أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > قسم إحياء السنة النبوية > السنة ومصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2015-04-17, 06:59 PM
الباحث كمال مختار اسماعيل الباحث كمال مختار اسماعيل غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2015-04-16
المشاركات: 0
افتراضي باقي طرق الرواية

الطريق الخامس: المكاتبة:
وهي أن يكتب الشيخ مسموعاته أو شيئًا من حديثه لحاضر عنده أو غائب عنه ويرسله إليه؛ سواء كتب بنفسه أو أمر غيره بكتابته، ويكفي أن يعرف المكتوب له خطَّ الشيخ، أو خط الكاتب عن الشيخ بشرط أن يكون هذا الكاتب ثقة، أي: عدلًا ضابطًا، وشرط بعضهم البينة على الخط وهو قول ضعيف.
والمكاتبة قسمان، أو نوعان:
الأول: أن تكون مقرونة بالإجازة: وهي في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة بالإجازة، بل يرى البعض أنها أرجح منها.
الثاني: أن تكون مجردة من الإجازة: وهذا الضرب منع الرواية به قوم، منهم الماوردي، والآمدي، وابن القطان، وأجازها الجمهور من المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء والأصوليين، وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث، ويوجد في مصنفاتهم كثيرًا: كتب إليَّ فلان، قال: حدثنا فلان. وقال السمعاني: هي أقوى من الإجازة. قال السيوطي: وهو المختار، بل وأقوى من أكثر صور المناولة.
وليس أدلّ على صحتها من اعتبار صاحبا الصحيحين لها، ففي (صحيح البخاري) في الأيمان والنذور، كتب إليَّ محمد بن بشار وهو شيخ البخاري، وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غير هذا. وفي (البخاري) وفي (صحيح مسلم) أحاديث كثيرة بالمكاتبة في أثناء السند، منها: ما أخرجاه عن ورَّاد -كاتب المغيرة- قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إليَّ ما سمعتَ من رسول الله فكتب إليه الحديث في القول عقب الصلاة، وأخرج كذلك عن ابن عون قال: كتبتُ إلى نافع، فكتب إليَّ أن النبي أغار على بني المصطلق، وهم غارُّون يعني: غرَّهم وفاجأهم، إلى غير ذلك.
وبطبيعة الحال هذا لا يكون من الشيخ نفسه كما في الصورة التي عند البخاري: كتب إليَّ محمد بن بشار، وإنما يكون في وسط السند، أو في نهايته.
وألفاظ الأداء عن هذا الطريق أن يقول المؤدي أو الراوي: كتب إليَّ فلان، وكاتبني فلان، قال: حدثني فلان بالمكاتبة والإجازة، أو أخبرني بالمكاتبة والإجازة، أو يُقيِّد ذلك بالمكاتبة فقط إذا لم تكن مقرونة بالإجازة؛ أما إطلاق "حدثنا" أو "أخبرنا"؛ فلا يجوز على الصحيح، وجوَّز بعضهم إطلاق "أخبرنا" دون "حدثنا".
الطريق السادس: الإعلام:
وهو إعلام الشيخ الطالب بأن هذا الحديث، أو هذا الكتاب سماعه من فلان من غير أن يأذن له في روايته عنه، أو يقول: هذا الكتاب فيه أحاديثي.
وقد جوَّز الرواية به كثير من المحدِّثين والفقهاء والأصوليين، وأهل الظاهر؛ بل قال بعض الظاهرية: لو قال هذه روايتي لكن لا تروها عني؛ كان له أن يرويها عنه؛ كما لو سمع منه حديثًا ثم قال له: لا تروه عني؛ لم يضره ذلك، وأيَّد هذا القاضي عياض فقال: وهذا صحيح لا يقتضي النظر سواه؛ لأن منعه ألا يحدِّث بما حدَّثه لا لعلة ولا من ريبة لا يؤثر؛ لأنه قد حدثه فهو شيء لا يُرجع فيه، وقاسوا ذلك على القراءة على الشيخ، فإن الرواية بها لا تتوقف على الإذن.
وقال ابن الصلاح -ووافقه النووي-: الصحيح ما قاله غير واحد من المحدثين وغيرهم أنه لا تجوز الرواية به، وبه قطع الغزالي في كتابه (المستصفى) قال: لأنه قد لا يجوز روايته مع كونه سمعه لخلل يعرفه فيه.
واستدل المانعون من الرواية به بقياسه على مسألة الشهادة على الشهادة، فإنها لا تصح إلا إذا أذن الشاهد الأول للثاني بأن يشهد على شهادته، وأجاب القاضي عياض -وهو من الذين يجوِّزون ذلك- بأن هذا القياس غير صحيح؛ لأن الشهادة على الشهادة لا تصح إلا مع الإذن على كل حال، والحديث عن السماع والقراءة لا يُحتاج فيه إلى إذن باتفاق، وأيضًا فالشهادة تفترق عن الرواية في أكثر الوجوه.
وقال بعض العلماء المعاصرين: والذي اختاره القاضي عياض هو الراجح الموافق للنظر الصحيح، بل إن الرواية على هذه الصفة أقوى وأرجح عندي من الرواية بالإجازة المجردة عن المناولة؛ لأن في هذه شبه مناولة، وفيها تعيين للراوي بالإشارة إليه.
حكم العمل بهذا:
فيجب العمل بما أخبره به الشيخ أنه سمعه إن صح سنده، وادَّعى القاضي عياض الاتفاق على ذلك، وإن اختلف العلماء في جواز الرواية به وعدمه؛ فمن ناحية الرواية عن هذا الطريق اختلفوا، لكن من ناحية العمل، وقد بلغه هذا الحديث أو ذاك بإعلام الشيخ، فاتفق العلماء على أنه يجب العمل به.
أما صيغ الأداء عن هذا الطريق فيقول: أعلمني فلان، أو حدثني فلان بالإعلام، أو أخبرني بالإعلام، ونحو ذلك فلا بد من التقييد ببيان هذا الطريق أي: بالإعلام.

الطريق السابع: الوصية:
وهو أن يوصي الشيخ بكتاب يرويه عند سفره أو موته لشخص، وقد رُوي عن بعض السلف جواز رواية الموصى له بذلك عن الموصي أي: الشيخ، واحتج المجيزون لها بشبهها بالإعلام والمناولة.
ومنع من الرواية بها ابن الصلاح فقال: وهذا بعيد، وهو إما زلة عالم، أو أو متأوّل على أنه أراد الرواية على سبيل الوجادة، وتابعه النووي، يعني: تابع النووي ابن الصلاح في ذلك وقال: الصواب أنه لا يجوز، أو لا تجوز الرواية بهذا الطريق، وقد نازع ابن الصلاح في مقالته ابن أبي آدم فقال: الوصية أرفع رتبة من الوجادة بلا خلاف، وهي معمول بها عند الشافعي وغيره، فهذا أولى.
أما من ناحية العمل: فقد اختلفوا هنا في وجوب العمل بما صحّ إسناده من الحديث المروي بها، والصحيح وجوب العمل به كوجوبه في سائر الأنواع السابقة، وصيغ الأداء عن هذا الطريق عند من يصحح الرواية به أن يقول: أوصى لي فلان، وحدثني فلان بالوصية، أو أخبرني بالوصية ونحوها.
الطريق الثامن: الوجادة:
بكسر الواو، مصدر لوجد، قال العلامة المعافى بن زكريا النهرواني: فرَّع المولدون قولهم وجادة فيما أُخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا مناولة، وذلك من تفريق العرب بين مصادر "وجد" للتمييز بين المعاني المختلفة.
قال ابن الصلاح مفسرًا هذا الكلام -يعني: قولهم وجد ضالته وجدانًا-: ومطلوبه وجودًا، وفي الغضب مُوجدةً، وفي الغنى وُجدًا، وفي الحب وَجدًا؛ فاختلفت المصادر باختلاف المعاني التي يُقصد بها هذا الفعل.
أما في الاصطلاح: فالوجادة أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها، وهي بخطه، ولم يلقه أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه، أو سمع منه ولكن لا يروي تلك الأحاديث الخاصة الواجد بسماع أو قراءة أو إجازة، أو يجد أحاديث في كتب لمؤلفين معروفين، والتعبير الدقيق لمن وجد ذلك وأراد روايته أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه حدثنا فلان، ويسوق الإسناد والمتن، أو يقول: قرأت بخط فلان عن فلان، هذا الذي استمرَّ عليه العمل قديمًا وحديثًا.
وفي (مسند الإمام أحمد) أحاديث كثيرة نقلها عنه ابنه عبد الله يقول فيها: وجدت بخط أبي في كتابه، ثم يسوق الحديث، ولم يستجز أن يرويها عن أبيه وهو رَاوية كتبه، وهو ابنه وتلميذه وخط أبيه معروف له، وكُتُبه محفوظة عنده، كل هذا لم يجعله يُجيز أن يرويها عن أبيه دون أن يُبيّن أنها وِجادة، وهذا من الورع والأمانة في النقل، وهو من باب المنقطع، ولكن فيه شَوب اتصال بقوله: وجدت بخط فلان.
وقد تساهل بعضهم فروى في الوجادة بلفظ "عن"، قال ابن الصلاح: وذلك تدليس قبيح إذا كان بحيث يُوهم سماعه منه، وجازف بعضهم فأطلق فيها حدثنا فلان، أو أخبرنا فلان، وقد أنكر ذلك العلماء، ولم يجزه أحد يُعتمد عليه.
وإذا وجد حديثًا في تأليف شخص وليس بخطه قال: ذكر فلان، أو قال فلان أخبرنا فلان، وهذا منقطع لا شوب فيه من اتصال، وهذا كله إذا وثق بخطه أو كتابه حتى ينسب إليه هذا القول، أو أنه قد ذكر هذا الكتاب أو هذه الأحاديث.
أما عند عدم الثقة بالخط أو بالكتاب؛ فليس له إلا أن يقول: بلغني عن فلان، أو جدت عن فلان، أو قرأت في كتاب أخبرني فلان أنه بخط فلان، أو ظننت أنه بخطّ فلان، أو ذكر كاتبه أنه فلان، أو تصنيف فلان، ونحو ذلك.
هذا؛ والكتب التي هي مطبوعة الآن أقرب إلى أن يتأكَّد أن هذا الكتاب الذي وجده أو اشتراه هو لفلان، كما هو مكتوب عليه اسمُه إذا كان من الأحياء، أو إذا كان من القدماء، وهناك الدلائل الكثيرة التي بيَّن فيها محققه أن هذا لفلان.
هذا؛ وإذا نقل شيئًا عن تأليف فلا يقل فيه: قال فلان، أو ذكر بصيغة الجزم إلا إذا وثق بصحة النسخة بمقابلته على أصل مؤلفه أو مقابلة ثقة بها، فإن لم يوجد هذا ولا نحوه؛ فليقل: بلغني عن فلان، أو وجدت في نسخة من كتابه، ونحو ذلك.
وتسامح كثير من الناس في هذه الأعصار بالجزم في ذلك من غير تحرٍّ ولا تثبت، وقد اجترأ كثير من الكتاب في عصرنا في مؤلفاتهم وفي غيرها من الصحف والمجلات والمحاضرات، فصاروا ينقلون من كتب السابقين من المؤلفين وغيرهم من غير تثبُّت ولا تحرٍّ، بل وبلفظ التحديث فيقولون مثلًا: حدثنا الطبري، وحدثنا ابن خلدون، وهذا لا يوافق لغة ولا اصطلاحًا، كما عرفت، وفي هذا تجرُّؤٌ على اللغة، وإفساد لمصطلحات العلوم، وإيهام بغير الحقيقة، ولو أنهم اتبعوا قواعد المحدثين في هذا؛ لكان خيرًا لهم وأجمل بهم.
حكم العمل بالوجادة:
نُقل عن معظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم أنه لا يجوز العمل بها، وعن الشافعي ونُظَّار أصحابه أنه يجوز، وهذا هو الصحيح الذي لا يتَّجه غيره في هذه الأعصار، كما قال ابن الصلاح: فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسدَّ باب العمل بالمنقول؛ لتعذّر شروط الرواية فيها، وقد احتج الحافظ عماد الدين بن كثير في أوائل تفسيره للعمل بالوجادة بالحديث المرفوع: ((أيُّ الخلق أعجب إيمانًا؟ قالوا: الملائكة. قال: وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم؟! قالوا: الأنبياء. قال: وكيف لا يؤمنون وهم يأتيهم الوحي؟! قالوا: نحن. فقال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟! قالوا: فمن يا رسول الله؟! قال: قوم يأتون من بعدكم يجدون صُحفًا يؤمنون بما فيها)) قال البلقيني: وهو استنباط حسن، و الحديث رواه الحسن بن عرفة في جزئه، قال السيوطي وله طرق كثيرة أوردتها في (الأمالي)، وفي بعض ألفاظه: ((بل قوم من بعدكم يأتيهم كتاب بين لوحين يؤمنون به، ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرًا)) أخرجه أحمد والدارمي والحاكم.
وفي لفظ للحاكم من حديث عمر: ((يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانًا)).
هذا؛ وقد ذكر الإمام السيوطي في (التدريب) أنه وقع في (صحيح مسلم) أحاديث مروية بالإجازة، وانتُقدت بأنها من المنقطع، كما هو حكم الوجادة كقوله في الفضائل: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: وجدت في كتابي عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة: ((إن كان رسول الله  ليتفقَّد يقول: أين أنا اليوم؟ أين أنا غدًا؟)) الحديث، وروي أيضًا بهذا السند حديثها: ((قال لي رسول الله : إني لأعلم إذا كنت عني راضية)) الحديث.
وكذلك حديث: ((تزوجني رسول الله  لست سنين))، وقد أجاب الرشيد العطار بأن مسلمًا روى هذه الأحاديث الثلاثة من طُرق أخرى موصولة إلى هشام -يعني: هشام بن عروة- وإلى أبي أسامة، وهذا الجواب صحيح في ذاته؛ لأن مسلمًا رواه كذلك.
وأجاب السيوطي بجواب آخر: وهو أن الوجادة المنقطعةظم أن يجد في كتاب شيخه لا في كتابه عن شيخه، فتأمَّل، وهذا هو الجواب الصحيح المتعيَّن هنا؛ لأن الراوي إذا وجد في كتاب نفسه حديثًا عن شيخه كان على ثقة من أنه أخذه عنه، وقد تخونه ذاكرته فينسى أنه سمعه منه فيحتاط تورعًا، ويذكر أنه وجده في كتابه كما فعل أبو بكر بن أبي شيبة -رحمه الله، وهذا الذي فعله أبو بكر بن أبي شيبة هو غاية الدقة، وغاية الأمانة في الرواية، فليفهم الطاعنون في الرواية ذلك، وليكن عندهم وعيٌ بذلك.
ومما ذكرناه في التحمل والأداء وفي طرقهما والألفاظ التي في التعبير عنها عند الأداء والرواية، يتبيّن لنا جليًّا أن الأحاديث والسنن حُملت عن الرواة من لدن النبي إلى وقت اكتمال التدوين بأقوم طرق الرواية، مع التحقيق والتدقيق البالغَيْن، ولا نبالغ أن هذه الأحاديث التي رُويت عن رسول الله إنما رُويت إما سماعًا، وإما عرضًا في أغلبها إن لم يكن في كلها إلا نادرًا، وأن الأحاديث والسنن قامت على أصل ثابت قويم متين، وهي الرواية، وأن الرواية في الإسلام، ولاسيما في الحديث تُعتبر بدعًا في بابها؛ لأنها قامت -يعني: بالنسبة للأمم السابقة- على أساس من الجرح والتعديل اللذَيْن لم يكونا موجودين قبل الإسلام، وأن الإسناد المتصل الصحيح يُعتبر من خصائص هذه الأمة الإسلامية، ولا يوجد في غيرها من الأمم، وأن على هذه الأمة الإسلامية أن تُحافظ على هذه الخصائص حتى يَرِثَ الله الأرض وما عليها، والحمد لله رب العالمين على هذه النتيجة الموفقة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

قد يُظنّ أن عملية السماع أو غيرها لا أهمية للكتاب فيها، ولكن الكتاب لعب دورًا هامًّا في نقل الأحاديث، فقد رأينا من صور السماع إملاء الشيخ على التلاميذ من كتابه، وأن هذا أعلى صور السماع، يقول هارون بن معروف -المتوفى سنة مائتين وإحدى وثلاثين-: قَدِم علينا بعض الشيوخ من الشام، فكنت أولَّ من بكَّر عليه؛ فسألته أن يُملي علي شيئًا، فأخذ الكتاب يُملي، وإذا كان الشيخ يُملي فالتلميذ يدوِّن ما يُمليه من الأحاديث، وقد كانوا يذكرون الإملاء ليتميَّز الراوي عن أقرانه بالصحة والجودة في سماعه؛ سأل عبد الله بن أحمد أباه عن شعيب بن أبي حمزة كيف سماعه من الزهري؟ أليس هو عرض؟ قال: لا؛ حديثه يُشبه حديث الإملاء، هو أصح حديثًا عن الزهري عن يونس، نظرت في كتب شعيب أخرجها إليَّ ابنه؛ فإذا بها من الحسن والصحة والشكل، ونحو هذا.
ويقول يحيى بن معين: ثقة في الزهري؛ كتب عن الزهري إملاء، وكان كاتبًا، وكان بعض التلاميذ يأبى إلا أن يُملي عليه الشيخ؛ ليحوز هذه الدرجة العليا من الإتقان، لما قدم ابن جريج البصرة قام معاذ فشغب وقال: لا نكتب إلا إملاء، وسأل عبد الله بن أحمد بن حنبل أباه: نكتب إملاء؟ فقال له أبوه: اكتبوا إملاء.
ويقول عفان الذي توفي سنة مائتين وتسع عشرة: ما رضينا من أحد إلا بالإملاء إلا شريكًا، وكان عفان هذا -وهو من أئمة الحديث- يحضّ أصحاب الحديث على الضبط والتقييد إذا أخذوا عنه، وكان يقول لحماد بن سلمة: لا تكتب إلا إملاء، ويقول: ما رضينا من أحد إلا بالإملاء، وإذا كانت الكتابة من أهم وسائل التوثيق، وإذا كان السماع مع الإملاء هما الجديران بنقل الحديث نقلًا موثقًا عند نُقَّاد الحديث، فإن مما يزيدنا اطمئنانًا أن كثرة من الأحاديث نُقلت على هذا الوجه؛ لأنهم كانوا لا يعتبرون المحدث جديرًا بهذا اللقب إلا إذا كتب أحاديث كثيرة.
يقول أبو بكر بن أبي شيبة: من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء؛ لم يُعدّ صاحب حديث، وبالنسبة إلى حالات السماع عمومًا فقد استقرَّت عادة المحدثين على أن يكتب التلميذ حديث الشيخ من أصوله، أو من كتب تلاميذه أو أقرانه الذين سمعوا منه، أو قرءوا عليه، ثم يأتي فيسمعه منه، يقول قراد أبو نوح: كنت آتي عبد الله بن عثمان -يعني: صاحب شعبة- فأكتب حديث شعبة، ثم آتي شعبة فأسأله فيحدثني، وقد تلازم السماع والكتابة تلازمًا قويًّا حتى يُعبَّر بأحدهما عن الآخر، فكثيرًا ما كانوا يُطلقون أحدهما على الآخر.
سُئل الأوزاعي عن الغلام يكتب الحديث قبل أن يبلغ الحدَّ الذي تجري عليه فيه الأحكام يعني: قبل أن يبلغ، ويفهم الأوزاعي أن المقصود بكتابة الحديث هنا السماع، ولهذا يُجيب إذا ضبط الإملاء؛ جاز سماعه، وإن كان دون العشر، وقد فهم ابن خلاد الرامهرمزي صاحب كتاب (المحدث الفاصل) مثل هذا عندما قال: إن ابن عيينة أخبر أنه كتب عن الزهري وهو ابن خمس عشرة سنة، والحقيقة أن العبارة التي أشار إليها تقول: إن سفيان قال: سمعت منه -أي: الزهري- وأنا ابن خمس عشرة سنة، ولم يذكر الكتابة. وقد عبَّر الإمام أحمد عن الكتابة بالسماع فقال في عبد الرحمن بن عبد الله العمري: ليس بشيء، وقد سمعت أنا منه ثم مزقته. ومعلوم أنه يريد أن يقول: كتبت عنه وسمعت، ولكنه اكتفى بأن يقول: سمعت منه لتلازم الاثنين، وإلا فإن كلمة "مزقته" إنما تتجه إلى الكتاب والكتابة.
وقد كان بعض الأئمة يحرص على أن يقرأ الشيخ من كتبه حتى تكون أحاديثه موثقة، فقد مرَّ عبد الله بن المبارك سنة ثمان وستين على محمد بن جابر وهو يُحدّث بمكة، فقال له: حَدِّث يا شيخ من كُتبك، ويحرص بعض الشيوخ على أن يُعين بعض تلاميذه على الكتابة عند الإملاء، يقول الحسن بن عرفة: كنت آتي وكيعًا وكان يملي من حفظه، وكنت بطيء الكتابة؛ فيأخذ يدي في يدي ويقول: هاتِ؛ فكتب لي.
فالسماع في حقيقة الأمر إنما هو وسيلة للحصول على كتاب صحيح يدوَّن فيه الحديث تدوينًا موثقًا، ويبقى هذا الكتاب يُسندُ الذاكرة في أداء الحديث: { ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ} [البقرة: 282]، فيتعاونان معًا الذاكرة والكتاب على حفظ حديث رسول الله .
فإذا ما تركنا السماع إلى العرض وجدنا الأمر واضحًا؛ لأن التلميذ يقرأ من كتاب قد أعدَّه قبل أن يجلس مع الشيخ؛ ليقرأ عليه، وما عملية القراءة إلا لتصحيح الأخطاء التي قد تكون واقعة أثناء النقل، والاطمئنان إلى أن الأحاديث التي نُقلت إنما هي أحاديث الشيخ لم يروَ فيها بزيادة ولا نقص.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2018-05-09, 07:56 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,713
افتراضي رد: باقي طرق الرواية

جزاك الله خيرا وبارك فيك.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
من اخبر قريش ومواضيع اخرى موحد مسلم الشيعة والروافض 6 2020-06-06 04:31 AM
الزومبي عباس محمد من اتباع الانزع حين يحتجون موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-04-02 03:12 PM
اذية علي للمسلمين ما سببها موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-03-18 07:44 PM
فأين رواية الانقلابيين او المنتصرين وهذه روايات المنهزمين موحد مسلم الشيعة والروافض 1 2020-03-13 04:31 PM
شاهد أضحوكة القندوزي عن الحمويني قال (ص) آية الكساء نزلت في باقي الائمة التسعة خرافة الدرزن المكذوبة ابو هديل الشيعة والروافض 0 2020-01-17 10:06 PM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 يلا شوت 
 عطر فرموني جذاب   بطاقة ايوا   خولة لفن الحياكة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة  متابعين تيك توك  اشتراك كاسبر الرسمي   lبرنامج موارد بشرية 
 شركة الرائعون   شركة عزل خزانات   شركة عزل اسطح في الرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح شينكو   شركة عزل خزانات بجدة   شركة عزل خزانات في مكة   شركة عزل خزانات المياه بالطائف   شركة تنظيف مكيفات بجدة   شركة تنظيف بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بتبوك 
 شراء اثاث مستعمل بالرياض   تنسيق حدائق   شركة تنظيف في دبي   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف خزانات بجدة   مكتب مراجعة 
 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
شركة تنظيف خزانات بجدة || شركة تنظيف بجدة || شركة تنظيف بالبخار بجدة || شركة مكافحة حشرات بجدة
 فارلي   شركة تنظيف بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف بالطائف   شركة تنظيف خزانات بجدة 
 yalla shoot   يلا شوت   يلا شوت 
 شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 translation office near me   كورة سيتي kooracity   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 ياسين تيفي   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd