عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2020-01-30, 10:53 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,734
افتراضي حديث مثل القائم علي حدود الله والواقع فيها

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( شرح حديث مثل القائم علي حدود الله والواقع فيها ))

عن النُّعمان بن بَشير رضيَ الله عنهما
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
((مَثَلُ القائمِ على حُدود الله والواقعِ فيها، كَمَثَل قومٍ اسْتَهَمُوا على سفينة، فأصابَ بعضُهم أعلاَها، وبعضُهم أسفلَها، فكان الذين في أسفلها إذا استقَوا من الماء مرُّوا على مَنْ فَوْقَهم، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نصيبنا خَرْقًا، ولم نُؤْذِ مَنْ فوقنا، فإنْ يتركوهم وما أرادوا هَلَكُوا جميعًا، وإنْ أخذوا على أيديهم نَجَوْا، ونَجَوْا جميعًا))
رواه البخاري

المفردات:
الحدُّ: المنع، ومنه سُمِّي البوَّاب الحداد، وكذلك السَّجَّان، والحاجز بين الشيئين؛ لئلا يختلط أحدهما بالآخر، أو لئلا يتعدَّى أحدهما على الآخر، ومنتهى الشيء وغايته؛ لأنه يردُّه ويمنعه عن التمادي، هذا في لسان العرب.

وأما في اصطلاح الشرع:
فقد أُطلقت الحدود على العقوبات المُقدَّرة الرادعة عن المحارم المغَلَّظة، كحدود الزنا والسرقة وشرب الخمر، ومن هذا قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِحِبِّه أسامة: ((أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟!))؛ يعني: في قطع يد المرأة التي سَرَقت، وقصَّتُها في الصحيحين

وأُطلقت على محارم الله ومعاصيه؛ لأنَّ الله منع منها، أو لأنه جعلها نهايات لمَا أباح لعباده، فلا يجوز لهم أن يعتدوها، بل لا ينبغي لهم أن يقربوها؛ لأنَّ من رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه

من هذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
((إني آخذٌ بحُجَزكم اتَّقُوا النار، اتَّقُوا الحُدود))
قالها ثلاثًا؛ أخرجه الطبراني والبزَّار[6].

وأُطلقت الحدود كذلك على جملة ما أذن الله لعباده فيه؛ سواء أكلَّفهم إيَّاه أم أباحه لهم، وليس وراء ما حدَّ لهم ممَّا أذن فيه إلا ما حظر ومنع.

وقد تُطلق على جملة ما شَرَع الله لعباده ممَّا أمر ونهى، وأحلَّ وحرَّم، ومنه قوله تعالى في الثناء على المؤمنين الصَّادقين الذين اشترى منهم أنفسم وأموالهم بأنَّ لهم الجنة:
﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ﴾

[التوبه]
ونرى أنَّ هذا أنسب المعاني الأربعة هنا، وأوْلاها بالمُراد في هذا الحديث
والقيام على حدود الله:
رعايتُها وحفْظُها، وإحلالُ ما أحلَّ، وتحريمُ ما حرَّم منها، ويتمثَّل ذلك جليًّا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير.

والوقوع فيها:

التهاون بها والتَّردِّي في مخالفتها.

والاستهام على السفينة:

الاقْتراعُ بضرب السِّهام ليأخذَ كلٌّ نصيبَه منها.
وجمهور العلماء على جواز القُرعة والاحتكام إليها، ولذا استدلَّ البخاري بهذا الحديث على القُرعَة بين الشركاء عند القسمة.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرًا أَقْرعَ بين نسائه، فأيَّتُهُنَّ خرج سهمُها خَرَج بها معه
وليس هذا مجال التبسُّط فيها
الأخذ على اليد:

المنعُ، يُقال: أخذتُ على يد فلان، إذا منعته عما يريد، كأنك أمسكت يده.

فوائد الحديث:
1- قَالَ الْمُهَلَّب وَغَيْره: فِيهِ اِسْتِحْقَاق الْعُقُوبَة بِتَرْكِ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ والنهي عن المنكر.
2- َتَبْيِين الْعَالِم الْحُكْم بِضَرْبِ الْمَثَل, ليكون أبلغ في البيان.
3- وُجُوب الصَّبْر عَلَى أَذَى الْجَار إِذَا خَشِيَ وُقُوع مَا هُوَ أَشَدّ ضَرَرًا, وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يُحْدِث عَلَى صَاحِب الْعُلْو مَا يَضُرّ بِهِ, وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحه, وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْو مَنْعه مِن الضَّرَر
4- فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه سبب للعصمة والنجاة.
5- أن سلامة القصد غير كاف لصحة العمل وصوابه، بل لا بد أن يكون موافقاً للشرع، ومراعياً لما جاء به من القواعد والضوابط.
§§§§§§§§§
رد مع اقتباس