عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 2012-05-25, 12:09 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة التحدي بالقرآن- ليس بكلام بشر*
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ }

الحمد لله رب العالمين, الحمد لله الذي أرسل رسوله بدين الحق ولم يجعل له عوجا والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : بسم الله الرحمن الرحيم:

1:- { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) }(البقرة).

2:- { نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ (3) }(آل عمران)

3:- { وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)}(الأنعام).

4:- { وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (37)}(يونس)

5:- { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)}(يوسف).

6:- { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)}(سبأ).

7:- { وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)}(فاطر).

8:- { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}(فصلت).
9:- { قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31)}(الأحقاف).

قبل أن نستعرض ما جاء به معظم المفسرون في قول الله عز وجل { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } التي لم يختلف المفسرون في تفسيرها على أن القرآن مصدقا للكتب السابقة وهى "الإنجيل والتوراة" ولكني أرى فيها رأيا آخر وذلك للأسباب الآتية:

1:- أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبعث إلى بني إسرائيل ولكن للناس كافة ، قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}(سبأ) ، ولكن جاء ليكشف لهم ما كان يخفوه من كتبهم لعلهم يؤمنوا كما جاء في قوله سبحانه المائدة : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (14) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَه سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (15)}(المائدة).

2:- إن الرسول لم يكن التوراة والإنجيل هو الذي بين يديه ولم يدعوا به ولكنه أتى بشريعة جديدة وكان الذي بين يدي الرسول هو ما كان يوحى إليه من القرآن يدعوا به قومه إلى الإيمان بالله جل شأنه وكان يحكم بالذي جاء فيه من أحكام ولم يحكم بما جاء بالتوراة والإنجيل بل جاءت التوراة ليحكم بها اليهود وجاء الإنجيل ليحكم بها أتباع عيسى عليه السلام وجعل الله لكل شرعة ومنهاجا {المائدة41-42 إلى الآية 49}.

3:- القرآن كشف زيف أهل الكتاب وتحريفهم وما فعلوا بكتبهم من إضافة وحذف واخفوا كثيرا من آياته خاصة ما جاء فيه بالتبشير بالرسول بل إنهم كتبوا كتب بأيديهم وادعوا أنها من عند الله وهى ليست من عند الله كما جاء فى الآية : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79)}(البقرة).

4:- إن تلاعب وعبث أهل الكتاب في كتبهم كان قبل بعثة الرسول الكريم بدليل ما جاء به القرآن من الآيات التي كشفتهم وما زال العبث بكتبهم مستمر حتى أن التوراة والإنجيل الحقيقي لم يعدا موجودان بل كتبوا بأيديهم أربع أناجيل بفعل شياطينهم من الإنس غير ما أضيف له من خزعبلات والتوراة التي الصقوا فيها أبشع التهم لأنبياء الله ورسله , والغريب أن أهل الكتاب ينفون أي تحريف في كتبهم بحجة أن القرآن رغم عدم الإيمان به مصدقا عليها كما جاءت به كتب التفاسير وادعوا أن المسلمين يقولون على كتبهم بأنها محرفة لأنهم لم يجدوا البشارة برسولهم كما جاء به القرآن حتى برنابا الذي له إنجيل باسمه فيه بعض من الحقيقة أدعوا عليه انه مجنون حتى وصل الأمر لأحد القساوسة في مقالة له نشرت على ألنت في موقع "النور" أن برنابا كان مسلما من أتباع محمد وكتب هذا الإنجيل ليظهر فيه البشارة بمحمد رسول الله.

5:- اليهود الذين كانوا بالمدينة وقت وجود الرسول بها علموا أن الآيات لا تعنى تصديقا على كتبهم وإلا كانوا حاجوا الرسول بالقرآن نفسه وادعوا صدق ما بين أيديهم من الكتب, وادعوا كذلك أن هناك تضارب في القرآن فكيف بنقد كتبهم وفى نفس الوقت يصدق عليها.
والآن لايوجد أي نسخة من أصل التوراة والإنجيل من قبل بعثة الرسول --قد يكون نفر من أهل الكتاب استحفظوا بعضا منه-- بدليل أن القرآن يخاطب أهل الكتاب دون استثناء من وقت نزول القرآن.

6:- أن ما بين يدي الشئ يكون من جنسه كما جاء في كتاب روح المعاني للإمام الالوسي وعليه يكون ما بين يدي القرآن هو الآيات التي جاءت فيه-- قد يقول قائل أن التوراة والإنجيل من جنس القرآن هذا كلام صحيح ولكن أين أصل هذه الكتب من قبل بعثة الرسول الكريم ليكون مصدقا عليها؟-- كما سنرى في تفسير بعض الآيات المشار إليها.

7:- القرآن مصدقا وهو مستمر فى التصديق فى كل ألازمنه ولم يقل كان مصدقا أو سيصدق .
قبل وبعد كل شئ لا يوجد في القرآن أي تناقض ولكن علينا نبحث عن تفسير آخر لهذه الآيات التي وردت بها كلمات " تصديق الذي بين يديه"

نستعرض بعض هذه الآيات ونرى قول المفسرين فيها.

{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97)}(البقرة).

يقول الشيخ الشعراوى رحمه الله فى خواطره(.. وهو "يقصد ألقرآن " مصدق لما بين يديهم من التوراة)

يقول سيد قطب فى ظلال القرآن (ان المقصود أن القرآن مصدقا لما بين يدي أهل الكتاب "التوراة والإنجيل")

جاء فى مفاتيح الغيب , التفسير الكبير للرازي رحمه الله (قوله تعالى: { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } فمحمول على ما أجمع عليه أكثر المفسرين من أن المراد ما قبله من كتب الأنبياء ولا معنى لتخصيص كتاب دون كتاب، ومنهم من خصه بالتوراة وزعم أنه أشار إلى أن القرآن يوافق التوراة في الدلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ).

أرى أن الصواب والله أعلم في تفسير ما جاء بالآية الكريمة : { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ }

:- من سياق الآية أن الخطاب من الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود الذين يحتجوا على الرسول بان الذي انزل القرآن عليه هو جبرائيل وهذا الملك عدو لهم حسب زعمهم فيقول له الله جل شانه أن من كان عدوا لهذا الملك فهو عدو لله ويرد الله عليهم كذلك بان جبرائيل انزل القرآن من عند الله والله مصدقا لما بين يدي جبرائيل من الآيات التي أرسله بها, فليس هذا سببا إلى عدم الإيمان بمحمد لآن القرآن جاء من عند الله نزل به جبريل على قلب الرسول والله مصدقا عليه آية آية ولم يكن القرآن من عند جبرائيل

{ نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ (3)}(آل عمران).

يقول الطبري في قول الله تعالى : { مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعنـي بذلك القرآن، أنه مصدّق لـما كان قبله من كتب الله التـي أنزلها علـى أنبـيائه ورسله، ومـحقق ما جاءت به رسل الله من عنده، لأن منزل جميع ذلك واحد، }

يقول النسفى :-
{ مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما قبله
ونعود إلى الآية التي قبلها { الۤمۤ (1) ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ (3)}(آل عمران) .
*الله جل شانه لا إله غيره وهو الحي القيوم وانه انزل القرآن على محمد وانه (الله) مصدقا لما في هذا الكتاب وهو القرآن من أول حرف إلى آخر حرف وهذا التصديق مستمر إلى يوم القيامة لان ( مُصَدِّقاً } {نصِب على الحال من الله وهو مستمر) وأنزل التوراة والإنجيل
{ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92)}(الأنعام).

جاء فى أنوار التنزيل وأسرار التأويل للإمام البيضاوي رحمه الله:-
{ مُّصَدّقُ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني التوراة أو الكتب التي قبله.

تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) جاء فيه:-
فصل في معنى التصديق في الآية معنى كونه " مصدقاً لما قبله " من الكتب المنزلة قبله أنها ( توافقنا في نفي الشرك وإثبات التوحيد ).
قال تعالى: { وَمَا كَانَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.(يونس 37).

تفسير فتح القدير/ الشوكانى (ت 1250 هـ)
{ تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } من الكتب المنزلة على الأنبياء.

جاء في تفسير روح المعاني للألوسى(ت 1270هجرية):
{وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } أي من الكتب الإلهية كالتوراة والإنجيل
في تفسير هذه الآية والله اعلم : الله ينفى عن القرآن أن يكون مفترى من عند محمد ولكن تصديق الذي يحتويه وتفصيله بلا شك هو من عند الله. لان الله ما دام نفى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون افترى القرآن ويكون جواب النفي هو أن الله جل شانه هو الذي انزل القرآن ومصدق على كل كلمة منه لان الكلام والتفصيل لترتيب الآيات وترتيب السور لا ريب –لا شك- هو من عند الله أي ان ترتيب الآيات والسور موقوفة ولا يمكن التغير أو التعديل فيها .
قال سبحانه: { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (111)}(يوسف).

جاء فى مفاتيح الغيب التفسير الكبير للإمام الرازي :ـ { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } وهو إشارة إلى أن هذه القصة وردت على الوجه الموافق لما في التوراة وسائر الكتب الإلهية،
قال عز وجل: { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ هُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)}(فاطر).

جاء في الوسيط في تفسير القرآن /طنطاوي:-
{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي: أن من صفات هذا القرآن أنه مصدق لما تقدمه من الكتب السماوية. كالتوراة والإِنجيل.}

جاء في الكشاف للزمخشرى:-{ ٱلْكِتَـٰبِ } القرآن. ومن للتبيين أو الجنس. و«من» للتبعيض { مُصَدّقاً } حال مؤكدة؛ لأنّ الحق لا ينفك عن هذا التصديق { لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } لما تقدّمه من الكتب .
في هذه الآية يقول الله جل جلاله { وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } الذي أوحى الله إلى الرسول هو القرآن :-{ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } ونجد هنا الدقة في التعبير بالذي أوحينا أي القرآن والقرآن لم يحدث به الله جل شأنه الرسول مباشرة ولكن وحيا عن طريق جبريل عليه السلام ولذلك يطمأن الله الرسول بان ما أوحي إليه عن طريق جبريل هو الحق من عند الله جل جلاله ومصدق عليه منه ولم يأتي جبريل من عنده بأي آية منه لان الله بعباده خبير بصير.
قال عز من قائل: { قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ }(الأحقاف 30).
جاء فى الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي{ أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ }وهو القرآن { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } يعني ما قبله من التوراة.
أي أن القرآن مصدقا على التوراة

تفسير الجلالين. الإصدار 1,13 للإمام جلال الدين المحلِّي والإمام جلال الدين السيوطي :
{ قَالُواْ يٰقَوْمَنَآ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً } هو القرآن { أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي تقدمه التوراة { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } الإسلام { وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي طريقه إن الجن لما استمعوا إلى القرآن وذهبوا إلى قومهم قالوا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى ونلاحظ أن الجن اختزلوا المسافة بن الرسول وسيدنا موسى حتى لا يظن احد أن التوراة التي كانت بين يدي اليهود في زمن الرسول ولكنهم يتكلمون عن أصل التوراة التي أنزلت على موسي عليه السلام وان التوراة التي يعرفها الجن من قبل هي تصدق على القرآن الذي يدعون له بين قومهم فى كل ما جاء به التوراة من التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد وهم عرفوا لقومهم المجهول للجن وهو القرآن بالمعلوم عندهم وهو توراة موسى.

أما ما جاء فى سورة المائدة: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }(48).

جاء فى تفسير الشيخ الشعراوى (خواطر) رحمه الله:
(ولذلك قال الحق: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } ونرى أن آيات القرآن تتآزر وتخدم كل منها الأخرى. ونزول الكتاب بالحق يحتاج إلى صدق دليل أنه ينزل من الله حقا، وأن تأتي كل قوانين الحق في حركة الحياة بالانسجام لا بالتنافر، وهناك آية تشرح كلمة " الحق ":
{ وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ ..(105)}(الإسراء)، أي أنه نزل من عند الله وليس من صناعة بشر. { وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ } أي نزل بالمنهج من عند الله الذي يقيم منطق الحق في كل نفس وكل مكان، ويَضمن كل حق يقيم حركة الحياة.
وهنا أجملت الآية، فقالت: { وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ } أي أن القرآن مصدق للكتب السماوية السابقة. وما الفارق بين كلمة " الكتاب " الأولى التي جاءت في صدر الآية، وكلمة " الكتاب " الثانية؟
إننا نعلم أن هناك " ال " للجنس، و " ال " للعهد، فيقال " لقيت رجلا فأكرمت الرجل " ، أي الرجل المعهود الذي قابلته. فكلمة الكتاب الأولى اللام فيها للعهد أي الكتاب المعهود المعروف وهو القرآن، وكلمة الكتاب الثانية يراد بها الجنس أي الكتب المنزلة على الأنبياء قبله، فالقرآن مهيمنٌ رقيبٌ عليها؛ لأنها قد دخلها التحريف والتزييف.)

وحاء فى جامع البيان لأحكام القرآن للإمام الطبري (رحمه الله)
هذا خطاب من الله تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم، يقول تعالـى ذكره: { وأنْزَلْنا إلَـيْكَ } يا مـحمد { الكِتابَ } ، وهو القرآن الذي أنزله علـيه. ويعنـي بقوله: { بـالـحَقّ }: بـالصدق، ولا كذب فـيه، ولا شكّ أنه من عند الله. { مُصَدّقاً لِـمَا بـينَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتابِ } يقول: أنزلناه بتصديق ما قبله من كتب الله التـي أنزلها إلـى أنبـيائه. { وَمُهَيْـمِناً عَلَـيْهِ } يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إلـيك يا مـحمد مصدقاً للكتب قبله، وشهيداً علـيها أنها حقّ من عند الله، أميناً علـيها، حافظاً لها. وأصل الهيـمنة: الـحفظ والارتقاب، يقال إذا رقيب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيـمن فلان علـيه، فهو يهيـمن هيـمنةً، وهو علـيه مهيـمن!.) ).
اما القول بأن القرآن امينا وحافظا لكتب السابقة مثل التوراة والانجيل فالسؤال هنا اذا كان القرآن امينا وحافظا للكتب السابقة فلماذا حرفت هذه الكتب وتم التغير والتبديل فيها؟

جاء فيما ذكره فضيلة الشيخ الشعراوى في تفسير الآية الكريمة (48) من سورة المائدة ما نصه : (ونزول الكتاب بالحق يحتاج إلى صدق دليل أنه ينزل من الله حقا).
ولكن لم يذكر فضيلته ذلك الدليل الذي أشار إليه ليؤكد ان القرآن من عند الله تعالى)........إنتهى

ولكن الدليل هو أن الله مصدقا لما بين يدي القرآن لأنه كذلك مهيمنا عليه اى أن الله حفيظا على هذا الكتاب كما جاء ايضا فى سورة الحجر: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} ولم يتركه كغيره من الكتب السابقة للناس .
يقول الله سبحانه وتعالى انه انزل القرآن للرسول ليكون له منهاجا الدعوة وشرعتها وان الله مصدق لما بين يدي الكتاب وهو القرآن والله مهيمنا على القرآن وحافظا له .

وجاء في تفسير الطبري
{ وَمُهَيْـمِناً عَلَـيْهِ } يقول: أنزلنا الكتاب الذي أنزلناه إلـيك يا مـحمد مصدقاً للكتب قبله، وشهيداً علـيها أنها حقّ من عند الله، أميناً علـيها، حافظاً لها).
ولكن المفسر يعلم ان الكتب السابقة حرفت واخفوا منها الكثير حتى أنهم كتبوا غيرها وادعوا انه من عند الله تعالى فكيف يكون القرآن أمينا عليها حفيظا لها والقرآن نفسه فضحهم

الخلاصة:
القرآن انزل على سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ليهدي الله به الناس أجمعين على مر الزمن والى ان تقوم الساعة وهو حجة على من استمعه ويصحح لأهل الكتاب كتبهم من التحريف والحذف والإضافة ويعرفهم أن ما كتبوا ليوهموا الناس انه من عند الله يعلمهم ويعلم الجميع أن هذا ليس من عند الله ولم ينزل القرآن ليكون مصدقا ومهيمنا (حافظا) على كتبهم خاصة بعد تحريفهم إياها وتمسكهم بها ولم يعد لأصل التوراة والإنجيل وجود حسب تأكيد علماء النصارى.

والله أعلى واجل واعلم .

* بتصرف بسيط

يتبع
رد مع اقتباس