جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
مع لا مية ابن الوردي / د. عثمان قدري مكانسي
مع لا مية ابن الوردي رحمه الله تعالى الدكتور عثمان قدري مكانسي قال صاحبي : لعلك قرأت لا مية زين الدين الوردي؟ . قلت : وأنا معجب بها ، ففيها حِكم وعظات ، وخبرة واعية في الحياة لخصها صاحبها رحمه الله خفيفة على البحر الوافر ذي النغمة الموسيقية مقام " البيات " ، وما أقرؤها إلا هكذا- منغمة- أوقاتَ فراغي أو بين معارفي . قال : أوَما وجدت فيها بعض الأفكار غير الناضجة ؟ قلت : ألا تذكر قول ابن برد : ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ؟ * كفى المرءَ نبلاً أن تُعَدّ معايبُه قال : ولكنها أخطاء شاعر كبير !.. قلت : تذكر قول الإمام مالك رضي الله عنه وهو في مسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول منبهاً إلى الطبيعة البشرية الناقصة : " ما من رجل إلا أخذ منه ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر " وأشار إلى حيث يثوي الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ,... وأردفت متسائلاً : ثم قل لي يا صاحِ : أهي أخطاء فادحة ؟ إني لا أرى ما تقوله ، فهلا أفصحت فما كان يخطر ببالي ما تظنه؟ . قال : ليست أخطاء بل مآخذ قد أكون المخطئ فيما فهمت ، إنما هي أفكار أود طرحها في لقائنا فأردت استثارتك ، وهذا أسلوب لقدح العقول وشحذ القرائح . قلت : لا حاجة إذاً للخوض فيما نتفق ، فهات ما تظنه نقصاً أو أفكاراً غير ناضجة كما ذكرتَ، علني أوافقك عليه أو أناقشك في ما لم يرق لك . قال فلنبدأ بالمقدمة : اعتزل ذكر الأغاني والغزل * وقل الفصل وجانب من هزلْ ودع الـذكـر لـأيـام الـصـبــا * فـلأيــام الصـبـــا نجــم أفــَـلْ إن أهـنــا عـيشـة قـضـّيتـُهـا * فـنيـت لـذّاتهـا ، والإثـمُ حــلْ واترك الغادة ، لا تحفل بهـا * تُمسِ في عـزّ رفـيع ، وتُجَـلْ فابن الوردي يدخل علينا بالأمر : اعتزل ودع واترك ولاتحفل .. والأمر الكثير منفـّر، لا أرتاح له . ويطلب إلينا أن نعتزل النغم والشدو ، وهو سجية من سجايا الإنسان التي جبل عليها ،، وربما أراد التخفيف منها لا تركها بالكليّة ، إلا أنه – برأيي لم يوفق في ذلك .. كما أنه يأمر بنسيان الماضي – أيام الصبا والجمال – ومن منا يرضى أن ينسى أحلى أيام حياته – الشباب - ؟ وعلام ينساه ، والشباب جنة الحياة ونسغها النضير المتفجر بالحيوية والقوة ؟! وهل الحياة إلا ذكرى وحاضر ومستقبل ؟ ولا يقوم الأخيران إلا على الماضي .. ولئن أفل الماضي إنه ليعيش فينا ، ونتنسمه مسكاً وريحانا . ومَن قال إن الإثم ملازم أحلى أيام قضيناها ؟! وهل بالضرورة أن يكون السعد بما يغضب الله تعالى ؟! إنها لأفكار شيطانية لا يقول بها إلا من انغمس شبابـَه بالأخطاء ، فلما كبر وعقل ذهبت النشوة وجاءت الحسرة ، وقد كانت حياتنا في صبانا طيبة النشر عبقة الرائحة ، ولم يكن فيها إثم بفضل الله ورعايته ، إنما كانت في مرضاة الله وطاعته ، ولئن ذهبت لذّاتُ الشباب إن للكهولة والشيخوخة وكل مراحل الحياة لذاتٍ خاصة بها ، تناسبها ويسعد الإنسان بها . ولو ذهبتِ اللذاتُ كما يدّعي زين الدين ابن الوردي لانقلبت حياة الناس جحيماً . ولطلبوا الموت وعلى هذا تراه يطلب التحول عن الغادة وعدم الاهتمام بها ، وكأن اللذات عنده مادية فقط ! ولمَ لا تكون الزوجة – مثلاً – غادة الرجل ؟ ولماذا ينصرف الرجل عن المرأة الصغيرة أو الكبيرة مادام يرى في نفسه الرجولة ؟ أليس في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم منارات وقدوة في كل مناحي الحياة ؟! . وتعال معي إلى أبياته التالية تخجل من التصوير الذي رسمه للغلام الأمرد في غير موضعه ، وسمّه إن شئت تكلفاً ولزوماً من الشاعر لا يلزم : والـْـهُ عـن آلـة لـهــو أطـربـتْ * وعن الأمـرد مـرتجّ الكفـلْ إن تبَدّى تنكسفْ شمسُ الضحى * وإذا ما ماس يُزري بالأسلْ زاد إن قـِسـنــاه بالـبـدر ســنــا * أو عدلنـاه بغصن فـاعتـدل فهو يسمح لنفسه أن ينظر إلى ارتجاج كفل الفتى فيصورَه ، وإلى صباحة وجهه الأمرد ، وجعلَ جماله يفوق الضوء الشمس ، وميلانه في مشيته ممشوقاً يزري بليونة الرماح النضرة ، وهو أجمل من القمر.. و .. صور مبتذلة تثير التقزز ، وتقدح بالمعنى الذي يتلوه مباشرة : وافتكـر في منتهى حسـن الذي * أنت تهـواه تجد أمراً جـلـلْ قد انتقل من الأسود إلى الأبيض مباشرة ، فأحرق الصورة الثانية بما أثار من شهوات في الصورة الأولى . لم أكن أخالف صاحبي كثيراً فيما قاله ، فنحن من مدرسة نقدية واحدة ، وكثيراً ما سمع مني وسمعت منه ، فكنا متقاربين في النظرات ، نتغاضى عن ثانويات ما نختلف فيه . قلت هات ، فأنا مصغ إليك . قال : ويقول ابن الوردي في الدنيا : اطـرح الـدنـيـا فمن عـاداتهـا * تخفُض العالي وتعطي من سفلْ كم جهـولٍ بات فـيهـا مكـثـراً * وعــليـمٍ بـات مـنهــا فـي عـلـلْ فـاتـرك الحيـلـة فيهــا واتـئـد * إنمـا الحـيـلـة في تـرك الحـيــلْ فالشاعر زين الدين يرى الدنيا على حقيقتها ، ويعلم أن الرزق مقسوم ، وليس للذكاء و" الفهلوية " دور في الحصول على الرزق ، والله تعالى يقول : { وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات]، ويؤمن بقوله سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)} [آل عِمران] . فيطلب الشاعر أن ندع الاهتمام بتحصيل المال ونبتعد عن التحايل له . قلت : ثم ماذا؟ قال : يقول الشاعر بعدها : اكتـم الأمريـن فـقـراً وغنى * واكسب الفلس وحاسب من بطلْ فنصح بالعمل والبحث عن المال ! قلت لم يتعدّ أن فعل ما أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم . قال كيف ؟ قلت : ألم يأمر الشاب الذي طلب مساعدة - ورآه جلداً- أن يحتطب ، وقال صلى الله عليه وسلم: " لأَن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل ، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره ، فيبيعها ، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطَوه أو منعوه " ثم اقرأ ما قاله متألماً من عصره ومن أيامنا هذه - لو كان حياً – إذ رأى الناس يعظمون صاحب المال ويقدمونه على الفقير : غيـر أني في زمان من يكن * فيـه ذا مـال هـو المولى الأجـلّ ثم يعلن ما ينبغي أن يكون بحق : أن صاحب الفضل لا يعيبه قلة المال أبداً : واجب عنـد الـورى إكرامُـه * وقـلـيــل المـال فـيهـم يُســتـقــَلّ لا يضر الفضـلَ إقلالٌ كمـا * لا يضر الشمسَ إطبـاقُ الطفـلْ قال صاحبي : لم أكن أقصد التعالم أو النيل من الشاعر رحمه الله ، فحسبه كرامة أن أجرى الله تعالى قصيدته هذه بين الناس ، فعرفها القاصي والداني على مرِّ القرون ، وأفادوا منها ، إلا أنني أتساءل ليس غير، وأريد الوصول إلى الحق . قلت هات غيرها يا صاح ، فقال : ينهى الشاعر الناس أن يفخروا بجدودهم وأصولهم ، ويحضهم على الاعتماد على أنفسهم كي لا يكونوا خاملين فيقول : لا تقل : أصلي وفصلي أبداً * إنما أصل الفتى ما قد حصل قد يسود المرءُ من غير أب * وبحسن السبك قد ينفى الدغل قـيـمـة الإنـسـان ما يحـسنـه * أكثـرَ الإنـسانُ مـنـه أو أقــَلّ ثم تراه بعد ذلك يفخر أنه من نسل الصديق رضي الله عنه فيقول : غـيـر أني أحمد اللهَ عـلى * نسـبي ، إذ بأبي بكـر اتصلْ قلت لا ضير أن يعتمد الرجل على نفسه ، ثم يحمد الله تعالى أنه ينتسب إلى رجل عظيم كالصديق رضي الله عنه ، فيكون قد جمع بين الحسنيين ، العمل الصالح والنسب الأصيل . ثم رأيت صاحبي ينظر إليّ بعين العتب ، فقلت : مالك ؟ قال : شكوتُ من بعض الأفكار ابتداء وظننت ُ أنها غير ناضجة ليس إلا . قلت : أبقيَ شيء ؟ قال : نعم ، واحدة .. ترى الشاعر ينصح ، ونصائحه رائعة ، إلا أنه يفخر بنفسه ويعتد بها مع تحد واضح ، وهذا من الناصح المعلم ممجوج ، كقوله : أنـا مثـل المـاء سـهـلٌ سـائغ * ومتـى أســخـَنَ آذى وقـتــلْ أنا كالخيـزور صعب كسـرُه * وهْـو لـَدنٌ كيفما شئت انفتل قلت : لا تنس يا صاح أن من نصائحه التي أعجبتنا أن يحني الإنسان رأسه للإعصار القوي المدمر ليسلم منه ، ينحني لا عن ذل وضعف إنما عن حكمة وتبصر حين قال : جانب السلطان واحذر بطشه * لا تعـانـد مَن إذا قـال فعـلْ ومن ذلك مداراة السفيه وعدمُ مصادمته والصبرُ عليه ، أو الانتقالُ عنه دون مشاكل : دار جار السوء بالصبر وإن * لم تجِدْ صبراً فما أحلى النقلْ فلربما ظن قارئ القصيدة ومن سمعها ضعفَ الشاعر وخورَه ، فهو ينفي عنه ذلك ، ويؤكده قولُ المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه : " ليس الشديد بالصّرَعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب . " ألم يصبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بطل الأبطال على أذيَة قومه ، وإساءاتهم ؟ فلا بد من الصبر على الحياة والناس بقوة وحكمة وشجاعة ... آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2020-12-11 الساعة 12:14 PM |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مكانسي, الوردي, عثمان, قدري |
أدوات الموضوع | |
|
|