الموضوع: نظرات فى حديث
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2018-02-17, 11:21 AM
د حسن عمر د حسن عمر غير متواجد حالياً
عضو منكر للسنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-27
المكان: مصر
المشاركات: 4,247
افتراضي نظرات فى حديث

منقول عن موقع الباحث عمرو الشاعر للدراسات القرآنية

نظرات في حديث افتراق الأمة!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين, له الحمد في الأولى والآخرة وإليه المرجع والمآب, وسلام على عباده الذين اصطفى, ثم أما بعد:
نتوقف اليوم بإذن الله وعونه مع رواية من الروايات التي لعبت دورا كبيرا في تزكية التعصب في نفوس المتدينين وهي رواية –أو روايات- الفرقة الناجية, والتي جعلت كل المسلمين في النار إلا فرقة واحدة!
ومن ثم لم يعد عامة المسلمين على خير, وإنما "فرقة" واحدة منهم! أما الباقون فهم من أصحاب النار مهما عملوا ومهما قدموا ! فهم على ضلال, فما ينفعهم إن آمنوا بالله وبالرسول وباليوم الآخر وبالكتب وبالملائكة وعملوا صالحا, إن لم تكن باقي عقائدهم تبعا لفرقة من الفرق!
لذا نتوقف مع هذه الروايات لننظر هل من الممكن أن تكون قد صدرت عن الرسول الكريم!
إذا ابتدأنا نظرنا في هذه الروايات بجانب السند وجدنا أنها كلها –كلها- ضعيفة السند, وعند الحديث حولها نجد أن أصحاب مدرسة الحديث يقولون أن أسانيدها جيدة, وهذا يعني أنه من الممكن قبولها!! إلا أن بها من العوار ما بها الذي يجعلها لا ترتقي بحال لمرتبة الجودة! وإنما هي ضعيفة أو منكرة!!
ولن نتوقف طويلا مع مسألة السند هذه فسنجد من أرباب الحديث من يتفنن لتصحيحها, أو من ينقل بدون بينة عن مشائخه, وننتقل لمناقشة متن الحديث لننظر, هل هذا المعنى صحيح متفق مع أصول الدين أم هو مما ظهر في عصور التمزق والاختلاف , فزادها حدة!!
إذا نظرنا في الروايات الواردة بهذا الشأن, مثل الرواية القادمة:
افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة, كلها في النار إلا واحدة, وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة, وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. وفي لفظ : على ثلاث وسبعين ملة. وفي رواية : قالوا : يا رسول الله, من الفرقة الناجية؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم, وأصحابي. وفي رواية : قال : هي الجماعة, يد الله على الجماعة} . صحيح مشهور ابن تيمية مجموع الفتاوى 3/345
نجد أنها تقرن مسلك الأمة الإسلامية باليهود والنصارى, فكما أن اليهود والنصارى تفرقوا فكذلك المسلمون! ولا إشكال في هذه النقطة, وهذا حادث وواقع ومتوقع! وإنما الإشكال كله في تحديد عدد الفرق! ولو قيل أنهم تفرقوا على سبعين فرقة ونحن سنزيد عنهم لكان من الممكن القول بأن المراد من العدد الكثرة وأننا سنزيد عنهم!
أما أن تحدد الرواية عدد فرق اليهود والنصارى والمسلمين, فهذا مخالف للواقع! فلم تكن فرق اليهود ولا النصارى ولا المسلمين بهذا العدد! ناهيك عن أن عدد الفرق الإسلامية في ازدياد, فما حكم هذه الفرق الإضافية؟!
هل تُلغى من تلقاء نفسها أم أنها واجبة الإدراج التلقائي في فرق أخرى؟!
إن هذا التحديد وحده كفيل بإسقاط هذه الرواية وعدم الالتفات إليها!
فإذا تركنا مسألة العدد الباطلة, وجدنا أن الرواية قد حكمت على ما يزيد عن 98% من المؤمنين بالله في العصور الأخيرة بالنار! ولن يدخل منهم إلا ثلة لا تناسب بينها وبين عدد المؤمنين الإجمالي!!
ولم يهتم المسلمون بمعرفة سبب دخول اليهود أو النصارى أو حتى المسلمين النار, وإنما سألوا عن الفرقة الناجية!! مع أنه كان من المفترض أن يسألوا لماذا أصبحوا من الضالين أصحاب النار؟!
إن هذه الرواية تؤصل لقاعدة أن دخول الجنة أصبح أمرا عسيرا يستلزم معرفة دقائق في الدين ومعرفة تاريخه والاعتقاد بأقوال طائفة معينة من العلماء! مع أن الله تعالى قال في كتابه الكريم:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 62]
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 112]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 277]
فالعبرة بالإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح, أما فروع المسائل فلا تقدم ولا تؤخر! فهي مسائل خلافية!
وعلى الرغم من ذلك حكمت الرواية على الأكثرية الساحقة بالنار!
فإذا تركنا هذه النقطة وجدنا أن الحديث عن "فرقة ناجية" هو كلام متناقض, لا يمكن قبوله بحال!
فالفرقة مرفوضة مذمومة في دين الله العلي, فطالما حدث اختلاف وتفرق فهذا بعد عن دين الله الواحد! فكيف تكون فرقة وتكون ناجية؟!
طالما أنها فرقة فهي ليست أصلا! وهي فرقة مثل غيرها وهذا يعني وجود نسبة ضلال! ولو كان الرسول أفصح العرب هو من قال هذه الحديث لما صاغه بهذا الشكل, ولقال –مثلا- أنه يزيغ عن الحق من أمته كذا فرقة, وتظل عليه جماعة أو أمة ... الخ!
أما أن ينعت الجميع بالافتراق فهذا يعني أن كل الفرق قد خالفت بشكل من الأشكال, وهذا كلام متناقض, فمن المفترض أن الممسكين بالحق لم يفترقوا وإنما افترق غيرهم, وهم ظلوا وتمسكوا, ومن ثم فكان من الواجب أن أن يكون هناك حديث عن تفرق طوائف وتمسك طائفة بما هي عليه!! وهذه الطائفة ليست متفرقة!!

__________________
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [هود : 88]

منقول عن منتدى آمر الله
__________________
فهم شرع الله آمر سهل وهين .ولكن تسبقهُ تقوى لا بد مِن المرور عليها .فإطلبها مِن الله دائِماً
رد مع اقتباس