الموضوع: إن لك ما احتسبت
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2019-11-30, 10:27 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,734
افتراضي إن لك ما احتسبت

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( إن لك ما احتسبت ))
إن لك ما احتسبت، كيف ولماذا نحتسب ،ثمرات الاحتساب،من صنوف
الاحتساب وأنواعه .

يستطيع المؤمن أن يجعل لكل ثانية من عمره ثوابًا وأجرًا، وأن يجعل كل عمل من أعماله فضيلةً وبرًّا،
إذا احتسب ذلك عند الله جل وعلا، فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال:
كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة، فكان لا تُخطئه الصلاة مع رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم )،
قال: فتوجعنا له، فقلت له: يا فلان لو أنك اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء ويقيك من هوام الأرض،
قال: أما والله ما أحب أن بيتي مطَّنَبٌ ببيت محمد( صلَّ الله عليهِ و سلَّم )،
قال: فحمَلتُ به حِملا حتى أتيت النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) فأخبرته، قال فدعاه، فقال له مثل ذلك وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر،
فقال له النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ): ( إن لك ما احتسبت ) رواه مسلم، أي لك أجر ما احتسبت.
----------
شرح الحديث والمستفاد منه
كانَ أصحابُ النَّبيِّ ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) أحرَصَ النَّاسِ على الخَيرِ، وكانُوا دائمًا يَبحَثونَ عنِ الأَعمالِ التي تُكثِّرُ مِن أُجورِهم، ومِن ذلك: احتِسابُ أجْرِ المشْي إلى المساجدِ؛ فهذا رجلٌ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ بيتُه "أَقصى بيتٍ في المَدينةِ"، أي: أبعدَ البُيوتِ عن مَسجدِ النَّبيِّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ ومع بُعدِ بيتِه مِن المسجد فقد كانَ "لا تُخطِئُهُ الصَّلاةُ في المَسجدِ"، أي: لا تَفوتُه الصَّلاةُ في المَسجدِ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فتوجَّعَ الصَّحابةُ له"، أي: حَزِنُوا مِن أَجلِه، وقالُوا له: لو أنَّكَ اشترَيتَ حِمارًا "يَقيكَ"، أي: يَحميكَ مِن "الرَّمضاءِ"، أي: مِن شدَّةِ الحرِّ، فقالَ: " أمَا واللهِ ما أُحبُّ أنَّ بَيتي مُطنَبٌ ببيتِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ"، أي: ما أُحبُّ أنَّ بَيتي مَشدودٌ بالأَطنابِ- وهي: الحِبال- إلى بيتِ النَّبيِّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ! قال أبيُّ بنُ كعبٍ: فحَملتُ به حملاً، أي: استعظمْتُ ما قالَ، وهمَّني ذلك لقُبحِ ما قالَ، حتَّى أتيتُ نبيَّ اللهِ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ فأَخبرتُه، أي: بما قالَ، فدَعاه النَّبيُّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ فقال له مِثلَ ذلكَ، أي: مثلَ ما قالَ لأُبيِّ بنِ كَعبٍ، وذكَرَ له أنَّه يَرجو في أثرِهِ الأَجرَ، أي: إنَّ الذي حمَله على قَولِ هذا الكلامِ أنَّه يَرجُو ويَحتسِبُ في مَمشاهُ الأَجر مِنَ اللهِ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ لكَ ما احتسبْتَ"، أي: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سيُعطيكَ ما احتسبْتَ، والاحتِسابُ هوَ أن يَعملَ العملَ للهِ ويَقصِدَ الأجْرَ والثَّوابَ مِن اللهِ.
وفي الحَديثِ: فَضلُ المَشي إلى المساجدِ. الدرر السنية.
وهذا الحديث العظيم جامعٌ في باب الاحتساب،
فهودالٌّ على أن من احتسب عملَه كُتبَ له أجر عملِه وأجر حِسْبته.
والمقصود بالاحتساب :هو احتساب الأجر من الله تعالى عند القيام بعمل الطاعات أو العادات المباحة، فإذا استحضر الإنسان ذلك فإنه سيدفع عن نفسه خواطر السوء من السمعة والرياء وطلب المدح والثناء من الناس، إلى غير ذلك من الآفات التي تُحبط العمل أو تنقص الأجر، وكذلك تجعله يصبر على البلايا والمكاره عند وقوعها ويطلب الأجر من الله تعالى على ذلك.
صنوف الاحتساب
من صنوف الاحتساب وأنواعه ما يلي:
1- الصبر على المصيبة وتحمل البلاء: يتحصل العبد المؤمن على أجور عظيمة إذا صبر عند نزول البلاء به، يقول الله تعالى:
{الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} (البقرة: 156-157)، أي أن ذلك فعل المحتسبين الصابرين، وقد روى البخاري في صحيحه أن ابنة النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) أرسلت إليه تخبره أن ابنا لها قبض، فأرسل لها يقرئها السلام ويقول لها: ( إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكلٌ عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب )، وذلك حتى تحصل على أجر الصابرين.
2- إتقان العبادة وإجادتها: إذا استشعر المرء مراقبة الله جل وعلا فإن ذلك سيدفعه إلى الإحسان والقيام بالعبادة على أحسن وجه، ومن ذلك أن يسبغ الوضوء على المكاره، وأن يمشيَ في الظلم إلى المساجد، روى مسلم في صحيحه أن النبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) قال: ( إذا توضأ العبد المؤمن أو المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء -، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء -، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء - حتى يخرج نقيًّا من الذنوب )، وإنما يحصل له ذلك باستحضار النية واحتساب الأجر، ومثله أيضًا قوله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ): ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ) رواه أحمد ، وفيه أعظم حافز لكل داعية إلى الله جل وعلا أن يُخلِص في دعوته ويحرص على هداية الناس للخير، ويحتسب ذلك عند الله.
3- فعل أو ترك المباح بنية القُربة: يؤجر المرء على ما يفعله من المباحات إذا احتسب ذلك عند الله تعالى، روى البخاري في صحيحه أن معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما:

"أما أنا فأقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي" أي أنه يحتسب الأجر في نومه لكي يتقوى به على طاعة الله جل وعلا، وروى الإمام أبو داود في سننه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يقول: ( إن الله عز وجل يُدخل بالسهم الواحد ثلاثةُ نفرٍ الجنة، صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومُنبله )، وحين قال الصحابة للنبي ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) : ( أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم، وأما ترك المباح من الشهوات (الطعام والشراب ونحوهما) فقد قيل للإمام أحمد: "يؤجر الرجل في ترك الشهوات؟ قال: كيف لا يُؤجر وابن عمر يقول: ما شبعت منذ ثلاثة أشهر".
4- اجتناب المعاصي والآثام: إذا ترك العبد المعصية امتثالاً لأمر الله وخوفًا من عقابه فإنه يؤجر على نيته، روى مسلم في صحيحه أن الملائكة قالت: ربِّ ذاكَ عبدك يريد أن يعمل سيئة - وهو أبصر به -، فقال:
( ارقبوه، فإن عملها فاكتبوها له بمثلها، وإن تركها فاكتبوها له حسنة، فإنما تركها من جرّاي ) أي تركها من أجلي.
ثمرات الاحتساب
الاحتساب يُعزِّز الإخلاص لله تعالى ويورث محبته، ويحوِّل العادات إلى عبادات، كما أنه يمنع تحول العبادات إلى عادات، ويدعوا إلى الصبر والتصبر، ويهوِّن المشاق ويلذِّذ المكاره، ويدفع الحزن ويجعل العبد راضيا بقضاء الله محسنا الظن به سبحانه وتعالى.
ومن الأسباب التي تدفع المرء للاحتساب:
علمه بأجور العمل، وحرصه على مضاعفة الأجر، فالاحتساب تجارة المخلصين، وكلما علم العبد أجر العمل زاد احتسابه للعمل، كما أن الاحتساب يُكسب محبة الله تعالى، وكلما استشعر العبد محبة الله له في العبادة زاد من احتسابه لها وأدائها على الوجه الأكمل.
وإذا كانت رغبة المرء صادقة ولديه إرادة جازمة في اتخاذ الأسباب الدافعة للاحتساب، فإن الله جل وعلا يوفقه لذلك، قال تعالى:
{ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها} (آل عمران: 145)، وقال تعالى:
{ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا} (الإسراء: 19).إسلام ويب
بحث من عملي .
اسلام ويب.
الدرر السنية.
§§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس