عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2011-12-21, 10:31 PM
رحيل عابرة سبيل رحيل عابرة سبيل غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-01-01
المكان: الجزائر
المشاركات: 62
افتراضي رد: أثر القرآن الكريم والحديث النبوي في اللغة والأدب العربي


أثر القرآن الكريم والحديث النبوي في اللغة والأدب العربي
ونجد الشيء نفسه في المدح ، والرثاء إذ كانا مدى الخير الكلي الذي كان يقدمه الفرد للجماعة ومفاهم الناصح فيها وقوة للعقيدة ، كما كان مقياس الحزن والنظر إلى الحياة نظرة جديدة عكس ما كانت عليه قبل مجيء القرآن .
ولقد ظهر غرض جديد في الشعر ، وذلك بمجيء بمجيء الاسلام ، وهو تيار الزهد ، ومن أمثلة على ذلك قصائد الزهد لأبي العتاهية .ففي قصيدته التالية يتبن لنا مدى تأثره بالقرآن مضمونا وكيف هي نظرته إلى الحياة حيث يقول:
قطعت منك حبائل الآمال ****وحفظت عن ظهري المطي الحال
ويئست أن أبقى لشيء نلت من *** ما فيك يا دنيا وأي بطال
فوجدت برد اليأس بين جوانحي *** وارحت من حلي ومن ترحالي
ولئن يئست لرُب برقة حل بي *** برقت لذي طمع وبرقة آل
ما كان أشأم أن رجاؤك قاتلي *** وبنات وعدك يعتلجن ببابي
فالآن يا دنيا عرفتك فاذهبي *** يادار كل تشتت وزوال

إلى آخر القصيدة
كما نجد ظهور موضوعات جديدة في الشعر ، كموضوع النار ، الجنة، البعث ....
يقول الشيخ العلامة الحافظ بن أحمد بن علي الحكمي _رحمه الله_:
وتأخذ إما باليــــــــمين كــتابها *** إذا أحسنت أو ضد ذا بشمالها
ويبدو لديها ما أسرت وأعلنت *** وما قــــدمت من قولها وفعالها
بأيدي الكرام الكـاتبين مسطر *** فلم يغن عنها عذرها وفـــعالها
هناك تدري ربحها وخسارها *** وإذا ذاك تلقــى ما إليه مـــآلها
فإن تلك من أهل السعادة والتقى*** فإن لها الحسنى بحسن فعالها
تفوز بجنات النعيم وحورها *** وتحبر في روضاتها وظلالها
وترزق مما تشتهي من نعيمها *** وتشرب من تسنيمها وزلالها
.
.
.
وإن تكن الأخـرى فويل وحسرة ***ونار جحيم ما أشــد نكـــالها
لهم تحـــتهم منها مهاد وفوقهم *** غواش ومن يحموم ساء ظلالها
طعامهم الغسلين فيها وإن سقوا *** حميما به الأمعاء كان انحلالها
أما نيهم فيها الهلاك وما لهم *** خروج ولا موت كما لا فنا لها

4_أثر الحديث النبوي في اللغة والأدب العربي:
لم يكن القرآن الكريم وحده مصدر القيمة التي استمتع بها الأدب وإنما جاءت بعد ذلك أحاديثه ، وخطبه أيضا تأييدا لقيمة الأدب في الحياة الاسلامية ، فكان النبي حريصا أن يحدث الناس ويخطب فيهم إذا اقتضى الأمر ذلك بألوان من الفن القولي الرفيع ، تسمو عن الحديث اليومي وتصعد إلى الجمال وما يتصل به من الوضوح والتأثير ، وتسلك إلى ذلك أساليب التصوير والحوار . وقد عني المسلمون بالأحاديث النبوية في جميع العصور فاهتموا بروايتها وحفظها ، ثم كتابتها وتدوينها ، والبحث عنها والقضاء بها ثم جمعها وتبويبها بطريقة علمية .
وكان للحديث الدور الفعال في نشر الثقافة في العالم الاسلامي ،فقد أقبل الناس على تدارسه اقبالا عظيما ، وكانت الشهرة العلمية لعلماء الصحابة ، والتابعين مؤسسة على التفسير والحديث. ومما زاد إقبال الناس على الحديث والاستفادة بعلومه في مختلف المجالات حرية تنقل العلماء في البلدان الاسلامية حيث يأخذ بعضهم على بعض ، فكان من ذلك تبادل الآراء العلمية ، ووقوع علماء كل عصر على ما عند الآخرين واقامتهم لحلقات العلم في دراسة الحديث .
والحديث في فن القول يمتاز بفصاحة اللهجة وبلاغة الحجة ، وصدق القول ، وإيجاز العبارة ، والصدور من غير تكلف ولا تصنع، وفيه مراعاة بمقتضى الحال ويعتبر من جوامع الكلم حيث قال عن نفسه " أوتيت جوامع الكلم ". فمثلا قوله :"إياكم والمخيلة " قالوا : وما المخيلة يا رسول الله ؟ قال :"سبل الإيزار عندما يجر الأرض " . وقوله كذلك :"إياكم وخضراء الدمن " خضراء الدمن هي كناية المرأة الحسناء في منبت السوء.
ولقد تأثر الأدباء والشعراء به فصاروا يقتبسون منه فمثلا قوله صلى الله عليه وسلم :"إن لم تستح فاصنع ما تشاء" فلقد قال أبو تمام:
إذا لم تخش عاقبة الليالي *** ولم تستح فاصنع ما تشاء
وكذلك قوله :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت". يقول ابن الدهان الموصلي في مضمون هذا الحديث :
حفظ اللسان عن القبيح أمان *** يزكو به الاسلام والايمان
وإذا جنايات الجوارح عددت *** فأشدها يجني عليك لسان

وفي الأخير ومما ما سبق ذكره عن أثر كل من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف في اللغة والأدب العربي يتبين لنا أن القيمة التي وصل إليها الأدب العربي الآن لم تتحقق إلا بالقرآن والحديث النبوي الشريف.
__________________


رد مع اقتباس