عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-06-20, 02:28 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي البصمة القرآنية / إعداد: د. أحمد محمد زين المنّاوي

البصمة القرآنية

إعداد: الدكتور أحمد محمد زين المنّاوي



هندسة طبية حيوية فريدة ومحيّرة، خريطة بشرية لا يتشابه فيها اثنان من البشر..
خريطة لا تتجاوز مساحتها السنتيمتر المربع الواحد.. إنها بصمات أصابعكم!!
فمع مرور الزمان، واعتياد الإنسان على ما حوله من علوم واكتشافات، فإنه يمرّ على كثير من الأمور الباهرة في هذا الكون.. مرور الكرام.
ولعل أكثر الأمور الباهرات التي لا يتوقف الإنسان عندها كثيرًا هو الإنسان نفسه!
هذا المخلوق الذي يُعد دليلًا باهرًا على عظمة الخالق سبحانه. قال تعالى:

{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)} [فصلت]
{ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) [الذاريات]

وعندما يشير القرآن الكريم إلى أدلة هذه العظمة.. فإنه الدليل الحاسم على صدق هذا القرآن وصدق نسبته إلى الله تعالى. فقد فاجأ العلم الحديث البشرية بحقائق دامغة نبهت الأجيال اللاحقة وفسرت لهم أشياء كانت بمنزلة ألغاز حار في فهمها الأولون.
فلو كنت فنانًا تشكيليًّا بارعًا وأُعطيت مساحة لا تتجاوز سنتمترًا مربعًا واحدًا وطُلب منك توظيف هذه المساحة المحدودة في رسم مليارات من التصاميم التي لا يشبه بعضها بعضًا فهل بمقدورك فعل ذلك؟
أيًّا كانت إجابتك عن هذا السؤال، ولتتعرّف إلى المغزى منه اقرأ معنا الآيات الأربع الأولى من سورة القيامة:

{ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}

لقد تاه المفسّرون الأوائل واحتاروا في فهم مراد اللَّه عزّ وجلّ من هذه الآيات، وذكر بعضهم أن المقصود بالبنان العظام الصغيرة والأظافر، وبناءً على ذلك فسّروا الآية الأخيرة بقولهم إن كان الله قادرًا على إعادة هذه العظام الصغيرة والأظافر كما كانت، والتأليف بينها حتى تستوي، فهو أكثر قدرة على أن يعيد ما هو أكبر منها (في إشارة منهم إلى جمع العظام البالية). أما المفسرون المحدثون، واستنادًا إلى ما توصل إليه العلم الحديث من حقائق علمية راسخة في هذا المجال، فقد ذكروا أن المقصود بالبنان أطراف الأصابع من اليدين والرجلين.

يقول ابن منظور في لسان العرب: إن البنان هو أطراف الأصابع من اليدين والرجلين.
فبعد أن أنكر كفار قريش قدرة اللَّه عزّ وجلّ على جمع العظام النخرة البالية، ردّ عليهم ربّ العزة بأنه قادر على ما هو أرقى وأسمى وأدق من مجرد جمعها، وهو تسوية البنان، هذا الجزء الدقيق الذي يُعرِّف عن صاحبه، وقد ثبت يقينًا أنه يميِّز كل إنسان عن الآخر مهما تباعدت الأمكنة والأزمان، ولذلك استخدمته الجهات الأمنية دوليًّا لهذا الغرض.

ولم يتوصّل العلم إلى حقيقة البصمة، وأهميتها إلا في نهاية القرن التاسع عشر، وبعد إجراء دراسات مكثّفة على أعداد كبيرة جدًّا من الناس من مختلف الأجناس، حيث ثبت أنه لا يوجد شخصان في أي زمان أو مكان لهما الخطوط المميّزة لبصمات الأصابع نفسها! ولا تتطابق البصمات بين شخصين أبدًا، حتى لو كانا توأمين متشابهين في كل شيء، بل تظل هذه البصمات ثابتة ومميّزة للإنسان طوال حياته. وبسبب هذه الخاصية التي تتمتع بها البصمة نجد أن الجهات الأمنية استخدمتها دوليًّا كوسيلة مثلى لتحديد هوية الأشخاص.
كما ثبت علميًّا أن بصمات كل إنسان تظل ثابتة معه مدى الحياة ولا تتأثر بتقدم العمر ولا تتغير نتيجة للإصابات؛ حتى لو احترق جلد الأصبع، وتكوَّن مكانه جلد جديد تظهر عليه البصمات بأشكالها المميّزة نفسها التي كانت عليها في الجلد القديم، وبذلك تم الاعتماد على البصمة وتوظيفها في التمييز بين البشر.
وهكذا نجد أن إنكار كفار قريش للبعث يوم القيامة قابله النص القرآني القائل إن الله قادر على ما هو أصعب وأدقّ من مجرد جمع عظام الميت، وهو خلق بنانه وتسويته، هذا الجزء الدقيق من طرف الأصبع الذي يعرّف عن صاحبه، ويميز كل إنسان عن الآخر مهما تقدم به العمر ومهما عصفت به الحوادث.
هذا ما أورده القرآن الكريم عن البنان منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان فماذا عن العلم الذي بتطوّره أوضح لنا مراد اللَّه عزّ وجلّ من هذه الآيات؟ ففي عام 1823م اكتشف عالم التشريح التشيكي (بركنجي) حقيقة البصمات وتوصل إلى أن الخطوط الدقيقة الموجودة في رؤوس الأصابع (البنان) تختلف من شخص لآخر، بل توصل إلى أن هناك أربعة أنواع من هذه الخطوط هي: الأقواس والدوائر والعقد والمركّبة (أي من أشكال متعدّدة).

وبعد مضي 35 عاماً من هذا الاكتشاف، أي في عام 1858م، أشار العالم الإنجليزي وليم هرشل إلى أن بصمات الأصابع تختلف باختلاف أصحابها، الأمر الذي جعل منها دليلًا مميّزًا لكل شخص. أما في عام 1877م فقد اخترع الدكتور هنري فولدز طريقة وضع البصمة على الورق باستخدام حبر المطابع، بينما أثبت الدكتور فرانسيس غالتون، في عام 1892م، أن صورة البصمة لأي أصبع تعيش مع صاحبها طوال حياته فلا تتغير بتقدم عمره أو بتعرضه للإصابات. وفي عام 1893م أسّس مفوّض سكوتلاند يارد، إدوارد هنري، نظامًا سهلًا لتصنيف البصمات وتجميعها، وقد أدخلت البصمات في العام نفسه كدليل قوي في دوائر الشرطة في سكوتلاند يارد .

سبحان الله! عندما أنكر كفار قريش قدرة اللَّه عزّ وجلّ على جمع العظام النخرة البالية، ردّ عليهم الله سبحانه وتعالى بأنه قادر على ما هو أرقى وأسمى وأدق من مجرد جمعها، أي تسوية البنان، هذا الجزء الدقيق الذي يمثل هوية صاحبه، والذي يميِّز كل إنسان عن الآخر مهما تباعدت الأمكنة والأزمان منذ بداية خلق الإنسان وحتى قيام الساعة!
قف وتأمّل! كم عدد من حوتهم القبور وابتلعتهم الأرض منذ أن وارى قابيل جسد أخيه هابيل الثرى، وكم عدد من سيولدون منذ هذه اللحظة حتى قيام الساعة؟ السابقون والحاضرون والقادمون، مليارات البشر، ولا تتطابق البصمات بين اثنين منهم أبدًا، مهما تباعدت بهم الأمكنة والأزمان!

سبحانك ربي جلّت قدرتك.. ما أعظم كتابك وما أعجب نظمه وبناءه وترتيبه! سبحانك ربي ما أعظمك وما أعظم فضلك وإحسانك وأنت تنزِّل علينا قبسًا من نورك، ونسيمًا من هداك، ونفحات من كلامك، تقشعر منها الأبدان وتلين، وتخشع لها القلوب وتستكين. سبحانك ربي ما أعجب قرآنك وبيانك، وما أروع نظمه وإحكامه، وفي كل كلمة، بل وفي كل حرف من حروفه آية تدلّ على عظمتك وسعة علمك وعظيم قدرتك، وتؤكّد أن هذا القرآن العظيم كلامك ووحيك إلى خاتم رسلك وأنبيائك، سيدنا مُحمَّد –صلى اللَّه عليه وسلّم-.
وإلا فليفسر لنا المكذبون بهذا القرآن العظيم كيف كان مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم- يعتني بكل هذه التفاصيل ليختار حروف القرآن وألفاظه ومواقع آياته؟!
وماذا عن نقاط الحروف التي لم يعرفها العرب إلا بعد قرون من وفاته؟!
كيف عرفها وراعاها في هذا الكتاب العجيب؟!!
وكم من الوقت استغرقه لنظم القرآن كلّه بهذه الطريقة المحكمة؟!
وكيف فعل ذلك والقرآن العظيم لم يكن مرقَّمًا في عهده؟!
وكيف فعل ذلك والقرآن الكريم نزل منجمًا على مدى 23 عامًا؟!
---------------------------
أهم المصادر:
أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).
ثانيًا: المصادر الأخرى:
• ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم (1414 هـ)؛ لسان العرب؛ بيروت: دار صادر.
• علي، مُحمَّد سامي مُحمَّد (1993)؛ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ دمشق: دار المحبّة.
• بصمــات الأصــابع؛ أُسترجع في تاريخ 11 يناير 2016، من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة (http://www.eajaz.org).
Fingerprint. Wikipedia: https://en.wikipedia.org/wiki/Fingerprint. Retrieved 11 January 2016

بتصرف وتلخيص عن موقع طريق القرآن
رد مع اقتباس