بقلم : آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الكثيرين يعتقدون : ان كتاب "الملحمة الحسينية" هو من تأليف الشهيد السعيد العلامة الشيخ مرتضى المطهري رحمه الله تعالى.. ولأجل ذلك فهم يطمئنون اليه، ويثقون به، ويعتمدون عليه..
ولكن الحقيقة هي ان هذا الكتاب المكوّن من ثلاثة اجزاء، ليس من تأليف هذا الشهيد السعيد. وان كان –ربما- يشتمل على كثير من افكاره، التي يتبناها، ويلتزم بها.
وانما هو من تأليف رجل آخر. وقد صرّح مؤلفه في مقدماته لأجزاء الكتاب المطبوعة باللغة الفارسية، بأنه قد جمعه، وطبعه بعد استشهاد الشهيد المطهري بزمان، فإن تاريخ استشهاده رحمه الله هو سنة 1358 هجري شمسي..
اما تاريخ الطبعة الأولى للكتاب فهو سنة 1361 هجري شمسي. ونحن الان في اواخر سنة 1378 من هذا التاريخ.
والتاريخ الشمسي الهجري هو الذي يتداوله الإيرانيون، ويؤرخون به، والملفت للنظر، ان الطبعة العربية قد حذفت هذه المقدمات من أجزائها ، ولا ندري لماذا!.
ومهما يكن من أمر: فان هذا الكتاب لا يصح نسبته الى هذا الشهيد السعيد، وهو لا يرضى ايضاً بنسبته إليه..
وحتى لو كنا نطمئن الى ان المؤلف قد أخذ مطالب الكتاب من هذا الشهيد السعيد، فإننا لا نستطيع الجزم بأن المكتوب في هذا الكتاب يمثل رأيه النهائي بكل دقائقه وتفاصيله.
ونحن نوضح هنا هذا الامر ، طالبين من القارىء الكريم ان يتحلى بالصبر الى آخر الفصل، لأن ما فيه إنما يعطي النتيجة التي أشرنا اليها من حيث هو مجموع ومنضم بعضه الى بعض.. لا بما هو جزيئات متفرقة ومتناثرة، فليلحظ ذلك، فانه مهم جداً في تحصيل ما نرمي اليه.
فنقول:
شواهد من المقدمة:
يوجد عندي من المطبوع باللغة الفارسية لهذا الكتاب: (الملحمة الحسينية) جزءان فقط، لهما مقدمتان شرحتا عمل المؤلف فيهما. وانا أورد بعض ما أشار إليه فيهما فيما يلي :
1- قد صرّح المؤلف في المقدمة بأنه استخرج من اشرطة التسجيل محاضرات للشهيد مطهري، كان رحمه الله قد القاها في مناسبات مختلفة، فجعل المؤلف هذه المحاضرات في ضمن الكتاب المعروف باسم "الملحمة الحسينية" وهو المنشور والمتداول.
2- إنه يقول : ان قسماً مما نشره في هذا الكتاب مأخوذ من اشرطة مسجلة لم يطلع مؤلف الكتاب عليها، وانما اطلع على متون مستخرجة منها فقط.
3- ويقول: إن بعض مطالب الكتاب هي أنصاف محاضرات كان الشهيد قد ألقاها في بعض المناسبات، او في جلسات في بعض البيوت، كان رحمه الله يلقي فيها دروساً فصادف بعضها أيام عاشوراء، فاستطرد في طائفة من حديثه، ومحاضراته الى شؤون كربلائية وعاشورائية احتراماً منه للمناسبة، واحتفاءً بها.
4- قد صرّح المؤلف ايضاً بأنه قد أتم الجمل الناقصة، واصلح منها ما يحتاج الى اصلاح.
تصريحات الكتاب تشهد:
أضف الى ما تقدم : ان كتاب الملحمة الحسينية نفسه يشهد على نفسه بأنه ليس من تأليف هذا الشهيد السعيد، ونذكر هنا بعضاً من ذلك؛ فنقول :
1- إنه في حين يقول : انه لم يتصرف في كلام الشهيد إلا في موارد يسيرة تمم فيها عبارة ناقصة، او أصلح خطأ ما، فانه يصرّح في بعض الموارد في الكتاب بأنه قد لخّص خطبة بأكملها، فهو يقول:
2- خلاصة خطاب للمؤلف الشهيد بعنوان الحماسة الدينية" .(الملحمة الحسينية ج3 ص293).
والتلخيص يستبطن درجة عالية من التصرف المباشر، الذي يحتاج الى درجة أعلا من الإستعداد العقلي، من حيث اعتماده على مستوى من الإدراك للمطالب ، وعلى القدرة على جمع شتات الأفكار، وتحقيق قدر من التلاحم، والإنسجام فيما بين متفرقاتها في نطاق الصياغة والأداء.
3- ثم هو يقول ويصرّح في بعض الموارد بأنه ينقل عن أوراق كانت للشهيد، قال في بعض الهوامش: "سيتم نشر موضوع هذه الأوراق في سلسلة مذكرات الشهيد "..(الملحمة الحسينية ج3 ص235)
4- ويقول أيضاً : عن القسم العاشر من الكتاب : إن هذا القسم عبارة عن "حواش نقدية حول كتاب الشهيد الخالد" .(نفس المصدر ج3 الفصل الأخير)
5- ويقول في بعض الهوامش : "هكذا ورد في النسخة الخطية للأستاذ الشهيد ".(نفس المصدر ج3ص229)
6- ويقول : " وقد أوردت في هذا الكتاب في فصل: ملاحظات حول النهضة الحسينية، مزيداً من الأدلة بهذا الإتجاه. أرجو مراجعة الملاحظتين (10 – 11) بهذا الخصوص ".(نفس المصدر ج3 ص174)
7- ويقول: "ونحن بدورنا نشير إلى تلك الإستعدادات في أوراقنا، التي سيأتي ذكرها في فصل: ملاحظات حول النهضة الحسينية، تحت الرقم 38" .(نفس المصدر ج 3ص286)
فأين كل هذه النصوص من تصريح مؤلف الكتاب في جزئيه الأولين بأنهما عبارة عن محاضرات استخرجت من أشرطة التسجيل ، وتصريحه في بعض موارد الجزء الثالث: انه قد لخص بعض خطاباته رحمه الله.
[gdwl] يتبع[/gdwl]