عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 2013-02-12, 01:50 AM
أبو سفيان الأثري أبو سفيان الأثري غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-01-04
المشاركات: 100
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
رغم أن الموضوع لأخونا الأسيف وهو الأولى بالرد، إلا أني سأحاورك فيما اختلفتما فيه.
لا بأس، ولعل مانع الأسيف خير بإذن الله.

لكن قبل البدء أحب أذكر بكلام ماتع للشاطبي في الإعتصام (1/311-312) إذ يقول:
"ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد، وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها ببعض؛ فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها، وعامها المرتب على خاصها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر ببينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها......... إلى أن قال...... فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة متحدة.
وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليل ما ـ أي دليل كان ـ عفوا وأخذا أوليا، وإن كان ثم ما يعارضه من كلي أو جزئي، فكأن العضو الواحد لا يعطى في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا، فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ، كما شهد الله به، {ومن أصدق من الله حديثا} [النساء: 87]؟."

ثم قال:
"من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها أو في العمومات من غير تأمل؛ هل لها مخصصات أم لا؟ وكذلك العكس؛ بأن يكون النص مقيدا فيطلق، أو خاصا فيعم بالرأي من غير دليل سواه:
فإن هذا المسلك رمي في عماية، واتباع للهوى في الدليل، وذلك أن المطلق المنصوص على تقييده مشتبه إذا لم يقيد، فإذا قيد؛ صار واضحا، كما أن إطلاق المقيد رأي في ذلك المقيد معارض للنص من غير دليل."


وللأسف هذا حال أكثرنا الأن - إلا ما رحم الله - يعتقد في مسأله ما اما تقليدًا لشيخ او اتباعًا لمذهب واتباعًا للهوى ثم بعد أن يعتقد يبحث في الأدله المؤيده لما ذهب إليه وإن علت همته نظر في أقوال أهل العلم المؤيده لمذهبه؛ وإن نظر في الأدله المعارضه فلكيفيه ردها، ويظن بذلك أنه أصل المسأله واتبع الدليل!

وهذا عام فلا اتهم أحد بعينه.

أما تفصيل الرد على ما جئت به.....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
أنا لم أقف على هكذا نص، فهلا ذكرت لنا أين أجده؟
النص الذي أعرفه ((ما صلوا)) أما ((ما حكموا فيكم بكتاب الله)) فلم أقف عليه، فهلا دللتنا عليه..
النص مشهورٌ جدًا وهو عمده أدله القائلين بوجوب الخروج على من نحى شريعه الله وحكم القوانين الوضعيه - بغض النظر هل هذا كفر أم لا - ومن بحث المسأله بتجرد حتمًا سيقف عليه!

وقد يكون الخطأ مني فالنص ورد بألفاظ مختلفه ليس منها "ما حكموا" هذا وهم مني، فرواه عند مسلم (1838) من حديث يحيى بن حصين، قال: سمعت جدتي، تحدث، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع، وهو يقول: «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا»

وجاء مفصلا برقم (1298) وحدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن حصين، عن جدته أم الحصين، قال: سمعتها تقول: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة، وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا، ثم سمعته يقول: «إن أمر عليكم عبد مجدع - حسبتها قالت - أسود، يقودكم بكتاب الله تعالى، فاسمعوا له وأطيعوا»

وعند أحمد حديث رقم (166646) حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال: حدثنا يحيى بن حصين بن عروة، قال: حدثتني جدتي قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله عز وجل فاسمعوا له وأطيعوا"

ورواه أحمد بلفظ أخر، قال حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن يحيى بن الحصين، عن أمه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع يقول "يا أيها الناس، اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا، وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل"

وفي مسند ابن راهويه (2391) قال أخبرنا وكيع، نا شعبة، عن يحيى بن الحصين، عن جدته أم الحصين قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفة وهو يقول: "إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام لكم دين الله"
ورواه أيضًا بلفظ "ما أقام لكم كتاب الله" (2397)

وعند ابن ماجه (2861) بلفظ "ما قادكم بكتاب الله"

وفي مستخرج أبي عوانه (7097) بلفظ "يأخذكم بكتاب الله"



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
أخطأت كثيراً في هذه، وقبل التعليق على الخطأ موضع البحث، دعني أعلق على قولك ((الإمام علي)) فلماذا لم تقل أيضاً الإمام معاوية والإمام عمرو رضي الله عنهم أجمعين؟ بمعنى لماذا خصصت الإمامة في علي ولم تذكرها في غيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟
أما هذا فعجيب؟!

هل تتهمني في شيء؟!

الأصل ألا أجاوبك في مثل هذا فواضح لكل ذي بصيره لماذا قلت الإمام علي وقلت معاويه وعمرو بن العاص وترضيت على الجميع!

فعلي رضي الله عنه كان هو الإمام في ذلك الوقت خليفه المسلمين، أما معاويه وعمرو بن العاص رضوان الله عليهما لم يكونا كذلك؛ فالصواب حين نذكر واقعه تاريخيه في ذلك الوقت حدثت بين الإمام وأحد رعاياه أن نقول الإمام علي أو أمير المؤمنين أو غيره من الألفاظ التي تدل على إمره المسلمين، ارجو أن يكون اتضح الأمر.



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
نأتي الآن إلى ما ذكرته عن الصحابة:
1- معاوية وعمرو لم يخرجا على علي لسببين، الأول أنهما لم يدخلا في البيعة حتى يخرجا منها، والثاني وهو الأهم أنهما ما قاتلوا أمير المؤمنين إلا حينما قاتلهم، ولعلك لم تطلع جيداً على التاريخ، لذلك دعني أسرد عليك تسلسل الأحداث، فبعد أن قتل الأشقياء أصحاب الفتنة أمير المؤمنين عثمان ، وأجبروا الناس على بيعة علي ، وصار معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ولياً للقتيل، أراد أن يمكن من القتلة ليقتص منهم أو يعفو عنهم، لكن علياً طلب البيعة قبل القصاص، فرفض أهل الشام وعلى رأسهم معاوية ذلك، فقال علي بأنهم سيقاتلهم على البيعة، فوافق أهل الشام على القتال، وعليه فالذي فتح باب القتال هو علي ، فكيف تقول بعد هذا أن معاوية وعمرو هم الذي خرجوا على علي ؟
محاولت لتغير الحقائق وتسميه الأشياء بغير مسمياتها لا تفيد شيء!
الأن هل علي رضوان الله عليه كان الامام وولي الأمر أم لا؟
لا ينكر ذلك أحد.

هل معاويه وعمرو بن العاص والنعمان بن بشير ومن معهم من الصحابه والتابعين من أهل الشام رضي الله عنهم جميعًا شهروا سيوفهم في وجه الأمام أم لا؟
هذه ايضًا لا ينكرها أحد.

سميتوه خروج أو لم تسمه فالمسميات لا تغير من الحقائق شيء.
هم نعم خرجوا مجتهدين ومغفور لهم بإذن الله بل ولهم أجر الإجتهاد وإن أخطئوا، لكنهم خرجوا على الإمام ولم يكونوا يروا أنه كفر إنما خرجوا عليه لمطالبتهم بحق من حقوقهم.

أما عن تعليلك ذلك بأنهم لم يبايعوه، إذن فيمكن لنا الأن الخروج على أي حاكم مسلم بحجه أننا لم نبابع أحد منهم! بل لا يوجد الأن حاكم واحد انعقدت له بيعه بشروطها! فيمكننا أن نقول نحن لم ندخل في البيعه إذن يحل لنا الخروج عليهم!

فهذا الفهم لا يستقيم.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
2- الحسين بن علي رضي الله عنهما لم يخرج على يزيد رحمه الله، فهو أيضاً لم يدخل في البيعة حتى يخرج منها هذا أولاً، وثانياً فإن الحسين جاءته كتب من أهل العراق تبايعه وتطلب منه العون وكيف لابن رسول الله أن يتأخر على طلب العون!! ومع ذلك فقد خطأه كل الصحابة، فهل نأخذ باجتهاد الواحد، ونترك الإجماع؟!!!
ثم إن الحسين لم يكن يرى يزيد ظالماً وفاسقاً، بدليل أنه حينما وصل كربلاء وعلم بما قام به القوم من نكث الوعود والبيعة التي منحوها له، خير عبيد الله بن زياد بين ثلاثة، إما أن يعود من حيث أتى أو أن يلتحق بالثغور أو أن يذهب إلى يزيد ليبايعه، فلو كان يزيد رحمه الله ظالماً فاسقاً كما تقول لما رغب الحسين بإعطائه البيعة، خاصة وأن امتناع الواحد والإثنين عن البيعة لا يؤثر في شرعية البيعة، ناهيك عن أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا ليعطوا الشرعية لظالم أو فاسق.
وهذه أعجب من التي قبلها!
فكل كتب التاريخ بلا استثناء ذكرت أن الحسين خرج لمقاتله يزيد وخلعه ويكفي ما بوبه ابن كثير في البدايه والنهايه (11/473) "قصة الحسين بن علي رضي الله عنهما وسبب خروجه بأهله في طلب الإمارة وكيفية مقتله"


وما قاله ابن حجر في الفتح (12/286) تعقيبًا على الغزالي:
"وقال الغزالي في الوسيط تبعا لغيره في حكم الخوارج وجهان أحدهما أنه كحكم أهل الردة والثاني أنه كحكم أهل البغي ورجح الرافعي الأول وليس الذي قاله مطردا في كل خارجي فإنهم على قسمين أحدهما من تقدم ذكره والثاني من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده وهم على قسمين أيضا، قسم خرجوا غضبًا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية ، فهؤلاء هم أهل حق ، ومنهم الحسين بن علي وأهل المدينة في الحرِّة والقراء الذين خرجوا على الحجاج

فلا مجال لتعسفك هذا ومحاوله قلب الحقائق التاريخيه وتسميتها بغير مسمياتها؛ فقط كي لا تخرق اجماعك المزعوم!

ثم تقول فقد خطأه كل الصحابه!!!

فمن هم كل الصحابه؟!!! ثلاثه جعلتهم كل الصحابه؟!!

ثم إن قرأنا نصيحه عبد الله بن عباس للحسين رضي الله عنه - إن ثبتت - كما نقلها ابن كثير (البدايه والنهايه 5/383) نجد أنه قال:
"يا بن عم إني أتصبر وَلا أصبر، إني أتخوف عَلَيْك فِي هَذَا الوجه الهلاك والاستئصال، إن أهل العراق قوم غدر، فلا تقربنهم، أقم بهذا البلد فإنك سيد أهل الحجاز، فإن كَانَ أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إِلَيْهِم فلينفوا عدوهم، ثُمَّ أقدم عَلَيْهِم، فإن أبيت الا انه تخرج فسر إِلَى اليمن إن بِهَا حصونا وشعابا، وَهِيَ أرض عريضة طويلة، ولأبيك بِهَا شيعة، وأنت عن الناس فِي عزلة، فتكتب إِلَى النَّاسِ وترسل، وتبث دعاتك، فإني أرجو أن يأتيك عِنْدَ ذَلِكَ الَّذِي تحب فِي عافية، [فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْن: يا بن عم، إني وَاللَّهِ لأعلم أنك ناصح مشفق، ولكني قَدْ أزمعت وأجمعت عَلَى المسير،] فَقَالَ لَهُ ابن عَبَّاس: فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك، فو الله إني لخائف أن تقتل كما قتل عُثْمَان ونساؤه وولده ينظرون إِلَيْهِ"

فم يقل له لا يجوز لك الخروج على يزيد لأنه ولي امر مسلم وإن فسق ولم يحتج عليه بأحاديث هم أولى بفهما منا!
فإن كان لا يجوز الخروج على ولي الأمر المسلم إن فسق وفجر لاستدل ابن عباس وهو حبر الأمه وابن عم النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأحاديث وحاجج بها الحسين رضي الله عنه، لكن لم نجد من نصيحه ابن عباس إلا أنه يعلم أن اهل العراق اهل غدر وخاف على الحسين أن يقتل لذا أرشده أن يذهب لليمن ويجمع أهلها!



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
3- وأما ابن الزير رضي الله عنهما فهو لم يخرج أيضاً على عبد الملك، فهو أيضاً لم يبايعه ليخرج من بيعته، بل إن كثيراً من الناس من بايع عبد الله كما بايع كثير من الناس عبد الملك رحمه الله، فعلى أي أساس جعلت بيعة الناس لعبد الملك تعطي الشرعية لحكمه وبيعة البقية من الناس لا تعطي الشرعية لحكم ابن الزبير رضي الله عنهما؟ بمعنى لماذا جعلت القتال الذي حصل خروجاً من عبد الله ولم تجعله خروجاً من عبد الملك رحمه الله؟
لأن خروج عبد الله بن الزبير رضي الله عنه بدأ من وقعه الحره وبعد الهزيمه انجمع المنهزمون مع ابن الزبير وحدثت موقعه اخرى مع جيش يزيد مما ادى إلى احتراق الكعبه، وقبل انتهاء المعركه توفى يزيد مما أدى إلى توقف المعركه، فخروج عبد الله بن الزبير مشهور ولن تجد ذكر له إلا بمسمى خروج ابن الزبير وهو محل اتفاق أهل العلم وكما قال الإمام احمد رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن عياش قال كان العلماء يحدثون أنه لم تخرج خارجة خير من أصحاب الجماجم والحرة" (العلل لاحمد رواية ابنه عبد الله 3/168)

وكما نقلت لك قول ابن حجر: قسم خرجوا غضبًا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية ، فهؤلاء هم أهل حق ، ومنهم الحسين بن علي وأهل المدينة في الحرِّة والقراء الذين خرجوا على الحجاج

فكما قلت لك محاولتك قلب الحقائق بتسميتها بغير تسميتها لن تجدي نفعًا!

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
أما سعيد بن جبير فلم يخرج على الحجاج بدليل قصته معه وأنه كان يبحث عن أي عذر لقتله، وأما الشعبي فقد تراجع عن موقفه واعتذر للحجاج، والموقف الأخير أولى من الأول.
امرك عجيب!

تنكر ما اتفق عليه كل أهل السير وكأنك كنت معهم!

سبحان الله!

لنرى الذين ذكرهم خليفه بن الخياط فيمن خرجوا لخلع مروان بن الحكم مع ابن الأشعث في الموقعه المشهوره بموقعه الجماجم، وقد ذكر أن خمسائه من مشاهير العلماء خرجوا معه سأكتفي بذكر بعضهم:

مسلم بن يسار المزني والنضر بن أنس بن مالك وأبو الجوزاء ومالك بن دينار وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن شداد بن الهاد وقتيبه بن مسلم وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وعطاء ابن السائب وأبو البختري الطائي. (راجع أحداث سنه 82 من تاريخ خليفه بن خياط)

وقال الطبري في (تاريخ الرسل والملوك 6/347):
واجتمع أهل الكوفة وأهل البصرة وأهل الثغور والمسالح بدير الجماجم والقراء من أهل المصرين، فاجتمعوا جميعا على حرب الحجاج، وجمعهم عليه بغضهم والكراهية له، وهم إذ ذاك مائة ألف مقاتل ممن يأخذ العطاء، ومعهم مثلهم من مواليهم.

قلت: وكان من بينهم ساده التابعين وعلمائهم - كما قال ابن كثير - وقد ذكر الطبري أيضا سعيد بين جبير ممن خرجوا في هذا اليوم (انظر تاريخ الطبري 6/350)

وذكر ابن كثير ان خروجهم كان لخلع عبد المللك بن مروان الخليفه في ذاك الوقت، وهذا مختصر الوقعه من البدايه والنهايه:
إن الحجاج ركب فيمن معه من الجيوش الشامية من البصرة في البر، حتى مر بين القادسية والعذيب، وبعث إليه ابن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خيل عظيمة من المصرين، فمنعوا الحجاج من نزول القادسية، فسار الحجاج حتى نزل دير قرة، وجاء ابن الأشعث بمن معه من الجيوش البصرية والكوفية حتى نزل دير الجماجم، ومعه جنود كثيرة، وفيهم القراء من المصرين، وخلق من الصالحين.

وكان الناس يبرز بعضهم لبعض في كل يوم فيقتتلون قتالا شديدا في كل يوم، حتى أصيب من رءوس الناس خلق من قريش وغيرهم، واستمر هذا الحال مدة طويلة، واجتمع الأمراء من أهل المشورة عند عبد الملك بن مروان، فقالوا له: إن كان أهل العراق يرضيهم منك أن تعزل عنهم الحجاج فهو أيسر من قتالهم وسفك دمائهم، فاستحضر عبد الملك عند ذلك أخاه محمد بن مروان، وابنه عبد الله بن عبد الملك بن مروان، ومعهما جنود كثيرة جدا، وكتب معهما كتابا إلى أهل العراق يقول لهم: إن كان يرضيكم مني عزل الحجاج عنكم عزلته، وأبقيت عليكم أعطياتكم مثل أهل الشام، وليختر ابن الأشعث أي بلد شاء يكون عليه أميرا ما عاش وعشت، وتكون إمرة العراق لمحمد بن مروان. وقال في عهده هذا: فإن لم يجب أهل العراق إلى ذلك فالحجاج على ما هو عليه، وإليه إمرة الحرب، ومحمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك في طاعته وتحت أمره، لا يخرجون عن رأيه في الحرب وغيره.

فعرضوا على أهل العراق فقالوا: لا والله لا نقبل ذلك; نحن أكثر عددا وعددا، وهم في ضيق من الحال، وقد حكمنا عليهم وذلوا لنا، والله لا نجيب إلى ذلك أبدا. ثم جددوا خلع عبد الملك بن مروان ثانية، واتفقوا على ذلك كلهم.

فعند ذلك برز كل من الفريقين للقتال والحرب، فجعل الحجاج على ميمنته عبد الرحمن بن سليمان الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي، وعلى الخيل سفيان بن الأبرد، وعلى الرجالة عبد الرحمن بن حبيب الحكمي، وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجاج بن حارثة الخثعمي، وعلى الميسرة الأبرد بن قرة التميمي، وعلى الخيالة عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة، وعلى الرجالة محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعلى القراء جبلة بن زحر بن قيس الجعفي، وكان في القراء سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكميل بن زياد - وكان شجاعا فاتكا على كبر سنه - وأبو البختري الطائي وغيرهم.

وروى ابن ابي شيبه أن الحسن البصري كان وغيره من الفقهاء الأعلام كانوا يأمرون الناس بقتال الحجاج، قال في (المصنف 11/147) حدثنا معاذ بن معاذ عن أبي معدان عن مالك بن دينار قال: شهدت الحسن ومالك بن دينار ومسلم بن يسار وسعدا "يأمرون بقتال الحجاج مع ابن الأشعث" , فقال الحسن: "إن للحجاج عقوبة جاءت من السماء فليستقبل عقوبة الله بالسيف"

وقال (11/143) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال: كان يمر عليه الغلام أو الجارية ممن يخرجه الحجاج إلى السواد فيقول: من ربك؟ فيقول: الله , فيقول: من نبيك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فيقول: والله الذي لا إله إلا هو , "لا أجد أحدا يقاتل الحجاج إلا قاتلت معه الحجاج"

هذا غير خروج زيد بن علي زين العابدين على الخليفه هشام بن عبد الملك، كذلك خروج أحمد بن نصر الخزاعي وكان من كبار أهل العلم العاملين كما قال عنه ابن كثير وكان أحمد بن نصر هذا من أهل العلم والديانة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، ومن أئمة المسلمين وأهل السنة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان ممن يدعو إلى القول بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق.

وفي موضع اخر: وقد كان أحمد بن نصر هذا - رحمه الله - من أكابر العلماء العاملين وممن كان قائما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمع الحديث من حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وكانت عنده مصنفاته كلها، وسمع من الإمام مالك بن أنس أحاديث جيدة، ولم يحدث بكثير من حديثه.
وحدث عنه أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأخوه يعقوب بن إبراهيم، ويحيى بن معين، وذكره يوما فترحم عليه، وقال: قد ختم الله له بالشهادة، وقد كان لا يحدث ; يقول: لست أهل ذاك. وأحسن يحيى بن معين الثناء عليه.
وذكره الإمام أحمد بن حنبل يوما فقال: رحمه الله، ما كان أسخاه لقد جاد بنفسه لله، عز وجل.
وقال جعفر بن محمد الصائغ: بصر عيناي وإلا فعميتا، وسمعت أذناي وإلا فصمتا أحمد بن نصر الخزاعي حيث ضربت عنقه، يقول رأسه: لا إله إلا الله.

وقصته كما ذكرها ابن جرير انه جمع الناس واخذ منهم البيعه للخروج على الواثق لبدعته وبايع له جمع خفير، لكن افتضح امره فقتله الواثق وصلبه.


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
بل إن المغالطة الفجة حقاً هو أن نتتبع زلات علماء خالفوا فيها نصاً محكماً وعاشوا في أزمنة متباعدة، ثم نأخذ هذه الزلات ونعتبرها خرقاً للإجماع، ولو لم تكن تلك مغالطة لقلنا أن لا إجماع في زواج المتعة، ومن قال بزواج المتعة -وهو ابن عباس رضي الله عنهما الذي لم يصله خبر التحريم- أفضل من كل التابعين الذين ذكرتهم مجتمعين..
عن اجماع تتحدث عنه فالصحابه خرجوا وشهروا سيوفهم في أوجه الطغاه كما فعل الحسين وابن الزبير ومن معهما رضوان الله عليهم، كذلك فقهاء التابعين وسادتهم خرجوا وكانوا يحثون العامه على الخروج كما في موقعه الجماجم التي وصفها ابن حجر ومن قبله الإمام احمد انها كانت خير خارجه كذلك من جاء بعد التابعين لا يزالون يخرجون على الضغاه إن فشى ظلمهم وظهر بغيهم!

فمن الذي أجمع؟!!

يقول الإمام ابن حزم رحمه الله:
"وَرَأَيْت لبَعض من ينْسب نَفسه للامامة وَالْكَلَام فِي الدَّين وَنصب لذَلِك طوائفه من الْمُسلمين فصولا ذكر فِيهَا الإجماع فأتى بِكَلَام لَو سكت عَنهُ لَكَانَ أسلم لَهُ فِي أخراه بل الخرس كَانَ اسْلَمْ لَهُ وَهُوَ ابْن مُجَاهِد البصرى الطَّائِي لَا الْمُقْرِئ فانه أَتَى فِيمَا ادّعى فِيهِ الإجماع أَنهم أَجمعُوا على ان لَا يخرج على أَئِمَّة الْجور فاستعظمت ذَلِك لعمري انه لعظيم ان يكون قد علم ان مخالف الإجماع كافر فيلقي هذا إلى الناس وقد علم أن افاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة خرجوا على يزيد بن معاوية وأن ابن الزبير ومن اتبعه من خيارالمسلمين خرجوا عليه أيضا رضي الله عن الخارجين عليه ولعن قتلتهم وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم أترى هؤلاء كفروا بل والله من كفرهم أحق بالكفر منهم ولعمري لو كان اختلافا يخفى لعذرناه ولكنه أمر مشهور يعرفه أكثر العوام في الأسواق والمخدرات في خدورهن لاشتهاره فلقد يحق على المرء أن يخطم كلامه وأن يزمه الا بعد تحقيق وميز وأن يعلم أن الله تعالى بالمرصاد وأن كلامه محسوب مكتوب مسئول عنه يوم القيامة وعن كل تابع له إلى آخر من اتبعه عليه وزره". (مراتب الاجماع ص 178)

وذكر في (الفصل في الملل والنحل 4/132) قوما ممن رأوا الخروج بالسيف من الصحابه والتابعين وأتباعهم فقال رحمه الله:اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منهم لقول الله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} ثم اختلفوا في كيفيته فذهب بعض أهل السنة من القدماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم وهو قول أحمد بن حنبل وغيره وهو قول سعد بن أبي وقاص وأسامة ابن زيد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وغيرهم إلى أن الغرض من ذلك إنما هو بالقلب فقط ولا بدأ وباللسان إن قدر على ذلك ولا يكون باليد ولا بسل السيوف ووضع السلاح أصلا وهو قول ابي بكر ابن كيسان الأصم وبه قالت الروافض كلهم ولو قتلوا كلهم إلا أنها لم تر ذلك إلا ما لم يخرج الناطق فإذا خرج وجب سل السيوف حينئذ معه وإلا فلا واقتدى أهل السنة في هذا بعثمان رضي الله عنه وممن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم وبمن رأى القعود منهم إلا أن جميع القائلين بهذه المقالة من أهل السنة إنما رأوا ذلك ما لم يكن عدلا فإن كان عدلا وقام عليه فاسق وجب عندهم بلا خلاف سل السيوف مع الإمام العدل وقد روينا عن ابن عمر انه قال لا أدري من هي الفئة الباغية ولو علمنا ما سبقتني أنت ولا غيرك إلى قتالها
قال أبو محمد وهذا الذي لا يظن بأولئك الصحابة رضي الله عنهم غيره وذهبت طوائف من أهل السنة وجميع المعتزلة وجميع الخوارج والزيدية إلى أن سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب إذا لم يمكن دفع المنكر إلا بذلك قالوا فإذا كان أهل الحق في عصابة يمكنهم الدفع ولا ييئسون من الظفر ففرض عليهم ذلك وإن كانوا في عدد لا يرجون لقلتهم وضعفهم بظفر كانوا في سعة من ترك التغيير باليد وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل من معه من الصحابة وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وطلحة والزبير وكل من كان معهم من الصحابة وقول معاوية وعمرو والنعمان بن بشير وغيرهم ممن معهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وهو قول عبد الله بن الزبير ومحمد والحسن بن علي وبقية الصحابة من المهاجرين والأنصار والقائمين يوم الحرة رضي الله عن جميعهم أجمعين وقول كل من أقام على الفاسق الحجاج ومن والاه من الصحابة رضي الله عنهم جميعهم كأنس بن مالك وكل من كان ممن ذكرنا من أفاضل التابعين كعبد الرحمن ابن أبي ليلى وسعيد بن جبير وابن البحتري الطائي وعطاء السلمي الأزدي والحسن البصري ومالك بن دينار ومسلم بن بشار وأبي الحوراء والشعبي وعبد الله بن غالب وعقبة بن عبد الغافر وعقبة بن صهبان وماهان والمطرف بن المغيرة ابن شعبة وأبي المعد وحنظلة بن عبد الله وأبي سح الهنائي وطلق بن حبيب والمطرف بن عبد الله ابن السخير والنصر بن أنس وعطاء بن السائب وإبراهيم بن يزيد التيمي وأبي الحوسا وجبلة بن زحر وغيرهم ثم من بعد هؤلاء من تابعي التابعين ومن بعدهم كعبد الله بن عبد العزيز ابن عبد الله بن عمر وكعبد الله بن عمر ومحمد بن عجلان ومن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن وهاشم بن بشر ومطر ومن أخرج مع إبراهيم بن عبد الله وهو الذي تدل عليه أقوال الفقهاء كأبي حنيفة والحسن بن حيي وشريك ومالك والشافعي وداود وأصحابهم فإن كل من ذكرنا من قديم وحديث إما ناطق بذلك في فتواه وإما الفاعل لذلك بسل سيفه في إنكار ما رآه منكرا".

ثم تقول زلات عالم من هنا وهناك!

فزواج المتعه لم يخالف فيه إلا ابن عباس رضي الله عنهما لعدم وصول النهي إليه، هذا واحد فقوله لا يخرق اجماعًا، أما أن يكون مثل هذا الجم الغفير من الذين خرجوا بسيوفهم وأفتوا العامه بالخروج ولا يوجد مثلهم في العلم والفضل والعدد ممن قال بعدم جواز الخروج، فأقل ما يقال في المسأله أن فيها خلاف معتبر، والأولى أن قول من خالف غير معتبر إن كان عند الخارجين القدره والأمر فيه تفصيل نرجئه لحينه.


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
هذا جمع لا يصح، فقد جمعت المسلم مع الكافر، فأما الكافر فلا مشكلة في الخروج عليه من حيث المبدأ، لكن ما الدليل على جواز الخروج على المسلم؟ هذا الدليل غير موجود، ففي حين أني أستطيع أن أقدم لك حديثاً لرسول الله مدعماً بفهم السلف له في حرمة الخروج على الحاكم المسلم ولو كان ظالماً وفاسقاً، فلا أتوقع الأمر نفسه منك، وغاية ما أتوقعه أن تأتيني بحديث مثل قوله ((كلمة حق عند سلطان جائر)) لكن دون أن تدعم فهمك بفهم السلف...
الذي يظهر والعلم عند الله أنك لم تدرس المسأله ولم تحط بها من كل جوانبها، وانا لا ادعي ذلك، فإن أردت أن نتدارس المسأله سويًا ونعرض أدله المجوزين والمانعين ونناقشها وفق فهم أهل العلم؛ فأرحب بذلك وستجد من الأدله ما يسرك ولك أن لا أذكر لك "كلمه حق عند سلطان جائر"


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
إليك أولاً هذا الرابط:
http://www.alrbanyon.com/vb/showthread.php?t=3339
فطالما أن المظاهرات فيها معصية لله سبحانه وتعالى، فإن أجازها الحاكم قلنا له ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))، أم أننا نأخذ بهذا الحديث حينما يكون في مصلحتنا ونتركه حينما يخالف مصالحنا؟!!
...
انا لم اطلع على الرابط أنا ذكرت صوره محدده إن كان فيها مخالفه شرعيه ومعصيه لله أرجو توضيحها.


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
نعم تثبت له ولاية، فشرط الولاية الإسلام، وطالما أن الظلم والفسق لا يخرج من الملة فالولاية باقية....
لا أدري من أين تأتي بهذا الكلام تدعي اجماعًا لا وجود له ثم تخالف اجماع ثابت لم يخالف فيه أحد - فيما اعلم -

أقول أجمع أهل العلم من السلف والخلف على أن العداله شرط في توليه الحاكم ابتدءًا وأن الفسق من موانع الولايه واختلفوا بعد ذلك فيمن طرأ عليه فسق هل يعزل أم لا، قال ابن حجر في (الفتح13/8):
"ونقل بن التين عن الداودي قال الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج عليه والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه".

وإليك بعض النقولات عن أهل العلم في ذلك:

قال القاضي عياض: "ولا تنعقد لفاسق ابتداء" ( شرح النووي على صحيح مسلم 12/229) .

قال الزمخشري في تفسير قول الله {لا ينال عهدي الظالمين}:
"وقالوا: في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة. وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه وشهادته، ولا تجب طاعته ولا يقبل خبره، ولا يقدّم للصلاة. وكان أبو حنيفة رحمه اللَّه يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علىّ رضوان اللَّه عليهما، وحمل المال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة، كالدوانيقى وأشباهه. وقالت له امرأة: أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمد ابني عبد اللَّه بن الحسن حتى قتل. فقال: ليتني مكان ابنك. وكان يقول في المنصور وأشياعه: لو أرادوا بناء مسجد وأرادونى على عدّ آجره لما فعلت. وعن ابن عيينة: لا يكون الظالم إماما قط. وكيف يجوز نصب الظالم للامامة، والإمام إنما هو لكف الظلمة. فإذا نصب من كان ظالما في نفسه فقد جاء المثل السائر: من استرعى الذئب ظلم" (الكشاف 1/184)

وقال الفخر الرازي في تفسيره (4/64): "احتج الجمهور على أن الفاسق لا يصلح أن تعقد له الإمامة بهذه الآية { لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }"


وقال الجصاص في (أحكام القرآن 1/70) " فثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق وأنه لا يكون خليفة"

وقال ابن قدامه في (الشرح الكبير 11/388):
ولنا قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) فأمر بالتبيين عند قول الفاسق ولا يجوز أن يكون الحاكم ممن لا يقبل قوله ويجب التبيين عند حكمه، ولأن الفاسق لا يجوز أن يكون شاهداً فلئلا يجوز أن يكون قاضياً أولى.

وقال الماوردي في (الأحكام السلطانيه ص19): "وأما أهل الإمامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة: أحدها: العدالة على شروطها الجامعة"

وقال البغدادي في (أصول الدين ص277): "وأقل ما يجب له من هذه الخصلة أن يكون ممن يجوز قبول شهادته تحملاً وأداءًا".


وقال النووي في (روضه الطالبين 10/42): شروط الإمامة وهي كونه مكلفا مسلما عدلا، حرا ذكرا عالما، مجتهدا شجاعا، ذا رأي وكفاية، سميعا بعيدا، ناطقا قرشيا، في اشتراط سلامة سائر الأعضاء، كاليد والرجل والأذن.


وقال ابن عبد البر في (التمهيد 21/276-278):أهل الجماعة في مصر من أمصار المسلمين إذا مات إمامهم ولم يكن لهم إمام فأقام أهل ذلك المصر الذي هو حضرة الإمام وموضعه إماما لأنفسهم اجتمعوا عليه ورضوه فإن كل من خلفهم وأمامهم من المسلمين في الآفاق يلزمهم الدخول في طاعة ذلك الإمام إذا لم يكن معلنا بالفسق والفساد"

وقال ابن حزم في (الفصل في الملل والنحل 4/128):
"فوجب أن ينظر في شروط الإمامة التي لا تجوز الإمامة لغير من هن فيه...." وذكر منها ..... "متقيا لله تعالى بالجملة غير معلن بالفساد في الأرض لقول الله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} لأن من قدم من لا يتقي الله عز وجل ولا في شيء من الأشياء معلنا بالفساد في الأرض غير مأمون أو من لا ينفذ أمرا من لا يدري شيئا من دينه فقد أعان على الإثم والعدوان ولم يعن على البر والتقوى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ورد وقال عليه السلام يا أبا ذر إنك ضعيف لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم وقال تعالى {فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا} الآية فصح أن السفيه والضعيف ومن لا يقدر على شيء فلا بد له من ولي ومن لا بد له من ولي فلا يجوز أن يكون وليا للمسلمين فصح أن ولاية من لم يستكمل هذه الشروط الثمانية باطل لا يجوز ولا ينعقد أصلا".

وقال إمام الحرمين الجويني في (غياث الأمم 88): "فأما التقوى والورع، فلا بد منهما ; إذ لا يوثق بفاسق في الشهادة على فلس، فكيف يولى أمور المسلمين كافة، والأب الفاسق مع فرط حدبه وإشفاقه على ولده لا يعتمد في مال ولده، فكيف يؤتمن في الإمامة العظمى فاسق لا يتقي الله؟ ومن لم يقاوم عقله هواه ونفسه الأمارة بالسوء، ولم ينتهض رأيه بسياسة نفسه فأنى يصلح لسياسة خطة الإسلام".


وقال الإمام القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن 1/270) في سياق ذكره شروط الإمامه: "أن يكون عدلا ، لأنه لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق"


أما إذا تولى إمامًا عدل ثم طرأ عليه فسق فاختلفوا، نقل ابن حجر في (الفتح 13/116) عن ابن التين قوله: "وقد أجمعوا أنه أي الخليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنه يقام عليه واختلفوا إذا غصب الأموال وسفك الدماء وانتهك هل يقام عليه أو لا".

قال الإمام القرطبي (المصدر السابق): "المسأله الثالثه عشر: الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد فقال الجمهور : إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم ، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره ، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها. فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله ، ألا ترى في الابتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاسق لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له ، وكذلك هذا مثله. وقال آخرون : لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شيء من الشريعة"
ولاحظ هنا أنه نسب القول بالخروج للجمهور!


وقال الامام بن حزم في (الفصل في الملل 4/135): "والواجب أن وقع شيء من الجور وإن قل أن يكلم الإمام في ذلك ويمنع منه فإن امتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع وبالله تعالى التوفيق"

وقال امام الحرمين (شرح النووى على مسلم 2/25): "وإذا جار والي الوقت وظهر ظلمه وغشمه ولم ينزجر حين زجر عن سوء صنيعه بالقول فلأهل الحل والعقد التواطؤ على خلعه ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب".

COLOR="darkred"]وقال أيضًا في (غياث الأمم ص100):
"قد ذهب طوائف من الأصوليين والفقهاء إلى أن الفسق إذا تحقق جريانه ; أوجب انخلاع الإمام كالجنون. وهؤلاء يعتبرون الدوام بالابتداء، ويقولون: اقتران الفسق إذا تحقق يمنع عقد الإمامة. فطريانه يوجب انقطاعها ; إذ السبب المانع من العقد عدم الثقة به وامتناع ائتمانه على المسلمين، وإفضاء تقليده إلى نقيض ما يطلب من نصب الأئمة. وهذا المعنى يتحقق في الدوام تحققه في الابتداء".

وقال (ص101): "فأما إذا تواصل منه العصيان، وفشا منه العدوان، وظهر الفساد، وزال السداد، وتعطلت الحقوق والحدود، وارتفعت الصيانة، ووضحت الخيانة، واستجرأ الظلمة، ولم يجد المظلوم منتصفا ممن ظلمه، وتداعى الخلل والخطل إلى عظائم الأمور، وتعطيل الثغور، فلا بد من استدراك هذا الأمر المتفاقم على ما سنقرر القول فيه على الفاهم - إن شاء الله عز وجل - وذلك أن الإمامة إنما تعنى لنقيض هذه الحالة.
فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة، فيجب استدراكه لا محالة، وترك الناس سدى، ملتطمين لا جامع لهم على الحق والباطل أجدى عليهم من تقريرهم على اتباع من هو عون الظالمين، وملاذ الغاشمين، وموئل الهاجمين، ومعتصم المارقين الناجمين".


وقال (ص120): "فنقول: الهنات والصغائر محطوطة، وما يجري من الكبائر مجرى العثرة والفترة، من غير استمرار عليها، لا يوجب عندنا خلعا ولا انخلاعا، وقد قدمت فيه عن بعض أئمتنا خلافا. وأما التمادي في الفسوق إذا جر خبطا وخبلا في النظر كما تقدم تصويره وتقديره، فذلك يقتضي خلعا وانخلاعا"


وقال الماوردي في (الأحكام السلطانيه ص42): "وإذا قام الإمام بما ذكرناه من حقوق الأمة، فقد أدى حق الله تعالى فيما لهم وعليهم، ووجب له عليهم حقان: الطاعة والنصرة ما لم يتغير حاله.
والذي يتغير به حاله فيخرج به عن الإمامة شيئان:
أحدهما: جرح في عدالته. والثاني: نقص في بدنه.
فأما الجرح في عدالته وهو الفسق فهو على ضربين: أحدهما: ما تابع فيه الشهوة. والثاني: ما تعلق فيه بشبهة.
فأما الأول منهما فمتعلق بأفعال الجوارح، وهو ارتكابه للمحظورات، وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى، فهذا فسق يمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها، فلو عاد إلى العدالة لم يعد إلى الإمامة إلا بعقد جديد.
وأما الثاني منهما: فمتعلق بالاعتقاد المتأول بشبهة تعترض، فيتأول لها خلاف الحق، فقد اختلف العلماء فيها.
فذهب فريق منهم إلى أنها تمنع من انعقاد الإمامة ومن استدامتها ويخرج بحدوثه منها؛ لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل وجب أن يستوي حال الفسق بتأويل وغير تأويل".


وقال ابن عابدين في حاشيته (4/264): "وفي المواقف وشرحه إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنى الضريين"


وقال النووي في (المجموع 19/194): "فإن فسق الإمام.. فهل ينخلع؟ فيه ثلاثة أوجه، حكاها الجويني:
أحدها: ينخلع بنفس الفسق، وهو الأصح، كما لو مات.
والثاني: لا ينخلع حتى يحكم بخلعه، كما إذا فك عنه الحجر، ثم صار مبذرا.. فإنه لا يصير محجورا عليه إلا بالحكم.
والثالث: إن أمكن استتابته وتقويم أوده.. لم يخلع، وإن لم يمكن ذلك.. خلع".

ونسب الزبيدي هذا القول إلى الشافعي في القديم (اتحاف الساده المتقين 2/233)

بل وقد حكى الإجماع على ذلك الإمام أبو العباس القرطبي في (المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم 12/89): "وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين ؛ كإقام الصلاة ، وصوم رمضان ، وإقامة الحدود ، ومَنَع من ذلك . وكذلك لو أباح شرب الخمر ، والزنى ، ولم يمنع منهما ، لا يختلف في وجوب خَلْعِهِ".

وللإنصاف كما قلت أنه لا يصح الإجماع في خلع الحاكم إن طرأ عليه الفسق، إنما هو قول جمهور العلماء.


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
الفعل في ذاته كفر، والموالاة من أعمال القلوب، ولا أحد من حكام المسلمين اليوم يقول بأنه يوالي الكفار، فكيف لأحدنا أن يقول أن الحاكم فلان يوالي الكفار؟
أما هذه أخي الحبيب فطامه كبرى؛ إذ تقصر الموالاه على العمل القلبي أي الحب والبغض!
فالموالاه أعم من هذا بكثير ويكفي أن تقرأ سبب نزول وتفسير قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (57)}

وهذا المقام يطول تفصيله فنرجئه لمقال أخر بإذن الله.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
ليتك تذكر لنا أسماء علماء السلاطين الذي سأتهم وامتنعوا عن الإجابة.
هذا السؤال هو أهم الأسئلة، وأريد منك أن تبدأ ردك القادم به.
لا أرى فائده في تعيين أشخاص الأن؛ فقد أكون مخطئ برميهم بعلماء السلطان والله يغفر الزلات.

اكتفي بهذا الأن، وانتظر منك موافقتك على مدارسه مسأله جواز الخروج على الحكام من عدمه وفقًا للأدله من القرآن والسنه وفق فهم السلف، والله الموفق.



[/COLOR]
__________________
قال ابن عدي حدثنا الحسين بن بندار بن سعد سنة اثنتين وتسعين ومئتين،أخبرني الحنبلي الحسن بن أحمد الإسفرائيني، قال: قال أحمد بن حنبل سمعت ابن عيينة يقول "إذا اختلفتم في أمر فانظروا ما عليه أهل الجهاد، لأن الله تعالى قال{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}" (الكامل 185/1).

قال شيخ الإسلام:"ولهذا كان الجهاد موجبا للهداية التي هي محيطة بأبواب العلم. كما دل عليه قوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} فجعل لمن جاهد فيه هداية جميع سبله تعالى؛ ولهذا قال الإمامان عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما: إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر فإن الحق معهم" (مجموع الفتاوى 442/28).

رد مع اقتباس