أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > الشيعة والروافض

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2010-07-09, 12:42 PM
عاشقة الحبيب عاشقة الحبيب غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-01-31
المشاركات: 204
افتراضي تعريف الطفية


تعريف "الطفية" عند العامة :
أن يجتمع نساء و رجال بعد اللطميات في عاشوراء ويمكن عند البعض بعد عاشوراء، ويتم اطفاء الانوار و كلٌ يقع على من يجدها قربه حتى وإن كانت من محارمه .


تعريف الطفية

من أنواع الزنا الذي يستحله الرافضة هو ما يسمى باستعارة فروج النساء بين بعضهم البعض. و هذا مختلف عن زواج المتعة، إذ ليس هناك أي شكل من أشكال الزواج كالعقد أو ما شابه و إنما هو "إستعارة" بالمعنى الحرفي!

نقل الطوسي : (عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال: نعم لا بأس به له ما أحل له منها). الاستبصار ج3 ص136 أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي.

ونقل الطوسي في الاستبصار أيضاً: (عن محمد بن مضارب قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك و تصيب منها فإذا خرجت فارددها إلينا). التبصار ج3 ص 136 وفروع الكافي ج2 ص 200 لمحمد بن يعقوب الكليني.
و قد ورد في بعض روايات الرافضة عن أحد أئمتهم كلمة "لا أحب ذلك" أي استعارة الفرج. فكتب محمد بن الحسن الطوسي صاحب الاستبصار معلقاً عليها: (فليس فيه ما يقتضي تحريم ماذكرناه لأنه ورد مورد الكراهية، وقد صرح عليه السلام بذلك في قوله: لا أحب ذلك، فالوجه في كراهية ذلك أن هذا مما ليس يوافقنا عليه أحد من العامة و مما يشنعون به علينا، فالتنزه عن هذا سبيله أفضل و إن لم يكن حراما، و يجوز أن يكون إنما كره ذلك إذا لم يشترط حرية الولد فإذا اشترط ذلك فقد زالت هذه الكراهية). الاستبصار ج3 ص137.

فعند الروافض النصيرية في سـورية ليلة الطفية حقيقة واقعة ولا ينكرها إلا مكابر. و يكفي أن تسـأل أي رافضي نصيري في سورية عنها. الأمر بسيط ولا يحتاج إلى إثبات، وقد قال قائلهم:

أليس الغراس لمن ربه **** وأسقاه في الزمن المجدبِ ؟

إشارة إلى أنه أولى بنكاح غرسه الذي رباه - ابنته



الموعد : هي من الليالي التي تتبع مراسم عاشوراء .

ولها شروط منها على سبيل المثال لا الحصر :

1- هي للأسياد وكبار العلماء لديهم فقط ... أما المقلد المسكين فيشوف بنت الجيران أحسن له.

2- تكون لها بطاقة دعوة خاصة وتوزع على ناس خاصين جداً .

3- يتم إحضار أجمل الفتيات حيث يتم انتقائهم بعناية خاصة جداً .

4- يتم إطفاء النور المتواجد فيه الرجال والنساء ثم بعد ذلك يقع كل رجل موجود على امرأة .

5- وماينتج من هذه الليلة ... إن كان ولد سمي سيداً ... وإن كان امرأة سميت سيدة .

6- تكون هذه الليلة في موعد ... في غاية السرية ... فلا يتم نشر موعدها بين المدعوين .


ثم بعدها يتجنب الزوج مواقعة زوجته أربعين يوم حتى يتبين حمل أو غيره .. فمن حملت تلك الليلة كان ماتنجبه سيدا .

************************************************** ****************

دين الرافضة مبني على الزنا بإسم المتعة والسرقة بإسم الخُمس والكذب بإسم التقية
__________________

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وأله وزوجاته أمهات المؤمنين

وأرضى عن ساداتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2010-07-11, 12:46 AM
wwwdeep wwwdeep غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-10
المشاركات: 1
افتراضي

#########حدي كل من يذم اهل البيت وشيعتهم وولائهم لرسول الله وعلي عليهما السلام

############من ينشد الحق يطلع
مرحلة السقيفة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مرحلة سيادة الخط القبلى على واقع المسلمين. فقد أخذ هذا الخط امتداده وشرعيته من تلك المرحلة متسترا بستار الشورى...
ان الراصد لما دار في السقيفة يتبين له بوضوح أن الأمر كان أبعد ما يكون عن الشورى وإنما هو في الحقيقة أشبه بالانقلاب على خط واضح الملامح وضع أسسه الرسول (صلى الله عليه وآله).
ومن السذاجة تصور أن معوية حمل راية المواجهة ضد الإمام دون أن يستند إلى ركائز ثابته تؤهله برفع هذه الراية. وهذه الركائز إنما كانت تقوم على أساس الواقع القبلي الذي فرض في مرحلة السقيفة واستمر حتى عصر الإمام علي...

كلمة التاريخ:
يورى شهاب الدين النويري أحداث السقيفة قائلا: وكان من خبر سقيفة بني ساعده أنه لما توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة وقالوا: نولى هذا الأمر بعد رسول الله سعد ابن عباده. وأخرجوا سعد إليهم وهو مريض. فلما اجتمعوا قال سعد لأبيه أو لبعض بني عمه: إني لا أقدر أشكو أي أن أسمع القوم كلهم كلامي. ولكن تلق مني قولي فاسمعوه. فكان سعد يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع به صوته. فيسمع أصحابه. فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا معشر الأنصار. ان لكم سابقة في الدين. وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب. ان محمدا (صلى الله عليه وآله) لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأوثان. فما آمن به من قومه إلا رجال قليل. والله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله. ولا أن يعزوا دينه. ولا أن يدفعوا عن أنفسهم فيما عموا به. حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق اليكم الكرامة. وخصكم بالنعمة ورزقكم الإيمان به ورسوله والمنع له ولأصحابه. والاعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه. فكنتم أشد الناس على عدوه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها. وأعطى البعيد المفادة صاغرا داخرا وحتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض. ودانت باسيافكم له العرب. وتوفاه الله إليه وهو عنكم راض. وبكم قرير العين. استبدوا بهذا الأمر دون الناس. فإنه لكم دون الناس...
فأجابوه بأجمعهم. أن قد وفقت في الرأي. وأصبت في القول. ولن نعدوا ما رأيت. نوليك هذا الأمر فإنك فينا رفيع. ولصالح المؤمنين رضا..(1).
وتجنبا للصدام مع المهاجرين طرح بعض الأنصار فكرة المشاركة في الامارة. من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير. وكان رد زعيمهم سعد بن عبادة هذا أول الوهن...(2).
كان هذا هو موقف الأنصار أما موقف المهاجرين فيظهر لنا من خلال تحرك عمر الذي تزعم حركة المهاجرين في مواجهة الأنصار...
يروى النويري أن عمر لما أتاه الخبر ذهب إلى أبي بكر فوجده مشغولا(3).
فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لابد لك من حضوره. فخرج إليه فقال: أما علمت أن الأنصار قد أجتمعت في سقيفة بني ساعدة أن يولى هذا الأمر سعد بن عبادة. وأحسنهم مقالة من يقول منا أمير ومنكم أمير...
فخرجا مسعين نحو السقيفة وجمعا في طريقهما عددا من المهاجرين وتنازعوا بين الذهاب أو حسم الأمر بينهم دون الأنصار. ثم قرروا الذهاب. قال عمر: والله لنأتينهم..
وخطب أبي بكر في أهل السقيفة قائلا: ان العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أواسط العرب دارا ونسبا... وصاح أحد الانصار: منا أمير ومنكم أمير يا عشر قريش..
وارتفعت الأصوات وكثر اللغط. وهنا أصدر عمر قراره لأبي بكر: أبسط يدك نبايعك: فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون. وبايعه الأنصار. ثم نزوا على سعد. حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقال عمر: قتل الله سعدا. وإنا والله ما وجدنا امرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر أنا خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدوا بعدنا بيعة. فإما أن نبايعهم على ما نرضى. أو نخالفهم فيكون فشل...(4).
وهناك روايات أخرى تنص على تصريحات أخرى لأبي بكر وعمر والأنصار كل في مواجهة الآخر يقول فيها أبو بكر: إن قريشا أحق الناس بهذا الأمر من بعد الرسول لا ينازعهم ذلك إلا ظالم. فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. لا تفاتون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور...(5).
أما تصريح الانصار في مواجهة المهاجرين فقد حمله الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار. املكوا على أيديكم. فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم. ولن يجترئ مجترئ على خلافكم. ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم. وأنتم أهل العزة والثروة وأولوا العدد والتجربة. وذوو اليأس والنجدة. وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون. فلا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم. وتنتقض أموركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم. فمنا أمير ومنهم أمير...(6).
وكان رد عمر أكثر عنفا. قال: هيهات؟ لا يجتمع إثنان في قرن. إنه والله لا يرضى العرب أن يؤمروكم ونبيها (صلى الله عليه وآله) من غيركم. ولكن العرب لا تمتنع أن تولى أمورها من كانت النبوة فيهم وولى أمورهم منهم. ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين. من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته. ونحن أولياؤه وعشيرته الا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورسط في هلكة...
ورد الحباب على عمر بلغة أشج عنفا فقال: يا معشر الأنصار. املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر. فإن أبوا عليكم ما يألتموه. فاجعلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور. فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم. فإنه باسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن يدين.
ورد عمر: إذن يقتلك الله...
ورد الحباب: بل إياك يقتل...(7).
وصاح صوت من المهاجرين (أبو عبيدة): يا معشر الأنصار أنكم اول من نصر وآزر. فلا تكونوا أول من بدل وغير...(8).
وطالب بشير بن سعد من الانصار قومه بالتخلي عن هذا الأمر لقريش ابتغاء وجه الله.
وقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا(9).
ورجح عمر وأنصاره كفة أبي بكر وقدموه للخلافة وحدث صدام بين الأنصار بسبب مبايعة بعض الأنصار له. وتحركت الأوس لمبايعة أبي بكر حتى تفوت الفرصة على الخزرج بزعامة سعد بن عبادة.
ودخلت قوات قبيلة أسلم الموالية لأبي بكر المدينة وسيطرت على دروبها ومسالكها ولما رآها عمر قال في فرح: ما هو إلا أن رأيت أسلم. فأيقنت بالنصر...(10).
ويروى أن الناس أقبلوا من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة. وقال ناس من أصحاب سعد: اتقوا سعدا لا تطئوه. قال عمر: اقتلوه. اقتلوه... قتله الله. ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك.. فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر ثم قال: والله لو حصصت منها شعرة مارجعت وفي فيك واضحة...(11).
ويروى ابن عبد البر: وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة وطائفة من الخزرج وفرقة من قريش ثم بايعوه بعد غير سعد..(12).
وكان عمر يحرض أبي بكر على سعد ليجبره على البيعة فقيل له: أنه ليس يبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته. فتركوه(13).

موقف الإمام علي
كان هذا العرض التاريخي على جانب الأنصار وقطاع من المهاجرين القريشيين. الا أنه هناك جانب آخر من قريش كان بعيدا عن السقيفة. وهذا الجانب يملك رصيدا أقوى من رصيد قطاع ابو بكر وعمر ومن تابعهما.
يملك رصيدا شرعيا.
ويملك رصيدا جماهيريا.
ويملك رصيدا تاريخيا.
ويملك وزنا أكبر من قريش.
ذلك الجانب هو جانب الهاشميين بزعامة آل بيت النبي والذي كان مشغولا بتجهيز الرسول للدفن بينما القوم يتصارعون في السقيفة.
ويروي في نهج البلاغة أن عليا سأل عما حدث في السقيفة، فقال: ماذا قالت قريش؟
قالوا: احتجت قريش بأنها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله).
فقال علي: احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة(14).
وتروي كتب التاريخ روايات تشير إلى صدامات وقعت بين جناح الهاشميين بقيادة الإمام علي وجناح القريشيين بقيادة عمر بن الخطاب
وكان الصدام الأول بين فاطمة وبين أبي بكر حين طالبته بميراث الرسول (صلى الله عليه وآله) في فدك ورفضه طلبها محتجا بحديث رواه هو...
يقول أبو بكر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحن معشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة(15).
ومن المعروف أن فاطمة خاصمت ابي بكر وهجرته غاضبة حتى ماتت فدفنها الإمام علي (عليه السلام) ليلا في خفية عن القوم. وكانت وفاتها بعد وفاة الرسول بستة اشهر..(16).
وكما كان عمر يحرض أبي بكر على سعد. أصبح يحرضه على الإمام علي ويطالبه بحسم الامر معه واجباره على البيعة له لما يشكله موقفه من خطورة على استقرار الحكم القبلي الذي أرسى دعائمه ويعد نفسه لقطف ثمرته..
أن عليا لم يكن وحده فقد كان معه بني هاشم وكثير من العناصر الفاعلة في المجتمع المدني من الأنصار والمهاجرين مثل العباس وعمار بن ياسر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وبلال بن رباح والمقداد وجابر بن عبد الله وابن عباس وغيرهم..
وتروي الروايات أن عمر هم بإحراق بيت فاطمة الذي كان مقرا للقطاع المعارض لحكم ابي بكر بقيادة الإمام علي...(17).
ويبدو ان ممارسات عمر هذه قد زادت من حدة العداء بينه وبين الإمام علي.
يروي الطبري أن عليا أرسل إلى أبي بكر أن أئتنا ولا يأتنا معك أحد (يقصد عمر)...
فقال عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك..
فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بين... والله لآتينهم إلا منفردا.. فدخل أبو بكر على بني هاشم وفيهم علي والعباس. فاستقبلوه استقبالا حسنا(18).
ويروي المسعودي: ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة خرج علي فقال: أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر. ولم ترع لنا حقا..
فقال أبو بكر: بلى. ولكني خشيت الفتنة.
وكان المهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل. ومجازبة في الإمامة.
وخرج سعد بن عباة ولم يبايع. فصار إلى الشام. فقتل هناك في سنة خمس عشر. وليس كتابنا هذا موضعا لخبر مقتله. ولم يبايع أحد من بني هاشم حتى ماتت السيدة فاطمة الزهراء (19).
وينقل في كتب التراجم والتاريخ الكثير من الروايات التي تنسب لأبي بكر وعمر وعمر بن العاص وابن عمر وغيرهم وذلك في وقت الاحتضار وهم على مشارف الموت. تلك الروايات التي تشير إلى ندمهم الشديد على ما اقترفوه في حياتهم بسبب السياسة.
يوري المسعودي عن أبي بكر: ولما احتضر قال: ما آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتها ووددت أني تركتها. وثلاث تركتها ووددت أني فعلتها. وثلاث وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها:
فأما الثلاث التي وددت اني تركتها: فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة وذكر في ذلك كلاما كثيرا. وودت اني لم أكن قد حرقت الفجاءة وأطلقته نجيحا أو قتلته صريحا.
ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين فكان أميرا وكنت وزيرا.
والثلاث التي تركتها ووددت أني فعلتها: وددت أني يوم أتيت بالاشعث بن قيس اسيرا ضربت عنقه. فأنه قد خيل لي انه لا يرى شرا الا أعانه. ووددت أني كنت قد قذفت المشرق بعمر بن الخطاب. فكنت قد بسطت يميني وشمالي في سبيل الله. ووددت أني يوم جهزت جيش الردة ورجعت أقمت مكاني فإن سلم المسلمون سلموا. وان كان غير ذلك كنت صدق اللقاء أو مددا.
والثلاث التي وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها. وددت أني كنت سألته في من هذا الامر فلا ينازع الأمر أهله. ووددت أني سألته عن ميراث العمة وبنت الأخ فإن بنفسي منها حاجة. ووددت أني سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب فنعطيهم إياه(20).
ولم يكن الصراع على الحكم ينحصر بين الأنصار وبين قطاع أبو بكر وعمر من المهاجرين إنما كانت قناك قطاعات اخرى تتطلع إلى الحكم من قريش على رأسها قطاع السفيانيين الذين تزعمهم أبو سفيان بن حرب الذي فقد سلطانه ونفوذه بعد فتح مكة..
ولم يكن أمام أبو سفيان الذي لا توجد له شوكة في المدينة سوى تحريض الإمام علي على المجتمعين في السقيفة...
يوري الطبري أن أبا سفيان قال للإمام: ما بال هذا الأمر (الخلافة) في أذل قبيلة من قريش وأقلها. والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا...
وكان جواب الإمام: مازلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا. والله ما اريد أن تملأها عليه خيلا ورجالا ولو رأينا أبا بكر لذلك أهلا ما خلييناه وإياها. يا أبا سفيان إن المؤمنين قوم نصحه بعضهم لبعض متوادون. وإن بعدت ديارهم وأبدانهم وأن المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض...(21).
ويروي الطبري ايضا ان الإمام علي سارع ببيعة أبي بكر ولزم مجلسه وهناك روايات أخرى تقول أنه بايع بعد ستة أشهر وبايع بعده شيعته من الصحابة..(22).
يقول الإمام: فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام. يدعون إلى محق دين محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدفا تكون المصيبة به على أعظم من موت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب. فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق وأطمأن الدين وتنهنه...(23).
ومثل هذه الروايات التي تتحدث عن بيعة الإمام لأبي بكر سواء كانت قبل ستة شهور أو بعد هذه المدة أو حتى بعد دفن الرسول مباشرة. إنما تؤكد حقيقة واحدة وهي أن الإمام كان له موقف مما جرى بالسقيفة بشكل عام ومن أبي بكر وعمر بشكل خاص.
إن تسامح الإمام في أمر البيعة لا يعني تخليه عن موقفه الفكري والعقائدي تجاه هذا الخط القبلي الذي بدأت توضع قواعده أمامه. فهذا التسامح لا يخرج عن كونه موقفا سياسيا في مواجهة الأمر الواقع. فالإمام لم يتنازل عن قضيته ولكن تنازل عن شخصه من اجل حفظ قضيته التي تعكس الجوهر الحقيقي للإسلام...
لقد كان الإمام مخير بين أن يتنازل عن إمامته من أجل الحفاظ على الإسلام او يصطدم الواقع وتكون النتيجة خسارة الإسلام وخسارة الإمامة فقد كانت جيوب المنافقين بالمجتمع المدني قوية وكانت القبلية مستشرية، هذا على مستوى الداخل.
أما على مستوى الخارج فكانت هناك قوى الروم والفرس تتربص بالمسلمين...
ان الانحراف في عصر أبي بكر لم يكن كبيرا إلى الحد الذي يستفز الإمام. ويؤرقه، إنما الانحراف الأكبر برز في عصر عثمان، وهنا تغير موقف الإمام،
وتعايش الإمام مع عصر الخليفة الأول والثاني ولم يصطدم بهما..
وفات هؤلاء أن الإمام تعايش مع واقع الخلفاء تعايش العالم المتميز.
تعايش العالم المدرك لحقائق الأمور حيث أنه قد نبأ من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) بتصورات الأحداث من بعده.
والبون شاسع بين من يفاجأ بظهور انحراف من جهة لم يكن بتوقع الإنحراف منها. وبين من يعلم بحدوث هذا الانحراف مسبقا...
ومن بين الروايات التي تؤكد على الإمام بهذه الحوادث... قول الرسول (صلى الله عليه وآله): يا علي. قاتلت على التنزيل وانت تقاتل على التأويل...(24).
أي أن الرسول قاتل المشركين الذين كفروا بما أنزل عليه ورفضوا الاعتراف بنبوته أما علي فسوف يقاتل المنتسبين لهذا الدين من المنافقين والمارقين الذين يؤولون النصوص ويستندوا إلى هذا التأويل في تبرير الأنحراف والفساد ونسبته إلى الدين..
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): يأتي على الناس زمان يكون فيه حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون بقول خير البرية ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. لا يجاوز إيمانهم حناجرهم تحقر صلاتك خلف صلاتهم إذا وجدتموهم فاقتلوهم...(25).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): هلاك امتي على يدي غلمة من قريش. قال أبو هريرة الرواي ان شئت أن أسميهم بني فلان وبني فلان...(26).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض(27).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): لعمار تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار(28).
وحديث السر الذي كشفته عائشة وحفصة في سورة التحريم ذلك السر الذي كان يتعلق بموقف كلا من أي بكر وعمر بعد وفاة الرسول...(29).
إن مثل تلك الروايات إنما تشير إلى أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أجلى الأمور أمام الأمة وحدد لها معالم الانحراف عن خط الإسلام. وهي تشير أيضا إلى أن هناك الكثير من الصحابة الذين كانت لديهم دراية بأخبار الحوادث التي سوف تقع بعد وفاة الرسول مثل حذيفة...(30).
كما أنه من المعروف أن جميع العقائد والاتجاهات التي خالفت خط الإمام علي وفي مقدمتها عقيدة أهل السنة قد قامت على التأويل...(31).
إن الإمام قد تعايش مع واقع رافض له غير راض عنه لا مستسلما له. وهو فوق ذلك له وضعه المتميز فيه والذي يتلائم مع مكانته وقدره ووزنه. وقد اتخذه كل من الخليفة الأول والثاني مستشارا شرعيا وسياسيا له...
يقول الإمام: أما والله لقد تقمصها فلان- أبو بكر- وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا ينحدر عني السيل ولا يرقى إلى الطير. فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا وطفقت أرتئى بين أن أصول بيد جزاء أو أصبر طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت أن الصبر على هاتا أحجي. فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا. أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى إلى فلان بعده- عمر- فيا عجبا. بينا هو يستيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته. لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة أن أشنق لها حز وان أسلس لها تقحم. فمنى الناس- لعمر الله- بخبط وشماس وتلون واعتراض فصبرت على طول المدة وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنى أحدهم. فيالله وللشورى متى أعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني اسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا فصفى رجل منهم لضغنه. ومال الآخر لصهره مع هن وهن....(32).

مناقشة الروايات
يبدو لنا من خلال رصد الروايات التي تدور حول أحداث السقيفة ان هناك الكثير من التساؤلات وعلامات الأستفهام التي تدور في الأذهان بمجرد قراءة هذه الروايات...
وسوف نعرض هنا لبعض الملاحظات حول هذه الروايات ونبدأ مناقشتنا لها على أساسها.
الملاحظة الأولى: أن الأنصار أرادوا الاستئثار بأمر الخلافة وهم طائفة لا يمثلون جميع المسلمين.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: على أي أساس استند الأنصار في موقفهم هذا..؟
ان الأنصار لم يتحصنوا في موقفهم هذا بدليل شرعي محدد. فقط هم حاولوا ان يستثمروا مكانتهم ودورهم في إيواء الرسول ونصرته... ولكن هل يعد هذا سببا كافيا لمطالبتهم بالخلافة..؟
ليس هناك من إجابة على هذا السؤال سوى ان الدافع القبلي قد تسلط على القوم حتى أدى في النهاية إلى انقسامهم وإضعاف شوكتهم بتحالف الأوس مع جناح أبو بكر وعمر مخافة أن تسيطر الخزرج على الأمر ويصبحون تحت إمرتها.
وهذا عمل قبلي في المقام الأول قدمت فيه الحسابات القبلية على الحسابات الشرعية. أو بمعنى أكثر وضوحا قدمت فيه مصلحة القبلية على مصلحة الدعوة...
وعلى الرغم من تبعات هذا الموقف من قبل الأوس وآثاره على وحدة المسلمين واستقرار المجتمع الإسلامي إلا أن الجناح القرشي بزعامة أبي بكر استقبله بالترحاب واستثمره لصالحه..
الملاحظة الثانية: ان عمر كان المحرك الفعلي للأحداث وبدا أبو بكر وكأنه تابع له... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تصدى عمر للأمر وتخطى كبار المهاجرين وآل البيت..؟
هناك جواب جاهز عند البعض وهو أن عمر فعل ذلك من أجل الحفاظ على الدعوة وتأمين مستقبلها وينتفي عنه أي عرض آخر لعظيم مكانته عند الرسول بحكم النصوص الواردة فيه...
إلا أن الروايات تدحض هذا التصور وتشكك فيه...
يوري البخاري: أن عمر طاف في المدينة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وقو يصبح مقسما: والله ما مات رسول الله. والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك. وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم. وجاء أبو بكر فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر..(33).
أن هذه الرواية تشير إلى أن عمر لم يكن يعتقد في وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وأنه حسب روايات أخرى - ذهب ليكلم ربه ويعود كما حدث لموسى. ونحن لن نناقش هنا مدى صحة هذا الاعتقاد وكيف طرأ على ذهن واحد مثل عمر وهو من هو. إلا أن ما نريد توضيحه أن هذا الموقف من قبله يكشف لنا أن فكرة تبنيه موضوع الخلافة كانت فكرة طارئة عليه لم تكن تشغله بعد وفاة الرسول وإنما كان يشغله موت الرسول وبعثه وعودته حتى جاء أبو بكر فبصره بالأمر وتلى عليه قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدا من رجالكم أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم)(34).
فقال عمر كأني اسمع هذه الآية لأول مرة. ثم انه سكن وهدأ وأتاه خبر السقيفة فهرع إلى هناك مصطحبا أبا بكر وأبا عبيدة بن الجراح...
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل كان عمر غير مستوعب لنصوص القرآن التي تتنزل على الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى يدعي أن الرسول سوف يعود بعد وفاته ويتوعد من يقول بوفاته؟
وإذا كان عمر بهذا المستوى من الفهم أفلا يشير هذا إلى أنه لم يفهم النصوص القرآنية الأخرى الواردة بشأن آل البيت والإمام علي ومستقبل الدعوة...؟
وإذا كان عمر قد تصدى لأمر الخلافة من باب المصلحة وكان متحمسا للأمر ويصول ويجول هنا وهناك من أجل أخذ البيعة لأبي بكر. فلماذا لم يكن صاحب المصلحة أبو بكر بنفس المستوى من الحماس ومن المفروض أن يكون حماسه يفوق حماس عمر. وقد أشارت الروايات إلى أنه كان مشغولا وقت وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) بشيء آخر لم توضحه الروايات... وكان عمر يلح على طلبه بينما هو يتمنع حتى أعلمه بخبر السقيفة فانطلق معه...
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أي شيء كان يشغل أبو بكر غير تجهيز حتى جاء عمر فأحيا الفكرة في نفسه...
ومن هنا يتضح لنا أن فكرة الخلافة كانت طارئة أيضا على أبي بكر كما كانت طارئة على عمر وهي لا تخرج عن كونها رد فعل لموقف الأنصار ومبادرتهم السريعة المفاجئة لقريش..
لكن الأمر يوحي وكأن هناك طرف ثالث هو أحق بهذا الأمر ويتسابق كل من الأنصار والمهاجرين لكي يفوت عليه الفرصة..
وليس هناك من تفسير لموقف عمر وتحالفه مع أبي بكر الطاعن في السن. ضد القطاعات الأخرى. سوى أن شخصية أبي بكر كانت تتيح له ذلك..
تتيح له أن يتسلقها لكي يحقق مآربه..
وتتيح له التحصن بها في مواجهة الآخرين..
وعمر لم يكن يجرؤ على ترشيح نفسه للخلافة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) لأن الظروف غير ملائمة لكنه ناولها لأبي بكر ثم تناولها منه...
ولو كان عمر بهذه المكانة التي تضعه فيها الأحاديث لكان من الأولى له أن يتصدى لأمر الخلافة وهو القوى الشديد بدلا من رجل ضعيف كهل كأبي بكر..
ولو كان عمر بهذه المكانة ماناطحته الأنصار وتطاولت عليه عندما خطب فيهم. واحتد معه الحباب قائلا: لا تسمعوا مقالة هذا. وعندما قال له عمر: يقتلك الله. رد عليه: بل إياك يقتل.. وما أمسك قيس بن سعد بلحيته وهدده...
إن القوم بين أن يكونوا قد طغت عليهم القبلية فنسوا أخلاق الاسلام وتجاوزوها. أو يكونوا أصحاب مقادير متساوية ووزن واحد ولا يملك كل منها ما يرجح به كفته على الآخر من نصوص الشرع.
والراجح الامرين معا..
وإذا كان عمر قد أحتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمورها من كانت النبوة فيهم. فإن هذا القول يوجب عليه التنحي مع صاحبه وإفساح الطريق أمام أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) فإنهم ارقى بيوت قريش، فلا هو ولا صاحبه يمثلان بيتا راقيا في قريش. وهذا هو ما استفز أبو سفيان ودفعه لتحريض الإمام بقوله: ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها..
وتأمل تعليق ابن حجر على قول عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه.. قتله الله...
يقول ابن حجر: نعم لم يرد الأمر يقتله حقيقة. وأما قوله قتله الله فهو دعاء عليه وعلى الأول هو إخبار عن إهماله والأعراض عنه. وفي حديث مالك فقلت- عمر- وانا فغضب: قتل الله سعدا فإنه صاحب شر وفتنة..(35).
ان ابن حجر بتعليقه هذا يسير على نهج التبرير والتأويل الذي يتعمده أهل السنة في مواجهة الحوادث والنصوص التي توقعهم في حرج شرعي...
ويتمادى ابن حجر في تأويل كلام عمر وتبرير مواقفه هو وصاحبه قائلا: وتركوا لأجل أقامتها (الخلافة) أعظم المهمات وهو التشاغل بدفن الرسول حتى فرغوا منها. والمدة المذكورة- أي مدة تركهم الرسول والأنشغال بالخلافة- زمن يسير في بعض يوم يغتفر مثله لإجتماع الكلمة...(36).
ويروي البخاري رواية تبريرية أخرى لمواقف عمر وممارساته في السقيفة. تقول الرواية: لقد خوف عمر الناس وأن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك...(37).
وقد جاءت هذه الرواية على لسان عائشة ابنة أبي بكر ومعنى هذا الكلام أن أسلوب العنف والإرهاب الذي مارسه عمر على الرافضين بيعة أبي بكر كان عملا حسنا وحاز رضا الله ومعونته.
وعائشة بهذا تكون قد حكمت على كل الرافضين لخلافة أبي بكر من بني هاشم والأنصار وغيرهم بالنفاق. ألا يعني مثل هذا الكلام مساسا بعدالة جميع الصحابة التي يعتقدها أهل السنة ويفسرون على ضوئها الأحداث التي وقعت بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) بداية من السقيفة وحتى صفين؟(38).
الملاحظة الثالثة: لماذا جاءت قبيلة أسلم إلى المدينة ومن الذي استدعاها.
لماذا أيقن عمر بالنصر فور رؤيتها..؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات يدفعنا إلى إلقاء الضوء على الجانب الأكثر أهمية في احداث السقيفة. جانب التحول من الجدال والنقاش إلى فرض الرأي بالقوة المسلحة..
لقد كان دخول قبيلة أسلم إلى المدينة أشبه بالإنقلاب العسكري وهو دخول مرتب له من قبل بلا شك من قبل فريق عمر...
ويبدو أن الصراع بين فريق عمر وفريق الأنصار قد دخل طورا حرجا بحيث اهتزت كفة عمر وفريقه ورجحت كفة الأنصار أو من الممكن أن يكون الأنصار قد مالوا للإمام علي وحسموا الخلاف بينهم. وعمر وفريقه ليس بذاك الوزن الفاعل في المدينة. فضلا عن كونه من الوافدين عليها مع المهاجرين هو لا يمثل كل المهاجرين ولا جميع قريش. فهناك قطاع من المهاجرين مع الإمام. وهناك قطاع من قريش ينتظر النتيجة أو هو لا يعلم ما يجري هناك.
ولعل هذا الوضع يفسر لنا قول عمر حين رأى قوات قبيلة أسلم تدخل المدينة: الآن أيقنت بالنصر. وهذا يشير بصورة غير مباشرة أن عمر وفريقه هو الذي استدعى تلك القوات. ألا يدل مثل هذا التصرف ان جانب عمر قد فقد ميزانه الشرعي والأخلاقي. كما يشير من جانب آخر الى ان النصوص التي واجه فريق عمر فريق الأنصار بها هي نصوص من اختراع تلك المرحلة. ولو كانت هذه النصوص صحيحة ومعترف بها ما نازعهم أحد ولكانت قد حسمت الصراع في مهده..
ويبدو أن اللغط والجدال حول أحقية أبي بكر بالخلافة قد امتد إلى فترات لاحقة مما استدعى الأمر إلى ضرورة اختراع أحاديث على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) تحدد الخلافة لابي بكر في صراحة ووضوح وترفع من مكانته. لينتج عنها صنع هالة مقدسة حول أبي بكر تمنع المساس به أو الخوض في شخصه وتقطع الطريق أما أية محاولات لإعادة قراءة مرحلة السقيفة...(39).
ونفس هذا الأمر قد تم تطبيقه مع الخليفة الثاني حيث اخترعت له الكثير من المناقب التي رفعته حتى فوق الرسول نفسه أو ساوته به...(40).
وقاموا بنفس الأمر مع الخليفة الثالث غير أن ممارساته ومواقفه المخالفة للكتاب والسنة والمضرة بمصالح المسلمين قد فضحته وعرته...(41).
أما الإمام علي فقد فعلوا معه العكس من ذلك وبدلا من أن يضفوا عليه المناقب كما فعلوا مع السابقين. قاموا بالطعن في المناقب الواردة فيه والعمل على التقليل من شأنه بمساواته بمعاوية واعتبار الخارجين على حكمه بمثابة المجتهدين المأجورين..(42).
الملاحظة الرابعة: أين الإمام علي..؟
إن المتتبع لأحداث السقيفة يكتشف غياب كثير من الرموز البارزة من الصحابة وعلى رأسهم الإمام علي فأين كان هؤلاء ولماذا انشغلوا عن هذا الحدث الضخم وهو اختيار خليفتهم؟ ... أين أبو ذر. وأين المقداد. وأين الزبير. وأين جابر بن عبد الله. وأين أبي بن كعب وبلال بن رباح وحذيفة بن اليمان وخزيمة ذي الشهادتين وعمار بن ياسر وأبو أيوب الأنصاري وأبو سعيد الخدري والبراء بن مالك وخباب بن الأرت ورفاعه بن مالك وأبي الطفيل عامر بن وائلة وغيرهم..
لقد كان اختفاء كل هؤلاء من سقيفة بني ساعدة عامل قلق لفريق عمر. حيث أن هذه الشخصيات الغائبة لها وزنها وفاعليتها ومن الممكن ان تشكل تحديا لهذا الفريق مستقبلا..
تروي الروايات أن الإمام ومعه عصبة من الصحابة كان مشغولا بتجهيز الرسول للدفن بينما كان القوم يتصارعون على الخلافة في السقيفة...(43).
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل من أخلاق المسلمين أن يتركوا رسولهم في مثل هذا الحال ويتصارعوا على الحكم...؟.
اين ما تعلموه من الرسول اذن..؟.
لقد ترك الرسول في حياته في مواقف كثيرة من قبل هؤلاء الناس.
ترك في أحد.
وترك في مسجده وهو يخطب فيهم ونزل فيهم قوله تعالى: (وتركوك قائما) وترك وهو يلفظ أنفاسه وطلب منهم إحضار قلم وقرطاس ليكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده أبدا.
وترك بعد وفاته...(44).
ومثل هذا السلوك إن دل على شيء فإنما يدل على مدى استحكام أمر الدنيا وطغيانها على كثير من هؤلاء..
ولعل هذا هو ما يشير إليه قوله تعالى: (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة).
الملاحظة الخامسة: بيعه أبي بكر كانت فلتة.. لماذا..؟
الحمد لله أن هذه المقالة جاءت على لسان عمر مدبر أحداث السقيفة وقاطف ثمرتها ولو كانت قد جاءت على لسان سواه لكان للقوم فيها كلام آخر..
لقد قال عمر مانصه: ألا أن بيعة أبا بكر كانت فلتة وقى الله الأمة شرها. فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه. فأيما رجل بايع من غير مشورة من المسلمين فإنهما تغرة أن يقتلا...(45).
أليس هذا اعتراف صريح من عمر بأن ما حدث في السقيفة كان أمرا بعيدا عن الشورى بل كان بعيدا عن روح الإسلام بحيث يوجب على فاعله القتل تقديرا لخطورته وجسامته وآثاره الوخيمة على الأمة....
ان قول عمر هذا يؤكد ان حروب الردة ومانعى الزكاة التي خاضتها فوات أبو بكر بقيادة خالد بن الوليد لم تكن في حقيقتها سوى حركة تمرد على حكم أبي بكر: وقد تكون هناك حالة ردة من البعض إلا أن الظاهر أن هذا الصدام العسكري كانت له اسبابه القبلية ولعل خالد وتجاوزته في مواجهة هذه الانتفاضة ما يدعم هذا التصور..(46).
وكان مناسبة هذا الكلام كما يروي البخاري أن عمر بلغه كلام إناس يقولون لو مات مات عمر لتولاها فلان. فقام عمر خطيبا وقال هذا الكلام...(47).
فهل كان المقصود من كلام عمر هذا هو ردع اتجاه برز في المدينة ينادي بالشورى ويطعن في أحداث السقيفة وطريقة اختيار الخليفة الأول..؟
لا يعنينا هنا بقدر كبير الإجابة على هذا السؤال وأن كانت إجابته واضحة. وإنما يعنينا هو اعتراف عمر بأنه بيعة أبا بكر كانت فلتة وكان من الممكن أن تكون لها آثارا خطيرة على الأمة لولا لطف الله. فإن كلام عمر هذا لا يعني إلا شيئا واحدا هو أن بيعته هو أيضا كانت فلتة..
فلماذا قال عمر عن بيعة أبي بكر أنها كانت فلتة ونسى أنه استخلف بوصية منه...؟
ويروى البخاري أن عمر قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يدبرنا. فإن يك قد مات فإن الله قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به بما هدى الله محمدا. وأن أبا بكر صاحب رسول الله ثاني اثنين. فإنه أولى الناس بأموركم فقوموا فبايعوه.
وقال عمر لأبي بكر إصعد المنبر. فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة...(48).
ورواية البخاري المذكورة تعطينا إشارات جديدة حول موقف عمر وكونه المحرك الأول لعلمية اختيار أبي بكر. وهي تكشف لنا من وجه آخر أن أبا بكر قد أقحم في الأمر ولم تكن له رغبة فيه وهذا واضح من إلحاح عمر عليه بالصعود إلى المنبر ليبايعه الناس. وهذه إشارة إلى كونه غير منصوص عليه بشيء وأن الأمر لا يخرج عن كونه محاولة استثمار لظرف طارئ...
وهذا أبو بكر يقول: هذا عمر وأبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا..
فإذا كان أبو بكر قد تنازل عن ترشيح نفسه وقدم عمر وأبو عبيده ألا يدل هذا على أن الأمر لا يخرج عن كونه مواقف فردية ارتجلت في حينها لمواجهة الأنصار..؟
وإذا ما تأملنا قول عمر: وأنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر إنا خشينا إن فارقنا القوم – الأنصار - ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة. فإما أن نبايعهم على ما نرضى أو نخالفهم فيكون الفشل..
وتأمل قوله وهو في الطريق إلى السقيفة ومعه أبو بكر وأبو عبيدة محدثا نفسه: كنت أزور في نفسي كلاما في الطريق فلما وصلنا السقيفة أردت أن أتكلم. فقال أبو بكر. مه ياعم... وذكر ما كنت أقدره في نفسي كأنه يخبر عن غيب...
من هذه الروايات نخلص إلى أن الأمر كان من ترتيب القوم بزعامة عمر ولم يكن له وجهه الشرعي ويتضح هذا الأمر من قول عمر حين وفاته: لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته وسالم هو عتيق حذيفة. وهو بذه يخالف نص الإمامة في قريش ويناقض نفسه حين احتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع ان تولي أمورها من كانت النبوة فيهم.

الهوامش:
1- انظر نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري.
2- انظر فتح الباري شرح البخاري ج7/ 30 وما بعدها وج 13/ 206 وما بعدها وانظر كتب التاريخ...
3- لم تكشف لنا الروايات ما كان مشغولا به أبو بكر في بيته بينما الرسول يجهزه للدفن الإمام علي.
4- انظر المراجع السابقة ومروج الذهب للمسعودي والبداية والنهاية لابن كثير...
5- المراجع السابقة.
6- المراجع السابقة.
7- المراجع السابقة.
8- المراجع السابقة.
9- المراجع السابقة.
10- انظر مروج الذهب والإمامة والسياسة لابن قتيبة وتاريخ اليعقوبي.
11- المراجع السابقة.
12- انظر الاستيعاب هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر...
13- انظر مروج الذهب..
14- المراجع السابقة. والمقصود بالثمرة آل البيت...
15- انظر مسلم كتاب الجهاد والسير والبخاريز
16- إنظر فتح الباري ج7/ 105.. وانظر تفاصيل الصدام بين فاطمة وأبي بكر في البداية والنهاية لابن كثير ح6. وكتب التاريخ الأخرى. وكان الهدف عن حجب ميراث فاطمة هو محاصرة آل البيت اقتصاديا من أجل اضعافهم. ومما يدل على ان موقف أبو بكر هذا نابع من القبلية والسياسة أن عمر بن عبد العزيز رد ميراث فدك لآل البيت. ويلاحظ أن موقف أبو بكر هذا مخالف لنصوص القرآن مثل قوله تعالى(وورث سليمان داود) وقوله(يرثني ويرث آل يعقوب)...
17- - انظر تاريخ الطبري ح3/ 198/ والملل والنحل للشهرستاني ح1/ 75 والامامة والسياسة لابن قتيبة ح1/ 12. وتاريخ ابي الفداء ح1/ 156 واليعقوبي2/ 105...
18- انظر تاريخ الطبري...
19- انظر الطبري ومروج الذهب للمسعودي.
20- انظر مروج الذهب.
21- انظر الطبري ج2/ 449 الاستيعاب لابن عبد البر.
22- انظر الطبري..
23- نهج البلاغة ح..1/ خطبة رقم3.
24- انظر مسند أحمد ح3/ 82.
25- انظر مسلم بشرح النووي ج3..
26- انظر البخاري كتاب الفتن والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لم يصرح بهم أبو هريرة؟ وفي هذا النص إشارة إلى ردة الصحابة من بعد الرسول. انظر احاديث الحوض في البخاري...
27- المرجع السابق.
28- انظر مسلم.
29- انظر تفسير الكشاف للزمخشري وكتب التفسير الأخرى..
30- انظر رواية البخاري في حذيفة صاحب سر رسول الله(صلى الله عليه وآله) كتاب فضائل الصحابة. ورواية كان الناس يسألون الرسول عن الخير وكنت أسأله عن الشر. كتاب الفتن. وانظر المحطة الخامسة من ها الكتاب.
31- انظر لنا كتاب الخدعة. وكتاب عقائد السنة وعقائد الشيعة... وانظر المحطة الخامسة من هذا الكتاب.
32- نهج البلاغة ج1 خطبة رقم3.
33- انظر البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فضل ابي بكر.
34- سورة آل عمران.
35- انظر فتح الباري شرح البخاري ح7/ 32.
36- المرجع السابق...
37- اليخاري كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر..
38- انظر كتاب العواصم من العواصم لأبي بكر بن العربي، وهو كتاب يضفي صفة العدالة على جميع الصحابة ويقوم بتأويل النصوص الواردة في ذمهم وتبرير الأحداث التي ارتبطوا بها بمالا بمسهم وبما يخدم الخط الأموي. انظر فتاوى ابن تيمية ح35، وابن كثير البداية والنهاية، وانظر المحاطات القادمة من الكتاب...
39- انظر البخاري ومسلم باب فضل ابي بكر. ومن هذه الروايات: أتت امرأة إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فأمرها أن ترجع إليه. فقال أرايت ان جئت ولم أجدك.. قال: النبي: ان لم تجديني فأتى أبا بكر.
وعلى لسان الإمام علي رواية تقول سئل الإمام من ولده ابن الحنفية أي الناس خير بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: أبو بكر. قال ثم من ؟ قال: عمر. وخشيت أن يقول عثمان قلت ثم أنت. قال: ما أنا ولا رجل من المسلمين...
40- انظ البخاري ومسلم. ومن هذه الروايات قول الرسول(صلى الله عليه وآله) لعمر: ... مالقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك. وقول الرسول فيه: لم أر عبقريا يفري فريه. وقوله كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير ان يكونوا انبياء فإن يكن في أمتي منهم أحد فعمر. انظر لنا كتاب الخدعة. وانظر المحطة القادمة...
41- انظر مناقب عثمان في البخاري ومسلم وشرحيهما لابن حجر والنووي. وأنظر كتاب الخدعة والمحطة الرابعة.
42- انظر مناقب الإمام علي في المرجعين السابقين. وانظر الخدعة والمحطة الخامسة.
43- انظر كتب التاريخ.
44- انظر كتب السيرة والتاريخ وتفسير سورة الجمعة وراجع باب وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله).
45- انظر البخاري كتاب المحاربين ومسند أحمد ح1 وفتح الباري ح12.
46- انظر حوادث الردة في عصر أبي بكر في كتب التاريخ. وقصة خالد مع مالك بن نويره.
47- انظر البخاري وفتح الباري ج7 كتاب فضائل الصحابة.
48- المرجع السابق.

آراء وتفسيرات حول نشوء التشيع






يتجه بعض الكتاب والباحثين والمؤرخين إلى تفسير التشيع باعتباره ظاهرة طارئة أفرزتها مجموعة عوامل إجتماعية, وسياسية, وتاريخية.
وفي تحديد العوامل التي أنتجت الظاهرة الشيعية, وفي التأريخ لبداياتها تعددت الآراء وتباينت التفسيرات.
ونحاول أن نضع بين يدي القارئ أبرز الآراء والتفسيرات التي تناولت هذه الظاهرة وأرخت لها.

الرأي الأول:
يؤرخ لولادة التشيع بالمرحلة التاريخية المبكرة التي أعقبت وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة.
ونلمس هذا الرأي في كلمات بعض الباحثين والمؤرخين منهم:
1- اليعقوبي في تاريخه حيث قال: (وتخلف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار, ومالوا مع علي بن أبي طالب منهم: العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس, والزبير بن العوام, وخالد بن سعيد, والمقداد بن عمرو, وسلمان الفارسي, وأبو ذر الغفاري, وعمار بن ياسر, والبراء بن عازب, وأبي بن كعب)(1).
2- الدكتور أحمد أمين في (فجر الإسلام) حيث قال: (وكانت البذرة الأولى للشيعة, الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه)(2).
3- الدكتور محمد علي أبو ريان في (تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام) حيث قال: (وكان علي بن أبي طالب يرى في الخلافة حقا شرعيا له فهو ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج ابنته فاطمة وأول من آمن بالرسالة, والتف حوله أتباع كانوا يرون الخلافة يجب أن تؤول إلى آل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب)(3).
4- المستشرق جولد تسيهر في (العقيدة والشريعة) حيث يرى أن التشيع نشأ بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وبالضبط بعد حادثة السقيفة, حيث قال: نشأ بين كبار الصحابة, منذ بدأت مشكلة الخلافة, حزب نقم على الطريقة التي انتخب بها الخلفاء الثلاثة الأول وهم أبو بكر وعمر وعثمان, الذين لم يراع في انتخابهم درجة القرابة من أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) وقد فضل هذا الحزب بسبب هذا الاعتبار, أن يختار للخلافة علي بن أبي طالب ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وأدنى قريب له, والذي كان فضلا ع ذلك زوجا لابنته فاطمة. ولم يجد هذا الحزب فرصة مواتية يسمع فيها صوته عاليا(4).

الرأي الثاني:
يفترض ولادة التشيع في عصر الخليفة عثمان بن عفان نتيجة أحداث وتناقضات برزت في داخل المجتمع الإسلامي, هيأت جوا ملائما لنشوء الفرق والأحزاب والانتماءات. (ومن الذاهبين لذلك جماعة من المؤرخين والباحثين منهم: ابن حزم وجماعة آخرون ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في كتابه (عوامل وأهداف نشأة علم الكلام ج1/ 105) وقد استند إلى مبررات شرحها)(5).

الرأي الثالث:
ينسب ولادة التشيع إلى أيام خلافة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث توافرت الظروف الملائمة لبروز هذه الحالة، (ومنهم من يرد ظاهرة التشيع إلى عهد خلافة الإمام علي (عليه السلام), وما هيأه ذلك العهد من مقام سياسي واجتماعي على مسرح الأحداث)(6).
ونجد عند ابن النديم في (الفهرست) هذا اللون من التوجه في تفسير الظاهرة الشيعية, حيث قال: (ولما خالف طلحة والزبير عليا (عليه السلام), وأبيا إلا الطلب بدم عثمان بن عفان, وقصدهما علي (عليه السلام), ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جل اسمه, تسمى من اتبعه على ذلك, الشيعة فكان يقول: شيعتي)(7).
وهناك من الباحثين من يفترض ولادة التشيع يوم واقعة صفين, من هؤلاء عبد العزيز الدهلوي حيث قال: ظهر لقب الشيعة في سنة27 هـ(8). وفي هذا السنة حصلت واقعة صفين(9).

الرأي الرابع:
يعتبر التشيع ظاهرة تمخضت عن الظروف والملابسات التي أنتجتها واقعة كربلاء, وما أفرزته من تطورات جديدة في داخل الساحة الإسلامية.
ويمكن أن نلمس هذا الاتجاه عند:
1- الدكتور مصطفى الشيبي في كتابه (الصلة بين التصوف والتشيع) حيث قال: (على أننا نرى أن التشيع السياسي, وإن ظهر في الفترة التي افترضها الباحثون السابقون, إلا أن دلالة الإصطلاح (شيعة) على الكتلة التي ندرسها من المسلمين وانصرافه إليهم دون غيرهم, قد بدأ بحركة التوابين التي ظهرت سنة 62هـ وانتهت بالفشل سنة 65هـ وكان قائد الحركة يلقب بشيخ الشيعة)(10).
2- (بروكلمان) في كتابه (تاريخ الشعوب الإسلامية): حيث يرى أن مقتل الحسين (عليه السلام) أعطى للفكرة الشيعية طابعا جديدا متطورا, إذ قال: (والحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين والتي لم يكن لها أي أثر سياسي, قد عجلت في التطور الديني للشيعة حزب علي, الذي أصبح في ما بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب(11).
وهنا أرى من الضرورة وضع ملاحظتين حول كلام بروكلمان وليس بهدف نقد وتقويم هذا الرأي, فذلك متروك لنتائج وخلاصات البحث, وإنما هو التنبيه العابر الذي يوجه ذهنية القارئ إلى بعض الإلتفاتات الفورية التي لا يحسن إرجاؤها.
الملاحظة الأولى:
لا نتفق مع بروكلمان في نفيه الأثر السياسي لثورة كربلاء, فالواقع التاريخي يؤكد عمق الأثر السياسي الذي أنتجته هذه الثورة في الساحة الإسلامية فمن نتائجها السياسية:
1- الوعي السياسي الجديد الذي بدأ يتكون في ذهنية الأمة وما يحمله هذا الوعي من رؤى وتصورات حول أنظمة الحكم القائمة, والكيانات السياسية المتسلطة.
2- الحس الثوري الذي أخذ يتفاعل مع وجدان الجماهير وينمي في داخل الأمة حالات الرفض والتصدي.
3- الإنتفاضات والثورات التي تفجرت في مراحل تاريخية تالية, عبرت عن صحوة سياسية كبيرة أحدثتها ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء(12).
الملاحظة الثانية:
إننا نرفض مقولة بروكلمان بأن حزب علي أصبح ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب فهي مقولة لا تملك أي مبرر موضوعي ولا تحمل أي مستند علمي وإنما تعبر عن إحدى حالات التحريف التاريخي التي شوشت الكثير من الرؤى والمفاهيم والأفكار.

الرأي الخامس:
يعطي لظاهرة التشيع إنتماء إلى جذور خارجية... وأصحاب هذا الاتجاه ينحون منحيين مختلفين:
المنحى الأول:
يحاول تنسيب الظاهرة إلى الأصول اليهودية.
ومن المؤرخين والباحثين الذي تبنوا هذا المنحى:
1- الطبري في تاريخه حيث قال: (عن سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي قال: كان عبد الله بن سبأ يهوديا من أهل صنعاء, أمه سوداء فأسلم زمان عثمان, ثم تنقل في بلدان المسلمين يحاول ضلالتهم, فبدأ بالحجاز ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام)(13)... وتحدث الطبري عن بعض أفكار عبد الله بن سبأ: (ثم قال لهم: إنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي, وكان علي وصي محمد, محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء)(14).
2- محمد فريد وجدي في (دائرة المعارف) حيث قال: (وكان ابن السوداء (عبد الله بن سبأ) في الأصل يهوديا من أهل الحيرة, فأظهر الإسلام وأراد أن يكون له عند أهل الكوفة سوق ورياسة, فذكر لهم أنه يجد في التوراة أن لكل نبي وصيا, وأن عليا وصي محمد....)(15).
وأمام هذا الرأي أضع الملاحظات العابرة التالية كتنبيهات عاجلة, تاركا الرؤية التقويمية التفصيلية إلى الخلاصات التي يتمخض عنها هذا البحث.. وملاحظاتنا العاجلة على هذا المنحى:
أولا: المصدر التاريخي الأول الذي دون قضية (عبد الله بن سبأ) هو الطبري, ومنه استقت بقية المصادر الأخرى القديمة والحديثة.
ثانيا: الأساس الوحيد الذي اعتمد الطبري في تدوين هذه القضية هو (روايات سيف بن عمر).
ثالثا: فإذا استطاع البحث العلمي:
أ- ان يسقط وثاقة (سيف بن عمر) على مستوى الرواية.
ب- وأن يثبت اسطورية (ابن سبأ) على مستوى الواقع التاريخي فإن هذا المنحى ينهار من أساسه. وفعلا توافر هذا الموضوع على دراسات علمية مستوعبة أكدت الحقيقتين الآنفتين)(16).
المنحى الثاني:
يحاول تنسيب الظاهرة إلى الأصول الفارسية...وهذا الاتجاه نجد له صدى واضحا في كتابات ودراسات أكثر المستشرقين, كما نجد له تلميحات وإيحاءات عند بعض الكتاب من المسلمين كأبي زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية), حيث قال: وفي الحق, إنا نعتقد أن الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك ووراثته, والتشابه بين مذهبهم ونظام الملك الفارسي واضح وزكي، ومن هذا أن أكثر أهل فارس إلى الآن من الشيعة, وأن الشيعة الأولين كانوا من الفرس(17).
ونجد كذلك عند أحمد عطية الله في كتابه (القاموس الإسلامي) حيث قال: تشتمل تعاليم السبئية على جذور العقيدة الشيعية التي نبعت من أصول يهودية وتأثرت بالمزدكية(18) الفارسية, فرأس هذه الفرقة يهودي يمني الأصل, بينما شاعت بعض العقائد الفارسية كالمزدكية إبان الاحتلال الفارسي لبعض أهل الجزيرة العربية لهذا صادفت السبئية هوى لدى بعض أهل العراق المجاورين للفرس.
وقال أيضا: الحق الإلهي, وهي نظرية انتقلت إلى السبئية والشيعة عامة من الفرس, وتقوم على أن عليا هو الخليفة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وأنه استمد حقه من الإمامة من الله وينتقل هذا الحق بالوراثة إلى أهل بيته(19).
وقال فان فلوتن في كتابه السيادة العربية: ظهرت منذ أيام المختار أفكار جديدة كان لها أثر كبير في نفوس الكثيرين من الشيعة.
ويظهر أن هذه الأفكار التي نشأت في مبدأ أمرها في البيئات غير العربية إنما كانت بقية من عبادة الملوك, تلك العبادة التي كانت مشهورة عند قدماء الفرس بعد أن خالطها بعض العقائد الاشراقية(20).

الرأي السادس:
ويؤرخ لولادة التشيع بزمن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الإمام السادس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)..
يقول الدكتور محمد عمارة في كتابه (الإسلام وفلسفة الحكم): تاريخ نشأة الشيعة مقترن بالفترة الزمنية التي نشأت فيها عقيدة النص ودعوى الوصية من الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام). ومن هنا كان صواب ما ذهب إليه المعتزلة عندما قالوا: إن فترة إمامة جعفر الصادق (عليه السلام), وهي التي نهض فيها هشام بن الحكم بدور واضع قواعد التشيع ومهندس بنائه الفكري, هي الفترة التي يؤرخ بها لهذه النشأة(21).

مرحلة التأصيل والتجذير
بدأت هذه المرحلة في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله).
أهداف هذه المرحلة:
في هذه المرحلة تم إنجاز هدفين على يدي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):
1- تأصيل الصيغة الإصطلاحية.
2- تأصيل الصيغة المضمونية (القيادة والإمامة).

الهدف الأول:
تأصيل الصيغة الإصطلاحية (الكلمة): من خلال قراءة المصادر التاريخية, وكتب الحديث والتفسير واللغة نستطيع أن نتعرف على البدايات الأولى لولادة مصطلح (الشيعة).
ففي مناسبات عدة طرح الرسول (صلى الله عليه وآله) هذا المصطلح, وجذره في وعي الأمة, وأصله في ذاكرتها وعمقه في وجدانها.
وبحجم ما اكدت توجيهات الرسول (صلى الله عليه وآله), وخطاباته هذا المصطلح, فقد تكونت نخبة متميزة من صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) كسلمان الفارسي, وأبو ذر الغفاري, وعمار بن ياسر, والمقداد, تحمل هوى وحبا نحو علي بن أبي طالب, وفي أيام الرسول (صلى الله عليه وآله) حتى أصبح لفظ (الشيعة) لقبا لهؤلاء الصحابة.
ذكر أبو حاتم في كتاب (الزينة): (إن أول اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة, وكان هذا لقب أربعة من الصحابة: أبو ذر, وعمار, والمقداد, وسلمان الفارسي...)(22).
وقال الخونساري في روضات الجنات: اختص باسم الشيعة أولا سلمان الفارسي, وأبو ذر الغفاري, ومقداد بن الأسود, وعمار بن ياسر في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لملازمتهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)(23).
نماذج من النصوص:
1- ابن عساكر في تاريخه: عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة).
فنزل قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(24).
2- ابن حجر في (الصواعق المحرقة): عن ابن عباس قال: لما أنزل الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية). قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (هم أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين, ويأتي عدوك غضابا مقمحين)(25).
3- القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة): عن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة)(26).
4- الشبلنجي في(نور الأبصار): عن ابن عباس قال: لما نزلت الآية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(27). قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وهم راضين مرضيين ويأتي أعدائك غضابا مقمحين)(28).
5- الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: أخرج بالإسناد إلى علي (عليه السلام), قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا علي ألم تسمع قول الله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) هم شيعتك وموعدي وموعدك الحوض يدعون غرا محجلين)(29).
6- الكنجي الشافعي في كفاية الطالب: عن جابر بن عبد الله, قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): قد أتاكم أخي, ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده, ثم قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة, ثم إنه أولكم إيمانا, وأوفاكم بعهد الله, وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية, وأقسمكم بالسوية, وأعظمكم عند الله مزية, قال: ونزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)(30).
7- الخوارزمي في كتاب المناقب: عن جابر, قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) وأقبل علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قد أتاكم أخي, ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده, ثم قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة, ثم قال: إنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية, قال: ونزلت فيه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية), قال: فكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: قد جاء خير البرية(31).
8- الطبري في تفسيره: عن محمد بن علي, قال: لما نزلت الآية (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية), فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت يا علي وشيعتك(32).
9- السيوطي في الدر المنثور: عن علي, قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي: ألم تسمع قول الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية), أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين(33).
10- المناوي في كنوز الحقائق: ذكر أن شيعة علي هم الفائزون(34).
وذكرت كثير من المصادر هذه الألفاظ منها:
1- ابن الصباغ المالكي: الفصول المهمة ص107/ ط بيروت.
2- الشوكاني: فتح القدير ج5 ص398/ ط بيروت.
3- الزرندي: نظم درر السمطين ص92/ ط بيروت.
4- البلاذري: أنساب الأشراف ص182/ ط بيروت.
5- الألوسي: روح المعاني ج16 ص370/ ط بيروت.
6- السبط بن الجوزي: تذكرة الخواص ص27/ ط بيروت.
7- السيوطي: الدر المنثور ج6 ص379/ ط بيروت.

الهدف الثاني:
تأصيل الصيغة المضمونية (القيادة)، (تأصيل مضمون الإمامة): لتناول هذا الجانب إسلوبان:
الأول: اعتماد النصوص والأحاديث.
الثاني: الدراسة التحليلية العقلية.
ونؤجل الأسلوب الأول, إلى الفصل القادم, ونطرح هنا الأسلوب الثاني, لاستكشاف دور الرسول (صلى الله عليه وآله) في تأصيل الصيغة القيادية الإمتدادية...
الرسول (صلى الله عليه وآله) ومستقبل الدعوة والقيادة: كيف تعامل الرسول (صلى الله عليه وآله) مع مستقبل الدعوة والقيادة؟
نعني بمستقبل الدعوة والقيادة, مرحلة ما بعد انتقال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى الرفيق الأعلى... وأمام هذا التساؤل ثلاثة احتمالات:
الأول: السلبية (الصمت واللامبالاة).
الثاني: تفويض الإختيار إلى الأمة (مبدأ الشورى).
الثالث: النص والتعيين.
الإحتمال الأول:
السلبية (الصمت واللامبالاة):
هذا الاحتمال مرفوض, لأنه يستبطن ثلاث دلالات خاطئة:
الدلالة الأولى:
غياب الرؤية المستقبلية عند الرسول (صلى الله عليه وآله): وهذا يتنافى:
1- مع التصور الإيماني لشخصية الرسول (صلى الله عليه وآله) بما تحمله من خصوصية النبوة والإتصال الغيبي.
2- مع الواقع الموضوعي الذي برهن على توافر هذه الرؤية.
وقد أكدت ذلك النصوص التي تحدث عن حالة الإرتداد في داخل الأمة, كما روت مصادر الحديث:
1- البخاري في صحيحه بالإسناد إلى أبي وائل, قال: قال عبد الله: قال النبي (صلى الله عليه وآله): (أنا فرطكم على الحوض ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم إختلجوا دوني فأقول: أي ربي أصحابي, فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك)(35).
2- صحيح البخاري: عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: (أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا, ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم)(36).
3- صحيح مسلم: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ أناس دوني فأقول: يا رب! مني ومن أمتي, فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك, والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم)(37).
4- صحيح مسلم: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (أنا فرطكم على الحوض, ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم فأقول: يا رب! أصحابي... أصحابي... فيقال: إنك لا تدري ما احدثوا بعدك)(38).
5- صحيح مسلم: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي, اختلجوا دوني, فلأقولن: أي رب أصحابي أصحابي, فليقالن لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)(39).

الدلالة الثانية:
مستقبل الدعوة والأمة لا يدخل ضمن اهتمامات الرسول (صلى الله عليه وآله) وهذا يتناقض:
1- مع الاعتقاد بخاتمية الرسالة الإسلامية وعالميتها.
2- مع الإيمان بالجانب الرسالي في شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله).
3- مع الواقع التاريخي الذي برهن على اهتمامات الرسول (صلى الله عليه وآله) بقضايا الرسالة المستقبلية...
ومن الشواهد التاريخية على هذا الاهتمام:
1- قضية جيش أسامة: (كان (صلى الله عليه وآله) على فراش الموت وقد ثقل مرضه, وهو يحمل هم معركة كان قد خطط لها, وجهز جيش أسامة لخوضها, فكان يقول: (جهزوا جيش أسامة, أرسلوا بعث أسامة... ويكرر ذلك ويغمى عليه بين الحين والحين)(40).
2- قضية الدواة والكتف: دونت هذه القضية أهم مصادر الحديث:
1- صحيح البخاري: وردت قضية الدواة والكتف في عدة مواقع من صحيح البخاري:
أ- صحيح البخاري: عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي (صلى الله عليه وآله) وجعه, قال: إيتوني بكتاب, أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده, قال عمر: إن النبي (صلى الله عليه وآله) غلبه الوجع, وعندنا كتاب الله, حسبنا, فاختلفوا وكثر اللغط, قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع, فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين كتابه(41).
ب- صحيح البخاري: عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء, فقال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه يوم الخميس فقال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا, فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع, فقالوا: هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه)(42).
ج- صحيح البخاري: (عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس (رضي الله عنهما): يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى, قلت: يا ابن عباس وما يوم الخميس, قال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه فقال: ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع, فقالوا: ماله أهجر استفهموه فقال: (ذروني فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه)(43).
د- صحيح البخاري: عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب, قال النبي (صلى الله عليه وآله): هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبي (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن, حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي (صلى الله عليه وآله) كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر, فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله) قال الرسول (صلى الله عليه وآله): قوموا, قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: (إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين ان يكتب لهم الكتاب من اختلافهم ولغطهم)(44).
2- صحيح مسلم: ذكرها بثلاث طرق:
أ- عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس ما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى, فقلت: يا ابن عباس ما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعه فقال: (ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي). فتنازعوا وما ينبغي عند نبي تنازع وقالوا: ما شأنه؟ أهجر, استفهموا قال (صلى الله عليه وآله): (دعوني فالذي أنا فيه خير)(45).
ب- عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: يوم الخميس ما يوم الخميس, ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ, قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ايتوني بالكتف والدواة (اللوح والدواة) أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا). فقالوا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يهجر(46).
ج- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: (لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب, فقال النبي (صلى الله عليه وآله): هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن, حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا, فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتابا لن تضلوا بعده, ومنهم من يقول ما قال عمر, فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند رسول الله (صلى الله عليه وآله), قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوموا)(47).

الدلالة الثالثة:
الإعتقاد بأن الأمة وحدها قادرة على احتواء الموقف بكل تناقضاته الحادة, بنحو يحمي الدعوة من خطر الإنهيار, ويصون المسيرة من منزلقات الإنحراف.
وهذا الإعتقاد غير وارد:
1- لأن خلو الساحة من قائد بمستوى النبي (صلى الله عليه وآله) يضع الأمة أمام صدمة عنيفة تفقدها القدرة على اتخاذ القرار الصائب.
2- الأمة لم تكتمل صياغتها بالدرجة التي تؤهلها أن تمارس دورها بدون ترشيد وتخطيط من قبل القيادة المتمثلة في الرسول (صلى الله عليه وآله).
3- وجود مجموعة أخطار تهدد مستقبل الدعوة والرسالة:
- التناقضات التي تعيش في داخل الأمة.
- طابور المنافقين المتستر.
- إرهاصات الإرتداد وادعاءات النبوة التي بدأت تتحرك هنا وهناك.

الخلاصة:
من خلال ما مر من نقاط, يتضح لنا فساد (الإحتمال الأول).
الإحتمال الثاني:
تفويض الإختيار إلى الأمة (مبدأ الشورى): هذا الاحتمال يفترض أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد منح الأمة صلاحية إختيار القيادة الفكرية والروحية والسياسية التي ترعى المسيرة وتصون التجربة, وذلك من خلال مبدأ الشورى.
ولنا حول هذا الاحتمال عدة مناقشات وإشكالات:
الإشكال الأول: عدم توافر النص الذي يدعم هذا الاتجاه: فليس في الروايات التي بين أيدينا والمدونة في مصادر الحديث المعتمدة ما يشير إلى ذلك, في حين أن المسألة في هذا الاتجاه لو كانت مطروحة من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) لكان لها وجود واضح في خطابات الرسول (صلى الله عليه وآله) وبياناته لتوافر الدواعي والأسباب لذكرها وعدم إخفائها ومصادرتها:
أ- فهي تخدم الإتجاه الذي تسلم زعامة الأمة.
ب- حداثة هذا المبدأ في ذهنية الأمة مما يفرض توعية مكثفة وطرحا مركزا.
فغياب النص يلغي هذا الاحتمال تماما.
آيات الشورى في القرآن: قد يقال بأن آيات الشورى الي وردت في القرآن تدعم هذا الاتجاه... فأمامنا نصان قرآنيان يتحدثان عن الشورى:
النص الأول:
قوله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم, ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك, فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر, فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)(48).
النص الثاني:
قوله تعالى: (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة, وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون)(49).
فهل النصان يطرحان (مبدأ الشورى) كصيغة سياسية لاختيار القيادة؟
نجيب عن هذا التساؤل ضمن النقاط التالية:
1- النصان أجنبيان عن موضوع القيادة والخلافة: فالنص الاول توجيه للرسول (صلى الله عليه وآله) ان يدعو المسلمين إلى القتال بأسلوب المشاورة, مع تأكيد النص بأن الموقف مناط بعزم الرسول (صلى الله عليه وآله) وقناعاته لا بمشورة المسلمين, وقد برهنت حالات المشاورة على صوابية إختيار الرسول (صلى الله عليه وآله) كما حدث في غزوة بدر(50).
وأما النص الثاني فلا يستفاد منه أكثر من رجحان التشاور بين المؤمنين في أمورهم(51).
2- التشاور لا يمكن أن يكون في القضايا التي ورد فيها تحديد شرعي, فليس لأحد صلاحية في قبال تشريعات الله تعالى... قال الله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة)(52).
وقال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم, ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)(53).
ومسألة الإمامة تدخل ضمن المساحة المحددة شرعا, كما سنثبت ذلك, فهي بالتالي تكون خارجة عن الدائرة التي تعالجها آيات الشورى...
3- قضية القيادة والإمامة لا يمكن أن تناط بالأمة لعدة اعتبارات:
أ- الإعتبار الشرعي: حيث حددت النصوص مسألة الإمامة كما سنرى..
ب- الإعتبار الفكري: حيث تمثل الإمامة (المرجعية) التي تمون الأمة بالرؤى والأفكار والتصورات والتشريعات, فلا يمكن أن يعطى للأمة صلاحية تحديدها وإختيارها.
ج- الإعتبار النفسي: فقضية القيادة تملك حساسية كبيرة وتتأثر بانفعالات الناس وعواطفهم وتوجهاتهم الفكرية والنفسية وإنتماءاتهم العقائدية والإجتماعية والسياسية, فمن الصعب أن تترك لإختياراتهم.
د- الإعتبار العقلي: فالأمة مهما توافرت على أعلى المستويات من النزاهة والموضوعية والتحرر من المؤثرات واللاشعورية, فإنها تبقى محكومة للرؤية العقلية المحدودة العاجزة عن (إختيار الأصلح).
الإشكال الثاني: ويواجه صيغة الشورى إشكال (الغموض التشريعي) ونعني به عدم وضوح المعالم التشريعية لهذه الصيغة, فلا نملك بين أيدينا تحديدا تشريعيا لهذا المبدأ السياسي الجديد.
- معناه وحدوده وتفاصيله؟
- موازينه ومقاييسه وضوابطه؟
- أدواته التنفيذية ووسائله التطبيقية؟
فالقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد طرح هذا المبدأ وألزم الامة بتنفيذه يفرض:
أولا: أن يقوم الرسول (صلى الله عليه وآله) بتحديد معالمه الواضحة.
ثانيا: أن يمارس (صلى الله عليه وآله) إعدادا فكريا وروحيا وسياسيا للتعاطي مع هذا المبدأ.
ثالثا: أن يهيء نماذج متعددة مؤهلة لتولي زعامة التجربة وقيادتها, والإشراف على التشريع وتنفيذه.
فهل نجد في النصوص والأحاديث المدونة في المصادر المعتمدة عند المسلمين ما يجيب عن تلك التساؤلات ويملأ تلك الفراغات؟
نقول بكل جزم أن النصوص لا تسعفنا في الإجابة, ولا نلمس من خلالها أي إشارة تحاول أن تعالج تلك الإبهامات والإشكالات, وتنفي كل ألوان الغموض التي تواجه نظام الشورى, كمبدأ سياسي يمس أخطر قضية في البنية الفكرية والاجتماعية والسياسية.

الإشكال الثالث:
الإشكالية الثالثة التي تواجه أطروحة الشورى أنها لم تتوافر على أي لون من ألوان التطبيق في واقع التجربة التي مارست السلطة وزعامة الأمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله).
ورغم أن الاتجاه الذي تولى السلطة السياسية في هذه المرحلة هو صاحب التنظير لإطروحة الشورى إلا أننا لا نجد لها أي صدى في الممارسة العملية لاختيار القيادة وتعيين الزعامة.
1- المهاجرون والأنصار الذين حضروا (اجتماع السقيفة) لم يفكروا اطلاقا بذهنية الشورى بل لم يرد هذا المصطلح في الخطابات السياسية التي طرحت في ملتقى السقيفة, وهذا واضح من خلال المداولات والمناقشات والممارسات التي طغت على أجواء هذا اللقاء السياسي الأول من نوعه في تاريخ المسلمين, والذي تمخض عنه اختيار أبي بكر للخلافة وقيادة المسيرة.
وإن قراءة متأنية في الأوراق التاريخية التي احتفظت لنا بالملفات الوثائقية لوقائع اجتماع السقيفة, تمنحنا القناعة بصحة الرؤية المطروحة من قبلنا.
2- الخليفة الأول أبو بكر حينما حدد خليفته في زعامة المسلمين لم يتعاط مع نظام الشورى حيث حكم الضرورة السياسية في الإنفراد باتخاذ القرار في تعيين القيادة والسلطة بالنص المباشر على عمر بن الخطاب.
3- الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أولك أمر التعيين إلى ستة من الصحابة, ضمن شروط وضوابط حددها لهم, ولم يجعل لبقية الأمة أي دور حقيقي في الاختيار, بل كان يتمنى إدراك أحد رجلين ليسند إليه الأمر, فحينما طلب منه الناس الاستخلاف قال: (لو أدركني أحد رجلين لجعلت هذا الأمر إليه, لوثقت به, سالم مولى أبي حذيفة, وأبي عبيدة بن الجراح, ولو كان سالم حيا ما جعلتها شورى)(54).
الخلاصة:
في ضوء ما أوردناه من ملاحظات وإشكالات نتجه إلى رفض (الاحتمال الثاني).
وللتعمق أكثر في فهم هذا الاتجاه ومناقشاته يمكن قراءة الكتب التالية:
1- بحث حول الولاية للمفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر.
2- السقيفة للحجة الشيخ محمد رضا المظفر.
3- معالم المدرستين للبحاثة السيد مرتضى العسكري.
4- السقيفة والخلافة للأستاذ عبد الفتاح عبد المقصود.

الاحتمال الثالث: النص والتعيين
وهذا الاحتمال هو الذي يملك عناصر القبول والاختيار:
أولا: لأنه الاحتمال المتعين بعد إلغاء الاحتمالين الآخرين, فالقسمة العقلية تحصر الاحتمالات في ثلاثة:
أ- السلبية...
ب- التفويض للأمة...
ج- النص والتعيين...
فإذا سقط الاحتمالان الأول والثاني بقي الاحتمال الثالث هو المتعين...
ثانيا: ولتوافر النصوص الصريحة (كما سنرى) الدالة على إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة من ذريتهم (عليهم السلام).
فمن خلال هذين العنصرين:
الأول: الذي يؤكد صحة مبدأ النص والتعيين.
والثاني: الذي يحدد المصاديق القيادية.
نخلص إلى النتيجة التالية وهي: (أن الرسول (صلى الله عليه وآله) مارس دور التأصيل للمضمون القيادي, واتخذ كل الإجراءات اللازمة لحمايته وضمانة بقائه وديمومته).
وسوف نتناول هذا الموضوع بالتفصيل في الفصل القادم إن شاء الله.

مرحلة التجسيد والتطبيق
في المرحلة الأولى من مراحل التشيع والتي عاصرت الرسالة تم انجاز مهمتين:
الأولى: تأصيل الصيغة الاصطلاحية:
ومن خلال هذا التأصيل:
1- تكرس هذا المصطلح في ذهنية المسلمين.
2- وترسخت دلالاته الروحية والعاطفية والإيمانية في الواقع النفسي والشعوري والذهني للأمة.
الثانية: تأصيل المضمون القيادي:
ومن خلاله تم وضع (أطروحة الإمامة) في داخل البنية الإسلامية الفكرية والروحية والسياسية والاجتماعية, وتمثلت هذه الأطروحة في (زعامة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)) بعد الرسول (صلى الله عليه وآله).
وفي المرحلة الثانية بدأت حالة التجسيد العملي لاطروحة الإمامة حيث اتجه شطر من الأمة يمثله صحابة كبار إلى الالتزام بالنص الشرعي على إمامة أهل البيت (عليهم السلام).
وبدأت المرحلة الثانية بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة.

اتجاهان حول الخلافة:
بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) مباشرة تحرك في داخل الساحة الإسلامية اتجاهان حول مسألة الخلافة:
الاتجاه الأول:
الاتجاه التعبدي:
هذا الاتجاه كان يؤمن:
1- بالنص الصادر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حول إمامة علي بن أبي طالب (عليه السلام).
2- وبوجوب التعبد بهذا النص.
ممثلو الاتجاه الأول:
وقد مثل الاتجاه التعبدي نخبة من كبار الصحابة منهم:
1- سلمان الفارسي.
2- أبو ذر الغفاري.
3- عمار بن ياسر.
4- المقداد.
5- أبو أيوب الأنصاري.
6- خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين.
7- أبو الهيثم بن التيهان.
الاتجاه الثاني:
الاتجاه الاجتهادي:
وهذا الاتجاه كان يرى إمكانية الاجتهاد في نصوص الإمامة والتصرف فيها, ما دامت المسألة خارج دائرة العبادات والغيبيات. وقد اضطر هذا الاتجاه إلى تجميد اطروحة زعامة الإمام علي (عليه السلام) وإسناد السلطة إلى غيره حسب القرار الذي أنتجه (اجتماع السقيفة).
ممثلو هذا الاتجاه:
وقد مثل هذا الاتجاه الاجتهادي الذي قدر له أن يحكم ويتسلم زعامة السلطة, ويمتد في داخل الأمة عدد من الصحابة الكبار منهم:
1- أبو بكر.
2- عمر بن الخطاب.
3- عثمان بن عفان.
4- أبو عبيدة بن الجراح.
وللتعرف على المزيد من الإيضاحات حول:
- هذين الاتجاهين: التعبدي والاجتهادي.
- أو هاتين المدرستين: مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء.
- أو هاتين الاطروحتين: الإمامة والسقيفة..
تقرأ الكتب التالية:
1- بحث حول الولاية للشهيد محمد باقر الصدر.
2- معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري.
3- السقيفة للشيخ محمد رضا المظفر.

التشيع تجسيد لمبدأ الإمامة:
من خلال الفهم الذي طرحناه حول مسألة الإمامة, ومن خلال تحديد الاتجاه الذي تعاطى مع هذا الفهم يمكن أن نقول:
1- إن التشيع تجسيد لمبدأ الإمامة.
2- وإن التشيع نتاج طبيعي لحركة الدعوة.
3- وإن التشيع ولادة شرعية أنجبتها أحشاء الرسالة.
4- وإن التشيع تعبير أصيل لواقعية التجربة الإسلامية بما تحمله من طموحات كبيرة في استمرارية النمو الثوري والحركة التغييرية..
يقول المفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر: (وهكذا وجد التشيع في إطار الدعوة الإسلامية متمثلا في الأطروحة النبوية التي وضعها النبي (صلى الله عليه وآله) بأمر من الله للحفاظ على مستقبل الدعوة.
وهكذا وجد التشيع لا كظاهرة طارئة على مسرح الأحداث بل كنتيجة ضرورية لطبيعة تكون الدعوة وحاجاتها وظروفها الأصيلة التي كانت تفرض على الإسلام أن يلد التشيع.
وبمعنى آخر: كانت تفرض على القائد الأول للتجربة أن يعد قائدها الثاني, الذي تواصل على يده ويد خلفائه نموها الثوري, وتقترب نحو اكتمال هدفها التغييري في اجتثاث كل رواسب الماضي الجاهلي وجذوره, وبناء أمة جديرة على مستوى متطلبات الدعوة ومسؤولياتها)(55).
وهكذا ولدت الحالة الشيعية كجزء أصيل في مسيرة الرسالة, وكضرورة تحتمها حركة الدعوة.
وإن إلغاء هذه الحالة في جسم الرسالة, وفي كيان الدعوة يعني عملية بتر وتشويه للبنية المتناسقة في هذا الجسم, وعملية استئصال لأجزاء حية أساسية في هذا الكيان, ومحاولة خطيرة لتغيير المسار الطبيعي لحركة الإسلام, وتعطيل واضح لدور القيادة في مسيرة الأمة.
ونحن في فهمنا هذا للحالة الشيعية لا نصدر عن انفعالات مأسورة لتأثيرات انتمائية أو لضغوطات شعورية ولا شعورية وإنما هي القناعات الفكرية التي أنتجتها الرؤية المتأملة في الأدلة, وصاغتها حالة التعاطي الموضوعي مع النصوص.
أو بحسب تعبير الإمام شرف الدين في (مراجعاته) حيث قال: (إن تعبدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة, لم يكن لتحزب أو لتعصب ولا لريب في اجتهاد أئمة تلك المذاهب ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم, وجلالتهم علما وعملا, لكن الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمة من أهل النبوة وموضع الرسالة, ومختلف الملائكة, ومهبط الوحي والتنزيل, فانقطعنا إليهم في فروع الدين وعقائده, وأصول الفقه وقواعده, ومعارف السنة والكتاب, وعلوم الأخلاق والسلوك والآداب, نزولا على حكم الأدلة والبراهين, وتعبدا بسنة سيد النبيين والمرسلين (صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين).
ولو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد (صلى الله عليه وآله) أو تمكنا من تحصيل نية القربة لله سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور وقفونا أثرهم, تأكيدا لعقد الولاء, وتوثيقا لعرى الإخاء, لكنها الأدلة القطعية تقطع على المؤمن وجهته وتحول بينه وبين ما يروم)(56).

مرحلة الوضوح والإمتداد
كانت البدايات الأولى لهذه المرحلة في عصر الإمام الباقر (عليه السلام) (الإمام الخامس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 75- 14هـ)(57) حيث توافرت الظروف الموضوعية الملائمة لطرح الأفكار التفصيلية التي تبنتها مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
وتنامت هذه الحركة التفصيلية في طرح الأفكار والمفاهيم وإبراز المعالم الواضحة لمدرسة الأئمة (عليهم السلام) في أيام الإمام الصادق (عليه السلام) (الإمام السادس من أئمة أهل البيت (عليهم السلام): 83- 148هـ)(58).
أهم أهداف هذه المرحلة:
توافرت المرحلة الثالثة على مجموعة أهداف, حاول الأئمة (عليهم السلام) من خلالها أن يعطوا لهذه المرحلة طابعها المتميز بالوضوح والامتداد مما أنتج حالة نشطة في الحركة الانتمائية إلى خط أهل البيت (عليهم السلام), بما يحمله هذا الخط من خصائص تجسد المضمون الأصيل للرسالة.
وقد اعتمد الأئمة (عليهم السلام) في هذه المرحلة مسارين متوازيين:
المسار الأول:
تأكيد الحالة الإسلامية العامة:
ويتجسد هذا المسار في الحفاظ على الهوية الإسلامية بكل عناصرها العامة, وتحصين الأمة في مواجهة أساليب التحريف والتمييع, وتأصيل المضامين التوحيدية في حركة المجتمع..
المسار الثاني:
تأكيد الحالة الانتمائية الخاصة:
ويتجسد هذا المسار في التوجه لبناء الكتلة الخاصة المنتمية إلى مدرسة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام).
ومن خلال هذا المسار أعطى الأئمة (عليهم السلام) للحالة الشيعية خصائصها المتميزة فكريا وروحيا وسياسيا..
ولا يشكل هذا المنحى حالة تناقضية مع المنحى الأول, ولا يمثل تكريسا للصيغة التجزيئية في حركة الأمة, فالأئمة (عليهم السلام) وهم يمارسون بناء (الكتلة الخاصة) أكدوا على حقيقتين هامتين:
الأولى: التأكيد على الصبغة الإسلامية الأصيلة في كل ما يطرحون من أفكار ومفاهيم وتصورات, وهذا يعطي (للجماعة الخاصة) إنتماءها المشدود إلى القرآن والسنة وإلى كل المرتكزات المشتركة في حركة الأمة.
الثانية: التأكيد على حالة التواصل والانفتاح, والحضور الدائم في داخل الأمة.. وهذا يجنب (الجماعة المنتمية) النزعة الانعزالية الانزوائية, ويوفر أجواء مفتوحة أمام الرؤى والتصورات الأصيلة التي يريد الأئمة (عليهم السلام) إيصالها إلى ذهنية الأمة. وفي ضوء المسار الثاني المتمثل في بناء (الكتلة الصالحة) يمكن أن نحدد أهم أهداف المرحلة الثالثة ضمن النقاط التالية:
1- إيضاح المعالم التفصيلية.
2- إعداد الكوادر المؤهلة لحمل مسؤوليات هذه المرحلة.
3- توسيع القاعدة المنتمية إلى خط الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام).
ونحاول أن نتناول هذه الأهداف بشيء من التفصيل..
الهدف الأول:
إيضاح المعالم التفصيلية:
إذا كان التشيع في المرحلة الأولى يمثل نظرية, وفي المرحلة الثانية يمثل حالة تطبيقية لم تتوافر لها الظروف الموضوعية للوضوح والتجلي, فإنه في المرحلة الثالثة يمثل الحالة التطبيقية الواضحة في معالمها وأفكارها وأهدافها.
ولإبراز هذا الجانب نتناول مسألتين:
الأولى: مسألة الإمامة.
الثانية: مسألة الفقه والحديث.
المسألة الأولى:
مسألة الإمامة:
هذه المسألة كانت تملك وضوحا منذ تم وضع (اطروحة الإمامة) في داخل البنية الإسلامية على يد الرسول (صلى الله عليه وآله)... إلا أن الصيغة السياسية البديلة التي قدر لها أن تحكم زعامة الأمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله), قد جمدت (اطروحة الإمامة) المتمثلة في زعامة الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام).
ومن خلال هذا التجميد والإلغاء, اختفت الكثير من معالم هذه الأطروحة, وبعثرت الأوراق الإثباتية التي كانت تملكها.. وقد تصدى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم للدفاع عن هذه الأطروحة والحفاظ على مستنداتها ووثائقها التاريخية..
ويمثل موقف التصدي والدفاع عن مسألة الإمامة دورا مشتركا مارسه الأئمة من اهل البيت (عليهم السلام) وأتباعهم في كل المراحل التاريخية.
فمنذ اليوم الأول لتجميد أطروحة الإمامة عقب (قرار السقيفة) برزت مواقف التصدي والدفاع.
ولعل موقف الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمثل أبرز وأجرأ المواقف المتصدية لقرار السقيفة, حيث قالت: بعد كلام طويل: ففرض الله الإيمان تطهيرا لكم من الشرك, والصلاة تنزيها عن الكبر, والصيام تثبيتا للإخلاص, والزكاة تزييدا في الرزق, والحج تسلية للدين, والعدل تنسكا للقلوب, وطاعتنا نظاما, وإمامتنا أمنا من الفرقة, وحبنا عزا للإسلام(59).
المرحلة الثالثة ومسألة الإمامة:
من خلال ما توافرت عليه هذه المرحلة من إمكانات ملائمة لطرح مفاهيم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فقد حظيت مسألة الإمامة باهتمام كبير من قبل الأئمة (عليهم السلام) وأتباعهم, والشواهد على هذا الاهتمام كثيرة نذكر منها:
1- الأحاديث المكثفة الصادرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) حول مسألة الإمامة.
2- الاحتجاجات العقائدية والمناظرات الكلامية التي مارستها الكوادر المنتمية إلى مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).

3- الكتابات حول مسألة الإمامة.
1- الأحاديث المكثفة حول مسألة الإمامة:
فقد أكد أئمة هذه المرحلة في أحاديثهم وكلماتهم على قضية الإمامة, للحفاظ على منطلقاتها الأصيلة في مسار الرسالة وحركة الدعوة والتصدي لمحاولات المصادرة التي ألغت خط الإمامة في واقع السلطة وفي واقع الأمة..
ونضع بين يدي القارئ نماذج محدودة كعينات من النصوص الصادرة عن الأئمة (عليهم السلام) في هذه المرحلة:
1- أحاديث صادرة عن الإمام الباقر (عليه السلام).
2- أحاديث صادرة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
أحاديث صاردة عن الإمام الباقر (عليه السلام):
1- قال (عليه السلام): (إن الائمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كعدد نقباء بني إسرائيل, وكانوا اثني عشر, الفائز من والاهم, والهالك من عاداهم)(60).
2- وقال (عليه السلام): (نحن اثنا عشر إماما, منهم حسن وحسين, ثم الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام))(61).
3- وقال (عليه السلام): (الأئمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنا عشر, الثاني عشر هو القائم (عليه السلام))(62).
4- وقال (عليه السلام): (تكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم)(63).
5- وقال (عليه السلام): (إن الله عز وجل أرسل محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا)(64).

أحاديث صادرة عن الإمام الصادق (عليه السلام):
1- وقال (عليه السلام): (الأئمة اثنا عشر....)(65).
2- وقال (عليه السلام): (نحن اثنا عشر مهديا).
3- عن عبد الله بن أبي الهذيل سأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن الإمامة في من تجب؟ وما علامة من تجب له الإمامة؟
فقال (عليه السلام): (إن الدليل على ذلك, والحجة على المؤمنين, والقائم بأمور المسلمين والناطق بالقرآن, والعالم بالأحكام, أخو نبي الله (صلى الله عليه وآله), وخليفته على أمته, ووصيه عليهم, ووليه الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى, المفروض الطاعة بقول الله عز وجل: (ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)(67).
الموصوف بقوله عز وجل: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)(68). المدعو إليه بالولاية, المثبت له الإمامة يوم غدير خم بقول الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الله عز وجل: (ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى, قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه, اللهم وال من والاه, وعاد من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله, وأعن من أعانه).
ذلك علي بن أبي طالب, أمير المؤمنين, وإمام المتقين, وقائد الغر المحجلين, وأفضل الوصيين, وخير الخلق أجمعين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثم الحسنان سبطا رسول الله, وابنا خيرة النسوان, ثم علي بن الحسين, ثم محمد بن علي, ثم جعفر بن محمد, ثم موسى بن جعفر, ثم علي بن موسى, ثم محمد بن علي, ثم علي بن محمد, ثم الحسن بن علي, ثم ابن الحسن (عليه السلام)...
وهم عترة الرسول (صلى الله عليه وآله), المعروفون بالوصية والإمامة, لا تخلو الأرض من حجة, والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وكل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى, وهم المعبرون عن القرآن, والناطقون عن الرسول (صلى الله عليه وآله) بالبيان, وأن من مات ولا يعرفهم مات ميتة جاهلية, ودينهم الورع والعفة والصدق, والصلاح والاجتهاد...)(69).

2- الاحتجاجات العقائدية والمناظرات الكلامية:
في الفترة التي عاصرت هذه المرحلة من مراحل التشيع نشطت الحركة الكلامية بما زخرت به من حوارات ومناظرات عقائدية ومذهبية, أعطت للخلاف بين الفرق والمذاهب طابعا جديدا طغت عليه الصنعة الجدلية والعقلية.
وقد خاضت الكوادر التي أنتجتها مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) في هذه المرحلة معركة الحوارات والمناظرات بما تملكه من مؤهلات علمية متميزة صاغتها الرعاية الخاصة التي مارسها الأئمة (عليهم السلام) في إعداد هذه الكوادر.
ونطرح مثالا واحدا من تلك المناظرات لواحد من كوادر مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وهو(هشام بن الحكم)، هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة المتميزين بقوة البديهة والحجة, كان مناظرا حاذقا, ومحاورا جريئا, ومدافعا صلبا عن عقيدة الإمامة.
قال ابن النديم في الفهرست: (هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة, ممن فتق الكلام في الإمامة, وهذب المذهب والنظر, وكان حاذقا بصناعة الكلام, حاضر الجواب)(70).
وقال الزركلي: (هشام بن الحكم الشيباني بالولاء, الكوفي, أبو محمد: متكلم مناظر, كان شيخ الإمامية في وقته, ونشأ بواسط, وسكن بغداد, وكان حاضر الجواب, وصنف كتبا منها: (الإمامة) و(القدر) و(الشيخ والغلام) و(الدلالات على حدوث الأشياء) و(الرد على المعتزلة في طلحة والزبير) و(الرد على الزنادقة) و(الرد على من قال بإمامة المفضول))(71).
وقال الدكتور أحمد أمين: (أما هشام بن الحكم فيظهر أنه أكبر شخصية شيعية في علم الكلام, كان من تلاميذ جعفر الصادق (عليه السلام), وكان جدلا قوي الحجة, ناظر المعتزلة وناطروه, ونقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة تدل على حضور بديهته وقوة حجته)(72).
وقد وردت في حق هشام بن الحكم روايات مدح وثناء من قبل الأئمة (عليهم السلام):
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (يا هشام لا زلت مؤيدا بروح القدس)(73).
وقال (عليه السلام): (هذا ناصرنا بقلبه ولسانه)(74).
وقال الإمام الرضا (عليه السلام) عنه: (رحمه الله ما كان أذيه عن هذه الناحية)(75).
المناظرة بين هشام بن الحكم وزعيم المعتزلة:
(يحدثنا هشام بن الحكم عن المناظرة الكلامية التي دارت بينه وبين عمرو بن عبيد زعيم المعتزلة...
يقول هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة, وعظم ذلك علي, فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة, وأتيت مسجد البصرة, فإذا أنا بحلقة كبيرة, وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف, وشملة مرتدي بها, والناس يسألونه, فاستفرجت الناس فأفرجوا لي, ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم أنا رجل غريب أتأذن لي فأسألك عن مسألة؟
قال: سل.
قلت: ألك عين؟
قال: يا بني أي شيء هذا السؤال؟
فقلت: هذه مسألتي.
قال: سل وإن كانت مسألتك حمقى.
قلت: أجبني فيها.
فقال لي: سل.
فقلت: ألك عين؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع بها؟
قال: أرى بها الألوان والأشخاص.
قلت: ألك أنف؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع به؟
قال: أشم به الرائحة.
قلت: ألك لسان؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع به؟
قال: أتكلم له.
قلت: ألك أذن؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع بها؟
قال: أسمع بها الأصوات.
قلت: ألك يدان.
قال: نعم.
قلت: فما تصنع بهما؟
قال: أبطش بهما, وأعرف بهما اللين من الخشن.
قلت: ألك رجلان؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع بهما؟
قال: أنتقل بهما من مكان إلى مكان.
قلت: ألك فم؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع به؟
قال: أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها.
قلت: ألك قلب؟
قال: نعم.
قلت: فما تصنع به؟
قال: أميز به كل ما ورد على هذه الجوارح.
قلت: أفليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟
قال: لا.
قلت: وكيف ذاك وهي صحيحة سليمة؟
قال: يا بني إن الجوارح إذا شكت في شيء شمته او رأته أو ذاقته ردته إلى القلب, فيتيقن بها اليقين وأبطل الشك.
قلت: فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟
قال: نعم.
قلت: لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح؟
قال: نعم.
قلت: يا أبا مروان إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وينفي ما شكت فيه, ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم وشكهم واختلافهم, لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم, ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك..
قال: فسكت ولم يقل شيئا(76).

3- الكتابات حول مسألة الإمامة:
وتمثل هذه الظاهرة إحدى الدلالات التي عبرت عن اهتمام المرحلة الثالثة بمسألة الإمامة, ففي هذه المرحلة تحركت مجموعة فعاليات فكرية وثقافية للدفاع عن قضية الإمامة والحفاظ على نصوصها وأدلتها, وقد أنتجت المرحلة عدة مؤلفات تناولت مسالة الإمامة, ومن أمثلتها:
1- كتاب(الإمامة)
المؤلف: أبو جعفر محمد بن علي الكوفي الملقب (بمؤمن الطاق) وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
2- كتاب (الإمامة)
المؤلف: الخليل بن أحمد النحوي العروضي (ت 160 أو170هـ) وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
3- كتاب(الإمامة)
المؤلف: هشام بن الحكم الكوفي (ت179هـ) وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام).
4- كتاب(الإمامة)
المؤلف: أبو جعفر السكاك (تلميذ هشام بن الحكم).
5- كتاب (الإمامة)
المؤلف: أبو جعفر أحمد بن الحسين الصيقل الكوفي من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام).
6- كتاب (الإمامة)
المؤلف: عبد الله بن مسكان وهو من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام).
7- كتاب (الإمامة)
المؤلف: أبو يوسف يعقوب بن نعيم الكاتب وهو من أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام).
المسألة الثانية:
الفقه والحديث:
توافرت المرحلة الثالثة على مجموعة عوامل ساهمت في انتشار علوم آل محمد (صلى الله عليه وآله), ومن هذه العوامل:
1- التزامن مع المرحلة التاريخية التي شهدت نهايات الدولة الأموية وبدايات الدولة العباسية, وتمتد هذه الفترة التاريخية من سنة (95هـ) حتى سنة (170هـ) وقد عاصر هذه الفترة ثلاثة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام):
أ- الإمام الباقر (عليه السلام)(57- 114هـ).
ب- الإمام الصادق (عليه السلام)(83- 148هـ).
ج- الإمام الكاظم (عليه السلام)(128- 183هـ)(77).
2- نمو الحركة العلمية بما أفرزته من انفتاحات فكرية على آفاق مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وعلوم الأئمة (عليهم السلام).
3- حركة التأليف والكتابة:
وقد ساهمت الحركة الكتابية في الاحتفاظ بنتاجات مدرسة أهل البيت في شتى المجالات العقائدية والفكرية والفقهية والعلمية..
علامات بارزة:
ومن الشواهد التي تؤكد حالة التميز لهذه المرحلة في مجالات الفقه والحديث:
1- عدد الرواة:
قال الشيخ المفيد وهو يتحدث عن الإمام الصادق (عليه السلام): (فإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه (عليه السلام) من الثقات على الختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف رجل)(78).
وقال ابن شهر آشوب في المناقب:
(نقل عن الصادق (عليه السلام) من العلوم ما لا ينقل عن أحد, وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات وكانوا أربعة آلاف رجل)(79).
وقال الحسن الوشاء:
أدركت في هذا المسجد (مسجد الكوفة) تسعمائة شيخ كل يقول: (حدثني جعفر بن محمد)(80).
وقال الطبرسي في أعلام الورى: (ولم ينقل عن أحد من سائر العلوم ما نقل عنه. وإن أصحاب الحديث قد جمعوا أسامي الرواة عنه من الثقاة على اختلافهم من المقالات والديانات فكانوا أربعة آلاف رجل(81).
ونص الشيخ شمس الدين محمد بن مكي الشهيد في أول الذكرى أنه كتب من أجوبة مسائل أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أربعة آلاف رجل من العراق والحجاز وخراسان والشام(82).
وقال المحقق الحلي في المعتبر:
(روى عن الصادق (عليه السلام) ما يقرب أربعة آلاف رجل)(83).
2- كبار أئمة الحديث والفقه من رواد مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام): ومن العلامات البارزة في هذه المرحلة, وجود عدد من كبار أئمة الحديث والفقه المنتمين إلى مختلف الفرق والمذاهب ضمن تلامذة الإمام الصادق (عليه السلام), ومن هؤلاء:
1- أبو حنيفة - إمام المذهب الحنفي (80- 150هـ):
انقطع إلى مجلس الإمام الصادق (عليه السلام) طوال عامين قضاهما بالمدينة, وفيهما يقول: (لولا السنتان لهلك النعمان)(84).
قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السؤول) وهو يتحدث عن الإمام الصادق (عليه السلام): نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريح ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وشعبة وأيوب وغيرهم(85).
وقال ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة وهو يتحدث عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان, وروى عنه الأئمة الكبار كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفياني وأبو حنيفة وشعبة...)(86).
وجاء في هوامش الصواعق: (وله (للإمام الصادق) منزلة رفيعة في العلم, أخذ عنه جماعة, منهم الإمام أبو حنيفة ومالك, ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط, كان جريئا صداعا بالحق)(87).
2- مالك بن أنس- إمام المذهب المالكي (93- 179هـ): وكان من رواد مجلس الإمام الصادق (عليه السلام) وممن نهلوا من علومه, واستفادوا من دروسه, كما صرح بذلك ابن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السؤول): نقل عنه الحديث واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم مثل يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريح ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وشعبة وأيوب وغيرهم(88).
وابن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة), حيث قال: ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان, وروى عنه الأئمة الاكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وأيوب والسختياني(89).
وأكد ذلك الكثير من الباحثين والدارسين والعلماء والكتاب.
ملاحظة:
الشافعي يعد من تلامذة مالك بن أنس, كما أن أحمد بن حنبل (إمام المذهب الحنبلي) يعد من تلامذة الإمام الشافعي وبناء على ذلك فإن الإمام الصادق (عليه السلام) يعتبر أستاذ الأئمة الأربعة.
3- سفيان الثوري (95- 161هـ)
وهو أحد الأعلام الكبار ومن رؤساء المذاهب الفقهية التي لم يكتب لها الانتشار, وقد حضر مجلس الإمام الصادق واستفاد من علومه وروى حديثه كما صرح بذلك ابن حجر حيث قال: ونقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان, وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وأيوب والسختياني(90).
وقال أسد حيدر:
(سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي المتوفي سنة161هـ, أحد الأعلام ومن رجال الصحاح الستة, ورؤساء المذاهب البائدة, كان كثير التردد على الإمام الصادق, وله أخبار كثيرة يرويها عنه ابن داوود والحلبي والكشي)(91).
3- الأصول المعتمدة في الحديث:
وفي هذه المرحلة دونت (الأصول الأربعمائة) التي ضمت الأحاديث الصادرة عن الإمام الصادق (عليه السلام) في شتى المجالات العقائدية والفقهية ومختلف العلوم الإسلامية.
فكان أصحابه (عليه السلام) وتلامذته إذا سمعوا منه حديثا بادروا إلى إثباته وتدوينه وكتابته, وبذلك استطاعوا أن يحتفظوا بجميع ما صدر عن الإمام (عليه السلام) من أحاديث ومسائل في عدة مصنفات سميت (بالأصول الأربعمائة).
قال الشيخ الطبرسي في (أعلام الورى): روى عن الصادق (عليه السلام) في أبوابه من مشهوري أهي العلم أربعة آلاف إنسان وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب وهي معروفة بكتب الأصول, رواها أصحابه وأصحاب أبيه من قبله وأصحاب ابنه أبي الحسن موسى (عليه السلام) ولم يبق فن من فنون العلم إلا روي عنه فيه أبواب(92).
وقال المحقق الحلي في (المعتبر): (كتبت من أجوبة مسائل جعفر بن محمد أربع مئة مصنف سموها أصولا)(93).
وقال الشهيد الأول في (الذكرى): (انه كتبت من أجوبة الإمام الصادق (عليه السلام) أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف)(94).
وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد في (الدراية): (قد كتبت من أجوبة مسائل الإمام الصادق (عليه السلام) فقط أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف تسمى الأصول في أنواع العلوم(95).
وقال المحقق الداماد في (رواشحه): (المشهور أن الأصول أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف من رجال أبي عبد الله الصادق (عليه السلام))(96).
وقال الشهيد الثاني في (شرح الدراية): (استقر أمر المتقدمين على أربع مئة مصنف لأربع مئة مصنف سموها أصولا فكان عليها اعتمادهم)(97).
موسوعات الحديث عند الشيعة: وقد اعتمدت (الأصول الأربعمائة) في إنجاز (موسوعات الحديث) الأولى عند الشيعة وهي:
1- الكافي
المؤلف: ثقة الإسلام أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني المتوفى سنة 328هـ أو329هـ.
عدد أحاديث الكتاب: (16099 حديثا)
2- من لا يحضره الفقيه
المؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بـ(الصدوق) المتوفى سنة 381هـ.
عدد أحاديث الكتاب: (9044 حديثا)
3- التهذيب
المؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المعروف بـ(شيخ الطائفة) المتوفى سنة 460هـ.
عدد أحاديث الكتاب: (13590 حديثا)
4- الاستبصار
المؤلف: شيخ الطائفة الطوسي
عدد أحاديث الكتاب: (5511 حديثا)
وبعد الكتب الأربعة صدرت عدة موسوعات كبيرة للحديث عند الشيعة منها:
5- بحار الأنوار
المؤلف: العلامة المجلسي
المتوفى سنة1111هـ
6- الوافي
المؤلف: الفيض الكاشاني
المتوفى سنة 1091هـ
7- وسائل الشيعة
المؤلف: الحر العاملي
المتوفى سنة1104هـ
عدد أجزاء الكتاب: (20 جزءا)
8- مستدرك الوسائل
المؤلف: العلامة النوري
المتوفى سنة 1320هـ
9- العوالم
المؤلف: الشيخ عبد الله بن نور الدين البحراني (من معاصري العلامة المجلسي).
10- جامع الأحكام
المؤلف: السيد عبد الله شبر
المتوفى سنة 1242هـ.
11- جامع أحاديث الشيعة
بإشراف السيد حسين البروجردي (ت1380هـ).
الهدف الثاني:
إعداد الكوادر المؤهلة لحمل مسؤوليات المرحلة:
ونظرا لاتساع مسؤوليات هذه المرحلة فقد اتجه الأئمة (عليهم السلام) إلى بناء وإعداد كوادر بمستوى مسؤوليات وأهداف المرحلة.
ونحاول أن نستعرض نماذج لنمطين من كوادر هذه المرحلة: 1- كوادر الحديث والفقه.
2- كوادر المناظرة وعلم الكلام.
1- كوادر الحديث والفقه:
1- أبان بن تغلب (ت 141هـ).
2- أبان بن عثمان (ت 200هـ).
3- أبو بصير الأسدي (ت 150هـ).
4- أبو حمزة الثمالي (ت 150هـ).
5- بريد العجلي (ت 150هـ).
6- بكير بن أعين (ت في حياة الإمام الصادق (عليه السلام)).
7- جابر بن يزيد الجعفي (ت 128هـ).
8- جميل بن دراج (ت في أيام الرضا(عليه السلام)).
9- حماد بن عثمان الكوفي(ت 190هـ).
10- حماد بن عيسى الكوفي(ت 209هـ).
11- زرارة بن أعين(ت 150هـ).
12- عبد الله بن مسكان(ت في أيام الإمام الكاظم (عليه السلام)).
13- الفضيل بن يسار (ت في أيام الإمام الصادق (عليه السلام)).
14- محمد بن مسلم الثقفي (ت 150هـ).
15- المعلى بن خنيس (ت في أيام الإمام الصادق(عليه السلام)).
16- معاوية بن عمار (ت 175هـ).
2- كوادر المناظرة والكلام:
1- حمران بن أعين (من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام)).
2- مؤمن الطاق محمد بن علي بن النعمان (من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)).
3- هشام بن الحكم الكوفي (من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام)).
4- المفضل بن عمر الكوفي (من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)).
5- فضال بن الحسن الكوفي (من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)).
6- قيس بن الماصر(من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)).
7- السكاك محمد بن خليل البغدادي (تلميذ هشام بن الحكم).
8- هشام بن سالم (من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام)).
9- أبو مالك الضحاك الحضرمي (أدرك الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام)).
10- يونس بن يعقوب (أدرك الأئمة: الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)).
ملاحظة:
للإطلاع على تراجم هؤلاء الرجال يقرأ:
1- رجال النجاشي.
2- رجال الطوسي.
3- معجم رجال الحديث للسيد الخوئي.

الهوامش:
1- البعقوبي: تاريخ اليعقوبي ج2/ 124/ ط بيروت.
2- أحمد أمين: فجر الإسلام ص266/ ط بيروت.
3- محمد علي أبو ريان: تاريخ الفكر الفلسفي في الإسلام ص125/ ط بيروت.
4- جولد تسيهر: العقيدة والشريعة في الإسلام ص169/ ط القاهرة.
5- الوائلي: هوية التشيع ص25/ ط بيروت.
6- محمد باقر الصدر: بحث حول الولاية ص10/ ط بيروت.
7- ابن النديم: الفهرست ص223/ ط طهران.
8- ابن حجر: الصواعق المحرقة, المقدمة/ ط القاهرة.
9- الترمانيني: احداث التاريخ الإسلامي ج1 ص360/ ط دمشق.
10- الشيبي: الصلة بين التصوف والتشيع ج1 ص22/ ط بيروت.
11- بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية ص128/ ط بيروت.
12- يقرأ: شمس الدين: ثورة الحسين(عليه السلام)/ ط بيروت.
13- الطبري: تاريخ الطبري ج3/ 378/ ط القاهرة.
14- المصدر نفسه.
15- وجدي: دائرة المعارف القرن العشرين ج5 ص17/ ط بيروت.
16- يقرأ: أ- السيد العسكري: عبد بن سبأ ج1 ص29- 73/ ط طهران.
ب- الدكتور الوائلي: هوية التشيع ص129/ ط بيروت.
ج- الدكتور طه حسين: الفتنة الكبرى ج2 ص98/ ط مصر.
17- أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية ج1 ص41/ ط بيروت.
18- المزدكية هم أصحاب المزدك ومزدك هو الذي ظهر في أيام قباذ والد انوشروان, ودعا قباذ إلى مذهبه فأجابه واطلع انوشروان على خزيه وافترائه فطلبه فوجده فقتله.
- ومن عقائدهم: أن معبوده قاعد على كرسيه في العالم الأعلى, على هيئة قعود خسرو في العالم الأسفل, وبين يديه أربع قوى: قوة التمييز, الفهم, الحفظ, والسرور, كما بين يدي خسرو أربعة أشخاص: موبز, موبذان والهربد. عن الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص249/ ط بيروت.
19- عطية الله: القاموس الإسلامي ج3 ص249- 250/ ط القاهرة.
20- فان فلوتن: السيادة العربية ص75/ ط مصر.
21- محمد عمارة: الإسلام وفلسفة الحكم ص158/ ط بيروت.
22- أبو حاتم الرازي: الزينة في الكلمات الإسلامية ج3 ص10/ ط مصر.
23- الخونساري: روشات الجنات في أحوال العلماء والسادات ص334/ ط بيروت.
24- ابن عساكر: التاريخ ترجمة علي(عليه السلام) ج2 ص442/ ط بيروت.
25- ابن حجر: الصواعق المحرقة: باب11 الفصل الاول الآية 11/ ط بيروت.
26- القندوزي: ينابيع المودة ج2 ص61/ ط بيروت.
27- سورة البينة: الآية 7.
28- الشبلنجي: نور الأبصار ص78/ ط المكتبة الشعبية .
29- الحاكم الحسكاني: شواهد التنزيل ج2 ص356/ ط بيروت.
30- الكنجي الشافعي: كفاية الطالب ص214/ ط بيروت.
31- الخوارزمي: المناقب ص111/ ط قم.
32- الطبري: تفسير الطبري ج3 ص365/ ط بيروت.
33- السيوطي: الدر المنثور ج6 ص379/ ط بيروت.
34- المناوي: كنوز الحقائق ج1 ص150/ ط بيروت.
35- صحيح البخاري: كتاب الفتن, باب 1068 (الباب الأول) ج9 ص673 ح1878/ ط بيروت.
36- المصدر نفسه.
37- صحيح مسلم: باب إثبات حوض نبينا(صلى الله عليه وآله) وصفاته ج4 ص1794 ح2293/ ط بيروت.
38- المصدر نفسه: ج4 ص1796 ح2297.
39- المصدر نفسه ج4 ص1800 ح2304/ ط بيروت.
40- المتقي الهندي: منتخب العمال ج4 ص180/ ط المكتب الإسلامي.
41- صحيح البخاري: كتاب العلم: باب كتابة العلم ج1 ص119- 120 ح112/ ط بيروت.
42- صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير: باب 814: ج1 ص490 ح1229/ ط بيروت.
43- المصدر نفسه: كتاب الجزية: باب 861 ج4 ص531 ح1335/ ط بيروت.
44- صحيح البخاري: كتاب المرضى والطب: باب357: ج7 ص225 ج574/ ط بيروت.
45- صحيح مسلم: كتاب الوصية: باب5: ج3 ص1257, 1259/ ط بيروت.
46- المصدر السابق نفسه.
47- المصدر نفسه.
48- سورة آل عمران: الآية159.
49- سورة الشورى: الآية38.
50- العسكري: معالم المدرستين ج1 ص357/ ط طهران.
51- المصدر السابق نفسه ج1 ص357.
52- سورة القصص: الآية68.
53- سورة الأحزاب: الآية36.
54- الطبقات الكبرى: لابن سعد ج3 ص343/ ط بيروت.
55- محمد باقر الصدر: بحث حول الولاية ص69- 70/ ط بيروت.
56- شرف الدين: المراجعات ص60- 61 المراجعة4/ ط إيران.
57- محسن الأمين: أعيان الشيعة ج1 ص578/ ط بيروت.
58- المصدر نفسه: ج1 ص650.
59- أحمد بن طيفور: أعلام النساء ص26/ ط الكويت.
60- الشيخ عبد الله البحراني: العوالم ج15 ص262/ ط قم.
61- الصدوق: عيون أخبار الرضا ج1 ص45/ ط النجف.
62- الشيخ عبد الله البحراني: العوالم ج15 باب3 ص263/ ط قم.
63- الصدوق: الخصال ص419/ ط قم.
64- المصدر نفسه, ص478.
65- الصدوق: كمال الدين ج1 ص281/ ط قم.
66- المصدر نفسه ج2 ص335.
67- سورة النساء: الآية59.
68- سورة المائدة: الآية55.
69- الصدوق: عيون أخبار الرضا ج1 ص45/ ط النجف.
70- ابن النديم: الفهرست ص223/ ط طهران.
71- الزركلي: الأعلام ج9 ص82.
72- أحمد أمين: ضحى الإسلام ج3 ص268/ ط بيروت.
73- اسد حيدر: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج2 ص99/ ط طهران.
74- المجلسي: البحار ج10 ص295 باب18 ح4/ ط إيران.
75- المصدر نفسه ج56 ص46.
76- الطبرسي: الاحتجاج ج2/ 125- 128/ ط النجف.
77- الترمانيني: أحداث التاريخ الإسلامي, أحداث سنة: 144,148, 183هـ/ ط دمشق.
78- المفيد: الارشاد ص271/ ط بيروت.
79- ابن شهر آشوب: المناقب ج4 ص247/ ط إيران.
80- المامقاني: تنقيح المقال ج1 ص294 مخطوط.
81- الطبرسي: أعلام الورى ص284/ ط ايران.
82- الصدر: تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ص287/ ط ايران.
83- المحقق الحلي: المعتبر ص5/ مخطوط.
84- الجندي: الإمام جعفر الصادق ص162/ ط القاهرة.
85- ابن طلحة الشافعي: مطالب المسؤول ص81/ مخطوط.
86- ابن حجر: الصواعق المحرقة ص201/ ط القاهرة.
87- ابن حجر: هامش الصواعق المحرقة ص305/ ط بيروت.
88- ابن طلحة الشافعي: مطالب السؤول ص55/ مخطوط.
89- ابن حجر: الصواعق المحرقة ص201/ ط القاهرة.
90- المصدر نفسه.
91- اسد حيدر: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج1 ص406, 407/ ط بيروت.
92- الطبرسي: أعلام الورى ص410/ ط إيران.
93- المحقق الحلي: المعتبر ص5/ مخطوط.
94- آقا بزرك الطهراني: الذريعة ج2 ص129/ ط بيروت.
95- المصدر نفسه.
96- آقا بزرك الطهراني: الذريعة ج2 ص129- 130/ ط بيروت.
97- الشهيد الثاني: شرح الدراية ص17/ ط النجف.


نحن نتحدي من يطعن في شيعة اهل البيت من كتبك ندينكم اطلع ول تريد معرفة الحقيقة يااخي السني دون ان اسب او اشتمك


آخر تعديل بواسطة أم مريم السنية ، 2010-07-11 الساعة 02:12 AM سبب آخر: ممنوع وضع روابط لمواقع مخالفة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2010-07-11, 01:31 AM
فؤاد الليبي فؤاد الليبي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-27
المشاركات: 314
حوار

:

الان ومع كل ما كتبت انت من اخبار سواء كانت صادقه ام كاذبه
الان
هل رب العالمين سيسالك انت عما شجر بينهم؟
هل سيقول لك رب العالمين اريدك ان تقول لى حرفيا مالذى حصل
فى سقيفه بنى ساعده؟

ام انه سيسالك عن ايمانك بربك وقرانك ونبيك

ونبدا من هنا
دليلك عن الامامه من القراءن الكريم اريد ايه محكمه

ثم الاتى :

ما تقول انت فى من يقول بتحريف القراءن؟
ما تقول في من ياله على ابن ابي طالب رضى الله عنه؟
ما تقول انت فى من يدعو الحسين طالبا منه العون والمساعده؟
ما تقول انت في من يسب عائشه زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم؟

لنبدا من هنا
وانا مستعد للاجابه على اي سؤال بعد ان نفرغ من التوحيد
الذى سيسالك الله عليه يوم القيامه ويمها قال تعالى

" يومَ تروْنَها تَذهلُ كلُّ مُرضِعةٍ عمّا أرضعت وتضعُ كُلُّ ذاتِ حملٍ حملها وترى النَّاسَ سُكارى وما هُم بسُكارى:"


__________________

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون

اللهم اهدنا واهدي بنا
اللهم اغفر وارحم كل مسلم
لا يشرك بك شيئا
اللهم لا تدع لنا ذنبا الا غفرته ولا خيرا الا قربته
ولا شرا الا بعدته ولا حاجه من حوائج الدنيا
لك فيها رضى ولنا فيها صلاح الا اعطيتها لنا
سبحانك لا الله الا انت انى كنت من الضالمين


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2010-07-11, 04:13 AM
الطواف الطواف غير متواجد حالياً
عضو من أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-02-23
المشاركات: 4,399
افتراضي

العضو الرافضي مادخل كل ماقمت بنسخه بليلة الطفية التي يزني بها الاب ببنته والاخ باخته والجد بحفيدته والابن بامه والحفيد بجدته وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووووووووووووو
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
ابو حنيفة وعقل الرافضي موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-03-28 09:56 AM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot   ربح المال من الانترنت 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd