأ هذه المقولة:
أن هذا الحكم يدخل فيه أمهات المؤمنين -رضوان الله عليهن -، وهن -بلا ريب -أعلم نساء هذه الأمة، وأتقاهن، ومن هي التي تبلغ عشر علمهن؟!
ومع ذلك لم تتعرض واحدة منهن على هذه الأحكام الشرعية التي سمعنها مباشرة من زوجهن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم،بل قابلن ذلك بالانقياد والتسليم، والرضى والقبول، وجرى على هذا الهدي من سار على نهجهن من نساء المؤمنين إلى يومنا هذا.

ولعلي أختم هذه القاعدة بهذه القصة الطريفة-التي سمعتها من أحد الباحثين، وهو يتكلم عن زيف الدعوى التي تطالب بفتح الباب للنساء؛ لكي يمارسن الرياضة كما يمارسها الرجال -يقول هذا الباحث وفقه الله:
إن أحد العدَّائين الغربيين المشهورين تعرّف إلى امرأة تمارس نفس رياض العدو، فرغب أن يتزوجها، وتمّ له ما أراد، لكن لم يمض سوى شهرين على زواجهما حتى انتهى الزواج إلى طلاق! فسئل هذا العدّاء: لماذا طلقتها بهذه السرعة؟! فقال: لقد تزوجت رجلاً ولم أتزوج امرأة!! في إشارة منه إلى القسوة في التمارين -التي تتطلبها رياضة العدو -أفقدتها أنوثتها، فأصبحت في جسم يضاهي أجسام الرجال، وصدق الله العظيم، العليم الخبير: { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى
فهل من مُدَّكر؟

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2016-06-26 الساعة 12:39 PM
رد مع اقتباس