عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2011-10-01, 03:14 AM
adel_sh adel_sh غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-07-15
المكان: سوريا الله حاميها
المشاركات: 46
مهم سؤال يردده الملحد كثيراً: ما هو مصير الكافر الذي لم يبلغه الإسلام؟

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الله سبحانه وتعالى قد هيّأ لكل إنسان ما يمكّنه من معرفة الخير والشر، قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) (البلد:8)، أي عينين يبصر بهما، (وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ) (البلد:9)، أي ولساناً ينطق به عما في ضميره وشَفَتَينِ يَسْتَعِين بهما على الكلام، (وهَدَيْنَاهُ النَّجدين) البلد/10، قال ابن مسعود : الخير والشر، وقوله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان:2-3)، فقد بَيّن الله في الآيات السابقة أنه عز وجل وَهَبَ للإنسان الوسائل والآلات التي يُمْكِنُه معها معرفة طريق الخير والشر.

ثم إنه سبحانه لم يجعل هذه الآلات حجة على عباده بمفردها، بل فتح لهم باب العذر، وأملى لهم في الحجة، حتى يأتيهم نور الوحي من السماء، قال تعالى:

(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) النساء/165

ومن أجل ذلك يوبخ الله تعالى الكفار به على ما أضاعوا من عذر الله وإمهاله، وغفلوا عن رسله وبيناته:

(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ * ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) (الأنعام 130-131 )

وإن من عدل الله عزّ وجلّ أنه لا يُعذّب قوماً إلا بعد البلاغ وقيام الحجّة عليهم ولا يظلم ربّك أحداً، قال الله عزّ وجلّ : (وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولاً) (الإسراء : 15)

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:

(قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) إخبار عن عدله تعالى وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه كقوله تعالى (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير) وكذا قوله (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقّتْ كلمة العذاب على الكافرين) .. )

فالذي لم يسمع عن الإسلام ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تبلغه الدّعوة بشكل صحيح فإنّ الله لا يعذّبه على موته على الكفر، فإن قيل: فما مصيره؟

فالجواب: أصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، ويُرسل إليهم هناك رسول، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، كما في مسند الإمام أحمد (18566) وغيره من حديث الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

( أرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ. فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ. قَالَ (أي: نبي الله): فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا) وفي رواية : (فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا) رواه أحمد.

سؤال آخر: ماذا عن الطفل الذي يولد لعائلة كافرة ثم يموت قبل سن البلوغ؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه) رواه البخاري (1296 ) ومسلم ( 4803).

والصواب أن المراد بالفطرة ملّة الإسلام كما في الحديث الذي رواه مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(قال الله تعالى: خلقتُ عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم، وحرّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتْهم أن يُشركوا بي ما لم أنزّل به سلطاناً).

وقال صلى الله عليه وسلم: (رُفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) رواه أصحاب السنن، وصححه الألباني في الإرواء برقم 297.

وقال ابن حزم رحمه الله : (وأما المجانين الذين لا يعقلون حتى يموتوا فإنهم كما ذكرنا يولدون على الملة حنفاء، مؤمنين، ولم يغيروا، ولا بدلوا، فماتوا مؤمنين فهم في الجنة) الفصل 4/135.

والله أعلم