[أبو جهاد الأنصاري]

يقول رب العالمين : وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) [ إبراهيم ]
فالآية تفيد أن سيدنا إبراهيم قد دعا لبنيه باجتناب عبادة الأصنام.
ويقول النبى كما يرويه مسلم فى صحيحه :

عنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِى قَالَ « فِى النَّارِ ». فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ « إِنَّ أَبِى وَأَبَاكَ فِى النَّارِ ».
فيفيد الحديث أن أبا النبى هو من الكافرين مما يخالف مفهوم الآية!!
والحق أن كلمة بَنِيّ المذكورة فى الآية يقصد بها الأبناء المباشرين لإبراهيم وهما : إسماعيل ويعقوب. وهذه لا تمتد إلى باقى الأبناء.
وقد ذكت لفظة بَنِيّ فى عدة مواضع من القرآن الكريم ، تفيد جميعاً أنهم الأبناء المباشرين من ذلك :

وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) [ البقرة ]
وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ [ يوسف : 67 ]
يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ [ يوسف : 87 ]

بينما تأتى كلمة : ( الأبناء ) فى القرآن الكريم لتدل على الذكور من نسل الرجل بما يشمل الأبناء المباشرين والأحفاد من ذلك :

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [ المائدة: 18 ]
ويؤكد هذا الفهم قوله تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً [ النحل : 72 ] فبين أن البنين هم الأبناء المباشرين.
فدلت هذه الشواهد على أن لفظة الـ ( البنيّ ) المذكورة فى الآية لا تشمل سلسلة الأحفاد ، فانتفى التعارض بينها وبين الحديث النبوى ولله الحمد.