عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 2012-05-09, 01:16 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن ـ ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا }

الحمد لله على نعمة الإسلام وكفي بها نعمة والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلي يوم الدين .
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز في سورة مريم, بسم الله الرحمن الرحيم { وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)}.
في تفسير هذه الآية ذكر بعض المفسرين ما معناه أن الناس جميعا سوف يردون النار و يسيرون على صراط مضروب علي النار ويسقط فيها الكافر ثم ينجي الله المؤمنين علي الصراط من وقوعهم فى النار وجاء في تفسير الشيخ الشعراوي ما يلي :-

{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }
وهذا خطاب عام لجميع الخلْق دون استثناء، بدليل قوله تعالى بعدها:{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } إذن: فالورود هنا يشمل الأتقياء وغيرهم
وجاء في كتاب مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام ألنسفي
{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } * { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً } * { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }
{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ } طائفة شاعت أي تبعت غاوياً من الغواة
{ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً } جرأة أو فجوراً أي لنخرجن من كل طائفة من طوائف الغي أعتاهم فأعتاهم، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب، نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم. وقيل: المراد بأشدهم عتياً الرؤساء لتضاعف جرمهم لكونهم ضلالاً ومضلين.
{ ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }
{ ثُمَّ نُنَجّى } وعلي بالتخفيف { ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } عن الشرك وهم المؤمنون { وَّنَذَرُ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } فيه دليل على دخول الكل لأنه قال: { وَّنَذَرُ } ولم يقل وندخل، والمذهب أن صاحب الكبيرة قد يعاقب بقدر ذنبه ثم ينجو لا محالة) أ.هـ

وجاء في * تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) في تفسير الآيتين 71ـ72 من سورة مريم.
{ وَإِن مِـّنكُمْ } التفات إلى الإنسان، يعضده قراءة ابن عباس وعكرمة رضي الله عنهما: « وإن منهم » أو خطاب للناس من غير التفات إلى المذكور، فإن أريد الجنس كله فمعنى الورود دخولهم فيها وهي خامدة، فيعبرها المؤمنون وتنهار بغيرهم. عن ابن عباس رضي الله عنه: يردونها كأنها إهالة. وروي دواية.

وعن جابر بن عبد الله. (أنه سألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ قالَ بعضُهُمْ لبعضٍ: أليسَ قدْ وعدَنَا رَبنا أنْ نردَ النارَ، فيقالُ لَهُمْ: قدْ وردتمُوها وهي خامدةٌ ).
وعنه رضي الله عنه أنه سُئِل عن هذه الآية؟ فقال: (سمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: الورودُ الدخولُ، لا يبقَى بَرٌ ولا فاجرٌ إلاَّ دخلها، فتكونُ على المؤمنِينَ برَداً وسلامَاً كَما كانَتْ على إبراهيمَ، حتَّى إنَّ للنارِ ضجيجَاً مِنْ بردهِا) وأما قوله تعالى: { أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } (الأنبياء: 101) فالمراد عن عذابها. وعن ابن مسعود والحسن وقتادة: هو الجواز على الصراط؛ لأنّ الصراط ممدود عليها. وعن ابن عباس: قد يرد الشيءُ الشيءَ ولا يدخله، كقوله تعالى: { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ } (القصص: 23) ووردت القافلة البلد، وإن لم تدخله ولكن قربت منه.) أ.هـ
* إذا كان الورود ليس معناه الدخول (كما جاء في اغلب التفاسير عن معنى الورود في هذه الآية واستشهدوا بمعنى الآية23من سورة القصص ) فيكون البار والفاجر حول جهنم ليرى المؤمن مصير أهل النار وهم يدخلونها إلى آخر واحد من أهلها ثم بعد أن ينتهي المشهد ويحشر أهل النار في النار ويساق الذين امنوا إلى الجنة زمرا وتفتح لهم أبوابها وعلى هذا المعنى والله اعلم يكون الصراط المضروب على النار ليس هو المعنى في هذه الآية.

وعن مجاهد: ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا، بقوله عليه الصلاة والسلام: " الحمّى من فيح جهنم " وفي الحديث " الحمّى حظ كل مؤمن من النار " ويجوز أن يراد بالورود: جثوّهم حولها. وإن أريد الكفار خاصة، فالمعنى بيِّن.
* وعلى ما جاء به الزمخشري في تفسيره عن مجاهد الذي ورد عنه حديث للرسول (صلى الله عليه وسلم) يكون المؤمن اخذ حظه من النار فى الدنيا ولا داعي لعبوره الصراط المضروب على النار ولا يردها.

جاء في الألباني ما نصه:/ جاء في مشكاة المصابيح:
(صحيح ) : وعن حفصة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية " قلت : يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى : { وإن منكم إلا واردها } قال : " فلم تسمعيه يقول : { ثم ننجي الذين اتقوا }
الرسول الكريم لم يشر إلى ورود المؤمنين النار فى هذا الحديث
* صدق الرسول الكريم إن كان قاله ويكون المعنى الذي أشرت إليه سابقا في مسألة الورد يكون حول جهنم وليس بداخلها. .
وفي رواية : ( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة - أحد - الذين بايعوا تحتها ) " . رواه مسلم
وهذا الحديث ينفى عن الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة ان يمروا على الصراط ولن يردوا النار ولم يشملهم التعميم فى قول الله عز وجل { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }.

نقول بفضل الله تعالى في التدبر لهذه الآيات والله أعلم بمراده:

أولا:
لا يوجد في الآية 71ـ72 من سورة مريم ما يفيد وجود صراط مضروب على النار ليعبر عليه جميع الخلائق المؤمن والكافر. وذلك اعتمادا على الآتى:

ثانيا:
جاء في الألباني ما يلي الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ( كما كانت ) على إبراهيم حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردهم ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا, واضح من تدقيق الشيخ الألباني إن هذا الحديث موضوع أو ضعيف كما جاء في الكتاب .

ثالثا:
وجاء عن مجاهد: ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا، بقوله عليه الصلاة والسلام: " الحمّى من فيح جهنم "
وفي الحديث " الحمّى حظ كل مؤمن من النار "
هذا حديث آخر ينفى ورود المؤمن النار أو انه يسير على الصراط المضروب على النار وجعل الله برحمته الحمى التي يصاب بها الإنسان في مرضه هو نصيبه من النار حسب ما جاء في الأحاديث المذكورة.

رابعا:
جاء في سورة الفجر { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ } * { ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } * { فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } * { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي }
في هذه الآيات يقول لنا الله جل شأنه أن النفس المطمئنة ترجع إلى الله راضية مرضية ويقول لها فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.ونلاحظ كلمة فادخلي و(الفاء) لا تفيد ترتيبا ولا يوجد فاصل زمنى أما في الآية 72 من سورة مريم يقول سبحانه : { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا {72} هنا كلمة (ثم) وهى تفيد الترتيب والفاصل الزمنى الكبير ويكون على هذا أن المؤمنين سيمكثون في النار فترة ليست قليلة. وهذا التفسير يناقض الآيات من سورة الفجر{ فَٱدْخُلِي فِي عِبَادِي } * { وَٱدْخُلِي جَنَّتِي } والتي تفيد أن النفس المؤمنة ستدخل فى عباد الله وتدخل الجنة مجرد رجوعها إلى الله ولن تجمع مع الكافرين سواء حول النار أوعلى طريقهم الى النار ليعبروا عليها إلى الجنة ويسقط الكافرون في النار.

خامسا:
جاء في سورة الزمر: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) }
في هذه الآيات يبدأ الله عز وجل بما يكون للكافرين :
" بعد أن يبكت ملائكة النار -(خزنتها)- الكافرين قيل لهم ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها أما المؤمنون –الذين اتقوا الله- { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)}.
وهذا أيضا ينفى جمع الكافرين مع المؤمنين كما جاء في تفسير البعض من المفسرين للآيات 71 و 72 من سورة مريم لأن كل جماعة لها طريقها كما جاء فى الآية
{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } الآية , ثم { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } الآية وفي سورة النحل: { الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون (32)}.
في هذه الآية تبشر الملائكة المؤمنين بأنهم اذا ما توفتهم{ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون } الآية ولا يوجد ما يشير إلى ورودهم النار مع الكافرين ثم ينجيهم الله من النار ليدخلوا الجنة. َ

وفي سورة الأنبياء: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)}.
الآية تشير أن المؤمنين لن يسمعوا حتى حسيس جهنم وكذلك لا يحزنهم الفزع الأكبر –وورود البار مع الفاجر الى جهنم ومرورهم على صراط يضرب على النار ليعبر عليها البار مع الفاجر أليس هذا اشد فزع للمؤمنين والذي وعدهم الله إلا يحزنهم الفزع الأكبر وما يقوله المفسرون هو الفزع الأكبر بعينه وليس فيه بشرى للمؤمنين الذي كلف بها الله رسوله الكريم أن يبشر الذين أمنوا .
جاء في سورة آل عمران: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)}.
وفي سورة الشعراء: { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91)}.
جاء في تفسير هذه الآيات في مفاتح الغيب التفسير الكبير للرازى (اعلم أن إبراهيم عليه السلام ذكر في وصف هذا اليوم أموراً: أحدها: قوله: { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } والمعنى أن الجنة قد تكون قريبة من موقف السعداء ينظرون إليها ويفرحون بأنهم المحشورون إليها والنار تكون بارزة مكشوفة للأشقياء بمرأى منهم يتحسرون على أنهم المسوقون إليها قال الله تعالى في صفة أهل الثواب { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)}(ق) وقال في صفة أهل العقاب: { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ...(27)}(الملك) وإنما يفعل الله تعالى ذلك ليكون سروراً معجلاً للمؤمنين وغماً عظيماً للكافرين
وروى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار سبعين خريفا ).

وجاء في كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي:
وأخرج الترمذي عن أبي أمامة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض ), هذا ينفى جمع المؤمنين مع الكافرين ليعبروا خلال صراط مضروب على النار ليسقط الكافر فى النار وينجى منها المؤمن بإذن الله .

سادسا:
{ فَوَقَاهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً (12) مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ (15) قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً (21) إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً (22) }) سورة الإنسان).
في هذه الآيات من سورة الإنسان من ألآية 11 حتى الآية 21 يخبرنا الله جل شأنه عما يكون للمؤمنين في الآخرة (فالخطاب عنهم) ثم ينتقل في الآية 22 للكلام لهم في الآخرة 22 للكلام معهم. { إن هذا كان لكم جزاء ...}.
وهذا مشابه تمامآ لما كان في الآيات من سورة مريم { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } ,يخبر الله (جل شأنه) عنهم رسوله والمؤمنين بأنه سيجمعهم والشياطين فقط حول جهنم جثيا وليس معهم المؤمنون ثم يقول { ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عِتِيّاً * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيّاً }
* هنا ما زال الخبر عنهم للرسول عليه الصلاة والسلام ثم ينتقل الله عز وجل في الكلام معهم { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } , ويقول الله لهم لن يفلت أي منهم في هذا الحشر ولن ينسى منهم أي فرد ثم ينتقل الحديث عن المؤمنين ثم ينجيهم وهنا (ثم) تعنى التباعد الزمنى أو التباعد في المكان ويترك الكافرين في جهنم.
ويؤكد الله في الآيات 85 ـ86 من نفس السورة ليرد على القول بان المؤمنين سيردون جهنم مع الكافرين ثم ينجى المؤمنين من النار{ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً (85) وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدا (86)}ً
* في الآيتين 85ـ86 يقول الله انه سيحشر المؤمنين إلى الرحمن وفدا , ويسوق المجرمين إلى جهنم وردا (نلاحظ كلمة ونسوق والواو هنا لاتفيد ترتيبا ولا يوجد فاصل زمنى ) بينما سيحشر المومنين الى الرحمن يساق الذين كفروا الى جهنم.

ويقول الشيخ الشعراوى رحمه الله في تفسير الآية 85 من سورة مريم ما نصه :
{ نحشر: أي: نجمع، والوفد هم الجماعة ترِدُ على الملِك لأخْذ عطاياه، جمعها وفود، والواحد وافد. وهذه حال المتقين حين يجمعهم الله يوم القيامة وَفْداً لأخذ عطايا ربهم تبارك وتعالى. ولا تظن أنهم يُحشَرون ماشين مثلاً، لا، بل كل مؤمن تقي يركب ناقة لم يُرَ مثل حُسْنها، رَحْلها من ذهب، وأزمّتها من الزبرجد.وفي المقابل يقول الحق تبارك وتعالى: { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ } إذن: فقوله تعالى: { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } تهكُّم، كما تقول للولد المهمل الذي أخفق في الامتحان: مبروك عليك السقوط) ..... أ.هـ
في تفسير هذه الآيات لم يتكلم فضيلته عن المرور على الصراط بين النار والجنة رغم إنها في نفس السورة أو روود المؤمنين مع الكافرين جهنم!!!.

وجاء في مدارك التنزيل وحقائق التأويل للإمام النسفى "({ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } ركبانا على نوق رحالها ذهب وعلى نجائب سروجها ياقوت { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ } الكافرين سوق الأنعام لأنهم كانوا أضل من الأنعام { إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } عطاشاً لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش وحقيقة الورد المسير إلى الماء فيسمى به الواردون، فالوفد جمع وافد كركب وراكب والورد).
وجاء في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه مسلم( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة - أحد - الذين بايعوا تحتها ).
ما جاء في الحديث يدل على أن المؤمنين لن يردوا النار ولن يعبروا الصراط المضروب عليها كما جاء في التفاسير الذين فسروا هذه الآيةو لم تتثنى احد من الورود كما جاء في الآية { وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71)} والرسول هو الأعلم بمراد ربه فلو كانت ألآية كما فهمها المفسرون والتي لا تثتثى أي أحد سواء كافر أو مؤمن ، ما قال الرسول هذا الحديث ( لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة - أحد - الذين بايعوا تحتها ).
هل العشرة المبشرون بالجنة سيردون هم كذلك النار ؟!!!

سابعا:
جاء في تفسير الآيات 46ـ49 من سورة الاعراف : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)}.
الأعراف هم الذين تساوت حسناتهم مع سيئاتهم
يقول فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيره لهذه الآيات ما نصه :
وقوله الحق: { وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَآءَ } أي جهة أصحاب النار يقولون: { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }.وكأن أصحاب الأعراف قد صرفت أنظارهم لأصحاب النار ويرون فيهم طبقات من المعذبين،هنا يدعو أهل الأعراف: يا رب جنبنا أن نكون معهم. إنهم حين يرون بشاعة العذاب يسألون الله ويستعيذون به ألا يدخلهم معهم. ويشير أهل الأعراف إلى المؤمنين الصادقين لأهل النار: أهؤلاء الأبرار من أهل الجنة الذين تقولون إنهم لن ينالوا رحمة الله؟ هم إذن- أهل الأعراف- قد عقدوا المقارنة والموازنة بين أهل الجنة وأهل النار، وكأنهم نسوا حالهم أن يقفوا في انتظار الفرج وفرحوا بأصحاب الجنة ووبخوا أهل النار، ولم يشغلهم حالهم أن يقفوا موقف الفصل في هذه المسألة، وهنا يدخل الحق سبحانه أصحاب الأعراف جنته لفرحهم بأصحاب الجنة، وتوبيخهم أهل النار ويقول لهم: {...ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ } .
والأعراف هم الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم؛ هي الطائفة التي جلست على الأعراف، فلم تثقل حسناتهم لتدخلهم الجنة،ولم تثقل سيئاتهم ليدخلوا النار) .. أ.هـ
معنى ذلك إن الأعراف لن يمروا على الصراط وهذا ضد تفسير المفسرين قول الله { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً }.
والقول الفصل جاء فى هذه الاية :{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)}(الأنبياء) هذه الآية توضح من هم الذين يردون النار وهم الكفار وما يعبدون وفى هذه الآية أيضا لا يوجد أي إشارة إلى ورود المؤمنين لجهنم بل تنفى عنهم ذلك والله اعلى واعلم.
مما سبق ...: القول بان المؤمنين والكافرين سيردون إلى جهنم جميعا ثم ينجى الله المؤمنين ويترك الكافرين في جهنم قول جانبه الصواب أو أن جميع الخلائق يمرون على صراط مضروب على النار فيسقط فيها الكافر وينجوا الذين آمنوا برحمة الله.
ويكون القول بان أهل الجنة يحفظهم الله من رؤيتها لأن لهم طريقا وحدهم الى الجنة وكذلك أهل النار يساقون الى جهنم ولهم طريق وحدهم قبل دخولهم ثم يرى المومنون والكافرون بعضهم بعضا بعد إن ينتهي المشهد ويكون أهل الجنة فى الجنة وأهل النار في النار ويكلم بعضهم بعضا هو القول الصواب ( والله أعلى واعلم).
وعن ابن عمررضي الله عنهما : إن كتاب اللّه هو الذي يجب العمل به، وحيث ورد مطلقاً فلا يقيده الحديث، ثم لينظر بعد ذلك للحديث، فإما أن تكون رواية غير صحيحة، وبذلك ينتهي الإشكال، وإما أن يكون صحيحاً ولكنه نسخ بهذه الآية أو بحديث آخر.
لو تدبرنا القرآن كما امرنا الله ما كان هذا الفهم يسود بين المسلمين

تم بحمد الله.
فإن كان ما قلناه حقا فالله أولى به ..وأجرنا عنده وإن كان باطلا فنحن أولى به.وليغفر لنا الله
الحمد لله ولا اله إلا الله محمد رسول الله
اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك وهب لنا لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وجوارح لا تعمل إلا في طاعتك وادخلن جنتك بمنتك ورحمتك.
اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا ومن امامنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك من أن نغتال من تحتنا.

يتبع
رد مع اقتباس