عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 2009-01-23, 07:19 AM
abu_abdelrahman abu_abdelrahman غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2008-02-26
المشاركات: 779
افتراضي رد: كشف شخصية المستشار محمد سعيد العشماوي

الباب الأول
الرؤية العشماوية للإسلام وقرآنه الكريم
ورسوله صلى الله عليه وسلم وصحابة رسوله رضى الله عنهم وخلافته وفقهائه وأمته وتاريخه


1 – الموقف من الإسلام

لو أن مطاعن المستشار عشماوى وقفت عند (( الفكر الإسلامى )) لهان الأمر !..
ذلك أن حق الأختلاف فى الاجتهادات الفكرية هو حق مقرر لدى سائر تيارات ومذاهب ومدارس الفكر الإسلامى ، عبر تاريخ الإسلام .. وهو حق تأسس على (( سُنّة التعددية )) فى الاجتهادات الفكرية ، التى هى الاصل والقاعدة التى لا تبديل لها ولا تحويل .. وهى (( سنة )) قد أثمرت مبدأ اتفق عليه الجميع يقول : إن اجتهاد المجتهد غير ملزم للمجتهد الآخر .. فكما هو مشروع قبول اجتهادات الآخرين ، فإن رفضها هو الآخر حق مشروع ..
لكن المستشار عشماوى لم يقف عند رفض الفكر الإسلامى .. ولم يقنع بالطعن فى الاجتهادات الفكرية لأئمة المذاهب الإسلامية ، وإنما تجاوز كل ذلك إلى الطعن فى ذات الإسلام الدين!!..
فالمؤمنون جميعا يتلون كتاب الله ، سبحانه وتعالى ، ويقرءون فيه الوعد الإلهى بحفظ الدين الإسلامى بعيدا عن التبديل واتغيير والتحريف ( انا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (1) ، فتطمئن قلوبهم إلى صدق الوعد والعهد الإلهى بحفظ الدين من التبديل .. أما المستشار عشماوى ، فإنه يقول بتبدل معالم الإسلام – وليس فكر المسلمين – فيقول (( لقد استُبدلت بالمعالم الأساسية للإسلام معالم أخرى خاطئة وفاسدة ودخيلة )) (2) !

وفى موضع آخر يقول : لقد (( انزلق الإسلام إلى مهوى خطير ، وانحدرت الشريعة إلى مسقط عسير )) (3) !

وهو لا يترك مجالا للشك ولا بابا للتأويل يصرف مقاصده إلى (( الفكر الإسلامى )) وليس إلى (( الدين الإسلامى )) ، فيصرح بأن رأيه هو أن التغير قد أصاب ذات الإسلام ، بما فيه من (( إيمان )) و (( شريعة )) .. أى العقيدة والشريعة ، وهما كل وجوهر الإسلام الدين .. يقول ذلك ، متهما الذين لا يتفقون معه فى هذا (( بالقصور العقلى والاعتلال الفكرى )) .. فعنده أن (( السكون الذى يفرضه القصور العقلى ، والثبات الذى يتمسك به الاعتلال الفكرى هو الذى يدعو البعض – خطأ – إلى الظن بأن الإسلام ( الإيمان : شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ) ظل ثابتا عبر الصور فلم يلحقه تطور ، وبات ساكنا خلال القرون فلم يصبه تغير . والحقائق تقطع بغير ذلك ، فلقد عبر الإسلام مراحل عدة ظهر من خلالها فى صيغ مختلفة شديدة الاختلاف ، ومظاهر متباينة غاية فى التباين ، وأفكار متغايرة ممعنة فى التغاير ، ومذاهب شتى تتناقض أشد التناقض (4) ))!..

فالاختلاف ، والتغاير ، والتباين ، والتناقض – برأى العشماوى – قد أصابت ذات الإسلام : العقيدة – الإيمان – والشريعة .. وليس الفكر الإسلامى فقط ولا اجتهادات المسلمين وحدها!!..

وياليت العشماوى قد اتهم الأمة ، فى عهود تراجعها الحضارى ، باقتراف هذه الجريمة – جريمة تبديل الإسلام ، عقيدة وشريعة – واستبدال بمعالمه الأساسية أخرى (( خاطئة وفاسدة ودخيلة )) .. لكن الرجل قد رمى المسلمين الأوائل ، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل وعلى عهد الرسول وتحت قيادته ، بهذا الاتهام .. بل إنه لايدع مجالا للشك فى أنه يقصد إلى أن الرسول ذاته قد قاد المسلمين الأوائل فى إحداث هذا التبديل لدين الإسلام!!

ولأن الأمر جلل ، والاتهام خطير .. بل ومنقطع النظير فى كل ما وجه إلى الإسلام والمسلمين من مطاعن ، على اختلاف عقائد ومقاصد الطاعنين .. فإننا سندع نصوص العشماوى تفصح عن هذه المطاعن التى لم يسبق لها مثيل ..
يُرجع العشماوى تاريخ تبدل الإسلام إلى (( الصيغة حربية )) وإلى (( اتجاه عسكرى )) للعهد النبوى ، منذ غزوة بدر – فى السنة الثانية من الهجرة – ناسبا ذلك إلى (( بعض المؤرخين )) – الذين لم يقل لنا من هم – أو إلى زمن غزوة خيبر سنة 7هـ ، معلقا ذلك على مؤرخين آخرين – ليس لهم وجود ولا لهذا الرأى ذكر فى أى مصدر من مصادر التاريخ - !! .. فيقول (( ويرى بعض المؤرخين أن الإسلام تشكل فى صيغة حربية عندما بدأت أول سرية للمسلمين على قوافل تجارة قريش فيما بين الشام ومكة . ويرى آخرون أن الاتجاه العسكرى فى الإسلام بدأ منذ غزوة خيبر )) .
وهو لا يقنع بطعن الإسلام – بادعاء تحوله إلى دين عسكرى وصيغة حربية – بفعل الرسول وصحابته .. وإنما يدافع عن يهود خيبر ، ويعيب على الرسول والمسلمين قتالهم .. فيستطرد قائلا : (( ذلك أن أهل خيبر لم يكونوا من المشركين أهل مكة الذيم عدوا النبى والمؤمنين وأخرجوهم من ديارهم ، كما انهم ( أهل خيبر ) لم يكونوا قد أساءوا إلى النبى أو إلى الإسلام بشىء .. )) .

وحتى يوهم القارئ أن هذا الاتهام ليس من عنده ، وأنه رأى (( لبعض المؤرخين )) وأنه – على العكس منهم – لا يتفق معهم فيه ، أضاف إضافات توجه المطاعن إلى الوحى الإلهى ذاته ، وليس فقط إلى الرسول والمؤمنين !! ..
فقال : إن هؤلاء المؤرخين (( لا يقدرون تمام التقدير الظروف الحقيقية – زمانا ومكانا – للمسلمين ، وأسباب اتجاهاتهم ودوافع تحركاتهم فى هذه الغزوة أو تلك السرية ، وأن المسلمين كانوا آنذاك يصدرون عن اعتقاد كامل ويصدعون إلى يقين تام بالوحى القرآنى الذى يقع )) (5)!

فهو يقرر تحول الإسلام إلى صيغة حربية وشكل عسكرى ، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبفعل منه هو وصحابته .. لكنه يرجع ذلك إلى أنهم كانوا – فى هذا التبديل والتغيير – إنما يصدرون عن الوحى القرآنى ، الذى كان يأمرهم بهذه التصرفات!..

وفى مقام آخر يقدم للإسلام ، الذى زع أن الصحابة والمسلمين الأوائل قد بدلوا صميمه وغيروا روحه .. يقدم له صورة شائهة منفرة طافحة بالدمامة والقبح والسوء ! .. أى والله ! .. يصنع العشماوى ذلك ، فيقول بالحرف الواحد : (( إن المسلم يحزن أن ينحدر المسلمون الأوائل إلى هذا المقلب الذى .. غير من روح الإسلام وبدّل من صميم الشريعة .. لقد صارت السلطة والغرض والورث والصدقة عقيدة غير العقيدة ودينا بدل الدين وشريعة عوضا عن الشريعة .. وطفح على وجه الإسلام كل صراع .. فبثر بثورا ، ونشر بقعا خبيثة )) (6) !

فهو يتهم المسلمين الأوائل – الذين رضى الله عنهم بنص قرآنه الكريم – بأنهم وتحت قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد غيروا روح الإسلام ذاتها .. وليس فكرهم الإسلامى .. وبدلوا من صميم الشريعة ذاتها ، وليس صورتها فى أذهانهم .. فتغيرت العقيدة ، وتبدل الدين ، وكذلك الشريعة .. وأنهم قد جعلوا وجه الإسلام تطفح فيه البثور الغائرة وتنتشر فيه البقع الخبيثة .. منذ عهد المسلمين الأوائل ، عليهم رضوان الله ، وبقيادة المصطفى عليه الصلاة والسلام ..
تلك هى الرؤية التى يقدمها العشماوى – الأستاذ المحاضر فى اصول الدين والشريعة الإسلامية – لدين الإسلام !




=======================
(1) الحجر 9
(2) ( معالم الإسلام ) ص 10
(3) المرجع السابق . ص 132
(4) المرجع السابق . ص 143
(5) ( الخلافة الإسلامية ) ص104
(6) المرجع السابق ص 113 - 115

<!-- / message --><!-- sig -->
رد مع اقتباس