عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2012-10-14, 01:58 PM
Leer Leer غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-11
المشاركات: 4
افتراضي

59- سورة الحشر
بدأت بالتسبيح ، وخُتِمت به لترابط السورة ، وذكرت من أحوال المنافقين في القتال وجُبْنِهِم وهلعهم وأنَّ قلوبَ اليهود شتَّى رغْمَ أنَّهُم يُظْهِرون الاتحاد بينهم.
60 - سورة الممتحنة (امتحان النساء)
ذكر الله المنافقين في سورة الحشر وإجلاءَهُم عن المدينة وطرد اليهود ، فكذلك منع مُهادنه الكفَّارِ وأمرَ بردِّ أموالِهِم ونساءِهم فلا جمع بين الإسلامِ والكفرِ.
نهي الله عن مُعاهدة الكافرين سِوى الذين لم يُقاتلوا في الدين ، وفي السورة التالية (الصف) حثَّ على الجهادِ ووعد المجاهدين بالجنانِ والرضوانِ.
61- سورة الصف
بدأت بالتسبيح ، ووعدِ اللهِ بإظهارِ دينه ، ففي سورة الممتحنة أمر بترك مُهادنة الكفار ومودَّتِهم ثم وعد هُنا بإظهار دينه ولو كره الكافرون ولو كره المشركون.
وأمر المسلمين بالتشبُّهِ بحواريِّ عيسى عليه السلام في نُصرَتِهِ ، كما أمرهُم بإقامة الصلاة في سورة الجمعة.
62- سورة الجمعة
بدأت بتسبيح الله كما بدأت الصف ، وبعد ذكر حواريِّ عيسى عليه السلام وهُمُ اليهودُ الأفاضِلُ (من بني إسرائيل) ذكر في سورة الجمعة اليهود الكافرين الكاذبين الذين يدَّعون محبَّةَ الله ومُوالاتَهُ ثمَّ لا يتمنَّون مُلاقاتَهُ.
وأمر في آخرها بإقامة الصلاة ، لأنَّ السورة التي تليها ذكرت المنافقين الذين ألهتهم أولادهم وأموالهم عن الصلاة والزكاة.
63- سورة المنافقون
بدأت بالشهادة للرسول صلى الله عليه والنبوة والرسالة ، وتسفيه أقوال المنافقين ، وختمت بذكر السُّرعة في الإنابة قبل الموت ، كما كان اليهود يخشون الموت.
وتشرابطت مع التغابن في التحذير من الالتهاءِ بالأولاد والأموال عن ذكر الله والإنفاق في سبيله.
64- سورة التغابن
حذَّرت السورة الكريمة من إمساك المالِ خشية الإنفاق ، كما أشارت سورة المنافقون عن اللهو بالأولاد عن الإنفاق في سبيل الله والصلوات.
كما بدأت السورة الكريمة بالتسبيح وتمجيد المليك المقتدر وأنَّ المُلك كلُّهُ له ، فهو مطَّلِعٌ على أحوال الناس كما كشف ضمائر المنافقين في شهاداتهم وكذبِهِم ، وهو علَّامُ الغيوبُ يُجازي المحسنين بالجنَّةِ والكافرين والمنافقين بالنارِ.
ولمَّا ذكر الله أهل النار وخلودَهُم فيها بيَّنت سورة الطلاق بعضًا من المُعَذَّبين وهُمُ أهل القُرى الذين ظلموا أنفسهم بالمعاصي وكُفرِهم بالله عزَّ وجل.
65- سورة الطلاق
شاركت سورة التحريم بمواضيع الطلاق فسورة اطلاق بيَّنت أحكام المطلقَّقات من ذوات الحمل واللواتي لم يحضن ، والمتوفي عنها زوجها ذكرتها سورة البقرة ، وكذلك في سورة التحريم نهت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من التظاهِر عليه فإنَّ الله قادرٌ على تزويجه خيرًا منهُنَّ (في حال صدرت مِنْهُنَّ معصيةٌ تغضب الله ورسوله)
وقال في سورة التغابن (ومن يعمل صالحا ) وهُنا قال (ومن يعمل صالحا)
66- سورة التحريم (لم تحرَّم)
بعد ذكر أحكام الطلاقِ حذَّرت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من عصيانه ، ولمَّا علَّمَ اللهُ الناسَ أنَّهُ تعالى شأنه وجلَّ جلالهُ أحاط بكلِّ شيءٍ علمًا ، قال في سورة التحريم في أواخر الآيات (عليم حكيم ) و عليم خبير فهو محيطٌ بكل شيء عليم بجميع الأأمور السرائر والبواطن
- في وسط السورة أمر المسلمين بتقواه والخوف من النار وأمرنا بالاستعاذة منها وترك المعاصي وأن نسأله الجنانَ ، فذكر في سورة المُلك حال هؤلاء الكافرين (وقالوا ) ، وأنَّ النار التي وصفها بأنَّ وقودها النار والحجارة تغتاظ شهيقا وزفيرا لمَّا يُلقى فيها أهلها.
67- سورة الملك
(تبارك....) الله لهُ المُلك كما له الخلقُ والأمرُ ، وإدخال المسلمين الجنانِ وتعذيب الكافرين بالنيرانِ فهذا من ملكه وهو يفعل ما يشاء ، لا يُسئلُ عمَّا يفعل وهُم يُسألون.
تلك النار التي يجبُّ أن نتقيها ، لمَّا يُرمى فيها الكافرون يتحاجَّون بينهم وتُخاطبهم الملائكة توبيخًا ألم يأتكم نذير ؟ (رسول من الله يُنذِرُكم بأسه الشديد) ؟
وربط آخر السورة بأنَّ الله عز وجل رازِقُنا يُعطينا الماء فلو حرمنا إياه كما حرم أصحاب الجنة جنَّتَهُم من يأتي به ؟؟ لا أحد .
68- سورة ن والقلم
بعدما ذكر في سورة الملك جزاء الناس يوم الدين ذكر أنَّ جزاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأجره غير ممنون.
(أفنجعل المسلمين كالمجرمين... ) لا يستوون ، كذلك لا يستوي أهل النار الذين كذَّبوا الرسول بمن صدَّق وآمن.
- ذكر في آخرها يونس عليه السلام وركوبه السفينة والتقام الحوت له ، واصطفاء الله له ورضوانه عليه وتوبته مثل ما ذكر في سورة الحاقة (إنَّا حملناكم في الجارية)
69- سورة الحاقة
- بعدما ذكر المكذبين في سورة نون (....... ) ذكر بعضًا من عذابِ عادٍ وثمودَ بالريح الصرصر والصيحة الطاغية.
وفرَّق بين المسلمين وجزائِهم ، ومن يؤتي كتابه بيمينه ذكر صفاتهم في سورة المعارج (الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)
ومن يؤتي كتابه بشماله ذكرهم في نون ( مناعٍ للخيرِ معتدٍ أثيمٍ) وفي المعارج ) فما الذين كفروا قبلك مهطعين....
70- سورة المعارج
(سأل سائل ) .......... لم يقنع المشركون بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن في العذاب الموعود لهم ، فطلبوا العذاب واستعجلوه ، كما فعل قوم نوحٍ في سورة التالية ! تشابهت قلوبهم...
- تعرج الملائكة ,,, وقال في سورة الحاقة (ويحمل عرش ربك) فهذا بيانٌ لطبيعة الملائكة وأنَّهُم خلقٌ عظيمٌ كثيرٌ عددهم ويفعلون ما يأمرون.
- يوم يخرجون من الأجداث سراعا مثل قال في سورة نوحٍ (والله أخرجكم من الأرض نباتا) فناسبت طريقة البعث طريقة التشبيه البليغ الذي شبَّهِ به نبيُّ الله نوحٌ عليه السلام خلق البشر .
أو هو على حقيقه فخلق الناس من التراب هو كالنبات من الأرض.
71- سورة نوح عليه السلام
- في سورة المعارج (إنَّا خلقهم مما يعلمون ) وقال في سورة نوح (والله أنبتكم من الأرض
- وقال نوحٌ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديَّارًا ، هؤلاء قومٌ كفروا بنوحٍ عليه السلام وباللهِ فأدخِلوا نارًا ، كذلك الجنِّ منقسمون طرائق وأحزابًا وقبائل ولهم إحدى المصيرين ، الجنانُ أو السعيرُ.
72- سورة الجن
هذه السورة بيَّنت تشريفًا كبيرًا وأمرًا عظيمًا لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد سمع الجنُّ كلامه وقراءته للقرآن الكريم فأصبحوا منذرين لقومِهِم ، كما قال تعالى (وما أرسلناك إلًَّا رحمًة للعالمين..) من الجنِّ والإنسِ.
73- سورة المزمِّل
- (إلَّا من ارتضى من رسول..) وقد رضي الله عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن بعثه لنا رسولا بشيرا ونذيرا (إنا أرسلنا ........)
- (وأن المسجد لله ) وهنا (علم أن سيكون.....
74- سورة المدثِّر
بدأت بالنداء كما بدأت المزملُ ، وذكر في سورة المزمل من قيام الليل التخفيف وبداية الفرض ، لذلك كان من صفات المجرمين أنَّهُم لا يُصلَّون (قالوا لم....)
وذكر الملائكة خزنة جهنم جزاءً للكافرين في سورة المزمل (إنَّ لدينا أنكالًا وجحيمًا)
75- سورة القيامة
يوم القيامة يُفصَلُ بين الخلق فريقٌ في الجنة وهم أصحاب اليمين ، والآخرون في السعير وهم المجرمون كما ذكرهم في سورة المدثِّرِ ، ثمَّ شرعَ في مُنكري البعث وردَّ عليهم .
وترابطت مع سورة الإنسان في (وجوه....
76- سورة الإنسان (الدهر)
- ذكر صفات العباد المؤمنين منها (
بعد ذكر القيامة وإعادة البعث ، ذكر بداية الخلق (هل أتى.,) فالإنسان لم يكن شيئًا فترةً طويلة فقد كان قبلنا الجنُّ في الأرض ، وما لا يعلمهُ إلَّا الله ثم شاء ربُّنا استخلافنا فيها فيا ويْحَ الإنسانِ كيف يتكبَّرُ على اللهُ ولم يكنْ شيئًا مذكورًا!
77- سورة المرسلات
قسم الله الإنسان إمَّا شاكِرًا وإمَّا كفورًا ، فأمَّا الشاكر فيُقال له (كلوا واشربوا..... ) وأمَّا الكافر (انطلقوا..)
كيف ذمَّ الله الذين لا يركعون وكيف أمر نبيَّهُ الكريم صلى الله عليه وسلم وأمَّتَهُ بالسجود..
78- سورة عمَّ يتساءلون (النبأ العظيم)
ما مرَّ سالِفًا من اللآيات والذكر الحكيم ، تساءل المشركون ما هذا النبأ العظيم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر الله (والجبال أوتادا ) كما قال في المرسلات (وجعلنا فيها رواسي شامخات..)
وفي الخِتام ذكر الصنفين أهل النار وأهل الجنة فأجملها في خواتم النازعات. (فأما من أعطى.......)
79- سورة النازعات
ذكر موسى عليه السلام وقصَّته مع فرعون لترابطها الكبير مع حكاية نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ومُعاناته مع أهل مكة ، فقد عانا موسى عليه السلام مع بني إسرائيل وهُمْ قومُهُ كما عانا نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة وهم أهله وعشيرته ، وختم بموعظة (فأما من .... ) كان قدْ فصَّلها في سورة عمَّ يتساءلون.
وذكر في سورة عبس مآل الكافرين ومآل المسلمين.
80- سورة عبس
أما من استغنى ..... فهُمُ نفسهُم الذين طغوْا وضلوا عن سواء السبيل فهم كفرعون من حيث الطُغيان ، ومِثله في المصير المُريع في السعير.
- كلَّا إنَّها تذكرة .. فهذه التذكرة فيها من يوم القيامة مشاهدٌ في (سورة التكوير) وفيها عبرة في سورة النازعات (إنَّ في ذلك لعبرةً لمن يخشى)
- ذكر الله فيها بداية خلق الإنسان ثم مصيره في القبر (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ) أليس هو نفسه قال في النازعات (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) فالله عز وجل حكى قولهم الذي أنكروه فأثبته في سورة عبس فتأمَّلْ !!
81- سورة التكوير (إذا الشمس كوِّرت)
ما الذي أذهل الناس عن بعضها والأب عن أولاده والرجل عن زوجه ؟؟ هو ما شرحته هذه السورة العظيمة من حال الكون في خرابه ودمارِهِ ، ونشر الصحف
وهذه السورة تشترك مع ما تليها في ما رواه الإمام أحمد « 2/27 » حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن بحير القاص أن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ « إذا الشمس كورت » و « إذا السماء انفطرت » و « إذا السماء انشقت » وهكذا رواه الترمذي « 3333 »
82- سورة الانفطار (إذا السماء انفطرت)
كما بدأت التكوير بمشاهد من يوم القيامة كذلك انفطار السماء ، وتبعثر القبور ، ثمَّ ذكر الملكيْنِ الموكَّليْنِ بكتابة الحسنات والسيئات فهما من الكرامِ ، كذلك ذكر الروح الأمين في السورة السابقة.
ومن هداهُ اللهُ في التكوير (لمن شاء منكم أن يستقيم ) يهديه إلى الجنة (إنَّ الأبرار لفي نعيم )
83- سورة المطففين
- (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ) هذا كتاب المشركين والكافرين الذي سبق أن قال عنهم وإنَّ الفجار لفي جحيم ، ثم قال في سورة الانشقاق (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ(10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً(11)ويصلى سعيرًا(12)
- هذه الآية (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) كرَّرها في السورتين مع تشابه الموضعين وتبايُنِ الألفاظ فسبحان الله العليِّ الحكيم.
84- سورة الانشقاق (إذا السماء انشقت)
- فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(20) وقال في سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) يعني مالهُم لا يؤمنون كما آمن المؤمنون المصدَّقون بيوم الدين ، أليس هؤلاء أهدى سبيلًا ؟
-
وعلى الوجه الآخر أنَّ كُفَّارَ الأخدود كأهل مكَّة بل كانوا أشدَّ بطشًا ، وأنَّ الله أهلك أولئك فكذلك هو قادِرٌ على أن يفعل ذلك بِكُم يا أهل مكة أفلا تعتبرون ولا تتذكرون ؟
85- سورة البروج
(والسماء ذات البروج ) و (وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ) قال الإمام أحمد « 2/326 » حدثنا عبد الصمد حدثنا رزيق بن أبي سلمة حدثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج والسماء والطارق.
- قُتِلَ أصحاب الأخدود .. إلى أن قال وما نقموا مِنهم ألا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ، أصحاب الأخدود عذَّبوا المؤمنين وكُفَّارُ مكة عذبوا المسلمين لسبب واحِدٌ هو أنَّهُم آمنوا بالله العزيز الحميد !
لم يرضوا بالكفر وآمنوا فعَّبوهم فقُتِل أصحاب الأاخدود كما قُتِل أهل مكة ببدرٍ وعُذِّبوا عذابًا شديدًا بالدخانِ والنقص من السنين والثمرات.
- بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ثم عطف على ذكر السماء والطارق ، فاللوحُ المحفوظُ عند الله في السماء ، والسماء في لغة العرب كُلُّ ما فوقك فالله عز وجل في السماء وكذلك العرش والملائكة والقلم واللوح وغيرها ، على اختلاف الترتيب.
-
- وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال إن في صدر اللوح لا إله إلا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسوله
أدخله الجنة قال واللوح لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وحافتاه من الدر والياقوت ودفتاه ياقوتة حمراء وقلمه نور وكلامه معقود بالعرش وأصله في حجر ملك وقال مقاتل اللوح المحفوظ عن يمين العرش (من تفسير ابن كثير)
86- سورة الطارق
بعدما ختم باللوح المحفوظ عطف على ذكر خلق العباد لانَّ خلق البشر وتقدير حياتهم ومآلِهم كُلُّهُ مكتوبٌ في اللوحِ المحفوظ وآجالَهُم ومسيرتهم في الحياة وأرزاقهم.
قال « يخرج من بين الصلب والترائب » صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها (من تفسير ابن كثير) وقال في سورة سبح اسم ربك الأعلى (والذي قدَّر فهدى ) الله عز وجل القادر القدير المقتدر خالق السموات والأرض والإنسان ، ومُنَزِّلُ القرآنُ ومُعلِّمُ التبيانِ لخير الأنامِ وهادي العبادِ إلى طريقِ الجِنانِ .
فتقديره أحسن تقديرٍ وخلقهُ أحسنُ الخلقِ . ومِنهُ خلق الإنسانِ العظيم ، مُتراكِبُ الأعضاءِ سليم الحواسِ ، سميعٌ بصيرٌ يفقه القول ويسمع الصوت ويرى بالبصيرة ويُحَرِّكُ الأشياءَ ويقضي الأعمال ويحفظ الحدود ويُطبِّقُ القواعد.
87- سورة سبح اسم ربك الأعلى
(قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى(14)) قال في سورة الطارق « يوم تبلى السرائر » إذا نفعت الأعمال صحَّ الإنسانُ وذهب إلى الجنانِ وإن خاب وخسر ذهب إلى النيرانِ والخُسران ، وقال في سورة الغاشية تفصيلًا (هل أتاك الغاشية) فذكر أهل النار وصفاتِهِم.
88- سورة الغاشية
(فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ) وقد قال في سورة سبح (قد أفلح من تزكى) ثم قال في سورة الفجر (يا أيتها النفس المطمئنة).. إلى آخر السورة.
- (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ(17) وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ(18) ثم قال في سورة الفجر (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ) يعني هل رأيت هذه الخلق البديع من الإبل ورفع السماء ونصب الجبال وسطح الأرض ، ثمَّ ما مكَّنَّا لهم فيها من الأرض كعادٍ وإرم وثمود وفرعون هل فهموا وتدبَّروا وعقلوا الآيات ؟ بعدما جاءتهم النُّذُرُ .؟
-
- (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ(21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ(22) كما قال في سورة الأعلى (سيذَّكرُ من يخشى(10)ويتجنَّبُها الأشقى(11) وقال في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ(15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ(16) وقال أيضًا في سورة الفجر (
وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى(23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي(24) هذا من الذكرى التي يجب أن يتذكرها الإنسان وقد كرَّرها الله في كتابه في هذه السور الثلاث متتالية (سبح – الغاشية – الفجر ) باختلاف الألفاظ وتنوُّعِ العبر والمعاني فتدبَّر رحمك الله .
89- سورة الفجر
(وَالْفَجْرِ(1)وليالٍ عشرٍ(2)والشفع والوتر(3)والليل إذا يسر(4)هل في ذلك قسمٌ لذي حِجرٍ(5) هل يعقل الإنسان ؟ ما هذا القسم وما الفوائد والبلاغة والفصاحة والامور التي تجري فيه من خلال الأيام العشر ، وازدواج الأشياء وَوِترِها ؟
فقال في سورة البلد (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4) أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ(5)
- قال في سورة الفجر (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً(19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً(20) فحُبُّ المال هذا أورد الناس المهالك ، وقال في سورة البلد يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً(6) أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ(7)
90- سورة البلد
بدأها بالقسم كما بدأ الفجر بالقسم وما بعدها من سورٍ بالقسم ، لأنَّ أهل مكة كثيروا الحِلفانِ ولهم فنونٌ في ذلك كثيرةٌ.
- ( فك رقبة ) قال الإمام أحمد « 4/386 » حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى مسجدا ليذكر الله فيه بنى الله له بيتا في الجنة ومن أعتق نفسا مسلمة كانت فديته من جهنم ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة.
91- سورة الشمس
(ونفسٍ وما سوَّها فألهما فجورها وتقواها) إجمالًا ومن قبل ذكرها في سورة البلد (وهديناه النجدين) أي الطريقين طريق الخير والنجاة أو طريق الشر والهلاك.
وفصَّل في سورة الليل وما يغشى فقال (فأمَّا من أعطى واتقى وصدق بالحسني فسنيسُرُه لليسرى وأمَّا من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) .
- (قد أفلح من زكَّاها وقد خاب من دسَّاها ) قال في سورة البلد (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ(17) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ(18) هذا لمن زكَّى نفسه ، وقال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ(19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ(20) هذا لمن دسَّاها وأذل نفسه بالمعصية والشرك.
- (ولا يَخافُ عُقباها ) لأنَّ من أسلم واختار طريق الإسلام مصيره إلى الجنَّة فلا يخافُ عُقبى الأمور .
92- سورة الليل
(وما خلق الذكر والأنثى إنَّ سعيتكم لشتى ) مثل ما ذكر في سورة الشمس من سعيٍ لهم فهم في الشمس ونهارِها يسعون وفي الليل ينامون ، وعلى الأرض يحرثون ومن السماء يصطادون الطيور ويطيرون في الجوِّ (اليوم بفضل الطائرات)
93- سورة الضحى
ذكر الله في سورة الليل العاقبة للمتقين وعاقبة الفاجرين الأشقياء ، ففي هذه السورة ذكر جزاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنَّهُ خير المتقين وأفضل المُرسلين فعاقبته (وللآخرة خيرٌ لك من الأولى)
- فيها التوصيات بعدم نهي اليتيم وقَهْرِهِ ، ونهر السائل لأنَّ هذه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة فكان عليه الصلاة والسلام يتيمًا فآواه الله عز وجلَّ بدايةً إلى جده ثم عمَّهِ ثمَّ أكرمَهُ بالرسالة فكان خير مأوى وأفضله.
( وأمَّا بنعمة ربِّكَ فحدِّثْ ) انشر الإسلام فهو أعظم نِعم الله ناسبت مافي سورة الشرح (ألم نشرح لك صدرك) مِن الأمر بالاجتهاد في العبادة (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) فبعد نشر الدين يكون القيام به وبأمرِهِ على أتمِّ وجهٍ وعملٍ.
94- سورة ألم نشرح لك صدرك
في السورة السابقة (ولسوف يُعطيك ربُّكَ فترضى) وهُنا (ووضعنا عنك وِزرك) أي غفرنا ذنبك ، وتعب النبوة والشقاء ، وضمنَّا لك الفوز في الدنيا والآخرة ، فالرضى عن الحال والمقال والفوز في العاجِل والآجل.
(ورفعنا لك ذكرك) أيضًا زيادةً في الرضى من رب العالمين.
(وإلى ربك فارغب) في الطاعة والعبادة كما قال في سورة التين (...إلَّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير ممنونٍ)
95- سورة التين
قال في سورة (ألم نشرح لك صدرك) ورفعنا لك ذكرك : أي رفعنا لك ذكرك أولًا في مكَّةَ ثم في باقي بلاد العالم فاليوم يُذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في كل مجلسٍ وعلى الأذانِ وفي التشريع وفي الأحاديث.
فبعد أن يُجهر بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم يُذكر البلد الذي فيه نزل الدين والقرآن والتشريع (وهذا البلد الأمين)
(لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فبيَّنه في سورة العلق ، التقويم العظيم وخلق الإنسان من علقٍ في الأرحام ، سبحان الله بعد أن كان الإنسان ترابًا ثم طينًا ثم صلصالًا ثم هذا التكوين
(ثم رددناه أسفل سافلين) أي أرذل العمر ، او المكذِّب بآيات الله
96- سورة العلق
- بعد ذكر الديانات الثلاثة في جبل الطور وجبل التين والزيتون والبلد الأمين (مكة) بيَّن الله طبيعة الإنسان الذي يتكبَّر أو يتواضع فيكونُ من أهل الجنة أو من أهل النار ، نعوذ بالله من النار يا عزيزُ يا غفَّارُ.
- بعد بيان خِلقة الإنسان من علقة ، وأنَّ أسفل السافلين هم الكاذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم ناسب ذكر أشرف الرُّتَبِ للأعمال وهي ليلة القدر
97- سورة القدر
ما الذي يربُط خلق الإنسان والزبانية بسورة القدر ؟
قلت : الزبانية ملائكة العذاب وفي ليلة القدر تنزل ملائكة الرحمة ومِنها جبريل عليه السلام (الروح الأمين) ، فبعد ذكر الترهيب للكافرين خفَّفَ على المؤمنينَ بذكر الرحمة وذكر الاجر والثواب الجزيل ولله الحمدُ والمِنَّةُ.
(ليلة القدرِ خيرٌ من ألف شهرٍ) تناسبت مع (إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هُم خير البرية..) في سورة البيَّنة.
98- سورة البيَّنة (لم يكن الذين كفروا)
(رسولٌ من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتبٌ قيَّمةٌ) قُلت : الصحف المطهرة القرآن والسنة والأحاديث الشريفة ، وإثبات ليلة القدر في الصُّحِفِ المطهَّرة ، في القرآن فيها سورة كاملة وفي الأحاديث الشريفة ثبت في الصحيحين « خ35
م760 » عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وقوله تعالى « تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر » من تفسير ابن كثير.
- (جزاؤُهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنه ورضوا عنه ..) مِثلُها في سورة الزلزلة (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره)
99- سورة الزلزلة (إذا زُلْزِلت)
ذكر في سورة البيِّنة جزاء المؤمنين وخير البرية وهُنُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فذكر في سورة إذا زُلزلت (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ) ، وذكر الأشرار في سورة البينة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم......الآية) فذكر في سورة إذا زلزلت (ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره)..
- قُلت : إذا زلزت الأرض زلزالها لابُد تُرابط ما في سورة العاديات (أفلا يعلمُ إذا بُعثِرَ مافي القبور) زِلزالُ الأرض خروجُ أهل الأجداث (القبور) مِنها إلى المحشر والمنشر
100- سورة العاديات
- أفلا يعلمُ إذا بعثر ما في القبور ، هذا الإنسانُ تُبعثر الأرض به وتجمعه جمعًا ، وهو مع ذلك كنودٌ شديدُ الجحودُ لنعم اللهِ ، كفورٌ بربِّهِ ، شديدُ البخلِ ، ويُحبُّ المال كثيرًا فلا ينفعه شيئًا إذا لم يقدمه ليوم غدٍ (فأَّما من ثقلت موازينه..) في سورة القارعة
101- سورة القارعة
الإنسان بخيلٌ بماله شحيح به فهُنا سيرى جميع أعماله وما أنفق من ماله كثيرًا أو قليلًا ، لا يخفى مثقال ذرَّة.
- تكون الجبال كالعهن المنفوش لمَّا (كلا سوف تعلمون) ومِنْ قبلُ (إنَّ ربهم بهم يومئذ لخبير)
102- سورة التكاثر
(ألهاكُم التكاثر حتى زُرتُم المقابر) لقد كان الناسُ قبلها في وهمٍ كبيرٍ (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) منتشرين لا نصيرَ ولا دليلَ وتعويلَ .
(كلا لو تعلمون علم اليقين ) لو علِمَ الناسُ ما في الحياة الدنيا لما التهوْا عن الآخرة بها ، فقال الله في سورة العصر (والعصر إنَّ الإنسان لفي خُسرٍ)
103- سورة العصر
بعد ذكر القبور وأنَّ النار حقٌّ ، أرشدنا الله إلى سبيل النجاة (إلَّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوْا بالحق وتواصوا بالصبر ......)
وذكر الخاسرين في سورة العصر (إنَّ الإنسان لفي خسرٍ) وبيَّنَ جزاءَهُم في سورة الهُمزَةِ (كلا لينبذن في الحطمة)
104- سورة الهمزة (ويلٌ لكلِّ هُمزةٍ لمزةٍ)
(ويلٌ لكلِّ همزةٍ لمزةٍ) هؤلاء بعض الخاسرين (إنَّ الإنسان لفي خسر) ، ولمَّا ذُكِر مصير البُخْلِ بالمال (الذي جمع ماله وعدَّدَهُ) عطف على أهْل مكة وذكَّرَهُم بنعمته عليهم وإنقاذِهِم من الجيش الجرَّارِ الذي أراد هدم الكعبة.
وكانت قُريش مشهورة بالكرم وإطعام الحاج والسُقيا لذلك عصمهم من الله من الفيل بالصدقات (والله أعلم)
105- سورة الفيل
قال ابن كثير ((هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحوا أثرها من الوجود فأبادهم الله وأرغم آنافهم وخيب سعهم وأضل عملهم وردهم بشر خيبة وكانوا قوما نصارىوكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ولسان حال القدرة يقول لم ينصركم يامعشر قريش على الحبشة لخيريتكم عليهم ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء))
(طيرًا أبابيل) كثيرٌ مُتتابعونَ (وإذا كانت بمعنى عظيمة الحجم لها خراطيم ) مِثلُ قبيلة قريشٍ فهي كثيرةٌ بُطونها عزيزةٌ في العربِ ، لها السيادة على باقي القبائل.
(فجعلهُم كعصفٍ مأكولٍ) وفي رواية عن سعيد بن جبير ورق الحنطة وعنه أيضا العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب وكذلك قال الحسن البصري وعن ابن عباس العصف القشرة التي على الحبة كالغلاف على الحنطة وقال ابن زيد العصف ورق الزرع وورق البقل إذا أكلته البهائم فهذا ماثلَ مافي السورة التي بعدها من امتنانٍ :
(الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف) الله عز وجل أطعم قريش من تجارة الشام واليمن (رحلتي الشتاء والصيف) الطعام الكثير والخير الوفير والفاكهة الذيذة ، ورزقهم حرمًا آمِناً والناس من حولهم في الخوف والهلع والفزع.
وقد قيل إنَّ هذه السورة وقريش سورة واحدة لكنَّ أغلب الفُقهاء فصَّلوا السورتين لأدلةٍ عِندهم .
106- سورة قريش
هذه السورة مفصولة من التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم لأن المعنى عندهما حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله لإيلاف قريش أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين وقيل المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في
الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله فمن عرفهم احترمهم بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى « أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا
ويتخطف الناس من حولهم » ولهذا قال تعالى « لإيلاف قريش إيلافهم » بدل من الأول ومفسر له ولهذا قال تعالى « إيلافهم رحلة الشتاء والصيف » وقال ابن جرير الصواب أن اللام لام التعجب كأنه يقول اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك قال وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان ثم أرشدهم إلى شكر هذه
النعمة العظيمة فقال « فليعبدوا رب هذا البيت » أي فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما كما قال تعالى « قل إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين »
منقول من تفسير ابن كثير ولم أجد خيرًا من كلامه في هذا الموضوع !
قُلت : وشاركت السورة التي تليها بمعنى الآية (أرأيت الذي يُكَذِّبُ بالدين) هؤلاء أهل مكَّة أول من كذَّبَ وقدم كان الأنصار آمنوا أسرع مِنهم ، أي أنَّ أغلب أهل مكة بقوا على الكفر ولم يُسلم سوى القليل على عكس الأنصار الذين آمن أغلبُهُم ولم يكفر سوى المنافقون ويهود بني قريظة وبنو قنينُقاع والنضير سوى من آمن.
(فذلك الذي يدعُّ اليتيم) كان فيهم الكثيرُ مِمَّنْ يأوي اليتيم ثُمَّ لا يُحسِنُ إليه ، وكانوا يأكلون أموالَ اليتامى ظُلمًا وهذا من صفات قريشٍ فالسورتانِ مُتتاليِتانِ في الروابِطِ.
107- سورة الماعون
(فويلٌ للمصلِّين الذين هم عن صلاتهم ساهون) لقد رزق الله أهل مكَّة القريشين ومن حولهم الكعبة وهي الحرم الآمِنُ ومع ذلك فهُم آخر من صلِّى ونهاهُم اللهُ عن المُراءاةِ في الصلاةِ . وتوَعَّدَهُم بالويلِ وقيل هُو وادٍ في جهنَّمَ.
- قال في سورة قريشٍ (فيلعبدوا رب هذا البيت ) وقال في سورة الماعون (الذين هُم يراؤون) فأمرَهُم بعبادَتِهِ لا شريكَ له ونهاهم عن الرياءِ وهو الشرك الأصغر ، وقال الإمام أحمد « 2/212 » حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة قال كنا جلوسا عند أبي عبيدة فذكروا الرياء فقال رجل يكنى بأبي زيد سمعت عبد الله بن عمرو يقول
-
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وحقره وصغره ورواه أيضا « 2/162 و 195 » عن غندر ويحيى القطان عن شعبة بن عمرو بن مرة عن رجل عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ومما يتعلق بقوله تعالى « الذين هم يراءون » أن من عمل عملا لله فاطلع عليه الناس
فأعجبه ذلك أن هذا لا يعد رياء والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا هارون بن معروف حدثنا مخلد بن يزيد حدثنا سعيد بن بشير حدثنا الأعمشعن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنت أصلي فدخل علي رجل فأعجبني ذلك فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال كتب لك أجران أجر السر
وأجر العلانية قال أبو علي هارون بن معروف بلغني أن ابن المبارك قال نعم الحديث للمرائين وهذا حديث غريب من هذا الوجه وسعيد بن بشير متوسط وروايته عن الأعمش عزيزة وقد رواه غيره عنه قال أبو يعلى أيضا حدثنا محمد بن المثنى بن موسى حدثنا أبو داود حدثنا أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال قال رجل يا رسول الله الرجل يعمل العمل يسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم له أجران أجر السر وأجر العلانية
- « ويمنعون الماعون » فإنَّ هُم منعوه فـــ ( إنَّا أعطنياك الكوثر ) الله عز وجل وعدكَ نهرًا أو حوضًا فيه خيرٌ كثيرٌ ورزقًا واسِعًا وجنَّةً عرضها السموات والأرضُ فلا يغرُّنَّكَ بُخْلُهُم ومنعهم الطعام وحِصارُهُم الظالِمُ.
108- سورة الكوثر
روى هذا الحديث مسلم « 400 » وأبو داود « 4747 » والنسائي « 11702 » من طريق علي بن مسهر ومحمد بن فضيل كلاهما عن المختار بن فلفل عن أنس ولفظ مسلم قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما قلنا ما أضحكك يا رسول الله قال لقد أنزلت علي آنفا سورة فقرأ « بسم
الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شأنئك هو الأبتر » ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم في السماء فيختلج العبد منهم فأقول رب إنه من امتي فيقول إنه لا تدري ما أحدث بعدك
109 - سورة الكافرون
بعدما ذكر نعمة الله بالكوثر ، وذكر (إنَّ شانِئك هو الأبْتر) مُبغِضُك من الكافرين هو الأبتر المقطوع نسلهُ وذِكره وأنت ذكرك باقٍ إلى يوم الدين.
وسورة الكافرون رابطت ما بعدها إذ أنَّهُم لا يتركون دينهم حتى يجئ النصر من الله !
فلَّما جاء النصر من الله اسلموا جميعًا (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا)
110- سورة النصر (إذا جاء نصر الله والفتح)
(فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) رابطت ما بعدها في أنَّ أبا لهبٍ أشدُّ الناس عداوةً للرسول صلى الله عليه وسلم فأمر الله رسوله بالاستغفار والتصبُّرِ فسوف يؤتيه الله نصرًا عظيمًا وفتحًا مُبينًا ، فلا يحزن على خِذلانِ الأقارب.
111- سورة المسد (تبَّتْ يدا أبي لهب)
دخل الناس في دين الله أفواجًا ولم يدخل بينهم أبو لهب ! ، ولمَّا نزلت السورة تكلَّم المشركون قالوا كيف يهجوك محمد (صلى الله عليه وسلم) فأنزل الله قل هو الله أحد بعدها (في الترتيب) ليعلموا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول شيئًا من عنده بل هو كلام الله عز وجل.
112- سورة الصمد (قل هو الله أحد)
لمَّا ذكر غاية الهُجـاء لأبي لهبٍ ، ذكر غاية المدح لله العزيز الحكيم القدير ، وذكر صفات الله الواحد الأحد ، فأمرنا بالاستعاذة به في كل شيءٍ من كل شرٍّ ومن كلِّ أذى.
قُلت : وذكر أبا لهبٍ بكنيتِهِ (أبا لهب) فأكَّدَ أنَّ اللهَ ليس لهُ ولدٌ.
(ولم يكن له كفوًا أحدٌ) فلا مثيل ولا شريك ولا يصِّحُ تصريفُ أمرٍ من الأمورِ لغيرهِ عز وجل ، فله العباداتُ ولهُ الصلواتُ ولهُ القُرُباتُ وبِهِ الاستعاذاتُ لذلك قال بعدها (قُلْ أعوذ بربِّ الفلقِ وقُل أعوذ برب الناس)
113- سورة الفلق
لمَّا ذكر وصف الله العزيز الحكيم الواحد الأحد الصمد ، طلب من الناس الاستعاذة به وحده من شر ما خَلَقَ من الخلقِ ، وأكَّدَ ذلك في سورة الناس بالاستعاذة من الجـانِّ.
114- سورة الناس
مثل سابِقتِها في الاستعاذة بالله من الشياطين ، والجانِّ ، ولو قُلنا القرآن قطعة واحدة فهي مثل الفاتحة (ملِك الناس) و الفاتحة (ملك يوم الدين)
طبعًا هذا الترابط وإنْ كان يسيرًا فقد يغفل القارئ أنًَّ القرآن كُلًُّه مترابط ولو لم يشعر الناس بذلك ، فالله قال (كتابٌ أحكمت آيته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) فالله أحكم الآيات أحسن تنزيلها ومعانيها ، وفصَّلها في مواضع آخر ، وقد أجمل حينًا وفصَّل حينًا ، واختصر حينًا وطوَّل حينًا ، وفي التقديم والتأخير والزيادة والنقص ما لا يخفى على أحد.
كما أنَّ السور مُترابطة وإن كانت غير متتالية فالله ذكر حفظ الفروج في المؤمنون ثم الزنى والوقاية منه في النور ثم ذكر ثواب التائبين من الزنى في الفرقان فهي متتالية وراء بعضها لمن كان له نظر.
أقول إنَّ كتاب الله لا تنقضي عجائبه ولا تنتهي عند ترابط الآيات والسور ولا التفسير والتأويل ، والإخبار عمَّا مضى وما سيأتي وكما قال الله تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس ويعقلها إلا العالِمون) نسأل الله أن يُعلِّمنا ما ينفعنا وأن
ينفعنا بما علَّمنا إنَّهُ وليُّ ذلك والقادر عليه.
وخِتامًا فهذه الطبعة الاولى ولابُد من تعليقاتكم عليها حتى نضيف ما نقُص ونُصحِّحَ ما أخطأنا به.
فراسلونا
Leer74@hotmail.com
Mohammad aboshaqra على الــ facebook
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
رد مع اقتباس