عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-06-20, 09:15 PM
ناصر الأسلام ناصر الأسلام غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-12-02
المكان: السعوديه
المشاركات: 407
افتراضي التحذير من البدع لا سيما في شهر رجب

( التحذير من البدع ، ولا سيما في شهر رجب )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري




أما بعد : فيا عباد الله /
مكمن قوة الأمة أن تعتصم بكتاب الله ، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن تمسك بهذين الأصلين نجى واهتدى في دنياه وفي أخراه ، وما خارت قوى الأمة إلا حينما ابتعدت عن هذه المنهجين العظيمين ، ومن أعظم ما جُرح به هذان الأصلان العظيمان [ الابتداع في الدين ] الابتداع في الدين من أخطر ما يكون على دين الأمة ، وفي هذا الشهر [ رجب ] تحدث بدع كثيرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع كلها في أي شهر وفي أي زمان وفي أي مكان يكون ، بل إن المبتدع بلسان حاله كأنه يقول " إن هذا الدين لم يكتمل فأتيت بهذه البدع حتى يكتمل " وهذا مناقض صريح لما قاله الله جل وعلا :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }المائدة3 فالدين قد اكتمل ، قد كمَّله الله سبحانه وتعالى ، وأبو ذر رضي الله عنه قال كما في المسند ( ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائر يطير بجناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ) بل إن النبي صلى الله عليه وسلم وضَّّح ذلك بقوله ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) فكيف تعتاض الأمة بهذه البدع عن هذين الأصلين العظيمين ؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم صادعا بهذه المقولة لما اجتمع الناس في عرفات ، كما في صحيح مسلم ( تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا كتاب الله ) زاد الإمام مالك في الموطأ ( وسنتي ) والنبي صلى الله عليه وسلم قد فصل في الموضوع ، وبين أن كل شيء أُحدث في الدين فهو مردود على صاحبه ، في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) يعني مردود على صاحبه ، بل جاءت رواية عند مسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) وهاتان الروايتان تفيداننا بحكم وهو أن رواية ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) يُرد بها على من قال إني لم أحدث شيئا ، قد يقول إن الرواية الأخرى جاء الوعيد فيها منصبا على من أحدث واختلق من الأصل ، أما أنا فلم أحدث شيئا ، فنقول : الرواية الأخرى تدرجك ضمن هذا الوعيد ، وهي رواية ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) فالبدع ولا شك تنخر في الأمة وفي قواها ، من حيث تدري ومن حيث لا تدري ، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الجمعة – كما في صحيح مسلم –
( إما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهَدِي ) وضبطت ( وخير الهُدَى ، هدى محمد بن عبد الله ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المبتدع بغيض عند الله ، جاء في صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أبغض الناس إلى الله ثلاثة : ملحدٌ في الحرم ، ومبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية ) وهذا موضع الشاهد ( ومطلب دم امرئ مسلم ليهرق دمه ) بل إن المبتدع قد تنغلق عليه أبواب الجنة ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قيل ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ) بل إن المبتدع بعيد عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، منبوذ من طريقته ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( من رغب عن سنتي فليس منا ) وهذا وعيد شديد قد تبرأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم من المبتدع ، بل إن المبتدع تتلقفه الشياطين ، يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما في المسند وسنن النسائي ( خط النبي صلى الله عليه وسلم لنا ذات يوم خطا مستقيما ، فقال هذا صراط الله ، ثم خط خطوطا عن يمين وعن شمال هذا الخط المستقيم ، فقال عليه الصلاة والسلام هذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها ، ثم قرأ { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ }الأنعام153 ) بل إن البدع إذا فشت وانتشرت في الأمة تلاشت واضمحلت بسببها السنن ، ما تنزل بدعة في الأمة إلا ويذهب من السنة نظيرها ، يقول حسان بن عطية كما عند الدارمي ، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن فيه نوع من الضعف ، كما في المسند قوله ( ما ابتدع قوم بدعة إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إلى يوم القيامة )
إذاً البدع والله لا تورث في الدنيا خيرا ، لا في دينها ولا في دنياها ولا في أخراها .




ومن البدع – عباد الله – التي أُحدثت في شهر رجب :
أحدث ما يسمى [ بصلاة الرغائب ] وصلاة الرغائب صلاة مبتدعة ، محدثة ، مختلقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حكم عليها العراقي والنووي وابن تيمية ، وغيرهم كثير من علماء الأمة ، حكموا عليها بأنها موضوعة ، ملفقة ، مختلقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
صورتها ، كما زعم هذا الوضَّاع الأفاك الأثيم :
[ أنه ما من أحدٍ يصوم أول خمس من رجب ، ثم يصلي بالليل ثنتي عشرة ركعة ، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة ، يقرأ في أول ركعة بالفاتحة مرة ، وسورة القدر ثلاث مرات ، وبسورة الإخلاص ثنتي عشرة مرة ، ثم إذا فرغ من اثنتي عشرة ركعة المذكورة ، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس سبعين مرة ، ثم يسجد فيقول في سجوده سبعين مرة سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، ثم يرفع رأسه فيقول بين السجدتين رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ، يقولها سبعين مرة ، ثم يسجد السجدة الثانية فيقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى ، ثم إذا رفع رأسه من السجود يسأل الله تعالى حاجته ، ثم قال هذا الوضاع : من فعل هذا غفرت له ذنوبه ولو كانت كزبد البحر أو عدد الرمل أو أوراق الشجر ، وشفِّع في سبعين من أهله قد استوجبوا النار ]
هذه الصلاة هي صلاة الرغائب المبتدعة التي تُفعل وللأسف في بعض البلدان الإسلامية ، فيجب التنبه لمثل هذه الصلاة المبتدعة .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله كما في الفتاوى : ما حدثت هذه البدعة إلا بعد المائة الرابعة ، يعني بعدما ذهبت القرون المفضلة ، أحدثت بعدهم هذه الصلاة المبتدعة .
قال شيخ رحمه الله : " ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع "
وقال رحمه الله " وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله "


ومن البدع في شهر رجب :
الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب – سبحان الله – لو كان في هذه الاحتفالات خير ، لكن أسبق الناس إليها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، لأنه حَدَثٌ يتعلق به عليه الصلاة والسلام ، بل لو كان فيها خير لسبق إلى ذلك الصحابة الأجلاء الكرام رضي الله عنهم ، فدل على أن هذه من البدع ، بل إن تحديد ليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب ، لم تثبت من حيث التاريخ ، قال شيخ الإسلام رحمه الله كما نقل ذلك تلميذه ابن القيم في زاد المعاد ، قال رحمه الله " ولم يأت دليل صحيح على عينها ولا على شهرها ، بل المنقول في ذلك منقطع ضعيف مختلف فيه ، ولا شرع للمسلمين " يعني على افتراض أنها ثابتة في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ، ولا شك أن الإسراء والمعراج قد وقع وحدث ، هذا لا نشك فيه ، بل من أصول أهل السنة والجماعة ومن المعتقد السليم الذي عليه سلف هذه الأمة أن نؤمن بأن الإسراء والمعراج قد وقع ، كما نص على ذلك أئمة السلف مثل شيخ الإسلام والطحاوي وابن قدامة ، وغيرهم كثير ، لكن تحديد ليلة الإسراء والمعراج في هذه الليلة لم يثبت عليه دليل ، يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " ولا شرع للمسلمين تخصيص تلك الليلة التي يُظن أن الإسراء والمعراج قد وقع فيها ، لم يشرع للأمة تخصيص تلك الليلة لا بقيام ولا غيره "
ومن البدع في شهر رجب :
( العمرة الرجبية ) يعتقدون أن أداء العمرة في شهر رجب له مزية كبيرة ، نحن نقول : السنة كلها محل للعمرة ، ولكن كون الإنسان يخصص شهر رجب للاعتمار لمزيته ، هذا لم يرد ، بل هذا من الابتداع ، قد يفعل المسلم العمرة في هذا الشهر ولا يتسنى للإنسان ، ولا سيما في مثل هذه الإجازة ، لا يتسنى له أن يعتمر إلا في هذا الشهر ، فلا بأس بذلك أن يعتمر في شهر رجب ، لكن الضلال أن يعتمر في شهر رجب ظانا أن شهر رجب يتميز بعمرة ، فالشرع إنما ندب إلى الاعتمار في شهر رمضان وفي أشهر الحج ، أما ما عدا ذلك فلا يجوز للمسلم أن يخصص شهر رجب بعمرة ، لكن لو أداها اتفاقا لا قصدا ، فلا بأس بذلك ، ولذلك لو كان الاعتمار في شهر رجب له مزية لحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لفعله ، ولذلك ثبت في الصحيحين ( أن عائشة رضي الله عنها قالت : ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ذي القعدة ) وهناك حديث قد يعارض به هذا الحديث ، يقول مجاهد كما عند البخاري ( دخلت أنا وعروة بن الزبير على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو في المسجد ، فسألناه كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال ابن عمر رضي الله عنهما أربعا ، إحداهن في رجب ، يقول مجاهد وعروة فكرهنا أن نرد عليه لمقامه ) يعني أنهم لم يعرفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في شهر رجب ، ولكن لمقامه ولقربه من النبي صلى الله عليه وسلم صحبة ، يقول ( كرهنا أن نرد عليه ، فأتوا إلى عائشة رضي الله عنها وهم يستمعون استنانها ) يعني استياكها بالسواك ( فسألناها وقلنا لها ما قال ابن عمر رضي الله عنهما ، قالت عائشة رضي الله عنهم يرحم الله أبا عبد الرحمن ) وهي كنية ابن عمر ( قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ) يقول النووي رحمه الله " نسبة إلى أنه قد نسي ووهم ( قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ، ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا وهو شاهده ، وما اعتمر في شهر رجب ) تقول إن ابن عمر رضي الله عنهما ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم في أي عمرة من عمره ، لكن ابن عمر قد وهم ونسي ، وهذه سنة الله في البشر ، قد ينسى الشخص القريب من النبي صلى الله عليه وسلم بعض السنن ، ولذلك قال عروة كما في صحيح مسلم قال ( فسمعها ابن عمر رضي الله عنهما وهي تقول هذا القول فلم يجب لا بنعم ولا بلا ) يقول النووي رحمه الله " يدل على أن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قد وهم وأنه رجع إلى قولها " و لو لم يرجع إلى قولها لأنكر عليها وأثبت ذلك ، إذاً تخصيص شهر رجب بعمرة لا يجوز ، ولكن الإنسان قد يتحرج من إيقاع العمرة في شهر رجب ، أقول أوقع العمرة في شهر رجب إذا تسنى لك ، لكن لا توقعها بناء على أن لها مزية وفضلا .
ومن البدع في شهر رجب :
وهذا ما سئلت عنه ، وقد انتشر في الإيميلات وفي الإنترنت وعبر الرسائل ( أن بعض المبتدعة يحث الناس على أن يذبح لله في شهر رجب ذبيحة ) وهذا ما يسمى ( بالعتيرة ) والعتيرة : هي الذبيحة التي تذبح في شهر رجب تمييزا لهذا الشهر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( لا فَرَع ولا عتيرة ) والفرع : كانوا في الجاهلية إذا ولدت الناقة أول مولود لها ، ذبحوه للأصنام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا فرع ) ولا عتيرة : يعني لا ذبيحة في شهر رجب ، بل ما ورد من أحاديث تدل على فضل العتيرة جاء مطلقا ، إن جاءت هذه الأحاديث صحيحة فالمقصود منها أن يذبح الإنسان لله عز وجل في أي شهر دون أن يخصص شهر رجب بذبيحة ، ولذلك في المسند وسنن أبي داود وابن ماجة من حديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : فقالوا يا رسول الله إنا كنا نعتر في الجاهلية ) يعني نذبح في الجاهلية في شهر رجب ( فما تأمرنا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم اذبحوا لله في أي شهر ما كان وبروا وأطعموا ) يقول الألباني رحمه الله كما في إرواء الغليل يقول " هذا يدل على أن رجب لا يخصص بذبيحة ، بل إن الإنسان مأمور أن يتقرب إلى الله عز وجل بالذبح في أي شهر دون تحديد لا لرجب ولا لغيره "
ففهم المقصود إذاً ، من أراد أن يذبح لله عز وجل تقربا إليه دون أن يحدد شهرا ، فهذا لا بأس به ، أما كونه يحدد ذبيحة يذبحها في شهر رجب ظانا منه أن شهر رجب يمتاز بهذه الذبيحة ، فهذا من البدع .
ولتعلموا – عباد الله – أن البدع تجذب غيرها وتأتي بغيرها ، شهر رجب قريب منه شهر شعبان ، فوردت أحاديث في فضل ليلة النصف من شهر شعبان ، وهذه أحاديث ضعيفة ، ولهذا خصص المبتدعة في ليلة النصف من شعبان خصصوها باحتفالات وبصلاة وبصيام وبعبادات ، ولذلك يقول ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى يقول : "
إن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل قال رحمه الله " لو كان شيء من الليالي يعظم ويحتفى به ، لكانت ليلة الجمعة أولى ، ومع ذلك ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال كما في صحيح مسلم ( لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين سائر الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام ) " انتهى كلامه رحمه الله .
والنبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن كل احتفال لم يأت به الشرع فإنه مذموم ، يقول أنس رضي الله عنه كما في سنن أبي داود ( قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وللأنصار يومان يلعبون فيهما ، فقال عليه الصلاة والسلام إن الله قد أبدلكما بخير منهما ، عيد الفطر وعيد الأضحى ) فدل على أن ما سوى هذين العيدين لا خير فيه ، بل هو شر محض ، إذاً ليس في الإسلام إلا عيدان ، عيد الفطر وعيد الأضحى ، وهناك عيد في الأسبوع وهو يوم الجمعة ، كما جاءت بذلك الأحاديث ، ولكن يوم الجمعة لا يخصص بخصائص من تلقاء أنفسنا ، إنما بخصائص جاء بها الشرع ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يطهر كافة المجتمعات الإسلامية من البدع والضلالات والخرافات .

__________________

رد مع اقتباس