عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2010-12-15, 03:13 PM
أم معاوية أم معاوية غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-11-21
المكان: في ارض الإسلام والسلام
المشاركات: 2,000
افتراضي

[LIST][*]
أقسام القلوب:
[/LIST]
<A class=fouaid name=fouaid4328>يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة، كما صح عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: [القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي، وقلب تمده مادتان: مادة إيمان ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما ]"، فالأول قلب مضيء، يمشي صاحبه على نور من الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [الأنعام:122] وقال أيضاً: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22] وهذا القلب مثل نُورِ الإيمان الذي يقذفه الله سبحانه وتعالى فيه: كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ [النور:35].


والثاني: قلب أغلف، وهو قلب الكافر، ومعنى أغلف: مختوم عليه ومطبوع عليه، فلا ينفذ إليه حق.

والثالث: قلب منكوس، وهو قلب المنافق، والفرق بين الأغلف والمنكوس: أن القلب الأغلف مختوم مقفل لا ينفذ إليه شيء، والمنكوس يمكن النفاذ إليه في الأصل، لكن لما انتكس صار غير قابل لبقاء الخير فيه، ولو بقي مستقيماً لامتلأ، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3] فالمنافقون آمنوا ثم انتكسوا، فقلب المنافق ليس مختوماً عليه من أصل الخلقة ولا مغلقاً لا يدخل فيه شيء؛ لكن لما انتكس صاحبه أصبح لا يقبل الحق وإن سمعه، فصار لا يمكن أن يمتلئ لانتكاسه، أما قلب الكافر فهو مختوم عليه كالحجر القاسي، لا ينفذ إليه شيء، وعليه فالقاسي يحتاج إلى أن يلين، والمنكوس يحتاج إلي أن يُقوَّم حتى يستقيم ويعود إلى حالته الطبيعية.

والرابع: قلب تمده مادتان: مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما؛ وذلك لوقوع صاحبه في المعاصي، فلا تجعل قلبك متردداً بين طاعة الله ورسوله، وبين طاعة الشيطان والهوى، فما يدريك لعل الحالة الأخرى هي التي يختم لك بها؟!

فهذا القلب تمده مادتان، ومثال ذلك: من يسمع القرآن ويصلي، ثم يخرج فيسمع الأغاني وينظر إلى النساء، فتختلط هذه المادة بتلك المادة، ولا يدري ما الذي يغلب في الأخير؛ لأن ضعف مادة الخير الذي ينتج من عدم خلوصها وصفائها قد يستدعي أن تغلبها المادة الأخرى، فتكون الخاتمة لها، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: {إنما الأعمال بالخواتيم } فعلى العبد المؤمن أن يحذر غاية الحذر من الخلط بين الخير والشر، ومن هنا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يخافون سوء الخاتمة، حتى قال حنظلة :{نافق حنظلة لأنه كان يظن أن ضعف الإيمان من النفاق! فكيف لو عاد هذا الضعف على الأصل بالإبطال؟! لذا خاف حنظلة رضي الله تعالى عنه منه، وهكذا كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم، حتى قال أبو ذر رضي الله عنه: [والله لوددت أنى شجرة تعضد ثم تؤكل ]، وقال أبو بكر أيضاً: [لو أن إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها، ما أمنت حتى أضع الأخرى ]، وقال ابن أبي مليكة : [أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق ] فهؤلاء الذين كانت قلوبهم بيضاء تزهر، متألقة بالنور، يخشون من المادة الخبيثة أن تدخل ولو قليلاً، فتفسد هذا الصفاء وهذا النور.

تقدم المائدة الطيبة مما أحل الله لأحدهم، فيبكي ويقول: [أخشى أن تكون طيباتنا عجلت لنا في هذه الحياة الدنيا ] سبحان الله! لقد بلغ به الأمر أنه يخاف من الدنيا أن تفسد عليه علمه وعمله وجهاده وهجرته مع الرسول صلى الله عليه وسلم!

ففرق عظيم بينه وبين المنافق: [المنافق يرى الذنب كذباب وقع على أنفه ثم طار ]، وإذا سئل عن إيمانه قال: الحمد لله! نحن مؤمنون! ومن هذا الذي يشك في إيماننا؟! ومن هذا الذي يطعن في ديننا؟! فهو مريض لا يشعر بمرضه، ولا يبحث له عن العلاج، فكيف يشفى إذاً؟!

لكن المؤمن الصادق يرى ذنبه كالجبل فوق رأسه يكاد أن يقع عليه، ولهذا يسلم من ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى.

قال: "وهو لما غلب عليه منهما" فإن غلبت على القلب مادة الخير تحول إلى قلب أجرد، وإن غلبت عليه المادة الأخرى انتكس وطبع عليه.

يقول المصنف رحمه الله: [وأردأ الشبه ما كان من أمر القدر] وذلك لدقته وخفائه وغموضه على كثير من الناس؛ فإن أكثر الخلق قد ضلوا في باب القدر، وقد ضل في باب القدر علماء عباد؛ بل وضل فيه جهابذة؛ لأنهم لم يتمسكوا بالدليل، أو ضعف حظهم من النظر في الأدلة الشرعية، مع غموض الموضوع ودقته، فلم يُسلِّموا ولم يتعلموا، وإذا خاضوا فيه لم يخوضوا بالحق، بل عرفوا بعض الحق ولم يعرفوا الحق كلـه، فتاهوا وضلوا.

رد مع اقتباس