عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-10-14, 01:53 PM
Leer Leer غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-11
المشاركات: 4
افتراضي كتاب الترابط بين السور وتوافق الفكر والعبر

بسم الله الرحمن الرحيم


الترابطُ بين السورِ وتوافُقُ الفِكَرِ ، وتَماثُلُ العِبَرِ

الحمد لله فاطر السموات والأرض ، وباعث الأجسام بعد الموت وخالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل

والحمد لله على نعمه ومنها الإسلام الدين القويم ، والصلاة والسلام على رسوله الكريم مفتاح الخيرات ومغلق الشرور والمبعوث رحمة للعالمين وهداية للمسلمين من الجنسين الذكر والأنثى ويعلمُ مافي السموات والأرض ويعلمُ ما في الأرحام. ومتى يُبعثُ الأنام.


أما بعد...


قال تعالى .

(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) سورة ص آية 29

هذا الكتاب العظيم الذي لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي كلماته وأوامِرُهُ ونواهيه وفيه من الزجر والموعظة والهدى الشيء الكثير والخير الوفير.

والقرآن الكريم ليس كِتابًا عاديًّا تقرؤه ثم تتركه ، بل هو الحبل الشديد والصراط المستقيم من أخذ به اهتدى وتركه غوى ، وعمل به نجى وتكلَّم به علا ومن تحدَّاه هوى ، وهو كلام الله المعجِزُ الرزين تقشعِرُّ منه الجلود والقلوب ،

وتهوي إليه النفوس وتشتاق له الآذان وتُحِبُّ الناس قراءتَهُ ووجب على الأمَّةِ دراسته وفهمه فهمًا عميقًا واستنباط

المعاني والأحكام وفسَّرَهُ الكثير من المفسرون الأعلام والأئمة

ولا أقول إنّي جئت بشيء جديدٍ ولا بديعٍ ، فربَّما سبقني الكثيرون وربَّما الفكرة موجودة لكن نحن نجتهد ونسعى ونطلب من الله الأجر العظيم والثواب الجزيل.



وفيه ترابطٌ عجيبٌ فأول سورةٍ فيه تُرابِطُ في المعنى والمغزى والهدف والغاية جميع السور بل جميع الآيات ، ألا ترى أنَّ الفاتِحة جامعة مانعة شافيه كافية لكل شيء ، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم


بسم الله الرحمن الرحيم (1) الحمد لله رب العالمين (2) الرحمن الرحيم (3) مالك يوم الدين (4) إياك نعبد وإياك نستعين (5) اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين (7)

قُلت : الفاتحة جمعت القرآن كلَّهُ روى قال أبو عبيد « ص 119 » حدثنا هشام بن إسماعيل الدمشقي عن محمد بن شعيب عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت السبع الطول مكان التوراة وأعطيت المئين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل هذا حديث غريب.

وآيات الكتاب فيه مواضيع شتى :

1- توحيد الله عز وجل ونبذ الأنداد والشرك
2- الهدى وأعمال الخيرات والصلاح وترك المنكرات
3- أخبار الأنبياء والصالحين والأمم السالفة وعاقبة المتقين ومصير الكافرين والمُكذبين للرسل
4- أحكام الشريعة البليغة وتعامل الناس مع بعضهم ومع أهل الكتاب
5- الجنة والنار ومشاهد يوم القيامة
6- الإكثار من الأعمال الصالحة وهداية السبيل إلى سواء الصراط والبُعد عن دواعي الشرك والذنوب والأذى
7- حُبُّ الله واتباع رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم
8- معانٍ خفية يفهمها العلماء وينتبه لها الاولياء
9- معانٍ أخرى لا يسع الكتاب لذكرها.


1- الفاتحة اشتملت على حمد لله وتعظيم اسمه في كل الأمور كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ..

وآية إيَّاكَ نعبدُ وإيَّاكَ نستعين فيها شملٌ لجميع القرآن الكريم ، وآخر آية يطلب فيها العباد الهداية إلى الإيمان والجنة غير طريق اليهود (المغضوب عليهم) الذين علموا العلوم ثم لم يعملوا بها ، ولا النصارى (الضالين) الذين عبدوا الله على غير هدى بما ابتدعوا من رهبانية لم يأمر بها الله.

2- في سورة البقرة


تفاصيل شتى وأحكام كثيرة وذُكر فيها صفات المنافقين لأنها أول سورة نزلت في المدينة ، وتشعبت في الرد على اليهود فيما غير موضع ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) سورة البقرة آية 40

(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) آية 47

وذمَّ الله اليهود لكتمانِهم العلم (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) آية في سورة البقرة (

وأعاده في سورة آل عمران ((إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(77) سورة آل عمران

وبدأت السورة بنُصرة آيات الكتاب العظيم ، وسورة آل عمران بتنزيل الكُتُب السماوية الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن ، ثُمَّ فصَّل ذكر نزول التوراة على موسى وتصديق عيسى عليه السلام بالإنجيل.

وجاء ردًا على اليهود في زعمهم أنَّ يعقوب (إسرائيل) عليه السلام أمر أولاده باليهودية

(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) آية 133 فأثبت الله عز وجل أنَّهُ مسلم كما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السلام ولم تأتِ اليهودية إلَّا بعد بعثة موسى عليه السلام.

وتطرقت السورة إلى نعم الله الكثيرة جدًا على بني إسرائيل من إنجائهم من فرعون والتعذيب الشديد ، ودخولهم بيت المقدس مع يوشع بن نون عليه السلام ، ثمَّ انتصارهم على جالوت مع نبي الله داوود عليه السلام.

ولمَّا قال الله في الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين ) ذكر في سورة البقرة جميع الفرائض الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج ، فأواخر السورة أسهبت في الصدقات وأوسطها عن الصوم والحج ، والأمر بإقامة الصلاة في جميع سور القرآن ، كما في آية التقوى رقم 177 التي ذكرت صفات المتقين.

(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)

كما ذكرت وصف أحكام الحج ولم يُذكر مشاعر الحج إلَّا فيها ومنها الصفا والمرة والوقوف بعرفة والإفاضة من مِنىً ، كما ذكرت كافة أحكام الدين التوحيد والصلاة والصيام وذكرت شهر رمضان على وجه التحديد ، والزكاة وأحلَّت القتال للمشركين والاعتداء عليهم مثلًا بمثل.

وتطرَّقت إلى مقام إبراهيم عليه السلام وبنائه للكعبة ، وأنَّ اتباع مِلَّتِهِ هو الطريق الصواب

وخُتِمَتْ بكنزٍ من تحت العرش وهي خواتيم البقرة قال البخاري « 5008 » حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ الآيتين « 5009 » وحدثنا أبو

نعيم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه. ذكره ابن كثير في تفسيره.

وفيها آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله.

فيها خواتيم البقرة وهي من تحت كنزٍ من العرشِ ، فيهما خيرٌ كثيرٌ وأجرٌ عظيمٌ وحِفظٌ من الشيطان بإذن السميع العليم.


3- سورة آل عمران

بعد ذكر اليهود ذُكِرَ النصارى بالتفصيل ونزلت الآيات في وفد نجران الذين حاجَّوا النبي صلى الله عليه وسلم في أنَّ عيسى إله وردَّ الله عليهم (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) آية 59

ودعا فيها النصارى إلى المباهلة لو استمروا وأصرُّوا على الكفر والعناد والجحود في عيسى عليه السلام.

ومن قبلهم ذكر الله أناسًا اصطفاهم لفضلهم على العالمين (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) آية 33

ومرَّ فيها بذكر زكريا عليه السلام وطلبه للولد وإكرامه بيحيى على الكِبرَ وكوْنَهُ سيدًا وحصورًا ومُصدٍّقًا بعيسى قبل مجيئه وهُما ابني الخالة كما في الحديث الخاص بالإسراء (ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل له من أنت

قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا بي ودعوا لي بخير) والمروي في الصحيحين.

وذكر الله نعمته على المسلمين بنصرهم في بدر نصرًا مُزَّرًا ، وتنبيههم لعدم مخالفة النبي كيلا يُلاقوا مثلما لاقوا في أحُدٍ!

كما بينت هذه الآية فرض الحج (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آية 97 فرضًا على المستطيع.

وترابطت مع سورة البقرة بالأمر بالحج بعد ذكر بناء الكعبة في سورة البقرة ، وإبطال مُحاجاة النصارى واليهود في أنَّ إبراهيم عليه السلام يهوديٌ أو نصرانِيٌّ ، بل كان مسلمًا ولم يك من المشركين ولله الحمد والمنة.

وترابطت مع البقرة في ذكر الحج والتنبيه على النصارى بعد اليهود.

- ذكرت السورة الكريمة أنَّ الطعام جميعًا كانَ حلالًا ليعقوب عليه السلام (إسرائيل) سوى ما حرَّمَهُ على نفسه كاللبن ولحم الإبل ، لذلك ذكرت سورة النساء (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً..) سورة النساء آية 160

دعت السورة إلى التفكر في خلق السموات والأرض مثل الآية 164 في سورة البقرة. (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)

نهت السورة عن الربا كما نهت سورة البقرة ، وبيَّنَتْ أجورَ الذين ينفقون أموالهم في سبيل بإجمال (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) بعدما فصلت سورة البقرة النفقات في الصدقات وذي القربي والمساكين والمُحتاجين.

وبعد ذكر اليهود الذين من بعد موسى وجُبنِهم عن القتال إلَّا قليًا منهم مع طالوت ، ذكر الله المسلمين في غزوتي بدر وأحُد.

وذكر الله أنَّهُ جلَّ جلالُهُ رفع بعض الأنبياء والمرسلين فوق بعضهم ، فلَّما فضَّل عيسى عليه السلام بنفخه من روحه وكلمةٍ ألقاها إلى مريم ذكره بتفصيل أكبر من سورة آل عمران وتأييده بروح القُدُسُ جبريل عليه السلام - وبالمعجزات إحياء الموتى بإذن الله وإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وغيرها.

والمناسبة بينه وبين آدم عليهما السلام من حيث الخلق فهُما خُلقا من كلمة كُن فيكونُ

وتشابهت مع سورة البقرة في ذكر أنَّ الله الذين يكفرون بآيات الله ويتشرون بها ثمنًا قليلًا لا يكُلَّمِهُم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم


4- سورة النساء

فيها تشريعات وأحكام المواريث بعد ان أشار إلى الوصية في سورة البقرة ، ومرَّ مرورًا برفع المسيح عليه السلام بعد ذكره في سورة آل عمران من ولادته الشريفة إلى بعثه.

- ذكرت فيها آية التيمم كما في سورة المائدة لكن هذه السورة نزلت قبل تحريم الخمر ، والمائدة بعد تحريمه كما وصفت المائدة طريقة الوضوء أو واجباته على تفاصيل يعرفها الفقهـاء ليس مجال سردها هُنا.

وتفنيد مزاعم اليهود في صلبه بعد محاولة قتله ، كما أنكرت السورة أن يكون لله ولدٌ يتحكم بالكون إذ لو كان ذلك لكان له شِركٌ في الملك أو في السموات والأرض.


وتقبيح أفعال اليهود وشناعتهم وذكر القتال بعد أن ذكر غزوتي بدر وأحد في آل عمران..

توافقت السورة مع سورة المائدة في تحريم القتل ، هُنا حُرِّمَ قتل المؤمنِ عمدًا وخطئًا ، وهُناك تحريم القتل بدون سببٍ أو ذنبٍ وتعظيمه وتقبيحه.

(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) سورة النساء آية 93

اتخذ الله إبراهيم خليلًا بعد ما عرفنا ذكره الطيب في سورتي آل عمران والبقرة.

كما اتخذ الله موسى كليمًا وبيَّن من أمرِهِ في سورة المائدة.

ذِكرُها لأحكام المحرمات من الزواج والرضاع والنسب ، وحال المرئ مع زوجه إذا كبرُت وأحبَّ طلاقها تناسب مع سورة المائدة في تحليل الزواج بالكتابية (من أهل الكتاب)

فيها أيضًا ذمُّ اليهود لأكلهم الربا والسحت وأموال الناس بالباطل ، ثم في سورة المائدة ذمُّهُم أيضًا مع علمائهم الذين لم ينهوهم عن الحرام.

وذكرت كثيرًا من أحكام القتل والديَّة له ولعُصبتِه ، وإغواء الشيطان للناس بتضليلهم وتغيير خلقة الله كما خُذِلَ الشيطانُ في بدرٍ وكما ضَلَّلَ الناس في حقيقة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام – في رفعه أو قتله أو صلبه.

5- سورة المائدة

فيها إبطال عقيدة التثليت عند النصارى ، وتقبيح أفعال اليهود مع نبيِّهم موسى عليه السلام ورفضهم دخول بيت المقدس لخوفهم من العماليق.

(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) سورة المائدة آية 22

وفيها أنَّ من حكم بغير ما أنزل الله من كتابٍ وحُكمٍ فهو من الكافرين الظالمين الفاسقين بحسب جُرْمِه.

تطرقت إلى ذكر موسى عليه السلام ورفض اليهود لدخول بيت المقدس ، وتحريم البلاد عليهم وأن تاهوا أربعين سنة ، وذكرت كثيرًا من أحكام أهل الكتاب من تحليل أطعمتهم ونِكاحهم ، وأسهبت في أحكام الذبائح وما يَحِلُّ أكْلُهُ وما لا يَحِلُّ ،

وخُتِمت بتبرِأة عيسى عليه السلام من الألوهية وإدعاءات النصارى. وقصة المائدة لتنتهي حكاية عيسى عليه السلام.

ذكرت أنَّ وِلاية اليهود والنصارى لا تصِحُّ من المسلمين كما ناسبت في سورة الأنعام تركَ أكل الذبائح التي لغير الله من المشركين.

- في سورة النساء توعَّد الشيطانُ بإغواء الناس وتزيين المعاصي وتغيير خلق الله وفي سورة المائدة حذَّر الله من اتباع سبيل الشيطان في تزيين الحرام كشرب الخمر والاستقسام بالازلام ، ولعب الميسر.
- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 90

كان من شريعة بني إسرائيل القِصاصُ في التوراة ، هذا المعنى في سورة النساء أنَّ الأنبياء المذكورين شريعتُهُم واحِدةٌ.


6- سورة الأنعام

لمَّا خُتِمَت المائدة بـ ( والله على كل شيء قدير) بدأت الأنعام بحمد الله العظيم ذي القدرة والجبروت والملكوت.

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) العدل يأتي هُنا بمعنى يُساوون بالله أحدًا غيره يعني يجعلون له شريكًا . خواتيم المائدة أنكرت أن يكون عيسى شريكًا لله وهُنا حمد الله بنفسه

بنفي الشريك .

فيها من صور يوم القيامة والوقوف على النار والحشر ، وإنكار الجنَّ والإنس لبعضهم وإدعاءاتِهم بالشركاء الباطلة.

لمَّا ذُكِر تبرُّؤ الجنِّ من الإنس ولقاؤهم يوم القيامة بين بعضهم في ساعة الموقف ناسبت ذكرهم في سورة الأعراف وبيان حالِهم وأنَّهُم مختفون عن البشر بحيث لا يرونهم ، وأنَّ الجنَّ كالإنس لهم جنة ونار.

كما ذُكِرَ في المائدة من الذبائح والموقوذة والمتردية وغيرهما وما أحلَّهُ الله للناس هُنا زاد في التفصيل ببهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم والضأن ، وما حرَّمَهُ بنو إسرائيل في شريعة التوراة ، والوصايا للعشر في آخر السورة.

- في سورة المائدة يا أهل الكتاب لستم على شيء ....... وفي أواخر الأنعام ذكر الوصايا العشر وهي مذكورة في التوراة ويعرفها أهل الكتاب ولا يعملون بها لكفرهم.
- (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)

ذكر الله أنَّهُ أرى إبراهيم عليه السلام ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين ، وذكر الملكوت مرة أخرى في سورة الأعراف دعوةً مِنَ الله للتَّفَكُّرِ في خلق اللهِ.

(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) وفي سورة الأعراف (أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)

7- سورة الأعراف

فيها مُلَخَّصٌ للأكْلِ والشرب في آية وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، وفيها قصى موسى عليه السلام ونجاة قومه من فرعون وعبادة العجل مرة أخرى ، وفيها مُناجاة موسى عليه اللسلام وكلامه مع الله عز وجل.

بعد ذكر إنزال الكتاب على موسى وتفصيله ناسبت ذكر الألواح التي أخذ بها موسى عليه السلام – التوراة ومُناجاته لربه.

بعدما عرفنا من ذرية إبراهيم عليه السلام إسماعيل وإسحاق ويعقوب وأيوب ويونس وموسى وهارون وسليمان وداوود وزكرياء ويحيي وإلياس واليسع وأخاهُم لوطًا (قيل هو ابن اخته أو ابن أخيه) ولم يُذكر هود وصالح وشعيب فذكرهم في سورة الأعراف فسبحان الله العظيم كيف يُصدِّقُ القرآن بعضه.

- (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) ناسبت مافي سورة الأنفال (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) لقد جاء آل فرعون

موسى عليه بالسلام فلَّما كفروا أغرقهم الله ، وكذلك القُرى لمَّا يأتيها رسولها وتكفر فإنَّ الله يُعَذِّبُها عذابًا شديدًا.

مرورًا بقصة آدم عليه السلام وهبوطه من الجنة وطرد إبليس من الرحمة ، ومحاجَّاة أهل النار للجنة حيث أجمَل ذكر اللقاء والحشر في الأنعام وفصَّلَه في هذه السورة من لقاء أهل الجنة والنار وبينهم الأعراف ، وأنَّ الله يهدي المؤمنين بفضله ويأخذُ الكافرين بعدلِه.

وفيها أخذ المواثيق على بني آدم ومن أطاع الله دخل الجنة وأنَّ جهنم لابُدَّ ستمتَلِئ من الناس والجِنَّةِ جميعًا.


8- سورة الأنفال

فيها ذكر الغنائم وتفاصيل القتال ، وأنَّ التوكل على الله هو مفتاح النصر وذكره كثيرًا والأخذ بالأسباب من أخذ السلاح ، والاستعداد للقتال بالمكان الجيد واغتنام الفرص للعدو ، وأنَّ السَّلَم عند القوة مرفوض ، ولا بأس به في حالة الضعف.

وترابطت مع الأعراف في ذكر صفات الكافرين حيث وصفهم بالأعراف بأنَّ لهم قلوب لا يفقهون بها وأعينًا لا يبصرون بها وآذانًا لا يسمعون بها وهُنا بأنَّ شر الدواب هم الصم البكم الذين لا يعقلون.

9- سورة براءة أو التوبة

فيها صفات المنافقين الذين يشتمون الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويُؤذون المؤمنين المجاهدين ، ويسخرون من المتصدقين ، وفيها العذر للضعفاء ، وفيها فضائح لكل منافقٍ مُخَذِّلٍ للناس عن القتال ومُثبِّطٍ لهم.

وهي تشترك مع الأنفال في الدعوة إلى القتال وقتال المشركين ، وأنْ لا نُشارِك المنافقين في صلاتهم وإنْ كانوا يدعون في الظاهر إلى الحق. كما في مسجد ضرار.

وخُتِمت بالتوبة على الثلاثة ، وأنَّ الله لا يقبل استغفار المسلمين للمشركين.

ولو كانوا أولي قُربى.

وشاركت سورة يونس في (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) كما قال في سورة التوبة عن المنافقين (فهم في ريبهم يترددون) فنفى الشكَّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن حال المنافقين والحالان لا يجتمعان!

10- سورة يونس

فيها توحيد الله عز وجل والتنبيه لآياته من خلق الشمس والقمر وتسخيرها للناس وأنَّها نورٌ للعباد ، وأنَّ المشركين إذا احتاجوا الله دعوه مخلصين له الدعاء وإذا أفاض عليهم بنِعَمِه رجعوا إلى شِركهم.

وأنَّ الخالق الرازِق هو الله وحده ولا يملِكُ الذين يزعمون من أصنامٍ شيئًا لا رزقًا ولا قُدرةً ولا بعثًا ولا حياةً ولاموتًا.

فيها النهي عن اتباع أهل الضلال حيث قال الله لموسى وهارون (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعآن سبيل الذين لا يعلمون) ناسبت ما في سورة التوبة من النهي عن الصلاة والاسنغفار للمنافقين والخوض معهم.

وفيها أجمل ذكر نوحٍ وفصَّل ذكر موسى.

وخُتِمت بمدح قوم يونس الذين آمنوا وهلَّا آمنت الأقوامُ مِثلهُم فأمِنوا العذاب ؟

وشاركت سورة هود في ذكر موسى ونوح ، ونفي قُدرة الكافرين عن الإتيان بسورة من القرآن.

11- سورة هود

فيها فصََل ذكر الرسلُ الذين أجملهم في يونس كنوحٍ ، وأجمل ذكر موسى لأنَّه ذكرَهُ مُفصَّلًا في يونس.

وفيها تفاصيل كثيرة لهودٍ ولصالحٍ ولوطٍ وحوارُ شعيبٍ مع قومه وأنَّ العاقبة للمرسلين. وأتباعهم المؤمنين.

وفيها التحدي بمجئ عشر سورٍ أو مثلها كما تحدَّاهم في يونس أن يأتوا بسورة.

وشارَكت سورة يونس في تشريف الكتاب العزيز ( كتابٌ أحكِمت آياته ) وفي سورة يونس ( بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) والمعنى هذا الكتاب العزيز من الحكيم الحميد لم يُحيطوا بعمله ولم يفقهوا تأويله لذلك اختلفوا فيه وكذَّبوه ولم يتَّبِعوهُ جهلًا وكِبْرًا وعُتُوًّا.

ولمَّا خُتمت سورة يونس بمدح قوم يونس المؤمنين ذكرت القٌرى التي دمَّرها الله لكفرِهُم وتكذيب الرسل ، وأنَّ الله لم يظلمهم لكنَّهُم ظلموا أنفسهم بإتخاذ أندادٍ من دون الله.

12- سورة يوسف

بعد ذِكر ما حَلَّ بالأقوام السابقين المُكذِّبين للرسلِ جاء دورُ نبيٍّ كريم وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن خليل الله كما في الحديث الشريف ( خير الناس يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ) وناسَب ذكر السورة وارتباطها

بسورةِ هودٍ أنَّ سورة هود بشَّرت بولادة إسحاق ويعقوب لإبراهيم عليه السلام وزوجه سارة عليها السلام - ، فهُنا جاءت قصة يعقوب وذريَّتِهِ وأولاده الإثنى عشر .

قُلت: ناسب ذكر عفةِ يوسف عليه السلام ما في السورة السابقة من ذكر قوم لوط فكانوا يأتون الفواحش المنكرة والقبائح ، ولوط ويوسف عليهما السلام أبعَدُ الناس عن الفواحش والهمِّ بها.

في آخر السورة (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) مثل ما قال في سورة هود (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين)

فالله بيَّن لنا أنَّ أكثر الناس كافرون وما هم بمؤمنين ولو كنت حريصًا عليهم ، فانظر إلى عدد سكانِ العالم تجدهم حوالي سبع مليارات وانظر كم المسلمون ؟. مليار و ثلاثمائة مليون فقط. هذا غير الأقوام السابقين واللاحقين.

وفي خواتيم السورة ( وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمنين ) ناسبت ذكر تدمير القرى في سورة هود.

13- سورة الرعد

خُتِمت سورة يوسف بـ ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وهدى ورحمةً لقومٍ يؤمنون ) وافتُتِحَت الرعد ( المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا
يؤمنون ) ، فوصف عباده بالإيمان الذي يسمعون القرآن فيُصدَّقونه ولم يصف المكذِّبين بالإيمان.

ويوسف كان في الجنَّاتِ والأنهار في مصر ، فناسب ذكر بداية الرعد الرزع والنخيل وتسخير الليل والنهار للعباد.

وكان الله مع نبيِّه يوسف في كُلِّ صعوباتِهِ ومِحَنِه فناسبت ذكر آيات ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه ... ). أي الله معنا بعلمه مُحيطٌ بنا وعلينا حفظةٌ مِنهُ يُسجِّلونَ كُلَّ شيءٍ حتى إذا جاء العبد يوم القيامة رأى كِتابه فلم يُظلَم شيئاً.

(ولا يزال الذين كفروا تصبيهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد..) ناسبت مافي سورة إبراهيم (ألم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال)

14- سورة إبراهيم

ناسبت ما في الرعد من طلب إبراهيم عليه السلام أن يجعل مكة بلدًا آمنا ، فذكر الله الأنهار والنخيل في سورة الرعد وصارت مكة بفضل الله حرمًا آمنا تُجبى إليه ثمراتُ كل شيء.

ولمَّا أجمل الله ذكر الكافرين وأنَّ لهم النار بيَّن في سورة إبراهيم بعضًا مِن مشاهِدهم تلك وما يلبسون من لباس أهل النار.

قلت : وشجرة التوحيد المذكورة كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كالنخلة ، حيث ذكر الله النخيل في سورة الرعد وأنَّ المؤمنين لهم شجرة طوبى في الجنة ، فمن تمسك بشجرة الحق لا إله إلا الله محمد رسول الله نال الدرجات العلى.

(وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) وقال في سورة الحجر (نبئ عبادي أني أن الغفور الرحيم ) ومن قبلها في سورة الرعد (وإن ربك لمغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب )

وذُكر فيها إسحاق وإسماعيل بعدما دعا إبراهيم عليه السلام ، فذكر في سورة الحجر البُشرى بإسحاق عليه السلام (غلام عليم)

15- سورة الحجر

طلبت الأقوام السابقة من رُسُلِهم سلطانًا مُبينًا على صدقهم وآياتٍ في سورة إبراهيم فردَّ الله عليهم في سورة الحجر (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون) يعني لو جِئناهم بآية كفتح السماء لقالوا أنَّهُم مسحورون فهم لا يؤمنون حتى إذا رأوا الآيات بسبب أنَّ قلوبَهُم مطبوعٌ عليها بالكفر.

ذكر الله آدم عليه السلام وحوار إبليس مع الله لأنَّ السورة السابقة ذكرت تبرُّؤ الشيطان من اتباعه فكان لِزماً أن يعرف المسلمون سبب طرد إبليس من الجنة وهو مُخالفة أمر الله بالسجود لآدم عليه السلام.

وهُنا ذكر بشارة الملائكة لإبراهيم وسارة عليهما السلام بإسحاق عليه السلام الغُلام العليم بعدما بلغوا الكبر.

وذكر تدمير القُرى الكافرة كثمود (أصحاب الحجر) ومِنْ قبلهم قوط لوطٍ مرورًا بأصحاب الآيكة.

وشاركت سورة النحل في (الذين جعلوا القرآن عضين) فردَّ عليهم في سورة النحل (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ)

16- سورة النحل

بعد تعديد نعم الله من الثمار والأعناب والنخيل ، وتسخير الدواب للركوب كالخيل والحمير والبغال ذكر في الإسراء أفضل ما يُرْكَبُ للأنبياء وهو البُراقُ كما في الحديث المختص بليلة الإسراء ،

شاركت الحجر في (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ) كما قال عن قوم لوط (فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل)

- (وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) وقال في سورة الإسراء (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) أي ان الفضل بين الله

لا بأيديكم فلا تملكون إمساك الرزق عن أحدٍ فكيف تمنعون الناس عنه ؟

- (ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وذكر الشفاء الآخر في الإسراء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً)

وقال الإمام أحمد « 4/146 » حدثنا علي بن إسحاق أنبأنا عبد الله أنبأنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث إن كان في شيء شفاء فشرطة محجم أو شربة عسل أو كية تصيب ألما وأنا أكره الكي ولا أحبه.

محمد بن يزيد بن ماجة القزويني في سننه « 3452 » حدثنا علي بن سلمة هو اللبقي حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله هو ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشفاءين العسل والقرآن وهذا إسناد جيد تفرد بإخراجه ابن ماجة

- ولا يوجد سورتين متتاليتين فيهما سجدة في القرآن غير النحل والإسراء

وفي خواتيم السورة (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(118) فبدأ سورة الإسراء بذكر بني إسرائيل في البداية والنهاية.

ولمَّا تعدَّدت صُوَر الكُفر والتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم ومواقف الكافرين يوم القيامة وإنكار الشركاء لهم تناسب ذكر حشر الكافرين على وجههم في النار صمًّا وبُكمًا وعُميًا في جهنم .

17- سورة بني إسرائيل الإسراء

عُطِف على ذكر موسى عليه السلام وخراب بيت المقدس بسبب ذنوب اليهود وقتلهم الأنبياء وإفسادهم في الأرض كما حُرِّمت عليهم أطعمة كانت حلالًا عليهم في سورة النحل.

- قال هُنا (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً) وقبلها في سورة النحل (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ)

وذُكِر في السورة وصايا كثيرة من ( ولا تقتلوا أولادكم ... ) ( ولا تقربوا الزنى ) ( ولا تقتلوا النفس ) ( ولا تقربوا مال اليتيم ) ( ولا تمش في الأرض مرحًا ) ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) ناسبت ذكر دين إبراهيم الحنيف وأنَّهُ كان أمَّةً وحده فكان إمامًا في العبادة وكُلُّ الطاعاتِ تَبَعُ للتوحيد ، وكُلُّ المعاصي تبعٌ للشرك.

هُنا ذِكر رفض إبليس للسجود لآدم عليه السلام وإنظارِهِ من الله ، وتوعُّدِ إبليس بإغواء بني آدم كما قال في سورة النحل (تالله لقد أرسلنا إلى أمَمٍ من قبلط فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليُّهُم اليوم ولهم عذاب أليم) ، فهم اتباع إبليس الذين وعد أنَّهُ سُيغويهم كما قال الله في سورة سبأ ( ولقد صدَّق عليهم إبليس ظنَّهٌ فاتبعوه..)

ذُكِرَ أنَّ كل إنسان يأخذ طائره أو كتابه في عنقه ويقرؤه يوم القيامة ، ثم بيَّن هذا الكتاب في سورة الكهف.

وحذَّرت السورة من الشرك تحذيرًا كبيرًا لأنَّ السورة قبلها أهانت المشركين ومواقفهم التي كُلُّها حسرة يوم القيامة.

وطلبات المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم التعجيزية من الطيران وإنزال الملائكة والله ، وتفجير الأرض ينابيع ناسبت عجائب سورة الكهف من رقود الفتية ثلاثة مائة عام ، وقصى موسى والخضر عليهما السلام – وذا القرنين .

فلو كان طلبُ أهلَ مكَّةَ عجبًا فهؤلاء أعجَبُ وأغرَبُ وأشدُّ انتباهًا في التأثير على الناس.

أيضًا طلبات أهل مكة من الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكُن بأعجب من حال أصحاب الجنة اللذان اختصما ، فهذا مُشرِكٌ وقال أنَّ الساعة لن تقوم وإذا رجع إلى ربه فسيجد خيرًا منها فهذا مثل حالِهِم فهم كافرون ويرجون خيرًا من الله.


خُتِمت بالحمد والتسبيح والتكبير فناسبت بداية الكهف بالحمد.

وفيها آية مشتركة فيها تقديم وتأخير (ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن للناس من كل مثل..)

18- سورة الكهف

بعد مرورنا بقصة موسى مع فرعون والنصر على القبط ، ذكر الله طرفًا من قصة عجيبة لموسى عليه السلام مع الخضر فيها مواعظ كثيرة وحكم عجيبة وأخبار مثيرة ومُشوِّقةٌ.

سدُّ ذو القرنين المبني إلى قيام الساعة فيه إشاراتٌ مِنها أنَّ الله يُمَكِّنُ لعباده الصالحين رِدءًا حتى يأتيَ الله بأمره.


وأنَّ المعاصي سبب في خراب الأرض (إنَّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض) ، وأنَّ العباد الصالحين لا يطلبون الأجر إلَّا من الله (قال ما مكنِّي ربِّي فيه خيرٌ...) كما قال في سورة الإسراء (من كان يريد العاجلة عجَّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد...)

بعدما حمد الله في أوَّلِها وكان من قبل في سورة الإسراء سبَّح وكبَّر ووحَّد ناسِب ذكر الباقيات الصالحات وأنَّهُن خيرٌ عند الله ثوابًا.

- هُنا أعاد ذكر رفض الشيطان للسجود لآدم عليه السلام وأنَّهُ كان من الكافرين (في علم الله) رغم أنَّهُ كان عابِدًا ، وبيَّنَ الله أنَّ الشيطان لم يشهدوا خلقَ أنفسِهم فكيف يُعبدون أو يُتَّبعون ؟ هذا مثل قوله في سورة مريم (فوربِّكَ لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا)


19- سورة مريم

هُنا أعاد فيها ذكر الباقيات الصالحات وهي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر على قولٍ ، والصلوات الخمس على قولٍ.

ولمَّا توعَّد اللهُ الكافرين بجهنَّم هُنا في سورة مريم بيَّن أنواعًا من الحشر والجِثِيَّ حولها ، وحشر المسلمين للرحمن وفدًا مُكَرَّمًا وسوق الكافرين إلى جهنم عِطاشًا.

- قلت فيها نص متشابه (أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) وهُناك في سورة الكهف قال (أبصر به وأسمع..)

قدَّم السمع على البصر في مريم لأنَّهُم سمعوا بالعذاب ولم يظنَّوا أنه يرونه ، وفي سورة الكهف أبصر به أي أرِهِم قدرته وعظمته وآياته. ، وروي عن قتادة في قوله « أبصر به واسمع » فلا أبصر من الله ولا أسمع وقال ابن زيد « أبصر به واسمع » يرى أعمالهم ويسمع ذلك منهم سميعا بصيرا.

- (مالهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا...) مثل ما قال النصارى واختلفوا في طبيعة المسيح عليه السلام هل هو إله أو نبيٌّ او ثالث ثلاثة ،

ذكر الله قصة الصديقة مريم وابنها المسيح عليهما السلام بعد أن وهب الله لزكريا يحيى عليهما السلام على كبر ، تناسُسبًا مع قصة الغلام في سورة الكهف حيث وهب الله لوالديه خيرًا منه ، وهُنا الله وهبهما الله خير غلامٍ وسلَّمه في المواضع الثلاثة يوم وُلِد ويوم يموت ويوم بعثه.

وذكر الله مجموعة من الأنبياء الكرام إبراهيم وموسى وهارون ويعقوب وإسحاق ، وإدريس ونوحًا وإسماعيل. ووصفهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمرِهم لأهليهم بفعل الخيرات .

وذكر الله نجيَّ الطورِ موسى عليه السلام ومناجاته ففصَّل ذكره في سورة طه مرورًا بالطور وعبادة العجل من قومه ، وولادته ورميه في اليمِّ.



20- سورة طه

ذكر الله من مناظر القيامة الشيء المهول ، نسف الجبال وحشر المجرمين ، وأعاد ذكر قصة آدم في السور الأربعة متتالية (الإسراء والكهف ومريم وطه )

ولمَّا ذكر مُناجاة موسى عليه السلام في الطور ، وأخاه هارون وأنَّهُ جعله نبيًّا معه.

ولاحِظ هُنا قال (وواعدناكم جانِبَ الطورِ الأيمنَ ) وفي سورة مريم (وناديناه من جانِبِ الطورِ الأيمنِ )

ثُم هنا فصَّل قصة موسى من أوَّلِها حتى قصة السامريِّ وعبادة العجل.

وما عِتادُ وعِنادُ فرعونَ إلَّا كمن سبقوه من أهل الجحيم.

وشاركت هذه السورة سورة الأنبياء في ذكر محشر الكافرين في جهنَّم.

(إنَّما إلهكم الله الذي لا إله إلَّا هو وسع كل شيء علما ) كما قال في سورة الأنبياء (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )

21 - سورة الانبياء

بعد ذكر موسى مفصَّلًا أجمل ذكره هنا ، وذكر عدة أنبياء بقصصهم مثل إبراهيم عليه والنجاة من النار ، ونجاة نوحٍ بالسفينة كما نجى موسى بإغراق فرعون .

شاركت سورة طه في (ولولا كلمة من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ) بِهذا خٌتِمت طه وافتتح الأنبياء بذكر قُرب هذا المجئ (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)

وشاركت سورة الحج في (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) وهذا الشيء العظيم ذُكِرَ طرفٌ مِنه في سورة الأنبياء (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلقٍ نعيده وعدًا علينا إنَّا كُنَّا فاعلين)

وذكره لوطًا وداوود وسليمان ، حيث ألان لداوود الحديد والرياح أجراها لسليمان وهذا الملكُ العظيم رأينا صورًا منه مُدمَّرة في سورة الحج كالقصر المشيد والبئر المعطَّلة.
رد مع اقتباس