أنصار السنة  
جديد المواضيع





للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > الشيعة والروافض

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #41  
قديم 2013-04-11, 05:14 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

بناء مدينة القيروان


في سنة 50هـ بدأت إفريقية الإسلامية عهداً جديداً مع عقبة بن

نافع، المتمرس بشؤون إفريقية منذ حداثة سنّه، فقد لاحظ كثرة

ارتداد البربر، ونقضهم العهود، وعلم أن السبيل الوحيد للمحافظة

على إفريقية ونشر الإسلام بين أهلها هو إنشاء مدينة تكون محط

رحال المسلمين، ومنها تنطلق جيوشهم فأسس مدينة القيروان

وبنى جامعها، وقد مهد عقبة قبل بناء المدينة لجنوده بقوله: إن







تخطيط للمسجد





إفريقية إذا دخلها إمام أجابوه إلى الإسلام، فإذا خرج منها رجع

من كان أجاب منهم لدين الله إلى الكفر، فأرى لكم يا معشر

المسلمين أن تتخذوا بها مدينة تكون عزاً للإسلام إلى آخر الدهر،

فاتفق الناس على ذلك وأن يكون أهلها مرابطين، وقالوا: نقرب

من البحر ليتم لنا الجهاد والرباط، فقال عقبة إني أخاف أن

يطرقها صاحب القسطنطينية بغتة فيملكها، ولكن اجعلوا بينها

وبين البحر ما لا يوجب فيه التقصير للصلاة فهم مرابطون، ولم

يعجبه موضع القيروان الذي كان بناه معاوية بن حديج قبله،

فسار والناس معه حتى أتى موضع القيروان اليوم، وكان موضع

غيضة لا يرام من السباع والأفاعي، فدعا عليها، فلم يبق فيها

شئ ، وهربوا حتى أن الوحوش لتحمل أولادها، وعن يحي بن

عبد الرحمن بن حاطب قال: يا أهل الوادي! إنا حالون إن شاء

الله، فظعنوا، ثلاث مرات فما رأينا حجراً ولا شجراً إلا يخرج من

تحته دابة حتى هبطنا بطن الوادي: ثم قال للناس: انزلوا بسم

الله، وكان عقبة بن نافع مجاب الدعوة، وقد رأى قبيل من البربر

كيف أن الدواب تحمل أولادها وتنتقل، فأسلموا ثم شرع الناس في

قطع الأشجار وأمر







صورة للمسجد



عقبة ببناء المدينة فبنيت وبني المسجد الجامع، وبنى الناس

مساجدهم ومساكنهم وتم أمرها سنة 55هـ وسكنها الناس، وكان

في الناس، وكان في أثناء عمارة المدينة يغزو ويرسل السرايا،

فتغير وتنهب ودخل كثيراً من البربر الإسلام، واتسعت خطة

المسلمين وقوي جنان من هناك من الجنود بمدينة القيروان

وأمنوا واطمأنوا على المقام فثبت الإسلام فيها، وتم تخطيط

مدينة القيروان على النمط الإسلامي، فالمسجد الجامع ودار




الإمارة توأمان، لا ينفصل أحدهما عن الآخر، فهما دائماً إلى جوار

بعضهما، ويكونان دائماً في قلب المدينة التي يخطتها المسلمون

ويرتكزان في وسطها، وبينهما يبدأ الشارع الرئيسي للقيروان،

الذي سيسمى باسم السماط الأعظم، ثم ترك عقبة فراغاً حول

المسجد ودار الإمارة في هيئة دائرة واسعة، ثم قسمت الأرض

خارج الدائرة إلى خطط القبائل، ليكون استمراراً للشارع الرئيسي

في الاتجاهين إلى نهاية المدينة، وانجفل البربر من نواحي

إفريقية إلى القيروان، وسكنوا حولها وكان الكثير منهم دخل في

الإسلام، وشرعوا في تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم وأمور

دينهم وهكذا نشاهد فيما بين سنتي 50 و55هـ حركة قوية بدأت

في تعريب الشمال الأفريقي

1 ـ الخصائص المتوفرة في موضع القيروان :


... كانت الدوافع السياسية والعسكرية والإدارية والدعوية دوافع

قوية في قرار عقبة في اتخاذ موقع القيروان، فقد تميز موقع

القيروان بالآتي :


أ ـ بأنه لا يفصله عن مركز القيادة العسكرية في الفسطاط إي بحر

أو نهر، فهو يقع على الطريق البري الذي يربط بين الفسطاط

(بمصر) وبين المغرب، ويبدو أن عقبة رحمه الله أخذ بنظرية

عمر بن الخطاب في بناء الأمصار والمعسكرات بألا يفصلها

فاصل من نهر أو بحر أو جسر عن المدينة أو مركز القيادة، وأن

تكون على طرف البر أو أقرب إلى البر والصحراء،

ب ـ موافقة الموضع لذهنية العرب ومتطلباتهم الضرورية.

وتتجلى هذه الخصوصية من خلال قراءة توصية عقبة بن نافع

في أن يكون الموضع قريباً من السبخة: فإن أكثر دوابكم الإبل

تكون أبلكم على بابها في مراعيها، وكذلك في الكلمات التي عبر

عنها أصحاب عقبة عندما استجمع رأيهم في الموضع المنتخب،

إذ قالوا: نحن أصحاب أبل ولا حاجة لنا بمجاورة البحر


جـ ـ بأنه يتمتع ببعض الانتاجات والموارد الذاتية، فالمنطقة التي

كان فيها موضع القيروان عبارة غيضة، كما أورد الجغرافيون،

وكان مواجهاً لجبال أوراس، معقل قبائل البربر، إذن، فإنه كان

في بقعة زراعية تتضمن بعض المحاصيل التي تكفل للمجاهدين

المسلمين مورداً غذائياً مهماً


س ـ صحيح أن المشكلة الرئيسية التي جابهتها القيروان بعد

اتخاذها كانت متمثلة بالموارد المائية، كما هي الحال في مدينة

البصرة، مع وجود فارق بين المصرين، فإن مياه البصرة كانت

مع الأنهار غير أنها مالحة. أما مياه القيروان الصالحة للشرب

فكانت تعتمد على مصدرين، الأول منهما الأمطار حيث كانت

تخزن في صهاريج يطلق عليها اسم (المواجل) ، وثانيها مياه

وادي السراويل في قبلة المدينة، لكنه كان مالحاً. لذلك فإن بعض

المؤرخين حدد مصدر مياه القيروان قائلاً: وشربهم من ماء

المطر. إذا كان الشتاء ووقعت الأمطار والسيول دخل ماء المطر

من الأودية إلى برك عظام يقال لها (المؤجل).. ولهم وادٍ يسمى

وادي السراويل في قبلة المدينة يأتي فيه ماء مالح.. يستعملونه

فيما يحتاجونه، ومع ذلك، فإن هذه المشكلة المعقدة يبدو أنها

أخذت تتضاءل تدريجياً إلى حد ما.

إن الموقع الجغرافي لمدينة القيروان كان له دور كبير في إثراء

الحياة العلمية وإنعاشها، فقد كانت في موقع متوسط بين الشرق

والغرب يمرّ بها العلماء والطلبة من أهل المغرب والأندلس في

ذهابهم إلى المشرق، فيسمعون من علمائها، وكثير منهم يصبح

أهلاً للعطاء عند عودته فيسمع منه أهلها، كما كان يدخلها من

يقصد المغرب أو الأندلس من أهل المشرق


ش ـ لقد كانت التجارة في القيروان رابحة والسلع فيها نافقة

ولذلك أمّها كبار التجار من المشرق والمغرب وكثير منهم من

المحدّثين والفقهاء، فكان ذلك عاملاً مهماً في إزدهار الحياة

العلمية بالقيروان

يتبع
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 2013-04-11, 05:15 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

فتوحات عقبة بن نافع


نجح عقبة بن نافع رحمه الله في فتوحاته حيث جعل الجهاد

قضيته الكبرى في هذه الحياة . سار عقبة في جيش عظيم متجهاً

إلى مدينة باغية ، حيث واجه مقاومة عنيفة من البيزنطيين الذين

انهزموا أمامه ودخلوا مدينتهم وتحصنوا بها، فحاصرهم مدة ثم

سار إلى تلمسان وهي من أعظم مدائنهم فانضم إليها من حولها

من الروم والبربر فخرجوا إليه في جيش ضخم والتحم القتال،

وثبت الفريقان حتى ظن المسلمون أن في تلك المعركة فناءهم

ولكن منَّ عليهم بالصبر فكانوا في ذلك أشدَّ وأصبر من أعدائهم

فهاجموا الروم هجوماً عنيفاً حتى ألجئوهم إلى حصونهم فقاتلوهم

إلى أبوابها وأصابوا منهم غنائم كثيرة، ثم استمر غربا قاصداً

بلاد الزاب، فسأل عن أعظم مدنها فقيل له(( أَرَبَه)) وهي دار

ملكهم وكان حولها ثلاثمائة وستون قرية كلها عامرة، فامتنع بها

من كان هناك من الروم وأهل المدينة وهرب بعضهم إلى الجبال،

فاقتتل المسلمون مع أهل تلك المدينة فانهزم أهل تلك البلاد وقُتل

كثير من فرسانهم ورحل عقبة إلى(( تاهرت)) فاستغاث الروم



بالبربر فأجابوهم ونصروهم، وقام عقبة بن نافع في الناس خطبةً

فقال بعدما حمد الله وأثنى عليه: أيها الناس إن أشرافكم وخياركم

الذين رضي الله تعالى عنهم وأنزل فيهم كتابه بايعوا رسول الله

بيعه الرضوان على من كذب بالله إلى يوم القيامة، وهم أشرافكم

والسابقون منكم إلى البيعة، باعوا أنفسهم من رب العالمين

بجنته بيعة رابحة، وأنتم اليوم في دار غربة وإنما بايعتم رب

العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلا

طلبا لرضاه وإعزازاً لدينه، فأبشرو فكلما كثر العدو كان أخزى

لهم وأذل إن شاء الله تعالى وربكم عز وجل لا يُسلمكم، فالقوهم

بقلوب صادقة، فإن الله عز وجل جعلكم بأسه الذي لا يرد عن

القوم المجرمين فقاتلوا عدوكم على بركة الله وعونه والله لا يرد

بأسه عن القوم المجرمين . وهذه خطبة عظيمة تدل على أن عقبة

بن نافع رضي الله عنه قد اعتمد في حروبه على السلاح الأعظم

الذي فيه سر انتصارات المسلمين الباهرة .. ألا وهو التوكل على

الله تعالى، واستحضار عظمته وجلاله، ومعيته لأوليائه المؤمنين

بالنصر والتأييد، فهو لا يبالي بجيوش الأعداء مهما كثرت، وإنما

الذي يهتم به أن يتأكد جيداً من أن هذا السلاح المعنوي الفعال قد

توفر في جيشه، وحينما يضمن ذلك فإنه يرحب باجتماع جيوش

الأعداء ليكون ذلك أسرع في هلاكهم وتمزيق جمعهم على يد

أولياء الله الصالحين وما أعظم شبه عقبة بخالد بن الوليد رضي

الله عنه، الذي كان يُسَرُّ ويداخله شعور بالقوة والتعاظم ـ من غير

غرور ولا استهانة ـ كلما تضخم جيش الأعداء وتعددت عناصره،

وكأن عقبة قد تأس به واتخذه له قدوة في القيادة والإقدام الذي لا

يعرف التردد والسآمة، وهو في إقدامه واندفاعه يدرك أن جنود

الإسلام الصادقين هم بأس الله تعالى المسلط على أعدائه الكفار،

والله تعالى لا يُردّ بأسه عن القوم المجرمين.

وقد التقى المسلمون بأعدائهم في مدينة ((تاهرت)) وقاتلوهم

قتالاً شديداً، فاشتد الأمر على المسلمين لكثرة عدوهم، ولكنهم




انتصروا أخيراً، وانهزم أعداؤهم من الروم والبربر، وقتل منهم

عدد كبير، وغنم منهم المسلمون أموالهم وسلاحهم ، ثم توجه

إلى جهات المغرب الأقصى فوصل إلى طنجة، حيث قابل بطريق

من الروم اسمه (( جوليان )) الذي: أهدى له هدية حسنة، ونزل

على حكمه ولما سأله عقبة عن بحر الأندلس قال عنه: لا إنه

محفوظ لا يرام ، ثم سأله عن البربر والروم بقوله: دلني على

رجال البربر والروم فقال: قد تركت الروم خلفك وليس أمامك إلا

البربر وفرسانهم في عدد لا يعلمهم إلا الله تعالى وهم أنجاد البربر

وفرسانهم، فقال عقبة: فأين موضعهم؟ قال: في السوس الأدنى،

وهم قوم ليس لهم دين .. استفاد عقبة من هذه المعلومات واتجه

إلى الجنوب الغربي، قاصداً بلاد السوس الأدنى حيث التقى



بجموع بربر أطلس الوسطى، فهزمهم وطاردهم نحو صحراء

وادي درعا، حيث بنى مسجداً في مدينة درعا ثم غادر صحاري

مراكش باتجاه الشمال الغربي إلى منطقة ((تافللت)) من أجل أن

يدور حول جبال أطلس العليا كي يدخل بلاد صنهاجة الذين






أطاعوه دون قتال، وكذلك فعلت قبائل هكسورة في مدينة


((اغمات))، بعدها اتجه عقبة نحو الغرب إلى مدينة تفيس ، حيث

حاصر بها جموعاً من البيزنطيين والبربر، فلم ينفعهم تحصنهم،

فدخل المدينة منتصراً وبذلك أتم تحرير بلاد السوس الأقصى

ودخل عاصمتها ((ايجلي)) التي بنى فيها مسجداً، ثم دعا القبائل

فيها هناك إلى الإسلام فأجابته قبائل جزولة، وبعد ذلك سار إلى

مدينة ((ماسة)) ومنها إلى رأس ((ايفران)) على البحر المحيط ،

وبوصول عقبة بن نافع إلى ساحل المحيط الأطلسي يكون قد أنجز

تحرير معظم بلاد المغرب، وتشير مصادرنا التاريخية أن عقبة

لما وصل إلى المحيط الأطلسي قال: يا رب لولا هذا البحر لمضيت

في البلاد مجاهداً في سبيلك. ثم قال: اللهم أشهد أني قد بلغت

الجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بالله




حتى لا يعبد أحد من دونك ثم وقف ساعة ثم قال لأصحابه: ارفعوا

أيديكم، ففعلوا، فقال: اللهم لم أخرج بطراً ولا أشراً وإنك لتعلم

أنما نطلب السبب الذي طلبه عبدك ذو القرنين وهو أن تُعبد ولا

يُشرك بك شيء، اللهم إنا معاندون لدين الكفر، ومدافعون عن

دين الإسلام، فكن لنا ولا تكن علينا يا ذا الجلال والإكرام، ثم

انصرف راجعاً. وندرك من قوله المذكور مدى حبه للجهاد

وشعوره بالمسئولية الكبرى التي حملها على عاتقه نحو تبليغ

الإسلام وتقوية دولته والقضاء على دول الكفر التي حجبت نور

الإسلام عن شعوبها، فهو يقف على البحر المحيط ويعلم آنذاك

أنه نهاية المعمور من الأرض من ناحية المغرب، ثم نجده يُشهد

الله تعالى على أنه قد بلغ المجهود الذي تحت مقدرته، وهذه

الشهادة تشعرنا بمدى ارتباط عقبة بالله تعالى، وأنه لم يكن يسير

خطوة إلا وهو يستلهم التوفيق منه جل وعلا ويطلب رضوانه،

وهذا الكلام يدل على وضوح الهدف من الجهاد عند عقبة حيث

بيّن أن الحد الذي يقف عنده الجهاد، أن يزول الشرك من الأرض،

وأن لا يعبد إلا الله وحده، ومادام الشرك قائماً فإن الجهاد لا بد أن

يكون موجوداً، فالجهاد أذن هو جهاد الدعوة إلى الله تعالى، وذلك

بإزالة الطغيان البشري وإخضاع دول العالم لحكم الإسلام لكي

يكون فهم الإسلام واعتناقه متيسراً لكل الناس

يتبع
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 2013-04-11, 05:16 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

عبد الملك بن مروان


هو عبد الملك بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، أبو الوليد

الأموي وأمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية.




مولده ووصفه: كان مولده ومولد يزيد بن معاوية في سنة ستٍّ

وعشرين، وقد كان عبد الملك قبل الخلافة من العباد الزهاد

الفقهاء، الملازمين للمسجد، التالين للقرآن، وكان ربعة من

الرجال أقرب إلى القصر، وكانت أسنانه مشبكة بالذهب، وكان

أبيض ربعة ليس بالنحيف ولا البادن، مقرون الحاجبين، أشهل

كبير العينين، دقيق الأنف، مشرق الوجه، أبيض الرأس واللحية

حسن الوجه لم يخضب ويقال: إنه خضب بعد ذلك.




طلبه للعلم وعبادته قبل الإمارة وثناء الناس عليه


قال نافع: لقد رأيت المدينة ما فيها شاب أشدُّ تشميراً، ولا أفقه

ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان. وقال الأعمش عن

أبي الزناد: كان فقهاء المدينة أربعة، سعيد بن المسيِّب، وعروة،

وقبيصة بن ذؤيب، وعبد الملك قبل أن يدخل الإمارة، وعن ابن

عمر أنه قال: ولد الناس أبناء وولد مروان أبا ـ يعني عبد الملك ـ

ويقصد ابن عمر أن عبد الملك كان يفوق سنه، ويعلو فوق

أقرانه، وعن يحي بن سعيد قال: أول من صلّى ما بين الظهر

والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه. فقال سعيد بن

المسيب: ليست العبادة بكثرة الصلاة والصيام، إنما العبادة

التفكر، في أمر الله، والورع عن محارم الله. وقد صدق رحمه الله.

وقال الشعبي: ما جالست أحداً إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد

الملك ابن مروان، فإنِّني ما ذاكرته حديثاً إلا زادني فيه، ولا شعراً

إلا زادني فيه.



تعظيمه لاسم الله تعالى: روى البيهقي: أن عبد الملك وقع منه

فلس في بئر قذرة، فاكترى عليه بثلاثة عشر ديناراً حتى أخرجه

منها، فقيل له في ذلك، فقال: إنه كان عليه اسم الله عز وجل.



التسبيح والتكبير في الأسفار: روى ابن أبي الدينا، أن عبد الملك

كان يقول لمن يسايره في سفره إذا رفعت له شجرة سبِّحوا بنا

حتى نأتي تلك الشجرة، وكبَّروا بنا حتى نأتي ذالك الحجر، ونحو

ذالك


هل يصح هجره للقرآن الكريم؟

قيل: إنه لمّا وضع المصحف من حجره قال: هذا آخر العهد منك.

وهذه رواية ضعفها ابن كثير ورواها بصيغة التمريض ،

أن عبد الملك قال لمؤدِّب أولاده وهو إسماعيل بن عبيد الله ابن

أبي المهاجر:ـ علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن.



وجنبهم السَّفِلَةَ فإنهم أسوأ الناس رِعة ، وأقلهم أدباً، وجنِّبهن

الحشم، فإنَّهم بهم مفسدة، وأحفِ شعورهم تغلظ رقابهم،

وأطعمهم اللحم يقْوَوا وعلمهم الشعر يمجُدُوا وينجُدُوا ومُرْهم أن

يستاكوا عَرْضاً ويمصوا الماء مصَّاً ولا يُعبُّوا عبّاً، وإذا احتجت

أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في سرٍّ لا يعلم بهم أحد من الحاشية

فيهونوا عليهم

روى ابن سعد ما يدل على أن عبد الملك كان محبوباً مرغوباً من

عمومته كبار بني أمية، فذكر أنه: كان معاوية بن أبي سفيان

جالساً يوماً ومعه عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فمر بهما

عبد الملك بن مروان فقال معاوية: ما آدب هذا الفتى وأحسن

مرؤته فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، إن هذا الفتى

أخذ بخصال أربع وترك خصالاً ثلاثاً: أخذ بحسن الحديث إذا

حدّث، وحسن الاستماع إذا حُدِّث وبحسن البشر إذا لقي، وخفة

المؤونة إذا خولف، وترك من القول ما يعتذر عنه، وترك مخالطة

اللئام من الناس وترك ممازحة من لا يوثق بعقله ولا مروءته


أول حادث سياسي أثر في حياته


كان أول حادث سياسي أثر في حياته عندما كان عمره عشر

سنوات، فقد شهد مقتل عثمان رضي الله عنه، وكان لهذا الحادث

اثر في سياسته لما تولى الإمارة فقد خطب في إحدى خطبه: أيها

الناس أنا نحتمل لكم كل اللغوبة ما لم يكن رأيه أو وثوب على

منبر. وأول منصب إداري تولاه في الدولة في عهد معاوية بن أبي

سفيان، فقد كان عاملاً على هجر ثم تولى ديوان المدينة بعد وفاة

زيد بن ثابت، وشارك في الجهاد فقد خرج على رأس حملة إلى

أرض الروم ويشتي هناك في سنة 42هـ،كما يذكر أنه غزا إفريقية

مع معاوية بن حديج وكلفه بفتح جلولا في بلاد الشمال الإفريقي

وفي عهد يزيد كان يقول على ابن الزبير ما على الأرض اليوم

خيراً منه، كما أن علاقته بمصعب بن الزبير كانت حسنة، وأما

عن دوره السياسي في عهد مروان بن الحكم، فقد تولى فلسطين

وكان يبعث نائباً عنه روح بن زنباع، ويمكن أن يكون ذلك ليبقى

في دمشق قريباً من إدارة الدولة لمساعدة والده هناك لاسيما أن

الفترة التي تولى فيها والده الحكم كانت الدولة محاطة فيها

بالأعداء من الداخل والخارج، وتولى أمرة دمشق عند ذهاب والده

لفتح مصر، وهذه المهمة تدل على كفايته الإدارية وحزمه

بيعة العلماء

بايع بعض العلماء لعبد الملك بن مروان بالشام وقد ذكر من

هؤلاء العالم الجليل قبيصة بن ذؤيب ـ رحمه الله ـ فكان من

المبايعين لعبد الملك وأحد المقربين إليه، ومنهم يزيد بن الأسود

الجرشي ـ رحمه الله ـ فورد أنه كان مع عبد الملك في خروجه

لقتال مصعب بن الزبير وروي عنه أنه حين رأى الجيشين قد

التقيا قال: اللهم أحجز بين هذين الجبلين وول الأمر أحبهما إليك.



فكان الأمر لعبد الملك



توحيد الدولة والقضاء على الثورات الداخلية


استطاع عبد الملك أن يقض على كل الحركات الداخلية وقد ذكرت

أهم هذه الثورات، كثورة الأزارقة، والصفرية، وابن الأشعث،

وهناك حركات أخرى ذكرتها كتب التاريخ كحركة مطرف بن

المغيرة بن شعبة، وعبد الله بن الجارود، وحركة الأزد في عمان،

وفي نهاية المطاف تغلب عبد الملك عليها واحدة تلو الأخرى

ووضع الأساليب المناسبة لتحقيق الأهداف المخططة لذلك وقد

أثبتت الأحداث قدرة الخليفة عبد الملك بن مروان على معرفة

الأحداث معرفة جيدة، ثم السيطرة على هذه الأحداث والقدرة على

احتوائها، باستئصال خصومه حيناً، والتسامح معهم حيناً آخر،

ضمن خطة سياسية ومنهج قائم على أهداف واضحة، أدت إلى

النتائج المتوخاة، وهي إعادة الوحدة السياسية مرّة أخرى، مما

أدى إلى إيجاد علاقات جديدة مع الدولة البيزنطية، والقيام

بفتوحات جديدة في الشرق والغرب ثم القيام بالعديد من

الإصلاحات الجديدة، منحت سياسته الداخلية والخارجية قدرة

على التخطيط الشامل الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة

أهتم عبد الملك بن مروان اهتماماً خاصاً بإدارة شؤون الدولة

وسار على نهج معاوية في تطوير المؤسسات والاهتمام

بالإصلاحات، وقد قام بتطوير الجهاز الإداري وتنشيطه، وقام

بتعريب الإدارة والنقد وهو ما يعرف بحركة التعريب، كما استعان

بنخبة من أمهر رجال عصره في الإدارة والسياسة، فقد كرّس عبد

الملك كل وقته وجهده لتوطيد أركان الدولة وتنظيمها والسهر

على سلامتها، حتى تركها قوية غنية مرهوبة الجانب مرعية

السلطان

تعريب الدواوين


جاءت عملية تعريب الدواوين ضمن الخطة المرسومة لسياسة

الدولة الإصلاحية التي بدأها الخليفة عبد الملك بن مروان وأكملها

الخلفاء الذين جاءوا من بعده والتي تضمنت نقل الدواوين من

اللغات الأجنبية، الفارسية، واليونانية، والقبطية إلى اللغة

العربية لإزالة النفوذ الأجنبي من مؤسسات الدولة الإدارية

والمالية، وعملية التعريب التي ابتدأها عبد الملك تعتبر من

الأحداث العظيمة والجليلة التي قام بها عبد الملك وفق خطة

شاملة وكان لتعريب المؤسسات الإدارية (الدواوين) أسباب كثيرة

منها:

1 ـ إن دخول شعوب وأقوام مختلفة اللغات والديانات إلى الإسلام


يعني حاجة هؤلاء الماسة إلى التفقه بالدين وقراءة القرآن الكريم

مما شدد الصراع بين اللغة العربية واللغات الأخرى، ومن ثم إلى

شيوع اللحن لذلك اعتنى عبد الملك وواليه الحجّاج بن يوسف،

بضبط قراءة القرآن، عن طريق تمييز الحروف المتشابهة بوضع

النقط عليها لذلك كان التعريب ضرورة ملحة، وكان الحرص على

سلامة اللغة العربية من العوامل المهمة التي أدت تعريب

الدواوين في عصر الخليفة عبد الملك بن مروان


2 ـ كان الخليفة عبد الملك يهدف وراء التعريب إلى تحقيق وحدة

الدولة وتماسكها، إذ أن اختلاف لغات الدواوين يكرّس اختلاف

النظم المالية والإدارية، ويعيق عملية تنظيم وتوحيد إدارة

الدولة، كما أن تعريب الدواوين يعني إنهاء التأثيرات الشعوبية



والعنصرية مما يؤكد سيادة الدولة سياسياً على البلاد المفتوحة.

3
ـ إن استعمال اللغات الأجنبية في الدواوين يعني بقاء هذه

اللغات حية وكأنها رسمية، فيتعلمها الناس لحاجة الدولة إليها

لكونها طريقاً لتولي الوظائف الكبيرة، وينتج عن ذلك استمرار

منافسة هذه اللغات اللغة العربية مما يضعف من شأنها، ويضعف

كيان الدولة الأموية، ولذلك كان التعريب جزءاً من سياسة عبد

الملك بن مروان الهادفة إلى إعادة تنظيم جهاز الدولة الإداري

وتحقيق شخصية الدولة واستقلالها عن النفوذ الأجنبي
.
4 ـ كان للعوامل الاقتصادية أثراً مهماً في تعريب الدواوين، فقد

كان متولي هذه الدواوين يحصلون على أموال طائلة من عملهم

هذا، لذلك كان تعريب دواوين الخراج خطوة أولى باتجاه إعادة

تنظيم طريقة جباية الضرائب في الأقاليم، وبذلك يمكن ضبط

أعمال تلك الدواوين والإشراف بدقة عليها، فيمنع الغش

والتزوير، أي أن تعريب الدواوين هو جزء من خطة الإصلاح

المالي الذي كانت الدولة بحاجة شديدة إليه إذ ذاك، ولاسيما في

العراق أهم أقاليم الدولة الأموية اقتصادياً، حيث حاول الحجّاج بن

يوسف الثقفي معالجة الأوضاع الاقتصادية وذلك بالسيطرة على

الشؤون الإدارية عن طريق السيطرة على سجلات الدواوين

المالية، هذه هي أهم الأسباب التي دعت عبد الملك يعرّب

الدواوين

نتائج تعريب الدواوين

حققت حركة تعريب الدواوين على يد الخليفة عبد الملك بن

مروان نتائج ذات آثار عظيمة في جميع الميادين السياسية

والإدارية والثقافية واللغوية ما زالت نتائجها شاخصة للعيان

حتى اليوم ويمكن تحديد نتائج حركة التعريب بما يأتي:

1 ـ تحقيق سيادة لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة


وتعزيز مكانتها، وانتصارها على اللغات الأجنبية في الدولة،

كالفارسية واليونانية، والقبطية، إذ أصبحت لغة الدين الإسلامي،

لغة السياسة والدين والعلم، وأصبحت مادة التفاهم اليومي في كل

أنحاء الدولة، فانتشرت الثقافة العربية التي طغت على الثقافات

الأخرى، وتفاعلت معها وأذابتها وحلت محلها، إذ اعتبر التعريب

من الأحداث الكبيرة والإنجازات الضخمة في المجال الثقافي

والسياسي وقد تمّ وفق خطة مدروسة.

2 ـ ظهور فئة مهمة من الكتاب العرب أو الموالي حلّوا محل


الكتّاب الفرس والروم في إدارة الدواوين، إذ كان لصالح بن عبد

الرحمن مهمة كبيرة في ذلك، حيث يقول عبد الحميد بن يحي

المعروف بعبد الحميد الكاتب للخليفة مروان بن محمد: لله در

صالح ما أعظم متنه على الكتّاب، وبذلك كان عامّة كتاب العراق

تلامذة صالح ومن هؤلاء قحذم بن أبي سليم وشيبة بن ايمن،

والمغيرة وسعيد ابنا عطية ومروان بن إياس.

3 ـ ظهور حركة الترجمة، من اللغات الأجنبية إلى العربية حيث

كانت حركة تعريب الدواوين أول عملية ترجمة منظمة أدت إلى

نقل الكثير من المصطلحات الأجنبية، وظهر من أهتم بالترجمة،

مثل خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان المتوفي 85هـ فهو

أول من أمر بنقل بعض كتب الكيمياء والطب من اليونانية إلى

العربية


5 ـ كان تعريب الدواوين سبيلاً إلى تعريب الأقاليم والجاليات غير

العربية، فكان هذا من أكبر العوامل في انتشار اللغة العربية، كما

أن أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي ما زالت إلى وقتنا الحاضر

عربية ثمرة لجهود عبد الملك، فاللغة العربية هي الأداة التي

جعلت مجتمع العرب يتسع رويداً رويداً حتى صارت حدوده تمتد

من الخليج العربي شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً

6 ـ تمكنت الدولة من تحقيق الإشراف التام على النواحي المالية

والإدارية وضبط أعمال الدواوين وسجلات الضرائب أي أسهم

ذلك في نجاح الدولة بخطه الإصلاحي.

7 ـ إتجه الموالي لتعليم اللغة العربية لكونها الطريق التي تؤدي

إلى الوظائف والمناصب العالية، كما أدى من جهة أخرى إلى

إشاعة اللحن في اللغة، مما دعا الحجّاج إلى معالجة ذلك، ثم

اندفع الموالي للتخلص من اللحن والخطأ وتعلم النحو ودراسته،

فحدثت نهضة لغوية واسعة، وهذا يفسر لنا ظهور علماء كبار

من الموالي في العصر الأموي ثم العصر العباسي.

8 ـ إيجاد نظام إداري موحد وشامل، وللدلالة على حسن هذا

النظام أن إتخذه العباسيون، فقد كانت الإدارة عندهم تطوراً

للإدارة عند الأمويين، هذه هي أهم نتائج حركة التعريب التي قام

بها عبد الملك بن مروان.
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 2013-04-11, 05:19 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

ألدينار ألعربي الاسلامي


قام عبد الملك بتعريب النقد تعريباً نهائياً وأحدث دور الضرب

التي تضرب فيها الدنانير، وجعلها بإشراف الخلافة، ويود

المؤرخون أن يشعرونا بأنه فعل ذلك لأنه تخاصم مع ملك الروم

فيقولون: إن الروم كانوا يأخذون من البلاد العربية صحائف

البَرْدي، وأمر عبد الملك أن يكتب على رأس صحائف البردي

((شهد الله أن لا إله إلا هو))، فغضب لذلك ملك الروم، وكان

محتاجاً إلى البردي، فهدد بأن يطبع على الدنانير عبارات القذف

بحق الرسول صلى الله عليه وسلم، إن استمرت تلك العبارة على

صحف البردي، فاعتمد عبد الملك أن يضرب السكة في بلاده

ويستغنى عن الدنانير التي تأتيه من بلاد الروم. على أن الأمر

يبدو أوسع من هذا، فقد كان في بلاد المسلمين نقود فارسية

ونقود حميرية قديمة، وغيرها، وقد حاول الخلفاء من قبله ضرب

النقود، بل يرجع إلى عمر بن الخطاب أنه ضرب الدراهم لكنه

استبقى عليها العبارات الفارسية، وأضاف بعض العبارات العربية

فيها كقول ((جائز))، واستمر ضرب النقود في عهد عثمان

ومعاوية وابن الزبير، فكان من الطبيعي أن يستأنف عبد الملك

عمله، وهو ما فعل. على أن عبد الملك يمتاز بأنه وضع لذلك

مخططاً واضحاً، فليست القضية قضية إنشاء مصنع للنقود، ونقل

السكة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية فحسب، بل يدخل في

هذا الأمر وزن النقود وشكلها. وقد تحدث المؤرخون عن أسباب

دينية وسياسية واقتصادية قد لعبت دوراً أساسياً في بناء موقف

الخليفة، تتلخص هذه الأسباب على الشكل التالي:

1 ـ كان الخليفة حريصاً على صبغ الدولة الأموية بصبغة

إسلامية، ولذا فإن الإصلاح النقدي يندرج ضمن خطة شاملة

لتعريب مؤسسات الدولة.

2 ـ حرص الخليفة على إنهاء التبعية الاقتصادية للدولة البيزنطية

التي كانت تسيطر دنانيرها الذهبية على الجانب النقدي من

اقتصاديات الدولة.

3 ـ توقف حجم السيولة النقدية للدولة الأموية على ما يرد عليها

من الدولة البيزنطية، مما يعرضها لأزمات اقتصادية حادة،

خاصة في حالات انقطاع هذه السيولة بسبب ممارسة ضغوط

اقتصادية، أو نشوب معارك حربية أو نحوها.

4 ـ سيطرت الدولة على مصادر عرض النقود، وضمان تخليصها

من الغش وكسب ثقة الناس في النقود المتداولة.

5 ـ حاجة الدولة الفعلية إلى عملة داخلية موحدة ومنضبطة حتى

تستوفي بها حقوقها لدى الأفراد، وتسهل لها القيام بوظائفها

الاقتصادية.

6 ـ إن إصدار النقود يعبر عن السيادة الكاملة للدولة الإسلامية

ويحررها من النفوذ الأجنبي، فقد أراد عبد الملك بن مروان أن

يقيم سلطانه على أساس اقتصادي مستقل عن بيزنطة وعدم ا

لارتباط بنقدها، كما أن إصدار أول دينار إسلامي يرتبط بحالة ا

لصراع مع البيزنطيين حيث استطاع الخليفة أن يوجه ضربة

اقتصادية موجعة للدولة البيزنطية.

7 ـ يعتبر سك النقود الإسلامية وتوحيدها في الدولة اتجاهاً نحو

الدولة المركزية وضبط جهازها المالي.

8 ـ ومن المعلوم الأكثر أهمية التي جعلت الخليفة يقدم على

إصدار النقود الإسلامية، توفر كميات كبيرة من الذهب والفضة

لدى المسلمين في البلاد المفتوحة، فاستند على قاعدة هذا

المخزون الكبير من المعادن في إصدار النقد الإسلامي الجديد.

أهم خصائص النقود الإسلامية في عهد عبد الملك:

1 ـ أنه ألغى العبارات والإشارات التي تشير إلى العقيدة المسيحية

المحرفة واستبدلها بعبارات تدل على عقيدة التوحيد الإسلامية.

2 ـ إنها موافقة في أوزانها النسبية لنصاب زكاة النقدين

ومقدارها.

3 ـ أنه حدد وزن الدينار باثنين وعشرين قيراطاً إلا حبة، وجعل

الدرهم خمسة عشر قيراطاً أو ستة دوانق.

4 ـ أنه حدد بناء على الوزن السابق سعر الصرف بين الدرهم

والدينار، فكانت كل عشرة دراهم تساوي سبعة دنانير.

5 ـ تحددت تواريخ إصدار النقود الأموية بالتاريخ الهجري

المتسلسل، إي وفق المتعارف عليه، بينما افتقرت النقود

الساسانية والبيزنطية إلى التواريخ التقويمية، إذ اعتمدت

تواريخها على بداية حكم كل ملك.

محاربة تزييف العملة: تشدد عبد الملك وخلفاءه من بعده وولاتهم

في تعقب أية محاولة لغش النقود وتزييفها ومعاقبة من يثبت

عليه ذلك، فقد روي أنه أخذ رجلاً يضرب على غير سكة

المسلمين فأراد قطع يده، ثم ترك ذلك وعاقبه، فاستحسن ذلك

شيوخ المدينة .
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 2013-04-11, 05:25 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

بناء تونس





اختط هذه المدينة القائد حسان بن النعمان الغساني عام 82هـ،

لتكون قاعدة عسكرية بحرية، ولتحول دون تكرار البيزنطيين

الهجوم على قرطاجة عام 78هـ، بنى حسان بن النعمان مدينة

تونس على أنقاض قرية قديمة عرفت باسم ترشيش القديمة،




وإنما سميت تونس في أيام الإسلام لوجود صومعة الراهب،

وكانت سرايا المسلمين تنزل بإزاء صومعته، وتأنس لصوت

الراهب، فيقولون هذه الصومعة تؤنس، فلزمها هذا الإسم فسميت

باسم تونس، واختط حسان تونس غربي البحر المتوسط بنحو

عشرة أميال، فقام بحفر قناة تصل المدينة بالبحر لتكون ميناء

بحرياً ومركزاً للأسطول الإسلامي بعد أن أنشأ فيها صناعة

المراكب، بخبراء في هذه الصناعة زوده بها والي مصر عبد




العزيز بن مروان بناء على توجيه الخليفة عبد الملك، وقد بنيت

مدينة تونس طبقاً لأهداف سياسية استراتيجية، وأهداف

اقتصادية إجتماعية تبناها الخليفة عبد الملك، أما الأهداف

السياسية البعيدة المدى، فيتضح ذلك بوضع حد لاعتداءات الروم

والمتمثلة بإغارتهم على الساحل الإفريقي، والسبيل الأمثل هو

إيجاد قاعدة بحرية، وصناعة بحرية قادرة على إنشاء أسطوله

مهمته صد العدوان الرومي بادي الأمر، ثم الانتقال من مرحلة

التصدي إلى الغزو والفتح فيما بعد، وقد تمثل تطبيق هذه المرحلة

من قبل الخليفة عبد الملك فقام بالإيعاز لشقيقه والي مصر: عبد

العزيز بن مروان، لإرسال ألفي قبطي من مهرة الصناع لإقامة

صناعة مراكب بحرية وقام هؤلاء بالمهمة الموكلة إليهم خير

قيام، وأما الهدف الثاني: فيتمثل بإيجاد حياة إجتماعية بايجاد

المؤسسات القادرة على خدمة




الأفراد، فأقام في المدينة المسجد الجامع ودار الإمارة وثكنات

للجند للمرابطة وأخذ يقوم بتدوين الدواوين، تنظيم الخراج

والعناية بالدعوة الإسلامية بين البربر، فقام بإرسال الفقهاء

ليعلموهم اللغة العربية والدين الإسلامي، وسارت المدينة لتكون

معسكراً حربياً في البداية، ومركز استيطان وإدارة لدعم الفتوحات

وأخيراً مركزاً حضارياً ومركز إشعاع فكري وعلمي وثقافي.

وهكذا رسخ الخليفة عبد الملك بن مروان إقدام الدولة الأموية

بتأسيس مدينة تونس، وقطع دابر الغارات اليبزنطية بإيجاد

مدينة إسلامية مرتبطة بالأهداف العليا للدولة
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 2013-04-11, 05:29 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

بناء مسجد قبة الصخرة


بنى هذا المسجد الخليفة عبد الملك بن مروان وسماه الأوربيون


خطأ مسجد عمر، وقد رصد الخليفة لأعماره أموالاً طائلة، قال ابن



كثير: ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال



والعمال ووكل بالعمل رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه،



وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس،



وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة، وأمر رجاء بن حيوة ويزيد



أن يفرغا الأموال إفراغاً ولا يتوقفا فيه، فبثوا النفقات وأكثروا،



فبنوا القبة فجاءت في أحسن البناء، وفرشاها بالرخام الملون



وحفاها بأنواع الستور، وأقاما لها سدنة وخداماً بأنواع الطيب









والمسك والعنبر وماء الورد والزعفران، يعملون منه غاليه



ويبخرون القبة والمسجد من الليل، وجعلا فيها من قناديل الذهب



والفضة والسلاسل الذهبية والفضية شيئاً كثيراً، وفرشاها بأنواع



البسط الملونة، وكانوا إذا أطلقوا البخور شمَّ من مسافة بعيدة،



وقد عملوا فيها من الإشارات والعلامات المكذوبة شيئاً كثيراً مما



في الآخرة، فصورا فيه صورة الصراط وباب الجنة وقدم رسول



الله صلى الله عليه وسلم ووادي جهنم وكذلك في أبوابه ومواضع



منه، فاغتر الناس بذلك إلى زماننا... وبالجملة فإن صخرة بيت



المقدس لما فرغ من بنائها لم يكن لها نظير على وجه الأرض



بهجة ومنظراً، وقد كان فيها من الفصوص والجواهر



والفسيفساء وغير ذلك شيء كثير وأنواع باهرة، ولما فرغ رجاء



بن حيوة ويزيد بن سلام من عمارتها على أكمل الوجوه، فضل



من المال الذي أنفقاه على ذلك ستمائة ألف مثقال، وقيل ثلاثمائة



ألف مثقال، فكتبا إلى عبد الملك يخبرانه بذلك، فكتب إليهما قد



وهبته لكما، فكتبا إليه إنا لو استطعنا لزدنا في عمارة هذا المسجد



من حلي نساءنا، فكتب إليهما: إذا أبيتما أن تقبلاه فأفرغاه على



القبة والأبواب، فما كان أحد يستطيع أن يتأمل القبة مما عليها



من الذهب القديم والحديث








الشكل النهائي



، وهناك عدة أسئلة تطرح نفسها: ما سبب بناء هذا المسجد



وبهذا الإتقان والإبداع؟ ولماذا تزامن مع حركة ابن الزبير في



الحجاز؟، إن أول المؤرخين الذين حاولوا إيجاد التسويغ لبناء



مسجد قبة الصخرة المشرفة هو اليعقوبي (ت 284) وقد ربط ذلك



بالحكم والخلافة حينئذ، وأوجد صيغة مشتركة في التعامل بين



السلطة الأموية والمجتمع، لأن معظم العالم الإسلامي كان قد بايع



عبد الله بن الزبير بالخلافة (64 ـ 73هـ) ما عدا إقليم الأردن، فقد



قال في كتابه: ومنع عبد الملك أهل الشام من الحج، وذلك لأن ابن



الزبير كان يأخذهم إذا حجوا بالبيعة، فلما رأى عبد الملك ذلك



منعهم من الخروج إلى مكة فضج الناس وقالوا: تمنعنا من حج



بيت الله الحرام، وهو فرض علينا، فقال: هذا ابن شهاب الزهري



يحدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تشد الرحال إلا



إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي ومسجد بيت



المقدس. وهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام، وهذه الصخرة التي












يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع قدمه عليها لما صعد إلى



السماء. واليعقوبي راوي الأثر السابق مؤرخ شيعي إمامي كان



يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية حتى لقب بالكاتب



العباسي، وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة



نظر الشيعة الإمامية، فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي



طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة، ويسمي علي



بالوصي، وعندما أرخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يضف



إليهم لقب الخلافة إنما تولى الأمر فلان، ثم لم يترك واحداً منهم



دون أن يطعن فيه، وكذلك كبار الصحابة، وقد ذكر عن عائشة



رضي الله عنها أخباراً سيئة وكذلك عن خالد بن الوليد، وعمرو



بن العاص،، ومعاوية بن أبي سفيان، وعرض خبر السقيفة خبراً



مشيناً، إدعى فيه إنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من



علي بن أبي طالب الذي هو الوصي في نظره، وطريقته في سياق



الاتهامات ـ الباطلة ـ هي طريقة قومه من أهل التشيع وهي إما



اختلاق الخبر بالكلية، أو التزيد في الخبر، والإضافة عليه أو



عرضه في غير صياغه ومحله حتى يتحرف معناه، ومن الملاحظ



أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك وعندما ذكر



خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء، كما وصف دولتهم في كتابه



البلدان باسم الدولة المباركة، مما يعكس نفاقه وتستره وراء



شعار التقية وهذا الكتاب يمثل الانحراف والتشويه الحاصل في



كتابة التاريخ الإسلامي، وهو مرجع لكثير من المستشرقين



والمستغربين الذين طعنوا في التاريخ الإسلامي وسيرة رجاله،



مع أنه لا قيمة له من الناحية العلمية إذ يغلب على القسم الأول



القصص والأساطير والخرافات، والقسم الثاني كتب من زاوية



نظر حزبية، كما أنه يفتقد من الناحية المنهجية لأبسط قواعد



التوثيق العلمي. هذا هو اليعقوبي الذي اعتمده المؤرخون



المتأخرون في روايته قصة بناء مسجد قبة الصخرة أو مسجد



بيت المقدس على حد تعبيره، وعلينا أن نتحفظ من رواية



اليعقوبي الآنفة الذكر ونعتبرها خارجة عن الإطار المقبول لأنه لا



يعقل رجل بمستوى عبد الملك في دهائه ومكره وعقله وفقهه



يضع نفسه موضع شبهة الكفر، فيصد الناس عن الحج إلى بيت



الله الحرام، هذا من ناحية العقل والمنطق،وأما من ناحية السند



فقد بينا ولم نسمع أن أحداً من خصوم الأمويين أوردوا ذلك في



مطاعنهم على عبد الملك ـ سوى الشيعة ـ. كما أن الإمام الزهري



لم يلتق بعبد الملك إلا بعد مقتل ابن الزبير، فقد نقل الذهبي عن



الليث بن سعد أنه قال: قدِم ابن شهاب على عبد الملك سنة اثنين



وثمانين. وقد نص على أن ابن الزبير قتل سنة 72هـ، وبعد مقتله



استوثقت الممالك لعبد الملك، فليس هو في حاجة لمن يضع له



أحاديث لصرف الناس عن الحج والزهري لم يكن عند مقتل ابن



الزبير ذائع الصيت عند الأمة الإسلامية بحيث تتقبل منه حديثاً



موضوعاً يلغي به فريضة الحج الثابتة بالقرآن والأحاديث



الصحيحة وذلك لصغر سنه، فإنه قد ولد بعد الخمسين من



الهجرة، وصداقته بعبد الملك وتردده عليه لا يقدح في أمانته



ودينه، وأما حديث شد الرحال فهو صحيح رواه البخاري ومسلم



وأصحاب السنن الأربعة وغيرهم من العلماء، قال عنه ابن تيميه:



وهو حديث مستفيض، متلقى بالقبول، أجمع أهل العلم على



صحته وتلقيه بالقبول والتصديق، ولم ينفرد الزهري رحمه الله



برواية هذا الحديث حتى يتهم بوضعه، والحديث ليس فيه فضل



قبة الصخرة وليس فيه الدعوة إلى الحج إليها والطواف حولها



بدلاً عن الكعبة كما يدعي بعض المزورين، وغاية ما فيه فضل



الصلاة في بيت المقدس وزيارته، وأما الصخرة فقد ذكر ابن القيم



أن كل حديث فيها فهو كذب مفترى، وقد قام الدكتور حارث بن



سليمان الضاري بنسف هذه الشبهة في كتابه القيم الإمام الزهري



وأثره في السنة في ثلاثة عشر صفحة وأتى بحجج دامغة قوية



لمن يبحث عن الحقيقة العلمية.


يتبع ( المهلب بن ابي صفرة والقضاء على حركة الخوارج ) .
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 2013-04-12, 12:13 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

المهلب بن ابي صفرة والقضاء على حركة الخوارج



وصف المهلب بن أبي صفرة الأزدي وشيء من أقواله:


... وصف المهلب بأنه كان نزر الكلام وجيزه، يفضل فعله على

لسانه، متلطفاً في إجاباته، كاتماً للسر، حليماً في موضع الحلم،

شديداً في موضع الشدة، وإن كان الحلم أغلب عليه، فيروى أن

رجلاً شتمه فلم يرد عليه: فقيل له لم حلمت عنه؟ قال: لم أعرف

مساويه وكرهت أن أبهته بما ليس فيه، واتصف المهلب بصبره

واناته في أعماله وحروبه وكان يقول: إناة في عواقبها فوت خير

من عجلة في عواقبها درك، وعندما كان الحجّاج يستعجله

بمناجزة الأزارقة الخوارج، أجابه بقوله: إن البلاء كل البلاء أن

يكون الرأي لمن يملكه دون من يبصره، ومما اشتهر به المهلب

في حروبه هو إعداده للبيات وأحكامه الأمور، أي أنه كان يباغت

أعداءه بشن الهجوم عليهم ليلاً فيحرز انتصارات مؤزرة، واشتهر

المهلب بكرمه وسخائه، ومن أقواله لأبنائه في هذا الباب: ما

رأيت أحداً بين يدي قط إلا أحببت أن أرى ثيابي عليه، واعلموا يا

بني أن ثيابكم على غيركم أحسن منها عليكم، وكان يحرص على

شراء ود الناس وله قول مأثور في ذلك: عجبت لمن يشتري

المماليك بماله ولا يشتري الأحرار بمعروفه، وقيل له بما ظفرت؟

قال: بطاعة الحزم، ومعصية الهوى


ظل الخوارج فرقة واحدة يتبنون أفكاراً ومبادئ واحدة بصفة

عامة إلى ما بعد وفاة يزيد بدأوا ينشقون على أنفسهم وكلما

اختلف أحدهم مع رفاقه في الرأي، انشق عنهم مكوناً له فرقة

خاصة، حتى وصل عدد فرقهم إلى أكثر من ثلاثين فرقة، ومن

أشهر فرق الخوارج التي قاتلها عبد الملك الأزارقة والصفرية.




أولاً الأزارقة: هم أتباع نافع بن الأزرق ، الذين يعدون أشد فرق

الخوارج تطرفاً في الأفكار والمبادئ وجنوحاً إلى العنف، وكان

زعيم هذه الفرقة هو أول من أحدث الخلاف بين الخوارج لتطرفه،

فقد برئ من القاعدين، الذين لا يخرجون معه للقتال، كما قال

بكفر من لم يهاجر إليه. فضلاً عن إباحته أموال ودماء مخالفيه،

وتكفيره لمرتكب الكبيرة وحكمه بخلوده في النارومن أهم ما

تميزت به هذه الفرقة.


ـ الانفصال الكامل عن المجتمع المسلم، حيث زعم نافع وأتباعه

أن دار مخالفيهم دار كفر.


ـ إيمانهم بمبدا


الاستعراض فكانوا يتعرضون للناس بالقتل والنهب، فقد أباحوا

لأنفسهم قتل الرجال والنساء والصبيان((من المسلمين)).


ـ أنهم كفروا القعدة. ونافع أول من أظهر البراءة من القعدة عن

القتال، وإن كانوا موافقين له على دينه وكفر من لم يهاجر إليه

فهذه من أهم البدع الني فارق بها الأزارقة بقية الخوارج.

فارق الأزارقه بقيادة نافع بن الأزرق عبد الله بن الزبير عند ما

تبين لهم أنه لم يكن على رأيهم فيما يذهبون إليه، وقد أنبث أفراد

هذه الفرقة الخارجية في مناطق البصرة والأهواز وما وراءها من

بلاد فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير وصاروا يحاربون

المسلمين جهاراً، وجاءت تولية المهلب على حرب الأزارقة بناء

على اختيار أهل البصرة له واقتران ذلك بموافقة عبد الله بن

الزبير، إلا أن المهلب لم يخرج لقتالهم إلا بعد أن اشترط على أهل

البصرة جملة شروط أجابوه إليها، فخوّل الحق باختيار من يشاء

من المقاتلة، وأن تكون له أمرة وخراج كل بلد يقع في حوزته،

وانتخب المهلب اثني عشر ألف رجل من أخماس البصرة، ولم

يكن بيت المال سوى مئتي ألف درهم عجزت عن عطاء الجند

وعن تجهيزاتهم، فبعث المهلب إلى التجار وقال لهم أن تجارتكم

منذ حول قد كُسرِت بانقطاع موارد الأهواز وفارس عنكم، فهلمّ

فبايعوني وأخرجوا معي أُوفيكم إن شاء الله حقوقكم، فأخذ منهم

من المال ما يصلح به عسكره، واتخذ لأصحابه ما يلزم من

التجهيزات، فلما انتصر المهلب على الخوارج، قام بجباية الخراج

من الكور حتى قضى للتجار ما أخذ منهم.



استمر المهلب يقاوم الخوارج ما يقرب من عامين، ثم استدعاه

مصعب بن الزبير الذي أصبح والي البصرة من قبل أخيه عبد الله

ليشترك معه في حرب المختار الثقفي سنة 67هـ وبعد هزيمة

المختار عين مصعب المهلب والياً على الموصل والجزيرة

وأذربيجان وأرمينية، ولكن أحد لم يستطع أن يقوم مقام المهلب

في مقاومة الخوارج مما اضطر مصعباً أن يستدعيه من الموصل

ليتولى قتالهم من جديد، وبينما المهلب يقاوم الخوارج في

الأهواز تمكن عبد الملك بن مروان من سيطرة الدولة الأموية

على العراق، بعد مقتل مصعب بن الزبير سنة 72هـ، وولي أخاه

بشر بن مروان على العراق وأمره بإبقاء المهلب على حرب

الخوارج ومساعدته، فعمل بشر بما أمره به أخوه وبرهن المهلب

على إخلاصه في حرب الخوارج الأزارقة مهما كانت السلطة التي

تصدر إليه الأوامر، فكما قاتلهم تحت لواء آل الزبير استمر

يقتالهم تحت لواء عبد الملك، ولما أسندت ولاية العراق إلى

الحجّاج بن يوسف الثقفي سنة 75هـ جدّ في مساعدة المهلب

وحشد له العراقيين وشد أزره، فاشتد في مقاومتهم حتى تمكن من

القضاء على خطرهم، وقد أتاح له الخوارج أنفسهم فرصة كسر

شوكتهم عندما انقسموا على أنفسهم قسمين، قسم تزعمه رجل

اسمه عبد ربه فقد قضي عليه المهلب نهائياً، وأما قطري بن

الفجاءة ومجموعته فقد رحلوا إلى طبرستان، ولكن المهلب تمكن

من القضاء عليهم سنة 77هـ بمساعدة جيش أرسله إليه الحجّاج

بقيادة سفيان بن الأبرد الكلبي، وهكذا قضى المهلب على خطر من

أكبر الأخطار التي هددت الدولة الأموية في عهد عبدالملك بن

مروان، وهم الخوارج الأزارقة الذين كان مسرح عملياتهم العراق

وبلاد فارس وكرمان والأهواز، واستمرت حركتهم ثلاثة عشر

عاماً 65 ـ 78هـ



كانت سياسة المهلب تقوم على النفس الطويل في محاربة

الخوارج وكان ينتظر تفجيرهم من الداخل، حتى يهون عليه

أمرهم ويسهل القضاء عليهم، فقد كتب إلى الحجّاج: إني انتظر

منهم ثلاث خصال: موت صاحبهم قطري بن الفجاءة أو فرقة

وتشتيتاً أو جوعاً قاتلاً، ولم تخطيء تقديرات المهلب للخوارج إذ

سرعان ما دبّ الشقاق في صفوف الأزارقة، فما كان من المهلب

إلا أن انتهز الفرصة فصعّد الخلاف في صفوفهم، فعمد إلى حيلة

ناجحة، فقد عرف بين الخوارج رجلاً يصنع السهام المسمومة،

فأرسل المهلب أحد أصحابه، بكتاب أمره أن يلقيه بين عساكر

قطري سراً كتب فيه: أما بعد، فإن نصالك وصلت وقد أنفذت إليك

ألف درهم. فلما استوضح عن الصانع أنكر فقام قطري بن الفجاءة

بقتله، فخالفه بذلك عبد ربه الكبير ووقع خلاف جديد. وتعميقاً

للخلاف في صفوف الخوارج جنّد المهلب رجلاً نصرانياً وأمره أن

يسجد لقطري بن الفجاءة فلما شاهده الخوارج أنكروا ذلك عليه

وقتلوا النصراني واتهموا زعيمهم بتأليه نفسه. وأخذ الخوارج

يقتتلون فيما بينهم، بينما المهلب ينتظر النتائج النهائية، التي

تسفر عنها هذه التصفيات ليتفرغ لها مما جعله لا يمتثل لأمر

الحجّاج عندما طالبه بمقاتلتهم، بل كتب له: إني لست أرى أن

أقاتلهم ما دام يقتل بعضهم بعضاً، فإن تمّوا على ذلك، فهو الذي

تريد وفيه هلاكهم، وإن اجتمعوا لم يجتمعوا إلا وقد رمق بعضهم

بعضاً، فأناهضهم حينئذ، وهو أهون ما كانوا وأضعهم شوكة إن

شاء الله تعالى، فكف عنه الحجّاج، وتركهم المهلب يقتتلون شهراً

لا يحركهم، ثم سار إليهم المهلب وتهيأت له الخوارج بقيادة عبد

ربه الكبير ثم تلا ذلك قتل شديد تمكن المهلب في نهايته من

طردهم من جيرفت، ثم لاحقهم حتى هزمهم هزيمة منكرة، وقتل

زعيمهم عبد ربه



ولم ينج منهم إلا عدد قليل، ولعل نجاح المهلب يعود إلى أسلوبه

الحربي، الذي يعتمد على المطاولة ويتجنب العجلة، بجانب قيادته

الحكيمة وشجاعته وخبرته العسكرية ومكره في الحروب. قال الشاعر:


قد يدرك المرء بالتدبير ما عجزت


عنه الكمأة ولم يحمل على بطل


... ونتيجة انتصاراته ضد الخوارج فقد رأى فيه الخليفة عبد

الملك بأنه قادر على إيجاد التوازن بين الأطراف القبلية المتنازعة

فولاّه على خراسان، فمكث فيها خمس سنوات إلى أن توفي عام 82هـ.
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 2013-04-12, 12:15 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

أبو محمد البطال

كان من أبطال المسلمين وأمرائهم الشاميين وكان مع جيش

مسلمة بن عبد الملك وكان مقره بإنطاكية أوطأ الروم خوفاً وذلاً.



منظر جوي لانطاكية 1937

ولكن كذب عليه أشياء مستحيلة في سيرته الموضوعة، وعن

عبد الملك بن مروان أنه أوصى مسلمة أن صير على طلائعك

البطال ومره فليعس بالليل، فإنه أمير شجاع مقدام، وعقد مسلمة

للبطال على عشرة آلاف وجعلهم طلائع للجيش، ومن نوادر ما



احد ابواب انطاكية

يحكى عن البطال أنه قال: اتفق لي إنا أتينا قرية لنغير، فإذا بيت

فيه سراج وطفل صغير يبكي، فقالت أمه أسكت، أو لأدفعنك إلى

البطال فبكى وقالت: خذه يا بطال فقلت: هاتيه: وجرت له أعاجيب

وفي الآخر أصبح في معركة مثخوناً وبه رمق فجاء الملك ليون،

فقال: أبا يحي، كيف رأيت؟ قال: وما رأيت؟ كذلك الأبطال تقتل

ولا تُقتل، فقال: عليَّ بالأطباء، فأتوا فوجوده قد أنفذت مقاتله،،

فقال: هل لك حاجة؟ قال: تأمر من يثبت معي بولايتي وكفني

والصلاة عليَّ ثم تطلقهم، ففعل، قتل 112هـ وقيل 113هـ. قال

عنه ابن العماد:.. وله حروب ومواقف ولكن كذبوا عليه،

فأفرطوا، ووضعوا له سيرة كبيرة، تقرأ كل وقت، يزيد فيها من لا

يستحي من الكذب .



عامر الشعبي سفير عبد الملك لعظيم الروم


وجه عبد الملك بن مروان الشعبي إلى ملك الروم ـ يعني رسولاً ـ

فلما انصرف من عنده قال: يا شعبي، أتدري ما كتب به إليّ ملك

الروم؟ قال: وما كتب به يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت أتعجب لأهل

ديانتك، كيف لم يستخلفوا عليهم رسولك. قلت: يا أمير المؤمنين

لأنه رآني ولم يرك، وفي رواية: يا شعبي، إنما أراد أن يغريني

بقتلك. وبلغ ذلك ملك الروم فقال لله أبوه، والله ما أردت إلا ذاك.

وفي هذا ما يدل على أن الروم لم تكن نياتهم سليمة مع المسلمين

حتى في زمن السلم والمراسلات وعقود الصلح، وأنهم

يستخدمون الكيد والمكر لشق الصفوف، والتخلص من الأفذاذ.
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 2013-04-12, 12:17 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

فتوحات حسان بن النعمان الغساني


استشهد زهير البلوي وأصحابه في معركة مع البيزنطيين في

مدينة درنة بشرق ليبيا ودفن مع أصحابه، وقبورهم هناك






مسجد الصحابة وبه مقبرة الشهداء بدرنة


معروفة إلى اليوم تسمى مقبرة الشهداء وكان ذلك 71هـ، وكان

وقع استشهاد زهير بن قيس البلوي ورفاقه عظيماً على الخليفة

عبد الملك بن مروان لذلك ما إن انتهى من حربه مع ابن الزبير

حتى أولى اهتماماً خاصاً إلى الوضع في شمال إفريقيا، لذلك نراه

يجهز جيشاً كبيراً قوامه نحو أربعين ألف مقاتل غالبيتهم من أهل

الشام، وعهد بقيادته إلى حسان بن النعمان الغساني الذي كان

رجلاً ورعاً تقياً يدل على ذلك تسميته بـ((الشيخ الأمين))، وقد أقر

الخليفة حسان بن النعمان أن يقيم بمصر استعداداً لإنجاز مهمته

وكتب إليه: إني قد أطلقت يدك في أموال مصر، فأعط من معك

ومن ورد عليك من الناس، وأخرج إلى جهاد إفريقيا على بركة

الله. وقد وصف ابن الأثير عظمة هذا الجيش من حيث تعداده

وعدته بقوله: لم يدخل إفريقيا جيش مثله، وكان بداية الغزو في

عام 74هـ، وقد تمكن هذا الجيش من فتح المناطق التي مر بها

وكان على مقدمته كل من محمد بن أبي بكير وهلال بن ثروان

اللواتي ووجود هذا الأخير كقائد على مقدمة الجيش حسان يشير

إلى مشاركة البربر بشكل كبير في هذه الحملة.



فتح قرطاجنة


وصل حسان القيروان ودخلها دون أن يواجه أي مقاومة ثم

توجه بعد ذلك إلى الشمال حيث قرطاجنة القاعدة البيزنطية على

الساحل، وسار حسان إلى قرطاجنة وكان صاحبها أعظم ملوك

إفريقية، فلما وصل إليها رأى بها من الروم والبربر ما لا يحصى




كثرة، ولم تطل المعركة مع البيزنطيين ودخل حسان قرطاجنة

عنوة، ولم يكد حسان ينصرف منها عائداً إلى القيروان حتى عاد

أهلها للاعتصام بها مرة أخرى، مما اضطر حسان لفتحها مرة

الثانية، فهدم المسلمون ما أمكنهم منها، لكي لا يعود إليها من

يطمع بالتحصن بها. ثم أعقب حسان حملته هذه بحملة على

ططفورة وبنزرت فافتتحها ولم يتبع المنهزمين من الروم الذين

تحصنوا في مدينة باجة ولا البربر الذين تحصنوا في مدينة بونة.

وعاد حسان إلى القيروان، لأن الجراح قد كثرت في أصحابه فأقام

بها حتى صحوا.



... نهج حسان نفس السياسة التي سار عليها أبو المهاجر وهي

تأليف البربر وإشراكهم في الفتوح ولعله توسع في ذلك بإدخالهم

في الجيش على نطاق واسع، فكانت سياسته خطوة كبيرة في

اكتساب ولاء البربر وإخلاصهم، ففي حملته الأولى عين هلال بن

شروان اللواتي قائداً على مقدمته مع اثنين من العرب هما محمد

بن بكير وزهير بن قيس كما استعان بالبربر كعيون فقد أرسل أحد

رجالهم الذي أسلم طوعاً ليأتيه بالأخبار عما يجري في معسكر

الكاهنة، ورحب بولدي الكاهنة وولى أكبرهما قيادة الجيش في

منطقة الأوراس واثقاً بإخلاصه وحسن إسلامه مما أدى إلى إسلام

نفر كبير من البتر. ويبدو نجاح سياسته من استغاثة أهل قابس

وقفصه وأهل نقراوة به فسره ذلك.



ب ـ المساواة بين البربر والعرب المسلمين:



... حين جند حسان البربر ساوى بينهم وبين العرب المسلمين

وذلك وفقاً لمبادئ المساواة في الإسلام، ففرض لهم ومنحهم

نصيبهم من الغنائم. ثم خطا خطوى كبرى بأن قسم المغرب خططاً

للبربر. ويبدو أن حساناً اعتبر أرض المغرب أرضاً أسلم عليها أهلها.



ج ـ الاهتمام بالتنظيم الإداري:



كان حسان قد اعتنى بالتنظيم الإداري في المغرب خلال مدة

إقامته (82هـ ـ 86هـ). فقد أنشأ الديوان أو ديوان الجند، وهو

سجل يحفظ فيه أسماء المقاتلين وأنسابهم وصفاتهم ومقدار

أعطياتهم، ونظم ديوان الخراج بأن عني بتحديد الجزية والخراج.

يقول ابن عذاري فدون الدواوين وصالح على الخراج وكتبه على

عجم إفريقية وعلى من أقام معهم على دين النصرانية، وكان

عامتهم من البرانس إلا قليلاً من البتر.



... وقام حسان ببناء دار لصناعة السفن، وأنشأ مدينة إسلامية

ثانية وهي تونس أصبحت رباطاً يحمي القيروان ومحرساً للبحر

وميناء جديداً للبلاد. وصارت تونس ثانية العواصم الإفريقية حين

أولاها حسان اهتمامه، واهتم بالقيروان فجدد بناء مسجدها

أحسن مما كان عليه أيام عقبة، واهتم بتعليم البربر مبادئ

الإسلام، وترك معهم ثلاثة عشر رجلاً من علماء التابعين

يعلمونهم القرآن وشرائع دينهم،، وبث الدعاة في مختلف القبائل

لنشر الإسلام بين البربر، فبنوا المساجد، واستلموا المنابر ومن

ذلك بناؤهم لمسجد أغمات سنة 85هـ، وانتشرت الكتاتيب لتعليم





أولاد المسلمين مبادئ القراءة والكتابة


قال الذهبي عن حسان بن النعمان الغسّاني: من ملوك العرب ولي

المغرب فهذَّبه وعَمَره وكان بطلاً شجاعاً، مجاهداً لبيباً، ميمون

النقيبة كبير القدر، وجهه معاوية في سنة 57هـ فصالح البربر ،

ورتب عليهم الخراج وانعمرت البلاد، وله غزوات مشهودة بعد

قتل الكاهنة وكان يدعى الشيخ الأمين، توفي سنة 80هـ.
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 2013-04-12, 11:15 AM
الاسيـــــف دخلت رقم انفك الاسيـــــف دخلت رقم انفك غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-04-12
المشاركات: 5
افتراضي

حلف باطل يالاسيف


اذا كنت فعلا شاطر ولاعتقد امنعي من الدخول
وقل للاسيف دخلت رقم انفك وبنكك
رد مع اقتباس
  #51  
قديم 2013-04-12, 02:15 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

إقرأ واستفد أخي الأسيف وأعرف الأعمال العظيمة لمعاوية أبى سفيان رضي الله عنه أخو أم حبيبة أم المؤمنين زوجة رسول الله عليه الصلاة والسلام .
رجال بني أمية فتحوا البلاد المجوس عبدة النار لنشر كلمة التوحيد.

لا إله الا الله

وتكسير وهدم كل شئ يعبد من دون الله

من أصنام وأولياء .

لا تنفع ولا تضر .
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 2013-04-12, 10:19 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

الفتوحات في بلاد الروم

من خطب عبد الملك في التحريض على قتال الروم


وفي عهد عبد الملك عندما علم بتحرك الروم بأرض

القسطنطينية وغيرها من بلاد الروم على غزو المسلمين

ومفاجأتهم نادى بالنفير العام وحين اجتمع لديه جند المسلمين

قام فيهم محرضاً فقال لهم بعد أن حمد الله عز وجل وأثنى عليه:

أيها الناس إنكم قد علمتم ما ذكر الله عز وجل في كتابه من فضل

الجهاد وما وعد الله عليه من الثواب ألا وأني قد عزمت أن أغزو

بكم غزوة شريفة على أليون صاحب الروم فإنه طغى وبغى وقد

بلغني أنه قد جمع للمسلمين جموعاً كثيرة وعزم على غزوكم

ومفاجأتكم في دياركم وقد علمت أن الله تعالى مهلكه ومبدد شمله

وجاعل دائر السوء عليه وعلى أصحابه وقد جمعتكم من كل بلد

وأنتم أهل البأس والنجدة، والشجاعة والشدة وأنتم من قام لله

بحقه ولدينه بنصرته وهذا ابني مسلمة وقد أمرته عليكم،

فاستمعوا له وأطيعوا يوفقكم الله ويرشدكم لصالح الأمور فقال

الناس جميعاً سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين، وعندما سير عبد

الملك بن مروان ابنه مسلمة لمحاربة الروم أوصاه بالعسكر

بقوله: فكن يا بنيَّ بالمسلمين باراً رحيماً وأميراً حليماً ولا تكن

عنيداً كفوراً ولا مختالاً فخوراً، كما أوصى عبد الملك قائداً آخر

سيره إلى أرض الروم: أنت تاجر الله لعباده فكن كالمضارب

الكيس الذي إن وجد ربحاً تاجر، وإلا احتفظ برأس المال ولا

تطلب الغنيمة حتى تحرز السلامة وكن من احتيالك على عدوك

أشد حذراً من احتيال عدوك عليك.




في أواخر عام 73هـ شعر عبد الملك أن الدولة استعادت قوتها،

وأنها تستطيع أن تستأنف جهادها وتعلي إرادتها، وكانت

العلاقات قد ساءت بين دولة الروم والدولة الإسلامية في هذه

الفترة، وأخذ الروم يتأهبون للانتقاض فكان عبد الملك لهم

بالمرصاد وقد أحكم إعداده، فعين أخاه محمد بن مروان والياً على

الجزيرة وأرمينية ليكون القائد في هذه الجبهة، ومنع عبد الملك

إرسال النقود التي كانت يدفعها وقت الضرورة فأثار هذه حنق

الأمبراطور الروماني البيزنطي، فأعلن الحرب، وقدم بجيش كبير

ليغزو المسلمين من ناحية أرمينية، فلاقاه محمد بن مروان



بجيشه ودارت موقعة عنيفة هزم فيها الروم على كثرة عددهم

هزيمة شنيعة وفر الإمبراطور بنفسه وانفض عنه أكثر جنوده

وكان ذلك عام 74هـ، فزعزعت هذه الوقعة الدولة البيزنطية،

واستغل عبد الملك هذا النصر وواصل ضغطه على الدولة

البيزنطية عبر الحدود وانتظمت غزوات الصوائف والشواتي

وشرع في التوغل داخل الأراضي البيزنطية القريبة فكانت

الصوائف تخرج بانتظام للإغارة على هذه الأراضي يقودها محمد

بن مروان أو غيره من أمراء بني أمية. وفي عام 81هـ بعث عبد

الملك ابنه عبد الله بن عبد الملك ففتح ((قاليقالا)) وهي إحدى

مدن الروم الكبيرة، وفي عام 84هـ تمكن عبد الله بن عبد الملك

من فتح مدينة أخرى رئيسية، داخل دولة الروم في آسيا

الصغرى، وهي مدينة ((المصيصة) فبنى حصنها، ووضع بها




حامية من ثلاثمائة مقاتل من ذوي البأس، ولم يكن المسلمون

يسكنوها من قبل وبني مسجدها وهكذا اندفعت قوة المسلمين إلى

الإمام، تفتح المعاقل وتستولي على الحصون داخل أرض العدو

في دولة الروم، منذ تحققت الوحدة في عهد عبد الملك ولقد أثبت

عبد الملك بعد إعادة الوحدة السياسية أن الدولة وأن قوّتها

الموحدة قادرة على التفوّق وإحراز السيادة، وتحقيق النصر على

البيزنطيين، وأن قوتها الموحدة قادرة على الاندفاع في الجبهات

كافة، واستمرت الجيوش الإسلامية في جهادها طوال مدة الوليد




ثم سليمان، وقد برز مسلمة بن عبد الملك في تلك الحروب كقائد

فذ، ومقاتل عظيم، فكان في كل سنة يفتح بلداً أو حصناً من

الحصون العظيمة التي أقامها الروم لتأمين سلامة بلادهم

والمحافظة عليها من غارات الأعداء، وكان يغزو معه هذه

الغزوات ـ في عهد الوليد ـ فتح هذه الفتوح العباس بن الوليد بن

عبد الملك ومن الحصون التي فتحها: حصن عمورية وهرقلية

وقمونية، وحصن طوانة وسمطية والمرزبانين وطروس، وكثير

غير هذه الحصون.

ففي جماد الآخرة سنة 88هـ ـ 707م فتح مسلمة بن عبد الملك

والعباس بن الوليد حصن طوانة وشتوا بها، وهزم المسلمون

الأعداء حتى صاروا إلى كنيستهم ثم رجعوا فانهزم الناس، وبقي

العباس ومعه نُفير، منهم ابن محيريز الجُمحي، فقال العباس لابن

محيرز: أين أهل القرآن الذين يريدون الجنة؟ فقال ابن محيريز:

نادهم يأتوك. فنادى العباس: يا أهل القرآن، فأقبلوا جميعاً فهزم

الله العدو حتى دخلوا طوانة. وهكذا لا تمر سنة وإلا ويغزو

المسلمون أرض الروم ويستولون على بعض حصونهم

ومعاقلهم، ومن الجدير بالذكر أن معظم الذين كانوا يقودون هذه

الحملات هم من أبناء البيت الأموي، أولاد الخليفة الوليد نفسه

وأخوه مسلمة الذي لم يكد يتخلف سنة واحدة عن غزو أرض

الروم، وهذا أمر له مغزاه فقد كان مسلمة هو الذي قاد الجيش

الذي حاصر القسطنطينية الحصار الأخير في عهد سليمان ـ كما

سنذكر قريباً بإذن الله ـ ومعنى هذا أن اشتراكه المستمر في غزو

بلاد الروم كان مقصوداً ليزداد معرفة وخبرة بالطرق والمسالك

إلى عاصمة البيزنطيين، التي كانت إحدى الأهداف الرئيسية من

هذه الغزوات.
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 2013-04-12, 10:20 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

أشهر قادة المسلمين ضد الروم: مسلمة بن عبد الملك

فارس بني مروان


مسلمة بن عبد الملك الأمير الضرغام، قائد الجيوش، أبو سعيد

الأموي الدمشقي، ويلقب بالجرادة الصفراء، له مواقف مشهودة

مع الروم، وهو الذي غزا القسطنطينية وكان ميمون النقيبة، وقد

ولى العراق لأخيه يزيد ثم أرمينية، قال عنه الذهبي: كان أولى

بالخلافة من سائر أخوته، وقد ظهرت مزايا مسلمة وألمعيته

مبكراً وهو صغير السن، فركز أبوه عبد الملك عليه وبخاصة في

وصيته أبناءه وبنيه وهو على فراش الموت فقال فيه:.. وانظروا

مسلمة فاصدروا عن رأيه، فإنه نابكم الذي عنه تفترون ومِجّنَّكم

الذي عنه ترمون. فهو قائد من قواد الفكر وقائد من قادة الجهاد

بالنسبة لبني أمية، لا يخالفون له رأياً، ولا يعصون له أمراً،

ويلجأون إليه في أيام المحن والحروب، ومسلمة هذا عُرف في



التاريخ مع قصة صاحب النقب، حيث حاصر مسلمة حصناً، فندب

الناس إلى نَقْب منه، فما دخله أحد فجاء رجل من عُرض الجيش،

فدخله ففتحه الله عليهم: فنادى مسلمة: ((أين صاحب النِّقب؟))

فما جاء أحد. فنادى: إني قد أمرت الأذن بإدخاله ساعة يأتي،

فعزمت عليه إلا جاءا فجاء رجل فقال: استأذن لي على الأمير.

فقال له: أنت صاحب النِّقب؟ قال: أنا أخبركم عنه، فأتى مسلمة

فأخبره عنه، فإذن له، فقال: إن صاحب النِّقب يأخذ عليكم ثلاثاً:

ألا تسودوا إسمه في صحيفة إلى الخليفة، ولا تأمروا له بشيء،

ولا تسألوه: ممن هو؟ قال مسلمة: فذاك له، قال: ((أنا هو)).

فكان مسلمة لا يصلي بعدها إلا قال: اللهم أجعلني مع صاحب

النقِّب. وكان مسلمة في جهاده يحرص على سلامة جنده وفي

قتاله للخزر، تكالب عليه الأعداء مما اضطره إلى خداعهم بإشعال




النيران ليوهمهم بمكوثه وجعل خيامه مضروبة بعد العشاء

الآخرة جعل مسلمة يطوي المراحل طياً في العودة فقد جعل كل

مرحلتين في مرحلة غير أنه قدم الضعفاء بين يديه واهتم بهم

وجعل الأقوياء أهل الجلد والشجاعة على الساقة، فلم يزل كذلك

حتى جاوز الخطر. وكان يمقت العجز ويمدح الحزم، فقد قال: ما

حمدت نفسي على ظفر ابتدأته بعجز ولا ذممتهما على مكروه

ابتدأته بحزم، ومن أقواله في الزهد: إن اقل الناس هماً في الدنيا

أقلهم هماً في الآخرة. وكانت تجربته العملية غنية إلى أبعد

الحدود، فقد شهد كيف تدار الدولة على أعلى المستويات مع أبيه

عبد الملك بن مروان ومع إخوته من بعده، وكان الخلفاء من

إخوته يحرصون على أن يبقى إلى جانبهم مستشاراً يتعلمون منه

أكثر مما يتعلم منهم إلا إذا حزبهم أمر يهدد أمن الدولة ومصيرها

تهديداً خطيراً، فيبعثونه، ليقضي على الثورات، وليقمع

الإضطرابات، وليعيد الأمن والاستقرار. وكان مسلمة مخلصاً

غاية الإخلاص لبني أمية ويدين بالولاء المطلق للخلفاء، ولم يكن

يطمح لتولي الخلافة لأن بني أمية لم يكونوا يبايعون لبني أمهات

الأولاد، ولم يكن لعبد الملك بن مروان ابن أسدَّ راياً ولا أذكى

عقلاً، وأشجع قلباً، وأسمح نفساً ولا أسخى كفاً من مسلمة، وإنما

تركوه لهذا المعنى. وكانت بني أمية لا تستخلف بني الإماء،

وقالوا: لا تصلح لهم العرب. ولم يكن لمسلمة أمل في تولي

الخلافة مع أنه ـ كما قال الذهبي ـ: كان أحق بالملك من سائر

إخوته. وكان ذا عقل راجح ورأي سديد يحولان بينه وبين مغامرة

تشق صفوف المسلمين، وكان بحق من أكثر الناس حرصاً على

رص الصفوف والوحدة، كما أنه كان يعتبر


الخلافة (وسيلة) من أجل خدمة الأمة لا (غاية) من أجل أطماع

شخصية، وأمجاد أنانية، وهو بحق خدم الأمة أجل الخدمات،

وكان رحمه الله

جميل الصورة حسن الوجه صبيحاً، من أجمل الناس وهو معدود

من الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشام، توفي 120هـ.


وسيأتي الحديث مفصلا عنه في حصار القسطنطينية في

خلافة اخيه سليمان بن عبد الملك
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 2013-04-12, 10:24 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

اهتم الخليفة عبد الملك بالحدود البرية، فقام ببناء عسقلان

وحصّنها ورمّ قيسارية، وبنى بها بناءً كثيراً وبنى مسجدها، وقام

بتجديد وترميم صور وعكا وأردبيل وبرذعه لما لهذه الثغور من


بقايا مديتة واسط


أهمية حربية، وبنى واليه الحجّاج بن يوسف مدينة واسط كقاعدة

عسكرية تتوسط بين الأهواز والبصرة والكوفة بمقدار واحد قدره

خمسون فرسخاً وذلك أنه كان حينما يريد غزو خراسان ينزل

جيش الشام على أهل الكوفة فكانوا يتأذون منهم فبنى واسطاً،

كمعسكر لهم ولقد لعبت دوراً مهماً في عملية الإمداد لثغور

المشرق، وفي عهد عبد الملك فتح حصن سنان، من بلاد الروم

حيث استفاد منه بشحنه بالجند لحماية الحدود، واهتم عبد الملك

في إدارته العسكرية بحملات الصوائف والشواتي، فكان يوليها

كبار رجالات البيت الأموي، مما يدل على حرصه وعنايته في



صورة البوابة

حماية وتأمين حدود الدولة الإسلامية ضد هجمات الأعداء، وكان

من هؤلاء الأمراء ابنه الوليد، ومن أمراء البيت الأموي الذين

تولوا حملات الصوائف والشواتي لعدة سنوات أخو الخليفة عبد

الملك محمد بن مروان والذي له الأثر الجميل في مباشرة تحصين

وإنشاء حصن المصيصة وشحنه بالجند وبنائه لطرندة وتعزيزه

إياها بالعسكر، وابنه مسلمة بالإضافة إلى كبار القادة أمثال يحي

بن الحكم وعثمان بن الوليد وغيرهما


إن ما حدث في عهد عبد الملك من فتوحات هي امتداد طبيعي

للأسس المتينة والقواعد الراسخة لفقه النهوض الذي أسسه

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكمل بناؤه الخلفاء الراشدون،

وكانت الأمة وكثير من حكامها يعيشون لأجل العقيدة والدعوة

الإسلامية وقد انتصر المسلمون بالإسلام نفسه، فهم قد فهموه

فهماً صحيحاً دقيقاً وطبقوه على أنفسهم فأنشأ منهم خلقاً جديداً،

غير النفوس والقلوب والعقول، وحررها من الوثنية وعبادة غير

الله وفتح أمامهم آفاق الإيمان والعمل فاندفعوا يحملون رسالة

التوحيد إلى الإنسانية كلها فأقاموا أمة وأنشأوا دولة كبرى

وأعلنوا كلمة الله في الأرض حقاً وصدقاً، لقد صيغت هذه الأمة

منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم على أساس واضح من

الترابط بين الإسلام والإيمان، والعقيدة والعمل، وفق أصفى

مفهوم للتوحيد وأصدق فهم لإقامة المجتمع الإنساني واجتمع لها

في إيمانها: العقيدة والشريعة والأخلاق دون أن ينفصل أحدها

عن الآخر، وتكامل لها مفهوم المعرفة القائم على القلب والعقل،

وقد ظلت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بكل دقائقها

وتفاصيلها أمام المسلمين قدوة صادقة وأسوة حسنة وقد كانت

المثل الأعلى أمام القادة والمصلحين والأبطال والمجاهدين وما

زالت وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولقد

انتصر المسلمون بقيم ومقومات ومثل كثيرة تعلموها وتربوا

عليها من القرآن الكريم وهدي الرسول الأمين صلى الله عليه

وسلم ومن أبرز هذه القيم والمقومات عقيدة سليمة، عبادة

صحيحة، كتاب منير، أسوة حسنة، شريعة عادلة، أخلاق حميدة،

جهاد في سبيل الله، تربية صالحة مستمرة، مفهوم شامل للحياة

والمجتمع، بطولة في المواقف، وصمود في وجوه العدو وغير

ذلك من القيم والمقومات.



وصية عبد الملك لأولاده ووفاته


لما احتضر عبد الملك أمر بفتح الأبواب من قصره، فلما فتحت

سمع قصاراً ـ أي: غسالاً ـ بالوادي، فقال: ما هذا قالوا: قصار،

فقال: يا ليتني كنت قصاراً أعيش من عمل يدي،



1 ـ ولما حضره الموت جعل يندم ويندب ويضرب بيده على رأسه

ويقول: وددت لو أكتسب قوتي يوماً بيوم واشتغلت بعبادة ربي.

2 ـ وقيل له لما حضره الموت: كيف تجدك؟ قال: أجدني كما قال

الله تعالى: ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا

خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ))((الأنعام ، الآية : 94).

3 ـ وقيل إنه لما حضرته الوفاة دعا بنيه فوصاهم فقال: الحمد لله

الذي لا يسأل أحداً من خلقه صغير أو كبيراً ثم أنشد:


فهل من خالد إما هالكنا


وهل بالموت للباقين عار


وقيل: إنه قال: أرفعوني فرفعوه حتى شم الهواء وقال: يا دنيا ما

أطيبك؟ إن طويلك لقصير، وإن كثيرك لحقير، وإن كنا بك لفي

غرور، ثم تمثل بهذين البيتين:


إن تناقش يكن نقاشك يا رب


عذاباً لا طوق لي بالعذاب


أو تجاوز فأنت رب صفوح


عن مسيء ذنوبه كالتراب

وخطب عبد الملك يوماً خطبة بليغة، ثم قطعها وبكى بكاءً شديداً،

ثم قال: يا رب إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها،

اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي فبلغ ذلك القول زاهد العراق

الحسن البصري فبكى وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتب هذا

الكلام، وقال الشعبي: خطب عبد الملك، فقال: اللهمّ إن ذنوبي

عظام وهي صغار في جنب عفوك يا كريم، فأغفرها لي.

4 ـ جاء ابنه الوليد بباب المجلس وهو غاص بالنساء، فقال:


كيف أصبح أمير اامؤمنين؟ قيل له يُرجى له العافية وسمع عبد

الملك ذلك فقال:


وكم سائل عنا يريد لنا الرَّدى


وكم سائلات والدموع ذوارف


ثم أمر النساء، فخرجن وأذن لبني أمية فدخلوا عليه وفيهم خالد

وعبد الله ابنا يزيد بن معاوية فقال لهما: يا بني يزيد أتحبان أن

أقيلكما بيعة الوليد؟


... قالا معاذ الله يا أمير المؤمنين. قال: لو قلتما غير ذلك لأمرت

بقتلكما على حالتي هذه. ثم خرجوا عنه واشتد وجعه، فتمثل ببيت

أمية بن الصَّلت:


ليتني كنت قبل ما قد بدا لي


في قلال الجبال أرعى الوعولا

وصية عبد الملك لابنه الوليد عند موته تدل على حزمه


لما احتضر عبد الملك دخل ابنه الوليد فبكى، وقال له عبد الملك:

ما هذا؟ أتخن حنين الجارية والأمة، إذا مت فشمر واتزر، وألبس

جلد النمر وضع الأمور عند أقرانها واحذر قريشاً:

ما هذا؟ أتخن حنين الجارية والأمة، إذا مت فشمر واتزر، وألبس

جلد النمر وضع الأمور عند أقرانها واحذر قريشاً:

1 ـ يا وليد: أتقي الله فيما استخلفك فيه، واحفظ وصيتي.

2 ـ انظر إلى أخي معاوية فصل رحمه واحفظني فيه.

3 ـ وانظر إلى أخي محمد فأمره على الجزيرة ولا تعزله عنها.

4 ـ أنظر إلى ابن عمنا علي بن عباس، فإنه قد انقطع إلينا بمودته

ونصيحته وله نسب وحق فصله رحمه، واعرف حقه.

5 ـ وانظر إلى الحجّاج بن يوسف فاكرمه، فإنه هو الذي مهد لك

البلاد، وقهر الأعداء، وخلص لك الملك وشتت الخوارج.

6 ـ وأنهاك وإخوتك عن الفرقة، وكونوا أولاد أمٍ واحدة، وكونوا

في الحرب أحراراً، وللمعروف مناراً، فإن الحرب لم تدن منية قبل

وقتها، وإن المعروف يشيد ذكر صاحبه، ويميل القلوب بالمحبة،

ويذلل الألسنة بالذكر الجميل، ولله در القائل:


إن الأمور إذا اجتمعنا فرامها

بالكسر ذو حنقٍ وبطشٍ مفند


عزت فلم تكسر وإن هي بددت

فالكسر والتوهين للمتبدد

7 ـ ثم قال: إذا أنا مت فادعو الناس إلى بيعتك، ومن أبى فالسيف،

وعليك بالإحسان إلى أخواتك فاكرمهن، وأحبهن إليَّ فاطمة،

ثم قال: اللهم

أحفظني فيها، وكان قد تزوجها عمر بن عبد العزيز وهو ابن عمها.


وصيته لبنيه

... لما حضرت عبد الملك بن مروان الوفاة دعا بنيه، فأوصاهم

فقال:

1 ـ يا بني: أوصيكم بتقوى الله، فإنها أحصن كهف وأزين حلة

ليعطف الكبير منكم على الصغير، وليعرف الصغير منكم حق الكبير.

2 ـ وإياكم والاختلاف والفرقة، فإنها بها هلكة الأولون قبلكم،

وذل ذو العدد والكثرة.

3 ـ وانظروا مسلمة فاصدروا عن رأيه فإنه جنتكم الذي به

تستجنون، ونابكم الذي عنه تفترون.

4 ـ اكرموا الحجّاج، فإنه وطأ لكم المنابر وكونوا عند القتال

أحراراً وعند المعروف مناراً، وكونوا بني أم بررة، أحلولوا في

مرارة ولينلوا في شدة ثم رفع رأيه إلى الوليد فقال:

5 ـ يا وليد: لأعرفنكم إذا وضعتني في حفرتي تمسح عينيك

وتعصرهما فعل الأمة ولكن إذا وضعتني في حفرتي فشمر واتزر،

والبس جلد النمر، ثم أصعد المنبر فادعو الناس إلى البيعة، من

قال كذا فقل كذا.


وفاته ودفنه



... كان عبد الملك يقول: ولدت في رمضان، وفطمت في رمضان،

وختمت القرآن في رمضان، وأتتني الخلافة في رمضان، وأخشى

أن أموت في رمضان، فلما دخل شوال وأمن مات، مات بدمشق

سنة 86هـ يوم الجمعة وقيل الأربعاء وصلى عليه ابنه الوليد ولي

عهده من بعده وكان عمره يوم مات ستين سنة، وقيل ثلاث

وستين سنة وقيل ثمان وخمسين سنة، ودفن بين باب الجابية

وباب الصغير، وكان نقش خاتمه (آمنت بالله مخلصاً)، وانفرد

بالخلافة منذ مقتل ابن الزبير إلى وفاته، والصحيح أنه لما مات

كان عمره ستين سنة حيث ولد عام ستة وعشرين هجرية.

رحمك الله يا أبا الوليد وحدت البلاد وأمنت العباد وأقمت دولة

الاسلام خالصة للمسلمين.
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 2013-04-12, 10:26 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

العصر الذهبي

خلافة الوليد بن عبد الملك


هو أبو العباس الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي،

الدمشقي بويع بعهد من أبيه، وكان مترفاً نهمته في البناء، أنشأ

جامع بني أمية ووسع أيضاً مسجد رسول الله صلى الله عليه




وسلم وزخرفه ورزق في دولته سعادة، ففتح بوابة الأندلس،

وبلاد الترك،




منظر جوي للمسجد النبوي






وغزا الروم مرات في دولة أبيه، وحج وقيل كان يختم في كل

ثلاث، وختم في رمضان سبعة عشرة ختمة، وكان يقول: لولا أن

الله ذكر قوم لوط ما شعرت أن أحداً يفعل ذلك. وكان فيه عسف

وجبروت. وقيام بأمر الخلافة، وقد فرض للفقهاء والأيتام

والزّمنى والضعفاء وضبط الأمور.

كان الوليد بن عبد الملك من اشهر خلفاء بني أمية وهو أكثرهم

عناية بالبناء والعمران حتى لقب مهندس بني أمية، وأراد الوليد

أن يبني المسجد النبوي ويشيده بما يليق به وبعظمة الخلافة في

عهده، فصمم على تنفيذ ذلك المشروع وهو توسعة المسجد

النبوي،

وقد كتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز أن يحفر الفوارة

بالمدينة، وأن يجري مائها ففعل، وأمره أن يحفر الآبار وأن

يسهل الطرق والثنايا، وساق إلى الفوارة الماء من ظاهر المدينة،

والفوارة بنيت في ظاهر المسجد عند بقعة رآها فأعجبته.


بناء المسجد الأموي





... قال ابن كثير في حوادث عام 96هـ: فيها تكامل بناء الجامع

الأموي بدمشق على يد بانيه أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك

بن مروان، جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء وكان أصل موضع

هذا الجامع قديماً معبداً بنته اليونان الكلدانيون الذين كانوا



يعمرون دمشق، وهم الذين وضعوها وعمروها أولاً... ثم ـ إن

النصارى حولوا بناء هذا المعبد الذي هو بدمشق معظماً عند

اليونان، فجعلوه كنيسة واستمر النصارى على دينهم هذا بدمشق






وغيرها نحو ثلاثمائة سنة حتى ـ جاء الإسلام ـ وعندما صارت

الخلافة إلى الوليد عزم على تحويلها إلى مسجد، بعد أن تفاوض

مع النصارى وقام بترضيتهم مقابل عروض مغرية. ثم أمر الوليد

باحضار آلات الهدم واجتمع إليه الأمراء والكبراء من رؤساء







الناس وجاء إليه أساقفة النصارى وقساوستهم، فقالوا: يا أمير

المؤمنين، إن نجد في كتبنا أن من يهدم هذه الكنيسة يجن. فقال:

أنا أحب أن أجن في الله عز وجل والله لا يهدم فيها أحد شيئاً

قبلي، ثم صعد المنارة ثم إلى أعلى مكان من الكنيسة وضرب بها

في أعلى حجر فألقاه، فتبادر الأمراء إلى الهدم، فهدم الوليد

والأمراء جميع ما جدده النصارى في تربيع هذا المكان من

المذابح والأبنية.. ثم شرع في بنائه وقد استعمل الوليد في بناء

هذا المسجد خلقاً كثير من الصناع والمهندسين والفعلة، وكان

المستحث على عمارته أخوه، وولي عهده من بعده سليمان بن

عبد الملك، وقد أنفق في مسجد دمشق أربعمائة صندوق في كل

صندوق أربعة عشر ألف دينار وفي رواية: في كل صندوق ثمانية

وعشرون ألف دينار. قلت فعلى الأول يكون ذلك خمسة آلاف

وألف دينار وستمائة ألف دينار، وعلى الثاني يكون المصروف

في عمارة الجامع الأموي أحد عشر ألف ألف دينار، ومائتي ألف

دينار،وقد نقل إلى الوليد بأن الناس يقولون أنفق الوليد أموال

بيت المال في غير حقها فنودي في الناس: الصلاة جامعة،

فاجتمع الناس، فصعد الوليد المنبر وقال: إنه بلغني عنكم إنكم

قلتم: أنفق الوليد بيوت الأموال في غير حقها. ثم قال: يا عمر بن

مهاجر، قم فاحضر أموال بيت المال، فحملت على البغال إلى

الجامع وبسطت الأنطاع تحت القبة ثم أفرغ عليها المال ذهباً

صبيباً وفضة خالصة حتى صارت كوماً حتى كان الرجل لا يرى

الرجل من الجانب الآخر وهذا شيء كثير، فوزنت الأموال، فإذا

هي تكفي الناس ثلاث سنين مستقبلة، وفي رواية: ستة عشرة

سنة مستقبلة ولو لم يدخل للناس شيء بالكلية ـ ففرح الناس

وكبروا وحمدوا الله عز وجل على ذلك، ثم قال الوليد: يا أهل

دمشق إنكم تفخرون على الناس بأربع: بهوائكم ومائكم،

وفاكهتكم، وحماماتكم، فأحببت أن أزيدكم خامسة وهي هذا

الجامع فاحمدوا الله تعالى. وانصرفوا شاكرين داعين. وقد كان





الجامع الأموي لما كمل بناؤه لم يكن على وجه الأرض بناء

أحسن منه، ولا أبهى ولا أجل منه، بحيث أنه إذا نظر الناظر إليه،



أو إلى أي جهة منه، أو إلى أي بقعة أو مكان منه، تحير فيما

ينظر إليه لحسنه جميعه، ولا يمل ناظره، بل كلما أدمن النظر،

بانت له أعجوبة ليست كالأخرى.
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 2013-04-12, 10:28 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

المستشفيات في عهد الوليد


... كان الخليفة الوليد بن عبد الملك أول من أسس مستشفى

خاصاً بالمجذومين وذلك سنة 88هـ، وجعل فيه أطباء مهرة،

وأجرى عليهم الأرزاق، وأمر بعزلهم عن الأصحاء كي لا تنتقل

العدوى من المصابين إلى الأصحاء، وهذا ما يعرف في التاريخ

بدور المجذومين. يقول الأستاذ الدكتور أحمد شوكت الشطي:..

أول مؤسسة عرفت هي مجذمة الوليد بن عبد الملك في دمشق

سنة 88هـ، ثم تعددت الملاجئ بعد ذلك في مختلف البلاد العربية

لبذل العناية الإنسانية لهؤلاء التعساء، وتعد المجاذم العربية أول

دور عولج فيها المصابون بالجذام معالجة فنية، ويقول أحمد

عيس بكر: قال الشيخ أبو العباس أحمد القلقشندي، إن أول من

اتخذ البيمارستان بالشام للمرضى الوليد بن عبد الملك وهو

سادس خلفاء بني أمية.. وقال رشيد الدين بن الوطواط: أول من

عمل البيمارستان وأجرى الصدقات على الزَمْنَى والمجذومين

والعميان والمساكين واستخدم لهم الخدام الوليد بن عبدالملك.

وقال تقي الدين المقريزي: أول من بنى البيمارستان في الإسلام

ودار المرضى الوليد بن عبد الملك وهو أيضاً أول من عمل دار

الضيافة وذلك سنة 88هـ وجعل في البيمارستان أطباء،

وأجرىلهم الأرزاق وأمر بحبس المجذومين لئلا يخرجوا وأجرى

عليهم وعلى العميان الأرزاق، ولم يصل إلينا إي علم أو إشارة


عن المكان الذي أنشأ فيه الوليد البيمارستان.


كفالة الدولة للمحتاجين وتطوير الطرق

... كان الوليد يخصص الأرزاق للفقهاء والضعفاء والفقراء

ويحرم عليهم سؤال الناس، ويفرض لهم ما يكفيهم كما فرض

على العميان والمجذومين، فقد أعطى المجذومين وقال: لا تسألوا

الناس وأعطى كل مقعد خادماً وكل ضرير قائداً وفتح في ولايته

فتوح عظام، وقد اهتم الوليد بتعبيد الطرق وبخاصة تلك التي









قصر الخزانة الي الشرق من عمان علي طريق الحجاج

تؤدي إلى الحجاز لتيسير سفر الحُجاج إلى بيت الله الحرام، فكتب

إلى عمر بن عبد العزيز في تسهيل الثنايا وحفر الآبار وعمل

الفوارة في المدينة وأمر لها بقوام يقومون عليها وأن يسقى منها

أهل المساجد.


ديوان المستغلات

يعتبر عهد الوليد امتداد لأبيه في النظام السياسي والاقتصادي

والإداري وغيرها ويبدو أن ديوان المستغلات ظهر ذكره في عهد

الوليد، وكان هذا الديوان ينظر في إدارة أموال الدولة غير

المنقولة من أبنية وعمارات وحوانيت ولأول مرة ترد إشارة

ديوان المستغلات في عهد الوليد حيث ذكر أن نفيع بن ذؤيب تقلد

للوليد بن عبد الملك ديوان المستغلات، وأن اسمه مكتوب على



خريطة طرق دمشق القديمة

لوح في سوق السراجين بدمشق. وهذا يدل على: أن الديوان كان

قائماً في خلافة الوليد، ولعله أحدث قبل هذا الوقت، وأن وجود

اسمه على لوح في سوق دمشق له دلالته على وجود أملاك عائدة

إلى الدولة، وإن نفيع كان يشرف على جباية وارداتها.


الوليد والقرآن الكريم


أخذ الخلفاء الأمويون والأمراء أنفسهم بتلاوة القرآن وختمه من

وقت لآخر وقد شب الوليد على حب القرآن الكريم والاكثار من

تلاوته وحث الناس على حفظه وإجازتهم على ذلك، حدث إبراهيم

بن أبي عبلة قال: قال لي: الوليد بن عبد الملك يوماً في كم تختم

القرآن؟ قالت: كذا وكذا، فقال: أمير المؤمنين على شغله يختمه

في ثلاث ـ وقيل في سبع ـ قال: وكان يقرأ في شهر رمضان سبعة

شعرة ختمة، قال إبراهيم: رحم الله الوليد، وأين مثله؟ بنى مسجد

دمشق، وكان يعطيني قطع الفضة، فأقسمها على قرّاء بيت

المقدس، ورى الطبري أن رجلاً من بني مخزوم سأل الوليد قضاء

دين عليه. فقال: نعم إن كنت مستحقاً لذلك، قال: يا أمير

المؤمنين، وكيف لا أكون مستحقاً لذلك مع قرابتي؟ قال: أقرأت

القرآن؟ قال: لا، قال: أدن مني فدنا منه، فنزع عمامته بقضيب

كان في يده وقرعه قرعات بالقضيب، وقال للرجل: ضم إليك هذا

فلا يفارقك حتى يقرأ القرآن، فقام إليه عثمان بن يزيد بن خالد...

فقال يا أمير المؤمنين إن علي ديناً، فقال: أقرأت القرآن قال: نعم،

فاستقرأه عشر آيات من الأنفال، وعشر آيات من براءة، فقرأ،

فقال: نعم نقض عنكم، ونصل أرحامكم على هذا. وقال عنه ابن

كثير: .. فقد كان صيناً في نفسه حازماً في رأيه يقال: إنه لا تعرف

له صبوة


المراسلات بين الوليد وملك الروم


كانت هناك مراسلات بين الوليد وبين ملك الروم ولاسيما حينما

هدم الوليد كنيسة دمشق، فكتب إليه ملك الروم: إنك هدمت

الكنيسة التي رأى أبوك تركها، فإن كان صواباً فقد أخطأت، وإن

كان خطأ فما عذرك؟. فكتب إليه الوليد: ((وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ

يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ

* فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)) (الأنبياء ، الآيتان :

78 ـ 79). وحين قرر الوليد بن عبد الملك فتح القسطنطينية

وأعد العدة لذلك أرسل قيصر الروم سفيراً يدعى دانيا حاكم مدينة

سينوب إلى دمشق للتداول مع الخليفة حول إمكانية عقد هدنة

بين الطرفين وزوده بتعليمات سرية ترمي إلى الوقوف على مدى

استعدادات المسلمين لحصارالقسطنطينية، وعند رجوعه اطلعهم

على استعداد العرب للحملة وحث الروم على اتخاذ التدابير الكفيلة

لمواجهة الموقف، وهذا يدل على أن الروم كانوا يتخذون من

السفراء والوفد وسيلة لجمع المعلومات في الدولة الإسلامية

واستعداداتهم إتجاه الروم والتجسس على الدولةالإسلامية

مستغلين كونهم رسلاً بين الدولتين مستفيدين من طبيعة المهمة

السلمية التي يقومون بها وكانت هناك مراسلات وتبادل هدايا بين

الخليفة الوليد بن عبد الملك وبين ملوك الروم حين أراد بناء

الجامع الأموي، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما أهداه الوليد إلى

ملك الروم من كميات الفلفل قدرت قيمتها بعشرين ألف دينار،

وهناك روايات كثيرة تشير إلى التعامل السلمي وتبادل الخبرات

كان موجود بين الوليد وقيصر الروم، فقد أراد الوليد الاستفادة

من خبرات الروم في صناعة الفسيفساء والبناء والعمران،

وكانت هناك مراسلات متعلقة بالأسرى والرهائن بين الطرفين،

فقد كانت من المسائل المهمة جداًَ وكانت المفاوضات بشأنها

تجري أما في دمشق أو في القسطنطينية، وليس في مدن محلية

صغيرة.
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 2013-04-12, 10:29 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

عصر الفتوحات

عصر القادة العظام

مسلمة وموسي بن نصير وطارق بن زياد وقتيبة بن مسلم

ومحمد بن القاسم الثقفي



كان في أواخر عهد عبد الملك رحمه الله وبداية عهد الوليد

كان هذا العصر هو عصر الفتوحات والبطولات التي خاضها

المسلمون في كل الاتجاهات وبلغت الدولة الاموية في ذالك

الوقت اقصي اتساع لها من الصين شرقا الي ألا ندلس غربا




بفضل قادتها الذين بذلو ا كل مالديهم من أجل اعلاء كلمة الله


فكان حقا علي الله ان ينصرهم ويفتح الدنيا امامهم .

وسيأتي ذكر هؤلاء الابطال وما فعلوه في فتوحاتهم بفضل الله

حتي بلغت الدولة حدودا بعيد ة من الدنيا وخافها الشرق والغرب

وتحققت كلمة الله


((قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ))

وقاتل المسلمون في شتي انحاء الارض حتي اعطي الكفار الجزية عن يد وهم

صاغرون.
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 2013-04-12, 10:31 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

فتح الأندلس وجهود طارق بن زياد


... كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الايبيريَّة (أسبانيا

والبرتغال) أمراً طبيعياً حسب الخطة التي اتبعها المسلمون أثناء

فتوحاتهم، وهي تأمين حدودهم ونشر دعوتهم وذلك بالمضي في

جهادهم إلى ما وراء تلك الحدود، لنشر العقيدة الإسلامية التي

تقتضي أن يستمر المدُّ الإسلامي ما دامت فيه القوة على

الاستمرار، وبعد أن أرسى موسى بن نصير، ومن معه، كلمة

الإسلام بجهودهم في المغرب الكبير، كانت الخطوة التالية

الطبيعية هي فتح الأندلس وقد عمل موسى على إكمال جهود من

سبقه من الجند الدعاة ـ قادة وجيشاً ـ في ترسيخ قدم الإسلام في

الشمال الإفريقي، فقد عمل على تثبيت الإسلام في قلوب الناس

ونشط في تعليمهم وتربيتهم على مبادئ الدين الحنيف، وآتت

جهوده الدعوية ثمارها الزكية فقد أصبح البربر في تلك الديار من

أخلص الناس للإسلام والدعوة إليه والجهاد في سبيل نشر

تعاليمه، ولقد كانت أكثرية جيش طارق إلى الجزيرة الايبيريَّة من





المسلمين البربر، الذين تحمسوا لدعوة الإسلام، حباً لها وتضحية

من أجلها، لا طمعاً في مغنم أو حرصاً على جاه، فهذا هو هدف

جميع الفتوحات الإسلامية التي يكفي الاطَّلاع عليها ومعرفة

طبيعتها لرفض الإدعاءات وإسقاط المفتريات المزوّرة، التي

تشير ـ تلميحاً أو تصريحاً ـ إلى إعتبار الغنائم سبب هذا الفتح،

وهو أمر عاري من الحجج والبراهين والأدلة، وإنما هي أوهام لا

تحمل أي رائحة من الطابع العلمي أو السند التاريخي.


فكرة الفتح

: يمكن القول بأن فكرة فتح الجزيرة الايبيريَّة هي فكرة إسلامية

تماماً. بل يُروى بأنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد

عثمان بن عفان، فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في إجتياز

المضيق إلى أسبانيا لو استطاع وسبق للمسلمين نشاط على

شواطئ أسبانيا الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي



مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة، يذكر الذهبي أنه في سنة 89هـ:

جهز موسى بن نصير ولده عبد الله، فافتتح جزيرتي مَيورْقة

ومَنورقة، أما الإتصال بيُليان حاكم مدينة سبتة أو بغيره من

الأسبان فإنها جاءت مواتية على ما يبدو وفي الوقت الذي كان

موسى بن نصير يفكر في تنفيذ فكرة الفتح ولكن كيف تم الاتصال





بالجانب الأسباني ((يُليْان وأنصار الملك المخلوع وغيرهم،؟

اختلفت الأقوال فيما إذا تم الأمر بالمراسلة أو باللقاء الشخصي

وأين؟ إذا كان هذا الاتصال أصلاً قد تمّ وبهذا المستوى على كل

حال فإن اتصالات الجانب الأسباني بموسى ومساعداتهم ـ أثناء

عمليات الفتح ـ ربما كانت عاملاً مساعداً سهّل سير الفتح أو

عجّل به. لكن المبادأة ومردّ العمليات وإنجازها كانت من الجانب

الإسلامي الذي اندفع مع الفتح بقوة فائقة معتمداً على الله في

تحقيق ما يصبوا إليه من هداية الناس وقد استشار موسى الوليد

بن عبد الملك (86 ـ 96هـ) قبل اتصالاته بليُليان، أو اتصال هذا

الأخير بموسى. وقد ترددت الخلافة ـ بادي الأمر ـ بالقيام بمثل هذا

العمل الكبير، خوفاً على المسلمين من المخاطرة في مفاوز أو

إيقاعهم في مهالك، ولكن موسى أقنع الخليفة بالأمر، ثم تمّ

الاتفاق على أن يَسبق الفتح اختبار المكان بالسرايا أو الحملات

الاستطلاعية.

الحملة الاستطلاعية ، أو حملة طريف


... نفذ موسى أوامر الوليد بأن جهز حملة استطلاعية مؤلفة من

خمسمائة جندي منهم مائة فارس بقيادة طريف بن مالك الملقب

بأبي زُرعة وهو مسلم من البربر وجاز هذا الجيش الزُّقاق ـ اسم

يطلق أحياناً على المضيق ـ من سبتة بسفن يُليْان أو غيره، ونزل

قرب أو في جزيرة بالوما في الجانب الأسباني وعرفت هذه

الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف، وكان إبحار هذه

الحملة من سبتة في رمضان عام 91هـ )تموز 710م) وقد جال

طريف في المدينة والنواحي المحيطة بها واستطلع أخبار العدو

في تلك الجهات، وعادت حملة طريف بالأخبار المطمئنة

والمشجعة على الاستمرار في عملية الفتح،، فقد درس أحوال

المنطقة وتعرّف على مواقعها وأرسل جماعات إلى عدة أماكن ـ

منها جبل طارق ـ لهذا الغرض فكانت هذه المعلومات عوناً في

وضع خُطة الفتح ونزول طارق بجيشه على الجبل.

... لما رأى موسى بن نصير ما حققته حملة طريف، وصحّ عنده

ما نقل إليه من أحوال الأندلس، بعث طارق بن زياد في سبعة

آلاف من المسلمين أكثرهم من البربر والموالي وأقلهم من العرب

ولما احتاج طارق إلى أعداد في فترة تالية أمدّه موسى بخمسة

آلاف فتمّ جيش طارق من السفن لنقل الجنود إلى بر الأندلس وقد

حرص القائمون على الحملة لاستكمال عملية نزول الجند أن

يُعموُا أخبار الحملة على الناس، لذلك أحضر يوليان السفن إلى

سبتة ليلاً وأخذت تنقل الجنود تباعاً، ويبدو أن عملية إبحار الجند

اقتضت أكثر من ليلة، فقيل أن الجند الذين نزلوا بر الأندلس كانوا

يكمنون في النهار حتى لا يشعر بهم أحد، وكانت السفن تختلف

بين سبتة والأندلس وأهل الأندلس لا يظنون إلا أنها تختلف بمثل

ما كانت السفن تختلف به من المنافع والمتاجر، ولما علم أهل

الأندلس بالحملة كانت عملية الإبحار قد تمت بسلام في رجب من

عام اثنين وتسعين للهجرة، ونزل طارق، بالجند عند جبل كالبي،

وهو الجبل الذي أخذ اسم طارق وصار يعرف بجبل طارق، وقيل

لما ملك رئيس الموحدين عبد المؤمن الأندلس وعبر جبل طارق

أمر ببناء مدينة على الجبل وسماه جبل الفتح ولكن الاسم لم يثبت

له وظل اسم جبل طارق جارياً على الألسنة، وسار طارق

بالجيش نحو الجزيرة الخضراء ففتحها، وكان لذريق في شمال

الأندلس مشغولاً في محاربة البشكنس، وقيل في محاربة

الفرنسيين، فأرسل خليفته تدمير يُعْلِمُه بالهجوم الإسلامي، فعاد





لذريق مسرعاً لصده، وفي طريقه لقتال المسلمين عرّج على

العاصمة طليطلة دون أن يدخلها وصالح أسرة غيطشة ودعاهم

والقوط المخالفين له إلى الانضمام إليه في حرب العدو المشترك

فساروا معه، وقيل أن لذريق عهد بقيادة ميمنة جيشه وميسرته

إلى ابني غيطشة، وعلم طارق بالحشود التي حشدها لذريق

لمجابهته فكتب إلى موسى ينبئه بضخامتها ويطلب منه مدداً،

فأمدّه موسى بخمسة آلاف مقاتل، ويصف المقري، نقلاً عن بعض




المؤرخين جند طارق لقد أقبلوا وعليهم ((الزرد)) وفوق رؤوسهم

((العمائم البيض)) وبأيديهم ((القسي *********) وقد تقلدوا

السيوف وحملوا الرماح فلما رآهم لذريق دخله منهم الرعب،

وذكر ابن الأثير: أن طارقاً لما ركب البحر غلبته عينه فرأى النبي

صلى الله عليه وسلم ـ في نومه ـ ومعه المهاجرون والأنصار قد

تقلّدوا السيوف وتنكّبوا القسّي، فقال له النبي صلى الله عليه

وسلم: يا طارق تقدم لشأنك، وأمره بالرفق بالمسلمين، والوفاء

بالعهد، فنظر طارق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه

قد دخلوا الأندلس أمامه، فاستيقظ من نومه مستبشراً وبشر

أصحابه وقويت نفسه ولم يشك في الظفر.


معركة وادي لكّة أو العبور إلى الأندلس


... لم يعد بين طارق وخصمه لذريق سوى عاملي الزمن،

والأرض وأصبح من الواضح أن طارقاً أكثر حرية من خصمة بعد



سقوط ولاية ((الجزيرة الخضراء)) بيده وهزيمة قائد القوط

((بنج)) وهلاك فرقته بكاملها على يدي جيش طارق، وأصبح

قادراً على اختيار المكان المناسب للقتال، فقد كان اختيار ميدان

القتال من قبله من أهم عناصر نجاحه في هذه المعركة، إذ كان قد

أسند ميمنة جيشه إلى بحيرة خاندا شرقاً، الممتدة عدة كيلومترات

والتي يصب فيها نهر البرباط الذي بمر بوادي البرباط وأسند

ميسرته إلى الوادي المذكور غرباً، كما اسند مؤخرة هذا الجيش

إلى جبال ((رتينا)) العالية جنوباً، منتظراً أن يأتيه العدو من

الشمال بعد أن وضعه في موضع الاضطرار لا الاختيار، وما أن

استكمل لذريق عدة الجيش وعديدة حتى تحرك جنوباً لمواجهة

طارق وجيشه في المكان الذي اختاره هذا الأخير، فوصله في



الأيام الأخيرة من شهر رمضان عام 92هـ وعسكر بجيشه على

الجهة الشمالية للوادي، والتقى الجيشان على نهر لكة من أعمال

شذونة لليلتين بقيتا من رمضان سنة 92هـ واتصلت الحرب بين

الجانبين ثمانية أيام استشهد فيها ثلاثة آلاف من المسلمين ولكن

الهزيمة دارت على لذريق وجيشه، وقيل أن لذريق غرق وقتل

كثير من جيشه، ومما يروي عن ابناء غيطشة أنهم خذلوا لذريق

وتركوهم وأنصارهم مواقفهم أمام المسلمين ظناً منهم أن





المسلمين إذا امتلأت أيديهم من الغنائم عادوا إلى بلادهم فبقي

الملك لهم، ولعل خذلان آل غيطشة وأنصارهم لذريق كان بدافع

الانتقام منه، ولا شك أن هذا الفتح مثل غيره يعود إلى قوة

المسلمين بتمكن العقيدة وتغلغل معانيها في نفوسهم وحرصهم

على الشهادة في سبيلها.


... وبعد هذا النصر العظيم تعقب طارق فلول الجيش القوطي التي

لاذت بالفرار. وسار الجيش الإسلامي فاتحاً لبقية مناطق الجزيرة

الإيبيريّة.


الدروس المستخلصة من معركة وادي لكّة

أ ـ أسلوب ((الحذر واليقظة)) تجاه الحلفاء: لم يكتف موسى بن

نصير بقول يليان ووعده بالعون والمساعدة في فتح الأندلس بل

كلفه مهمة استطلاعية في تلك البلاد ليختبر صدقه ووفاءه بعهده،

وقد كان يليان صادقاً بما قال ووفياً لما تعهد به، كما كان موسى

حذراً ويقظاً ونبهاً.

ب ـ أسلوب الاستطلاع قبل الانزال: أراد موسى أن يستطلع البيئة

التي سوف يقتحمها والعدو الذي سوف يقاتله والبقعة التي سوف

يتم النزول فيها، وذلك قبل أن يدفع بجيشه في مغامرة مجهولة

النتائج، فأرسل حملة استطلاعية بقيادة طريف بن مالك وما أن

عادت تلك الحملة بالمعلومات الوافية عن البيئة والعدو وبقعة

النزول حتى اطمأن إلى سلامة قراره فكتب إلى الخليفة يستأذنه بالفتح

ج ـ الأسلوب المتكرر في الاختبار والحيطة: رغم ما سبق من

اختبار سواء بواسطة الحملة التي قام بها يليان أو حملة طريف،

فقد أبى الخليفة إلا أن يكرر الاختبار فقال لموسى: خضها

بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر

شديد الأهوال. ولما لفت موسى نظر الخليفة إلى سهولة عملية

الإبحار والإنزال أصر الخليفة قائلاً: وإن كان، فلابد من اختباره

بالسرايا قبل اقتحامه. وذلك يدل على مدى حرص الخليفة على

التأكد من نجاح العملية وسلامتها وتأمين الفوز للمسلمين بدل أن

يغرر بهم في بحر شديد الأهوال. وهذا الأسلوب المتكرر في

الاختبار والحيطة قبل الإنزال والاقتحام سهّل عملية الفتح إلى حد

كبير وأعان المسلمين في مواجهتهم الحاسمة للعدو، إذ أمّن لهم

عملية (( المباغتة)) لعدو لم يكن ينتظر مثل هذه المفاجأة أبداً.

خ ـ أسلوب المباغتة: إن الأسلوب الذي اتبعه طارق في إيصال

المسلمين إلى ساحل الأندلسي منفذاً تعليمات الخليفة، كان أسلوباً



بارعاً إلى حد كبير، فهو لم يبحر بالمسلمين دفعة واحدة بل أبحر

بهم على دفعات متتالية وفي مراكب تجارية، وما أن التأم شمل

المسلمين في تلك البلاد، حتى فوجئوا بالهزيمة الساحقة التي

لحقت بهم على يد هؤلاء المسلمين ومقتل أحد أهم قادتهم

((بنج)) ابن أخت مليكهم لذريق، فانتزع المسلمون، بهذه

المباغتة وهذا الانتصار، المبادرة من يد أعدائهم وأسقط في يد

القوط، وأصبحت هزيمتهم على يد المسلمين قدراً محتوماً.

س ـ تنفيذ أسلوب (( رأس الجسر)): نفذ طارق، فور وصول

جيشه إلى الساحل الأندلسي، أسلوب (( رأس الجسر)) وهو

أسلوب يعمل به في الحروب الحديثة، فأقام على الساحل قاعدة

حصينة سوّرها وحماها وانطلق منها في فتوحاته، تماماً كما

يفعل أي جيش في أيامنا هذه.

ش ـ اختيار ميدان القتال: لقد أحسن طارق اختيار ميدان القتال

وفرض على العدو أن يجابهه من جهة واحدة هي جبهة الشمال،

ووضعه في موضع الاضطرار الاختيار.

ص ـ المبادرة بالقتال: كان طارق في هذه المعركة هو البادئ

بالقتال بل بادر إلى اجتياز النهر لملاقاة عدوه، فناوشه ثلاثة أيام

ثم شن عليه بعد ذلك هجوماً عاماً انتهى بهزيمته.

ر ـ صدق المسلمين ووفاؤهم بالعهود: كان المسلمون صادقين

ووفوا بعهودهم تجاه يليان وأبناء غيطشة فأعادوا لهؤلاء ضياع

أبيهم واحترموا تعهداتهم ليليان وأنصاره، وكانت نتيجة ذلك أن

أعتقت سلالة كل من يليان وأبناء غيطشة الإسلام، فكان فيها من

حسن إسلامه مثل أيوب ( توفي سنة226 هـ) وسليمان( توفي

سنة 379 هـ) وأحمد(( توفي سنة 388 هـ)) من سلالة يليان،

ومثل أبي بكر محمد بن عمر المعروف بابن القوطية صاحب

كتاب تاريخ افتتاح الأندلس وهو من سلالة سارة بنت المنذر بن

غيطشة آخر ملوك القوط.

ك ـ استثمار النصر: طبق طارق بالبداهة، مبدأ من أهم المبادئ

العسكرية الحديثة وهو استثمار النصر، إذ أنه ما أن هزم لذريق

في وادي لكّة حتى لاحق فلول جيشه دون أن يترك لهذا الجيش

مجالاً للتجمع وإعادة التنظيم من جديد، وكان طارق قد وضع

لنفسه هدفاً أساسياً هو احتلال طليطلة عاصمة العدو، إذ أنه

يعرف ولا شك، أنه باحتلاله لعاصمة المملكة، تفقد هذه المملكة

مركزيّتها، ويفقد الملك قاعدة ملكه وحكمه، ولكن طارقاً مع ذلك،

لم ينس أن يرسل جيشه في حملات إلى مختلف أنحاء البلاد لكي

يحتل المواقع الاستراتيجية فيها فيفقد القوط كل أمل بمتابعة

القتال والنصر، فأرسل إحداها إلى داخل البلاد شمالاً نحو قرطبة،

وكانت قصبة هامة في الأندلس، وأرسل أخرى شرقاً، على

الساحل الجنوبي للبلاد، نحو ملقة، وأرسل ثالثة إلى داخل البلاد

شمالاً بشرق، نحو غرناطة وكانت تشكل موقعاً استراتيجياً هاماً

في البلاد، ثم توجه بنفسه شمالاً إلى العاصمة طليطلة واستولى

عليها، فظل الحكم القوطي، من جراء ذلك، شديداً طريداً في أنحاء

الأندلس إلى أن سقط.




الخطبة المنسوبة إلى طارق وحرق السفن


يعتقد كثير من المؤرخين أن طارقاً أحرق سفنه، بعد أن أنزل

جيشه على الساحل الأندلسي، ثم خطب بجنده الخطبة الشهيرة،

أيها الناس، أين المفر البحر ورائكم، والعدو أمامك وليس لكم

والله إلا الصدق والصبر...، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع

من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته

وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا

ما تستخلصونه من أيدي عدوِّكم وإن امتدت بكم الأيام على

افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من

رُعْبها... وجاء في الخطبة:,, وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة

من الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات بالدّر والمرجان

والحُلل المنسوجة بالعقبان، المقصورات في قصور الملوك ذوي

التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من

الأبطال عُربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً،

ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمُجالدة الأبطال

والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله إلى إعلاء كلمته،.. الخ

الخطبة، وبالإمكان إيراد الملاحظات التالية حول الخطبة:


أ ـ لم تكن الخطبة وما فيها من السجع من أسلوب ذلك العصر

القرن الأول الهجري، وغير متوقع لقائد جيش أن يعتني بهذا

النوع من الصياغة.


ب ـ إن المعاني التي تناولتها الخطبة لا تتلاءم وروح الإسلام

العالية، التي توفرت لدى الفاتحين، ومقدار حبهم للإسلام وإعلاء

كلمته، ورغبتهم في الاستشهاد من أجل ذلك،، فهي لا تشيد

بدوافع الفتح وأهدافه ـ وهي معروفة مألوفة ـ التي أنبتتها ورعتها

العقيدة الإسلامية، عاملة على ابتغاء مرضات الله تعالى وحده،

لتعلو راية الإسلام وتسود شريعته ويكون الدين كله لله،

((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (الأنفال ، الآية : 39).


ت ـ يلاحظ في الخطبة عديد من الأخطاء ويلاحظ فيها التناقض

في المعاني، وبعض ما فيها مخالف لحقائق تاريخية، كاستعمال

((اليونان)) التي ربما جاء ذكرها للسجع فالمؤرخون الأندلسيون

اعتادوا أن يستعملوا في هذه المناسبة القوط أو الروم، وكذلك

العلوج والعجم أو المشركين والكفار، وليس لدينا نص يحتوي

مثل هذا الاستعمال، غير أن ابن خلكان ـ وهو مشرقي ـ أورد هذا

الاستعمال في غير الخطبة ثم. ((وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك

أمير المؤمنين..)) فالذي انتخبهم موسى بن نصير وليس الوليد.

ج ـ كان المتوقع أن تحتوي الخطبة على آيات من القرآن الكريم

وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، أو وصايا وأحداث

ومعاني إسلامية أخرى تناسب المقام كالمعهود. وغير ذلك من الملاحظات.

... وكل ما تقدم لا يمنع أن يكون طارق جيد الكلام، وأنه خطب

جنده يحُّثهم على الجهاد، ويروي المَقَّري أبياتاً قالها طارقاً بهذه

المناسبة:
ركبنا سَفينا بالمجاز مُقَيَّرا

عسى أن يكون الله منا قد اشترى

نفوساً وأمولاً وأهلاً بجنَّة

إذا ما اشتهينا الشيء منها تيسَّرا

ولسنا نُبالي كيف سالت نفوسنا

إذا نحن أدركنا الذي كان أجْدراوقال ابن بشكوال: إن طارقاً كان

حسن الكلام ينظم ما يجوز كتبه. ووجهة هذه الأبيات تغاير وجهة

الخطبة، فهي منسجمة والمعاني الإسلامية ومستمدة من قوله

تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ

الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي

التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا

بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة ، الآية : 111) .

وأما موضوع حرق طارق للسفن التي عبر بها المضيق، كي

يقطع على الجيش الإسلامي كل أمل في العودة، فيستميت في

الدفاع؟ ذكر بعض المؤرخين ذلك؟

لكن لماذا يحرق طارق السفن، سواء امتلكها المسلمون أم يُلْيان؟

وكان طارق وجيشه يقاتلون من أجل عقيدة وإنهم في ساعة

عبورهم جاؤوا مجاهدين مستعدين للشهادة، وطارق متأكد من

هذه المعاني، فإذا كانت السفن ليُليان فليس من حق طارق

التصرف بها، وإن كانت للمسلمين فليس حرقها عملاً عسكرياً

سليماً أو مناسباً، ما دام يحتاج إليها وإلى النجدة والاتصال الدائم

بالمغرب لأي غرض، وقد رأينا كيف احتاج إلى النجدة قبل خوض

هذه المعركة واحتاجها فيما بعد، كما أن طارقاً كان قادراً على

إعادتها إلى الساحل الأفريقي إن الدوافع الإسلامية والهدف الذي

جاء الجيش من أجله أقوى في الاندفاع من أي سبب آخر، وما

كان المسلمون يتخلفون عن خوض معركة أو تقديم أنفسهم

لإعلاء كلمة الله، بل لذلك أتوا، والمصادر الأندلسية ـ لاسيما

الأولى ـ لا تشير إلى قصة حرق السفن التي لا تخلو من علاقة

وارتباط بقصة الخطبة.
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 2013-04-12, 10:33 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

عبور موسى بن نصير إلى الأندلس


... كان موسى بن نصير من التابعين ـ رحمهم الله تعالى ـ وقد

روى تميم الداري رضي الله عنه، وكان عالماً كريماً شجاعاً ورعاً

تقياً لله تعالى، وكان من رجال العلم حزماً ورأياً وهمّة ونبلاً

وشجاعة وإقداماً، وكان حين وجّه طارقاً لفتح الأندلس كان يتلقى

الأخبار ويراقب الأحداث، منذ بدايتها، ويُهيء المتطلبات لإنجاز

هذا الفتح الكبير، بهمة المؤمن وإخلاص التقي، ويدعو الله أن

ينزل نصره على المسلمين. وكان موسى بن نصير يعتقد اعتقاداً

كبيراً في أهمية الدعاء والتضرع لتحقيق النصر على الأعداء

ويعتبر الدعاء من أسباب النصر التي أرشد إليها القرآن الكريم

ومارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول ابن الكردبوس:

وكان موسى بن نصير حين أنفذ طارقاً مُكبَّاً على الدعاء والبكاء

والتضرع لله تعالى، والابتهال إليه في أن ينصر جيش المسلمين،

وما عُلم أنه هزم له جيش قط، وكان طارق بن زياد على صلة

بقائده موسى بن نصير، يفتح الفتوحات باسمه وبتعليماته،

ويخبره عن كل شيء أولاً بأول منذ بداية الفتح، ويستشيره فيما

يحتاج إليه وقد رأينا كيف طلب المدد قبل معركة وادي لكّة وكان

موسى على علم تام بأحوال الفتوح وبعد سنة تقريباً من عبور

طارق، وتفرق جيشه وتوزيعه على المناطق والمدن التي فتحت ـ

خاف طارق أن يُغلب وأن يُستغل القوط قلة جيشه، فأرسل إلى

موسى يستنجده واستخلف موسى على القيروان ولده عبد الله..

ونهض من القيروان سنة ثلاث وتسعين من الهجرة في عسكر

ضخم، وتحرك موسى بجيشه نحو شذونة فكانت أول فتوحاته ثم

توجه إلى مدينة قرمونة وليس بالأندلس أحصن منها، ولا أبعد

على من يرومها بحصار أو قتال فدخلها بحيلة توجهت بأصحاب

يُلْيان، دخلوا إليهم كأنهم فُلاّل

وطرقهم موسى بخيله ليلاً ففتحوا لهم الباب، وأوقعوا بالأحراس،

فملكت المدينة فافتتحها. وتوجه بعد ذلك: إلى أشبيلية جارتها



فحاصرها وهي أعظم مدائن الأندلس... فامتنعت شهراً على

موسى ثم فتحها الله عليه،.. ثم سار إلى مدينة ماردة وفتح في

طريقه إليها لَبْلَة وباجة ثم فتح ماردة صلحاً بعد قتال وجهاد

عظيم، وأقام موسى في ماردة زيادة على شهر يرتب أحوالها

وينظم أمورها ويريح الجند من العناء ويستعد لاستئناف السير،

ووجه موسى ابنه عبد العزيز من ماردة إلى أشبيلية، وكانت فلول

القوط من لبلة وباجة قد اجتمعت فيها وقتلوا العديد من

المسلمين، منتهزين فرصة انشغال موسى بحصار ماردة وبلغه

الخبر خلال الحصار، فأعاد عبد العزيز فتح أشبيلية ثم فتح لبلة

وباجة، وأصبحت المدن والقرى تتساقط أمام جيوش الفاتحين

كتساقط الأوراق من على الأشجار في فصل الخريف.




لقاء موسى وطارق

... في بداية ذي القعدة سنة 94هـ ابتدأ موسى بالسير صوب

طليطلة ـ وكتب إلى طارق بالتوجه إليه في مجموعة من جيشه ثم

جاءه طارق. ذكر البعض أن لقاءهما كان عند طليطلة أو قرطبة،

ورجح الدكتور الحجي العالم البارز في تاريخ الأندلس: بأن اللقاء

كان خارج مدينة طلبيرة التي تبعد 150كم غرب طليطلة، ووصل



موسى وطارق إلى طليطلة ذو القعدة ـ ذي الحجة أو آخر سنة 94

هـ وأقاما بالجيش الإسلامي فصل الشتاء أو جله في طليطلة

يرتبون أحولها وينظمون شئونها، ويستريحون ويتهيأون

ويخططون لفتح شمال شبه الجزيرة الأيبيريَّة، وكتب موسى

والقادة الآخرون إلى الخليفة الوليد ـ وربما ليس لأول مرة ـ أخبار

الفتح، وضربت العملة الإسلامية لأول مرة في الأندلس وقام

بالدعوة إلى الله وتعليم الناس حقائق الإسلام وشرحه لهم

ودعوتهم إليه بعد أن رآه أهل البلاد عملياً في خلق الفاتحين.

ولعلهم أرسلوا فرقاً إلى بعض المناطق، فقد كان طارق خبر

أحوال طليطلة لاسيما شمالها، إذ كان قد وصل إلى المدينة المائدة

(في منطقة وادي الحجارة).







... وأما ما تحدثت عنه المصادر عن قصة الخلاف الذي قيل إنه

حدث بين القائدين الكبيرين موسى وطارق، وتبالغ هذه المصادر

فترجع أمر هذا الخلاف إلى حسد دب في نفس موسى على مولاه

طارق وعلى ما حققه من نجاح، وتنسب إلى موسى أنه أهان

طارقاً بأن وضع السوط على رأسه، فهذه روايات ناقشها عدد من

الباحثين وأبانوا ضعفها وسقوطها وتفاهتها، كمحمود شيت

خطاب، وعبد الله عنان، ود. عبد الرحمن الحجي، ود. محمد

بطاينة، ود. عبد الشافي محمد عبد اللطيف، وغيرهم وإن كان

حدث شيء فلا يعدو أن يكون مناقشة القضايا أو استفهامه من

طارق خطته وإبداء الملاحظات عنها، تخوفاً من الأذى، وعندما

استفسر موسى من طارق عن سبب الايغال والتقحم في بلاد

العدو، اعتذر إليه طارق بخطته العسكرية أمام الظروف المحيطة

والضرورة الداعية لأسلوبه، وقبل موسى عذره. وسارا بعده ـ

سوية إخوة مجاهدين، ينشرون دين الله ويُعلون كلمته ويبلغون

للناس شريعته، كما لا ننسى أن طارق جندي من جنود موسى

والانتصارات التي حققها طارق إنجازات تكتب في صفحة موسى

القيادية.
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 2013-04-12, 10:34 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

استمرار التقدم والفتح


... وعند انتهاء الشتاء وحلول الربيع سنة 95هـ تهيأ الجيش

الإسلامي لترك طليطلة ثم أوغل شمالاً ففتح مدن لاردة ووشقة




وطركونة وبرشلونة، كما فتح بلنسية وطرطوشة على الساحل

الشرقي للأندلس وفي هذا الوقت وصل مغيت الرومي مبعُوثاً من

جانب الخليفة الوليد عبد الملك يحمل إلى موسى بن نصير أمر

الخليفة بالقدوم إلى دمشق، ولكن فتح الأندلس لم يكن قد اكتمل

بعد، لذلك لاطف موسى مغيثاً وسأله إنظاره إلى أن ينفذ عزمه في

دخول بلاد جليقية واشتوريس ويكمل فتح الأندلس ويكون مغيث

شريكه في الأجر والغنيمة ـ أي يصبح له سهماً في القيمة ـ ففعل




مغيث ومشى في ركاب موسى إلى جليقية والأشتوريس ففتحها

وتعقب موسى وطارق فلولا القوط حتى اضطرّ هؤلاء إلى الفرار

إلى جبال كنتبرية في أقصى الشمال الغربي من الأندلس، ولما

تأخرت أخبار موسى قلق الخليفة الوليد على مصير الجيش الذي

مضى على وجوده في البعوث ما يقارب أربع سنين، لذلك أرسل

الوليد رسولاً ثانياً، فوصل الرسول الأندلس وموسى في مدينة لَكْ

بحُليقية يُوجَّهُ السرايا والبعوث التي بلغت صخرة بلاك التي تقع




في الشمال الغربي على البحر الأخضر ـ خليج بسكاي ـ من

المحيط الأطلسي، فاستجاب موسى إلى الرسول وعاد إلى طليطلة

ثم غادرها إلى قرطبة ومنها إلى أشبيلية حيث استخلف فيها ولده

عبد العزيز والياً واتخذ منها عاصمة للبلاد، ولكن أشبيلية لم

تمكث طويلاً عاصمة للبلاد وإنما استعيض عنها بقرطبة منذ عام

97هـ وظلت قرطبة مركز الديار الأندلسية حتى نهاية عهد

الخلافة في الأندلس، ويبدو أن موسى اختار اشبيلية عاصمة في

هذه المرحلة من تاريخ الأندلس لوقوع اشبيلية في منطقة




اشبيلية

تتساوى عندها احتمالات الخطر والسلامة، وواجبات الحفاظ على

البلاد وحمايتها، فهي لم تخرج إلى الأطراف بعيداً عن الوسط،ولم

تقترب من خطوط المواجهة مع الأعداء بعيداً عن بلاد المغرب

وإمداداتها.


رجوع موسى إلى عاصمة الخلافة دمشق


... غادر ركب موسى وطارق بن زياد الأندلس في ذي الحجة عام

95هـ يحمل معه الأسرى والغنائم الوفيرة والهدايا الثمينة

وغيرها من الكنوز، فلما بلغ طنجة ترك ابنه عبد الملك فيها

حاكماً، ثم انصرف منها إلى القيروان فأقرّ ابنه عبدالله الذي كان




القيروان

قد استخلفه في أثناء غيابه في الأندلس، ثم سار من هناك يريد

دمشق فوصلها في عام 96هـ .


ومن الأسباب التي ذكرت في سبب استدعاء موسى إلى


دمشق تخوف الوليد على المسلمين أن يكونوا في أرض منقطعة،

ومحاطة بمناطق غير إسلامية وعلى اتصال بها، هي أقرب إليها

من العالم الإسلامي أو مراكز ارتباطه واستمداده وهو الذي رأيناه

عارض فتح الأندلس خوفاً على المسلمين أن يخوضوا المخاطر

ويركبوا المهالك حتى بين له موسى ألا داعي للخوف، ويرى

الكثير من المؤرخين أن موسى بن نصير لم يكن يعتزم التوقف

في فتوحاته عند هذا الحد وإنما كان يخطط لعبور جبال البرانس

واجتياح أوربا كلها والوصول إلى القسطنطينية وفتحها من جهة

الغرب لولا أن استدعاه الخليفة الوليد إلى دمشق وأمره بالتوقف



دمشق

بالفتح عند هذا الحد، ويؤكد المؤرخون أنه لو قد قدر لموسى بن

نصير أن يمضي قدماً في مشروعه هذا لتغير شكل النظام الدولي

تماماً ولقضى على القوى غير الإسلامية، ذلك أنهم باستقرائهم

النظام الدولي وقتئذ فإنهم يؤكدون أن احتمالات نجاح مشروعه

هذا كانت عالية جداً، إذا لم تكن الظروف مواتية لنجاحه مثلما

كانت مواتية وقتها، فمملكة الفرنجة كانت مشغولة وقتها

بصراعاتها مع الممالك الأخرى ولم يكن هناك كيان سياسي واحد

في أوربا كلها يعادل قوة الدولة الإسلامية أو حتى بدايتها، ويشير

هؤلاء المؤرخون إلى أنه لما قدر للمسلمين في هذه المنطقة قائد

كفء بعد عشرين عاماً من ضياع هذه الفرصة كانت الظروف

الدولية قد تغيرت لغير صالح المسلمين، فلما حاول هذا القائد

إحياء مشروع موسى بن نصير هزم هزيمة ضخمة تدخل في

تاريخ العلاقات الدولية بوصفها نقطة تحول وهي معركة بلاط

الشهداء، وقد تكرست الآثار السلبية لعدم استكمال موسى بن

نصير لمشروعه بفشل حصار المسلمين للقسطنطينية بعد ذلك

بسنوات قليلة وهو ما أغلق أوربا أمام المسلمين من الشرق بعد

أن كانت قد أُغلقت أمامهم من الغرب، ولقد فشل المحللون في

تفسير سبب استدعاء الخليفة الوليد لموسى بن نصير، فبعضهم

قائل إنه أشفق على المسلمين من مخاطر هذا المشروع البحري،

وبعضهم الآخر يؤكد أن الخليفة إنما خاف على سلطانه من

تصاعد نفوذ وقوة موسى بن نصير وسواء صحت هذه التفسيرات

أو أخطأت، فإن ما حدث بالفعل بعد استدعاء موسى بن نصير إلى

دمشق، هو تقويض هدف مصيري للأمة أضاعت فيه فرصة ثمينة

في فتح أوربا وجعلها تحت نفوذ الدولة الإسلامية.

وقد وصف الذهبي موسى بن نصر بقوله: الأمير الكبير، أبو عبد

الرحمن اللخمي، متولي إقليم المغرب، وفاتح الأندلس، قيل: كان

مولى امرأة من لخم، وقيل: ولاؤه لبني أمية. وكان مهيباً ذا

رأي وحزم، وكان من اصحاب الهمم الكبيرة فقد قال مرّة: والله لو

انقاد الناس لي، لقدتهم حتى أُوقعهم على رُومية ثم ليفتحنها


الله على يدي، وكان موسى بن نصير بوسعه أن يستقل على

الخلافة ويقيم ملكاً له ولأولاده في المغرب والأندلس، ولكن

إيمانه العميق بتعاليم الإسلام وتمسكه والتزامه بها جعله لا يفكر

بذلك حتى إن يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة سأله عن ذلك فقال

موسى: والله لو أردت ذلك ما نالوا من أطرافي طرفاً، ولكني آثرت

الله ورسوله، ولم نر الخروج عن الطاعة والجماعة، وقد توفي

موسى بن نصير رحمه الله تعالى وهو متجه للحج برفقة الخليفة

سليمان بن عبد الملك في المدينة المنورة ـ على سكانها أفضل

الصلاة والسلام ـ أو في وادي القرى ((العُلا ، حاليا) أواخر سنة

97هـ وعمره ثمان وسبعون سنة أو يزيد (في سنة 97هـ)، وقال

صاحب معالم الإيمان: توفي بالمدينة متوجهاً إلى الحج وكان قد



المدينة المنورة

سأل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة أو يموت بالمدينة فأجاب الله

دعاءه، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك لقد كانت الدنيا وما

فيها صغيرة ولا قيمة لها عند موسى بن نصير ويرجع الفضل في

ذلك إلى الله ثم نصيحة العالم الجليل أبو عبد الله علي بن رباح

اللخمي لموسى بن نصير، فقد أورد صاحب كتاب رياض النفوس

أن موسى بن نصير لما وصل من الأندلس إلى القيروان قعد يوماً

في مجلسه، فجاءه العرب يسلمون عليه، فلما احتفل المجلس

قال: إنه قد صحبتني ثلاث نعم: أما واحدة فإن أمير المؤمنين كتب

إلى يهنئني في كتابه وأمر بقراءة الكتاب، فهنيء بذلك وأما

الثانية فإن كتاب ابني قدم علي بأنه فتح له بالأندلس فتح عظيم،

وأمر بالكتاب فقريء فهنيء بذلك، وكان علي بن رباح ساكت

فقال له موسى: مالك يا علي لا تتكلم؟ فقال: أصلح

الله الأمير، قد قال القوم فقال: وقل أنت أيضاًَ. فقال: أنا أقول ـ

وأنا أنصح القائلين لك ـ إنه ما من دار امتلأت حبرة إلا امتلأت

عبرة، وما انتهى شيء إلا رجع، فارجع قبل أن يرجع بك، فانكسر

موسى بن نصير وخشع وفرق جواري عدة.. وقال صاحب

الرياض: ونفعه الله عز وجل بموعظة أبي عبد الله بن رباح،

فصغرت عنده الدنيا وما فيها ونبذها وانخلع مما كان فيه من

الإمارة، فرضي الله عن التابعي الجليل، والإداري الحازم، والبطل

المغوار، والقوي الأمين، القائد الفاتح، موسى بن نصير اللخمي



الذي فتح المغرب الأقصى، واستعاد فتح المغرب الأوسط، وأنه

دعم الفتح الإسلامي في الشمال الإفريقي وأنه فتح الأندلس وقسماً

من جنوب فرنسا وأنه كان من أعظم قادة الفتح الإسلامي، لقد

مات موسى بن نصير بعد أن ملأ جهاده ـ بقيادة المد الإسلامي

المبارك ـ وديان المغرب الإسلامي ((الشمال الإفريقي

والأندلسي)) وجباله وسهوله وهضابه ووجه دعاة الحق لإسماع

ساكنيه دعوة الإسلام الخالدة، فكانت سبباً في إخراجهم من الكفر

إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، أما

ترى معي موسى وهو يجوب الصحاري والوديان والسهول

والجبال وقد سلخ من سني عمره خمساً وسبعين سنة ممتطياً

جواده يتحرك في أعماقه إيمان بالله العلي القدير قد دفعه للجهاد

والدعوة والعلم والتربية وأحكام أمور الدولة رغم ما علا رأسه

من الشيب الوقور، منقاد لإصرار العقيدة السمحة، وهمة الإيمان

الفتي، التي كانت سبباً في كل خير أصاب المسلمين

أما عن البطل الكبير طارق بن زياد، فلا نكاد نعرف عما حدث له

بعد وصوله دمشق غير أن رواية تذكر رغبة سليمان في تولية

طارق الأندلس، وبعد ذلك قضى آخر أيامه مغموراً فهل عاد إلى

المغرب والأندلس؟ أم بقي في دمشق ولا يستبعد أن يكون عاد

إلى الأندلس أو المغرب، كان طارق من البربر وعامّة جنوده

كذلك، فيهم شجاعة وإقدام، فقد تربوا في أحضان الإسلام وعلى

تعاليم القرآن الكريم وأصبحوا أصحاب رسالة خالدة صنعت منهم

الأبطال، وقدموا في سبيل دينهم وعقيدتهم الغالي والنفيس، بل

نجزم بأن الجيوش الإسلامية الضاربة التي اصطدمت بالأسبان

اعتمدت بعد الله على إخواننا من البربر الذين اندفعوا خلف طارق

في سبيل هذا الدين ونشره، إن العقيدة الإسلامية صهرت

المنتسبين إليها عرباً وعجماً في رحاب الإسلام العظيم.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
اذية علي للمسلمين ما سببها موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-03-18 07:44 PM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   زيوت امزويل AMSOIL   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   اشتراك شاهد رياضه   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   ربح المال من الانترنت 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   شركة عزل خزانات بجدة   يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd