عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 2007-10-14, 07:49 PM
الثوري الثوري غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-24
المكان: أرض الله
المشاركات: 109
افتراضي

د -هل هم معصومون من الصغائر ؟



.... ذهب جميع أهل الإسلام من أهل السنة، والمعتزلة، والنجارية، والخوارج، والشيعة، إلى أنه لا يجوز البتة أن يقع من نبي أصلا معصية بعمد، لا صغيرة ولا كبيرة،وهو قول ابن مجاهد الأشعري شيخ ابن فورك، والباقلاني المذكورين، وهذا القول الذي ندين الله تعالى به، ولا يحل لأحد أن يدين بسواه "([1]).



.... وكيفما كان، فما قاله ابن حزم ومن معه، فهو الصواب الذي يجب اعتقاده من أن الصغائر لا تصدر منهم عمدا، فإذا وقعت منهم، فتكون سهوا، أو خطأ.

....

وقال ابن تيمية: " لم يذكر الله عن نبي من الأنبياء ذنباً إلا ذكر توبته منه، ولهذا كان الناس في عصمة الأنبياء على قولين:إما أن يقولوا بالعصمة من فعلها، وإما أن يقولوا بالعصمة من الإقرار عليها، لا سيما فيما يتعلق بتبليغ الرسالة، فإن الأمة متفقة على أن ذلك معصوم أن يقر فيه على خطأ، لأن ذلك يناقض مقصود الرسالة، ومدلول المعجزة. …والمقصود هنا أن الله لم يذكر في كتابه عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه …



واعلم أن المنحرفين في مسألة العصمة، على طرفي نقيض، كلاهما مخالف لكتاب الله من بعض الوجوه، قومٌ أفرطوا في دعوى امتناع الذنوب، حتى صرفوا نصوص القرآن المخبرة بما وقع منهم من التوبة من الذنوب، ومغفرةِ الله لهم، ورفْعِ درجاتهم بذلك، وقوم أفرطوا في أن ذكروا عنهم ما دل القرآن على براءتهم منه، وأضافوا إليهم ذنوباً وعيوبا نزههم الله عنها، وهؤلاء مخالفون للقرآن، وهؤلاء مخالفون للقرآن، ومن اتبع القرآن على ما هو عليه من غير تحريف، كان من الأمة الوسَط، مهتديا إلى الصراط المستقيم([2]).



وقال:" والكلام في هذا المقام مبني على أصل، وهو أن الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ معصومون فيما يخبرون به عن الله سبحانه وفي تبليغ رسالته باتفاق الأمة، ولهذا وجب الإيمان بكل ماأُوتُوه …



وهذه العصمةُ الثابتة للأنبياء، هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة … والعصمةُ فيما يبلغون عن الله ثابتة، فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين.



ولكن هل يَصْدر ما يستدركه الله، فيَنسخ ما يُلقِي الشيطانُ، ويُـحكِم الله آياته، فهذا فيه قولان، والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك …. وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة، فللناس فيه نزاع، هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع، ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها، أم هل العصمة إنما هي في الإقرار عليها لا في فعلها ؟ أم لا يجب القول إلا في التبليغ فقط …



والقولُ الذي عليه جماهير الناس ـ وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف ـ إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا … وحججُ القائلين بالعصمة إذا حُرِّرت إنما تدل على هذا القول، وحجج النفاة لا تدل على وقوع ذنب أُقر عليه الأنبياء، فإن القائلين بالعصمة، احتجوا بأن التأسي بهم مشروع فيما أُقروا عليه دون مانهوا عنه، ورجعوا عنه …



وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال، أو أنها ممن عظُمت عليه النعمة أقبح، أو أنها توجب التنفير… فهذا إنما يكون مع البقاء على ذلك وعدم الرجوع، وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله، يرفع بها صاحبها إلى أعظمَ مما كان عليه، كما قال بعض السلف: كان داودُ عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة.



وقال آخر: لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إلى الله، لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه … وفي الكتاب والسنة الصحيحة، والكتب التي قبل القرآن مما يوافق هذا القول،ما يتعذر إحصاؤه.

........



--------------------------------------------------------------------------------

([1]) الفصل في الملل والأهواء والنحل /4 / 2 / .

([2]) الفتاوى -15/147/148/150/ وانظر أيضا -51/52/ 53.
__________________


[============================]

لو علمتَ ما فعل أهلُ الحديثِ
لسجدتَ للهِ شكراً أن جعلك من هذه الأمة.

فضيلة الشيخ / أبو إسحق الحويني
[============================]
رد مع اقتباس