[ايوب نصر]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ابتلى المسلمون و مند القدم باشخاص كلما واجهوا حديثا اشكل عليهم فهمه ، و استعصى عليهم استيعابه الا و لجئوا لسياسة القفز و الانكار ، و قد تفاوتت المبررات و الطرق التي يستغلها هؤلاء في الانكار ، فما بين منكر للاحاد ، و بين من ينكر لان الحديث _ زعموا _ مخالف القران ، و اخر ينكر السنة جملة و تفصيلا .

و هذه الامور انتقلت الى عامة الناس و جهالهم ، فاصبحت ترى الرجل في بيته متكئا على اريكته ، يكاد بطنه يتفقأ شحما ، او يجلس في مقهى واضعا رجلا فوق اخرى فيثبت و ينكر ، و يقبل و يرد ، و كانه يتكلم عن مقابلة في كرة القدم او عن ثمن الخضار ، و الله المستعان .

ان الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه اليوم و دفع الشبهة عنه ، و صد العدوان الشنيع الذي يشن عليه هو قول رسول _ صل الله عليه و سلم _ للرجل الذي ساله (( إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار )) ، و احتجوا لذلك بامرين ، فاما احدهما انه مخالف لقوله تعالى (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) الاسراء 15
و اما الاخر فلان الحديث حديث احاد ، و اما هذا الاخير _ اي قضية الاحاد _ فله موضوع مستقل ، و لذلك سنتعرض فقط للامر الاول و هو ان الحديث معارض للاية 15 من سورة الاسراء .

و السؤال : هل فعلا هذا الحديث معارض للاية ؟؟؟
الحديث هو كالتالي :" عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : (( فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار . )) "
قالوا : ان الاية 15 من سورة الاسراء صريحة في ان الله لا يعذب الا من اقيمت عليه الحجة ، و الحديث يقول بان والد رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ في النار و هو لم ياته رسول و لم تقم حجة عليه ، فكيف يعذب ؟؟.

أقول _ و بالله التوفيق _ ان محمدا _ صل الله عليه و سلم _ رسول الله ارسل بالحق ، و لا ينطق عن الهوى ، و انما ينطق عن وحي يوحى اليه من رب العالمين ، و ما يوحى اليه يتضمن علم الغيب ، و اخبار لم يكن ليعلمها هو و لا امته ، و الحق يقول (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )) الجن ، و (( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين )) هود ،كما اوحى اليه بفتح القسطنطينية ، و بانتصار الروم بعدما غلبوا ، و بحماماتهم المحرمة على نساء المسلمين ، و و و و بامور سبقت في علمه _جل في علاه_ لا يسع الوقت و لا الممكان لذكرها . ، و كذا فقد سبق في علمه ان والد رسول الله في نار ، و انه لن يجيب عما يسال عليه اهل الفترة ، او سبق في علمه ما كان ليؤمن و لو بعث اليه رسول و بلغته الحجة ، و الله اعلم بمن اتقى و بمن كان سيتقى ممن لم تقم عليهم الحجة كما انه اعلم بمن ضل و بمن كان سيضل (( ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي )) و القران لم يمكن اعجميا و مع ذلك علم تبارك و تعالى قولهم الذي كانوا سيقولونه و لكنهم لم يقولوه ، و كذا يعلم من كان سيضل و من كان سيهتدي ، فاوحى الى عبده و رسوله _ صل الله عليه و سلم _ بما سيئول اليه امر والده يوم القيامة ، و انه من اهل النار .

و هكذا يتبين ضعف نظر من انكر هذا الحديث و قلة فهمهم لما عجزوا عن الجمع بين الحديث و الاية ، و كفى بهم بتضعيفهم لهذا الحديث و لامثاله مما لم تبلغه عقولهم و لم تستوعبه افهامهم طعنا وفرقة على سنة رسول الله صل الله عليه و سلم