عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2018-06-29, 11:13 AM
أبو جهاد الأنصاري أبو جهاد الأنصاري غير متواجد حالياً
أنصارى مختص بعلوم السنة النبوية
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-22
المكان: الإسلام وطنى والسنة سبيلى
المشاركات: 8,401
افتراضي رد: سؤال عن كتاب كان صلى اللـه عليه وسلم ثرياً منفقاً، لا فقيراً فاقداً

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا ومرحبا بك أخى الكريم
تشرفنا بحضورك وشكرا لإيراد هذه الشبهة
ونقول وبالله التوفيق..
فإن رسول الله بشر كالبشر ويجرى عليه ما يجرى لجميع البشر من صحة ومرض وحياة وموت وفقر وغنى. ويجرى عليه من الأسباب مما يجرى على غيره من البشر بتقدير رب العالمين جل وعلا. وهذا لا ينفى أن يكون له كرامات ومعجزات يجريها رب العالمين على يديه وكل هذا لا ينفى حقيقة بشرية النبى لأنها وإن تمت فهى تتم بقدرة رب العالمين جل وعلا.
وبخصوص مسألة غنى أو فقر النبى فمما هو معلوم من السيرة النبوية أن رسول الله قد جرت عليه من الحوادث المختلفة الشىء الكثير. فقد مرت بها فترات كان غنيا ثريا كما كان قبل البعثة عندما كان زوجا للسيدة خديجة - رضى الله عنها - ويعمل بتجارتها. وكذلك كان فى بعض الأوقات غنيا ثريا كما بالحديث الشريف فى صحيح مسلم فعَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ ".
وواضح ان النبى ما كان ينتفع بمثل هذا القدر من المال إلا من أجل الدعوة إلى توحيد الله عز وجل. وإذا سئلنا عن مصدر هذه الثروة فنقول أنها مما أفاء الله عليه من الفىء وهى البلدان التى تدخل الإسلام بدون قتال وكذلك خمس المغانم التى يغتنمها المسلمون فى الغزوات.
وواضح ايضا من الحديث ان النبى ما كان يكتنز لنفسه شيئا من هذه الأموال بل كان ينفق يوما بيوم ولا يحمل هم رزق الغد. لأنه القائل : ( وجُعل رزقى تحت ظل رمحى ) .
وفى المقابل فقد كان النبى يمر به حالات على النقيض من ذلك ففى صحيح البخارى عن عائشة أنها قالت لعروة ابن أختها: إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقلت : ما كان يعيشكم؟ قالت : الأسودان ،التمر والماء. إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار كان لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه.
فانظر هل كان من أحد فى مثل هذه الحالة من بساطة الحال وشظف العيش كما كان للنبى الذى كان لم يوقد فى بيته نار لإنضاج الطعام طيلة شهرين كاملين ولا يأكلون غلا التمر والماء وكان جيران النبى يهدون النبى بعض أغنامهم - منيحة العنز - لكى يحلبونها ويشربون من حليبها.
وثابت أيضا أن أبا بكر وعمر خرجا وقد ربط كل منهم حجرا على بطنه من الجوع وإذا بالنبى يخرج عليهما وقد ربط على بطنه حجرين.
وفى غزوة الخندق معروف ما كان من أمر جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: ( لما حُفِر الخندق رأيت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – خَمْصا(جوعا) شديدا، فانكفأت (رجعت) إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟، فإني رأيت برسول الله – صلى الله عليه وسلم - خمصا شديدا، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن (شاة في البيت) فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي وقطعتها في بُرْمتها، ثم وليت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقالت: لا تفضحني برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - وبمن معه . فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا، وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: يا أهل الخندق! إن جابراً قد صنع لكم سؤرا(بقية طعام) فَحَيْهلا بكم، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: لا تُنْزِلَنَّ بُرْمَتكُم (قِدْركم)، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء، فجئت وجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَقْدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك (أي ذمَّته)، فقلت: قد فعلت الذي قلتِ لي.. فأخرجت له عجينتنا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق فيها وبارك، ثم قال: ادعي خابزة فلتخبز معك، واقدحي (اغرفي) من برمتكم ولا تنزلوها، وهم ألف.. فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا (شبعوا وانصرفوا) وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو ) ( البخاري ) ..
فتأمل قوله يصف النبى ( رأيت بالنبي – صلى الله عليه وسلم – خَمْصا (جوعا) شديدا )!!

وقد تناول القرءان هذه القضية وأشار إليها فى قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:29]
والواقعة مشهورة ومعروفة فقد اشتكت نساء النبى إليه النفقة وضيق الحال فنزل هذا الوحى ، ولو كان النبى غنيا ثريا طوال وقته أو معه خزائن من الأموال فما كان الداعى لحدوث هذا ولنزول هذا الوحى.

وهنا نشير إلى مسألة مهمة وهى أن النبى لو أراد الدنيا وزينتها لاجتمعت له، ولو أراد الخلد فيها ، لكان له. بل إن رب العالمين جل وعلا قد خيره بين أن يكون عبدا رسولا أو ملكا نبياً فاختار أن يكون عبدا رسولا. كما ورد فى الترغيب والترهيب للمنذرى :
فقد جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى السماء فإذا ملكٌ ينزل، فقال له جبريل: هذا الملك ما نزل منذ خُلِقَ قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك أملكاً أجعلك أم عبداً رسولاً، فقال عليه الصلاة والسلام: " لا بل عبداً رسولاً ".
وصلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
__________________
قـلــت :
[LIST][*]
من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )).
[*]
ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
[*]
ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )).
[*]
ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ).
[/LIST]
رد مع اقتباس