عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 2009-11-05, 09:57 PM
ابو سهم ابو سهم غير متواجد حالياً
باحث
 
تاريخ التسجيل: 2009-04-19
المشاركات: 337
افتراضي

مبحث في شهادة رسول الله في خوف الشيطان من عمر:<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>
عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاتي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابِ » . فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ ، أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ » (1)<o:p></o:p>
معاني بعض الكلمات :<o:p></o:p>
الفج: الطريق الواسع<o:p></o:p>
هُنَّ مِنْ أَزْوَاجه ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعَهُنَّ مِنْ غَيْرهنَّ لَكِنْ قَرِينَة قَوْله : " يَسْتَكْثِرْنَهُ " يُؤَيِّد الْأَوَّل ، وَالْمُرَاد أَنَّهُنَّ يَطْلُبْنَ مِنْهُ مِمَّا يُعْطِيهِنَّ . وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُنَّ يُكْثِرْنَ الْكَلَام عِنْده ، وَهُوَ مَرْدُود بِمَا وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم أَنَّهُنَّ يَطْلُبْنَ النَّفَقَة .<o:p></o:p>
وَقَوْله " أَصْوَاتهنَّ عَلَى صَوْته " قَالَ اِبْن التِّين : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَبْل نُزُول النَّهْي عَنْ رَفْع الصَّوْت عَلَى صَوْته ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ طَبْعهنَّ اِنْتَهَى . وَقَالَ غَيْره : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الرَّفْع حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعهنَّ لَا أَنَّ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَ صَوْتهَا أَرْفَع مِنْ صَوْته ، وَفِيهِ نَظَر . قِيلَ وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِيهِنَّ جَهِيرَة ، أَوْ النَّهْي خَاصّ بِالرِّجَالِ وَقِيلَ فِي حَقّهنَّ لِلتَّنْزِيهِ ، أَوْ كُنَّ فِي حَال الْمُخَاصَمَة فَلَمْ يَتَعَمَّدْنَ ، أَوْ وَثِقْنَ بِعَفْوِهِ . وَيَحْتَمِل فِي الْخَلْوَة مَا لَا يَحْتَمِل فِي غَيْرهَا .<o:p></o:p>
قَوْله : ( أَضْحَكَ اللَّه سِنَّك )مم يُرِدْ بِهِ الدُّعَاء بِكَثْرَةِ الضَّحِك بَلْ لَازِمه وَهُوَ السُّرُور ، أَوْ نَفْي لَازِمه وَهُوَ الْحُزْن . قَوْله : ( أَتَهَبْنَنِي ) مِنْ الْهَيْبَة أَيْ تُوَقِّرْنَنِي .<o:p></o:p>
قَوْله : ( أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ )
<o:p>بِالْمُعْجَمَتَيْنِ بِصِيغَةِ أَفْعَل التَّفْضِيل مِنْ الْفَظَاظَة وَالْغِلْظَة وَهُوَ يَقْتَضِي الشَّرِكَة فِي أَصْل الْفِعْل ، وَيُعَارِضهُ قَوْله تَعَالَى ( وَلَوْ كُنْت فَظًّا غَلِيظ الْقَلْب لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلك ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَظًّا وَلَا غَلِيظًا ، وَالْجَوَاب أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَة يَقْتَضِي نَفْي وُجُود ذَلِكَ لَهُ صِفَة لَازِمَة فَلَا يَسْتَلْزِم مَا فِي الْحَدِيث ذَلِكَ ، بَلْ مُجَرَّد وُجُود الصِّفَة لَهُ فِي بَعْض الْأَحْوَال وَهُوَ عِنْد إِنْكَار الْمُنْكَر مَثَلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَجَوَّزَ بَعْضهمْ أَنَّ اللفظ هُنَا بِمَعْنَى الْفَظّ ، وَفِيهِ نَظَر لِلتَّصْرِيحِ بِالتَّرْجِيحِ الْمُقْتَضِي لِحَمْلِ أَفْعَل عَلَى بَابه ، وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُوَاجِه أَحَدًا بِمَا يَكْرَه إِلَّا فِي حَقّ مِنْ حُقُوق اللَّه ، وَكَانَ عُمَر يُبَالِغ فِي الزَّجْر عَنْ الْمَكْرُوهَات مُطْلَقًا وَطَلَب الْمَنْدُوبَات ، فَلِهَذَا قَالَ النِّسْوَة لَهُ ذَلِكَ .<o:p></o:p>
قَوْله : ( إِيهًا اِبْن الْخَطَّاب )<o:p></o:p>
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : الْأَمْر بِتَوْقِيرِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَطْلُوب لِذَاتِهِ تُحْمَد الزِّيَادَة مِنْهُ ، فَكَأَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيه " اِسْتِزَادَة مِنْهُ فِي طَلَب تَوْقِيره وَتَعْظِيم جَانِبه ، وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِلَخْ " فَإِنَّهُ يُشْعِر بِأَنَّهُ رَضِيَ مَقَالَته وَحَمِدَ فِعَاله ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .<o:p></o:p>
قَوْله : ( فَجًّا )<o:p></o:p>
أَيْ طَرِيقًا وَاسِعًا ، وَقَوْله " قَطّ " تَأْكِيد لِلنَّفْيِ .<o:p></o:p>
قَوْله : ( إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْر فَجِّك )<o:p></o:p>
فِيهِ فَضِيلَة عَظِيمَة لِعُمَر تَقْتَضِي أَنَّ الشَّيْطَان لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ ، لَا أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُود الْعِصْمَة إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا فِرَار الشَّيْطَان مِنْهُ أَنْ يُشَارِكهُ فِي طَرِيق يَسْلُكهَا ، وَلَا يَمْنَع ذَلِكَ مِنْ وَسْوَسَته لَهُ بِحَسَبِ مَا تَصِل إِلَيْهِ قُدْرَته . فَإِنْ قِيلَ عَدَم تَسْلِيطه عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ يُؤْخَذ بِطَرِيقِ مَفْهُوم الْمُوَافَقَة لِأَنَّهُ إِذَا مَنَعَ مِنْ السُّلُوك فِي طَرِيق فَأَوْلَى أَنْ لَا يُلَابِسهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّن مِنْ وَسْوَسَته لَهُ فَيُمْكِن أَنْ يَكُون حُفِظَ مِنْ الشَّيْطَان ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ ثُبُوت الْعِصْمَة لَهُ لِأَنَّهَا فِي حَقّ النَّبِيّ وَاجِبَة وَفِي حَقّ غَيْره مُمْكِنَة ، وَوَقَعَ فِي حَدِيث حَفْصَة عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي " الْأَوْسَط " بِلَفْظِ " إِنَّ الشَّيْطَان لَا يَلْقَى عُمَر مُنْذُ أَسْلَمَ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ " وَهَذَا دَالّ عَلَى صَلَابَته فِي الدِّين ، وَاسْتِمْرَار حَاله عَلَى الْجِدّ الصِّرْف وَالْحَقّ الْمَحْض ، وَقَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث مَحْمُول عَلَى ظَاهِره وَأَنَّ الشَّيْطَان يَهْرُب إِذَا رَآهُ وَقَالَ عِيَاض : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَاكَ عَلَى سَبِيل ضَرْب الْمَثَل ، وَأَنَّ عُمَر فَارَقَ سَبِيل الشَّيْطَان وَسَلَكَ طَرِيق السَّدَاد فَخَالَفَ كُلّ مَا يُحِبّهُ الشَّيْطَان ، وَالْأَوَّل أَوْلَى ، اِنْتَهَى . (2) <o:p></o:p>
</o:p>

__________<o:p></o:p>
(1) أخرجه البخاري ومسلم
(2) فتح الباري لابن حجر
رد مع اقتباس