أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > المعتزلة | الأشعرية | الخوارج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2011-10-11, 08:27 PM
اوراق مبعثرة اوراق مبعثرة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-12
المكان: الـســـ الرياض ـــــــــعـــودية
المشاركات: 1,061
منقول نصيحة واجبة لقادة القاعدة

نصيحة واجبة لقادة القاعدة
تعليق السكينة : ( مع تحفّظ السكينة على بعض ما جاء في الكتاب لكنه يحتوي على مساجلات علمية وفكرية وعقلية مع الجماعات المتطرفة التي انحرفت عن المنهاج الشرعي وتبنّت سلوكا دموياً بعيدا عن القرآن والسنة والفطرة السويّة )
هذه النصيحة دعوة لـ«القاعدة» لتغيير خطتها... وتعديل منهجها
لاشك عندي في أن معظم الحركات الإسلامية وقياداتها وعلمائها يخالف «القاعدة» في النهج الذي اختارته منذ إعلانها تشكيل «الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين» عام 1998م، وأيضاً لا يوافقون على أفعالها أو غزواتها -حسب تعبير «القاعدة» الأثير عندها-، كما أن أهل العلم منهم يدركون أكثر من غيرهم الأخطاء الشرعية التي اشتملت عليها «غزوات القاعدة»، فضلاً عن إدراك الجميع للأخطار الفادحة التي جلبتها هذه الغزوات على الأمة وعلى التيار الإسلامي.
لكن يبدو أن القطاع الأكبر ممن لا يوافقون «القاعدة» على ما ذهبت إليه، قد اكتفى بمجرد إعلان عدم مسؤوليته وعدم موافقته على هذه الأعمال من دون أن يتطرق إلى ما وراء ذلك من نصح واجب وبيان حازم لأخطاء وأخطار هذه الأعمال إما خوفاً من أن يتهم بموالاة الأميركيين والأنظمة الصديقة لهم، وإما شماتة في الأميركيين وتشفياً منهم، وإما لأن الوقت -في عرف الناس- غير ملائم لتوجيه مثل هذا النصح والبيان.
فـ«القاعدة» وقادتها في أزمة شديدة وليس من اللائق تعداد أخطائهم في مثل هذا الظرف، فضلاً عن أن السهم قد خرج من كبد القوس ويصعب، أو يستحيل، أن يصغى قادة «القاعدة» لنصح ناصح أو بيان عالم، بعد أن قطعوا شوطاً طويلاً وبعد أن فقدوا الكثير وبعد أن صار الطريق أمامهم مسدوداً. فـ«القاعدة» مستهدفة سواء مضت في طريقها أم توقفت، والشيخان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري هما المطلوبان الأولان لأجهزة المخابرات العالمية كلها، لا الأميركية فحسب.
هذه المبررات كلها -رغم ما يبدو من وجاهة في بعضها- لا تصلح سبباً كافياً ولا عذراً وافياً يمنع أهل الدين والعلم من بيان ما أخطأت فيه «القاعدة» ومحاولة إصلاحه ونصح القائمين به لتغيير خطتهم وتعديل منهجهم.
وبيان ذلك أن «القاعدة» وقادتها وإن كانوا في مأزق شديد إلا أنهم قد وضعوا الأمة عامة والحركات الإسلامية خصوصا في مأزق أشد، وإذا كان مأزق قادة «القاعدة» قد ينتهي باستشهادهم -وهم يحرصون عليها- فإن مأزق الأمة سيظل بل ويتأزم أكثر مع مرور الوقت، لذا لابد من التفكير في علاجه وإزالة أسبابه قبل التفكير في مراعاة «القاعدة» أثناء محنتها بالكف عن بيان خطئها.
كما أن الشماتة في الأميركيين لا تمنع خطراً متوقعاً ولا تدفع خطراً واقعاً، وكيف وقد أدركوا ثأرهم وجعلوا ثمن البرجين هو احتلال بلدين والبقية ستأتي كما يبشرنا المحافظون الجدد.
نهج تدميري
ليس المطلوب من أهل الدين والعلم مجرد تبرئة الذمة ببيان مقتضب عن عدم المسؤولية، فهم معنيون أكثر من أي شخص آخر بمستقبل هذه الأمة والمصالح العليا لها، وهم المعنيون قبل غيرهم بتقويم أخطاء «القاعدة» وكفها عن الاسترسال فيها، وتبصيرها بعواقب الاستمرار في نهجها المدمر، وتبصير غيرها بمخاطر ذلك وأخطائه حتى لا ينساق آخرون وراءها.
نعم أخطأت «القاعدة» وإن لم تستطع الأمة عامة، خصوصا أهل العلم والبيان، كفها عن الاستمرار في أخطائها، فسوف ندفع أثماناً غالية. وقد دفعنا بالفعل بعض أقساط الثمن في أفغانستان والعراق وفي غوانتانامو، ودفعنا بعضها من مناهج التعليم وغير ذلك، وسيكون سكوتنا كارثة خصوصا عندما تنشأ أجيال جديدة فلا تسمع إلا دوي تفجيرات «القاعدة» ولا ترى إلا مشاهد الظلم الأميركي فتحسب أن طريق نصرة الدين في الاستمرار في نهج «القاعدة» التدميري، فيزيد البلاء وتتتابع الخسائر وتعظُم المفاسد. كل هذا وأهل العلم والديانة صامتون خوفاً من أن يتهموا بالجبن أو مراعاة للشيخين المحاصرين المطلوبين أو شماتة في أميركا وحلفائها.
لحظة تأمل
كما أنه لا ينبغي أن نستسلم لليأس اعتقاداً بأن «القاعدة» لن تستجيب لنصح ناصح ولن ينفعها بيان عالم، فإن هذا إغراق في إساءة الظن بهؤلاء الفتية وقادتهم. وما أعرفه جيداً ويعرفه أيضاً كثيرون غيري عن الأخوين أسامة بن لادن وأيمن الظواهري أنهما- فضلاً عن طيب عنصرهما وحسن منبتهما- من أهل الديانة، وأنهما صادقان في محبة الدين والرغبة في نصرته وإعلاء شأن الأمة ورفع راياتها وتحقيق المصالح المشروعة ودرء المفاسد الممنوعة. أحسبهما كذلك ولا أزكي على الله أحداً، ومن كان هذا حاله وتلك نيته فلن نعدم منه لحظة تأمل صافية ومراجعة صادقة للنفس تدله على أن اجتهاده الأول الذي عمل على ضوئه لم يكن صحيحاً، وأنه لا يحقق المصالح ولا يدرأ المفاسد، بل يضيع ما هو قائم بالفعل من عُرى الدين المتبقية، فضلاً عن اشتماله على مفاسد أخرى عديدة وتضمنه مخالفات شرعية، ومن ثم يستشعر أنه مطالب -شرعاً- أن يوقف العمل وفق هذا الاجتهاد غير الصحيح وينتقل إلى ما قد صح عنده بعد إعادة النظر والتأمل.
وهكذا حال أهل الدين والعلم في سلف الأمة وخلفها، فإنهم جميعاً مجمعون على أنه لا عصمة لأي منهم وأن من بان له خطأ قول قد قاله باجتهاد، فإن عليه الرجوع عنه إلى ما صح عنده ثانياً.
مفاسد «القاعدة»
ولا أظن أن الشيخين قائدي «القاعدة» يعتقدان في أنفسهما العصمة أو يسوغان لأنفسهما أو لغيرهما الاستمرار في العمل باجتهاد بانت مفاسده وآثاره السلبية على الأمة والملة.
نعم قد يتمتعان بإرادة التحدي وعزيمة الاستمرار، لكن هذا إنما يحمد أو ينفع حيث يكون الاستمرار محققاً للمقصود مع نوع مشقة وعناء ونصيحة... هنا تكون الإرادة القوية والعزيمة الصلبة مطلوبة كي لا ينكسر العبد أمام صعوبات الطريق.
لكن عندما لا يكون الاستمرار محققاً للمراد بل يكون محققاً لعكسه، فإنه يكون نوعا من العناد والمكابرة، وأظن أن الرجلين يعرفان ذلك جيداً، وأظن أنهما قد أدركا بعض مفاسد ومخاطر وأخطاء الطريق الذي سلكته «القاعدة».
وأظن أنهما وغيرهما من قادة الجماعات التي سلكت الدرب نفسه خلف «القاعدة» كالجماعة الإسلامية بأندونيسيا، في حاجة إلى نصح صادق ومشورة مخلصة من جميع المنتسبين إلى العلم والدين، وأنهم مطالبون بأن ينصتوا جيداً لنصح الناصحين، خصوصا أن آثار أفعالهم تتعدى أشخاصهم وجماعاتهم لتنعكس على الأمة كلها.
من هذا المنطلق كتبت هذه الصفحات، داعياً كل من يملك القدرة على المشورة ألا يتخلف عن المشاركة في مناقشة القضايا التي طرحتها «القاعدة» وعملياتها سواء في بلاد الكافرين أم في بلاد المسلمين.
وسوف أجعل مناصحتي موزعة على أربعة عناوين رئيسية أراها في حاجة إلى نظر وتأمل:
الأول: «القاعدة» واستحداث نوع جديد من القتال في بلاد المسلمين.
الثاني: «القاعدة» تستلب الإمامة وتهدر الأمان.
الثالث: الغلو في الجهاد.
الرابع: مسألة «التترس» واستباحة دماء المسلمين في ديارهم.
ثم في النهاية خاتمة ونصيحة.
عرفت بلاد المسلمين -منذ أن صار لهم دار ووطن- نوعين أساسيين من القتال، إما القتال دفاعاً عن هذه الديار ضد معتدٍ من الخارج يبغي احتلالها وإضاعة شرائع الإسلام القائمة فيها، أو ضد باغٍ داخلي يريد سلب السلطة من الأئمة، أو ضد فئة من أبناء الدار أيضاً من أهل الابتداع أو من الفساق الممتنعين عن شرائع الدين بالقوة والشوكة. وواضح أن هذا النوع من القتال بشتى صوره يكون تحت راية الإمام أو بإذنه المباشر أو على أقل تقدير برضاه... وإما أن يكون القتال خروجاً على هذا الحاكم لخلعه وإزالة سلطانه. وقد أذن الشرع في هذا القتال في حالة واحدة قال عنها رسولنا صلى الله عليه وسلم: «أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان».
بعض الحركات الإسلامية -ومنها «القاعدة»- قد استحدثت نوعاً جديداً من القتال أزعم أنه لم يكن معروفاً من قبل في أمتنا كما أزعم أنه لا يجوز، لأنه لا يفضي إلى المقصود، كما أن مفاسده تكون ضخمة جدا... وهذا بيان لما قلته والتدليل على ما زعمته.
السعودية هدفاً
القتال الذي أشعلته «القاعدة» بعمليتها التفجيرية في «الرياض» التي تكررت مرات-كمثال- لا هو قتال تحت راية الإمام ولا بإذنه ولا رضاه ولا هو قتال لخلع هذا الإمام -بغض النظر مؤقتاً عن مدى مشروعية ذلك إذ ليس هذا غرضنا الآن- وإنما هو قتال رغم أنف الإمام موجه أساساً ضد رعايا دول أخرى موجودين بإذن هذا الإمام وتحت حمايته على الأراضي السعودية.
وهو يفضي لا محالة إلى وقوع قتال بين الإمام وأعوانه وجنوده من جانب، و«القاعدة» على الجانب الآخر، وهذا ما حدث بالفعل وتحول القتال من أن يكون بين «القاعدة» والأجانب الموجودين بالسعودية إلى قتال بين «القاعدة» والسلطات السعودية.
والذي نعرفه من العقل أنه إما أن تكون السلطات السعودية في عرف «القاعدة» لا يصح الخروج عليها شرعاً، وإما أن يكون الخروج عليها واجباً شرعاً، ولا ثالث لهذين الاحتمالين، فإن كان لا يصح الخروج عليها فلا تصح تفجيرات الرياض لأكثر من سبب، والذي يهمنا منها الآن سبب واحد وهو أن هذه التفجيرات ستؤدي لا محالة إلى اقتتال بين القائمين بها وطائفتهم وسلطة مَنَعَ الشرع مقاتلتها.
وهناك أسباب أخرى لمنع مثل هذه التفجيرات سيأتي بيانها، إن شاء الله، تباعاً في مواضعها الملائمة.
أما إن كانت «القاعدة» تبيح الخروج على السلطات السعودية ذاتها -وهو شيء غريب لو كان هو مذهبها حقاً- فإما أن تكون «القاعدة» قادرة على هذا الخروج وإما لا. فإن كانت قادرة فلماذا لم تفعل وهي تعتقده واجباً شرعياً؟ وإن لم تكن قادرة فلماذا تستثير السلطات السعودية بما يفضي إلى قتال هي عاجزة عنه وغير قادرة على تحمل تبعاته؟ ولماذا تجر على العباد والبلاد فتناً وشروراً وتجر على أتباعها حرباً وبلاءً؟
وقد قال الفقهاء: إنه إذا وجب الخروج على الحاكم -لكفره أو تغيير الشرع- فمن عجز عنه هاجر، ولم يقولوا: إن عجزت عنه فعليك بمناوشته ومناكفته بالقوة حتى تجر على نفسك وأتباعك الضرب والحرب والبلاء والعناء من دون أن تحقق شيئاً من أهدافك، فسرعان ما يتم القضاء على تلك الخلايا -نائمة كانت أو مستيقظة- تحت ضربات أجهزة أمن داخلية وبمعونة استخبارات الدول التي استهدفت رعاياها.
«القاعدة» لا يعادي الغرب.
لو كان رهان قادة «القاعدة» على أن انتشار هذه العمليات في طول الأرض وعرضها كاف لزعزعة استقرار بعض الحكومات وسقوطها في يد الإسلاميين أو لإجبار الدول الغربية وتحديداً -أميركا- على تغيير سياستها حيال «القاعدة» فإنهم- أي قادتها- يكونون مخطئين خطأ شديداً فإن الحكومات لا تسقط إطلاقاً، لأن مئات أو آلاف الأجانب قتلوا على أرضها، وحتى لو كانت مثل هذه التفجيرات تؤدي إلى سقوط حكومات فإن القوى الخارجية التي تستهدف القاعدة رعاياها ستدعم هذه الحكومات بكل ما تستطيعه ولو أدى الأمر إلى تدخلها بالجيوش لمنع هذه الحكومات من السقوط، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه. فإن كانت «القاعدة» لم تستطع حماية الحكم الإسلامي في أفغانستان بضعة أيام في وجه الهجمة العسكرية الأميركية... فهل ستقدر على إسقاط أنظمة وإقامة أنظمة مكانها موالية لها؟
لكن الهدف الحقيقي لـ«القاعدة» ليس إسقاط أنظمة بل هو -كما تعبر عنه كلمات قادتها- إجبار الولايات المتحدة على تغيير سياستها حيال «القاعدة» تحت ضغوط شعبها الذي ستؤرقه كثيراً فداحة الخسائر التي ستلحقها به «القاعدة» ومن سلك مسلكها، وهذا الهدف بهذه الوسيلة ظهر جليا في كلمة الأخ أيمن الظواهري التي أذيعت في الذكري الثانية لأحداث سبتمبر، فهو يقول للشعوب الغربية إنه لا يستهدف عداوتهم، ولكن من مد يده بالأذى فسوف تقطعها له «القاعدة»، ثم هو يصيح بالحكومة الأميركية أن تعترف بخسائرها الحقيقية في العراق وأفغانستان ثم هو يتعهد بمواصلة الجهاد، ومن قبل كان قد صدر كتاب عن تفجيرات الرياض قالت فيه «القاعدة»: إن العمليات مستمرة.
وبشّرت الدول التي لم تقع فيها تفجيرات بعد بأن دورها سيأتي لا محالة، مع تأكيدها البشرى للدول التي نالت نصيبها بأنها ليست في مأمن من تكرار المحاولة.
نصر بعيد المنال.
لا أدري حقيقة كيف غاب عن الأخوين قائدي «القاعدة» أن هذا الطريق الذي يحثان الحركات الإسلامية والشباب المسلم على سلوكه لا يفضي إلى المطلوب بل يفضي إلى عكسه تماماً؟
فإن كل بلد ستفلح «القاعدة» أو المتأثرون بنهجها في القيام بعمليات عسكرية فيه ستستنفر كل أجهزته الأمنية والإعلامية وغيرهما للقضاء على من قام بهذه الأعمال، وستكون النتيجة النهائية أن تتحول بلاد العالم كلها إلى ساحات حرب ضد «القاعدة» وأتباعها.
ولا يوجد إنسان عاقل يجترئ على القول إن هناك احتمالاً ولو ضعيفاً أن تكسب «القاعدة» ومن استجاب لها هذه الحرب المفتوحة، وستؤول الأمور إلى ضعف تدريجي لـ«القاعدة» ثم النهاية المعروفة، هذه واحدة.
أما الثانية، فإن الولايات المتحدة ورعاياها سيكونون بعد قليل من بدء تطبيق «القاعدة» لخطتها في مأمن لانشغال التنظيم بمقاتلة الحكومات والأنظمة التي وقعت على أراضيها عمليات ضد الرعايا الأميركيين وغيرهم. وهذا ما يحدث الآن في السعودية فالقتال والمناوشات دائرة بين الشرطة السعودية وخلايا «القاعدة».
أما الأمر الثالث الذي يمنع «القاعدة» من جني ثمار خطتها، فهو أفعال «القاعدة» ذاتها واستراتيجية عملها.. فإن غزوة «مانهاتن» كما يسمونها أسفرت عن وقوع أكثر من ثلاثة آلاف قتيل في عقر الدار الأميركية، وبالتالي فلا قيمة لأي تضحيات أخرى يدفعها الأميركيون خارج أراضيهم طالما أن الأمور ستتجه في النهاية نحو تأمين الداخل الأميركي، ولو افترضنا أن «القاعدة» أفلحت في الإفلات بعملية أخرى إلى الداخل الأميركي فلن تؤدي هذه إلى تثوير الشعب على الحكومة اليمينية هناك، بل ستؤدي إلى تقوية نفوذ المحافظين الجدد وإعطائهم صلاحيات أوسع وتفويضاً أشمل للعمل على القضاء على الخطر الذي يتهدد الداخل الأميركي.
المحافظون الجدد والرقص طرباً
يتعجب المرء عندما يسمع الشيخ أيمن الظواهري يستحث الحكومة الأميركية على إعلان خسائرها الحقيقية في أفغانستان والعراق، هب يا سيدي أنهم عدة آلاف أنسيت أنكم قتلتم ثلاثة آلاف مدني في ساعة واحدة، وأنكم توعدتم بغزوة أخرى في عقر الدار الأميركية تنسيهم «غزوة مانهاتن» فأي قيمة بعد ذلك لألفي قتيل أو أكثر من العسكريين يموتون خارج الحدود دفعاً لعدو يتربص بالمدنيين ويقتلهم بالآلاف.
بل الحق أن «غزوة مانهاتن» كانت الفرصة السانحة التي رقص لها المحافظون الجدد في أميركا طرباً ووجدوا فيها ضالتهم المنشودة لتحقيق مطامعهم عبر مخططات رهيبة كانوا بالفعل يعدون خطوطها العريضة لكن لا يستطيعون تنفيذها لفرط بشاعتها ولكلفتها السياسية والمادية والبشرية التي لا يسمح الشعب الأميركي بدفعها، حتى أخطأت «القاعدة» خطأها الفاحش في «مانهاتن»، والتقط اليمين الأميركي الفرصة وضللوا الرأي العام الداخلي وأرعبوه وخوفوه حتى أعطاهم تفويضاً كاملاً بفعل ما يريدونه ثم انطلقوا يبتزون العالم كله ويرهبونه حتى ما عاد أحد قادراً على إيقاف مخططهم المجنون.
وليس الأمر كما قال الشيخ أسامة بن لادن أخيراً: من أن هذه المخططات كانت ستنفذ سواء وقعت أحداث سبتمبر أم لم تقع، فهذا مجرد اعتذار منه يريد به تخفيف آلامه النفسية لشعوره بأنه هو المسؤول الأول عما حدث سواء في أفغانستان أو غيرها. ونحن نقدر الظرف النفسي الدقيق الذي يمر به الرجل، لكن هذا لا يمنعننا من أن نبين له خطأ حساباته لا لوماً على ما مضى، بل حذرا من تكرار الخطأ ، فإن الرجل على ما يبدو عازم على تكرار فعلته إذا استطاع وسنحت له الفرصة ظاناً أن إحداث نكاية أكبر في مرة قادمة كاف لاسترداد ما ضاع أو لوقف مسلسل الخسائر على الأقل، وهذا غير صحيح بالمرة، فإن كل قتيل مدني أميركي أو غربي يسقط في بلده أو غيرها من بلاد العالم الإسلامي سيؤدي إلى زيادة نفوذ اليمين الأميركي وإلى إطالة أمد التفويض الممنوح له من الشعب الأميركي لاجتثاث مصادر الخطر.
ولنا فيما حدث بعد مانهاتن عبرة، فلماذا يصر بعضنا على أن يلدغ من جحر مرات ومرات، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين».
علامة تعجب!
إذا تأملنا جيداً في عواقب التفجيرات التي تقوم بها «القاعدة» وأخواتها في بلاد العالم الإسلامي، لاكتشفنا أن هذه العمليات لا مستقبل لها وأنها بلا أمل في تحقيق الهدف الذي قيل في تبريرها، بل إنها تحقق عكسه تماماً من تشديد وتكثيف المتابعات الأمنية ليس للقاعدة فحسب، بل لكل الحركات الإسلامية... بل إن الأمور وصلت إلى ما هو أبعد من ذلك، ففي بعض بلاد عالمنا الإسلامي يتم نقض عرى الإسلام الباقية في الأمة عبر الحذف والتعديل في المناهج التعليمية وشن الحملات الإعلامية ومحاولة طمس الهوية الإسلامية، إما بضغط مباشر من الولايات المتحدة، هذا الضغط الذي يزداد شدة وقسوة على كل بلد تمس رعايا الغرب فيه تفجيرات «القاعدة»، وإما بنصح من قوى سياسية داخل بعض أوطاننا ممن يتكلمون بألسنتنا ولا يحبون ديننا.

بقيت علامة تعجب كبيرة مازالت مرتسمة في ذهني حيال موقف «القاعدة» من السعودية، فالذي أعرفه بل ويعرفه صغار طلبة العلم الشرعي والمبتدئون في طريق الالتزام فضلاً عن كبار أهل الدين وعلماء الشرع، أن السعودية هي صاحبة النصيب الأوفر في إقامة شرائع الإسلام وشعائره وآدابه في عالم اليوم. فبأي كتاب أم بأي سُنة تحولها «القاعدة» إلى ساحة حرب تتقابل فيها السلطات السعودية وبعض الشباب المسلم؟ ولماذا هانت شرائع الإسلام وشعائره وداره ومعقله الأول على «القاعدة»؟ وكيف سوّت «القاعدة» بين دار الإسلام وحصنه الباقي من جانب وديار الكفر على الجانب الآخر... فجعلت للرياض غزوة ولمانهاتن غزوة؟ وهل هذا إلا دليل جلي على خلل عظيم تنطوي عليه سياسات «القاعدة»؟!
لمّا كانت شرائع الإسلام لا تقام أو لا يقام أكثرها على وجهه الصحيح إلا بوجود سلطان يعين بسلطته على إقامة الحق وردع أهل الفساد وحماية البيضة والذب عن الحوزة، وهو الذي عرف في التراث الفقهي للأمة باسم الخليفة أو الإمام، ولمّا رأت «القاعدة» -بحق- أن كثيراً من شرائع الإسلام لا تقام على وجهها الصحيح بسبب تقاعس الولاة عن ذلك أو إهمالهم أو امتناعهم وإضاعتهم لكثير من شرائع الدين أو أكثرها، اعتقد إخواننا في «القاعدة» -خطأً- أن لهم الحق في خلع الإمامة على طائفتهم، وليتهم اكتفوا باستلاب هذا الحق وادعائه في قطر من أقطار المسلمين، بل إنهم يتصرفون وكأنهم قد نصبوا أنفسهم أئمة على العالم الإسلامي كله.
الحاكم والجزية
ولعل هذا الوهم قد تسرب إليهم من جراء فهمهم لقاعدة أنه لا شرعية لوالٍ لا يحكم بالشرع على أنها تعني لا وجود لهذا الوالي أصلاً، ومن ثم فلتأخذ «القاعدة» مهامه ووظائفه. وهذا خطأ؛ إذ إن ركن الولاية هو القوة والقدرة، فمن ملك أمر الناس بالرغبة أو الرهبة واستطاع إنفاذ حكمه فيهم، فهو حاكمهم. فإن كان مع ذلك قائماً بالقسط فهو مثاب مأجور وإن كان ظالماً أو فاسقاً فهو آثم موزور، لكن لم يبح الشرع الخروج عليه. أما إن كان كافراً أو مضيِّعاً للشرع، فإنه يجوز الخروج عليه عند توفر شروط ذلك وانتفاء موانعه... لكنه في الأحوال الثلاثة هو الحاكم ومنصب الولاية في الأحوال الثلاثة ليس خالياً.
فإن كان الحاكم مثلاً لا يأخذ الجزية من أهل الكتاب المقيمين في بلاد المسلمين، فإنه لا يحق «للقاعدة» ولا لغيرها من الجماعات أو الأفراد مطالبة أهل الكتاب بأداء الجزية إليهم، لأن الجزية مفوض أمرها في الشرع إلى الإمام أو نائبه لا إلى الرعية أو الطوائف غير الممكنة، ثم إنه يجب لهم علينا إن دفعوا الجزية حق الحماية وهذا لا يقدر عليه إلا الحكام، فمن طالب أهل الكتاب بدفع الجزية إليه فقد نصب نفسه -شعر أم لم يشعر- إماماً وخلع على نفسه خصائص الإمام في هذه الجزئية.
وكذا من جعل لنفسه الحق في الحكم بين المتنازعين والفصل بينهم في الخصومات وفي الدماء والأموال والأبضاع على الهيئة التي يحكم بها القضاة بزعم أن هذه المسائل لا يحكم فيها القضاة بالشرع، فإنه جعل نفسه إماماً في هذه الجزئيات، شعر أم لم يشعر.
وأيضاً من نصّب نفسه قيماً على تعاملات أهل الإسلام مع غيرهم من الأمم والدول في أمور العهد والصلح وإعطاء الأمان للأمم الكافرة ونزعه منهم، فقد نصب نفسه إماماً في هذه المسائل كلها، وفي هذا كله من الفتن والفساد ما لا يخفى، لذا قال الفقهاء: إن الإمام شرط في جملة هذه الأحكام فإنها تحتاج ليس فقط إلى معرفة حكم الشرع فيها، ولا إلى إعلان حكم الشرع فيها كما يفعل المُفْتون والعلماء في المسائل التي تُعرض عليهم، ولكنها تحتاج في إنفاذها وإقامتها على الوجه المشروع إلى قدرة واستطاعة تمكن من إقامة الحكم وإنفاذه على وجه لا يؤدي إلى فساد تزيد مضرته على مصلحة إقامة الحكم ذاته، ومثل هذه القدرة والاستطاعة لا تتوفر إلا للحاكم.
فإن ترك الحاكم إقامة هذه الأمور على الوجه المشروع إما تكاسلاً وإما عناداً وإما جهلاً بحكم الشرع فيها، وإما لغير ذلك من الأسباب، فلن يكون بمقدور غيره إقامتها على الوجه المشروع أصلاً، أو سيكون بمقدروه إقامتها، ولكن مع مفاسد وفتن تربو مضرتها على مصلحة إقامة الحكم.
لذا نقول: لا يصح للعامة محاولة إقامة هذه الأحكام حتى وإن ضيّعها الولاة لا رضا بإضاعتها، بل لأن في محاولة إقامتها رغم أنف الحكام ومن دون قدرة على الإنفاذ من الشر والفساد ما هو أعلى وأطم، وليس هذا موضع بسط هذه القاعدة وتقريرها، لكن من كان عنده إدراك لكليات الشريعة ومقاصدها ومعرفة بالواقع، اهتدى لما نقوله بأيسر نظر.
سلطة نقض الأمان
وقد تفرع عن إغفال «القاعدة» لهذا الأمر وتعاملها مع أحكام الشرع وقضايا الأمة تعامل الحكام والولاة -وإن لم يشعروا بذلك أو شعروا به ولم يدركوا مغبته ومضرته- تفرع عن ذلك مجموعة من الأخطاء العملية منها:
أنهم أعلنوا الحرب على العالم أجمع وفجروا بأيديهم «صراع حضارات» ليس في مقدورهم خوضه فضلاً عن الانتصار فيه.
ومنها: أنهم نقضوا الأمان الذي أجازت الشريعة للآحاد إعطاءه -لآحاد الكفار- وحثت على الوفاء به كقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «يعقد لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة»، وقد نص الفقهاء على أن للواحد من المسلمين إعطاء الأمان لمجموعة صغيرة من الكفار، أما إعطاء الأمان لأهل دولة أو أمة من أمم الكفر فهو للوالي، وأنه يجب على المسلمين كلهم الوفاء بعهد الأمان الذي أعطاه أحدهم أو أعطاه الحاكم الكفار، وأنه ليس من حق أحد إلا الحاكم نقض الأمان العام، ولا يكون ذلك إلا بسبب صحيح، كخوفه من غدر المستأمن مع ظهور أمارات ذلك، وأنه إذا نقض الحاكم الأمان لم يجز التعرض للمستأمن بل ينبغي إعلامه وإبلاغه مأمنه، وأن إعطاء الأمان جائز وقد يكون واجباً في حالات كقوله تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ»- التوبة:(6)
المستأمنون الأجانب
فانظر كيف ضيّعت «القاعدة» كل هذه الأحكام عندما استلبت لنفسها مقام الإمامة وحثت على قتل كل كتابي دخل بلاد المسلمين مع أن هؤلاء قد دخلوا بأمان من حكام تلك البلاد أو من آحاد المسلمين، وانظر إلى الغدر الذي تعرض له أولئك المستأمنون عندما تفجرت فيهم عبوات ناسفة في بلاد المسلمين -نعم سيقول أنصار «القاعدة» وقد قالوا بالفعل- إن حكام بلاد المسلمين لا يصح أمانهم، ثم إن «القاعدة» أصدرت بيانات أعلنت فيها الحرب على هؤلاء الأجانب فهذا نزع للأمان الذي معهم.
ونقول: وما علم المستأمن الأعجمي أن حكام هذه البلاد لا يصح أمانهم، وهل هو متفقه في أصول الدين وفروعه ليعلم هل حكام البلاد يصح أمانهم أم لا يصح؟ ثم هل هو مطالب -قبل دخول بلاد المسلمين- بدراسة الخلاف القائم بين «القاعدة» والحكام؟
هل ما تقوله «القاعدة» حق وأن الحكام بالفعل لا يصح أمانهم، أم أن ما يقوله الحكام هو الحق وأن «القاعدة» هي التي لا تجوز أفعالها؟
بالقطع ليس هذا معقولاً ولا صحيحاً، بل الكافر متى اعتقد أن معه أماناً صحيحاً من بعض أهل الإسلام فله دخول ديارنا ويحرَّم التعرض له، فإن كان ما معه من أمان لا يصلح وجب إعلامه بهذا وإبلاغه مأمنه وحُرِّم قتله وقتاله.
استئذان «القاعدة»
هذا وقد استقر أن الأمان العام يعطيه وينزعه الأئمة، وهذا سار في بلاد المسلمين وبلاد الكفار، ومن دخل من المسلمين إلى بلاد الكفار بموافقة حكوماتها وإذنهم سيغضب قطعاً إن قالت له جماعة معارضة كالجيش الجمهوري الأيرلندي مثلاً في بريطانيا: لا أمان لك وأنت مباح الدم، لأننا لا نعترف بالحكومة الإنكليزية وسيقول ما شأني أنا بذلك؟ وهل أنا مطالب قبل دخول بريطانيا بالحصول على إذن السلطات وكل الجماعات المعارضة علنية أو سرية؟ وكذا سيقول غير المسلم إن قيل له: لا تدخل حتى تستأذن «القاعدة»، لأنها لا تعترف بسلطة الدولة، ثم ما العمل لو ادعت جماعة أخرى حقها هي الأخرى في إعطاء الأمان ونزعه، لأنها لا تعترف بالسلطات الحاكمة ولا تعترف بشرعية «القاعدة»؟ وكيف يكون الحال إن أمنت هذه الجماعة أقواماً بينما «القاعدة» ترى إهدار دمائهم؟ وهل هذا إلا تخليط وفساد وفوضى وفتن لا تأتي الشريعة بمثلها؟
ثم لو سلّمنا جدلاً أن لـ«القاعدة» الحق في إهدار أمان الحكام، لأنها لا تعترف بهم أو بشرعيتهم أو تحكم بكفرهم، فكيف بأمان آحاد المسلمين وكيف بمئات الآلاف من الكتابيين الذي يدخلون ديار الإسلام كل يوم بأمان الأفراد والشركات والهيئات غير الرسمية؟ وهذا كله في الأمان الجائز، فما بالك بالأمان الذي فرض القرآن على المسلمين إعطاءه لسماع القرآن ومعرفة شرائع الإسلام.
بل الحق أنه ليس لـ«القاعدة» أو لغيرها من الجماعات والأفراد التلبس بخصائص الأئمة في إعطاء الأمان العام أو نزعه، بل ذلك من خصائص الحكام وحدهم إن أقاموه على الوجه المشروع فبها ونعمت، وإن أهدروه أو أقاموه على وجه غير مشروع فليس من سلطة الجماعات ولا الآحاد نقضه ولا إلغاؤه، وهذا يعد من قبيل المنكرات التي لا يمكن إزالتها أو يمكن إزالتها مع مفاسد وفتن تربو أضعافاً مضاعفة على مفسدة تأمين كافر على هيئة لا تجوز. وأقل هذه المفاسد والفتن الوقوع في الغدر الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
كرم الضيافة الأفغاني
إن إحساس «القاعدة» بأنها صاحبة الولاية المطلقة على بلاد المسلمين قد تضخم للدرجة التي جعلتها، وهي مجرد جماعة تسلب سلطات الإمام من ولاة أفغانستان وعلى رأسهم الملا عمر -عافاه الله وأنجاه- فلم تكن الدولة الإسلامية في أفغانستان قد أعلنت الحرب على الولايات المتحدة ولا هي راغبة في ذلك ولا هي قادرة عليه، لكن كرم الضيافة الأفغاني حدا بـ«القاعدة» وقياداتها المقيمة في أفغانستان أن تخطط وتأمر بشن هجوم الحادي عشر من سبتمبر وقبله الهجوم على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا وغير ذلك.
كل هذا تم من فوق الأراضي الأفغانية وبأناس تربوا هناك وآوتهم أفغانستان مدداً طويلة، وكلنا يعلم ما يحدث بعد ذلك من اجتياح مدمر لأفغانستان... فكيف استباحت «القاعدة» أن تتصرف كحاكم لهذه البلاد وتدفع أفغانستان نحو حرب أميركا؟ وهل حاكم أفغانستان هو الآخر ساقط الشرعية في عرف «القاعدة»؟ وهذه مسألة تستحق الدراسة والتمحيص وليس المقام هنا متسعاً لذلك.
ومن هذا الباب -أعني ادعاء «القاعدة» حق الولاية على الأمة كلها- ظنها أنها متى نادت إلى القتال وأعلنت النفير لم يجز لأحد من الأمة عالماً أو غير عالم، صالحاً أو غير صالح أن يخالفها في ما ذهبت إليه، حتى أن الأخ أسامة بن لادن يعد من يخالفه في الرأي مخذلاً، وهذا عجيب منه، إذ إن الإمام وحده هو صاحب الحق في إعلان النفير العام، وعندئذ يعد أي شخص يصد الناس عن الخروج إلى الجهاد مخذلاً، أما الأفراد والجماعات فليس لهم سلطة إعلان هذا النفير، كما أنه لا يعد من خالفهم الرأي في إعلانهم الجهاد سواء لمبررات شرعية أو واقعية لا يعد مثل هذا بحال مخذلاً.
من المعلوم أن «القاعدة» مهتمة بأمر الجهاد سواء قبل الحادي عشر من سبتمبر أو بعده، وهي تراه بحق ذروة سنام الإسلام، وقد نشأت «القاعدة» نفسها كتنظيم داخل طاحونة الجهاد الأفغاني، وشاركت في هذا الجهاد مشاركة محمودة تحسب إن شاء الله لها... وقدمت، كما قدم غيرها من الحركات الإسلامية أفغانية وغير أفغانية، كثيرين من أبنائها ممن نحسبهم شهداء عند ربهم يرزقون. وقد كلل هذا الجهاد بنجاح فائق ليس في تحرير أفغانستان فحسب، بل في التعجيل بانهيار الاتحاد السوفييتي الذي أدى إلى تفكيك المعسكر الشرقي بأسره.
لذا كان من الطبيعي أن تولي «القاعدة» الجهاد اهتماماً كبيراً، لكن هذا الاهتمام المتزايد تحول إلى غلو من دون أن يشعر القائمون على التنظيم بذلك، وقد غطى هذا الغلو رؤيتهم لحقائق الواقع. فلم يلتفتوا إلى أن سقوط الاتحاد السوفييتي قد أدى إلى ظهور معادلة جديدة تختلف كل الاختلاف عن تلك التي كانت قائمة والتي وفرت الظرف المناسب تماماً لنجاح الجهاد الأفغاني وبلوغه آماله ونهايته المحمودة.
أفغانستان ضحية
لم تبصر «القاعدة» هذه الحقائق الجديدة وسارت في طريق الغلو في الجهاد، فلم تجد أفضل من الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، لتوجه إليها سهام جهادها أو سهام غلوها في الجهاد فسارت بقدميها إلى فخ الحادي عشر من سبتمبر الذي مازالت تتخبط فيه حتى اليوم، وكلما حاولت الخروج منه -عبر مزيد من الغلو في الجهاد- زاد إحكام الفخ عليها.
وقد كان أول ثمرات هذا الغلو ضياع دولة أفغانستان، وهكذا ضاعت ثمرة الجهاد الصحيح بسبب مجاوزة الحد في استعمال القتال، وهذا هو الغلو الذي وقعوا فيه.
والغلو في أي أمر من الأمور -ولو كان طاعة أو عبادة- ليس محموداً، لأنه عبارة عن تجاوز الحد الممدوح شرعاً أو المأذون فيه، وقد أنكر رسولنا -صلى الله عليه وسلم- على من قال: أصوم ولا أفطر، ومن قال: أقوم الليل ولا أرقد، ومن قال: أعتزل النساء، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني».
فمن التزم الهدي النبوي وعلم سُنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وطريقته ثم عمل بها فقد أصاب، ومن عمد إلى بعض الهدي النبوي فعمل به وهجر بعضه الآخر فقد غالى في ناحية وقصّر في ناحية، وهذا ما وقع فيه إخواننا في «القاعدة» من دون أن يشعروا. ولو أنهم التزموا الهدي النبوي كاملاً غير منقوص -كما سيأتي بيانه- لمضوا في القتال حيث يكون محققاً للمقصود ولامتنعوا عنه حيث يكون محققاً لعكس ذلك.
فقد شرّع الله ورسوله لنا بجوار الجهاد الصبر والصفح والعفو، وشرعا لنا أيضاً الصلح والعهد، وشرعا لنا كذلك الهجرة، كما شرعا العزلة، وجعلا لكل واحد من ذلك مجاله ومكانه وزمانه بحيث يكون العمل به آنذاك محققاً لمقصود الشرع، فلم يجعلا الجهاد والقتال هو الطريق الأوحد والأسلوب الأمثل لتعاملنا مع غيرنا من الأمم دائماً وأبداً، بل أباح الله ورسوله من ذلك ما اقتضته المصلحة العليا للدين والأمة، أما حيث تكون تلك المصالح لا تتحقق بالقتال أو كان القتال مضيعاً لها فلا يكون مباحاً ولا مشروعاً ولا يكون عندئذ ذروة سنام الإسلام بل لا يكون من هدي خير الأنام.
الأذى الأميركي
لكن الغلو يدفع «القاعدة» بعيداً ليجعلها رافضة إلا أن يكون الجهاد هو الحل الأوحد لكل موقف، وهو العلاج الناجع لكل أزمة، وهو الفرض المشروع في كل زمان ومكان وعصر وأوان بغض النظر عن أي شيء آخر، وهي بذلك تعْرض عن بعض هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي لا تشعر. وليت شعري لماذا شرع الصبر والصفح والصلح والعهد والهجرة والعزلة ونحوها إن لم يُستعمل كل منها في أوانه ومكانه المناسبين؟!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «من كان بأرض هو فيها مستضعف، أو في وقت هو فيه مستضعف، فليعمل بآية الصفح والعفو» ومثل هذا قاله ابن حجر، وقاله أيضاً الزركشي ونقله عن السيوطي وأقره عليه.
وإذا كانت «القاعدة» تشكو قبل شروعها في مهاجمة الأهداف الأميركية حول العالم أن المخابرات الأميركية قد اعتقلت أفراداً معدودين من أعضائها وقامت بتسليمهم إلى دولهم حيث تعرضوا لمحاكمات قاسية، فإن «غزوة مانهاتن» لم تكن هي الحل بغض النظر هنا عن مدى مشروعيتها. بل لقد أدت إلى مضاعفة المشكلة أضعافاً مضاعفة فامتد أذى الأميركيين إلى مئات الآلاف وربما الملايين بعد أن كان محصوراً بعدة أفراد، أفلم يكن الصبر في مثل هذا الموطن أولى أو لم يكن أقرب إلى تقليل المفاسد والخسائر؟
ظلم الدين
هذا مجرد مثال لما يسببه إهمال بعض الهدي النبوي حيث كان يجب إعماله. فقد أدى إهمال الصبر والإعراض عنه كجزء من الهدي النبوي الذي شرعه الله لرسوله وعلّمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته والتزمه هو وأصحابه طويلاً في مجابهة ما نزل بهم من أذى وابتلاءات، أدى هذا الإهمال والإعراض إلى إضاعة مصالح مشروعة وزيادة مفاسد محذورة، ولا ينفع هنا الاحتجاج بأن من أعرض عن الصبر فقد لجأ إلى الجهاد وهو الآخر من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- لأننا نقول: إن لكل منهما مكانه المناسب، ولم يضع رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا مكان هذا، حاشاه -صلى الله عليه وسلم- فمن فعل ذلك فهو مخالف لهدي رسولنا صلى الله عليه وسلم.
ومن كان له حس فقهي إذا تأمل في سيرة نبينا -صلى الله عليه وسلم- أدرك ما قلناه بأيسر نظر، ولم تشتبه عليه الأمور ولم يصعب عليه معرفة دلالات النصوص.
فإنه من المعلوم أن النصوص الحاكمة لعلاقة أهل الإيمان بغيرهم من الأمم وأهل الديانات الأخرى قد نزلت على مكث وبتدرج حكيم بالغ الحكمة شديد الحسن، فجاءت ملائمة أحسن ملاءمة لحال المسلمين، كما جاءت مستجيبة أمثل استجابة للتحديات المفروضة عليهم من أعدائهم فكانت المخرج الأعظم والحل الأفضل في كل مرحلة لكل تحدٍ.
وإنه لظلم شديد للدين وللأمة أن نعْرض عن هذه النصوص المتكاملة ونلجأ إلى الاختيار الانتقائي من بينها أو أن نصر على العمل بأحدها كالقتال في كل موطن من دون تفريق بين مقدور عليه وغير مقدور، ولا بين عدو قريب وبعيد، ولا بين عدو وأشد عداوة، ولا بين دار إسلام ودار حرب، ولا بين مشرك وكتابي ومرتد وظالم وفاسق، وتلكم مسألة مهمة تحتاج إلى بسط وبيان لا تحتمله هذه النصيحة العجلى.
موانع القتال
ومن الغلو في الجهاد إغفال التأكد من توفر شروطه وانتفاء موانعه بعد التيقن من قيام سببه، وهي قضية خطيرة تحتاج إلى وقفة تأمل ومزيد اهتمام لا من إخواننا في «القاعدة» فحسب، بل من كل الحركات الإسلامية المقاتلة، أيضا. وقد أدى إهمالها إلى إشعال صراعات مريرة في مناطق عديدة من عالمنا الإسلامي، لم تصب في النهاية في مصلحة الدين والأمة.
ذلك أن وجوب الجهاد كحكم شرعي يحتاج إلى أشياء ثلاثة:
الأول: توفر السبب.
الثاني: تحقق الشرط.
الثالث: انتفاء المانع.
ولا يكفي وجود واحد من هذه الثلاثة حتى يقال: إن الجهاد قد وجب، بل لابد من اجتماع ثلاثتها معاً، فإذا وجد السبب ولم تتحقق الشروط أو وجد السبب وقام المانع فلا يصح أن يقال إن الحكم الشرعي بوجوب الجهاد قد انعقد، بل لا ينعقد ولا يصير الجهاد واجباً حتى تكتمل الأشياء الثلاثة معاً.
لكننا نجد أكثر الخطباء والمصنفين في عصرنا الحالي عن الجهاد يولون أسباب الجهاد اهتماماً عظيماً ولا يفعلون الشيء نفسه مع شروطه أو موانعه حتى نشأت أجيال في الحركة الإسلامية لم تسمع من قبل شيئاً عن موانع القتال رغم أنها -أي الموانع- أولاها الشرع اهتماماً عالياً حتى جعل وجودها وتحققها مبطلاً لأثر السبب، فلا ينعقد الحكم ولو وجد سببه طالما قام مانعه.
استباحة الدم والتترس
ولعل حماسة الشباب وشدة غيرتهم على الدين هي التي دعتهم إلى الوقوف طويلاً أمام أسباب القتال، وهي للأسف متفشية في مشارق الأرض ومغاربها؛ من علو الشرك، ووجود الفتنة، وإيذاء المؤمنين، وغياب شرعة الدين، فأعطوها نصيباً كبيراً من التأمل والحديث والتأليف والتصنيف بحثاً عن حل لها وعلاج من دون أن يولوا شروط الجهاد أو موانعه الاهتمام نفسه.
وقد تفرع عن غلو إخواننا في «القاعدة» في الجهاد أنهم لم يدققوا في ضبط الأحكام الخاصة به، بل عدوا ذلك نوعاً من التخاذل وعدوا من يطالبهم به مخذلاً لا أكثر، فنتج من هذا أخطاء صارخة؛ كالوقوع في الغدر المنهي عنه بقتل المستأمنين، وكاستباحة دماء المسلمين في بلادهم بدعوى «التترس»، وقد تعرضنا لقضية الأمان من قبل وسيأتي إن شاء الله تعالى الحديث عن مسألة «التترس».
وقد هالني كما هال غيري تلكم التبريرات العجيبة التي يقوم بها بعض المحسوبين على «القاعدة» ممن يعد نفسه أو يحسبونه على درجة علمية تؤهله للخوض في هذه المسائل المعضلة، وقد وجدناه كلما تكلم أتى عجباً وقال عجباً، فمن ذلك أنه عندما أنكر المنكرون على «القاعدة» انتهاكها الأمان الذي تعطيه السعودية حكومة أو أفراداً للأجانب، قال ذلك الرجل غريب الأطوار، إن أمان أهل البغي لا يلزم أهل العدل. ثم لما أنكرنا على «القاعدة» قتل المسلمين بدعوى «التترس»، صاح بأنه يجوز قتل المسلمين إذا «تترس» بهم الكفار لإحداث ضرر أو تمرير فتق، وأن تقدير ذلك متروك للمجاهدين، وهذا إغراق في الغلو يريد به فتح الباب على مصراعيه لقتل المسلمين مع المستأمنين... وسيأتي بيان وجه الخلل في قوله هذا قريباً.
وأخيراً نصل إلى أخطر القضايا التي تحتاج فيها «القاعدة» إلى مناصحة صادقة مخلصة من كل غيور على دينه محب لأمته حريص على الشباب المسلم أن تُهدّر دماؤه بغير حق، ألا وهي سحب أحكام مقاتلة الكفار في ديارهم إلى بلاد المسلمين من دون تبصر أو ترو، مما أدى إلى إهدار دماء المسلمين في أوطانهم بغير حق كما حدث في انفجارات المحيّا بالرياض.
ومن لديه أدنى غيرة على الدين لابد أنه أصيب بصدمة عندما سمع بنبأ تفجيرات في أحياء سكنية في ليلة من ليالي شهر رمضان المعظم كان ضحاياها ثمانية عشر قتيلاً من المسلمين والعرب أغلبيتهم من النساء والأطفال، لأن الرجال كانوا حينئذٍ يؤدون صلاة القيام بالمساجد... وبدلاً من أن تعتذر «القاعدة» عن مجزرة أوقعت هذا العدد من المسلمين قتلى ولم يكن بينهم قتيل أميركي أو غربي واحد -وهم الذين تدعي القاعدة استهدافهم- نجد متحدثاً باسمها يتبنى العملية في جرأة عجيبة وفخر مُزرٍ.
الدماء المصونة
للوهلة الأولى يستشعر المرء أنه أمام مجموعة مستهترة بدماء المسلمين وحرماتهم تقتلهم بمثل هذه الصورة البشعة (في تفجيرات حي المحيا في مدينة الرياض)، ثم تفخر بهذا العمل المجنون وتتباهى به ولا تستحي من التهديد بتكراره.
لكن يغلب على ظني أن هذه الصورة ليست دقيقة، وأن أفراد «القاعدة» ذاتهم لا يستسيغون بسهولة قتل المسلمين في ديارهم بهذه الكيفية المفرطة في القسوة، لكنهم قد غلبهم الجهل بالأحكام الشرعية فالتبست عليهم بعض الفتاوي التي قيلت في شأن تترس جيش الكفار بالمسلمين أو رمي ديار الكفار بما يعم إهلاكه ولو كان فيهم مسلم أسير أو تاجر، فظنوا هذه الأحكام عامة مطلقة غير مشروطة فسحبوها على كل من تريد «القاعدة» مقاتلته بغض النظر عن الهيئة التي يكون عليها والمكان الذي يوجد به وبغض النظر عن استيفاء شروط جواز ذلك والتأكد من انتفاء موانعه.
وقبل أن نشرع في بيان ذلك بشيء من إجمال نقرر أولاً قاعدة أصولية عظيمة: «إن اليقين لا يُرفع بالشك ولا بالظن». ومناسبة هذه القاعدة لما نحن بصدده أن دماء المسلمين مصونة يحرم إراقتها بغير حق، وقد ثبت هذا بيقين لا شك فيه، وفيه آيات صريحة وأحاديث صحيحة، بل إنه قد استقر العلم به حتى صار من المعلوم من الدين بالضرورة فيجب على من يفتي بحل دم مسلم في واقعة ما أن يكون معه دليل قاطع يبيح هذا الدم الذي ثبتت عصمته من قبل بدليل قاطع لا لبس فيه، فهل لدى «القاعدة» دليل قاطع على استباحة دماء المسلمين على الوجه الذي فعلته في تفجيراتها؟
الجواب: لا، ثم لا، ثم لا.
الأوصاف الثلاثة
ولنستعرض في عجالة ما تستدل به «القاعدة» على جواز تفجيراتها، ثم نعقب ذلك ببيان الفارق الشاسع بين ما استدلوا به وما استدلوا عليه.
يحتجون بفتوى التترس وهي محل إجماع من أهل العلم.
يقول الغزالي رحمه الله في كتابه المستصفى: «الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى المسلمين، فلو كففنا عنهم لصدمونا -أي قاتلونا- وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة المسلمين، ولو رمينا الترس -أي: المسلم الذي تترسوا به- لقتلنا مسلماً معصوماً لم يذنب ذنباً وهذا لا عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم ثم يقتلون الأسارى أيضاً»... ثم أفتى الغزالي بجواز الرمي هنا وإن أفضى إلى قتل الترس المسلم، لكنه شرط لذلك ثلاثة أوصاف فقال: «وانقدح اعتبارها باعتبار ثلاثة أوصاف أنها ضرورية قطعية كلية»، ثم قال رحمه الله: «وليس في معناها ما لو تترس الكفار في قلعة بمسلم، إذ لا يحل رمي الترس إذ لا ضرورة، فبنا غنية عن القلعة، فنعدل عنها إذ لم نقطع بظفرنا بها، لأنها ليست قطعية بل ظنية».
القرطبي و«القاعدة»
ويقول القرطبي، رحمه الله، في المعنى نفسه: «... وهذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن، إذ لا يمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن... قال أبو زيد «قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن قوماً من المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل الإسلام وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن أم لا؟ قال: سمعت مالكاً وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم أنرمي في مراكبهم النار ومعهم الأسارى فقال مالك: لا أرى ذلك لقوله تعالى لأهل مكة: «لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً» – (الفتح - 25). وكذلك لو تترس كافر بمسلم لم يجز رميه».
ثم قال القرطبي رحمه الله: «قد يجوز قتل الترس ولا يكون في ذلك خلاف إن شاء الله، وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كلية قطعية، فمعنى كونها ضرورية أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس، ومعنى أنها كلية أنها حاصلة لكل الأمة حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين، فإن لم يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل الأمة، ومعنى كونها قطعية أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعاً».
قال علماؤنا: وهذه المصلحة بهذه القيود لا ينبغي أن يختلف في اعتبارها، لأن الفرض أن الترس مقتول قطعاً فإما بأيدي العدو فتحصل المفسدة العظيمة التي هي استيلاء العدو على كل المسلمين، وإما بأيدي المسلمين فيهلك العدو وينجو المسلمون أجمعون» ( أ.هـ وراجع تفسير القرطبي).
رمي الحصون
فهل الشروط التي ذكرها الغزالي والقرطبي متحققة في عمليات «القاعدة»؟ وهل هناك جيش للكفار متحصن وراء المسلمين الذين ترميهم «القاعدة» بمتفجراتها؟ وهل هؤلاء المسلمون مقتولون لا محالة بأيدي الكفار أو بأيدي «القاعدة»؟ وهل لو امتنعت «القاعدة» عن الرمي بمتفجراتها بين ديارنا ووسط أهلينا سينتهز الجيش الكافر تلك الفرصة السانحة ليحتل ديارنا ويقتل أهالينا؟ وهل المصلحة التي تبتغيها «القاعدة» بتفجيراتها كلية؟ أي هل تعود على الأمة كلها؟ وهل هي قطعية الحدوث أي نقطع يقيناً أو نظن قريباً من اليقين أنها ستتحقق بهذا الأسلوب؟
ويحتجون أيضاً بقول بعض أهل العلم بجواز رمي حصون الكفار حال قتال أهلها من المشركين بغرض الفتح ولو كان فيهم بعض المسلمين أسرى كانوا أو تجاراً، وهذا محل خلاف شديد بين أهل العلم.
يقول ابن الهمام الحنفي في كتابه «فتح القدير»: «ولا بأس برميهم -أي الكفار- في حصونهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر».ويقول ابن قدامة المقدسي في كتاب «المغني»: «وإن لم يخف على المسلمين لكن لم يقدر عليهم -أي الكفار- إلا بالرمي فقال الأوزاعي والليث: لا يجوز رميهم لقول الله تعالى:
«وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (25)»- الفتح 25.
وقال الليث: ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق.
وقال الأوزاعي: كيف يرمون من لا يرونه إنما يرمون أطفال المسلمين؟!
وقال القاضي والشافعي: يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة، لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد.
مفخرة الإرهاب
لكن يحكي الرملي خلافاً عن الشافعي في هذه المسألة، فيقول كما جاء في كتاب «نهاية المحتاج على شرح المنهاج»: «فإن كان فيهم مسلم واحد أو أكثر أسير أو تاجر جاز ذلك -أي حصارهم- وتبييتهم في غفلة وقتلهم بما يعم وإن علم قتل المسلم بذلك، لكن يجب توقيه ما أمكن على المذهب لئلا يعطلوا الجهاد علينا بحبس مسلم عندهم».
ثم حكى الخلاف بقوله: «والطريق الثاني إن علم إهلاك المسلم لم يجز وإلا فقولان».
فلماذا سحبت «القاعدة» هذه الأحكام الخاصة بحصون الكفار إلى بلاد المسلمين؟
وهل صارت السعودية هي الأخرى في عرف «القاعدة» حصناً من حصون الكفار؟
وهل هانت شرائع الإسلام وشعائره التي تقيمها السعودية حتى جعلتها «القاعدة» هدفاً لسهامها؟ وكيف جرؤ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتفاخر بتفجيرات الرياض حتى سماها غزوة، وكأننا نتحدث من جديد عن «غزوة بدر» و«غزوة بني قريظة»، وكأن الإسلام الذي استقر في هذا البلد الأمين لا اعتبار له عندهم. كما لا اعتبار لدماء المسلمين التي سالت في الرياض أنهاراً ولا حتى لجثثهم التي تطايرت في السماء أشلاء؟ تساؤلات حائرة لم تجب عنها «القاعدة» وغالب ظني أنها لن تجيب عنها في الدنيا وأخشى أن تُسأل عنها في الآخرة.
هذا بيان متعجل لعدم صحة استدلالاتهم بأقوال العلماء على أفعالهم وتفجيراتهم، وقد أوردته في ستة أوجه:
الوجه الأول
أن كل أقوال الفقهاء التي ذكروها مختصة بوجود المسلم ضمن جموع الكفار، إما في بلادهم وإما في جيشهم، أما في حالتنا فالعكس هو الحادث أي أن الكافر -كتابياً أو غير كتابي- هو الموجود بين جموع المسلمين، ولا يصح بأي حال من الأحوال قياس إحدى الصورتين على الأخرى، فهذا قياس مع الفارق... والفارق هنا شاسع وكبير وخطير ومؤثر في الحكم لا محالة. ولا ينفع «القاعدة» هنا الاحتجاج ببعض أقوال أهل العلم بأن دار الإسلام إذا علتها شرائع جاهلية صارت دار كفر، ويرتبون على ذلك أن الرمي بما يعم إهلاكه يجوز، لأن الدار صارت غير ممنوعة. أقول: لا ينفعهم الاحتجاج بهذا القول لبعض أهل العلم... لا لأن غيرهم من العلماء خالفوهم فيه، ولكن لأن عصمة دماء المسلمين ثابتة سواء سمينا ديارهم دار إسلام أو دار حرب أو دار كفر أو داراً مركبة، كما سماها ابن تيمية، هذا وقد صرح ابن تيمية بذلك عندما سئل عن بلد عامة أهله مسلمون لكنه لا يحكم بشرائع الإسلام، فقال: «يعامل فيه المسلم بما يستحقه».
وقال أيضاً عن أهله المسلمين: «لا يحل سبهم ولا رميهم بالنفاق عموماً».
لكن «القاعدة» استباحت رميهم بالمتفجرات! ثم هل السعودية الحصن الباقي للإسلام قد صارت هي الأخرى دار حرب؟!
الوجه الثاني
سلمنا جدلاً أن قياس وجود كافر بين المسلمين على وجود مسلم بين الكافرين قياس صحيح عقلاً، وأنه لا فارق بين الصورتين، لكن من قال إنه يجوز القياس على أقوال أهل العلم أصلاً.
فالقياس يكون على نص من كتاب أو سُنّة، وفي مسألتنا لا نص من كتاب أو سنة يبيح قتل مسلم توصلاً إلى قتل كافر، وإنما هناك اجتهادات لعلماء في مسائل معدودة سبق ذكرها، وهي مسألة الجيش ومسألة الحصن، وهذه الاجتهادات مأخوذ معظمها من المصلحة المرسلة أو غيرها. لكن لا يوجد نص صريح بجواز قتل مسلم توصلاً إلى قتل كافر، ومن ثم فالواجب هو العمل باجتهادات العلماء في المواضع التي قيلت فيها لا قياس غيرها عليها.
سيقال: لكن هناك نصوصاً استأنس بها العلماء في فتاواهم تلك، وهي تصلح للقياس عليها، كقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين»، وقوله عليه الصلاة والسلام (في ما روته عائشة): «يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم. قلت: يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم». رواه البخاري.
وواضح أن هذه الأحاديث فيمن يقيم في بلاد المشركين بين جموعهم أو من يوجد في جيش غاز، وواضح وضوح الشمس في رابعة النهار أنه لا يجوز قياس مسلم يقيم في داره ووطنه الذي عامة أهله مسلمون على مسلم يقيم في ديار المشركين أو يوجد مع جيشهم الزاحف على بلادنا، ومن لم يدرك الفارق بين الصورتين فقد بلغ في الجهل بالشرع وضعف البصيرة مبلغاً عظيماً.
بقي تساؤل مرير: أين يمكننا -نحن المسلمين- المقام حتى نأمن على أنفسنا وأهلينا من تفجيرات «القاعدة»... إذا كان قادتها ومفتوها لا يعرفون فارقاً بين مسلم يعيش في السعودية وآخر يزور الفاتيكان؟!
الوجه الثالث
سلمنا جدلاً أن القياس على أقوال أهل العلم جائز، وأن قياس وجود كافر بين المسلمين وفي ديارهم على وجود مسلم بين الكفار في ديارهم أو جيشهم قياس صحيح، وأغمضنا أعيننا عن الفارق الصارخ بين الصورتين، لكن العلة التي لأجلها أباح الفقهاء ما نقلناه عنهم من رمي المسلم بين الكفار غير موجود في تفجيرات «القاعدة» وعملياتها داخل بلادنا. فالعلة عند الفقهاء هي إما مصلحة حفظ الأمة من الاستئصال كما في مسألة الجيش، وإما زيادة الفتح ونشر الإسلام كما في مسألة الحصن.
وقد اتفق الفقهاء على اعتبار العلة الأولى فلم يختلفوا -في ما نعلم- في جواز رمي الجيش الغازي، وإن أدى ذلك إلى قتل الترس المسلم إذا خفنا على الأمة كلها، وشرطوا أن تكون المصلحة من وراء ذلك ضرورية قطعية كلية وألا يكون هناك طريق آخر لتحقيقها.
أما في الصورة الثانية -وهي مسألة الحصن- فقد اعتبر فريق منهم هذه العلة، بينما أبى فريق آخر اعتبارها، وبالتالي لم يسوغوا رمي الحصن إن كان فيه مسلم ولو أسيراً.
فهل هاتان العلتان أو إحداهما موجودة في عمليات «القاعدة»؟ بالقطع لا... إذ ليس هناك خوف استئصال أهل الإسلام إذا لم تقم «القاعدة» بتفجيراتها، لأنه ليس هناك جيش زاحف يتترس ببعض المسلمين أصلاً، إنما هناك كتابيون أجانب موجودون كأفراد في بلاد العالم الإسلامي سواء كانوا قد جاؤوا لزيارة أو تجارة، وسواء قلنا يباح وجودهم أو لا يباح، لكنهم على أي حال ليسوا جيشاً زاحفاً سوف يبيد أهل الإسلام، وليست هناك مصلحة، لا ضرورية ولا قطعية ولا كلية ستتحقق من رمي هؤلاء، ولن تتحقق إلا بهذا الطريق.
وإذا زعم زاعم أن هناك مصالح تتحقق بهذه العمليات فهي مصالح جزئية ظنية، أما كونها جزئية فلأنها تعود على أفراد «القاعدة» فقط الذين يتصورون أن تكرار مثل هذه العمليات سيجبر أميركا على تغيير سياستها حيال «القاعدة» أو غيرها ممن دار في فلكها، وأما كونها ظنية فلأننا لا نقطع بتحقق هذه المصلحة بهذا الطريق، وإنما هي مجرد ظنون وآمال في أذهان قادة «القاعدة».
لكن الحقيقة الثابتة التي نشاهدها كل مرة وعقب كل تفجير أن المصالح التي توهموها لا تتحقق، بل المتحقق قطعاً ويقيناً مفاسد متتالية متتابعة متزايدة، لا على أبناء «القاعدة» أو على غيرهم من أبناء الحركات الإسلامية فحسب، بل على الأمة كلها.
فبأي دليل يستبيحون قتل المسلمين -بدعوى التترس- وهو مفسدة عظيمة عاجلة متحققة الوقوع سعياً وراء أوهام بأنه قد يتحقق من وراء ذلك مصالح في مستقبل الزمان، بينما المتحقق فعلاً وحالاً مفاسد عظيمة أخرى.
أيضاً العلة في مسألة الحصن وهي زيادة الفتح ونشر الدين غير موجودة في عمليات «القاعدة» فليس هناك فتح ولا حصن ولن تؤدي تفجيرات «القاعدة» إلى سقوط الأنظمة الحاكمة، ولا «القاعدة» تهدف إلى ذلك أصلاً، ولا هي قادرة عليه، ثم إن بلداً كالسعودية لا يجوز مقاتلته أصلاً كما قدمنا.
فإذا كانت العلة التي لأجلها أباح الفقهاء رمي الكفار، وإن أدى ذلك إلى قتل مسلم معهم، غير موجودة أصلاً في عمليات «القاعدة»، لم يصح الاستدلال بأقوال هؤلاء العلماء ولا حتى القياس عليها -إن ساغ- لتبرير أفعال «القاعدة».
توسيع باب القتل
هذا وقد تنبه بعض المتحدثين باسم «القاعدة» على ما يبدو إلى ما ذكرناه من أن العلة التي أباح لأجلها الفقهاء رمي الكفار ولو وجد معهم مسلم غير متحققة في عمليات «القاعدة»، فحاول أحدهم استحداث علة جديدة، فقال بجواز الرمي إذا تترس الكفار بالمسلمين لإحداث ضرر أو تمرير فتن، ثم قال: إن هذا الأمر متروك للمجاهدين! وهذه جملة أخطاء مركبة كظلمات بعضها فوق بعض، فليس هناك تترس أصلاً كما ذكرنا، ثم لو افترض وجود تترس فإنه لا يباح قتل الترس المسلم دفعاً لأي ضرر أو خوفاً من أي فتنة، بل قد حدد العلماء طبيعة الضرر والفتن التي يباح لأجلها الرمي حتى جعلوها مصلحة ضرورية قطعية كلية.
فانظر كيف ضيَّق العلماء هذا الباب حتى لا يستباح دم المسلم إلا بسبب قوي ولظرف قاهر... وانظر كيف يريد بعض متحدثي «القاعدة» توسيع هذا الباب وفتحه على مصراعيه حتى تراق دماء المسلمين أنهاراً بحجة دفع ضرر أي ضرر، أو منع فتن أي فتن. ثم لم يكتف أحد متحدثي «القاعدة» بذلك حتى جعل صاحب الحق في تقرير هذا الأمر الخطير الجلل هم المجاهدين لا العلماء.
والذي يعرفه كل مبتدئ في علوم الشرع أن العلماء هم الذين يقررون جواز الفعل من عدمه، ثم المجاهد كغيره من المكلفين يعمل بما يقرره العلماء، لكن الرجل كما قلنا يريد توسيع باب القتل والإثخان في أهل الإسلام، لكنه نسي أن يقول لنا ما الحكم إذا كانت تفجيرات «القاعدة» هي التي تجلب لنا ولهم وللأمة كلها الضرر وهي التي تزيد الفتن؟!
الوجه الرابع
وهو أوضح الوجوه وأقواها في تفنيد رأي «القاعدة» وبيان عدم صحة دعواهم، وأنا أدعوهم إلى أن يتوقفوا طويلاً عنده فإني طالعت ما قاله وكتبه من يفتون لهم، فلم أجدهم التفتوا إليه ولا انتبهوا إلى الفارق الشاسع بين ما أجازه الفقهاء وما يفعلونه هم، ذلك أن الفقهاء أجازوا قتال الكفار ولو تضمن قتل مسلم لأنه -أي القتال- واجب إما وجوباً عينياً كما في مسألة الجيش الغازي وإما وجوباً كفائياً كما في مسألة الحصن، فوقع تعارض بين وجوب الجهاد وحرمة قتل المسلم، فرجح الفقهاء وجود الجهاد على حرمة قتل المسلم بالإجماع في مسألة الجيش واختلفوا في مسألة الحصن، فمنهم من رجح هذا ومنهم من رجح ذاك.
يقول ابن عابدين الحنفي: «... نستعين بالله ونحاربهم بنصب المجانيق وحرقهم وغرقهم وقطع أشجارهم ورميهم، وإن تترسوا ببعضنا ونقصدهم -أي الكفار- وما أصيب منهم -أي من المسلمين- فلا دية فيه ولا كفارة، لأن الفروض لا تقرن الغرامات» أ. هـ
وقال ابن قدامة: «... وقال القاضي والشافعي يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة، لأن تركه يفضي إلى تعطيل الجهاد». وقال الرملي: «فإن كان فيهم مسلم واحد أو أكثر أسير أو تاجر جاز ذلك -أي حصارهم- وتبييتهم في غفلة وقتلهم بما يعم وإن علم قتل المسلم بذلك لكن يجب توقيه ما أمكن على المذهب لئلا يعطلوا الجهاد علينا بحبس مسلم عندهم».
أشد المحرمات
واضح من أقوال أهل العلم هذه أن الرمي أبيح مع ما فيه من هلاك بعض المسلمين لكيلا يتعطل الجهاد الذي هو في تلكم المواطن فرض عين أو فرض كفاية... والمقصود أن التعارض بين وجوب الجهاد وحرمة دم المسلم هو الذي دفع الفقهاء إلى الترجيح.
أما في عمليات «القاعدة» فلا يوجد هذا التعارض أصلاً، فإن الذين تستهدفهم عمليات «القاعدة» ليسوا جيشاً غازياً ولا حصناً يراد فتحه، بل هم مجرد أفراد، وما تفعله ليس قتالاً وإنما هو قتل. وهؤلاء الذين تريد قتلهم من الكفار ليس قتلهم واجباً، لا وجوباً عينياً ولا كفائياً، بل أقصى ما تستطيع «القاعدة» ادعاءه أنهم يباح قتلهم وأنهم حلال الدم إذ لم يثبت لهم ما يعصم دماءهم من إسلام أو عهد أو أمان صحيح- كذا تقوم «القاعدة»- ولنفترض أن هذا صحيح، فمن قال: إنه لأجل قتل شخص حلال الدم يستباح دم مسلم معصوم الدم، وكيف تحث «القاعدة» أتباعها على فعل مباح -وهو قتل كافر غير معصوم عندهم- ولو أدى إلى ارتكاب محرم من أشد المحرمات إثماً.
قال القرطبي: «التوصل للمباحث بالمحظور لا يجوز لاسيما بروح المسلم».
وهذا أقوى الوجوه في تحريم عمليات «القاعدة» التي تتم في بلاد المسلمين ولا انفكاك لهم عنه سواء ادعوا أنها دار كفر أو حرب، أو سلموا أنها دار إسلام. فعلى كل حال، لا يجوز التوصل إلى قتل شخص مباح الدم بقتل مسلم معصوم الدم، لأنه لا يجوز استحلال المحرم للتوصل إلى فعل مباح. بل الأصوليون متفقون على عكس ذلك تماماً، فهم يقررون أنه إذا تعذر ترك المحرم إلا بترك غيره من المباح وجب ترك هذا المباح، وتنزيل هذا المبدأ الأصولي المهم على مسألتنا يؤدي إلى وجوب ترك استهداف آحاد الكفار من المخالطين للمسلمين في بلادنا صيانة لدم المسلمين، وهذا عكس ما تقول به «القاعدة».
الوجه الخامس
أن هؤلاء الذين يدخلون إلى بلادنا وإن كانوا كفاراً، إلا أن معهم أماناً صريحاً أو ضمنياً أو شبهة أمان تعصم دماءهم وتجعل قتلهم محرماً. فكيف يستهدفون قتل من حقن دمه الأمان ويستهدفون معه من حقن دمهم الإسلام؟ وقد تقدم بيان هذا من قبل فلا معنى لإعادته.
الوجه السادس
أن عامة من تستهدفهم «القاعدة» هم من أهل الكتاب وهؤلاء منع الشرع قتالهم وقتلهم حتى يعرض عليهم الإسلام... فإن أبوا، فالجزية، فإن قيل: نحن عاجزون عن أخذ الجزية منهم قلنا: لا يصح أن تجعلوا عجزكم عن هذا مبرراً لسلبهم هذا الحق الذي جعله الشرع لهم ومنحهم به فرصة حقن دمائهم وأموالهم، فكيف تستهدفون بالقتل من لم يبح لكم الشرع قتله إلا بعد عرض عقد الذمة عليه وتستهدفون معه المسلمين؟



رابط الموضوع : http://www.assakina.com/book/6403.html#ixzz1aUk94Kko
__________________
أن الروافض والخوارج شر من وطيء الثرى
أكره كل أهل البدع شيعه إخوان صوفية الخوارج القاعدة هم العدو الحقيقي للإسلام لإنهم مثل السوس ينخرون في ديننا ويقدموه ناقص حتى أن ألقى الله عز وجل سأدافع عن التوحيد والسنة واتباع نبينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
http://www.youtube.com/watch?v=I_BsUerwWhM

قال الإمام الآجري رحمه الله:[فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير!!!!!!]…
قال سفيان بن عيينة:“ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر؛ إنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه”. [حليةالأولياء-8/339]
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2011-10-12, 09:41 PM
فتح الرحمن احمد محمد فتح الرحمن احمد محمد غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-25
المشاركات: 801
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2011-10-16, 05:13 PM
اوراق مبعثرة اوراق مبعثرة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-12
المكان: الـســـ الرياض ـــــــــعـــودية
المشاركات: 1,061
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

ألف شكر أخي الفاضل أبوعبدالرحمن أحمدبن محمد جزاك الله كل خير
__________________
أن الروافض والخوارج شر من وطيء الثرى
أكره كل أهل البدع شيعه إخوان صوفية الخوارج القاعدة هم العدو الحقيقي للإسلام لإنهم مثل السوس ينخرون في ديننا ويقدموه ناقص حتى أن ألقى الله عز وجل سأدافع عن التوحيد والسنة واتباع نبينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
http://www.youtube.com/watch?v=I_BsUerwWhM

قال الإمام الآجري رحمه الله:[فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير!!!!!!]…
قال سفيان بن عيينة:“ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر؛ إنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه”. [حليةالأولياء-8/339]
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2011-10-16, 05:43 PM
مسلم مهاجر مسلم مهاجر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-17
المكان: أنصـار السُنــة
المشاركات: 4,207
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

جزاكِ الله خيراً أختي أوراق
__________________
أحسب ان هذه الامة لو تعقلت وتوحدت وجمعت طاقاتها لمدة اسبوع واحد سينكسر صليب الغرب و نجمة الصهاينة و تحالف الرافضة
لكن قوى الانبطاح و الغلو تعمل لصالح الاعداء






غُرباء



الأمر الذي يخفيه الأعلام والذي لا يعلمه الكثير.. تنظيم قاعدة الجهاد هو طليعة الأمة في مواجهة التوسع الإيراني
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2011-10-16, 05:46 PM
سعودية سنية سعودية سنية غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-10-19
المكان: في ظلال القرآن
المشاركات: 2,148
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

:
جز: أختنا أوراق مبعثرة

القاعدة منظمة فكرها سقيم مزدوج
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2011-10-16, 08:36 PM
اوراق مبعثرة اوراق مبعثرة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-12
المكان: الـســـ الرياض ـــــــــعـــودية
المشاركات: 1,061
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعودية سنية مشاهدة المشاركة
:
جز: أختنا أوراق مبعثرة
القاعدة منظمة فكرها سقيم مزدوج
صدقتي أختي الفاضلة سعودية سنية ألف شكر جزاك الله كل خير .
فكرهم منحرف 180درجة عن الإسلام الله يهديهم
__________________
أن الروافض والخوارج شر من وطيء الثرى
أكره كل أهل البدع شيعه إخوان صوفية الخوارج القاعدة هم العدو الحقيقي للإسلام لإنهم مثل السوس ينخرون في ديننا ويقدموه ناقص حتى أن ألقى الله عز وجل سأدافع عن التوحيد والسنة واتباع نبينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
http://www.youtube.com/watch?v=I_BsUerwWhM

قال الإمام الآجري رحمه الله:[فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير!!!!!!]…
قال سفيان بن عيينة:“ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر؛ إنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه”. [حليةالأولياء-8/339]
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 2011-10-16, 08:40 PM
اوراق مبعثرة اوراق مبعثرة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-12
المكان: الـســـ الرياض ـــــــــعـــودية
المشاركات: 1,061
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم مهاجر مشاهدة المشاركة
جزاكِ الله خيراً أختي أوراق
أخي الفاضل مسلم مهاجر ألف شكر جزاك الله كل خير .
__________________
أن الروافض والخوارج شر من وطيء الثرى
أكره كل أهل البدع شيعه إخوان صوفية الخوارج القاعدة هم العدو الحقيقي للإسلام لإنهم مثل السوس ينخرون في ديننا ويقدموه ناقص حتى أن ألقى الله عز وجل سأدافع عن التوحيد والسنة واتباع نبينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
http://www.youtube.com/watch?v=I_BsUerwWhM

قال الإمام الآجري رحمه الله:[فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير!!!!!!]…
قال سفيان بن عيينة:“ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر؛ إنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه”. [حليةالأولياء-8/339]
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2012-01-04, 11:51 AM
المهاجر1 المهاجر1 غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-04
المشاركات: 17
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

انا انصحكي يا اختي اوراق بقرأت كتاب الكواشف الجليه في كفر الحكومه السعوديه
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2012-01-04, 12:31 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المهاجر1 مشاهدة المشاركة
انا انصحكي يا اختي اوراق بقرأت كتاب الكواشف الجليه في كفر الحكومه السعوديه
عنوان الكتاب ملفت للنظر ولكن هذا ليس حديثنا هنا
اتمنى منك فتح هذا في موضوع مستقل وتطرح لنا من هذا الكتاب خلاصة ما تستدل به على كفر الدوله ؟
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 2012-01-04, 12:55 PM
المنبر الإعلامي المنبر الإعلامي غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-04
المشاركات: 126
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

[align=center]يكفي أن حاكم هذه الدولة هو ضمن منظومة الصليب العالمية و مكافحة الإرهاب و غيرها

يكفي أن حاكم هذه المملكة قد عاون الأمريكان بأحتلال العراق و أفغانستان عبر اراضيه و عبر الدعم المباشر و الغير مباشر

يكفي أن هذا الحكام جلب بالقواعد الأمريكية لجزيرة محمد عليه الصلاة والسلام

يكفي أن هذا الحاكم متعاون و حليف لأمريكا و أمريكا تقتل و تذبح و تنتهيك أعراض المسلمين

فهذا الحكام جاء بنواقض للدين و لا ولاية له على مسلم موحد [/align]
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 2012-01-04, 12:56 PM
المنبر الإعلامي المنبر الإعلامي غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-04
المشاركات: 126
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

[align=center]يكفي أن حاكم هذه الدولة هو ضمن منظومة الصليب العالمية و مكافحة الإرهاب و غيرها

يكفي أن حاكم هذه المملكة قد عاون الأمريكان بأحتلال العراق و أفغانستان عبر اراضيه و عبر الدعم المباشر و الغير مباشر

يكفي أن هذا الحكام جلب بالقواعد الأمريكية لجزيرة محمد عليه الصلاة والسلام

يكفي أن هذا الحاكم متعاون و حليف لأمريكا و أمريكا تقتل و تذبح و تنتهيك أعراض المسلمين

فهذا الحكام جاء بنواقض للدين و لا ولاية له على مسلم موحد [/align]
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 2012-01-05, 11:49 AM
اوراق مبعثرة اوراق مبعثرة غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-07-12
المكان: الـســـ الرياض ـــــــــعـــودية
المشاركات: 1,061
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

[QUOTE]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المنبر الإعلامي مشاهدة المشاركة
[COLOR="DarkGreen"][SIZE="5"][align=center]يكفي أن حاكم هذه الدولة هو ضمن منظومة الصليب العالمية و مكافحة الإرهاب و غيرها
اقتباس:
يكفي أن حاكم هذه المملكة قد عاون الأمريكان بأحتلال العراق و أفغانستان عبر اراضيه و عبر الدعم المباشر و الغير مباشر
يكفي أن هذا الحاكم هو من دحر الخوارج والروافض يكفي هذا الحاكم أن دولته مميزة من رب العالمين يكفي هذا الحاكم أنه رفض كلمة ملك واستبدلها بخادم الحرمين الشريفين يكفي هذا الحاكم أنه عربي ابا عن جد وليس أبن موالي يكفي هذا الحاكم أنه من يبغضه اعداء السنة الخوارج والروافض وهذه تزيده ولا تنقصه فهما متفقان في كل شيء

وكل كلام ضد هذا الحاكم نضعه تحت قدميه فكلما زاد ارتفع الى هامة السماء
من جاء بالغرب ثم فر من الزحف سوى قادة القاعدة من كون معسكر الفاروق للتفجير في بلاد الحرمين سوى قادة القاعدة

هدية للخوارج

http://www.youtube.com/watch?v=7WFUv-EW2dA
__________________
أن الروافض والخوارج شر من وطيء الثرى
أكره كل أهل البدع شيعه إخوان صوفية الخوارج القاعدة هم العدو الحقيقي للإسلام لإنهم مثل السوس ينخرون في ديننا ويقدموه ناقص حتى أن ألقى الله عز وجل سأدافع عن التوحيد والسنة واتباع نبينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
http://www.youtube.com/watch?v=I_BsUerwWhM

قال الإمام الآجري رحمه الله:[فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير!!!!!!]…
قال سفيان بن عيينة:“ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر؛ إنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه، وإذا رأى الشر اجتنبه”. [حليةالأولياء-8/339]
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 2012-01-05, 04:04 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

[QUOTE=اوراق مبعثرة;198968]
اقتباس:

يكفي أن هذا الحاكم هو من دحر الخوارج والروافض يكفي هذا الحاكم أن دولته مميزة من رب العالمين يكفي هذا الحاكم أنه رفض كلمة ملك واستبدلها بخادم الحرمين الشريفين يكفي هذا الحاكم أنه عربي ابا عن جد وليس أبن موالي يكفي هذا الحاكم أنه من يبغضه اعداء السنة الخوارج والروافض وهذه تزيده ولا تنقصه فهما متفقان في كل شيء

وكل كلام ضد هذا الحاكم نضعه تحت قدميه فكلما زاد ارتفع الى هامة السماء
من جاء بالغرب ثم فر من الزحف سوى قادة القاعدة من كون معسكر الفاروق للتفجير في بلاد الحرمين سوى قادة القاعدة

هدية للخوارج

http://www.youtube.com/watch?v=7WFUv-EW2dA

بارك الله فيك اختي في الله وزادكي من علمه
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 2012-01-05, 04:12 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

----
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 2012-01-05, 04:13 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

-----
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 2012-01-05, 04:16 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

عذرا على التكرار الخط لم يتعدل معي
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 2012-01-05, 04:18 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

خطب الملك فيصل ص 57
فلماذا تبحثون يمينا وشمالا عن الإسلام ، ونحن هنا ، دولة قامت على التوحيد الخالص ، بل إنه لم توجد من بعد القرون المفضلة دولة أسست على تجريد التوحيد لله خالية من البدع ، وتحكيم الإسلام في جميع شؤون الحياة سوى هذه الدولة التي تأسست على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وآل سعود رحم الله أمواتهم وأحياءهم ، فلماذا لانعمل معا في شد إزر الدولة تجاه الأعداء المتربصين بها بدلا من السعي في زوالها ولو بغير قصد؟ ، لماذا تريدون أن تبدأوا الطريق من أوله في بلدان لاتعرف من الإسلام إلا اسمه وتتركون أس الإسلام ؟ لماذا تقصون هذه التجربة من واقع الحياة ؟ لماذا لاتنشرون منهج هذه الدعوة في البلدان الأخرى بدلا من تغييبها ؟
v قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله" [ننا لانعلم والحمد الله بلادا تنفذ من الإسلام مثل ماتنفذه هذه البلاد "
v وقال الشيخ بن باز –رحمه الله- في مجموع الفتاوى 1/383-384 :" ولقد قيض الله للإسلام منذ عهد الرسالة حتى اليوم علماء مصلحين نقلوه للناس ... ومن أبرز هؤلاء الدعاة المصلحين الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر الهجري رحمه الله الذي وفقه الله للقيام بدعوة إصلاحية عظيمة أعادت للإسلام في الجزيرة العربية قوته وصفاءه ونفوذه وطهر الله به الجزيرة من الشرك والبدع، وهداهم به إلى الصراط المستقيم. وامتدت آثار هذه الدعوة المباركة إلى أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي وتأثر بها عدد من العلماء والمصلحين فيه، وكان من أقوى أسباب نجاح هذه الدعوة أن هيأ الله لها حكاما آمنوا بها ونصروها وآزروا دعاتها، ذلكم هم الحكام من آل سعود بدءا من الإمام المجاهد محمد بن سعود رحمه الله مؤسس الدولة السعودية ثم أبنائه وأحفاده من بعده ... وهذه الدعوة وإن كانت سلسلة دعوة الإصلاح ومرتبطة بمذهب السلف الصالح، السابق لها؛ ولم تخرج عنه إلا أنها تستحق المزيد من الدراسة والعناية وتبصير الناس بها؛ لأن الكثير من الناس لا يزال جاهلا حقيقتها، ولأنها أثمرت ثمرات عظيمة لم تحصل على يد مصلح قبله بعد القرون المفضلة، وذلك لما ترتب عليها من قيام مجتمع يحكمه الإسلام، ووجود دولة تؤمن بهذه الدعوة وتطبق أحكامها تطبيقا صافيا نقيا في جميع أحوال الناس في العقائد والأحكام والعادات والحدود والاقتصاد وغير ذلك مما جعل بعض المؤرخين لهذه الدعوة يقول: إن التاريخ الإسلامي بعد عهد الرسالة والراشدين لم يشهد التزاما تاما بأحكام الإسلام كما شهدته الجزيرة العربية في ظل الدولة السعودية التي أيدت هذه الدعوة ودافعت عنها. ولا تزال هذه البلاد والحمد لله تنعم بثمرات هذه الدعوة أمنا واستقرارا ورغدا في العيش وبعدا عن البدع والخرافات التي أضرت بكثير من البلاد الإسلامية حيث انتشرت فيها.
v ويقول الشيخ عبدالملك بن أحمد رمضاني الجزائري في كتابه " تخليص العباد من وحشية أبي القتاد " أنا جزائري ، والجزائر من بلاد المغرب ، ومنذ أن قويت النعرات الجاهلية في المسلمين ،وهم يفتك بعضهم ببعض ، بحيث لايجوز للمغربي أن يذكر المشرقي إلا بسوء ،ولا يجوز للمشرقي أن يذكر المغربي إلا بوسء ،وقد ضج المصلحون بهذا الوضع المزري ، بعد أن حفل تاريخنا بهذه السيئة منذ أمد ،وتفاقم الأمر ... وتناهى الأمر في التمزق عند الاختلاف العقدي ، ولاسيما بعد اعتماد حكومة بلاد الحرمين عقيدة السلف اعتمادا رسميا منذ دعوة المجدد الشيخ بمحمد بن عبدالوهاب –رحمه الله- مخالفين في ذلك العقائد التقليدية التي توارثها كثير من المسلمين من بعد القرن الرابع ، مما خول لهؤلاء الطعن في اولئك ،ويكفي أن يقال فلان وهابي حتى يكون جرحا لابرء فيه ،... على الرغم من أنني من أهل المغرب ، وعلى الرغم من ذاك الإرهاب التاريخي السياسي العقدي فإنني أقول غير مبال بالحق : لقد شهد القريب والبعيد ، والصديق والعدو ، ماحققه التوحيد والحكم بالشريعة من أمن في البلاد السعودية ، إلا أن الحاقدين على هذه الدولة ، وعلى دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب-رحمه الله- يأبون ذلك ، وبدلا من أن تحضى منهم هذه الدولة بالتشجيع ؛ لأنها تعلن أن شريعتها هي شريعة الإسلام ، فإنهم دأبوا على تشجيع كل من يعمل على إسقاطها ، وأيما خبر يسمع ضدها صدقوه ولو لم تقم عليه أدنى البينات ، لاسيما وهم لايفترون عن التباكي على ضياع الخلافة الإسلامية ، فإذا بهم لايرون الحسنات إلا سيئات .
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 2012-01-14, 06:27 PM
ابراهيم يعقوب ابراهيم ابراهيم يعقوب ابراهيم غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-12-07
المشاركات: 18
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

رسالة الشيخ اسامة بن لادن
إلى المسلمين في بلاد الحرمين خاصة وإلي المسلمين في غيرها عامة
والتي نُشرت في يوم الأربعاء الموافق 15/12/2004م

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإلى المسلمين في بلاد الحرمين خاصة وإلى المسلمين في غيرها عامة..
فهذه رسالةٌ حول الخلاف والنزاع بين حكام الرياض وأهل البلاد والسبيل لحله ، فقد كَثُر الحديث في بلاد الحرمين عن ضرورة الأمن والأمان وعن حرمة دماء المسلمين والمستأمنين, وعلى أهمية الألفة والاجتماع وخطورة الفرقة والنزاع. وزعموا أن المجاهدين يتحملون ما آلت إليه الأمور في بلاد الحرمين. ومحض الحقيقة الواضحة أن المسؤولية تقع على عاتق النظام, حيث فرَّط في الشروط المطلوبة للمحافظة على الأمن والدماء, والألفة والاجتماع, وذلك بعصيانه لله تعالى وارتكابه الكبائر التي تُعَرِّض البلاد لوعيد الله وعقابه, وقد ذكر الله لنا قصص العصاة وعقابهم لنعتبر. قال الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ). وقال الله تعالى: (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ).
كما أن الموالين للنظام، المداهنين له، وكذا القاعدين عن إنكار المنكر يتحملون المسؤولية أيضاً, وقد قال الله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كَانُوا يَفْعَلُونَ).
وقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ”فما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل فيتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم“ رواه الحاكم. وقال أيضاً ”إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه“ رواه أبو داوود.
وقال النووي رحمه الله: ”واعلم أن هذا الباب - أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - قد ضُيِّع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبقَ منه في هذه الأزمان إلا رسومٌ قليلةٌ جداً، وهو بابٌ عظيمٌ به قِوَام الأمر وملاكه, فإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)“ انتهى كلامه.

ومن أبيات الحكم:
إذا كنتَ ذا نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم

فالمعاصي التي ارتكبها النظام عظيمةٌ جداً، فقد تجاوز الكبائر والموبقات إلى نواقض الإسلام الجليّات، تجاوز ظلم العباد وهضم حقوقهم والاستهانة بكرامتهم, والاستخفاف بعقولهم ومشاعرهم، والعبث بمال الأمة العام, فاليوم يعاني من الفقر والحرمان ملايين من الناس مقابل أن تدخل الملايين من الريالات إلى حسابات المتنفذين من كبار الأسرة, فضلاً عن تدني الخدمات واغتصاب الأراضي, ومشاركة الناس في تجارتهم عنوة بغير عوض, وإلى ما هنالك. فإن النظام قد تجاوز ذلك كله إلى نواقض الإسلام الجليات, فتولى أمريكا الكافرة وناصرها ضد المسلمين وجعل من نفسه نداً لله تعالى يُشَرِّع للناس تحليلاً وتحريماً من دون الله ومعلوم أن ذلك من نواقض الإسلام العشرة. وقد أشرنا إلى بعض المظالم التي ارتكبها النظام في أمور الدين والدنيا بشيء من التفصيل في البيان السابع عشر ومن شاء فليرجع إليه.
وهذا الذي تقدم من أهم أسباب الخلاف بين المسلمين وحكام الرياض, وحَلُّ هذا الأمر سهل معلوم في دين الله تعالى إن صدق الحاكم في إرادته للإصلاح إن كان يملك الارداة أصلاً.
أما نحن فعلم الله أننا نريد الإصلاح ما استطعنا ونسعى إليه، وما خرجنا من ديارنا إلا رغبة فيه، وما كنا نشتكي نقصاً في أمور الدنيا ولله الحمد والمنة، وما بنا عن بلاد الحرمين تَشَوّفٌ إلى غيرها وقد طال المقام بعيداً عنها, ولكنه في سبيل الله يسير.
حجازٌ حبُها في عُمْقِ قلبي
وفي الأفغانِ لي دارٌ وصحبٌ
ولكنَّ الولاةَ بها ذئابُ
وعند الله للأرزاق بابُ

وقد قيل:
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلةٌ
وكل امرئ يولي الجميل محببٌ
وإن كَثُرَتْ في عينِ من لا يجربُ
وكلُ مكانٍ ينبتُ العز طيب

ومن توكل على الله كفاه, والكيّس من لم تغره دنياه، ولا معنى للحياة إن لم تكن في طاعه الله, فأسأل الله الثبات وحسن الختام.
وخلاصة هذه المسألة أنَّ سبيل النجاة إنما هو بالإصلاح والاستقامة على أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ولا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). وقال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”قل آمنت بالله ثم استقم“.
فصلاح هذه الأمة بما صلح به أولها، وقد كانت جزيرة العرب أمواجاً متلاطمة من القتل والجوع والخوف في الجاهلية، فلما بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل القرآن واستقام الناس معه على الإسلام صَلُحَ حالهم وحَسُنَ معاشهم, فأعزهم الله بعد أن كانوا أذلّاء، وأَلَّف بينهم بعد عداء, فجمعهم بعد فرقة, وأطعمهم بعد جوع، وآمنهم بعد خوف، قال الله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الأرض جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وقال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وحَلُّ الخلاف بين الراعي والرعية لخَّصه الخليفة الأول للخليفة الثاني - رضي الله عنهما - بكلمة قال له: ”استقم تستقم لك رعيتك“ فهذا كلام الراشدين رضي الله عنهم، عليه نور مقتبس من النور المبين، فإذا استقام الأمير على شرع الله استقامت الرعية ووجب عليها السمع والطاعة بأمر الله تعالى، وأما إذا ارتد الأمير وخرج عن شرع الله وجب على الرعية أن تخرج عليه بأمر الله تعالى أيضاً, فطاعته ليست مطلقة, وإنما مقيدة بالمعروف, وقد أكد أهل العلم على ارتباط الاجتماع والألفة بالطاعه الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ”إنّ سبب الاجتماع والألفة جمع الدين والعمل به كله، وسبب الفرقة تَرْكُ حظٍ مما أمر العبد به والبغي بينهم“ وقال أيضاً: ”وهذا التفريق الذي حصل من الأمة - علمائها ومشائخها وأمرائها وكبرائها - هو الذي أوجب تسلط الاعداء عليها وذلك بتركهم العمل بطاعة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام“ انتهى كلامه.
فالجماعة كما عَرَّفها السلف: أن تكون على ما كانت عليه الجماعة الأولى - رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم - فبذلك تكون من الفرقة الناجية. والجماعة: أن تكون على الحق ولو كنت وحدك، كما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه, والشاهد أنه متى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء, فتسلط عليهم الأعداء، وهذا ما نحن فيه, ولاحول ولاقوة الا بالله.
هل يستطيع الحكام أن يستقيموا على أمر الله لتستقيم الرعية, فيهنأ الناس في حياتهم في أمور دينهم ودنياهم؟ بعض الناس يقولون: نعم، يستطيعون، فقد بدأوا بمركز الحوار الوطني, كما بدأوا بالانتخابات البلدية. لكن ذلك لم يغير شيئاً من أساس الداء, ورأس البلاء. وأحسن أحوالهم أنهم سيدخلون في لعبة الانتخابات كما في اليمن أو الأردن أو مصر ويدورون في حلقة مفرغة لعشرات السنين, ناهيك عن حرمة دخول المجالس التشريعية الشركية.
لذا فإذا أردنا حل الخلاف حلاً صحيحاً علمياً وعملياً ينبغي أن نعرف حقيقته وجذوره وأبعاده. فهذا الصراع في جزءٍ منه صراعٌ قُطْرِي داخلي، ولكنه في أبعاده الأخرى صراعٌ بين الكفر العالمي ومعه المرتدون اليوم بزعامة أمريكا اليوم من جهة وبين الأمة الإسلامية وطليعتها سرايا المجاهدين من جهة أخرى. وهذه الأسر الحاكمة العميلة الظالمة في المنطقة اليوم والتي تقمع كل حركة إصلاحية وتفرض على الشعوب سياسات ضد دينها ودنياها إنما هي نفس الأسر التي ناصرت الصليبيين ضد المسلمين قبل قرن من الزمان, وهي إنما تقوم بذلك بالوكاله عن أمريكا وحلفائها وهذا يشكل امتداداً للحروب الصليبية السابقة على العالم الإسلامي.
وبنظرة على السياسات الداخلية لبلادنا, يتضح لنا مدى السيطرة الصليبية الصهيونية عليها, فالتدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية حَدِّثْ عنه ولاحرج، فلا يمكن تعيين ملك أو نائب له إلا بموافقة أمريكا, وهذا بناءاً على اتفاقيات بين الملوك السابقين والحكومة الأمريكية.
كما أن مهزلة الحكم القائم اليوم في بلاد الحرمين هي بموافقة أمريكا, لتحول دون انفلات الوضع كتصاعد خلافات الأمراء إلى الأسوء وخاصة في هذه السنوات الاخيرة الحرجة.
فحالة الحكم هذه في بلاد الحرمين حالةٌ لا يعرف لها التاريخ شبيهاً, فقد يُحكم الشعب بعد موت الحاكم لساعات أو لأيام باسمه كما في حادثة شجرة الدر, أما أن تُحكم البلاد بطولها وبعرضها باسم ملك لم يعد يعلم من بعد علم شيئاً لعقد من الزمان فهذا من العجائب!!
فهو لم تسقط ولايته شرعاً فقط لارتكابه نواقض في الإسلام, بل سقطت ولايته أيضاً لعجزه وفقده القدرة العقلية اللازمة لإدارة أدنى الأمور فضلاً عن إدارة البلاد والعباد, فينبغي على أشقائه أن لا يحملوه ما لا يطيق, وهم إنما يُصِرُّون على بقائه لرفضهم أن يصبح أخوهم من أبيهم عبد الله ملكاً على البلاد فتتقلص صلاحياتهم ويستأثر بالأمر من دونهم. وهو لا يستطيع أن يتجاوزهم لسيطرتهم على زمام الأمور وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية، وكذلك الاستخبارات, وأهم من ذلك سيطرتهم على الديوان الملكي, مما يمكنهم من إصدار مرسوم ملكي من ولي الأمر المزعوم لعزله وتنصيب بديل عنه.
وهذا الاختلاف الحاد داخل الأسرة, فضلاً عن ظلمهم للشعب مَكَّن أمريكا من أن تبالغ في ابتزاز الأمراء المتنافسين وخاصة الأمير عبد الله لمطالبها، وهو يعلم علماً مؤكداً أنه لو لم يستجب لأوامرها فمصيره في أحسن الأحوال العزل على أيدي إخوانه كما عزلوا أخاهم الملك سعود من قبل، فهو على علم بأن منافسيه أصحاب تجارب سابقة, وأنهم مستعدون للقيام بما هو أكبر من العزل إن لزم الأمر. ومن أراد مثالاً حياً قريباً على دور أمريكا في قرار العزل فلينظر إلى الأمير الحسن بن طلال في الأردن فبعد أن بقي لبضعة عقود نائباً للملك رجع أخوه الحسين من أمريكا قبل وفاته بأيام ومعه قرار العزل لأخيه وعزله فاستكان للأمر وأصبح صفراً سياسياً، وهذا ما يخيف الأمير عبد الله إن عصى وَلِيَّةُ أمره أمريكا، وبالتالي لا يخفى أن أصحاب القرار في الأمور العظام هم في أمريكا.
ومما يدل على عمق السيطرة الصليبية على بلادنا, تنفيذ هؤلاء الوكلاء للتغييرات التي يفرضها الموكّل حتى في مناهجنا التعليمية بغرض مسخ شخصية الأمة، وتغريب أبنائها, وهو مشروع قديم قد بدأ منذ عقود في مناهج الأزهر بمصر، ثم طالبت أمريكا بقية الدول العميلة بتغيير مناهجها لتجفيف ما تسميه منابع الصحوة. فقد طالبت اليمن بإغلاق المعاهد العلمية قبل أكثر من عقدين من الزمان. كما طالبت أمريكا حكام الرياض بتغيير المناهج الدينية فتم ذلك نزولاً عند رغبتها هذا كله قبل غزوتي نيويورك وواشنطن بأكثر من عقد ونصف. فضلاً عن التغيُرات الإضافية الجديدة التي اعتمدها النظام أيضاً إضافة إلى عزل الأئمة والخطباء.
وهذا التدخل الصليبي في تغيير المناهج هو من أخطر التدخلات في شؤوننا على الإطلاق لأنه باختصار تغيير للدين، والدين كُلٌ لا يتجزأ، فمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض فهو كافرٌ حقاً، والمشركون هم المشركون تشابهت قلوبهم، وقد قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مثل هذا وأخبر الله عنهم بقوله: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). ولكن حكام الرياض خافوا أمريكا وبدلوا المنهج، فلا يخفى أن محصلة تغيير المناهج الدينية هو خسارة الدين والدنيا. أما الدين فقد عرفتم أنها ردة جامحة. وأما الدنيا فإن المناهج سوف تُخْرِج للبلاد عبيداً متعلمين يوالون أمريكا ويبيعون مصالح البلاد ويُحْسِنون التبسُّم في وجه الأمريكي وهو يحتل الأرض ويفسد العرض بذريعة الحرية والمساواة وقوانين الأمم المتحدة, فهذا نموذج من التدخل الأمريكي في السياسية الداخلية.
وأما تدخلهم في السياسة الخارجية فإن الأسر الحاكمة قد استجابت لأمريكا وهي تؤدي دورها بخياناتها، فهذا الملك حسين قد واصل مسيرة الخيانة التي بدأها جده عبد الله بن الشريف حسين، وأبوه أيضاً ضد فلسطين. فهذا ابنه عبد الله الثاني من بعده في نفس المسيرة, وهذا محمد السادس في المغرب يسير على خط الخيانه نفسها التي سار عليها أبوه وجده من قبل، وما زال تنفيذهم للمؤامرات الصليبية مستمرة. ففي هذه العجالة لا يتسع المجال لاستقصائها, وإنما نذكّر ببعضها لأهميتها.
فهذه حكومة الرياض دخلت في حلف عالمي مع الكفر الصليبي بقيادة بوش ضد الإسلام وأهله. وكما وقع في أفغانستان، وكذلك هذه مؤامرات في العراق قد بدأت ولم تنتهِ بعد، فقد فتحوا قواعدهم للقوات الأمريكية لكي تغزو العراق مما ساعدهم وسَهَّل عليهم احتلالها، وخرج يومها وزير الدفاع السعودي مستخفاً بدين المسلمين ودمائهم وعقولهم معترفاً بأن حكومته فتحت مطاراتها للأمريكيين للأغراض الإنسانية كما زعم.
فهاهم اليوم قد أظهروا لنا حلقة جديدة من سلسلة مؤامراتهم مع أمريكا سموها «مبادرة إرسال قوات عربية وإسلامية لحفظ الأمن في العراق» وهذه خيانة كبرى فلم يكتفوا بمناصرة الكفار لاحتلال بلاد الإسلام حتى جاءوا بهذه المبادرة لإسباغ الشرعية على الاحتلال الأمريكي، فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.
ومما زاد الأمر سوءاً والمصيبة فداحة عند الناس أن كثيراً منهم كانوا يظنون أن الأمير عبد الله بن عبد العزيز عندما تصدّر لإدارة البلاد أنه سوف ينقذها من أوحال المعاصي والفساد الإداري والمالي والإعلامي وغيره ومن التبعية لأمريكا, ولكنه وبينما الناس ينتظرون خيره جاءهم بشره, ففي الوقت التي كانت أمريكا تبعث بجيوشها إلى الخليج لغزو العراق كان نظام الرياض يخادع الأمة بتصريحاته, ويقول أنه يرفض استخدام أمريكا للقوة ضد العراق.
وقبل الغزو بفترة وجيزة قَدَّم الأمير عبد الله مبادرة زعم أنها إنسانية! وهي أن يخرج صدام إلى المنفى حقناً للدماء! كما قال، وبعبارة واضحة أن يسلم العراق لأمريكا بكل ما فيه على طبقٍ غنيمةً باردةً، ومثال هذا كمجرم قطع عليك الطريق وقدّم إليك أحد عبيده بصورة المصلح الناصح وقال لك: أنا أنصحك أن تترك أهلك ومالك وتنجو بنفسك، وهكذا يأخذ اللص أموال الناس في العراق ويتعدى على أرضهم وعرضهم بدون عناء بدعم ونصح الأمير الأعرابي.
صحيح أن صدام لصٌ ومرتد، ولكن لا يكون الحل أبداً بنقل العراق من اللص المحلي إلى اللص الدولي؛ لأن تمكين الكافر ومناصرته لأخذ أرض المسلمين والسيطرة عليهم من نواقض الإسلام العشرة.
وقبل الغزو أيضاً خرج الأمير عبد الله بن عبد العزيز على الملأ ليصرح تصريحاً ماكراً مخادعاً حيث قال: إن الحشود الامريكية ليست للحرب! واعتقدَ الذين يحسنون الظن به أنها غفلة من غفلاته - وما أكثرها - ولكن لم يمض إلا سنة أو بضعة أشهر حتى فضحه الله تعالى على رؤوس الخلائق وأظهر كذبه وخداعه وغدره وخيانته للأمة ليس بشُبَهٍ أو قرائن وإنما ببراهين دامغة وبأدلة ناطقة. كما نطق الأمير طلال بن عبد العزيز من قبل على الملأ قائلاً: إن أباه كان يتقاضى أموالاً من الإنجليز - لحاجة في أنفسهم -، وهو بذلك يؤكد على الحقائق والوثائق التي تثبت أن أباه كان عميلاً للإنجليز.
فكذلك اليوم نطق بها ابن أخيه - سفيره في أمريكا - بندر بن سلطان أمام الملأ بأنه اجتمع مع نائب الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه وقائد هيئة الأركان وأطلعوه على الخرائط السرية لغزو العراق وإلى ما هنالك، وكان هذا الكلام خلال تعليقه بعد صدور كتاب( ) يفضح الأمير عبد الله وهو يتعهد بتقديم الدعم لأمريكا ويستحثها على غزو العراق.
إذن فتصريحاته السابقة قبل الغزو بما فيها قوله: ”إن إحساسه أن هذه القوات الامريكية التي وصلت إلى الخليج ليست للحرب“ فهو إذن إنما كان يكذب على الأمة عن علم متعمداً ليخادعها ويرجف بها، وهو بذلك يكون قد قام بالجزء الأول من الحرب النفسية نيابة عن أمريكا ضد العراق وأهله ليستكينوا ولا يستعدوا للحرب وحتى يبث فيها معاني الخنوع والاستسلام لعدوها، وحتى لا تتعرض القوات الامريكية لأي مقاومة تذكر. ياللعار والشنار! يا للكفر والخيانه! ياللغدر والعمالة! فإن الناس ما زالوا يتذكرون عناقه الحار للوفد العراقي في مؤتمر بيروت وإعلانه عن المصالحة بين البلدين ثم يغدر ويذهب بليل ليتفق مع أمريكا على غزو العراق ويتعهد بدفع مليار دولار مساهمة منه في دعم تلك الحرب. ألهذه الدرجة وصلت بحكام الرياض الأمور؟ ثم يزعم المنافقون أنهم أولياء أمور! يكذبون على الأمة ويخادعونها من أجل دراهم معدودة عليهم من الله جميعاً ما يستحقون.
وهنا ينبغي للعقلاء أن يقفوا وقفة مع أنفسهم ويتدبروا في تصرفات الحكام فإن حجم الخلل عظيم جداً، ولا يجوز لمسلم أن يرضى بهؤلاء حكاماً عليه, أَمَا فكر العقلاء المصلحون الذين يريدون الإصلاح عبر هؤلاء كيف يمكن لهم أن يقوموا بالإصلاح وهم يسبحون في وسط بحر هائج من هذه الصفات الذميمة؟ فهذا لا يمكن لأن الغرق ينتظرهم، ولا يمكن لعاقل أن يرضى لمن هذه صفاته أن يكون شريكه في أي عمل من الأعمال مهما صغر، فكيف ونحن نتحدث عن عظائم الأمور المهمة من قضايا الأمة.
ومن تدبر مساعي الناصحين وحواراتهم يرى أن النتيجه لا شيء على أرض الواقع، وإن اختلفت أساليب الحاكم بين المماطلة أو الكذب, أو الإغراء والإغواء, أو السجن والإقصاء، والهدف الثابت الوحيد للحاكم من حواره مع كل دعوة إصلاحية هو إجهاضها ولو بعد حين، وهذا ما لمسته بنفسي, وقد ناصحت الحكومة قبل عقدين من الزمن بواسطة كبار العلماء إلا إن الأوضاع لم تتغير.
ثم قبل عقد ونصف توجهت بالنصح مباشرة لنائب وزير الداخلية وأخبرته عن الكبائر العظام التي ينبغي على الدولة أن تزيلها وعن خطورة بقائها ولكن دون جدوى. ثم التقيت بنائب وكيل الوزارة للشؤون الأمنية, فعاتبني بشدة لأني نصحت نائب وزير الداخلية وأخذ يردد على مسمعي الكبائر التي أخبرت الأمير بها ثم يقول: ”هذا معروف ما نبي حد يعلمنا“! وهذه الكبائر التي ناصحتهم فيها قد مضى عليها عشرات السنين وقد نصحهم فيها قبلي كثير، فهي ما زالت موجودة إلى اليوم، وهم يدافعون عنها وملتزمون بها لأن الملك شرّعها كما نلتزم نحن ما شَرَّعه الله لنا. وهذا يعني أن السيادة والطاعة المطلقتين للملك وتشريعاته فليست لدين الله تعالى، وهذه هي الحقيقة الخطيرة وهذه هي عقيدة القوم والتي عبّر عنها نائب الوكيل بقوله: ”هذا معروف ما نبي حد يعلمنا“.
فما ذكرته لهم من كبائر هم يعرفون أنها محرمة في دين الله, ولكن لا يريدون من أحد أن ينكرها لسبب بسيط، وهو أنها غير محرمة في دين الملك، فيتعجبون منّا كيف ننكرها بل يطالبوننا أن لا نُعْلِمُهم بحرمتها! فالملك قد أصدر مراسيماً وتشريعات يبيحها ويحميها. وكلمة ”الدين“ تعني - فيما تعني - القوانين التي يشرعها الملك أو الحاكم, قال الله تعالى (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ). قال أهل التفسير: أي حكم الملك.
ومن نَوّر الله بصيرته فتدبر في تصرفات النظام وجد هذه الحقيقة ماثلة أمامه، فالشؤون الداخلية والخارجية سواء، فالسيادة والطاعة لأمر الملك وليستا لله تعالى, فما يحلله الملك يصبح حلالاً وما يحرمه يصبح حراماً، فللملك الحق في نظرهم أن يحلل الشيء عاماً ويحرمه عاماً. وسأضرب أمثله لذلك:
فإن حرمة الربا معلومة من الدين بالضرورة وقد قال الله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ولكن النظام أصدر مراسيماً وتشريعات تبيحه وتُقَنِّنُهُ وتعاقب من أراد أن يمنعه, أو امتنع عن دفع ما احتالوا على تسميته بالفائدة، ومعلومٌ أن أكل الربا كبيرة من الكبائر وأما التشريع والتحليل من دون الله تعالى فهو ناقض من نواقض الإسلام.
وأما المثال الثاني: فهو تولي الكافرين، فعلى سبيل المثال:
فإن النظام الأردني نظامٌ جاهليٌ كافرٌ ولكن حكام الرياض كانوا يتولون الملك حسين، فلو وصفه خطيب أو كاتب بأنه عميل لليهود فإنه يتعرض للعقاب من قِبَلِ نظام الرياض عبر قوانين قد شُرّعَت لمثل هذا الغرض، ولكن لمَّا دخل الملك حسين في حلف صدام عندما غزا الكويت تبرأ الملك فهد من وليه السابق، وامتلأت صحف الرياض بالوثائق والصور التي تثبت عمالة حسين بن طلال لليهود - وهذا حق فهو كذلك -, وبالمقابل امتلأت صحف الأردن بالوثائق والصور التي تثبت عمالة حكام الرياض للإنجليز ثم لأمريكا - وهذا حق هم كذلك -.
لذا ورغم مصيبتنا الكبيرة في حكام المنطقة العملاء إلا أن مصيبتنا في كثير من قيادات العمل الإسلامي أكبر، فهم يُصِّرون على وصف هؤلاء الطواغيت بأنهم ولاة أمر، فبعض الناس يظنون أنهم( ) سفينة النجاة وهم في الحقيقة سفينة الغرق، وأحد أوجه النظام ولكن باسم الدين كذباً وزوراً، فينبغي على الصادقين في هذه الجماعات تخليص العمل الإسلامي منهم.
ثم بعد هذه الفضائح الكبيرة المُوَثَّقة أشارت أمريكا على الملك فهد باستقبال الملك حسين, فاستقبله وتناسى الماضي, ثم لما مات حضر أمراء آل سعود جنازته مع الوفد الإسرائيلي والأمريكي وغيرهم ثم أمر بإقامة صلاة الغائب عليه في الحرم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالولاء والبراء أوثق عرى الايمان، نوالي من والى الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, ونعادي من عادى الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, ولكن المنافقين عبيد الدرهم والدينار يَتَّبعون الملكَ حقاً فعلَ أم باطلاً, يوالون من والى، ويعادون من عادى, فهل يبقى الإنسان إنساناً سوياً وهو يغير عقله بهذه الطريقة المهينة الجارحة؟! أم أن المفروض أن يتخلى المسلم عن دينه ويدوس على عقله, ليصبح مواطناً صالحاً!!
وقس على ذلك عبد الناصر، والسادات، والقذافي, وصدام. فعبد الناصر كان قد دخل معهم في خصومة فَكَفَّروة من على منبر الحرم المكي - وهو كذلك - ثم لما اصطلح معهم أصبح مسلماً!
وكذا الحال مع القذافي خلال ثلاثة عقود إذا شتمهم فهو كافر! وإذا اصطلح معهم ذلك الزنديق أصبح مسلماً ويدخلونه الكعبة المشرفة!.
وهذا السادات عندما وقَّع مبادرة الاستسلام مع اليهود اتهمه حكام الرياض وبقية الدول العربيه بالخيانة والعمالة - فهو كذلك - وامتلأت صحفهم بذمه وشتمه, ثم لما قام الأمير عبد الله بنفس الخيانه والعمالة في مبادرة بيروت مدحه المنافقون وأيدوه! فعلماء السوء وأصحاب الأقلام المأجورة يدورون مع الحاكم حيثما دار, ويتردون معه حيثما تردى من أجل المال، ثم يدّعون العلم والمعرفة والهدى والرشاد!.
إذن فمما سبق يتضح أن الحاكم له دين آخر، وإنما هو يتاجر بدين الإسلام ويخادع الناس به, وبعد أن ظهر ما ظهر من كون حكام المنطقة عموماً وحكام الرياض خصوصاً عملاء مرتدين فضلاً عن صفات السوء الأخرى، وظهر أن الخلاف خلافٌ بين منهجين، ونزاعٌ عميقٌ بين عقيدتين، نزاعٌ بين المنهج الرباني المتكامل الذي أسلم الأمر كله لله تعالى في جميع الشؤون، منهج: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) منهج: لا إله الا الله محمد رسول الله بكل دلالاتها ومقتضياتها وبين المنهج العلماني الصارخ منهج الذين (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) منهج الذين يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، منهج الذين قال الله فيهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً).
وبعدما اتضح هذا فإن الحل لإصلاح الأوضاع هو - كما وضّحه الشرع - وذلك بخلع الحــاكم من الإمارة، فإن أبى وامتنع وجب القيام عليه بالسلاح وخلعه، وهذا هو حكم الشرع الذي يحفظ للناس دينهم ودنياهم. والنظام من جانبه قد عَرَضَ حلاً مشابهاً لحفظ تشريعاتهِ ودنياه! فعرض على المصلحين أن يخضعوا لتشريعات الملك ومراسيمه - أي دين الملك - بدون قيد أو شرط وإما أن يكون الحوار بالسيف والبندقية كما قال وزير الداخلية.
ومعلومٌ أنَّ كلَّ صاحبِ دينٍ - حقاً كان أو باطلاً - لابد له من سلاح ليقيم دينه، فكيف يجوز لعاقل وهو يرى الحاكم المرتد وجنوده مدججين بالسلاح ثم يزعم أنه يريد الإصلاح بالحل السلمي، فهذا من أعظم الباطل، وهذا تخذيل عن إقامة الحق, فنحن هنا لا نتحدث عن حاكم فيه بعض الفسق والفجور, وإنما نتحدث عن ردة وعمالة للكفار. فكما أنه لا فرق بين بريمر - الحاكم الأمريكي السابق في بغداد - وعلاوي - الحاكم الحالي - في تنفيذ سياسات أمريكا في العراق فإنه لا فرق بين بريمر وباقي حكام المنطقة لتنفيذ سياسة أمريكا.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن الولاية لا تنعقد لكافر فإذا طرأ عليه الكفر سقطت ولايته فوجب القيام عليه بالسلاح. قال القاضي عياض رحمه الله: ”أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل“. وقال أيضاً: ”فلو طرأ عليه كفرٌ وتغييٌر للشرع أو بدعة؛ خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه فإن تحقق العجز لم يجب القيام“.
إذن فالقول بالخروج على الإمام الكافر ليس قولنا وإنما هو قول إجماع الائمة، وهذا هو حكم الشرع في مثل حالنا، لذا يجب على المسلمين جميعاً أن يتحركوا للإصلاح آخذين بالاعتبار حجم الخلاف وأبعاده، وأن هذه الأنظمة ما هي إلا جزء من منظومة الكفر العالمي. ويكون الإصلاح وفق شرع الله, وإلا فهو الإعراض عن شرع الله والاستنزاف للأوقات والجهود والتيه والضياع هذا إذا كان الجهل وحَسُنَت النوايا، أو الدجل والخداع إذا كانت الأخرى.
فالذين يرفضون الحوار المسلح من أبناء البلاد مع الحكومات لاسترجاع الحقوق هؤلاء يغالطون مغالطة كبرى, فلا يمكن استرجاع الحقوق من النظام عندما يرتد الحاكم ويرفض التنحي باللين إلا بقوة السلاح.
وهم ومن على شاكلتهم من أصحاب هذا المذهب في ضلال مبين، سواءاً الذين قد دعوا صراحة إلى ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام وذلك بمساعدة الكفار على احتلال بلاد الإسلام كما صرح بعضهم بذلك تحت غطاء وخدعة المساعدة في استخلاص حقوقنا من الحكام, أو القسم الآخر الذين يخلطون الحق بالباطل ويرفضون التعاون مع الكفار لاحتلال البلاد - وهذا حق - ويرفضون خلع الحاكم المرتد بالقوة أيضاً - وهذا باطل - محصلة منهجهم واحدة. فهؤلاء( ) منهجهم غاية في الخطورة لوجهين:
أولاً: أنهم على خطر عظيم لأنهم زاحموا شرع الله بأهوائهم, وهذه من الكبائر العظام كما لا يخفى، ولا يمكن أن تصدر عن مسلم، قال الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) وقال تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
ثانياً: إن هؤلاء يشاركون في صد الناس عن منهج الله وفتنتهم في دينهم، حيث يمنعونهم من أخذ حقوقهم بالطرق التي شرعها الله مما يدفع المنافقين والجهلة إلى التفكير بالأخذ بمذهب تحالف الشمال وأمثاله, كعلاوي ومن معه، فهذا لا يجوز بحال.
وقبل الختام: أرد على بعض اتهامات النظام التي أزعج بها الناس بتكرارها في الصباح والمساء خلال السنتين الماضيتين فقد اتهم المجاهدين بمذهب الخوارج، وهم يعلمون أننا بريئون من هذا المذهب، وهذه خطاباتنا وهذا واقعنا يشهد بذلك.
وهل اقتحم علينا دارنا بالسلاح في السودان ليقتلونا إلا الخوارج!
ونحن نعتقد أن المعاصي التي هي دون الكفر لا يخرج بها المؤمن من الإيمان ولو كانت كبيرة كالقتل وشرب الخمر، فإن مات صاحبها ولم يتب منها فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ثم مصيره إلى الجنة.
ونحن لا نكفر الناس بالعموم, ولا نستبيح دماء المسلمين، فإن قُتِل بعض المسلمين أثناء عمليات المجاهدين فنرجوا الله أن يرحمهم، وإنما هو كما في مسأله التترس والقتل الخطأ، ونستغفر الله منه ونتحمل المسؤولية عنه.
ولكن أقول لحاكم الرياض إنْ شئتَ حدثتك عن قاتل المسلمين, ومن قاتلهم من قبل ومن فرَّق جماعتهم، وأحدثك عمن يكفر بالعموم ويستبيح دماء المسلمين.
فأبوكم عبد العزيز هو الذي خرجَ وناصرَ الإنجليز ضد الدولة العثمانية وواليها ابن الرشيد في حائل, وأنتم أنفسكم قد خرجتم بقوة السلاح على أخيكم الملك سعود، وكادت تحصل بينكم مجزرة لولا الله تعالى ثم تدخل من تطاردون اليوم, ولم يقل علماؤكم عن أبيكم وعنكم أنكم خوارج.
ولو فتحنا ملف مجزرة الطائف الرهيبة( ) لعلمنا من الذي يكفر بالعموم، تلك المجزرة التي غرَّر فيها أبوكم جنوده وقال لهم: إن أهل الحجاز كفار وإن قتالهم جهاداً في سبيل الله، وهو بذلك يكذب عليهم، ولو تحدثنا عما وقع في الطائف من فظائع لهانت بجوارها مصائب عظامٌ جداً.
فينبغي على الخصوم أن يلتزموا بآداب الخلاف والقتال ويكفَّوا أنفسهم وأُجَراءهم عن الكذب والبهتان, فذلك خير لهم, فلولا أنك مطمئن مهما واصلت الكذب علينا بأننا لن نكذب عليك لطمأنتك، إلا إِنْ سألتني عن مسلم اختبأ عندي وتريد أن تظلمه أو أن تسفك دمه بغير حق فعندها يكون الكذب واجباً, كما ذكر ذلك أهل العلم على افتراض أن الحاكم مسلم.
وكما تتهمون الشباب بالجهل في مسائل كل المسلمين فيها علماء، قال النووي رحمه الله: ”ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه، فذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة كالمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها“ انتهى كلامه.
هل يجهل أحد من المسلمين حرمة مناصرة الكافر على المسلم أو حرمة تشريع الربا؟ فإن هذا معلوم من الدين بالضرورة, فهو كالعلم بحرمة الخمر والزنا، هل يجهل هذا أحد؟ أم أنكم تريدون أن تجعلوا في الإسلام كهنوتا! فتجعلوا هيئة كبار علماء السلطان مثل بابا النصارى, وتحتكرون فهم الدين, فتُحِلون ما حرم الله, وتحرمون ما أحل الله، وتصدرون صكوك الغفران لمن تشاؤون.
وتصفون الشباب أيضاً بأنهم أصحاب الفكر الضال, والزمرة الفاسدة, فمن هم أصحاب الفكر الضال؟ أهم الذين اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجوب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، كما ورد عنه في صحيح البخاري حيث قال: ”أخرجوا المشركين من جزيرة العرب“، وقال: ”لا يجتمع في جزيرة العرب دينان“ وقال أيضاً في حديث آخر: ”قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يَبْقَيَنَّ دينان بأرض العرب“، وقال أيضاً: ”لأُخْرِجَنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدعُ إلاَّ مسلما“ رواه مسلم.
أم هم الذين يستهزؤون بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويحتالون عليها كأصحاب السبت؟ كما فعل الأمير عبد الله عندما قال عن حجتنا إنها واهية! والأجنبي جاء ليَخْدِمْ! ونحن حجتنا هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة بوجوب إخراج المشركين، وليس فيها استثناء إن جاء ليَخْدِمْ أو ليُخْدَم.
أنحن أصحاب الفكر الضال؟ أم الذين غدروا بالأمة، وأباحوا جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم لليهود والنصارى فمكنوهم منها وأعطوهم فيها القواعد العسكرية، فضلاً عن غدركم بالعراق، والغدر يحرم حتى مع الكافر، وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: ”لكل غادرٍ لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة“ رواه مسلم.
ومن هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر, ويؤمنون بالله؟ أم هم الذين يفسدون المسلمين بسياساتهم وإعلامهم حتى في البلد الحرام وفي الشهر الحرام وحول المسجد الحرام؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) وقال تعالى (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ).
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم الذين يدافعون عن المسلمين, وأعراضهم, وأموالهم في العراق وفلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان؟ أم هم الذين دخلوا في حلف الكفر العالمي ضد المسلمين، فضلاً عن نهب مال الأمة العام؟
ويكفي للتدليل على ذلك الإشارة إلى صفقة السلاح الكبرى، أو قل السرقة الكبرى وكلاهما سواء, المسماة ”بعقد اليمامة“ والتي بلغت قيمتها أكثر من ثلاثين مليار دولار، وكان ذلك قبل حرب الخليج بخمس سنين، فلما حصلت الحرب لم يظهر أي أثر إيجابي لهذه الصفقة ولا لغيرها من مئات الصفقات، وإنما أبحتم البلاد للدفاع عنكم، وكان يومها عدد العاطلين عن العمل محدوداً، فلو قُدِّر بمئة ألف عاطل فقسمنا قيمة الصفقة ثلاثين ملياراً على مئة ألف لكان نصيب الواحد منهم ما يساوي مليون ومئة وخمس وعشرين ألف ريال, فلو جعلت هذه الأموال في شركات مساهمة لاستثمارها بطريقة شرعية، وتوظيف العاطلين عن العمل والإنفاق منها على أهلها كالفقراء والمساكين والغارمين لتحسنت أحوال الناس.
وأما عن اغتصاب أراضي الناس، وشهوة حكام الرياض في بناء القصور، فإن الملك فهد قد أمر ببناء قصر ”السلام“ وقد أنفق على القصر ولأجله أربعه مليار ريال.
وأما قصر ”ذهبان“ وما أدراك ما قصر ”ذهبان“، فحدث عنه ولا حرج، فهو على بعد أربعين كيلو متراً على طريق جدة المدينة على ساحل البحر الأحمر, ويكفي لتصور مساحته المغصوبة أنه لو رست مملكة البحرين في فنائه الخلفي لما شعر أهل القصر بها! مع العلم أن البحرين يسكن فيها قريباً من مليون نسمة ومساحتها أكثر من مئة مليون متر مربع. فلو جاء أهل الدنيا بقصور ملوكهم ورؤساءهم وجيء بقصر الملك هذا في ذهبان, لغُلِبوا! فهل عرف التاريخ سفهاً أكثر من هذا؟! ثم يصفه المنافقون بالأمانة والحكمة والرشاد! قال الله تعالى في أمثاله (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً).
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟! الذين يستبيحون البلد الحرام ويقتلون المسلمين في مكة المكرمة؟ أهم خالد المحضار ونواف الحازمي وأخوه سالم الذين خرجوا من مكة المكرمة، وضربوا أمريكا في عقر دارها دفاعاً عن الإسلام في أم القرى وما حولها؟ أم هو فهد بن عبد العزيز الذي استباح حرمة الحرم وكان يمكن حل تلك الأزمة( ) بغير قتال, كما اتفق العقلاء في ذلك الحين، وإنما كان الموقف يحتاج إلى بعض الوقت وخاصة أن الموجودين في الحرم بضع عشرات، وأسلحتهم خفيفة، أكثرها بنادق صيد، وذخيرتهم قليلة وهم مُحاصَرون، ولكن عدو الله فهد فعل ما لم يفعله الحَجَّاجُ من قبل، فعاند وخالف الجميع، ودفع بالمجنزرات والمصفحات إلى داخل الحرم، ولا زلتُ أذكرُ أثر المجنزرات على بلاط الحرم ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولازال الناس يتذكرون المآذن كانت تكسوها السواد بعد قصفها بالدبابات إنّا لله وإنا إليه راجعون.
من الذي استباح حرمة البلد الحرام ودماء المسلمين؟ أهم الشباب؟ أم قوات الأمن التي قتلت المساكين والفقراء بحي ”الرصيفة“ بمكة المكرمة، وأخرجت من بقي حياً بقوة السلاح من بيوتهم وحجراتهم الضيقة المبنية بالصفيح ليهنأ بالأرض أميرٌ في وزارة الداخلية، وقد علم بذلك علماء وخطباء الحرم ولم يتكلموا بكلمة عن حرمة دماء المسلمين في البلد الحرام، لأن هؤلاء المُعتدى عليهم كانوا فقراء مساكين.
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم المجاهدون؟! أم هم الذين ساهموا مع أمريكا في قتل أكثر من مليون طفل خلال بضع سنين في أكبر مجزرة للأطفال عرفتها البشرية أثناء حصاركم الظالم للعراق. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت“. متفق عليه
وإن الذين يتولون النظام ويؤيدونه هم شركاء في هذا الذنب العظيم كلٌ بحسبه، وفي حديث آخر أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لو اجتمع أهل السماوات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار“. قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً). وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”أول ما يقضى بين الناس في الدماء“. وفي حديث آخر قال: ”لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم“. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”يجئ المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماً، فيقول: يارب سل هذا فيمَ قتلني؟ حتى يدنيه من العرش“ رواه الترمذي.
هذا مقتولٌ واحدٌ يتعلق بقاتله, فكيف بتعلق مليون طفل بقاتليهم كل واحد منهم آخذ ناصيته ورأسه بيده وهم يقولون: يارب، سل هؤلاء فيمَ قتلونا؟! أكبر مجزرة للأطفال في تاريخ البشرية، فهذا ظلم عظيم وجرم كبير يجب على المسلمين أن يتوبوا منه ويندموا عليه ويتبرؤوا من هذه الحكومات الكافرة الفاجرة الظالمة التي كانوا يوالونها ويؤيدونها، وينبغي عليهم أن يفتدوا أنفسهم من أولياء المقتولين قال الله تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْه). وقال الله تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ).
ومع هذه المجزرة الرهيبة التي استمرت بضع سنين لم نسمع كلمة ولا فتوى من علمائكم الجهابذة، وخطبائكم المفوهين عن حرمة دماء المسلمين، ولكن عندما قَتَلَ الشبابُ ذلك العسكري الأمريكي المحارب( )، ارتفع صوت أولئك العلماء، والكَتَبَة الأُجراء في الليل والنهار، متحدثين عن حرمة دم المستأمن، وما هو بمستأمن, ولكن في فقه دين الملك ومن معه من المنافقين يكون قتل مليون مسلم ويكون قتل مليون طفل مسألة فيها نظر، وقتل صليبي واحد جريمة لا تغتفر!! حسبي الله عليكم أجمعين.
ومن أعجب العجائب والكذب اتهام النظام للشباب بما فيه من الكبائر كقوله: إن الصهيونية هي التي تقف خلف المجاهدين!! فأي دجل هذا، وأي بهتان هذا، وأي استخفاف بعقول الناس هذا؟!
فإن القاصي والداني من المسلمين والكفار يعلم أن أعدى أعداء الصهيونية هم شباب الجهاد، ولكن النظام رمانا بما فيه. قال الله تعالى (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)، وهو كما قيل: رمتني بدائها وانسلت.
وهنا أُذَّكر وأسأل حكام الرياض: من الذي دعم عرفات بمئة مليون دولار لقمع انتفاضة المجاهدين الأولى؟ من الذي ناصرَ اليهود على المستضعفين في شرم الشيخ عام 96؟ من الذي فتح القواعد العسكرية لغزو العراق؟ من الذي تكفل بدفع تكاليف تدريب الشرطة العراقية لمحاربة المجاهدين في العراق؟ ألست أنت صاحب مبادرة بيروت التي اعترفت فيها بالصهاينة واحتلالهم لأرض فلسطين؟! فأين ذهب عقلك يا رئيس الحرس الوطني؟ وأين ذهب ماء وجهك حتى تتهم المجاهدين بهذه الاتهامات الكاذبة الساقطة!! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم ولهم عذابٌ أليمٌ: شيخ زان, وملك كذاب، وعائل مستكبر“ رواه مسلم.
وها أنت قد نهيت الأئمة عن الدعاء للمجاهدين في الشيشان، وبدلاً من ذلك أمرتهم بالدعاء على شباب الجهاد في بلاد الحرمين (عملاء الصهاينة كما تزعم) وأنت تكذب، وتعلم أنك تكذب، والخطباء والشعراء الذين يؤيدون افتراءاتك هم أيضاً يكذبون، ويعلمون أنك كاذب وخائن، ولكن ما أشبه هذه السنوات بالسنوات التي أُخبرنا بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”سيأتي على الناس سنواتٌ خدّاعات، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصادق، ويُؤْتَمَنُ فيها الخائن، ويُخَوَّنُ فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة“ رواه الامام احمد.
وأنا أرجو من المسلمين عامة أن يدعوا على الصهاينة وعملائهم, كما أطلبُ منكَ إِنْ كنتَ صادقاً أن تدعو أنت ومن يطيعك بهذا الدعاء في الحرمين وباقي المساجد: ”اللهم عليك بالتحالف الأمريكي الصهيوني ومن والاهم وعملائهم، اللهم دمر كيانهم، واقصم ظهرهم، وانزع ملكهم، وشتت شملهم، وفرق جمعهم, ورمّل نسائهم, واجعل بأسهم بينهم, وتتبع عوراتهم كما يتتبعون عورات المجاهدين، وافضحهم على رؤوس الخلائق، واكفناهم بما شئت“.
ثم إني أخص إخواني المجاهدين بهذه الكلمات فأقول لهم:
وقفتم لنصرة الدين يوم قَلَّ الواقفون، وجاهدتم يوم قعد الخطباء والمُحَدِّثون، وصدعتم بالحق يوم سكت الخائفون والطامعون، غيركم قال كما قال السحرة قبل أن يؤمنوا قالوا: (أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ) فقال لهم الطاغية: (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).
وأما أنتم فالأجر والقرب من الرحمن ترجون, ذقتم حلاوة الإيمان فلم تغركم حلاوة الدنيا - أحسبكم كذالك والله حسيبكم ولا أزكي على الله أحداً - وجزاكم الله خير الجزاء.
وقفتم وما في الموتِ شكٌ لواقفِ
تخوضون بحر الموتِ لا ترهبونه
وحطمتم الأوهام والوهم يُكسرُ
ومن لا يهاب الموت لا شئ يَحذرُ

حطَّمتم الهالات الملقاة على الطغاة منذ عقود كذباً وزوراً، فهنيئاً لكم أن أَنَرْتُمُ السبيل بدمائكم للملايين من الأجيال الناشئة لتستقم على الصراط المستقيم، ولتجتنب سبيل الطغاة المجرمين، ففي الحديث: ”فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم“ رواه البخاري.
يرحم الله إخواننا الشهداء في كل مكان، في فلسطين والعراق وبلاد الحرمين والمغرب وكشمير وأفغانستان والشيشان ونيجيريا وإندونيسيا والفليبين وتايلاند.
ويرحم الله الشيخ يوسف العييري وأبو علي الحارثي وخالد الحاج وعبد العزيز المقرن وعيسى العوشن( ) وإخوانهم جميعاً.
ونرجوا الله أن يرحم - سبحانه وتعالى - المجاهدين الذين اقتحموا على قنصلية الأمريكان في جدة.
كيف يريدون أن ينعموا بالأمن وهم يوزِّعون الدمار والقتل والخراب على أهلنا في فلسطين وعلى أهلنا في العراق؟! فهؤلاء ليسوا أهلاً للأمن في أي مكان في العالم، وأما وجودهم في بلاد الحرمين بل في كل جزيرة العرب فهو محرم شرعاً كما ذكرنا الأدلة على ذلك.
هؤلاء الذين قُتلوا من إخواننا نرجوا الله أن يتقبلهم في الشهداء. وأقول لإخواننا وأهلنا: إن لله مأخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبروا ولتحتسبوا، وأذكركم بقول الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
فكيف لا يصبر المسلم المستسلم للحق سبحانه وتعالى، وهذا مولانا خالق الخلق يقول لقائد المسيرة عليه الصلاة والسلام - التي نحن في ركبها - (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ). وقد قال الله تعالى بعد غزوة الاحزاب وأهوالها أيضاً: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً). وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام ”إن عِظم الجزاء مع عِظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرضا، ومن سخط فله السُخْط“ رواه الترمذي والحاكم.
وتمثلوا قول القائل:
وإني لصبارٌ على ما ينوبني
ولستُ بنظاّرٍ إلى جانب الغنى
وحسبك أن الله أثنى على الصبرِ
إذا كانت العلياء في جانب الفقرِ

فواصلوا المسير, ولاتهابوا العسير, وطَهِّروا جزيرة العرب من المشركين والزنادقة والملحدين ولا تهنوا. قال الله تعالى (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً). ولا يغرَّنكم كثرة المخذّلين والمخالفين فقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام - كما في صحيح مسلم -: ”لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك“. فنقول للطاغية كما قال المؤمنون من قبل: (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى ما جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ ما أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).
فيا أيها المجاهدون اصبروا وصابروا واحتسبوا, فهذا طريق الأنبياء، هجرةٌ ودماءٌ, وقتالٌ وأشلاءٌ, تخيفون العدو ويخيفكم, ولا يخفى عليكم أن أكثر قضايا الأمة اليوم سخونة؛ الجهاد في فلسطين والعراق فاحرصوا كل الحرص على نصرتهم.
وإنّ استنزاف أمريكا اليوم في العراق اقتصادياً وبشرياً ومعنوياً فرصة ذهبية نادرة فلا تضيعوها فتندموا، كما أَنَّ من أكبر الأسباب الدافعة لأعدائنا للهمينة على بلادنا؛ سرقة نفطنا, فابذلوا كل ما تستطيعون لإيقاف أكبر سرقة تتم في التاريخ من ثروات الأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل بالتواطؤ بين الدخلاء والعملاء، فهم يأخذونه بثمن بخس، مع العلم أن جميع السلع تضاعفت أسعارها عدة مرات إلا النفط وهو أساس الصناعة انخفضت أسعاره عدة مرات, فبعد أن كان يباع قبل عقدين بأربعين دولاراً, بيع بتسعة دولارات في العقد الماضي بينما كان ينبغي أن يكون سعرة اليوم على أقل تقدير مائة دولار، فاجتهدوا وحولوا بينهم وبينه، وركزوا عملياتكم عليه وخاصة في العراق والخليج فذلك حتفهم.
وفي الختام أوجه رسالة مختصرة لحكام الرياض, وأخرى لأهل الحل والعقد, وأقول لكم:
إن الإمارة عقد بين الراعي والرعية، يترتب عليه حقوق وواجبات على كلا الطرفين، وله نواقض منها: أن يخون الراعي مِلَتَهُ وأُمَتَه، وهذا ما وقع منكم - على افتراض أن أساس العقد كان قبل قرن من الزمان كان صحيحاً - والحقيقة غير ذلك، وقد وثبتم على رقاب الناس بدون رضى منهم أو مشورتهم, وإنما بدعم وذَهَب الإنجليز. وإنكم كثيراً ما تدَّعون حرصكم على الوطن والمواطن ورحمتكم به, ولا يخفى عليكم أن الناس قد استيقظوا من غفلتهم, وتبين لهم حجم الاستبداد والفساد الذي تمارسونه في العبث بحقوقهم وأموالهم, وإن المسلمين في بلاد الحرمين مصرون على استرجاع حقوقهم مهما كلف الثمن. وبناءاً عليه أمامكم طريقان:
أولاً: أن تردوا الأمانات إلى أهلها بطريقه سلمية، وتتركوا أهل البلاد وشأنهم في اختيار حاكم مسلماً يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: أن ترفضوا إرجاع الحقوق إلى أهلها، وتواصلوا بغيكم على الناس، وسلب حقوقهم، وتُسَخِّرون بعض أبناء الشعب بما تدفعونه لهم من مال الأمة العام ليضربوا ويقتلوا إخوانهم وأبناء عمومتهم الذين كفروا بولايتكم, ولكن ينبغي أن تعلموا أن الأمر شَبَّ عن الطوق، وأن الشعوب عندما تتحرك للمطالبة بحقوقها لا يمكن أن توقفها الأجهزة الأمنية, وينبغي أن لا يغيب عن أعينكم مصير شاه إيران رغم شهرة وقوة وخبرة أجهزته الأمنية (السافاك). وكذلك مصير تشاوشسكو في رومانيا ذلك الحال المفزع الذي آل إليه هو وأسرته بما فعله بهم العوام, فردوا الأمانات إلى أهلها خيراً لكم.
وأنتم تعلمون أننا في تنظيم القاعدة لا ننافسكم على حطام الدنيا، ولكن ساءنا ارتكابكم نواقض الدين ومنها: الحكم بغير ما أنزل الله، وتولي الكافرين.
ثم إني أوجه خطابي لأهل الحل والعقد من العلماء الصادقين والزعماء المطاعين والأعيان والوجهاء والتجار بأن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، فإن الأمور تسير بسرعة غير عادية نحو الانفجار، فابذلوا ما في وسعكم لسحب فتيل الأزمة, مع العلم أن المجاهدين في بلاد الحرمين لم يبدأوا القتال بعد ضد النظام, ولو بدأوا فعلاً لكان في رأس القائمة التخلص من أَئِمَّةَ الكفر المحلي حكام الرياض، ولكن الذي يجري ما هو إلا امتداد للقتال مع التحالف الصليبي الأمريكي الذي يقاتلنا في كل مكان ونقاتله في كل مكان كذلك، بما في ذلك بلاد الحرمين ونحن نسعى لإخراجهم منها بإذن الله.
فيا أهل الحل والعقد اتقوا الله في أنفسكم وفي أمتكم، وليهاجر الذين يستطيعون فيتحرروا من القيود الوهمية ومما يفرضه النظام من ضغوط نفسية ليتسنى لكم القيام بواجبكم بتوجيه الأمة, وترتيب الأولويات المهمة, فإنَّ تأخركم يزيد الأمور تعقيداً، والمشاكل عمقاً وتشعباً، ويفتح الباب للشباب ليجتهدوا دونكم باتخاذ قرار البدء بالقيام المسلح على الحاكم إذا بدا لهم أنهم قد أعدوا ما يلزم لذلك وغلب على ظنهم أن ما أعدوه كافياً لخلع الحاكم المرتد, مع العلم أن الواجب أن تتحد جهود الصادقين للقيام بهذا الأمر العظيم، ولكن إن تثاقل بعضهم فإن واجب القيام على الحاكم لا يسقط. وقد نصحتُ مراراً من قبل ولكن لم تُعط الأمور حقها، فقوموا بواجبكم وسارعوا في استدراك الموقف, ولقد كان الاقتتال قاب قوسين أو أدنى قبل عقود بين حكام الرياض اليوم وأخيهم الملك سعود، فتم التوسط بينهم وإقناع الملك سعود بالتنازل عن الملك، وبذلك تم حل الخلاف، وهذا هو الدور المطلوب منكم اليوم أن تقنعوا هؤلاء البغاة الذين وثبوا على رقاب الناس بأن يردوا الأمانات إلى أهلها، فإن الناس لم يطلبوا باطلاً، فهذا حقهم وقد قيل: ”درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج“.
ثم إني أتوجه إلى الله تعالى بالدعاء فأقول:
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم ألَّف بين قلوب المسلمين واجمع شملهم ووحد صفهم, وارحم ضعفهم واجبر كسرهم.
اللهم ابرم لأمتنا أمر رشد، يُعز فيه أهل طاعتك ويُذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم اشرح صدور شبابنا وفتياتنا للالتزام بدينك وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم ثبت أقدامنا يوم تزل الأقدام. اللهم ثبتنا وثبت المجاهدين في كل مكان, ولا سيما في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان وأفغانستان وبلاد الحرمين.
اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم ومُدَّهم بمدد من عندك، وانصرهم على عدوك وعدوهم فإنه لا ناصر لنا ولهم إلا أنت يا قوي يا عزيز.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
وصلِّ اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 2012-01-14, 06:28 PM
ابراهيم يعقوب ابراهيم ابراهيم يعقوب ابراهيم غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-12-07
المشاركات: 18
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

رسالة الشيخ اسامة بن لادن
إلى المسلمين في بلاد الحرمين خاصة وإلي المسلمين في غيرها عامة
والتي نُشرت في يوم الأربعاء الموافق 15/12/2004م

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإلى المسلمين في بلاد الحرمين خاصة وإلى المسلمين في غيرها عامة..
فهذه رسالةٌ حول الخلاف والنزاع بين حكام الرياض وأهل البلاد والسبيل لحله ، فقد كَثُر الحديث في بلاد الحرمين عن ضرورة الأمن والأمان وعن حرمة دماء المسلمين والمستأمنين, وعلى أهمية الألفة والاجتماع وخطورة الفرقة والنزاع. وزعموا أن المجاهدين يتحملون ما آلت إليه الأمور في بلاد الحرمين. ومحض الحقيقة الواضحة أن المسؤولية تقع على عاتق النظام, حيث فرَّط في الشروط المطلوبة للمحافظة على الأمن والدماء, والألفة والاجتماع, وذلك بعصيانه لله تعالى وارتكابه الكبائر التي تُعَرِّض البلاد لوعيد الله وعقابه, وقد ذكر الله لنا قصص العصاة وعقابهم لنعتبر. قال الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ). وقال الله تعالى: (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ).
كما أن الموالين للنظام، المداهنين له، وكذا القاعدين عن إنكار المنكر يتحملون المسؤولية أيضاً, وقد قال الله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كَانُوا يَفْعَلُونَ).
وقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ”فما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل فيتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم“ رواه الحاكم. وقال أيضاً ”إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه“ رواه أبو داوود.
وقال النووي رحمه الله: ”واعلم أن هذا الباب - أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - قد ضُيِّع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبقَ منه في هذه الأزمان إلا رسومٌ قليلةٌ جداً، وهو بابٌ عظيمٌ به قِوَام الأمر وملاكه, فإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)“ انتهى كلامه.

ومن أبيات الحكم:
إذا كنتَ ذا نعمة فارعها
فإن المعاصي تزيل النعم

فالمعاصي التي ارتكبها النظام عظيمةٌ جداً، فقد تجاوز الكبائر والموبقات إلى نواقض الإسلام الجليّات، تجاوز ظلم العباد وهضم حقوقهم والاستهانة بكرامتهم, والاستخفاف بعقولهم ومشاعرهم، والعبث بمال الأمة العام, فاليوم يعاني من الفقر والحرمان ملايين من الناس مقابل أن تدخل الملايين من الريالات إلى حسابات المتنفذين من كبار الأسرة, فضلاً عن تدني الخدمات واغتصاب الأراضي, ومشاركة الناس في تجارتهم عنوة بغير عوض, وإلى ما هنالك. فإن النظام قد تجاوز ذلك كله إلى نواقض الإسلام الجليات, فتولى أمريكا الكافرة وناصرها ضد المسلمين وجعل من نفسه نداً لله تعالى يُشَرِّع للناس تحليلاً وتحريماً من دون الله ومعلوم أن ذلك من نواقض الإسلام العشرة. وقد أشرنا إلى بعض المظالم التي ارتكبها النظام في أمور الدين والدنيا بشيء من التفصيل في البيان السابع عشر ومن شاء فليرجع إليه.
وهذا الذي تقدم من أهم أسباب الخلاف بين المسلمين وحكام الرياض, وحَلُّ هذا الأمر سهل معلوم في دين الله تعالى إن صدق الحاكم في إرادته للإصلاح إن كان يملك الارداة أصلاً.
أما نحن فعلم الله أننا نريد الإصلاح ما استطعنا ونسعى إليه، وما خرجنا من ديارنا إلا رغبة فيه، وما كنا نشتكي نقصاً في أمور الدنيا ولله الحمد والمنة، وما بنا عن بلاد الحرمين تَشَوّفٌ إلى غيرها وقد طال المقام بعيداً عنها, ولكنه في سبيل الله يسير.
حجازٌ حبُها في عُمْقِ قلبي
وفي الأفغانِ لي دارٌ وصحبٌ
ولكنَّ الولاةَ بها ذئابُ
وعند الله للأرزاق بابُ

وقد قيل:
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلةٌ
وكل امرئ يولي الجميل محببٌ
وإن كَثُرَتْ في عينِ من لا يجربُ
وكلُ مكانٍ ينبتُ العز طيب

ومن توكل على الله كفاه, والكيّس من لم تغره دنياه، ولا معنى للحياة إن لم تكن في طاعه الله, فأسأل الله الثبات وحسن الختام.
وخلاصة هذه المسألة أنَّ سبيل النجاة إنما هو بالإصلاح والاستقامة على أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ ولا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). وقال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”قل آمنت بالله ثم استقم“.
فصلاح هذه الأمة بما صلح به أولها، وقد كانت جزيرة العرب أمواجاً متلاطمة من القتل والجوع والخوف في الجاهلية، فلما بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل القرآن واستقام الناس معه على الإسلام صَلُحَ حالهم وحَسُنَ معاشهم, فأعزهم الله بعد أن كانوا أذلّاء، وأَلَّف بينهم بعد عداء, فجمعهم بعد فرقة, وأطعمهم بعد جوع، وآمنهم بعد خوف، قال الله تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الأرض جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وقال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وحَلُّ الخلاف بين الراعي والرعية لخَّصه الخليفة الأول للخليفة الثاني - رضي الله عنهما - بكلمة قال له: ”استقم تستقم لك رعيتك“ فهذا كلام الراشدين رضي الله عنهم، عليه نور مقتبس من النور المبين، فإذا استقام الأمير على شرع الله استقامت الرعية ووجب عليها السمع والطاعة بأمر الله تعالى، وأما إذا ارتد الأمير وخرج عن شرع الله وجب على الرعية أن تخرج عليه بأمر الله تعالى أيضاً, فطاعته ليست مطلقة, وإنما مقيدة بالمعروف, وقد أكد أهل العلم على ارتباط الاجتماع والألفة بالطاعه الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ”إنّ سبب الاجتماع والألفة جمع الدين والعمل به كله، وسبب الفرقة تَرْكُ حظٍ مما أمر العبد به والبغي بينهم“ وقال أيضاً: ”وهذا التفريق الذي حصل من الأمة - علمائها ومشائخها وأمرائها وكبرائها - هو الذي أوجب تسلط الاعداء عليها وذلك بتركهم العمل بطاعة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام“ انتهى كلامه.
فالجماعة كما عَرَّفها السلف: أن تكون على ما كانت عليه الجماعة الأولى - رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم - فبذلك تكون من الفرقة الناجية. والجماعة: أن تكون على الحق ولو كنت وحدك، كما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه, والشاهد أنه متى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء, فتسلط عليهم الأعداء، وهذا ما نحن فيه, ولاحول ولاقوة الا بالله.
هل يستطيع الحكام أن يستقيموا على أمر الله لتستقيم الرعية, فيهنأ الناس في حياتهم في أمور دينهم ودنياهم؟ بعض الناس يقولون: نعم، يستطيعون، فقد بدأوا بمركز الحوار الوطني, كما بدأوا بالانتخابات البلدية. لكن ذلك لم يغير شيئاً من أساس الداء, ورأس البلاء. وأحسن أحوالهم أنهم سيدخلون في لعبة الانتخابات كما في اليمن أو الأردن أو مصر ويدورون في حلقة مفرغة لعشرات السنين, ناهيك عن حرمة دخول المجالس التشريعية الشركية.
لذا فإذا أردنا حل الخلاف حلاً صحيحاً علمياً وعملياً ينبغي أن نعرف حقيقته وجذوره وأبعاده. فهذا الصراع في جزءٍ منه صراعٌ قُطْرِي داخلي، ولكنه في أبعاده الأخرى صراعٌ بين الكفر العالمي ومعه المرتدون اليوم بزعامة أمريكا اليوم من جهة وبين الأمة الإسلامية وطليعتها سرايا المجاهدين من جهة أخرى. وهذه الأسر الحاكمة العميلة الظالمة في المنطقة اليوم والتي تقمع كل حركة إصلاحية وتفرض على الشعوب سياسات ضد دينها ودنياها إنما هي نفس الأسر التي ناصرت الصليبيين ضد المسلمين قبل قرن من الزمان, وهي إنما تقوم بذلك بالوكاله عن أمريكا وحلفائها وهذا يشكل امتداداً للحروب الصليبية السابقة على العالم الإسلامي.
وبنظرة على السياسات الداخلية لبلادنا, يتضح لنا مدى السيطرة الصليبية الصهيونية عليها, فالتدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية حَدِّثْ عنه ولاحرج، فلا يمكن تعيين ملك أو نائب له إلا بموافقة أمريكا, وهذا بناءاً على اتفاقيات بين الملوك السابقين والحكومة الأمريكية.
كما أن مهزلة الحكم القائم اليوم في بلاد الحرمين هي بموافقة أمريكا, لتحول دون انفلات الوضع كتصاعد خلافات الأمراء إلى الأسوء وخاصة في هذه السنوات الاخيرة الحرجة.
فحالة الحكم هذه في بلاد الحرمين حالةٌ لا يعرف لها التاريخ شبيهاً, فقد يُحكم الشعب بعد موت الحاكم لساعات أو لأيام باسمه كما في حادثة شجرة الدر, أما أن تُحكم البلاد بطولها وبعرضها باسم ملك لم يعد يعلم من بعد علم شيئاً لعقد من الزمان فهذا من العجائب!!
فهو لم تسقط ولايته شرعاً فقط لارتكابه نواقض في الإسلام, بل سقطت ولايته أيضاً لعجزه وفقده القدرة العقلية اللازمة لإدارة أدنى الأمور فضلاً عن إدارة البلاد والعباد, فينبغي على أشقائه أن لا يحملوه ما لا يطيق, وهم إنما يُصِرُّون على بقائه لرفضهم أن يصبح أخوهم من أبيهم عبد الله ملكاً على البلاد فتتقلص صلاحياتهم ويستأثر بالأمر من دونهم. وهو لا يستطيع أن يتجاوزهم لسيطرتهم على زمام الأمور وخاصة وزارتي الدفاع والداخلية، وكذلك الاستخبارات, وأهم من ذلك سيطرتهم على الديوان الملكي, مما يمكنهم من إصدار مرسوم ملكي من ولي الأمر المزعوم لعزله وتنصيب بديل عنه.
وهذا الاختلاف الحاد داخل الأسرة, فضلاً عن ظلمهم للشعب مَكَّن أمريكا من أن تبالغ في ابتزاز الأمراء المتنافسين وخاصة الأمير عبد الله لمطالبها، وهو يعلم علماً مؤكداً أنه لو لم يستجب لأوامرها فمصيره في أحسن الأحوال العزل على أيدي إخوانه كما عزلوا أخاهم الملك سعود من قبل، فهو على علم بأن منافسيه أصحاب تجارب سابقة, وأنهم مستعدون للقيام بما هو أكبر من العزل إن لزم الأمر. ومن أراد مثالاً حياً قريباً على دور أمريكا في قرار العزل فلينظر إلى الأمير الحسن بن طلال في الأردن فبعد أن بقي لبضعة عقود نائباً للملك رجع أخوه الحسين من أمريكا قبل وفاته بأيام ومعه قرار العزل لأخيه وعزله فاستكان للأمر وأصبح صفراً سياسياً، وهذا ما يخيف الأمير عبد الله إن عصى وَلِيَّةُ أمره أمريكا، وبالتالي لا يخفى أن أصحاب القرار في الأمور العظام هم في أمريكا.
ومما يدل على عمق السيطرة الصليبية على بلادنا, تنفيذ هؤلاء الوكلاء للتغييرات التي يفرضها الموكّل حتى في مناهجنا التعليمية بغرض مسخ شخصية الأمة، وتغريب أبنائها, وهو مشروع قديم قد بدأ منذ عقود في مناهج الأزهر بمصر، ثم طالبت أمريكا بقية الدول العميلة بتغيير مناهجها لتجفيف ما تسميه منابع الصحوة. فقد طالبت اليمن بإغلاق المعاهد العلمية قبل أكثر من عقدين من الزمان. كما طالبت أمريكا حكام الرياض بتغيير المناهج الدينية فتم ذلك نزولاً عند رغبتها هذا كله قبل غزوتي نيويورك وواشنطن بأكثر من عقد ونصف. فضلاً عن التغيُرات الإضافية الجديدة التي اعتمدها النظام أيضاً إضافة إلى عزل الأئمة والخطباء.
وهذا التدخل الصليبي في تغيير المناهج هو من أخطر التدخلات في شؤوننا على الإطلاق لأنه باختصار تغيير للدين، والدين كُلٌ لا يتجزأ، فمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض فهو كافرٌ حقاً، والمشركون هم المشركون تشابهت قلوبهم، وقد قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مثل هذا وأخبر الله عنهم بقوله: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). ولكن حكام الرياض خافوا أمريكا وبدلوا المنهج، فلا يخفى أن محصلة تغيير المناهج الدينية هو خسارة الدين والدنيا. أما الدين فقد عرفتم أنها ردة جامحة. وأما الدنيا فإن المناهج سوف تُخْرِج للبلاد عبيداً متعلمين يوالون أمريكا ويبيعون مصالح البلاد ويُحْسِنون التبسُّم في وجه الأمريكي وهو يحتل الأرض ويفسد العرض بذريعة الحرية والمساواة وقوانين الأمم المتحدة, فهذا نموذج من التدخل الأمريكي في السياسية الداخلية.
وأما تدخلهم في السياسة الخارجية فإن الأسر الحاكمة قد استجابت لأمريكا وهي تؤدي دورها بخياناتها، فهذا الملك حسين قد واصل مسيرة الخيانة التي بدأها جده عبد الله بن الشريف حسين، وأبوه أيضاً ضد فلسطين. فهذا ابنه عبد الله الثاني من بعده في نفس المسيرة, وهذا محمد السادس في المغرب يسير على خط الخيانه نفسها التي سار عليها أبوه وجده من قبل، وما زال تنفيذهم للمؤامرات الصليبية مستمرة. ففي هذه العجالة لا يتسع المجال لاستقصائها, وإنما نذكّر ببعضها لأهميتها.
فهذه حكومة الرياض دخلت في حلف عالمي مع الكفر الصليبي بقيادة بوش ضد الإسلام وأهله. وكما وقع في أفغانستان، وكذلك هذه مؤامرات في العراق قد بدأت ولم تنتهِ بعد، فقد فتحوا قواعدهم للقوات الأمريكية لكي تغزو العراق مما ساعدهم وسَهَّل عليهم احتلالها، وخرج يومها وزير الدفاع السعودي مستخفاً بدين المسلمين ودمائهم وعقولهم معترفاً بأن حكومته فتحت مطاراتها للأمريكيين للأغراض الإنسانية كما زعم.
فهاهم اليوم قد أظهروا لنا حلقة جديدة من سلسلة مؤامراتهم مع أمريكا سموها «مبادرة إرسال قوات عربية وإسلامية لحفظ الأمن في العراق» وهذه خيانة كبرى فلم يكتفوا بمناصرة الكفار لاحتلال بلاد الإسلام حتى جاءوا بهذه المبادرة لإسباغ الشرعية على الاحتلال الأمريكي، فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.
ومما زاد الأمر سوءاً والمصيبة فداحة عند الناس أن كثيراً منهم كانوا يظنون أن الأمير عبد الله بن عبد العزيز عندما تصدّر لإدارة البلاد أنه سوف ينقذها من أوحال المعاصي والفساد الإداري والمالي والإعلامي وغيره ومن التبعية لأمريكا, ولكنه وبينما الناس ينتظرون خيره جاءهم بشره, ففي الوقت التي كانت أمريكا تبعث بجيوشها إلى الخليج لغزو العراق كان نظام الرياض يخادع الأمة بتصريحاته, ويقول أنه يرفض استخدام أمريكا للقوة ضد العراق.
وقبل الغزو بفترة وجيزة قَدَّم الأمير عبد الله مبادرة زعم أنها إنسانية! وهي أن يخرج صدام إلى المنفى حقناً للدماء! كما قال، وبعبارة واضحة أن يسلم العراق لأمريكا بكل ما فيه على طبقٍ غنيمةً باردةً، ومثال هذا كمجرم قطع عليك الطريق وقدّم إليك أحد عبيده بصورة المصلح الناصح وقال لك: أنا أنصحك أن تترك أهلك ومالك وتنجو بنفسك، وهكذا يأخذ اللص أموال الناس في العراق ويتعدى على أرضهم وعرضهم بدون عناء بدعم ونصح الأمير الأعرابي.
صحيح أن صدام لصٌ ومرتد، ولكن لا يكون الحل أبداً بنقل العراق من اللص المحلي إلى اللص الدولي؛ لأن تمكين الكافر ومناصرته لأخذ أرض المسلمين والسيطرة عليهم من نواقض الإسلام العشرة.
وقبل الغزو أيضاً خرج الأمير عبد الله بن عبد العزيز على الملأ ليصرح تصريحاً ماكراً مخادعاً حيث قال: إن الحشود الامريكية ليست للحرب! واعتقدَ الذين يحسنون الظن به أنها غفلة من غفلاته - وما أكثرها - ولكن لم يمض إلا سنة أو بضعة أشهر حتى فضحه الله تعالى على رؤوس الخلائق وأظهر كذبه وخداعه وغدره وخيانته للأمة ليس بشُبَهٍ أو قرائن وإنما ببراهين دامغة وبأدلة ناطقة. كما نطق الأمير طلال بن عبد العزيز من قبل على الملأ قائلاً: إن أباه كان يتقاضى أموالاً من الإنجليز - لحاجة في أنفسهم -، وهو بذلك يؤكد على الحقائق والوثائق التي تثبت أن أباه كان عميلاً للإنجليز.
فكذلك اليوم نطق بها ابن أخيه - سفيره في أمريكا - بندر بن سلطان أمام الملأ بأنه اجتمع مع نائب الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه وقائد هيئة الأركان وأطلعوه على الخرائط السرية لغزو العراق وإلى ما هنالك، وكان هذا الكلام خلال تعليقه بعد صدور كتاب( ) يفضح الأمير عبد الله وهو يتعهد بتقديم الدعم لأمريكا ويستحثها على غزو العراق.
إذن فتصريحاته السابقة قبل الغزو بما فيها قوله: ”إن إحساسه أن هذه القوات الامريكية التي وصلت إلى الخليج ليست للحرب“ فهو إذن إنما كان يكذب على الأمة عن علم متعمداً ليخادعها ويرجف بها، وهو بذلك يكون قد قام بالجزء الأول من الحرب النفسية نيابة عن أمريكا ضد العراق وأهله ليستكينوا ولا يستعدوا للحرب وحتى يبث فيها معاني الخنوع والاستسلام لعدوها، وحتى لا تتعرض القوات الامريكية لأي مقاومة تذكر. ياللعار والشنار! يا للكفر والخيانه! ياللغدر والعمالة! فإن الناس ما زالوا يتذكرون عناقه الحار للوفد العراقي في مؤتمر بيروت وإعلانه عن المصالحة بين البلدين ثم يغدر ويذهب بليل ليتفق مع أمريكا على غزو العراق ويتعهد بدفع مليار دولار مساهمة منه في دعم تلك الحرب. ألهذه الدرجة وصلت بحكام الرياض الأمور؟ ثم يزعم المنافقون أنهم أولياء أمور! يكذبون على الأمة ويخادعونها من أجل دراهم معدودة عليهم من الله جميعاً ما يستحقون.
وهنا ينبغي للعقلاء أن يقفوا وقفة مع أنفسهم ويتدبروا في تصرفات الحكام فإن حجم الخلل عظيم جداً، ولا يجوز لمسلم أن يرضى بهؤلاء حكاماً عليه, أَمَا فكر العقلاء المصلحون الذين يريدون الإصلاح عبر هؤلاء كيف يمكن لهم أن يقوموا بالإصلاح وهم يسبحون في وسط بحر هائج من هذه الصفات الذميمة؟ فهذا لا يمكن لأن الغرق ينتظرهم، ولا يمكن لعاقل أن يرضى لمن هذه صفاته أن يكون شريكه في أي عمل من الأعمال مهما صغر، فكيف ونحن نتحدث عن عظائم الأمور المهمة من قضايا الأمة.
ومن تدبر مساعي الناصحين وحواراتهم يرى أن النتيجه لا شيء على أرض الواقع، وإن اختلفت أساليب الحاكم بين المماطلة أو الكذب, أو الإغراء والإغواء, أو السجن والإقصاء، والهدف الثابت الوحيد للحاكم من حواره مع كل دعوة إصلاحية هو إجهاضها ولو بعد حين، وهذا ما لمسته بنفسي, وقد ناصحت الحكومة قبل عقدين من الزمن بواسطة كبار العلماء إلا إن الأوضاع لم تتغير.
ثم قبل عقد ونصف توجهت بالنصح مباشرة لنائب وزير الداخلية وأخبرته عن الكبائر العظام التي ينبغي على الدولة أن تزيلها وعن خطورة بقائها ولكن دون جدوى. ثم التقيت بنائب وكيل الوزارة للشؤون الأمنية, فعاتبني بشدة لأني نصحت نائب وزير الداخلية وأخذ يردد على مسمعي الكبائر التي أخبرت الأمير بها ثم يقول: ”هذا معروف ما نبي حد يعلمنا“! وهذه الكبائر التي ناصحتهم فيها قد مضى عليها عشرات السنين وقد نصحهم فيها قبلي كثير، فهي ما زالت موجودة إلى اليوم، وهم يدافعون عنها وملتزمون بها لأن الملك شرّعها كما نلتزم نحن ما شَرَّعه الله لنا. وهذا يعني أن السيادة والطاعة المطلقتين للملك وتشريعاته فليست لدين الله تعالى، وهذه هي الحقيقة الخطيرة وهذه هي عقيدة القوم والتي عبّر عنها نائب الوكيل بقوله: ”هذا معروف ما نبي حد يعلمنا“.
فما ذكرته لهم من كبائر هم يعرفون أنها محرمة في دين الله, ولكن لا يريدون من أحد أن ينكرها لسبب بسيط، وهو أنها غير محرمة في دين الملك، فيتعجبون منّا كيف ننكرها بل يطالبوننا أن لا نُعْلِمُهم بحرمتها! فالملك قد أصدر مراسيماً وتشريعات يبيحها ويحميها. وكلمة ”الدين“ تعني - فيما تعني - القوانين التي يشرعها الملك أو الحاكم, قال الله تعالى (مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ). قال أهل التفسير: أي حكم الملك.
ومن نَوّر الله بصيرته فتدبر في تصرفات النظام وجد هذه الحقيقة ماثلة أمامه، فالشؤون الداخلية والخارجية سواء، فالسيادة والطاعة لأمر الملك وليستا لله تعالى, فما يحلله الملك يصبح حلالاً وما يحرمه يصبح حراماً، فللملك الحق في نظرهم أن يحلل الشيء عاماً ويحرمه عاماً. وسأضرب أمثله لذلك:
فإن حرمة الربا معلومة من الدين بالضرورة وقد قال الله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ولكن النظام أصدر مراسيماً وتشريعات تبيحه وتُقَنِّنُهُ وتعاقب من أراد أن يمنعه, أو امتنع عن دفع ما احتالوا على تسميته بالفائدة، ومعلومٌ أن أكل الربا كبيرة من الكبائر وأما التشريع والتحليل من دون الله تعالى فهو ناقض من نواقض الإسلام.
وأما المثال الثاني: فهو تولي الكافرين، فعلى سبيل المثال:
فإن النظام الأردني نظامٌ جاهليٌ كافرٌ ولكن حكام الرياض كانوا يتولون الملك حسين، فلو وصفه خطيب أو كاتب بأنه عميل لليهود فإنه يتعرض للعقاب من قِبَلِ نظام الرياض عبر قوانين قد شُرّعَت لمثل هذا الغرض، ولكن لمَّا دخل الملك حسين في حلف صدام عندما غزا الكويت تبرأ الملك فهد من وليه السابق، وامتلأت صحف الرياض بالوثائق والصور التي تثبت عمالة حسين بن طلال لليهود - وهذا حق فهو كذلك -, وبالمقابل امتلأت صحف الأردن بالوثائق والصور التي تثبت عمالة حكام الرياض للإنجليز ثم لأمريكا - وهذا حق هم كذلك -.
لذا ورغم مصيبتنا الكبيرة في حكام المنطقة العملاء إلا أن مصيبتنا في كثير من قيادات العمل الإسلامي أكبر، فهم يُصِّرون على وصف هؤلاء الطواغيت بأنهم ولاة أمر، فبعض الناس يظنون أنهم( ) سفينة النجاة وهم في الحقيقة سفينة الغرق، وأحد أوجه النظام ولكن باسم الدين كذباً وزوراً، فينبغي على الصادقين في هذه الجماعات تخليص العمل الإسلامي منهم.
ثم بعد هذه الفضائح الكبيرة المُوَثَّقة أشارت أمريكا على الملك فهد باستقبال الملك حسين, فاستقبله وتناسى الماضي, ثم لما مات حضر أمراء آل سعود جنازته مع الوفد الإسرائيلي والأمريكي وغيرهم ثم أمر بإقامة صلاة الغائب عليه في الحرم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالولاء والبراء أوثق عرى الايمان، نوالي من والى الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, ونعادي من عادى الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام, ولكن المنافقين عبيد الدرهم والدينار يَتَّبعون الملكَ حقاً فعلَ أم باطلاً, يوالون من والى، ويعادون من عادى, فهل يبقى الإنسان إنساناً سوياً وهو يغير عقله بهذه الطريقة المهينة الجارحة؟! أم أن المفروض أن يتخلى المسلم عن دينه ويدوس على عقله, ليصبح مواطناً صالحاً!!
وقس على ذلك عبد الناصر، والسادات، والقذافي, وصدام. فعبد الناصر كان قد دخل معهم في خصومة فَكَفَّروة من على منبر الحرم المكي - وهو كذلك - ثم لما اصطلح معهم أصبح مسلماً!
وكذا الحال مع القذافي خلال ثلاثة عقود إذا شتمهم فهو كافر! وإذا اصطلح معهم ذلك الزنديق أصبح مسلماً ويدخلونه الكعبة المشرفة!.
وهذا السادات عندما وقَّع مبادرة الاستسلام مع اليهود اتهمه حكام الرياض وبقية الدول العربيه بالخيانة والعمالة - فهو كذلك - وامتلأت صحفهم بذمه وشتمه, ثم لما قام الأمير عبد الله بنفس الخيانه والعمالة في مبادرة بيروت مدحه المنافقون وأيدوه! فعلماء السوء وأصحاب الأقلام المأجورة يدورون مع الحاكم حيثما دار, ويتردون معه حيثما تردى من أجل المال، ثم يدّعون العلم والمعرفة والهدى والرشاد!.
إذن فمما سبق يتضح أن الحاكم له دين آخر، وإنما هو يتاجر بدين الإسلام ويخادع الناس به, وبعد أن ظهر ما ظهر من كون حكام المنطقة عموماً وحكام الرياض خصوصاً عملاء مرتدين فضلاً عن صفات السوء الأخرى، وظهر أن الخلاف خلافٌ بين منهجين، ونزاعٌ عميقٌ بين عقيدتين، نزاعٌ بين المنهج الرباني المتكامل الذي أسلم الأمر كله لله تعالى في جميع الشؤون، منهج: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) منهج: لا إله الا الله محمد رسول الله بكل دلالاتها ومقتضياتها وبين المنهج العلماني الصارخ منهج الذين (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) منهج الذين يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، منهج الذين قال الله فيهم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً).
وبعدما اتضح هذا فإن الحل لإصلاح الأوضاع هو - كما وضّحه الشرع - وذلك بخلع الحــاكم من الإمارة، فإن أبى وامتنع وجب القيام عليه بالسلاح وخلعه، وهذا هو حكم الشرع الذي يحفظ للناس دينهم ودنياهم. والنظام من جانبه قد عَرَضَ حلاً مشابهاً لحفظ تشريعاتهِ ودنياه! فعرض على المصلحين أن يخضعوا لتشريعات الملك ومراسيمه - أي دين الملك - بدون قيد أو شرط وإما أن يكون الحوار بالسيف والبندقية كما قال وزير الداخلية.
ومعلومٌ أنَّ كلَّ صاحبِ دينٍ - حقاً كان أو باطلاً - لابد له من سلاح ليقيم دينه، فكيف يجوز لعاقل وهو يرى الحاكم المرتد وجنوده مدججين بالسلاح ثم يزعم أنه يريد الإصلاح بالحل السلمي، فهذا من أعظم الباطل، وهذا تخذيل عن إقامة الحق, فنحن هنا لا نتحدث عن حاكم فيه بعض الفسق والفجور, وإنما نتحدث عن ردة وعمالة للكفار. فكما أنه لا فرق بين بريمر - الحاكم الأمريكي السابق في بغداد - وعلاوي - الحاكم الحالي - في تنفيذ سياسات أمريكا في العراق فإنه لا فرق بين بريمر وباقي حكام المنطقة لتنفيذ سياسة أمريكا.
وقد أجمع علماء الإسلام على أن الولاية لا تنعقد لكافر فإذا طرأ عليه الكفر سقطت ولايته فوجب القيام عليه بالسلاح. قال القاضي عياض رحمه الله: ”أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل“. وقال أيضاً: ”فلو طرأ عليه كفرٌ وتغييٌر للشرع أو بدعة؛ خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه فإن تحقق العجز لم يجب القيام“.
إذن فالقول بالخروج على الإمام الكافر ليس قولنا وإنما هو قول إجماع الائمة، وهذا هو حكم الشرع في مثل حالنا، لذا يجب على المسلمين جميعاً أن يتحركوا للإصلاح آخذين بالاعتبار حجم الخلاف وأبعاده، وأن هذه الأنظمة ما هي إلا جزء من منظومة الكفر العالمي. ويكون الإصلاح وفق شرع الله, وإلا فهو الإعراض عن شرع الله والاستنزاف للأوقات والجهود والتيه والضياع هذا إذا كان الجهل وحَسُنَت النوايا، أو الدجل والخداع إذا كانت الأخرى.
فالذين يرفضون الحوار المسلح من أبناء البلاد مع الحكومات لاسترجاع الحقوق هؤلاء يغالطون مغالطة كبرى, فلا يمكن استرجاع الحقوق من النظام عندما يرتد الحاكم ويرفض التنحي باللين إلا بقوة السلاح.
وهم ومن على شاكلتهم من أصحاب هذا المذهب في ضلال مبين، سواءاً الذين قد دعوا صراحة إلى ارتكاب ناقض من نواقض الإسلام وذلك بمساعدة الكفار على احتلال بلاد الإسلام كما صرح بعضهم بذلك تحت غطاء وخدعة المساعدة في استخلاص حقوقنا من الحكام, أو القسم الآخر الذين يخلطون الحق بالباطل ويرفضون التعاون مع الكفار لاحتلال البلاد - وهذا حق - ويرفضون خلع الحاكم المرتد بالقوة أيضاً - وهذا باطل - محصلة منهجهم واحدة. فهؤلاء( ) منهجهم غاية في الخطورة لوجهين:
أولاً: أنهم على خطر عظيم لأنهم زاحموا شرع الله بأهوائهم, وهذه من الكبائر العظام كما لا يخفى، ولا يمكن أن تصدر عن مسلم، قال الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) وقال تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
ثانياً: إن هؤلاء يشاركون في صد الناس عن منهج الله وفتنتهم في دينهم، حيث يمنعونهم من أخذ حقوقهم بالطرق التي شرعها الله مما يدفع المنافقين والجهلة إلى التفكير بالأخذ بمذهب تحالف الشمال وأمثاله, كعلاوي ومن معه، فهذا لا يجوز بحال.
وقبل الختام: أرد على بعض اتهامات النظام التي أزعج بها الناس بتكرارها في الصباح والمساء خلال السنتين الماضيتين فقد اتهم المجاهدين بمذهب الخوارج، وهم يعلمون أننا بريئون من هذا المذهب، وهذه خطاباتنا وهذا واقعنا يشهد بذلك.
وهل اقتحم علينا دارنا بالسلاح في السودان ليقتلونا إلا الخوارج!
ونحن نعتقد أن المعاصي التي هي دون الكفر لا يخرج بها المؤمن من الإيمان ولو كانت كبيرة كالقتل وشرب الخمر، فإن مات صاحبها ولم يتب منها فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه ثم مصيره إلى الجنة.
ونحن لا نكفر الناس بالعموم, ولا نستبيح دماء المسلمين، فإن قُتِل بعض المسلمين أثناء عمليات المجاهدين فنرجوا الله أن يرحمهم، وإنما هو كما في مسأله التترس والقتل الخطأ، ونستغفر الله منه ونتحمل المسؤولية عنه.
ولكن أقول لحاكم الرياض إنْ شئتَ حدثتك عن قاتل المسلمين, ومن قاتلهم من قبل ومن فرَّق جماعتهم، وأحدثك عمن يكفر بالعموم ويستبيح دماء المسلمين.
فأبوكم عبد العزيز هو الذي خرجَ وناصرَ الإنجليز ضد الدولة العثمانية وواليها ابن الرشيد في حائل, وأنتم أنفسكم قد خرجتم بقوة السلاح على أخيكم الملك سعود، وكادت تحصل بينكم مجزرة لولا الله تعالى ثم تدخل من تطاردون اليوم, ولم يقل علماؤكم عن أبيكم وعنكم أنكم خوارج.
ولو فتحنا ملف مجزرة الطائف الرهيبة( ) لعلمنا من الذي يكفر بالعموم، تلك المجزرة التي غرَّر فيها أبوكم جنوده وقال لهم: إن أهل الحجاز كفار وإن قتالهم جهاداً في سبيل الله، وهو بذلك يكذب عليهم، ولو تحدثنا عما وقع في الطائف من فظائع لهانت بجوارها مصائب عظامٌ جداً.
فينبغي على الخصوم أن يلتزموا بآداب الخلاف والقتال ويكفَّوا أنفسهم وأُجَراءهم عن الكذب والبهتان, فذلك خير لهم, فلولا أنك مطمئن مهما واصلت الكذب علينا بأننا لن نكذب عليك لطمأنتك، إلا إِنْ سألتني عن مسلم اختبأ عندي وتريد أن تظلمه أو أن تسفك دمه بغير حق فعندها يكون الكذب واجباً, كما ذكر ذلك أهل العلم على افتراض أن الحاكم مسلم.
وكما تتهمون الشباب بالجهل في مسائل كل المسلمين فيها علماء، قال النووي رحمه الله: ”ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه، فذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة كالمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها“ انتهى كلامه.
هل يجهل أحد من المسلمين حرمة مناصرة الكافر على المسلم أو حرمة تشريع الربا؟ فإن هذا معلوم من الدين بالضرورة, فهو كالعلم بحرمة الخمر والزنا، هل يجهل هذا أحد؟ أم أنكم تريدون أن تجعلوا في الإسلام كهنوتا! فتجعلوا هيئة كبار علماء السلطان مثل بابا النصارى, وتحتكرون فهم الدين, فتُحِلون ما حرم الله, وتحرمون ما أحل الله، وتصدرون صكوك الغفران لمن تشاؤون.
وتصفون الشباب أيضاً بأنهم أصحاب الفكر الضال, والزمرة الفاسدة, فمن هم أصحاب الفكر الضال؟ أهم الذين اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجوب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، كما ورد عنه في صحيح البخاري حيث قال: ”أخرجوا المشركين من جزيرة العرب“، وقال: ”لا يجتمع في جزيرة العرب دينان“ وقال أيضاً في حديث آخر: ”قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يَبْقَيَنَّ دينان بأرض العرب“، وقال أيضاً: ”لأُخْرِجَنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدعُ إلاَّ مسلما“ رواه مسلم.
أم هم الذين يستهزؤون بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويحتالون عليها كأصحاب السبت؟ كما فعل الأمير عبد الله عندما قال عن حجتنا إنها واهية! والأجنبي جاء ليَخْدِمْ! ونحن حجتنا هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة بوجوب إخراج المشركين، وليس فيها استثناء إن جاء ليَخْدِمْ أو ليُخْدَم.
أنحن أصحاب الفكر الضال؟ أم الذين غدروا بالأمة، وأباحوا جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم لليهود والنصارى فمكنوهم منها وأعطوهم فيها القواعد العسكرية، فضلاً عن غدركم بالعراق، والغدر يحرم حتى مع الكافر، وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام: ”لكل غادرٍ لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة“ رواه مسلم.
ومن هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر, ويؤمنون بالله؟ أم هم الذين يفسدون المسلمين بسياساتهم وإعلامهم حتى في البلد الحرام وفي الشهر الحرام وحول المسجد الحرام؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) وقال تعالى (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ).
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم الذين يدافعون عن المسلمين, وأعراضهم, وأموالهم في العراق وفلسطين وأفغانستان وكشمير والشيشان؟ أم هم الذين دخلوا في حلف الكفر العالمي ضد المسلمين، فضلاً عن نهب مال الأمة العام؟
ويكفي للتدليل على ذلك الإشارة إلى صفقة السلاح الكبرى، أو قل السرقة الكبرى وكلاهما سواء, المسماة ”بعقد اليمامة“ والتي بلغت قيمتها أكثر من ثلاثين مليار دولار، وكان ذلك قبل حرب الخليج بخمس سنين، فلما حصلت الحرب لم يظهر أي أثر إيجابي لهذه الصفقة ولا لغيرها من مئات الصفقات، وإنما أبحتم البلاد للدفاع عنكم، وكان يومها عدد العاطلين عن العمل محدوداً، فلو قُدِّر بمئة ألف عاطل فقسمنا قيمة الصفقة ثلاثين ملياراً على مئة ألف لكان نصيب الواحد منهم ما يساوي مليون ومئة وخمس وعشرين ألف ريال, فلو جعلت هذه الأموال في شركات مساهمة لاستثمارها بطريقة شرعية، وتوظيف العاطلين عن العمل والإنفاق منها على أهلها كالفقراء والمساكين والغارمين لتحسنت أحوال الناس.
وأما عن اغتصاب أراضي الناس، وشهوة حكام الرياض في بناء القصور، فإن الملك فهد قد أمر ببناء قصر ”السلام“ وقد أنفق على القصر ولأجله أربعه مليار ريال.
وأما قصر ”ذهبان“ وما أدراك ما قصر ”ذهبان“، فحدث عنه ولا حرج، فهو على بعد أربعين كيلو متراً على طريق جدة المدينة على ساحل البحر الأحمر, ويكفي لتصور مساحته المغصوبة أنه لو رست مملكة البحرين في فنائه الخلفي لما شعر أهل القصر بها! مع العلم أن البحرين يسكن فيها قريباً من مليون نسمة ومساحتها أكثر من مئة مليون متر مربع. فلو جاء أهل الدنيا بقصور ملوكهم ورؤساءهم وجيء بقصر الملك هذا في ذهبان, لغُلِبوا! فهل عرف التاريخ سفهاً أكثر من هذا؟! ثم يصفه المنافقون بالأمانة والحكمة والرشاد! قال الله تعالى في أمثاله (وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً).
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟! الذين يستبيحون البلد الحرام ويقتلون المسلمين في مكة المكرمة؟ أهم خالد المحضار ونواف الحازمي وأخوه سالم الذين خرجوا من مكة المكرمة، وضربوا أمريكا في عقر دارها دفاعاً عن الإسلام في أم القرى وما حولها؟ أم هو فهد بن عبد العزيز الذي استباح حرمة الحرم وكان يمكن حل تلك الأزمة( ) بغير قتال, كما اتفق العقلاء في ذلك الحين، وإنما كان الموقف يحتاج إلى بعض الوقت وخاصة أن الموجودين في الحرم بضع عشرات، وأسلحتهم خفيفة، أكثرها بنادق صيد، وذخيرتهم قليلة وهم مُحاصَرون، ولكن عدو الله فهد فعل ما لم يفعله الحَجَّاجُ من قبل، فعاند وخالف الجميع، ودفع بالمجنزرات والمصفحات إلى داخل الحرم، ولا زلتُ أذكرُ أثر المجنزرات على بلاط الحرم ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولازال الناس يتذكرون المآذن كانت تكسوها السواد بعد قصفها بالدبابات إنّا لله وإنا إليه راجعون.
من الذي استباح حرمة البلد الحرام ودماء المسلمين؟ أهم الشباب؟ أم قوات الأمن التي قتلت المساكين والفقراء بحي ”الرصيفة“ بمكة المكرمة، وأخرجت من بقي حياً بقوة السلاح من بيوتهم وحجراتهم الضيقة المبنية بالصفيح ليهنأ بالأرض أميرٌ في وزارة الداخلية، وقد علم بذلك علماء وخطباء الحرم ولم يتكلموا بكلمة عن حرمة دماء المسلمين في البلد الحرام، لأن هؤلاء المُعتدى عليهم كانوا فقراء مساكين.
من هم أصحاب الفكر الضال والزمرة الفاسدة؟ أهم المجاهدون؟! أم هم الذين ساهموا مع أمريكا في قتل أكثر من مليون طفل خلال بضع سنين في أكبر مجزرة للأطفال عرفتها البشرية أثناء حصاركم الظالم للعراق. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت“. متفق عليه
وإن الذين يتولون النظام ويؤيدونه هم شركاء في هذا الذنب العظيم كلٌ بحسبه، وفي حديث آخر أيضاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لو اجتمع أهل السماوات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار“. قال الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً). وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”أول ما يقضى بين الناس في الدماء“. وفي حديث آخر قال: ”لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم“. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث صحيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”يجئ المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماً، فيقول: يارب سل هذا فيمَ قتلني؟ حتى يدنيه من العرش“ رواه الترمذي.
هذا مقتولٌ واحدٌ يتعلق بقاتله, فكيف بتعلق مليون طفل بقاتليهم كل واحد منهم آخذ ناصيته ورأسه بيده وهم يقولون: يارب، سل هؤلاء فيمَ قتلونا؟! أكبر مجزرة للأطفال في تاريخ البشرية، فهذا ظلم عظيم وجرم كبير يجب على المسلمين أن يتوبوا منه ويندموا عليه ويتبرؤوا من هذه الحكومات الكافرة الفاجرة الظالمة التي كانوا يوالونها ويؤيدونها، وينبغي عليهم أن يفتدوا أنفسهم من أولياء المقتولين قال الله تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْه). وقال الله تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ).
ومع هذه المجزرة الرهيبة التي استمرت بضع سنين لم نسمع كلمة ولا فتوى من علمائكم الجهابذة، وخطبائكم المفوهين عن حرمة دماء المسلمين، ولكن عندما قَتَلَ الشبابُ ذلك العسكري الأمريكي المحارب( )، ارتفع صوت أولئك العلماء، والكَتَبَة الأُجراء في الليل والنهار، متحدثين عن حرمة دم المستأمن، وما هو بمستأمن, ولكن في فقه دين الملك ومن معه من المنافقين يكون قتل مليون مسلم ويكون قتل مليون طفل مسألة فيها نظر، وقتل صليبي واحد جريمة لا تغتفر!! حسبي الله عليكم أجمعين.
ومن أعجب العجائب والكذب اتهام النظام للشباب بما فيه من الكبائر كقوله: إن الصهيونية هي التي تقف خلف المجاهدين!! فأي دجل هذا، وأي بهتان هذا، وأي استخفاف بعقول الناس هذا؟!
فإن القاصي والداني من المسلمين والكفار يعلم أن أعدى أعداء الصهيونية هم شباب الجهاد، ولكن النظام رمانا بما فيه. قال الله تعالى (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)، وهو كما قيل: رمتني بدائها وانسلت.
وهنا أُذَّكر وأسأل حكام الرياض: من الذي دعم عرفات بمئة مليون دولار لقمع انتفاضة المجاهدين الأولى؟ من الذي ناصرَ اليهود على المستضعفين في شرم الشيخ عام 96؟ من الذي فتح القواعد العسكرية لغزو العراق؟ من الذي تكفل بدفع تكاليف تدريب الشرطة العراقية لمحاربة المجاهدين في العراق؟ ألست أنت صاحب مبادرة بيروت التي اعترفت فيها بالصهاينة واحتلالهم لأرض فلسطين؟! فأين ذهب عقلك يا رئيس الحرس الوطني؟ وأين ذهب ماء وجهك حتى تتهم المجاهدين بهذه الاتهامات الكاذبة الساقطة!! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم ولهم عذابٌ أليمٌ: شيخ زان, وملك كذاب، وعائل مستكبر“ رواه مسلم.
وها أنت قد نهيت الأئمة عن الدعاء للمجاهدين في الشيشان، وبدلاً من ذلك أمرتهم بالدعاء على شباب الجهاد في بلاد الحرمين (عملاء الصهاينة كما تزعم) وأنت تكذب، وتعلم أنك تكذب، والخطباء والشعراء الذين يؤيدون افتراءاتك هم أيضاً يكذبون، ويعلمون أنك كاذب وخائن، ولكن ما أشبه هذه السنوات بالسنوات التي أُخبرنا بها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ”سيأتي على الناس سنواتٌ خدّاعات، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصادق، ويُؤْتَمَنُ فيها الخائن، ويُخَوَّنُ فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة“ رواه الامام احمد.
وأنا أرجو من المسلمين عامة أن يدعوا على الصهاينة وعملائهم, كما أطلبُ منكَ إِنْ كنتَ صادقاً أن تدعو أنت ومن يطيعك بهذا الدعاء في الحرمين وباقي المساجد: ”اللهم عليك بالتحالف الأمريكي الصهيوني ومن والاهم وعملائهم، اللهم دمر كيانهم، واقصم ظهرهم، وانزع ملكهم، وشتت شملهم، وفرق جمعهم, ورمّل نسائهم, واجعل بأسهم بينهم, وتتبع عوراتهم كما يتتبعون عورات المجاهدين، وافضحهم على رؤوس الخلائق، واكفناهم بما شئت“.
ثم إني أخص إخواني المجاهدين بهذه الكلمات فأقول لهم:
وقفتم لنصرة الدين يوم قَلَّ الواقفون، وجاهدتم يوم قعد الخطباء والمُحَدِّثون، وصدعتم بالحق يوم سكت الخائفون والطامعون، غيركم قال كما قال السحرة قبل أن يؤمنوا قالوا: (أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ) فقال لهم الطاغية: (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).
وأما أنتم فالأجر والقرب من الرحمن ترجون, ذقتم حلاوة الإيمان فلم تغركم حلاوة الدنيا - أحسبكم كذالك والله حسيبكم ولا أزكي على الله أحداً - وجزاكم الله خير الجزاء.
وقفتم وما في الموتِ شكٌ لواقفِ
تخوضون بحر الموتِ لا ترهبونه
وحطمتم الأوهام والوهم يُكسرُ
ومن لا يهاب الموت لا شئ يَحذرُ

حطَّمتم الهالات الملقاة على الطغاة منذ عقود كذباً وزوراً، فهنيئاً لكم أن أَنَرْتُمُ السبيل بدمائكم للملايين من الأجيال الناشئة لتستقم على الصراط المستقيم، ولتجتنب سبيل الطغاة المجرمين، ففي الحديث: ”فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم“ رواه البخاري.
يرحم الله إخواننا الشهداء في كل مكان، في فلسطين والعراق وبلاد الحرمين والمغرب وكشمير وأفغانستان والشيشان ونيجيريا وإندونيسيا والفليبين وتايلاند.
ويرحم الله الشيخ يوسف العييري وأبو علي الحارثي وخالد الحاج وعبد العزيز المقرن وعيسى العوشن( ) وإخوانهم جميعاً.
ونرجوا الله أن يرحم - سبحانه وتعالى - المجاهدين الذين اقتحموا على قنصلية الأمريكان في جدة.
كيف يريدون أن ينعموا بالأمن وهم يوزِّعون الدمار والقتل والخراب على أهلنا في فلسطين وعلى أهلنا في العراق؟! فهؤلاء ليسوا أهلاً للأمن في أي مكان في العالم، وأما وجودهم في بلاد الحرمين بل في كل جزيرة العرب فهو محرم شرعاً كما ذكرنا الأدلة على ذلك.
هؤلاء الذين قُتلوا من إخواننا نرجوا الله أن يتقبلهم في الشهداء. وأقول لإخواننا وأهلنا: إن لله مأخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبروا ولتحتسبوا، وأذكركم بقول الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
فكيف لا يصبر المسلم المستسلم للحق سبحانه وتعالى، وهذا مولانا خالق الخلق يقول لقائد المسيرة عليه الصلاة والسلام - التي نحن في ركبها - (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ). وقد قال الله تعالى بعد غزوة الاحزاب وأهوالها أيضاً: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً). وقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام ”إن عِظم الجزاء مع عِظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضيَ فله الرضا، ومن سخط فله السُخْط“ رواه الترمذي والحاكم.
وتمثلوا قول القائل:
وإني لصبارٌ على ما ينوبني
ولستُ بنظاّرٍ إلى جانب الغنى
وحسبك أن الله أثنى على الصبرِ
إذا كانت العلياء في جانب الفقرِ

فواصلوا المسير, ولاتهابوا العسير, وطَهِّروا جزيرة العرب من المشركين والزنادقة والملحدين ولا تهنوا. قال الله تعالى (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً). ولا يغرَّنكم كثرة المخذّلين والمخالفين فقد قال رسولنا عليه الصلاة والسلام - كما في صحيح مسلم -: ”لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك“. فنقول للطاغية كما قال المؤمنون من قبل: (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى ما جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ ما أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا).
فيا أيها المجاهدون اصبروا وصابروا واحتسبوا, فهذا طريق الأنبياء، هجرةٌ ودماءٌ, وقتالٌ وأشلاءٌ, تخيفون العدو ويخيفكم, ولا يخفى عليكم أن أكثر قضايا الأمة اليوم سخونة؛ الجهاد في فلسطين والعراق فاحرصوا كل الحرص على نصرتهم.
وإنّ استنزاف أمريكا اليوم في العراق اقتصادياً وبشرياً ومعنوياً فرصة ذهبية نادرة فلا تضيعوها فتندموا، كما أَنَّ من أكبر الأسباب الدافعة لأعدائنا للهمينة على بلادنا؛ سرقة نفطنا, فابذلوا كل ما تستطيعون لإيقاف أكبر سرقة تتم في التاريخ من ثروات الأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل بالتواطؤ بين الدخلاء والعملاء، فهم يأخذونه بثمن بخس، مع العلم أن جميع السلع تضاعفت أسعارها عدة مرات إلا النفط وهو أساس الصناعة انخفضت أسعاره عدة مرات, فبعد أن كان يباع قبل عقدين بأربعين دولاراً, بيع بتسعة دولارات في العقد الماضي بينما كان ينبغي أن يكون سعرة اليوم على أقل تقدير مائة دولار، فاجتهدوا وحولوا بينهم وبينه، وركزوا عملياتكم عليه وخاصة في العراق والخليج فذلك حتفهم.
وفي الختام أوجه رسالة مختصرة لحكام الرياض, وأخرى لأهل الحل والعقد, وأقول لكم:
إن الإمارة عقد بين الراعي والرعية، يترتب عليه حقوق وواجبات على كلا الطرفين، وله نواقض منها: أن يخون الراعي مِلَتَهُ وأُمَتَه، وهذا ما وقع منكم - على افتراض أن أساس العقد كان قبل قرن من الزمان كان صحيحاً - والحقيقة غير ذلك، وقد وثبتم على رقاب الناس بدون رضى منهم أو مشورتهم, وإنما بدعم وذَهَب الإنجليز. وإنكم كثيراً ما تدَّعون حرصكم على الوطن والمواطن ورحمتكم به, ولا يخفى عليكم أن الناس قد استيقظوا من غفلتهم, وتبين لهم حجم الاستبداد والفساد الذي تمارسونه في العبث بحقوقهم وأموالهم, وإن المسلمين في بلاد الحرمين مصرون على استرجاع حقوقهم مهما كلف الثمن. وبناءاً عليه أمامكم طريقان:
أولاً: أن تردوا الأمانات إلى أهلها بطريقه سلمية، وتتركوا أهل البلاد وشأنهم في اختيار حاكم مسلماً يحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: أن ترفضوا إرجاع الحقوق إلى أهلها، وتواصلوا بغيكم على الناس، وسلب حقوقهم، وتُسَخِّرون بعض أبناء الشعب بما تدفعونه لهم من مال الأمة العام ليضربوا ويقتلوا إخوانهم وأبناء عمومتهم الذين كفروا بولايتكم, ولكن ينبغي أن تعلموا أن الأمر شَبَّ عن الطوق، وأن الشعوب عندما تتحرك للمطالبة بحقوقها لا يمكن أن توقفها الأجهزة الأمنية, وينبغي أن لا يغيب عن أعينكم مصير شاه إيران رغم شهرة وقوة وخبرة أجهزته الأمنية (السافاك). وكذلك مصير تشاوشسكو في رومانيا ذلك الحال المفزع الذي آل إليه هو وأسرته بما فعله بهم العوام, فردوا الأمانات إلى أهلها خيراً لكم.
وأنتم تعلمون أننا في تنظيم القاعدة لا ننافسكم على حطام الدنيا، ولكن ساءنا ارتكابكم نواقض الدين ومنها: الحكم بغير ما أنزل الله، وتولي الكافرين.
ثم إني أوجه خطابي لأهل الحل والعقد من العلماء الصادقين والزعماء المطاعين والأعيان والوجهاء والتجار بأن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، فإن الأمور تسير بسرعة غير عادية نحو الانفجار، فابذلوا ما في وسعكم لسحب فتيل الأزمة, مع العلم أن المجاهدين في بلاد الحرمين لم يبدأوا القتال بعد ضد النظام, ولو بدأوا فعلاً لكان في رأس القائمة التخلص من أَئِمَّةَ الكفر المحلي حكام الرياض، ولكن الذي يجري ما هو إلا امتداد للقتال مع التحالف الصليبي الأمريكي الذي يقاتلنا في كل مكان ونقاتله في كل مكان كذلك، بما في ذلك بلاد الحرمين ونحن نسعى لإخراجهم منها بإذن الله.
فيا أهل الحل والعقد اتقوا الله في أنفسكم وفي أمتكم، وليهاجر الذين يستطيعون فيتحرروا من القيود الوهمية ومما يفرضه النظام من ضغوط نفسية ليتسنى لكم القيام بواجبكم بتوجيه الأمة, وترتيب الأولويات المهمة, فإنَّ تأخركم يزيد الأمور تعقيداً، والمشاكل عمقاً وتشعباً، ويفتح الباب للشباب ليجتهدوا دونكم باتخاذ قرار البدء بالقيام المسلح على الحاكم إذا بدا لهم أنهم قد أعدوا ما يلزم لذلك وغلب على ظنهم أن ما أعدوه كافياً لخلع الحاكم المرتد, مع العلم أن الواجب أن تتحد جهود الصادقين للقيام بهذا الأمر العظيم، ولكن إن تثاقل بعضهم فإن واجب القيام على الحاكم لا يسقط. وقد نصحتُ مراراً من قبل ولكن لم تُعط الأمور حقها، فقوموا بواجبكم وسارعوا في استدراك الموقف, ولقد كان الاقتتال قاب قوسين أو أدنى قبل عقود بين حكام الرياض اليوم وأخيهم الملك سعود، فتم التوسط بينهم وإقناع الملك سعود بالتنازل عن الملك، وبذلك تم حل الخلاف، وهذا هو الدور المطلوب منكم اليوم أن تقنعوا هؤلاء البغاة الذين وثبوا على رقاب الناس بأن يردوا الأمانات إلى أهلها، فإن الناس لم يطلبوا باطلاً، فهذا حقهم وقد قيل: ”درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج“.
ثم إني أتوجه إلى الله تعالى بالدعاء فأقول:
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم ألَّف بين قلوب المسلمين واجمع شملهم ووحد صفهم, وارحم ضعفهم واجبر كسرهم.
اللهم ابرم لأمتنا أمر رشد، يُعز فيه أهل طاعتك ويُذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
اللهم اشرح صدور شبابنا وفتياتنا للالتزام بدينك وارزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم ثبت أقدامنا يوم تزل الأقدام. اللهم ثبتنا وثبت المجاهدين في كل مكان, ولا سيما في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان وأفغانستان وبلاد الحرمين.
اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم ومُدَّهم بمدد من عندك، وانصرهم على عدوك وعدوهم فإنه لا ناصر لنا ولهم إلا أنت يا قوي يا عزيز.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
وصلِّ اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 2012-01-15, 02:39 PM
ابو عبد الرحمن الدوسي ابو عبد الرحمن الدوسي غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-04-19
المشاركات: 315
افتراضي رد: نصيحة واجبة لقادة القاعدة

[align=center]
قال أسامة بن لادن في مقابلته مع قناة الجزيرة بشأن التفجيرات التي وقعت في الرياض: (شرف عظيم فاتنا أن لم نكن قد ساهمنا في قتل الأمريكان في الرياض)
‎‎ وقال أيضا: ( فأنا أنظر بإجلال كبير واحترام إلى هؤلاء الرجال العظام على أنهم رفعوا الهوان عن جبين أمتنا سواء الذين فجروا في الرياض أو تفجيرات الخبر أو تفجيرات شرق إفريقيا وما شابه ذلك )


الشيخ صالح الفوزان

أسامة بن لادن من الخوارج

نص السؤال

وهذا أيضا يقول : لا يخفى على سماحتكم ما لأسامة بن لادن من تحريض للشباب في العالم ، وأيضا الإفساد في الأرض ، والسؤال : هل يسوغ لنا أن نصفه بأنه من الخوارج ، لا سيما وأنه مؤيد للتفجيرات في بلادنا وغيرها ؟

نص الجواب

كل من إعتنق هذا الفكر فهو من الخوارج
كل من إعتنق هذا الفكر ودعا إليه وحرٌض عليه فهو من الخوارج بقطع النظر عن اسمه وعن مكانه

فهذه قاعدة أن كل من دعا الى هذا الفكر وهو الخروج على ولاة الأمور وتكفير المسلمين واستباحة دماء المسلمين فهو من الخوارج


الشيخ صالح الفوزان وصف أسامة بن لادن بأنه من الخوارج



التحذير من رءوس الخوارج

نص السؤال

هذا سائل فضيلة الشيخ يقول : لماذا لا تصدر فتاوى من هيئة كبار العلماء تحذر من رءوس الخوارج مثل ابن لادن والظواهري والفقيه حتى لا يغتر بهم كثير من الناس وخاصة الشباب ؟



نص الجواب

ظاهر من هيئة كبار العلماء عدة قرارات فى التنديد بهذه الأعمال وأصحابها
عدة قرارات ظهرت وفى ظمنها التنديد بمن يدبرونها ومن يخططون لها يدخلون فى هذا ما فى شك

الكلام في المشعري والفقيه وأسامة بن لادن

نص السؤال:

أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة، هذا سائل يقول: أرجو قراءة السؤال على فضيلة الشيخ كما كتبته وإلا فالله ما جُعِلتم في حل وأنا خصيمك بين يدي الله عز وجل. يقول السائل: هل المسعري والفقيه وأسامة بن لادن يسمون ممن فارق الجماعة؟ وما رأيكم بمن يقول أن الشيخ ابن باز لم يتكلم في أسامة بن لادن والفتوى المنسوبة إلى الشيخ مكذوبة عليه، ويُحْتج كثيرًا بهذه المقولة؟


نص الجواب:

أما الفقيه وأسامة بن لادن والمسعري، أنتم تحكمون عليهم من أفعالهم وأقوالهم، تحكمون عليهم من أفعالهم وأقوالهم و..، لا تكذبوا عليهم؛ ولكن احكموا عليهم بما ظهر منهم من التصرفات.

وأما أن الفتوى مكذوبة على الشيخ؛ فهذا هو الكذب؛ الكاذب هو الذي يقول أنها مكذوبة، ليست مكذوبة؛ ونحن سمعناها من الشيخ، سمعناها من الشيخ –رحمه الله-، وكتبت في فتاواه، وقُرِأت عليه وهو حي، وقرأت الفتاوى بعد وفاته على المشايخ وأقروها، الذي يقول هي مكذوبة هو الكاذب. نعم.

الشيخ صالح الفوزان الكلام في المشعري والفقيه وأسامة بن لادن



القائمون بالتفجيرات في بلاد الحرمين

نص السؤال

فضيلة الشيخ وفقكم الله ، هل الذين قاموا بالتفجير في هذه البلاد يعدون
من البغاة أو الخوارج ؟


نص الجواب

أشد من الخوارج الخوارج ما فعلو مثل هلفعل فهم خوارج وزيادة زادو عليهم
الخوارج ما يدخلون على أهل البيوت وينسفونه عليهم ويقتلون الاطفال ومن وجدو مايفعلون هذا الخوارج
ما يفعل هذا إلا القرامطة
هذا أشبه بفعل القرامطة




موقف الدين من القائمين بالتفجيرات في البلاد الإسلامية

نص السؤال

أحسن الله إليكم يقول: هل يقال لمن قاموا بالتفجيرات في هذه البلاد أنهم من الخوارج؟

نص الجواب:

على كل حال هذا إفساد فى الإ رض هذا إفساد فى الإرض وإهلاك للحرث والنسل وإعتداء على الدماء البريئة وترويع للمسلمين فهو من أشد افعال الخوارج
الخوارج ما فعلو مثل هذا
الخوارج يبرزون فى المعارك ويقاتلون أما هؤلاء يغدرون يجون للناس وهم نايمين و آمنين وينسفون المنازل بما فيها هذا فعل الخوارج ؟ لا
هذا أشبه شي بفعل القرامطة
أشبه شى بفعل القرامطة
أما الخوارج فهم يتنزهون عن هذا الغدر و هذه الخيانة
ما فعل هذا الخوارج
نعم

التفجيرات والمظاهرات والعمليات الانتحارية

نص السؤال

يقول السائل: ما قول سماحتكم فيمن يؤيد التفجيرات والمظاهرات
والعمليات الانتحارية وجزاكم الله خيرا ؟


نص الجواب

هذا من الموضوع الذى تحدثنا عنه الذى يؤيد التفجيرات وإضرار المسلمين والتخريب هذا من المنافقين
هذا من المنافقين والعياذ بالله الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر فلما سنحة الفرصة له صار مع الاشرار ويؤيدهم




دفاع بعض الناس عن الفئة الضالة

نص السؤال

هذا يقول : بعض الناس يدافع عن هذه الفئة الضالة ويقول بجانب ما حصل منهم من هذه
الأعمال أن لهم حسنات يجب أن تذكر ؟


نص الجواب

ماهى الحسنات ؟ تهديم البيوت وتقتيل وترويع وإتلاف الاموال وقتل المسلمين والمعاهدين هذه
حسناتهم ؟ مالهم حسنات ظاهرة
أما فيما بينهم وبين الله فنحن لا نعلم الغيب لكن ظاهرهم أن مالهم حسنات ظاهرة والذى يدافع عنهم
هذا يكون مثلهم ترى حكمه حكمهم وان كان انه ما خرج معهم ولا فجر معهم إذا كان يرى أنهم على
حق فانه مثلهم عند الله ومثلهم فى الحكم فليحذر المسلم من هذا انه يكون منهم وهو لا يدر ى لانه
يدافع عنهم أو يبرر لهم أو يعتذر لهم


الشيخ صالح الفوزان دفاع بعض الناس عن الفئة الضالة

القائمون بالتفجيرات في بلاد المسلمين وقتلهم الشرطة

نص السؤال

الذين يفجرون في بلاد المسلمين ويقتلون الشرطة هل هم منافقون ، وإذا
كانوا منافقين فهل نفاقهم أكبر أم أصغر ؟


نص الجواب

هؤلاء خوارج هؤلاء خوارج خرجوا عن طاعة ولى الامر وجمعوا مع الخروج عن طاعة ولى
الامر قتل المسلم
(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما )
هؤلاء خرجوا على ولى الامر وفارقو جماعة المسلمين وقتلوا الابرياء قتلوا المؤنيين
والعياذو بالله جمعوا شرا الى شر





لتحميل واستماع لكل الاجوبة Mp3

[/align]
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot   ربح المال من الانترنت 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd