أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > المعتزلة | الأشعرية | الخوارج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2010-09-21, 04:47 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي أخ عبد الله لو سمحت تفضل هنا

بسم الله الرحمن الرحيم
أخ عبد الله من الحوار معك أستنتجت من الأخوة أنك أشعري صوفي لذلك أدعوك لترك الكلام عن الاأخوان وعن السلفيين وعن محمد عبد الوهاب وتعال بنا نناقش أفكار مذهبك من ضوء الكتاب والسنة ودعوة أيضا تشمل أخي أسلام وأخي أبو القعقاع والأخ أو جهاد الأنصاري
ولو كنت فعلا تبحث عن الحق ستأتي أما الكلام الذي ذكرته مسبقا في المواضيع السابقة لا يمكن لجاهل فضلا عن عاقل أن يأخذ به وهذا لعدة نقاط
1- هو كلام مرسل لا دلهلة عليه لماذا أنت تقول اتباع عبد الوهاب فيهم وفيهم وفيهم بدون حتى أن تناقش أحنتملات خطأ ما تقول وهذا لاعتماده على العاطفة وقلة الأدلة الشديدة عليه هداك الله أطرح أفكارك التي تراها خطأ والبينة على من أدعى وأنما الدين قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام منتظر رد الأخوة
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2010-09-21, 06:32 PM
عبد الله 3690 عبد الله 3690 غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-01
المشاركات: 17
افتراضي

أشكرك أخي الفاضل على هذه الفرصة للحوار وأود النتويه على بعض النقاط :
1/ أنا لست متصوفا
2/ أنا لست أشعريا

يأخذ على الشيخ محمد عبد الوهاب و من تبعه تجسيم الخالق عز وجل وإن لم يكن بشكل كبير و قد خالفو في ذلك ائمة السلف ومنهم الحافظ ابن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم
ومنها :
الاستواء :
وأما قوله تعالى {ثم استوى على العرش} فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً ليس هذا موضع بسطها وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديماً وحديثاً وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله لا يشبهه شيء من خلقه و{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} بل الأمر كما قال الأئمة منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال من شبه الله بخلقه كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الاَيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى .

الوجه :
وقوله: {كل شيء هالك إلا وجهه} إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم, الذي تموت الخلائق ولا يموت, كما قال تعالى: {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} فعبر بالوجه عن الذات, وهكذا قوله ههنا: {كل شيء هالك إلا وجهه} أي إلا إياه. وقد ثبت في الصحيح من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد ـ ألا كل شيء ما خلا الله باطل ـ». وقال مجاهد والثوري في قوله {كل شيء هالك إلا وجهه} أي إلا ما أريد به وجهه, وحكاه البخاري في صحيحه كالمقرر له, قال ابن جرير: ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل
وهذا القول لا ينافي القول الأول, فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة, والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالى وتقدس, فإنه الأول الاَخر الذي هو قبل كل شيء وبعد كل شيء. قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر, حدثنا مسلم بن إبراهيم, حدثنا عمر بن سليم الباهلي, حدثنا أبو الوليد قال: كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يأتي الخربة, فيقف على بابها فينادي بصوت حزين, فيقول أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: {كل شيء هالك إلا وجهه} .

اليد:
** تَبَارَكَ الّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *
يمجد تعالى نفسه الكريمة ويخبر أنه بيده الملك أي هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لقهره وحكمته وعدله .
(منقول من كتاب تفسير القرآن العظيم )
__________________
تلك دعائم دعوة قدسية كتب الخلود لها مدى الأزمان
الله غايتنا و الرسول قدوتنا و القرآن دستورنا و الجهاد سبيلنا و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2010-09-21, 06:54 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله 3690 مشاهدة المشاركة
أشكرك أخي الفاضل على هذه الفرصة للحوار وأود النتويه على بعض النقاط :
1/ أنا لست متصوفا
2/ أنا لست أشعريا

يأخذ على الشيخ محمد عبد الوهاب و من تبعه تجسيم الخالق عز وجل وإن لم يكن بشكل كبير و قد خالفو في ذلك ائمة السلف ومنهم الحافظ ابن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم
ومنها :
ا
(منقول من كتاب تفسير القرآن العظيم )
أولا جزاك الله خيرا ولكن أنوه أولا على قاعدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأسماء والصفات عن الشيخ ابن تيمية رحمه الله
أهل السنة يتبرءون من تمثيل الله عز وجل بخلقه، لا في ذاته ولا في صفاته وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عز وجل الصفات بدون مماثلة، يقولون: إن الله عز وجل له حياة وليست مثل حياتنا، له علم وليس مثل علمنا، له بصر، ليس مثل بصرنا، له وجه وليس مثل وجوهنا له يد وليست مثل أيدينا وهكذا جميع الصفات، يقولون: إن الله عز وجل لا يماثل خلقه فيما وصف به نفسه أبداً



العقيدة الواسطية شرح ابن عثيمين
هذا بداية والرد بإذن الله كالتالي
أولا الرد على التأويل ثم يأتي الرد على التعطيل
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2010-09-21, 06:55 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي الرد على من قال الصحابة يؤولون

التأويل بالمعنى المبتدع أول من استخدمه كسلاح لتعطيل النصوص هم فرق الابتداع الذين أخذوه بدورهم عن اليهود حيث ذكر القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران:7], أن جماعة من اليهود منهم حيي بن أخطب دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: بلغنا أنه نزل عليك {الم} فإن كنت صادقاً في مقالتك فإن ملك أمتك يكون إحدى وسبعين سنة، لأن الألف في حساب الجمل واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون فنزل: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} [آل عمران:7]
ثم جاء عبدالله بن سبأ واتبع منهج من سبقه وبنى بدعته الهدامة على تأويل آي القرآن، حيث قال: (لعجب ممن يزعم أن عيسى يرجع، ويكذب بأن محمداً يرجع، وقد قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [القصص:58] فمحمد أحق بالرجوع من عيسى)، قال: فقبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة...) وتتابعت حلقات المبتدعة، فوجدت في هذا المنهج سلاحاً يخدم أغراضها الخبيثة للي أعناق النصوص لتأييد باطلها, فكانت تلك الانحرافات التي جاء بها الشيعة مبنية على التأويل الباطل للنصوص, وعندما ظهرت المرجئة استخدمت نفس هذا المنهج وكذلك القدرية, والمعتزلة, والخوارج, والجهمية, فأصبح التأويل الباطل مأوى لكل من يريد الخروج على عقيدة الأمة وشريعتها, فهم لم يكتفوا بالتأويل في مسائل العقيدة, وإنما امتدت أيديهم الآثمة لتأويل جميع مسائل الشريعة بقصد تعطيلها وتوهينها في نفوس الناس.
- والتأويل في عرف السلف هو التفسير؛ حيث يقول الإمام الطبري: (إن الصحابة رضوان الله عليهم – كانوا يفهمون معاني القرآن, وتأويله، وتفسيره بما يوافق الطريقة النبوية في الإثبات، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن وعنه قال: وله الذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله، إلا أعلم فيما نزلت, وأين نزلت, ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته) .
فالتأويل في لفظ السلف كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (له معنيان: أحدهما تفسير الكلام، وبيان معناه سواء وافق ظاهره، أو خالفه, فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقارباً، أو مترادفاً وهذا والله أعلم هو الذي عناه مجاهد أن العلماء يعلمون تأويله ومحمد بن جرير الطبري عندما يقول في تفسيره، القول في تأويل قوله كذا وكذا, واختلف أهل التأويل في هذه الآية ونحو ذلك ومراده التفسير، والمعنى الثاني في لفظ السلف هو نفس المراد بالكلام فإن الكلام إن كان طلباً كان تأويله نفس المطلوب وإن كان خبراً كان تأويله نفس الشيء المخبر به) .
ويقول في موضع آخر: (إن لفظ التأويل في القرآن يراد به ما يؤول الأمر إليه, وإن كان موافقاً لمدلول اللفظ ومفهومه في الظاهر, ويراد به تفسير الكلام وبيان معناه وإن كان موافقاً له, وهو اصطلاح المفسرين المتقدمين؛ كمجاهد وغيره، ويراد به صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، لدليل يقترن بذلك, وتخصيص لفظ التأويل بهذا المعنى إنما يوجد في كلام بعض المتأخرين فأما الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين كالأئمة الأربعة وغيرهم فلا يخصون لفظ التأويل بهذه المعنى، بل يريدون بالتأويل المعنى الأول والثاني) .
- أما التأويل الباطل الذي قالت به فرق الابتداع فهو (صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه، فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف، وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله ورسوله التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه, فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل) .
ويقول ابن القيم – رحمه الله –: (وأما المعتزلة والجهمية وغيرهم من فرق المتكلمين فمرادهم بالتأويل صرف اللفظ عن ظاهره وهذا هو الشائع في عرف المتأخرين من أهل الأصول، والفقه، ولهذا يقولون: التأويل على خلاف الأصل، والتأويل يحتاج إلى دليل وهذا التأويل هو الذي صنف في تسويغه وإبطاله من الجانبين, فصنف جماعة في تأويل آيات الصفات وأخبارها كأبي بكر بن فورك- ت 406هـ -، وابن مهدي الطبري -380هـ - وغيرهما, وعارضهم آخرون فصنفوا في إبطال تلك التأويلات كالقاضي أبي يعلي- ت 4548-، والشيخ موفق الدين بن قدامة- ت620-، وهو الذي حكى عن غير واحد إجماع السلف على عدم القول به) .
- وإذا كانت فرق الابتداع على مختلف مشاربها لم تنسب القول بالتأويل فيما أعلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه الكرام فإن ببعض المعاصرين تجرأوا بدافع التعصب إلى مذاهبهم فنسبوا ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, وصحابته الكرام, حيث يقول ابن خليفة عليوي: (سنجعل قدوتنا في التأويل رسول الله وصحابته الكرام, والتابعين ومن سار على هديهم من أئمة الإسلام الأعلام إلى يوم الدين!! ويقال هنا: هل الرسول صلى الله عليه وسلم أول الاستواء على العرش أم لا، وإذا كان عليه الصلاة والسلام، قد أول أعسر كلمة يمكن أن يستعصي فهمها على الأمة فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد أشار إلى أمته باقتفاء أثره بتأويل كل ما يوهم ظاهره التجسيم!! والسؤال هنا هل يوجد دليل على ما قلته: نعم، ها هو الدليل – جاء في كتاب العلو للذهبي – حديث سمعناه من أحمد بن هبة الله عن أبي رزين العقيلي، قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض، قال: ((كان في عماء، ما فوقه هواء، وما تحته هواء ثم خلق العرش، ثم استولى عليه)) .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوَّل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] بقوله: ثم استولى عليه، وبذا يكون المؤولون قد اقتفوا أثر الرسول صلى الله عليه وسلم بصرف كل لفظ عن ظاهره يفهم منه التجسيم إلى لفظ آخر يفني عنه ذلك، وسواء أكان الحديث صحيحاً أم ضعيفاً فلا أقل من أن يحمل على التفسير، وحينئذ لا يخرج عن التأويل) .
ثم ينسب القول بالتأويل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فيقول: (فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام، قد فسر الاستواء بالاستيلاء؛ فهذا هو التأويل بعينه، وقد علمت أن السلف الصالح وعلى رأسهم حبر هذه الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قد أول كثيراً من الصفات، وهو أحق بالتأويل من كافة الأمة، لاختصاصه به بفضل دعاء الرسول له بالتأويل بقوله: ((اللهم علمه الحكمة)) ، ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))
وبذا يعلم أن التأويل ليس مذموماً، إذ لو كان كذلك لم دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس به، ومن أجل هذا رأت الأمة اقتفاء أثر السلف الصالح في التأويل في كل لفظ يوهم ظاهره التجسيم)
أما حسن السقاف – محقق كتاب دفع شبه التشبيه، لابن الجوزي- فيقول: (أوّل ابن عباس قوله – تعالى - {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:42]، فقال: يكشف عن شدة، فأول الساق بالشدة ذكر ذلك الحافظ بن حجر في فتح الباري 13/428، والحافظ بن جرير الطبري في تفسيره، حيث قال في صدر كلامه على هذه الآية: قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد قلت: - أي السقاف -: ومنه يتضح أن التأويل كان عند الصحبة و التابعين وهم سلفنا الصالح)
- وللرد على هذه الأباطيل نقول أولاً: مما يؤسف له أن المتأخرين قد بلغت بهم الجرأة على قول ما لم يقله أسلافهم الأوائل، فإن الأوائل كانوا يقرون في أنفسهم أن التأويل هم الذين قالوا به, ولم ينسبوه فيما أعلم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام، وذلك بسبب تقاصر أفهامهم عن مستوى الصحابة والتابعين في اليقين والفهم, ولعدم سعة صدورهم وعقولهم لتقبل الوحي الرباني بنصوصه الواضحة السهلة الميسرة.
ولكن المتأخرين عندما شاهدوا الصحوة الإسلامية تتلمس طريق السلف وتأخذ بمعتقدهم الحق والسهل طارت عقولهم، فخافوا على هذا البناء الهش الذي أقامه المتكلمون أن ينهار، فقامت بطرح هذه الدعاوى الباطلة المزيفة.
ثانياً: ومما يبين أن القوم فقدوا صوابهم أن عليوي قد زور الحديث، وزاد فيه من عنده؛ ليوافق مذهبه الباطل في التأويل فإن الحديث هذا هو لفظه: قال أبو رزين العقيلي قلت: ((يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: كان في عماء, ما تحته هواء, وما فوقه هواء, ثم خلق عرشه على الماء)) وفي رواية للإمام أحمد ((ثم خلق العرش ثم استوى عليه – تبارك وتعالى)).
فلا يوجد في الحديث ما زعمه زوراً وبهتاناً عن أكذوبة الاستيلاء.
ثالثاً: زعم عليوي أن هذا الحديث في كتاب العلو للذهبي – رحمه الله- وقد بحثت عن الحديث في المطبوعة التي حققها فضيلة الشيخ الألباني، فلم أجد هذا الحديث فضلاً عن الزيادة التي أضافها من عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله.
رابعاً: زعم عليوي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس بأن يعلمه التأويل، ونحن نرى أن التأويل هو التفسير وليس التأويل الذي ذهب إليه المبتدعة، مع أن روايتي البخاري ومسلم ليس فيهما أي إشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بأن يعلمه التأويل, فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ((دخل الخلاء, فوضعت له وضوءاً, وقال من وضع هذا؟فأخبر, فقال: اللهم, فقهه في الدين)) .
خامساً: أما ما ذكره السقاف من تأويل ابن عباس للساق، فهذا ليس من التأويل المبتدع الذي قالت به فرق الابتداع, فإن هذه الآية قد اختلف السلف في تفسيرها, وليس هناك بينهم أي خلاف بإثبات الصفة نفسها حيث يبطل شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الزعم بهذه الشهادة العظيمة فيقول: (إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، وما ورد في الحديث ووقفت من ذلك ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مئة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات، أو أحاديث الصفات, بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف, بل إن عنهم في تقرير ذلك وتثبيته وبيان ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله, وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير, وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [ القلم:42], فروى ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة: أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة, وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدُّوها من الصفات, للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين, ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها المعروف) .
وقال القاضي أبو يعلى: (ودليل آخر على إبطال التأويل أن الصحابة ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغاً، لكانوا أسبق إليه لما فيه من إزالة التشبيه، ورفع الشبه، بل قد روي عنهم ما دل على إبطاله) .
وقال المقريزي رحمه الله مفصلاً مذهب الصحابة والتابعين في الصفات: (إنه لم يرد قط من طريق صحيح، ولا سقيم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم على اختلاف طبقاتهم، وكثرة عددهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى شيء مما وصف الرب سبحانه به نفسه الكريمة في القرآن الكريم وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, بل كلهم فهموا معنى ذلك وسكتوا عن الكلام في الصفات, نعم، ولا فرق أحد منهم بين كونها صفة ذات، أو صفة فعل، وإنما أثبتوا له تعالى صفات أزلية من العلم, والقدرة, والعظمة، وساقوا الكلام واحداً، وهكذا أثبتوا، رضي الله عنهم ما أطلقه الله عز وجل، على نفسه الكريمة من الوجه واليد، ونحو ذلك مع نفي مماثلة المخلوقين فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيه, ونزهوا من غير تعطيل, ولم يتعرض مع ذلك أحد منهم إلى تأويل شيء من هذا، ورأوا بأجمعهم إجراء الصفات كما وردت، ولم يكن عند أحد منهم شيء من الطرق الكلامية, ولا مسائل الفلسفة, فقضى عصر الصحابة رضي الله عنهم على هذا) .
وهكذا تسقط دعوى المبطلين الذين راموا تسويق بضاعتهم المزجاة، عن طريق نسبة مبتدعاتهم إلى خير الله بعد الأنبياء والرسل، فلم يكن لهم حاجة رضوان الله عليهم إلى التأويل أو غيره، فهم الذين نزل القرآن وهم أحياء يسمعونه من رسول الله غضًّا طريًّا، وعاصروا أحداثه التي قيلت فيها آيات القرآن كلها، وصفات ربهم سبحانه كانوا لتوقيرها, والإيمان بها, والتعبد بها أعظم, وأجل، ولو أشكل عليهم شيء مما قاله المبلطون؛ لسألوا ولأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانت أعظم مهماته تعريفهم بربهم المعبود بوحدانيته، وأسمائه, وصفاته.






وأعتذر عن الأطالة فالموضوع طويل وخطير جزاك الله خير
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2010-09-21, 06:57 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي شبهة أن الصحابة والتابعين كانوا يؤولون معاني الصفات

وممن زعم هذه الشبهة الشهرستاني؛ حيث يقول: (اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى، صفات أزلية من العلم، والقدر, الحياة, والإرادة, والسمع, والبصر, والكلام, والجلال, والإكرام, والجود, والإنعام, والعزة, والعظمة, ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل, بل يسوقون الكلام سوقاً واحداً, وكذلك يثبتون صفات خبرية، مثل اليدين، والوجه، ولا يؤولون ذلك، إلا أنهم يقولون: هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية، ولما كان المعتزلة ينفون الصفات, والسلف يثبتونها سمي السلف صفاتية, والمعتزلة معطلة, فبالغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات، واقتصر بعضهم على صفات دلت الأفعال عليها، وما ورد به الخبر، فافترقوا فرقتين:
فمنهم من أوله على وجه يحتمل ذلك اللفظ, ومنهم من توقف في التأويل، وقال عرفنا بمقتضى العقل أن الله تعالى ليس كمثله شيء، فلا يشبه شيئاً من المخلوقات, ولا يشبهه منها شيء, وقطعنا بذلك، إلا أنا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيها؛ مثل قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [ طه:5] ومثل قوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75]، ومثل قوله: {وَجَاء رَبُّكَ} [الفجر:22]، إلى غير ذلك, ولسنا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها، بل التكليف قد ورد بالاعتقاد بأنه لا شريك له، وليس كمثله شيء، وذلك قد أثبتناه يقيناً, ثم إن جماعة من المتأخرين زادوا على ما قله السلف، فقالوا لا بد من إجرائها على ظاهرها، فوقعوا في التشبيه الصرف؛ وذلك على خلاف ما اعتقده السلف) .
وقال السيوطي: (وجمهور أهل السنة، منهم السلف، وأهل الحديث على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى, ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها) . ويقول حسن السقاف: (وبقيت مسألة، ولا شك أن السلف كانوا يفوضون الكيف والمعنى، وهو المراد بالتفويض عند إطلاقه بلا شك) .
هذه بعض أقوال من نسبوا التفويض إلى السلف، رضوان الله عليهم، حيث يلمح من عبارة الشهرستاني أن السلف تطور مذهبهم من الإثبات إلى القول بالتأويل أو التفويض، وهذا زعم باطل لا أساس له فإن السلف، وأولهم الصحابة رضوان الله عليهم مذهبهم الإثبات ما حادوا عنه إلى قول من الأقوال المبتدعة، وكذلك فعل السيوطي عندما أغفل مذهب السلف المثبت لمعاني الصفات مع عدم تعرضهم للكيفية.
ويذكر شيخ الإسلام سبب نشوء هذه الشبهة فيقول عن المفوضة: (هم طائفة من المنتسبين إلى السنة، وأتباع السلف، تعارض عندهم المعقول والمنقول، فأعرضوا عنها جميعاً بقلوبهم وعقولهم، بعد أن هالهم ما عليه أصحاب التأويل من تحريف للنصوص، وجناية على الدين، فقالوا في أسماء الله وصفاته، وما جاء في ذكر الجنة والنار, والوعد والوعيد إنها نصوص متشابهة لا يعلم معناها إلا الله تعالى وهم طائفتان من حيث إثبات ظواهر النصوص ونفيها، الأولى تقول: المراد بهذه النصوص خلاف مدلولها الظاهر، ولا يعرف أحد من الأنبياء, ولا الملائكة, ولا الصحابة, ولا أحد من الأمة، ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.
الثانية تقول: بل تجري على ظاهرها، وتحمل عليه، ومع هذا، فلا يعلم تأويلها إلا الله تعالى فتناقضوا؛ حيث أثبتوا لها تأويلاً يخالف ظاهرها، وقالوا، مع هذا بأنها تحمل على ظاهرها.
وهم أيضاً طائفتان؛ من حيث علم الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاني النصوص الأولى تقول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم معاني النصوص المتشابهة، لكنه لم يبين للناس المراد منها، ولا أوضحه إيضاحاً يقطع النزاع، وهذا هو المشهور عنهم، والثانية تقول: وهم الأكابر منهم، أن معاني هذه النصوص المتشابهة لا يعلمها إلا الله، لا الرسول، ولا جبريل، ولا أحد من الصحابة، والتابعين, وعلماء الأمة، وعند الطائفتين أن هذه النصوص إنما أنزلت للابتلاء، والمقصود منها تحصيل الثواب بتلاوتها، وقراءتها، من غير فقه، ولا فهم) .
وقد اشتبه على بعض المعاصرين قول بعض السلف (أمرّوها كما جاءت) فظنوا أن هذا القول موافق لمذهب القائلين بالتفويض ويبطل شيخ الإسلام هذه الدعوى، فيقول: (والمقصود هنا التنبيه، على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلالة في باب العلم، والإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وأن من جعل الرسول غير عالم بمعاني القرآن الذي أنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات، ولم يجعل القرآن هدى، ولا بياناً للناس, وهم مخطئون فيما نسبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, وإلى السلف من الجهل كما أخطأ في ذلك أهل التحريف والتأويلات الفاسدة، وسائر أصناف الملاحدة) .
ثم ذكر قول الأوزاعي: (كنا والتابعون متوافرون، نقول إن الله تعالى ذكره، فوق عرشه، ونؤمن بما وردت فيه السنة من صفاته)
ونسب للأوزاعي, ومكحول, والزهري، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد قولهم عن الأخبار التي جاءت في الصفات, فقالوا: أمرّوها كما جاءت بلا كيف ، فقولهم رضي الله عنهم: (أمروها كما جاءت) رداً على المعطلة، وقولهم: بلا كيف رداً على الممثلة، وكان مالك بن أنس إذا ذكر عنده من يدفع أحاديث الصفات يقول: (قال عمر بن عبدالعزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد من خلق الله تغييرها، ولا النظر في شيء خالفها, من اهتدى بها فهو مهتد، ومن استنصر بها فهو منصور, ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين، ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيراً) .
وعندما سئل مالك بن أنس، عن الاستواء أثبت المعنى، وترك القول بالكيفية، فقد جاءه رجل، فقال: يا أبا عبدالله, {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5], كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به أن يخرج ، فقول مالك وربيعة موافق لقول الباقين أمرّوها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم، وأيضاً فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية, إذا أثبت الصفات، وأيضاً فقولهم: أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية، لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير المراد, أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة, وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت, ولا يقال حينئذ بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول .
وقال أبو الفضل إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي (ت634هـ) في رسالة إلى عبد الرحمن بن الجوزي ينكر عليه أشياء، ومن جملتها التأويل، وزعمه أن جماعة من السلف فوضوا معنى الصفات، قال: (ثم تعرضت لصفات الخالق تعالى كأنها صدرت لا من صدر سكن فيه احتشام العلي العظيم، ولا أملاها قلب مليء بالهيبة والتعظيم، وزعمت أن طائفة من أهل السنة الأخيار تلقوها، وما فهموا وحاشاهم من ذلك بل كفوا عن الثرثرة، والتشدق، ولا عجزاً بحمد الله عن الجدال والخصام, ولا جهلاً بطرق الكلام, وإنما أمسكوا عن الخوض في ذلك عن علم ودراية لا عن جهل وعماية) .
ويرى شيخ الإسلام أن القول بالتفويض يفضي إلى (القدح في الرب جلا وعلا وفي القرآن الكريم، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بأن يكن الله تعالى أنزل كلاماً لا يفهم, وأمر بتدبر ما لا يتدبر, وبعقل ما لا يعقل, وأن يكون القرآن الذي هو النور المبين والذكر الحكيم سبب لأنواع الاختلافات، والضلالات، بل يكون بينهم، وكأنه بغير لغتهم، وأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ البلاغ المبين، ولا بين للناس ما نزل إليهم، وبهذا يكون قد فسدت الرسالة، وبطلت الحجة، وهو الذي لم يتجرأ عليه صناديد الكفر) .
وهكذا تبدو لنا خطورة القول بالتفويض الذي رده علماء السلف، وجعلوه بدعة تقابل بدعة التأويل، وأن القول به هو إزراء بمقام النبوة، ومقام الصحابة، وسلف الأمة جمعاء؛ فهموا مراد ربهم، وعبدوه العبادة الحقة، وآمنوا بأسمائه، وصفاته كما جاءت في الكتاب والسنة، وهم فوق جميع أهل العقول، والأفهام لا يدانيهم في هذه المكانة أحد على الإطلاق كما قال الإمام الشافعي، رحمه الله، (إنهم فوقنا في كل عقل, وعلم، وفضل، وسبب ينال به علم, أو يدرك به صواب، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا) .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2010-09-21, 06:58 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

ولنا رجعة بعد أن تقرأ السابق جزيت خيرا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2010-09-21, 07:07 PM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

المرجع العقيدة الأسلامية وجهود السلف في تقريرها للشيخ عطاء الله بخيت صفحة 193وصفحة 200
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2010-09-22, 06:19 AM
aslam aslam غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-08
المشاركات: 803
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوسياف المهاجر مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
أخ عبد الله من الحوار معك أستنتجت من الأخوة أنك أشعري صوفي لذلك أدعوك لترك الكلام عن الاأخوان وعن السلفيين وعن محمد عبد الوهاب وتعال بنا نناقش أفكار مذهبك من ضوء الكتاب والسنة ودعوة أيضا تشمل أخي أسلام وأخي أبو القعقاع والأخ أو جهاد الأنصاري
ة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله 3690 مشاهدة المشاركة
أشكرك أخي الفاضل على هذه الفرصة للحوار وأود النتويه على بعض النقاط :
1/ أنا لست متصوفا
2/ أنا لست أشعريا

يأخذ على الشيخ محمد عبد الوهاب و من تبعه تجسيم الخالق عز وجل وإن لم يكن بشكل كبير و قد خالفو في ذلك ائمة السلف ومنهم الحافظ ابن كثير في كتابه تفسير القرآن العظيم
ومنها :
الاستواء :
.

الوجه :
.

اليد:
)
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوسياف المهاجر مشاهدة المشاركة
أولا جزاك الله خيرا ولكن أنوه أولا على قاعدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأسماء والصفات عن الشيخ ابن تيمية رحمه الله
أهل السنة يتبرءون من تمثيل الله عز وجل بخلقه، لا في ذاته ولا في صفاته وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عز وجل الصفات بدون مماثلة، يقولون: إن الله عز وجل له حياة وليست مثل حياتنا، له علم وليس مثل علمنا، له بصر، ليس مثل بصرنا، له وجه وليس مثل وجوهنا له يد وليست مثل أيدينا وهكذا جميع الصفات، يقولون: إن الله عز وجل لا يماثل خلقه فيما وصف به نفسه أبداً



العقيدة الواسطية شرح ابن عثيمين
هذا بداية والرد بإذن الله كالتالي
أولا الرد على التأويل ثم يأتي الرد على التعطيل
أشكرك اخى العزيز أبو سياف المهاجر على الدعوة
روى أبو إمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا وثلاث حثيات من حثياته
قلت الحثية ملئ الكف
والمراد التقريب بما يعقل لا حقيقة الحثية

واعلم أن كل من يتصور وجود الحق سبحانه وجودا مكانيا طلب له جهة كما أن من تخيل أن وجوده وجودا زمانيا طلب له مدة في تقدمه على العالم بأزمنة وكلا التخيلين باطل وقد ثبت أن جميع الجهات تتساوى بالإضافة إلى القائل بالجهة فاختصاصه ببعضها ليس بواجب لذاته بل هو جائز فيحتاج إلى مخصص يخصصه ويكون الإختصاص بذلك المعنى زائدا على ذاته وما تطرق الجواز إليه استحال قدمه لأن القديم هو الواجب الوجود من جميع الجهات ثم إن كل من هو في جهة يكون مقدرا محدودا وهو يتعالى عن ذلك وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنها أجرام تحتاج إلى جهة والجهة ليست في جهة وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان المكان ويوضحه أن المكان يحيط بمن فيه والخالق لا يحويه شيء ولا تحدث له صفة

فإن قيل فقد أخرج في الصحيحين عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ذكر المعراج فقال فيه

فعلا به إلى الجبار تعالى فقال وهو في مكانه يا رب خفف عنا

فالجواب أن أبا سليمان الخطابي قال هذه لفظة تفرد بهاشريك ولم يذكرها غيره وهو كثير التفرد بمناكير الألفاظ والمكان لا يضاف إلى الله عز وجل إنما هو مكان النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه مقامه الأول الذي أقيم فيه

قال الخطابي وفي هذا الحديث فاستأذنت على ربي وهو في داره

يوهم مكانا وإنما المعنى في داره التي دورها لأوليائه وقد قال القاضي أبو يعلى في كتابه المعتمد إن الله عز وجل لا يوصف
بالمكان فإن قيل نفي الجهات يحيل وجوده قلنا إن كان الموجود يقبل الإتصال والإنفصال فقد صدقت فأما إذا لم يقبلهما فليس خلوه من طرف النقيض بمحال

فإن قيل أنتم تلزموننا أن نقر بما لا يدخل تحت الفهم

قلنا إن أردت بالفهم التخيل والتصور فإن الخالق لا يدخل تحت ذلك إذ ليس يحس ولا يدخل تحت ذلك إلا جسم له لون وقدر فإن الخيال قد أنس بالمبصرات فهو لا يتوهم شيئا إلا على وفق ما رآه لأن الوهم من نتائج الحس وإن أردت أنه لا يعلم بالعقل فقد دللنا أنه ثابت بالعقل لأن العقل مضطر إلى التصديق بموجب الدليل

واعلم أنك لما لم تجد إلا حسا أو عرضا وعلمت تنزيه الخالق عن ذلك بدليل العقل الذي صرفك عن ذلك فينبغي أن يصرفك عن كونه متحيزا أو متحركا أو متنقلا ولما كان مثل هذا الكلام لا يفهمه
العامي قلنا لا تسمعوه ما لا يفهمه ودعوا اعتقاده ولا تحركوه ويقال إن الله تعالى استوى على عرشه كما يليق به

8 ومن الآيات قوله تعالى ^ ءأمنتم من في السماء ^ الملك 16

قلت وقد ثبت قطعا أنها ليست على ظاهرها لأن لفظة في للظرفية والحق سبحانه غير مظروف وإذا منع الحس أن يتصرف في مثل هذا بقي وصف العظيم بما هو عظيم عند الخلق

9 ومنها قوله تعالى ! ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) ! الزمر 56

أي في طاعته وأمره أي لأن التفريط لا يقع إلا في ذلك وأما الجنب المعهود من ذي الجوارح فلا يقع فيه تفريط

وقال ابن حامد المجسم نؤمن بأن لله تعالى جنبا بهذه الآية

قلت وآعجبا من عدم العقول إذا لم يتهيأ التفريط في جنب مخلوق كيف يتهيأ في صفة الخالق

وأنشد ثعلب وفسره

خليلي كفا فاذكرا الله في جنبي أي في أمري

10 ومنها قوله تعالى ! ( فنفخنا فيه من روحنا ) ! التحريم 12

قال المفسرون أي من رحمتنا

وإنما نسب الروح إليه لأنه بأمره كان

11 ومنها قوله تعالى ! ( يؤذون الله ) ! الأحزاب 57

قلت أي يؤذون أولياءه كقوله تعالى ! ( واسأل القرية ) ! يوسف 81أي أهلها

وقال النبي صلى الله عليه وسلم أحد جبل يحبنا ونحبه

قال الشاعر

( أنبئت أن النار بعدك أوقدت ** واستب بعدك يا كليب المجلس )

12 ومنها قوله تعالى ! ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) ! البقرة 210 أي بظلل

وكذلك قوله تعالى ! ( وجاء ربك ) ! الفجر 22

قلت قال القاضي أبو يعلى عن أحمد بن حنبل إنه قال في قوله تعالى ! ( يأتيهم ) ! قال المراد به قدرته وأمره قال وقد بينه في قوله تعالى ! ( أو يأتي أمر ربك ) ! ومثل هذا في القرآن ! ( وجاء ربك ) ! قال إنما هو قدرته

قال ابن حامد المجسم هذا خطأ إنما ينزل بذاته بانتقال

قلت وهذا الكلام في ذاته تعالى بمقتضى الحس كما يتكلم في الأجسام قال ابن عقيل في قوله تعالى ! ( قل الروح من أمر ربي ) ! الإسراء 85

قال الله كف خلقه عن السؤال عن مخلوق فكفهم عن الخالق وصفاته أولى وأنشدوا

( حقيقة المرء ليس المرء يدركها ** فكيف يدرك كنه الخالق الأزلي )


ذكر الأحاديث التي سموها أخبار الصفات

اعلم أن للأحاديث دقائق وآفات لا يعرفهما إلا العلماء الفقهاء تارة في نظمها وتارة في كشف معناها وسنوضح بعض ذلك إن شاء الله تعالىالحديث الأول

روى البخاري ( فتح 11 / 3 ) ومسلم ( 4 / 2017 برقم 115 ) في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

خلق الله آدم على صورته

قلت للناس في هذا مذهبان أحدهما السكوت عن تفسيره والثاني الكلام في معناه واختلف أرباب هذا المذهب في الهاء على من تعود على ثلاثة أقوال

أحدها تعود على بعض بني آدم وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يضرب رجلا وهو يقول

قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فقال

إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورته

قالوا وإنما اقتصر بعض الرواة على بعض الحديث فيحمل المقتصر على المفسر قالوا فوجه من أشبه وجهك يتضمن سب الأنبياء والمؤمنين

وإنما خص آدم بالذكر لأنه هو الذي ابتدأت خلقة وجهه على هذه الصورة التي احتذي عليها من بعده وكأنه نبه على أنك سببت آدم وأنت من أولاده وذلك مبالغة في زجره فعلى هذا تكون الهاء كناية عن المضروب ومن الخطأ الفاحش أن ترجع إلى الله عز وجل بقوله ووجه من أشبه وجهك فإنه إذا نسب إليه شبه سبحانه وتعالى كان تشبيها صريحا

وفي صحيح مسلم ( 4 / 2017 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورته

القول الثاني إن الهاء كناية عن إسمين ظاهرين فلا يصح أن يضاف إلى الله عز وجل لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة فعادت إلى آدم ومعنى الحديث إن الله خلق آدم على صورته التيخلقه عليها تاما لم ينقله من نطفة إلى علقة كبنيه هذا مذهب أبي سليمان الخطابي وقد ذكره ثعلب في أماليه

القول الثالث إنها تعود إلى الله تعالى وفي معنى ذلك قولان

أحدهما أن تكون صورة ملك لأنها فعله فتكون إضافتها إليه من وجهين

أحدهما التشريف بالإضافة كقوله تعالى ! ( أن طهرا بيتي للطائفين ) ! الحج 26

والثاني لأنه ابتدعها على غير مثال سابق وقد روي هذا الحديث من طريق ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تقبح الوجه فإن آدم خلق على صورة الرحمن

قلت هذا الحديث فيه ثلاثة علل

أحدها أن الثوري والأعمش اختلفا فيه فأرسله الثوري ورفعه الأعمش

والثاني أن الأعمش كان يدلس فلم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت

والثالثة أن حبيبا كان يدلس فلم يعلم أنه سمعه من عطاء

قلت وهذه أدلة توجب وهنا في الحديث ثم هو محمول على
إضافة الصورة إليه ملكا

والقول الثاني أن تكون صورة بمعنى الصفة تقول هذا صورة هذا الأمر أي صفته ويكون المعنى خلق آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة والكلام فميزه بذلك على جميع الحيوانات ثم ميزه على الملائكة بصفة التعالي حين أسجدهم له وقال ابن عقيل إنما خص آدم بإضافة صورته إليه لتخصيصه وهي السلطنة التي تشاكلها الربوبية استعبادا وسجودا وأمرا نافذا وسياسات تعمر بها البلاد ويصلح به العباد وليس في الملائكة والجن من تجمع على طاعة نوعه وقبيلته سوى الآدمي

وإن الصورة ها هنا معنوية لا صورة تخاطيط وقد ذهب أبو محمد بن قتيبة في هذا الحديث إلى مذهب قبيح فقال لله صورة لا كالصور فخلق آدم عليها وهذا تخليط وتهافت لأن معنى كلامه إن صورة آدم كصورة الحق

وقال القاضي أبو يعلى المجسم يطلق على الحق تسمية الصورة لا كالصور كما أطلقنا اسم ذاته

قلت وهذا تخليط لأن الذات بمعنى الشيء وأما الصورة فهي هيئة وتخاطيط وتأليف وتفتقر إلى مصور ومؤلف وقول القائل لا كالصور نقض لما قاله وصار بمثابة من يقول جسم لا كالأجسام فإن الجسم ما كان مؤلفا فإذا قال لا كالأجسام نقض ما قال
الحديث الثاني

روى عبد الرحمن بن عائش رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد قلت أنت أعلم يا رب فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات والأرض

قال أحمد رضي الله عنه أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة يرويه معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح ورواه قتادة عن أنس واختلف على قتادة فرواه يوسف بن عطية عن قتادة ووهم فيه ورواه هشام عن قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس ووهم في قوله عن ابن عباس وإنما رواه خالد عن عبد الرحمن بن عائش وعبد الرحمن لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما رواه عن مالك بن يخامر عن معاذ

قلت قد ذكرنا أنه لا يصح وقال أبو بكر البيهقي فقد روي من أوجه كلها ضعيفة وأحسن طرقه تدل على أن ذلك كان في النوم

وقد روي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني آت في أحسن صورة

فقال فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت لا أدري فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعرفت كل شيء يسألني عنه

وروي من حديث ثوبان قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري يارب فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله في صدري فتجلى لي ما بين السماء والأرض

وروي عن أبي عبيدة بن الجراح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما كنت ليلة أسري بي رأيت ربي في أحسن صورة

قلت وهذه أحاديث مختلفة وليس فيها ما يثبت وفي بعضها أتاني آت وذلك يرفع الأشكال وأحسن طرقها يدل على أن ذلك كان في النوم ورؤيا المنام وهم والأوهام لا تكون حقائق وأن الإنسان يرى كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة وقد رأى أقوام في منامهم الحق سبحانه على ما ذكرنا وإن قلنا إنه رأه في اليقظة فالصورة إن قلنا ترجع إلى الله تعالى فالمعنى رأيته على أحسن صفاته من الإقبال علي والرضى عني وإن قلنا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمعنى رأيته وأنا على أحسن صورة

قلت والعجب مع اضطراب هذه الأحاديث وكون مثلها لا يثبت به حكم في الوضوء كيف يحتجون بها في أصول الدين والعقائد وروى ابن حامد المجسم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

ولما أسرى بي رأيت الرحمن تعالى في صورة شاب أمرد له نور يتلألأ وقد نهيت عن وصفه لكم فسألت ربي أن يكرمني برؤيته وإذا هو كأنه عروس حين كشف عن حجابه مستو على عرشه

قلت هذا الحديث كذب قبيح ما روي قط لا في صحيح ولا في كذب فأبعد الله من عمله فقد كنا نقول ذلك في المنام فذكر الوضاع هذا في ليلة الإسراء كافأهم الله وجزاهم النار يشبهون الله سبحانه بعروس لا يقول هذا مسلم

وأما ذكر البرد في الحديث الماضي فإن البرد عرض لايجوز أن ينسب إلى الله تعالى وقد ذكر القاضي أبو يعلى في كتاب الكفاية عن أحمد رأيت ربي في أحسن صورة أي في أحسن موضعالحديث الثالث

روت أم طفيل امرأة أبي بن كعب رضي الله عنهما أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه عز وجل في المنام في أحسن صورة شابا موفرا رجلاه في خضرة عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب

قلت هذا الحديث يرويه نعيم بن حماد بن معاوية المروزي قال ابن عدي كان يضع الحديث وقال يحيى بن معين ليس نعيم بشيء في الحديث وفي إسناده مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر قال أبو عبد الرحمن النسائي ومن مروان حتى يصدق على الله عز وجل وقال مهنى بن يحيى سألت أحمد عن هذا الحديث فأعرض بوجهه وقال هذا حديث منكر مجهول يعني مروان بن عثمان قال ولا يعرف أيضا عمارة

وقد روى عبيد الله بن أبي سلمة قال بعث ابن عمر إلى عبد الله بن عباس يسأله هل رأى محمد ربه فأرسل إليه أن نعم قد رآه فرد الرسول إليه كيف رآه قال رآه على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة في صورة رجل

قلت وهذا الحديث تفرد به ابن إسحاق وكذبه جماعة من العلماء

وفي رواية عن ابن عباس رآه كأن قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ

قلت وهذا يرويه إبراهيم بن الحكم بن ابان وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره وفي رواية ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت ربي أجعد أمرد عليه حلة خضراء

قلت وهذا يروى من طريق حماد بن سلمة وكان ابن أبي العوجاء الزنديق ربيب حماد يدس في كتبه هذه الأحاديث على أن هذا كان مناما والمنام خيال

ومثل هذه الأحاديث لا ثبوت لها ولا يحسن أن يحتج بمثلها في الوضوء وقد أثبت بها القاضي أبو يعلى المجسم لله تعالى صفات فقال قوله شاب وأمرد وجعد وقطط والفراش والنعلان والتاج قال ثبت ذلك تسمية لا يعقل معناها وليس في إثباتها أكثر من تقريب المحدث من القديم وذلك جائز كما روي يدني عبده إليه يعني يقربه إلى ذاته

قلت ومن يثبت بالمنام وبما لا يصح نقله صفات

وقد عرفنا معنى الشاب والأمرد ما هو

ثم يقول ما هو كما نعلم كمن يقول قام فلان وما هو قائم وقعد وليس بقاعد

قال ابن عقيل هذا الحديث مقطوع بأنه كذب

ثم لا تنفع ثقة الرواة إذا كان المتن مستحيلا وصار هذا كما لوأخبرنا جماعة من المعدلين بأن جمل البزاز دخل في خرم إبرة الخياط فإنه لا حكم لصدق الرواة مع استحالة خبرهم
الحديث الرابع

روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهيت ليلة أسري بي إلى السماء فرأيت ربي فرأيت كل شيء من ربي حتى لقد رأيت تاجا مخوصا من لؤلؤ

قلت هذا يرويه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن اليسع عن القاسم بن إبراهيم قال الأزهري كنت أقعد مع ابن اليسع ساعة فيقول

قد ختمت الختمة منذ قعدت وقاسم ليس بشيء

قال الدارقطني هو كذاب

قلت كافأ الله من عمل مثل هذا الحديثالحديث الخامس

روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبعون ما كانوا يعبدون وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله عز وجل في غير الصورة التي كانوا يعرفون فيقول أنا ربكم

فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم في الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم

فيقولون أنت ربنا

وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيأتيهم الجبار في غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة

فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فلا يكلمه إلا الأنبياء فيقال هل بينكم وبينه آية تعرفونها

فيقولون الساق فيكشف عن ساقه فيسجد له كلمؤمن

قلت إعلم أنه يجب على كل مسلم أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الصورة التي هي هيئة وتأليف

قال أبو سليمان الخطابي معنى فيأتيهم الله أي يكشف الحجاب لهم حتى يرونه عيانا كما كانوا عرفوه في الدنيا استدلالا فرؤيته بعد أن لم يكونوا رأوه بمنزلة إتيان الآتي ولم يكن شوهد من قبل

وأما الصورة فتتأول على وجهين أحدهما أنها بمعنى الصفة يقال صورة الأمر كذا

والثاني أن المذكورات من المعبودات في أول الحديث صور يخرج الكلام على نوعين من المطابقة وقوله في غير الصورة التي رأوه فيها دليل على أن المراد بالصورة الصفة لأنهم ما رأوه قبلها فعلم أن المراد الصفة التي عرفوه فيها

وقال غيره من العلماء يأتيهم بأهوال القيامة وصور الملائكة مما لم يعهدوا مثله في الدنيا فيستعيذون من تلك الحال ويقولون إذا جاء ربنا عرفناه أي أتى بما يعرفونه من لطفه وهي الصورة التي يعرفون فيكشف عن ساق أي عن شدة كأنه يرفع تلك الشدائد المهولة فيسجدون شكرا وقال بعضهم صورة يمتحن إيمانهم بها كما يبعث الدجال فيقولون نعوذ بالله منك

وفي حديث أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن الناس يقولون إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا فيقال أوتعرفونه إذا رأيتموه

فيقولون نعم

فيقال كيف تعرفونه ولم تروه

فيقولون إنه لا شبيه له فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله عز وجل فيخرون سجدا

قال ابن عقيل الصورة على الحقيقة تقع على الأشكال والتخاطيط وذلك من صفات الأجسام والذي صرفنا عن كونه جسما الأدلة القطعية كقوله ^ ليس كمثله شيء ^ الشورى 11

ومن الأدلة العقلية أنه لو كان جسما لكان صورة وعرضا ولو كان حاملا الأعراض جاز عليه ما يجوز على الأجسام وافتقر إلى صانع ولو كان جسما مع قدمه جاز قدم أحدنا فأحوجتنا الأدلة إلى تأويل صورة تليق أضافتها إليه وما ذاك إلا الحال الذي يوقع عليه أهل اللغة اسم صورة فيقولون كيف صورتك مع فلان وفلان على صورة من الفقر والحال التي أنكروها الغضب والتي يعرفونها اللطف فيكشف عن الشدة والتغيرات أليق بفعله فأما ذاته فتعالى عن التغير نعوذ بالله أن يحمل الحديث على ما قالته المجسمة إن الصورة ترجع إلى ذاته فإن في ذلك تجويز التغير على صفاته فخرجوه في صورة إن كانت حقيقية فذلك استحالة وإن كانت تخيلا فليس ذلك هو إنما يريهم غيرهالحديث السادس

روى مسلم في صحيحه ( 2 \ 1136 برقم 17 ) من حديث المغيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا شخص أغير من الله ولا شخص أحب إليه العذر من الله ولا شخص أحب إليه المدحة من الله

قلت لفظة الشخص يرويها بعض الرواة ويروي بعضهم لا شيء أغير من الله

والرواة يروون بما يظنون به المعنى فيكون لفظ شخص من تغيير الرواة والشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا وسمي شخصا لأن له شخوصا وارتفاعا والصواب أنه يرجع ذكر الشخص إلى المخلوقين لا أن الخالق يقال له شخص ويكون المعنى ليس منكم أيها الأشخاص أغير من الله لأنه لما اجتمع الكل بالذكر سمى بأسمائهم ومثل هذا قول ابن مسعود ما خلق الله من جنة ولا نار أعظم من آية الكرسي

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى الخلق يرجع إلىالجنة والنار لا إلى القرآن ومن هذا الجنس قوله تعالى ! ( الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ) ! الفرقان 24 ومعلوم أن أهل النار لا مستقر لهم ولا مقيل ويمكن أن يكون هذا من باب المستثنى من غير الجنس كقوله تعالى ! ( ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ) ! النساء 157 وقد أجاز بعضهم إطلاق الشخص على الله تعالى وذلك غلط لما بيناه

وأما الغيرة فقد قال العلماء كل من غار من شيء اشتدت كراهيته له فلما حرم الفواحش وتوعد عليها وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم بالغيرة
الحديث السابع

روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض المعنى مقدار قبضته وليست على ما يتصور من قبضات المخلوقين فإن الحق منزه عن ذلك

وإنما أضيفت القبضة إليه لأن أفعال المملوك تنسب إلى المالك وذلك أنه بعث من قبض كقوله تعالى ! ( فطمسنا أعينهم ) ! القمر 37

وقد روى محمد بن سعد في كتاب الطبقات أن الله تعالى بعث إبليس فأخذ من أديم الأرض فخلق منه آدم فمن ثم قال ! ( أأسجد لمن خلقت طينا ) ! الإسراء 61

قال القاضي أبو يعلى المجسم لا يمتنع إطلاق اسم القبض إليه وإضافة القبضة لا على معنى الجارحة ولا على المعالجة والممارسة

قلت فيقال له أطلقت وما تدريالحديث الثامن

روى سليمان قال إن الله تعالى لما خمر طينة آدم ضرب بيده فيه فخرج كل طيب في يمينه وكل خبيث في يده الأخرى ثم خلط بينهما فمن ثم يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي

قلت وهذا مرسل وقد ثبت بالدليل أن الله سبحانه وتعالى لا يوصف بمس شيء فإن صح فضرب مثل لما جرت به الأقدار

وقال القاضي أبو يعلى المجسم تخمير الطين وخلط بعضه ببعض مضاف إلى اليد التي خلق بها آدم

قلت وهذا التشبيه المحضالحديث التاسع

روى عبيد بن حنين قال بينما أنا جالس في المسجد إذ جاء قتادة بن النعمان فجلس يتحدث ثم قال

انطلق بنا إلى أبي سعيد الخدري فإني قد أخبرت أنه قد اشتكى فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد فوجدناه مستلقيا واضعا رجله اليمنى على اليسرى فسلمنا عليه وجلسنا فرفع قتادة يده إلى رجل أبي سعيد فقرصها قرصة شديدة فقال أبو سعيد سبحان الله يا ابن أم أوجعتني

فقال ذلك أردت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

إن الله لما قضى خلقه استلقى ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى ثم قال لا ينبغي لأحد من خلقي أن يفعل هذا

قال أبو سعيد لا جرم لا أفعله أبدا

قلت وقد رواه عبد الله بن أحمد عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصاغاني قال حدثني إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح عن سعيد بن الحارث عن عبيد الله بن حنين

قلت قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ما رأيت هذا الحديث في ديوان من دواوين الشريعة المعتمد عليها وكان أحمد بن حنبل يذم إبراهيم بن المنذر ويتكلم فيه وقال زكريا الساجي عنده مناكير وقال يحيى بن معين فليح ليس حديثه بالجائز وقال مرة هو ضعيف وقال النسائي ليس بالقوي

وأما عبيد بن حنين فقال البخاري لا يصح حديثه في أهل المدينة وقال أبو بكر البيهقي إذا كان فليح مختلفا في جوازالإحتجاج عند الحفاظ به لم يثبت بروايته مثل هذا الأمر العظيم

قال وفي الحديث علة أخرى وهي أن قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبيد بن حنين مات سنة خمس ومائة وله خمس وسبعون سنة في قول الواقدي فتكون روايته عن قتادة بن النعمان منقطعة وقول الراوي فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد لا يرجع إلى عبيد بن حنين وإنما يرجع إلى من أرسله عنه ونحن لا نعرفه قال ولا نقبل المراسيل في الأحكام فكيف في هذا الأمر العظيم

قال الإمام أحمد ثم لو صح طريقه احتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث به عن بعض أهل الكتاب على طريق الإنكار عليهم فلم يفهم قتادة إنكاره عليهم

قلت ومن هذا الفن حديث رويناه أن الزبير سمع رجلا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمع له الزبير حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير

أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال هذا وأشباهه يمنعنا أن نحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال لعمري سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدأ بهذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه إياه فجئت أنت يومئذ بعد انقضاء صدر الحديث وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

قلت وغالب الظن أن الإشارة في حديث الزبير إلى حديث قتادة فإن أهل الكتاب قالوا إن الله تعالى لما خلق السموات والأرض استراح فنزل قوله تعالى ! ( وما مسنا من لغوب ) ! ق 38

فيمكن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حكى ذلك عنهم ولم يسمع قتادة أول الكلام

وقد روى أبو عبد الرحمن ابن أحمد في كتاب السنة عن أبي سفيان قال

رأيت الحسن قد وضع رجله اليمنى على شماله وهو قاعد فقلت يا أبا سعيد تكره هذه القعدة

فقال قاتل الله اليهود ثم قرأ ! ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) ! ق 38 فعرفت ما عنى فامسكت

قلت إنما أشار الحسن إلى ما ذكرناه عن اليهود

وروينا عن العوام بن حوشب قال سألت أبا مجلز عن رجل يجلس فوضع أحدى رجليه على الأخرى قال لا بأس وإنما ذكر ذاك اليهود زعموا أن الله عز وجل خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام

قلت وقد تأول بعض العلماء الحديث الذي نحن فيه على تقدير الصحة فقال معنى استلقى أتم خلقه وفرغ يقال فلان بنى لفلانداره واستلقى على ظهره أي لم يبق له فيها عمل وقوله وضع رجلا على رجل أي وضع بعض المخلوقات على بعض

وذهب القاضي أبو يعلى المجسم إلى جعل الإستلقاء صفة وأنه وضع رجلا على رجل ثم قال لا على وجه يعقل معنا قال ويفيد الحديث إثبات رجلين

قلت ولو لم يعقله ما أثبت رجلين ولا نثبت صفات بمثل هذا الحديث المعلول ولو لم يكن معلولا لم نثبت صفة بأخبار آحاد

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أنهم كانوا يستلقون ويضعون رجلا على رجل وإنما يكره هذا لمن لا سراويل له
الحديث العاشر

روى القاضي أبو يعلى المجسم عن ابن عطية أن رجلا من المشركين سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل عليه رجل من المسلمين فقاتله وقتل الرجل

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعجبون من نصر الله ورسوله لقي الله متكئا فقعد له

قلت هذا حديث مقطوع بعيد الصحة ولو كان له وجه كان المعنى فأقبل عليه وأنعمالحديث الحادي عشر

روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ

قلت الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا تتبعض ولا يحويها مكان ولا توصف بالتغير ولا بالإنتقال

وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال القدم هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها

وقال الإمام ابن الأعرابي القدم المتقدم وروى أبو بكر البيهقي عن النضر بن شميل أنه قال القدم ههنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار

وقال أبو منصور الأزهري القدم هم الذين قدم الله بتخليدهم في النار فعلى هذا يكون في المعنى وجهين أحدهما كل شيء قدمه

يقال لما قدم قدم ولما هدم هدم ويؤيد هذا قوله في تمام الحديث وأما الجنة فينشئ لها خلقا

ووجه ثان إن كل قادم عليها سمي قادما فالقدم جمع قادم

فبعض الرواة رواه بما يظنه المعنى من أن المقدم الرجل وقد رواه الطبراني من طرق فقال لقدمه ورجله قلت وهذا دليل على تغير الرواة بما يظنونه على أن الرجل في اللغة جماعة

ومن يرويه بلفظ الرجل فإنه يقول رجل من جراد فيكون المراد يدخلها جماعة يشبهون في كثرتهم الجراد فيسرعون التهافت فيها

قال القاضي أبو يعلى المجسم القدم صفة ذاتية

وقال ابن الزاغوني المجسم نقول إنما وضع قدمه في النار ليخبرهم أن أصنافهم تحترق وأنا لا أحترق

قلت وهذا إثبات تبعيض وهو من أقبح الإعتقادات

قلت ورأيت أبا بكر بن خزيمة قد جمع كتابا في الصفات وبوبه فقال باب إثبات اليد باب إمساك السموات على أصابعهباب إثبات الرجل وإن رغمت أنوف المعتزلة ثم قال قال الله تعالى ! ( ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها ) ! الأعراف 69

فأعلمنا أن من لا يد له ولا رجل فهو كالأنعام

قلت وأني لأعجب من هذا الرجل مع علو قدره في علم النقل
يقول هذا ويثبت لله ما ذم الأصنام بعدمه من اليد الباطشة والرجل الماشية ويلزمه أن يثبت الأذن ولو رزق الفهم ما تكلم بهذا ولفهم أن الله تعالى عاب الأصنام عند عابديها والمعنى لكم أيد وأرجل فكيف عبدتم ناقصا لا يد له يبطش ولا رجل يمشي بها

قال ابن عقيل تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة هذا عين التجسيم وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج بها ثم أليس يعمل في النار أمره وتكوينه فكيف يستعين بشيء من ذاته ويعالجها بصفة من صفاته وهو القائل ! ( كوني بردا وسلاما ) ! الأنبياء 69

فما أسخف هذا الإعتقاد وأبعده عن مكون الأملاك والأفلاك فقد كذبهم الله تعالى في كتابه إذ قال ! ( لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ) ! الأنبياء 99

فكيف يظن بالخالق أنه يردها تعالى الله عن تجاهل المجسمة


اما ان تنسب للشيخ محمدعبد الوهاب رحمه الله التجسيم هاذا إفتراء ومحض كذب وتدليس
وقد أتيت كبيرة بحق الشيخ رحمه الله أـن جعلة كافراً من جهلك وقلة علمك
وكان الأولى أن تأتى بالدليل بقول الشيخ لا أنت تسرد على لسانه رحمه الله
أما أهل السلف ومن تبعهم يعلم القاصى والدانى أن من يجعل لله تجسيم فقد كفر بما أنزل على محمد صلّ الله عليه وسلم
هاذ تضليل وافتراء وما انت عن الروافض ببعيد

وارجو ان تأتى دلليل قولك على الشيخ عبد الوهاب رحمه الله


كتاب : دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه
المؤلف :أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي



__________________
إسلام
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2010-09-22, 06:40 AM
الطواف الطواف غير متواجد حالياً
عضو من أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-02-23
المشاركات: 4,399
افتراضي

اقتباس:
أشكرك أخي الفاضل على هذه الفرصة للحوار وأود النتويه على بعض النقاط :
1/ أنا لست متصوفا
2/ أنا لست أشعريا
بدات الكذب من البداية اذن ما طينتك اذا لم تكن متصوفا فأنت رافضي1/2
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2010-09-22, 04:41 PM
عبد الله 3690 عبد الله 3690 غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-01
المشاركات: 17
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطواف مشاهدة المشاركة
بدات الكذب من البداية اذن ما طينتك اذا لم تكن متصوفا فأنت رافضي1/2

اتق الله أخي الكريم و ابتعد عن الألفاظ السوقية التي تدل على مستواك يا محترم
__________________
تلك دعائم دعوة قدسية كتب الخلود لها مدى الأزمان
الله غايتنا و الرسول قدوتنا و القرآن دستورنا و الجهاد سبيلنا و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2010-09-22, 05:40 PM
عبد الله 3690 عبد الله 3690 غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-01
المشاركات: 17
افتراضي

الأخوة الكرام
إذغ كنا نريد نتيجة من هذا الموضوع الرجاء الاستدلال بكتب أهل السلف المستقدمين و الابتعاد عن المستأخرين
استدللت بكتاب تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير رحمه الله
واستدل الإخوة بكتب ابن عثيمين و الألباني وغيرهم من أهل السلف المتأخرين رحمهم الله
فأين هؤلاء من ابن كثير و غيره من العلماء المستقدمين رحمهم الله
لكي تكون هناك حيادية وإيجابية في الحوار
وشكرا لكم
__________________
تلك دعائم دعوة قدسية كتب الخلود لها مدى الأزمان
الله غايتنا و الرسول قدوتنا و القرآن دستورنا و الجهاد سبيلنا و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 2010-09-23, 12:33 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

أخي الفاضل سألناك سؤال فالرجاء لا تتهرب والتزم الحوار
أولا انت أتهمت الشيخ محمد عبد الوهاب بالتجسيم فاثبت ذلك
أما الأستدلال بأقوال المتقدمين أو المتأخرين أخي هذا بالأضافة لأيراد كلام المتتقدمين من أهل السلف ويبدوا لي أنك لم تقرأ الموضوع لتعرف الأدلة هي الفيصل فأهل السنة لا يظنون بعصمة أحد
ونحن أتينا بالأدلة فأما ترد عليها وأما تسكت
أما الأستدلال بكلام المتقدمين فسأسرده لك لاحقا ولنا عودة إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 2010-09-23, 12:52 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

وقال أبن القيم أيضا
نقود المعطل كلها زيوف فلا تروج علينا، وبضاعة المشبه كاسدة لا تنفق لدينا، وتجارة الموحد ينادي عليها يوم العرض على روؤس الأشهاد هذه بضاعتنا ردت الينا.

والمصدر هوخطبة
القصيدة النونية

الكافية الشافية
في الانتصار للفرقة الناجية

للامام ابن قيّم الجوزية

الجزء الأول
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 2010-09-23, 12:55 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

فهذا موجز مختصر جداً لحكم الأشاعرة في المذاهب الأربعة

1- عند المالكية:

روى حافظ المغرب وعَلَمُها الفذ ابن عبد البر بسنده عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداد " أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء , وقال: "أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم اهل الكلام فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها."[جامع بيان العلم وفضله 2/ 117 تحقيق عثمان محمد عثمان وهو في 2/96 من الطبعة المنيرية ].
وروى ابن عبد البر نفسه في " الانتقاء " عن الأئمة الثلاثة " مالك وأبي حنيفة والشافعي" نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيرهم ومثله ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟

2- عند الشافعية:

قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني وقد كان معاصراً للأشعري:" لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسّمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل "[أنظر تاريخ بغداد 4/290 وسير أعلام النبلاء 14/201 , توفي ابن سريج سنة 306 والظاهر أنه توفي قبل رجوع الأشعري " مؤسس الأشعرية " لمذهب السلف , لأن الأشعري توفي سنة 324 أو 330 على قولين . وانظر عقيدة ابن سريج في اجتماع الجيوش الإسلامية 62 ].

3- عند الحنفية:

معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال إن الله ليس على العرش أو توقف فيه , وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلوْ وينكرون كونه تعالى على العرش ومعلوم أيضاً أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي !![أنظر غير ما ذكر سير أعلام النبلاء ترجمة بشر 10/200 ــ 201 والحموية: 14 ـــ 15 , طبعة قصي الخطيب ].

4- عند الحنابلة:

موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدّع الإمام أحمد " ابن كلاب " وأمر بهجره ـــ وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري ـــ لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة وحتى في أيام دولة نظام الملك ـــ التي استطالوا فيها ـــ وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة ولم يكن ابن القشيري إلاّ واحداً ممن تعرض لذلك وبسبب انتشار مذهبهم وإجماع علماء الدولة على محاربته أصدر الخليفة القادر منشوراً " الاعتقاد القادري " أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433هـ [انظر المنتظم لابن الجوزية أحداث سنة : 433 , 469 , 475.].
وهذا وليس ذم الأشاعرة وتبديعهم خاصة بأئمة المذاهب المعتبرين بل هو منقول أيضاً عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة وأتباع السلف فقد نقل شيخ الإسلام في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك وأنهم يعتبرون عقيدة الأشعرية منافية لسلوك طريق الولاية والاستقامة حتى أن عبد القادر الجيلاني لما سئل " هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل ؟ قال : ما كان ولا يكون "
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 2010-09-23, 12:57 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

لقد تكررت دعوى الأشاعرة بأنهم أكثر الأمة، وأصبح يتناقلها الكثير منهم في كتبهم ومحاضراتهم، يغرون بها الجهال ممن لا علم لهم بحقيقة الأمر.
قال الأشعريان (ص248): (ومذهب الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة الذي عليه سواد الأمة، وأكابر أهل الفضل فيها) اهـ.
وقالا (ص31): (هذا المذهب الذي يدين به تسعة أعشار أمة الإسلام، وسوادها الأعظم وعلماؤها ودهماؤها) اهـ.
ولا ريب أنها دعوى مجردة عن الدليل، ويكذبها الواقع التاريخي، ويكفي في إبطالها ما سبق تفصيله في بيان مذهب السلف وطريقهم وبيان مخالفة الأشعرية له، وخروجهم عنه.
وجميع من نقلنا نصوصهم في هذا الكتاب بدءاً من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة رضي الله عنهم، ومن لم ننقل عنهم من السلف، جميعهم مخالفون للأشاعرة في أصول الاعتقاد، ومبطلون لأقوالهم ومذهبهم، فضلاً عمن نقلنا عنهم الطعن في الأشاعرة، والتتصيص على خروجهم عن السنة والطريق.
وحسبك من ذكرهم ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية"، والذهبي في "العلو" من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء، ممن نصوا في مسألة علو الله تعالى بنفسه على خلقه بما يخالف مذهب الأشاعرة، وهي واحدة من مسائل الاعتقاد، فكيف إذا أضيف لهم من نصوا في بقية مسائل الاعتقاد بما يخالف مذهب الأشاعرة؟.
فهل يمكن بعد ذلك أن يُدّعى أن الأشاعرة هم أكثر الأمة، وهم مخالفون للقرون المفضلة الأولى؟!!
وإذا كان أبو الحسن الأشعري إنما ولد سنة 260هـ، وقيل: 270هـ، فما الذي كانت عليه الأمة قبله؟ أفتراها كانت على عقيدة الأشعري الذي لم يكن شيئاً مذكورا كما يزعم هؤلاء؟!!
أم أن العقيدة كانت خافية عليهم، حتى ظهر أبو الحسن الأشعري فأيقظ الأمة من سباتها؟
فإن قال قائل: إن الأشعري لم يأت بشيء جديد، ولكنه أبان أموراً وأوضحها في رده على المعتزلة حتى كشف عوارهم، وهذا سبب الانتساب إليه، لكونه صار علماً على السنة في مقابل المعتزلة.
فالجواب أن هذا بلا ريب بعيد عن التحقيق، فضلاً عن الواقع والتاريخ، إذ أن ظهور المعتزلة كان متقدماً على ظهور الأشعري بأكثر من قرن ونصف من الزمان، فضلاً عن الجهمية التي كانت أسبق ظهوراً من المعتزلة. ومن المعلوم أن ظهور هاتين الفرقتين قد جوبه برد عنيف من السلف والأئمة، الذين أنكروا عليهم أعظم النكير، وحكموا بضلالهم، بل وكفر الجهمية منهم، فقام أئمة السنة ابتداءاً من الحسن البصري وإلى عصر الأشعري بالرد على شبهاتهم، وكشف عوارهم. وكتب السنة طافحة بآثار السلف في النكير على الجهمية والمعتزلة والرد على ما ابتدعوه، فانظر كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، وأصول اعتقاد السنة لللالكائي، والإبانة لابن بطة وغيرها كثير. وقد نقلنا في ثنايا هذا الكتاب كثيراً من كلامهم.
ولم يكتف السلف بمقولة أو مقولتين، بل إنهم قد كتبوا الكتب وصنفوا المصنفات في الرد عليهم، ككتب "الرد على الجهمية" للإمام أحمد، وابنه عبد الله، وابن أبي حاتم، وابن قتيبة، والدارمي، والكناني، وابن منده، وأبي العباس السراج وغيرهم كثير، فضلاً عما تضمنته كتب السنة من أبواب الرد على الجهمية، كما فعله البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه، وغيرهما.
ناهيك عن كتب السنة الأخرى، والتي أُلّفت لبيان معتقد السلف والرد على أهل البدع والمخالفين من أصناف المعطلة والمشبهة[1].
والمعلوم أن المعتزلة والجهمية قد قويت شوكتهم في أواخر القرن الثاني، لما تأثر بهم الخليفة المأمون، حتى حصلت تلك الفتنة العظيمة، التي امتُحن فيها العلماء، وأوذي فيها الإمام أحمد أذى عظيماً، وهي فتنة القول بخلق القرآن، وقد تتابع على هذه الفتنة ثلاثة خلفاء: المأمون، والواثق، والمعتصم، وهذا قد ساهم كثيراً في دفع عجلة السلف لكشف أباطيل هاتين الفرقتين، والجواب عن شبهاتهم، خشيةً من التباسها على الناس.
ومع كل هذه الردود من السلف والأئمة على الجهمية والمعتزلة، وما حصل من الفتنة بهم، فإننا لم نجد أحداً من السلف قط يقرر ما قرره الأشعري في الاعتقاد، لا من حيث التأصيل والتقعيد، ولا من حيث الرد على المعتزلة والنكير، بل على العكس من ذلك: وجدنا نصوصهم صريحة في نقض أصوله الاعتقادية في أسماء الله وصفاته، كما سبق بيانه في الباب الأول، فضلاً عن سائر أبواب الاعتقاد كالإيمان والقدر والنبوات وغيرها من أبواب الاعتقاد التي لم نعرّج عليها في كتابنا هذا.
ومن ظن أن السلف كانوا عاجزين عن البيان والتوضيح لأصول المعتقد، والرد على المخالفين كالجهمية والمعتزلة، وكشف عوارهم، والجواب على شبهاتهم، ونقض أصولهم، حتى أتى الأشعري فأبان عما لم يعلموه، ورد على المعتزلة بما لم يستطيعوه؟! فقد ظن بهم ظن السّوْء، ونسبهم إلى الجهل والعجز. وكفى به ضلالاً وخسراناً.

[ قيام أهل الحديث بمن فيهم الخليفة ضد الأشعرية في القرنين الرابع والخامس ]
ومن المعلوم أن المسلمين كانوا على جادة السنة والطريق حتى ظهرت الفرق الكلامية، وحصلت الفتن وابتُلي المسلمون، فلما جاء أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس وقويت شوكة الأشاعرة وغيرهم من أهل الكلام، انتهض السلفيون لدحر هذه الفتنة، وكشف زيفها وأباطيلها، حتى كتب الخليفة العباسي القادر بالله تلك العقيدة المعروفة بالقادرية والتي سبق أن ذكرنا طرفاً منها، وأمر أن يُرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.
قال ابن كثير في أحداث سنة 433هـ: (وفيها قرئ الاعتقاد القادري الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف)[2] اهـ.
وكان ممن وقّع عليه القاضي أبو يعلى كما سبق نقل كلام ابنه في الطبقات.
وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها أعظم ملوك الدولة الغزنوية وفاتح الهند العظيم محمود بن سبكتكين[3]، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضاً الأشعرية ..)[4] اهـ.
وقال أيضاً: (ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة، فلعنوا الكلابية والأشعرية كما كان في مملكة الأمير محمود بن سبكتكين ..)[5] اهـ.
وقال الذهبي: (وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولُعنوا على المنابر)[6] اهـ.
فانظر إلى هذه الانتهاضة في الإنكار على أهل البدع ومنهم الأشاعرة، ثم انظر إلى ما قاله الأشعريان (ص252) عاكسَيْن للحال: (بل نزيد ونقول إنه لا يبعد أن يكون –أي ابن جرير- انتسب إليه – أي الأشعري - فيما لم يصلنا من كتبه، فقد ذكرت كتب التاريخ أنه انتهض لنصرة طريقة الإمام أبي الحسن والإمام أبي منصور جميع أهل السنة في العالم الإسلامي) اهـ.
[ أسباب انتشار المذهب الأشعري في القرنين السادس والسابع ]
وأما أسباب انتشار العقيدة الأشعرية في القرون المتأخرة، فهو ما ذكره المقريزي في خططه حيث قال ما نصه: (فانتشر مذهبأبي الحسن الأشعريّ في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر،كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقّام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم،ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ الميسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين،وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارتّ دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهديّ المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلاّ اللّه خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ، فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نُسي غيره من المذاهب، وجُهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلاّ أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل رضي اللّه عنه، فإنهم كانوا على ماكان عليه السلف، لايرون تأويل ماورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السلام بن تيمية الحرّانيّ، فتصدّى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية ..)[7] اهـ.
وكلام المقريزي هنا يبين وقت وسبب انتشار المذهب الأشعري، وأنه كان بسبب فرضه على الناس، إلى حد قد يصل في بعض الأحايين إلى القوة والقتل كما حصل من ابن تومرت لما حكم المغرب والأندلس. وحصل مثله لشيخ الإسلام ابن تيمية، فقد أوذي وسجن بسبب تبيينه لمنهج أهل السنة والرد على المخالفين.
وأما ما يتعلق بعوام المسلمين، فلا ريب أنهم إن تُركوا من غير تلقين فإنهم على الفطرة السليمة، وعلى اعتقاد السلف وأهل الحديث، لا يعرفون أصول الكلام، ولا تأويل الصفات، ولا شيئاً من ذلك. ولا يمكن لأحد أن يدّعي خلاف ذلك إلا مكابرةً.
فلا يعرف العامي إلا أن الله في السماء على عرشه فوق خلقه، لا يعرف ما يقوله الأشاعرة من أنه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت.
ولا يعرف العامي إلا أن الله يتكلم، وأنه كلم موسى فسمع موسى كلام الله، لا يعرف الكلام النفسي الذي هو: أمر ونهي وخبر واستخبار.
ولا يعرف العامي إلا أن الله يحب التوابين، ويبغض الكافرين، ويرضى عن الطائعين، ويسخط على العاصين، لا يعرف أن هذه الصفات كلها راجعة إلى الإرادة.
ولا يعرف العامي إلا أن الله أقدر العبد على الفعل، وجعل له إرادة لها تأثير فيه، لا يعرف الكسب الذي هو اقتران القدرة الحادثة بالقدرة القديمة، وأن الحادثة لا تأثير لها في الفعل البتة.
وسل إن شأت جماعات المسلمين يخبروك بحقيقة الحال.
فدعوى أن الأشعرية هو المذهب الذي يدين به عامة الأمة ودهماؤها، دعوى باطلة جملة وتفصيلاً.


[1] للمزيد في معرفة كتب السلف في الردود على الجهمية والمعتزلة انظر رسالة "تاريخ تدوين العقيدة السلفية" لعبد السلام بن برجس.
[2] البداية والنهاية (12/49).
[3] أعظم سلاطين الدولة الغزنوية، حكم ما بين (388-412هـ).
[4] بيان تلبيس الجهمية (2/331-332).
[5] مجموع الفتاوى (4/15).
[6] سير أعلام النبلاء (15/135).
[7] الخطط (4/192).

منقول من كتاب ( الشاعرة في ميزان اهل السنة-فيصل الجاسم)
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 2010-09-23, 12:58 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة

لقد تكررت دعوى الأشاعرة بأنهم أكثر الأمة، وأصبح يتناقلها الكثير منهم في كتبهم ومحاضراتهم، يغرون بها الجهال ممن لا علم لهم بحقيقة الأمر.
قال الأشعريان (ص248): (ومذهب الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة الذي عليه سواد الأمة، وأكابر أهل الفضل فيها) اهـ.
وقالا (ص31): (هذا المذهب الذي يدين به تسعة أعشار أمة الإسلام، وسوادها الأعظم وعلماؤها ودهماؤها) اهـ.
ولا ريب أنها دعوى مجردة عن الدليل، ويكذبها الواقع التاريخي، ويكفي في إبطالها ما سبق تفصيله في بيان مذهب السلف وطريقهم وبيان مخالفة الأشعرية له، وخروجهم عنه.
وجميع من نقلنا نصوصهم في هذا الكتاب بدءاً من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة رضي الله عنهم، ومن لم ننقل عنهم من السلف، جميعهم مخالفون للأشاعرة في أصول الاعتقاد، ومبطلون لأقوالهم ومذهبهم، فضلاً عمن نقلنا عنهم الطعن في الأشاعرة، والتتصيص على خروجهم عن السنة والطريق.
وحسبك من ذكرهم ابن القيم في "اجتماع الجيوش الإسلامية"، والذهبي في "العلو" من الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والعلماء، ممن نصوا في مسألة علو الله تعالى بنفسه على خلقه بما يخالف مذهب الأشاعرة، وهي واحدة من مسائل الاعتقاد، فكيف إذا أضيف لهم من نصوا في بقية مسائل الاعتقاد بما يخالف مذهب الأشاعرة؟.
فهل يمكن بعد ذلك أن يُدّعى أن الأشاعرة هم أكثر الأمة، وهم مخالفون للقرون المفضلة الأولى؟!!
وإذا كان أبو الحسن الأشعري إنما ولد سنة 260هـ، وقيل: 270هـ، فما الذي كانت عليه الأمة قبله؟ أفتراها كانت على عقيدة الأشعري الذي لم يكن شيئاً مذكورا كما يزعم هؤلاء؟!!
أم أن العقيدة كانت خافية عليهم، حتى ظهر أبو الحسن الأشعري فأيقظ الأمة من سباتها؟
فإن قال قائل: إن الأشعري لم يأت بشيء جديد، ولكنه أبان أموراً وأوضحها في رده على المعتزلة حتى كشف عوارهم، وهذا سبب الانتساب إليه، لكونه صار علماً على السنة في مقابل المعتزلة.
فالجواب أن هذا بلا ريب بعيد عن التحقيق، فضلاً عن الواقع والتاريخ، إذ أن ظهور المعتزلة كان متقدماً على ظهور الأشعري بأكثر من قرن ونصف من الزمان، فضلاً عن الجهمية التي كانت أسبق ظهوراً من المعتزلة. ومن المعلوم أن ظهور هاتين الفرقتين قد جوبه برد عنيف من السلف والأئمة، الذين أنكروا عليهم أعظم النكير، وحكموا بضلالهم، بل وكفر الجهمية منهم، فقام أئمة السنة ابتداءاً من الحسن البصري وإلى عصر الأشعري بالرد على شبهاتهم، وكشف عوارهم. وكتب السنة طافحة بآثار السلف في النكير على الجهمية والمعتزلة والرد على ما ابتدعوه، فانظر كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، وأصول اعتقاد السنة لللالكائي، والإبانة لابن بطة وغيرها كثير. وقد نقلنا في ثنايا هذا الكتاب كثيراً من كلامهم.
ولم يكتف السلف بمقولة أو مقولتين، بل إنهم قد كتبوا الكتب وصنفوا المصنفات في الرد عليهم، ككتب "الرد على الجهمية" للإمام أحمد، وابنه عبد الله، وابن أبي حاتم، وابن قتيبة، والدارمي، والكناني، وابن منده، وأبي العباس السراج وغيرهم كثير، فضلاً عما تضمنته كتب السنة من أبواب الرد على الجهمية، كما فعله البخاري في صحيحه، وأبو داود في سننه، وغيرهما.
ناهيك عن كتب السنة الأخرى، والتي أُلّفت لبيان معتقد السلف والرد على أهل البدع والمخالفين من أصناف المعطلة والمشبهة[1].
والمعلوم أن المعتزلة والجهمية قد قويت شوكتهم في أواخر القرن الثاني، لما تأثر بهم الخليفة المأمون، حتى حصلت تلك الفتنة العظيمة، التي امتُحن فيها العلماء، وأوذي فيها الإمام أحمد أذى عظيماً، وهي فتنة القول بخلق القرآن، وقد تتابع على هذه الفتنة ثلاثة خلفاء: المأمون، والواثق، والمعتصم، وهذا قد ساهم كثيراً في دفع عجلة السلف لكشف أباطيل هاتين الفرقتين، والجواب عن شبهاتهم، خشيةً من التباسها على الناس.
ومع كل هذه الردود من السلف والأئمة على الجهمية والمعتزلة، وما حصل من الفتنة بهم، فإننا لم نجد أحداً من السلف قط يقرر ما قرره الأشعري في الاعتقاد، لا من حيث التأصيل والتقعيد، ولا من حيث الرد على المعتزلة والنكير، بل على العكس من ذلك: وجدنا نصوصهم صريحة في نقض أصوله الاعتقادية في أسماء الله وصفاته، كما سبق بيانه في الباب الأول، فضلاً عن سائر أبواب الاعتقاد كالإيمان والقدر والنبوات وغيرها من أبواب الاعتقاد التي لم نعرّج عليها في كتابنا هذا.
ومن ظن أن السلف كانوا عاجزين عن البيان والتوضيح لأصول المعتقد، والرد على المخالفين كالجهمية والمعتزلة، وكشف عوارهم، والجواب على شبهاتهم، ونقض أصولهم، حتى أتى الأشعري فأبان عما لم يعلموه، ورد على المعتزلة بما لم يستطيعوه؟! فقد ظن بهم ظن السّوْء، ونسبهم إلى الجهل والعجز. وكفى به ضلالاً وخسراناً.

[ قيام أهل الحديث بمن فيهم الخليفة ضد الأشعرية في القرنين الرابع والخامس ]
ومن المعلوم أن المسلمين كانوا على جادة السنة والطريق حتى ظهرت الفرق الكلامية، وحصلت الفتن وابتُلي المسلمون، فلما جاء أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس وقويت شوكة الأشاعرة وغيرهم من أهل الكلام، انتهض السلفيون لدحر هذه الفتنة، وكشف زيفها وأباطيلها، حتى كتب الخليفة العباسي القادر بالله تلك العقيدة المعروفة بالقادرية والتي سبق أن ذكرنا طرفاً منها، وأمر أن يُرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.
قال ابن كثير في أحداث سنة 433هـ: (وفيها قرئ الاعتقاد القادري الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف)[2] اهـ.
وكان ممن وقّع عليه القاضي أبو يعلى كما سبق نقل كلام ابنه في الطبقات.
وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها أعظم ملوك الدولة الغزنوية وفاتح الهند العظيم محمود بن سبكتكين[3]، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضاً الأشعرية ..)[4] اهـ.
وقال أيضاً: (ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة، فلعنوا الكلابية والأشعرية كما كان في مملكة الأمير محمود بن سبكتكين ..)[5] اهـ.
وقال الذهبي: (وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولُعنوا على المنابر)[6] اهـ.
فانظر إلى هذه الانتهاضة في الإنكار على أهل البدع ومنهم الأشاعرة، ثم انظر إلى ما قاله الأشعريان (ص252) عاكسَيْن للحال: (بل نزيد ونقول إنه لا يبعد أن يكون –أي ابن جرير- انتسب إليه – أي الأشعري - فيما لم يصلنا من كتبه، فقد ذكرت كتب التاريخ أنه انتهض لنصرة طريقة الإمام أبي الحسن والإمام أبي منصور جميع أهل السنة في العالم الإسلامي) اهـ.
[ أسباب انتشار المذهب الأشعري في القرنين السادس والسابع ]
وأما أسباب انتشار العقيدة الأشعرية في القرون المتأخرة، فهو ما ذكره المقريزي في خططه حيث قال ما نصه: (فانتشر مذهبأبي الحسن الأشعريّ في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر،كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على مذهب الأشعري، وحملوا في أيام مواليهم كافة الناس على التزامه، فتمادى الحال على ذلك جميع أيام الملوك من بني أيوب، ثم في أيام مواليهم الملوك من الأتراك، واتفق مع ذلك توجه أبي عبد الله محمد بن تومرت أحد رجالات المغرب إلى العراق، وأخذ عن أبي حامد الغزاليّ مذهب الأشعريّ، فلما عاد إلى بلاد المغرب وقّام في المصامدة يفقههم ويعلمهم، وضع لهم عقيدة لقفها عنه عامّتهم،ثم مات فخلفه بعد موته عبد المؤمن بن عليّ الميسيّ، وتلقب بأمير المؤمنين،وغلب على ممالك المغرب هو وأولاده من بعد مدّة سنين، وتسموا بالموحدين، فلذلك صارتّ دولة الموحدين ببلاد المغرب تستبيح دماء من خالف عقيدة ابن تومرت، إذ هو عندهم الإمام المعلوم، المهديّ المعصوم، فكم أراقوا بسبب ذلك من دماء خلائق لا يحصيها إلاّ اللّه خالقها سبحانه وتعالى، كما هو معروف في كتب التاريخ، فكان هذا هو السبب في اشتهار مذهب الأشعريّ وانتشاره في أمصار الإسلام، بحيث نُسي غيره من المذاهب، وجُهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه، إلاّ أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل رضي اللّه عنه، فإنهم كانوا على ماكان عليه السلف، لايرون تأويل ماورد من الصفات، إلى أن كان بعد السبعمائة من سني الهجرة، اشتهر بدمشق وأعمالها تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحكم بن عبد السلام بن تيمية الحرّانيّ، فتصدّى للانتصار لمذهب السلف وبالغ في الردّ على مذهب الأشاعرة، وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة، وعلى الصوفية ..)[7] اهـ.
وكلام المقريزي هنا يبين وقت وسبب انتشار المذهب الأشعري، وأنه كان بسبب فرضه على الناس، إلى حد قد يصل في بعض الأحايين إلى القوة والقتل كما حصل من ابن تومرت لما حكم المغرب والأندلس. وحصل مثله لشيخ الإسلام ابن تيمية، فقد أوذي وسجن بسبب تبيينه لمنهج أهل السنة والرد على المخالفين.
وأما ما يتعلق بعوام المسلمين، فلا ريب أنهم إن تُركوا من غير تلقين فإنهم على الفطرة السليمة، وعلى اعتقاد السلف وأهل الحديث، لا يعرفون أصول الكلام، ولا تأويل الصفات، ولا شيئاً من ذلك. ولا يمكن لأحد أن يدّعي خلاف ذلك إلا مكابرةً.
فلا يعرف العامي إلا أن الله في السماء على عرشه فوق خلقه، لا يعرف ما يقوله الأشاعرة من أنه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت.
ولا يعرف العامي إلا أن الله يتكلم، وأنه كلم موسى فسمع موسى كلام الله، لا يعرف الكلام النفسي الذي هو: أمر ونهي وخبر واستخبار.
ولا يعرف العامي إلا أن الله يحب التوابين، ويبغض الكافرين، ويرضى عن الطائعين، ويسخط على العاصين، لا يعرف أن هذه الصفات كلها راجعة إلى الإرادة.
ولا يعرف العامي إلا أن الله أقدر العبد على الفعل، وجعل له إرادة لها تأثير فيه، لا يعرف الكسب الذي هو اقتران القدرة الحادثة بالقدرة القديمة، وأن الحادثة لا تأثير لها في الفعل البتة.
وسل إن شأت جماعات المسلمين يخبروك بحقيقة الحال.
فدعوى أن الأشعرية هو المذهب الذي يدين به عامة الأمة ودهماؤها، دعوى باطلة جملة وتفصيلاً.


[1] للمزيد في معرفة كتب السلف في الردود على الجهمية والمعتزلة انظر رسالة "تاريخ تدوين العقيدة السلفية" لعبد السلام بن برجس.
[2] البداية والنهاية (12/49).
[3] أعظم سلاطين الدولة الغزنوية، حكم ما بين (388-412هـ).
[4] بيان تلبيس الجهمية (2/331-332).
[5] مجموع الفتاوى (4/15).
[6] سير أعلام النبلاء (15/135).
[7] الخطط (4/192).

منقول من كتاب ( الشاعرة في ميزان اهل السنة-فيصل الجاسم)
الرد على شبهة الأستواء بكلام سلف الأمة

العلم بالله هو أجل العلوم وأعلاها، وأرفعها عند الله وأزكاها، كيف لا وهو الذي يعرّف العباد بخالقهم، ويقربهم من رازقهم، ويضفي على حياتهم معنى، وعلى وجودهم فائدة وهدفاً.

ومن العلم بالله العلم بصفاته، حيث اتفق المسلمون على أن الله متصف بصفات الكمال، منزه عن صفات النقص، إلا أنهم اختلفوا في جملة من الصفات التي ورد بها الكتاب، ونطق بها الرسول - صلى الله عليه وسلم –، وفي مقدمة تلك الصفات التي خالف فيها البعض صفة علو الباري سبحانه واستواءه على خلقه . حيث أثبتها السلف ولم يروا في إثباتها ما يوجب نقصاً أو يخالف نصاً، ونفاها آخرون استنادا إلى أدلة سنأتي على شرحها ومناقشها .

أدلة السلف على إثبات علو الله على خلقه واستواءه على عرشه :
استدل السلف على إثبات علو الباري سبحانه بأدلة كثيرة، منها:
أولاً : أدلة الكتاب: وهي على أنواع، منها ما يصرح باستواء الله على عرشه كما في قوله تعالى:{ الرحمن على العرش استوى }(طه:5) والاستواء في الآية هو العلو والارتفاع، قال الإمام الطبري في تفسير الآية: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا . وحكى أبو عمر بن عبد البر عن أبي عبيدة في قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } قال: علا . وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": " وأما تفسير { استوى } علا، فهو صحيح، وهو المذهب الحق، وقول أهل السنة، لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي، وقال:{ سبحانه وتعالى عما يشركون } وهي صفة من صفات الذات ".

ومن أدلة الكتاب ما يصرح بالصعود والعروج إليه، والصعود لا يكون إلا لعلو، قال تعالى: { إليه يصعد الكلم الطيب }(فاطر: 10)، و{ الكلم الطيب } هو الذكر والدعاء . وقال تعالى: { تعرج الملائكة والروح إليه }(المعارج:4) والعروج الصعود .

ومنها ما يصرح بالرفع إليه، قال تعالى: { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي }(آل عمران: 55 ) وقال تعالى: { بل رفعه الله إليه }(النساء: 157-158)، وقال - صلى الله عليه وسلم - عن شهر شعبان وقد سئل عن سبب صومه: ( شَهْرٌ ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) رواه النسائي .

ومن أدلة الكتاب أيضا التصريح بالفوقية: كما في قوله تعالى عن الملائكة: { يخافون ربهم من فوقهم }(النحل:50)، وكما في قوله:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:18).

ومنها التصريح بنزول الملائكة والكتب منه إلى عباده، والنزول لا يكون إلا من علو، قال تعالى: { قل نزله روح القدس }(النحل: 102) وقال تعالى:{ تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم }(الزمر:1) .

ومنها التصريح بأنه في السماء، كما قال تعالى: { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير }(الملك:16-17) . ومعنى { في السماء } أي: على السماء لاستحالة أن تكون السماء ظرفا للخالق ومكانا له .

قال الإمام اللالكائي في "شرح اعتقاد أهل السنة" : " فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه . وروى ذلك من الصحابة : عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأم سلمة ومن التابعين : ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان وبه قال من الفقهاء: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل " .

ثانياً: أدلة السنة: وهي كثيرة، فمنها حديث معاوية بن الحكم السلمي وفيه أنه أتى النبي – صلى الله عليه وسلم - بجارية أراد تحريرها من العبودية، فسألها النبي: ( أين الله ) قالت: في السماء، قال: ( من أنا ؟ ) قالت : أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( أعتقها – حررها - فإنها مؤمنة ) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي و مالك في موطئه الشافعي في مسنده و ابن حبان وغيرهم ولم يؤول أي منهم الحديث فدل على قبولهم ظاهره.

ومنها حديث جابر - رضي الله عنه – في سرده حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه عندما خطب الناس في حجة الوداع واستشهدهم على البلاغ، فقالوا: " نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت " فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها – ويخفضها - إلى الناس، اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات ) رواه مسلم في صحيحه . وهو دليل صحيح صريح على علو الله على خلقه .

ومنها ما ورد في صحيح البخاري أن زينب – رضي الله عنها - كانت تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم – فتقول: " زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات " ومثل هذا القول من زينب لا يقال بالرأي، بل هو مما تلقته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما فهمته من نصوص القرآن .

ومنها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه الترمذي وصححه .

ومن الأحاديث التي تثبت صفة العلو لله ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها )

ومنها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي ) متفق عليه .

ثالثاً: دليل الإجماع: يقول الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتابه "الاستذكار الجامع لمذاهب الأمصار" تعليقا على حديث الجارية المتقدم" فعلى ذلك جماعة أهل السنة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه، وسائر نقلته، كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه:{ الرحمن على العرش استوى }(طه:5)، وأن الله - عز وجل - في السماء وعلمه في كل مكان " . وقال الإمام البغوي : " أهل السنة يقولون الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم به إلى الله عز وجل ".

وقال أبو الحسن الأشعري - رحمه الله - كما في الإبانة(1/39)" إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء ؟ قيل له: نقول: إن الله - عز وجل - يستوي على عرشه استواء يليق به ".

وقال أبو مطيع البلخي في كتاب "الفقه الأكبر": سألت أبا حنيفة عمن يقول لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض، قال: كفر؛ لأن الله يقول: { الرحمن على العرش استوى }(طه:5)، وعرشه فوق سبع سمواته، فقلت: إنه يقول على العرش، ولكن لا أدرى العرش في السماء أو في الأرض، فقال: إنه إذا أنكر أنه في السماء كفر، لأنه تعالى في أعلى عليين، وأنه يُدعى من أعلى لا من أسفل ". وهذا النقول تؤكد صراحة أن السلف مجمعون على أن الله – كما أخبر – عال على خلقه مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وكماله .

رابعاً: دليل الفطرة: وملخصه أن النفوس بفطرتها تقبل على طلب العلو عند توجهها إلى ربها بالدعاء، ودليل فطرية هذا الإقبال استواء الناس فيه فيستوي فيه العالم والجاهل والذكر والأنثى إلا من تلوثت فطرته بكلام أهل الكلام، ذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس إمام الحرمين وهو يتكلم في نفي صفة العلو، ويقول: كان الله تعالى ولا عرش وهو الآن على ما كان، فقال الشيخ أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف تدفع هذه الضرورة عن أنفسنا ؟ قال: فلطم الإمام على رأسه ونزل .. وقال: حيرني الهمداني .

خامساً دليل العقل: وبيانه أن الله موجود ووجوده وجود حقيق لا ذهني، وعليه فهو إما أن يكون داخل العالم، أو خارجه، وهو قطعاً ليس داخل العالم لاستحالة أن يحل في الخلق أو يتحد بهم، فلم يبق إلا أن يكون خارج العالم، وما دام خارج العالم فإما أن يكون محيطاً بالعالم وهو باطل، لأنه يلزم منه أن يكون بعضه فوق وبعضه تحت متصفاً بالسفل، وإما أن يكون في أحد الجهات، وليس هناك جهة كمال في الجهات الست سوى جهة العلو، وبما أن الله متصف بالكمال المطلق فأكمل الجهات على الإطلاق هي جهة العلو فوجب وصف الله بها، وبهذا يظهر التوافق بين العقل والنقل في هذه المسألة، أما القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه لا متصل به ولا منفصل عنه فقول يخرج عن قول العقلاء فلا يلتفت إليه .

شبهات من أنكر استواء الله على عرشه واتصافه بالفوقية :
تلك كانت بعض أدلة أهل السنة، الذين أثبتوا استواء الله على عرشه وعلوه على خلقه، أما شبهات من نفى صفة العلو والاستواء، فمردها جميعاً إلى قاعدة التنزيه، وهي القاعدة التي قضت بنفي مشابهة المخلوقين للخالق سبحانه، وتفرده في ذاته وصفاته وأفعاله، وهي قاعدة متفق عليها بين المسلمين إلا أن البعض غلا في استعمالها حتى نفى جميع أو بعض أسماء الله وصفاته .

حيث قالوا: إن الله - عز وجل - قد قال في كتابه: { ليس كمثله شيء } وهذا نفي بإطلاق لأي مشابهة بين الخالق والمخلوق، وإثبات أن الله مستو على عرشه عال على خلقه فيه تشبيه للخالق بالمخلوق من حيث أنه يلزم مثبت الاستواء أن يثبت أن الله جسم، وأنه في جهة، وأنه محدود محصور، والله منزه عن ذلك كله فلو كان جسماً لكان مركباً، ولو كان مركباً لكان بعضه محتاج إلى بعض، ولو كان في جهة ما لكان محصوراً، ولو كان محصوراً لاستوجب أن يكون هناك من حصره، وإذا كان مستو على عرشه لكان له مكان، ولو كان له مكان لكان محتاجا إليه، والله كان ولا مكان وهو الآن على ما كان عليه .

واستندوا في تأييد مذهبهم - زيادة على ما سبق - إلى بعض النقولات والآثار الواردة في هذا الباب من ذلك ما روي : " كان الله ولا مكان، وهو على ما كان قبل خلق المكان؛ لم يتغير عما كان " ، وحديث : ( كان الله ولا شيء غيره وكان العرش على الماء ) رواه النسائي والحاكم وصححه .

وأتوا على ما استدل به المثبتون فأولوه، وقالوا: إن المراد من العلو والفوقية في تلك النصوص هو علو الشأن والرفعة والمكانة والشرف .

وجوابا على ما أوردوا، نقول: إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق، ولكننا مختلفون في حدود هذا النفي، ونرى أن الناس فيه طرفان ووسط، فأما الطرف الأول فاتخذ قاعدة التنزيه ذريعة لنفي كل أو أكثر الصفات الثابتة لله - عز وجل - حتى نفى الغلاة منهم أن يوصف الله بالوجود أو الحياة، فعندما يُسأل عن صفة الله لا يجد سوى النفي سبيلا لتعريف ربه، فيقول: لا هو موجود ولا معدوم، ولا عَرَضٌ ولا جَوْهَرٌ، ولا حي ولا ميت، ويظن بذلك أنه فر من التشبيه وما علم أنه وقع في التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات.

والطرف الثاني: ألغى قاعدة التنزيه فشبه الله بخلقه تشبيها مطلقا أو جزئياً، وهو مذهب لا شك في بطلانه وضلاله.

والمذهب الوسط هو المذهب الحق الذي أثبت الصفات ونفى المشابهة، وهو ما تنص عليه الآية الكريمة حيث صرّحت بالتنزيه { ليس كمثله شيء } وفي ذات الوقت صرّحت بالإثبات { وهو السميع البصير } فأخذ مذهب أهل الحق بجزئي الآية، أما المذهبان السابقان فأخذ كل منهم بأحد شطري الآية - وفق فهمه - ولم يأخذ بالآخر.

وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا . وهو المنهج الوسط الذي سار عليه الأئمة، يقول الإمام إسحاق بن راهويه :" إنما يكون التشبيه إذا قال: يد مثل يدي، أو سمع كسمعي، فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله: يد وسمع وبصر، فلا يقول: كيف ولا يقول: مثل، فهذا لا يكون تشبيهاً، قال تعالى:{ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }" ذكره الترمذي في جامعه . وأوضح هذا المنهج الوسط نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري حين قال: " من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه، ولا ما وصفه به رسوله تشبيها " فليس تشبيها أن تثبت لله علما يليق بجلاله، وقدرة تليق بجلاله، وإرادة تليق بجلاله، واستواء يليق بجلاله، وإنما التشبيه أن تقول: علماً كعلمنا، وقدرةً كقدرتنا، وسمعا كسمعنا، واستواءً كاستوائنا . وأما أن تثبت الصفة كما أثبتها الله مع إثبات الفارق أو نفي التشبيه، فليس تشبيهاً البتة .

أما ما ذكروه من لوازم القول بالعلو والاستواء فالجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: إجمالي وهو أن يقال: إن الله أخبرنا بأنه مستو على عرشه، عال على خلقه، ونحن نصدقه فيما قال، ونؤمن بما أخبر، ونسكت عما وراء ذلك، ولا نخوض في تلك اللوازم المدعاة ولا نتكلم فيها، فإنها من جملة المسكوت عنه في الشرع؛ إذ لم يرد في الشرع نفي أو إثبات أن يكون الله جسماً، أو محدوداً، أو محصوراً، فالسكوت فيه سلامة للمرء في دينه واعتقاده .

الوجه الثاني: تفصيلي وهو بأن نسأل عن تلك اللوازم، فنقول إن أردتم بالجسم ما هو قائم بذاته مستغن عن خلقه فذلك ما نثبته ونؤيده ونلتزم به مع عدم تسميتنا له جسماً لكونه لم يرد في الشرع وصفه بذلك، وإن أردتم بالجسم ما زعمتم أن كل طرف فيه محتاج للطرف الآخر فذلك مما نكره وننفيه، ولكننا لا نعتقد أن نفيه يلزم منه نفي العلو . بل نرى أن قولكم: أنه من لوازم القول بالعلو ما هو إلا بسبب تشبيهكم أولاً فأنتم شبهتم استواء الله على عرشه باستواء المخلوقين، فقلتم: كل مستو فهو جسم، والله ليس بجسم، فهو ليس بمستو والمقدمة باطلة وما ترتب عليها باطل، فالله ليس كمثله شيء، واستواؤه ليس كاستواء المخلوقين .

وأما القول بأن إثبات الاستواء يدل على إثبات الجهة وأنه محصور في جهة معينة فالجواب عنه أن لفظ الجهة لم يثبت في الكتاب والسنة، وعليه فيستفصل عن معناه، فإن أريد بالجهة المكان الوجودي المخلوق فالله ينزه عنه اتفاقاً، فالله لا يحل في شيء من مخلوقاته ولا يتحد بها، وإن أريد بالجهة المكان الاعتباري العدمي فهذا ما يثبته أهل السنة . ولا يعتقدون في إثباته ما يخالف حقاً ثابتاً، ولا ما يوجب نقصاً في حق الخالق سبحانه، بل إثبات الجهة بهذا المعنى ضرورة عقلية كما سبق بيانه في الأدلة العقلية.

أما الحدُّ فهو لم يرد – كذلك – نفيه أو إثباته في كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وعليه فيستفصل عن معناه فإن أريد بنفي الحدِّ أن الله لا تحصره المخلوقات، ولا يحلُّ فيها، فهذا المعنى صحيح، لا إشكال فيه، بل لا يجوز أن تكون فيه منازعة، وإن أريد بالحد أن العباد عاجزون عن إدراك حقيقته وحده، فهذا أيضا حق نثبته، وأما إن أريد بنفي الحد أنه ليس مبايناً للخلق، ولا منفصلاً عنهم، ولا داخل العالم ولا خارجه، فهذا هذيان ننكره ولا نثبته، بل نرى أن القول به يؤدي إلى نفي وجود الرب، ونفي حقيقته ووصفه بالعدم لا بالوجود . وقد سئل عبد الله بن المبارك بم نعرف ربنا ؟ فقال: بأنه على العرش، بائن من خلقه، قيل: بحد، قال: بحد . أي بحد يعلمه هو، ولا يحيط به أحد من خلقه .

أما الاستدلال بحديث ( كان الله ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء ) رواه النسائي . على نفي العلو، فلا دلالة فيه على ما ذهبوا إليه، وذلك أن الحديث يتكلم عن بدء الخلق، وأن الله كان ولا شيء معه من مخلوقاته، وأن أول خلقه كان العرش، بدليل ما رواه الحاكم في مستدركه عن بريدة الأسلمي قال: " دخل قوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا يسألونه، يقولون: أعطنا حتى ساءه ذلك، ودخل عليه آخرون، فقالوا: جئنا نسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونتفقه في الدين، ونسأله عن بدء هذا الأمر، فقال: ( كان الله ولا شيء غيره، وكان العرش على الماء ).

أما ما روي من قولهم: " كان الله ولا مكان، وهو الآن على ما كان عليه". فهو أثر موضوع – كما قال العلماء - على أنه يمكن حمله على معنى صحيح، وهو أن يكون المكان المنفي هو المكان المخلوق – كما هو ظاهر النص - وأهل السنة يقولون بذلك، فهم لا يقولون أن الله متمكن في مكان مخلوق بل يقولون: إن الله مستو على العرش بمعنى أنه عال عليه لا أنه مماس له محتاج إليه .

فظهر بهذا أن لا تعارض بين العقل والنقل في إثبات علو الله – سبحانه - على خلقه واستواءه على عرشه بل هو مما اتفقا عليه، وتظافرت الأدلة على إثباته، وأن من أنكره إنما استند إلى بعض النقول التي بان وجه الحق فيها، أو إلى بعض الأدلة العقلية التي اتضح عدم صحتها . فعلى المسلم أن يثبت لله الصفات كما أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وأن يعلم أن الله لم يخبر عن نفسه بما هو محال أو ممتنع، وإنما أخبر بما هو جائز أو واجب في حقه، ليعرف العباد خالقهم فيتقربوا إليه، ويعبدوه عن علم ودراية .
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 2010-09-23, 01:04 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله العلي الأعلى و الصلاة و السلام على نبينا محمد و آله و صحبه ذوي الشرف الأجلى . و بعد :

فقد وقفت لبعض المشوشين و المهوشين على عقيدة أهل السنة و الجماعة , على كلام يزري فيه بأهل الحق لإثباتهم أن الله تعالى فوق عباده , و يصفهم بالتناقض و الإلحاد في اسمي الله تعالى الظاهر و الباطن . و أخشى أن هذا الرجل قد ابتلاه الله تعالى بداء العجب و التعالم , مما جعله يحرف الكلم عن مواضعه و يلوي أعناق النصوص لتوافق أهواءه و العياذ بالله تعالى و ينسب إلى السلف ما هم براء منه .

و لذلك رأيت أن أتعرض لشبهتيه المذكورتين آنفا بالإبطال برد مختصر مجمل , فأقول و بالله التوفيق :


الشبهة الأولى : قوله : إن الفوقية تستلزم أن الله تعالى تحويه جهة من الجهات الست و زعم إن قولنا : الله في السماء , لا يفيد العلو و الفوقية لأن السماء ليست فوقنا فحسب بل محيطة بنا من كل الجهات .

الجواب :

1- إن الفوقية التي تتعنى في نفيها هي غير الفوقية التي نثبتها , إذ أن الفوقية التي تتكلم عنها أنت تقصد بها إحدى الجهات الست , و هذا الاصطلاح مباين للاستعمال القرآني للفظ الفوقية و هو الذي نتكلم عنه نحن .
قال تعالى : " وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ " (فصلت / 10)
و قال تعالى : " أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ " (ق / 6)
و قال تعالى : " و بنينا فوقكم سبعا شدادا " (النبأ / 12)
و قال عز وجل : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ "( المومنون / 17)

فنحن نعلم أن الجبال توجد من كل جهات الأرض الست , و كذا السماء تحيط بالأرض من جميع الجهات – و هذا ما قررته أنت و نقرره معك – لكن كيف تجمع بين ذلك و بين وصف كل من الجبال و السماوات في صريح القرآن الكريم بالفوقية ؟؟
فإن قلت : إن السماء ليست في جهة فوق كذبت القرآن , و إن قلت : هي فوق , تعارض ذلك مع قولك إنها تحيط بنا من كل الجهات .
و لا مخرج لك من ذلك إلا أن تقر باختلاف الإطلاقين .
فإذا أقررت بذلك بطل إلزامك لنا , إذ أن الفوقية التي نصف بها الله عز و جل ليست هي إحدى الجهات الست المخلوقة و إنما هي صفة العلو ( التي هي صفة الله و ليست مخلوقة ) فالسماوات فوق الأرض و العرش فوق السماوات و الله تعالى فوق العرش , و العرش سقف المخلوقات فليس فوقه مخلوق ( بما في ذلك الزمان و المكان ) , و لذا ليس الله تعالى حالا في مخلوق زمانا كان أو مكانا (بما في ذلك الجهات المخلوقة) .

2 – يبدو من مقال صاحب هذه الشبهة أنه يظن بأن لفظ "في السماء " الذي وصف به الله تعالى في آيات و أحاديث كثيرة , يعني عندنا السماء المخلوقة التي جعلها الله تعالى سبع سماوات , و هذه فرية صلعاء إذ أننا نعتقد أن معنى السماء في تلك النصوص هو العلو المطلق فالله تعالى أعظم من أن يحل في مخلوق أو يقله مخلوق أو يظله , و يشهد لذلك قوله تعالى "... فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ... " فالسبب الحبل و السماء هنا سقف البيت أو ما يقوم مقامه كما فسره علماء السلف , و كل ما علا فوق رأسك فهو سماء في اللغة .

الشبهة الثانية : ادعاءه أن اثبات فوقية الله تعالى - بالمعنى الذي بينته – يتناقض مع اسمي الله تعالى الظاهر و الباطن , و استدل بقوله صلى الله عليه و سلم في دعاءه : " أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء " و علق عليه بأن لفظ " ليس فوقك شيء" يقابل لفظ " ليس دونك شيء .

و الجواب :
نقول له :
قد علمنا مقالتك , فإليك هذا السؤال : هل موضوع هذا الجزء من الحديث هو فوقية الذات العلية ؟ أم ليس الأمر كذلك ؟

فإن قلت : إن الفوقية في الحديث فوقية ذات , قلنا : قد قلت إن لفظ " ليس فوقك شيء " يقابل لفظ "ليس دونك شيء" , فيلزمك من مجموع الأمرين أن معنى " ليس دونك شيء" هو وصف الذات بالسفول و الله تعالى منزه قطعا عن ذلك . فإن تبرأت من هذا بقي معنى" ليس فوقك شيء " على أصله و هو إثبات علو الله تعالى علو ذات و علو صفات و علو قهر إذ العلو صفة كمال . و تعين حمل قوله " فليس دونك شيء " على معنى القرب و الدنو أي ليس شيء أقرب إلى العباد منك كما فسرها طائفة من أهل العلم وكما دلت عليه الآيات و الأحاديث التي وصفت الله تعالى بالقرب من عباده بعلمه , وذلك لتنزه الله تعالى عن المعنى الآخر . فليس هناك تناقض بين إثبات العلو و الفوقية و بين إثبات القرب إلا إن كنت من أصحاب القول بالحلول أو وحدة الوجود فهذا أشنع و أبطل مما سبق .

و إن قلت : إن الفوقية في الحديث ليست فوقية ذات . بطل اعتراضك من أساسه , لأن خلافنا معك إنما هو حول فوقية الذات فلا يكون لهذا الحديث – على هذا الجواب الثاني – علاقة بالموضوع . فتبين أن الجهة منفكة و أن إلزامك لنا لا يلزمنا .

و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 2010-09-23, 01:09 AM
أبوسياف المهاجر أبوسياف المهاجر غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-02
المشاركات: 466
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله العلي الأعلى و الصلاة و السلام على نبينا محمد و آله و صحبه ذوي الشرف الأجلى . و بعد :

فقد وقفت لبعض المشوشين و المهوشين على عقيدة أهل السنة و الجماعة , على كلام يزري فيه بأهل الحق لإثباتهم أن الله تعالى فوق عباده , و يصفهم بالتناقض و الإلحاد في اسمي الله تعالى الظاهر و الباطن . و أخشى أن هذا الرجل قد ابتلاه الله تعالى بداء العجب و التعالم , مما جعله يحرف الكلم عن مواضعه و يلوي أعناق النصوص لتوافق أهواءه و العياذ بالله تعالى و ينسب إلى السلف ما هم براء منه .

و لذلك رأيت أن أتعرض لشبهتيه المذكورتين آنفا بالإبطال برد مختصر مجمل , فأقول و بالله التوفيق :


الشبهة الأولى : قوله : إن الفوقية تستلزم أن الله تعالى تحويه جهة من الجهات الست و زعم إن قولنا : الله في السماء , لا يفيد العلو و الفوقية لأن السماء ليست فوقنا فحسب بل محيطة بنا من كل الجهات .

الجواب :

1- إن الفوقية التي تتعنى في نفيها هي غير الفوقية التي نثبتها , إذ أن الفوقية التي تتكلم عنها أنت تقصد بها إحدى الجهات الست , و هذا الاصطلاح مباين للاستعمال القرآني للفظ الفوقية و هو الذي نتكلم عنه نحن .
قال تعالى : " وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ " (فصلت / 10)
و قال تعالى : " أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ " (ق / 6)
و قال تعالى : " و بنينا فوقكم سبعا شدادا " (النبأ / 12)
و قال عز وجل : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ "( المومنون / 17)

فنحن نعلم أن الجبال توجد من كل جهات الأرض الست , و كذا السماء تحيط بالأرض من جميع الجهات – و هذا ما قررته أنت و نقرره معك – لكن كيف تجمع بين ذلك و بين وصف كل من الجبال و السماوات في صريح القرآن الكريم بالفوقية ؟؟
فإن قلت : إن السماء ليست في جهة فوق كذبت القرآن , و إن قلت : هي فوق , تعارض ذلك مع قولك إنها تحيط بنا من كل الجهات .
و لا مخرج لك من ذلك إلا أن تقر باختلاف الإطلاقين .
فإذا أقررت بذلك بطل إلزامك لنا , إذ أن الفوقية التي نصف بها الله عز و جل ليست هي إحدى الجهات الست المخلوقة و إنما هي صفة العلو ( التي هي صفة الله و ليست مخلوقة ) فالسماوات فوق الأرض و العرش فوق السماوات و الله تعالى فوق العرش , و العرش سقف المخلوقات فليس فوقه مخلوق ( بما في ذلك الزمان و المكان ) , و لذا ليس الله تعالى حالا في مخلوق زمانا كان أو مكانا (بما في ذلك الجهات المخلوقة) .

2 – يبدو من مقال صاحب هذه الشبهة أنه يظن بأن لفظ "في السماء " الذي وصف به الله تعالى في آيات و أحاديث كثيرة , يعني عندنا السماء المخلوقة التي جعلها الله تعالى سبع سماوات , و هذه فرية صلعاء إذ أننا نعتقد أن معنى السماء في تلك النصوص هو العلو المطلق فالله تعالى أعظم من أن يحل في مخلوق أو يقله مخلوق أو يظله , و يشهد لذلك قوله تعالى "... فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ... " فالسبب الحبل و السماء هنا سقف البيت أو ما يقوم مقامه كما فسره علماء السلف , و كل ما علا فوق رأسك فهو سماء في اللغة .

الشبهة الثانية : ادعاءه أن اثبات فوقية الله تعالى - بالمعنى الذي بينته – يتناقض مع اسمي الله تعالى الظاهر و الباطن , و استدل بقوله صلى الله عليه و سلم في دعاءه : " أنت الظاهر فليس فوقك شيء و أنت الباطن فليس دونك شيء " و علق عليه بأن لفظ " ليس فوقك شيء" يقابل لفظ " ليس دونك شيء .

و الجواب :
نقول له :
قد علمنا مقالتك , فإليك هذا السؤال : هل موضوع هذا الجزء من الحديث هو فوقية الذات العلية ؟ أم ليس الأمر كذلك ؟

فإن قلت : إن الفوقية في الحديث فوقية ذات , قلنا : قد قلت إن لفظ " ليس فوقك شيء " يقابل لفظ "ليس دونك شيء" , فيلزمك من مجموع الأمرين أن معنى " ليس دونك شيء" هو وصف الذات بالسفول و الله تعالى منزه قطعا عن ذلك . فإن تبرأت من هذا بقي معنى" ليس فوقك شيء " على أصله و هو إثبات علو الله تعالى علو ذات و علو صفات و علو قهر إذ العلو صفة كمال . و تعين حمل قوله " فليس دونك شيء " على معنى القرب و الدنو أي ليس شيء أقرب إلى العباد منك كما فسرها طائفة من أهل العلم وكما دلت عليه الآيات و الأحاديث التي وصفت الله تعالى بالقرب من عباده بعلمه , وذلك لتنزه الله تعالى عن المعنى الآخر . فليس هناك تناقض بين إثبات العلو و الفوقية و بين إثبات القرب إلا إن كنت من أصحاب القول بالحلول أو وحدة الوجود فهذا أشنع و أبطل مما سبق .

و إن قلت : إن الفوقية في الحديث ليست فوقية ذات . بطل اعتراضك من أساسه , لأن خلافنا معك إنما هو حول فوقية الذات فلا يكون لهذا الحديث – على هذا الجواب الثاني – علاقة بالموضوع . فتبين أن الجهة منفكة و أن إلزامك لنا لا يلزمنا .

و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 2010-09-23, 03:52 PM
ابو القعقاع ابو القعقاع غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-20
المشاركات: 171
افتراضي

بارك الله فيك ابو سياف وجعلك سيفا قاطعا على اهل البدع
وجزاك الله خيرا
__________________
(( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
. . . ))
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
الدياثة والاستخناث الامامي الاثنى عشري الشيعي عبد الرزاق محسن مشرف موقع شيعة الدياثة العالمية مثال ابو هديل الشيعة والروافض 3 2020-04-24 10:00 PM
ابو حنيفة وعقل الرافضي موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-03-28 09:56 AM
فأين رواية الانقلابيين او المنتصرين وهذه روايات المنهزمين موحد مسلم الشيعة والروافض 1 2020-03-13 04:31 PM
لماذا نظر الله ابليس الى يوم يبعثون شيعي يقول بأن النبي النبي محمد ص زير نساء ودين الأئمة قذر نجس ابو هديل الشيعة والروافض 0 2019-12-25 05:20 AM
أكذوبة الامامية الاثنى عشرية أحد فرق الشيعة الصحابة الاصحاب المنتجبين ابو هديل الشيعة والروافض 3 2019-11-15 04:20 AM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 افضل شركة نقل اثاث بجدة   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot   ربح المال من الانترنت 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd