أنصار السنة  
جديد المواضيع





للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids > K- 2542911 >
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > قسم إحياء السنة النبوية > السير والتاريخ وتراجم الأعلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #41  
قديم 2015-01-27, 10:48 PM
الهذلي الهذلي غير متواجد حالياً
عضو نشيط بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-07-14
المشاركات: 197
افتراضي

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 2015-02-26, 08:24 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

طاعون عمواس

الدكتورعثمان قدري مكانسي


روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه خرج إلى الشام عام ثمان عشرة للهجرة، يريد الاطلاع على أحوال أهلها، وعمل أمرائها، حتى إذا كان بمنطقة تدعى "سرغا" لقي أمراء الأجناد، وسرغُ هذه تقع قرب تبوك – وعلى رأسهم أبو عبيدة بن الجراح، فأخبروه أن الطاعون وقع في الشام وكثر الموت في أهلها، وأنه قد مات ممن دخلها من الجزيرة العربية فقط خمسة وعشرون ألفاً، فنرى أن تعود فلا تدخلها، فقال عمر لعبد الله بن عباس: ادعُ لي المهاجرين الأولين من صلوا إلى القبلتين أستشيرهم، فدعاهم وأخبرهم أن وباء الطاعون قد فشا في الشام أفيدخلها؟ فاختلفوا في آرائهم.
فقال بعضهم: قد خرجت لأمر عزمت عليه، ولا نرى أن ترجع عنه.
وقال بعضهم: معك بقية الناس الكرام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نرى أن تقدم بهم على هذا الوباء، فتفنى ويفنون معك.
قال: قد سمعت مقالتكم ونصحكم، وسنسمع رأي غيركم، ونادى عبد الله بن عباس فأمره أن يدعوَ من كان من الأنصار فجاءوه، فاستشارهم في دخوله بلاد الشام، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا في الرأي اختلافهم، فأمرهم بالخروج من خيمته، واستدعى المهاجرين الذين أسلموا وهاجروا إلى المدينة قبل الفتح ممن كانوا معه فاستشارهم، فأشاروا عليه جميعاً أن يعود إلى المدينة، وأن لا يُقدِم بهم على هذا الوباء الذي سيحصدهم.
قال: هذا ما ارتاحت نفسي إليه وعزمت عليه، ونادى مناديه في الناس: إنَّ أمير المؤمنين عزم على العودة إلى المدينة، فجهزوا أنفسكم، اتخذ هذا القرار لأنه رأى أكثر الناس نصحوه بذلك.
لم يكن هذا الأمر ليعجِب أميرَ الجند أبا عبيدة بن الجراح، فقال معاتباً خليفة المسلمين: أفراراً من قدر الله يا أمير المؤمنين؟!
قال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! فما ينبغي لي أن أخالف غالبية الناس وآراءهم، وكنت أود أن تكون منهم، فهو الرأي الأرجح والقرار الأصوب، نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، ووضَّح له الأمر فضرب له مثلاً فقال: أرأيت يا أبا عبيدة لو كان لك إبل فهبطت وادياً له جانبان: الأول خصب المرعى كثيره، والثاني ليس فيه إلا القليل من الكلأ، أليس إن رعَتِ المرعى الخصيب رعته بقدر الله، وإن رعت المكان الجديب رعته بقدر الله؟
هكذا كان اجتهاد أمير المؤمنين، وقد أيّده الله سبحانه وتعالى بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وقد كان متغيِّبا في بعض حاجته، فلما علم ما كانوا فيه يخوضون، قال: إن عندي من هذا علماً، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إذا سمعتم به – أي بالطاعون – بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه )، فحمد اللهَ تعالى عُمرُ لما وفقه إليه وانصرف قافلاً.

رياض الصالحين/باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها بلاء

يتبع
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 2015-03-01, 02:40 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(من علائم الساعة)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


يقول أبو هريرة رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوماً بين أصحابه، يعلمهم ويربيهم، ويهديهم إلى طريق الرشاد، وقد يسأل أحدُنا: أهكذا كانت مجالس النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع أصحابه؟
فالجواب: إن مهمة الأنبياء الأخذُ بيد الناس إلى جادة الرشاد، وسبل الاستقامة، فمجالسهم مجالس علم، وأدب، وأخلاق. فيها ما يرضي الله تعالى، فيباهي بهم ملائكته.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثهم هذه المرة عن علائم الساعة فقال:
( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم؛ هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ).

قلت في نفسي: يا سبحان الله، كل كلام سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم صدق وعدل، وليس لنا إلا الإيمانُ به والتصديق به، ولا أقصد الإيمانَ والتصديق التقليديين، بل المبصرَيْن، المفكرَين.
قال مجاهد: كيف ذلك؟

قلت: تصوّر أنك قبل تسعين سنة، أو في بداية القرن العشرين تسمع هذا الحديث ثم تقول لنفسك: أين اليهود؟ وكيف نقاتلهم؟ وأين هم حتى نقاتلهم؟ إنهم شذاذ آفاق، وجبناء، لا يثبتون أمام أحد ،فكيف يكون لهم جيش يتحدون به المسلمين؟!!

ثم تقرأ حديثاً للرسول الكريم يوضح الصورة، إذ يقول عليه الصلاة والسلام:
( تقاتلونهم أنتم شرقي النهر وهم غربيّه ).
والنهر نهر الأردن هل يكونُ وجودنا في شرق الأردن فقط؟ وتكون فلسطين كلها لليهود؟ إنها لمصيبة لجلل، ما بعدها مصيبة. اللهم صدَقَ رسولك الكريم، فأغثنا يارب.

ونعود إلى السؤال نفسه الذي طرحته على نفسك فتقول – وأنت في بداية القرن العشرين -: هذه الأردن وفلسطين تبع للدولة العثمانية، واليهود سيملكون فلسطين، فهناك أسئلة كثيرة تستدعي الإجابة، منها:

1- أهذا يعني أن شذاذ الآفاق سيهاجرون إليها هجرات منظمة فيكونون الأغلبية فيها؟
2- أهذا يعني أن الدولة الإسلامية ستنتحسر وتتقوقع أو تتلاشى ليخلو لهؤلاء الأنجاس أن يدخلوا فلسطين بسهولة ويسر؟
3- أيعني هذا أن المسلمين في فلسطين لن يجدوا عوناً ولا نصيراً، فيُذبحون ويُطردون من بلادهم ليتشتتوا في بلاد الله الواسعة؟
4- إن اليهود معروفون بجبنهم ونذالتهم، ولكنهم سيقدمون إلى فلسطين، فهل هذا يعني أنهم سيكونون في قابل الأيام في مركز القوة والسيطرة على عقول الناس ومصادر رزقهم، فيسخّرون النصارى لفرض ما يريدون؟.. وتعود إلى القرآن الكريم لتقرأ:
{ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4)}(الإسراء)
فهل هذا هو العلو الكبير؟
5- أيعني هذا أن المنطقة ستخلو من حاكم مسلم غيور وجيش مسلم عقدي يقلم أظفار اليهود ومن والاهم، أو يدحرهم، أو يلقي بهم إلى حيث جاءوا؟

إن كثيراً من الأسئلة لتنصب عليك انصباباً، تحاورك، وتداورك، وتبحث عن جواب، بل أجوبة مقنعة، كل ذلك في إطار واحد لا تحيد عنه، هو الإيمان بما يخبرنا به النبي الصادقُ الصدوق.

وترى نفسك في منتصف القرن العشرين، واليهودُ لهم دولة ناشئة، تقوى ويصلب عودها، والمسلمون شرّدوا من بلادهم فلسطين، فهم يعيشون في الشتات، والفقر والحاجة، أمّا في نهاية هذا القرن فانظرْ إلى البلاد العربية ضعيفة ممزقة، مهيضة الجناح ليس لها من أمرها شيء ،يحكمها دمىً صنعت على أيدي العدو، ينفذون ما يريده السيد اليهودي الذي يشمخ كلما رأى منهم ذلّاً، ويعربد كلما رأى فيهم خزياً وهواناً، يأمر فيسارعون إلى تنفيذ أوامره، ويصرخ فيرتعدون أمام جبروته، يسعَون إلى مرضاته بكل سبيل، فاقتصاد الأمة هزيل متداعٍ، والحريات مخنوقة، والرأي محجور عليه، والدعاة إلى الله مضيَّق عليهم، وكل ذلك يرضيه، فيزدادون إيذاءً للحركات الإسلامية، فيرمونها بالإرهاب حيناً، والتطرف حيناً آخر، ويطاردونهم، فلا يكاد المسلم يجدُ مكاناً يُؤويه.

قال مجاهد: فكيف تعود الأمور إلى نصابها وينتصر المسلمون على اليهود؟
قلت: انتبه يا مجاهد لقد قلت في الجملة الأخيرة: وينتصر المسلمون على اليهود.
قال: ما الغرابة في ذلك؟ ألسنا مسلمين؟
قلت: بلى، ولكننا مسلمون لا نفقه إسلامنا ولا نعمل به.
قال: أفلا نصلي؟ أفلا نزكي؟ ألا نحج؟ ألا نصوم؟ ألا نقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله؟
قلت: نفعل كل هذا، لكننا نكذب ونغش، ونحكم بغير ما أنزل الله، ونتعامل بالربا، ووسائلُ إعلامنا تنشر السمَّ في المجتمعات، وتكرِّس الفساد وتَشْغل الناس عن الاهتمام بدينهم وعقيدتهم، فأين هؤلاء المسلمون الذين ينتصرون على اليهود فيقاتلونهم عن عقيدة وإيمان؟
قال: صدقت والله، لا نصر إلا بالعودة إلى الله تعالى.
قلت: بل قل: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما نراه الآن بشائرُ لانتصارانا على اليهود، فقوتهم وصلت إلى مدى كبير، إلى أعلى ما تكون، وهذا إيذان بالانحدار، كما أن الإسلام هذا المارد العملاق – وهو فطرة الله التي فطر الناس عليها – يتحرك ليكون الهادي الحقيقي لأتباعه إلى درب العزة والكرامة، وحين يقاتل المسلمون تحت راية دينهم، ترى اليهودي يهرب ويتوارى فزعا خائفا وراء أي شيء يجده، ولكن حين ينصر الله المسلمين، يسخِّر لهم كل شيء؛ فينطق الحجر قائلاً بلغة عربية فصيحة: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، فتعالَ واقتله وأرحني من رجسه ونَتَنِه، وينطق الشجر بلغة عربية فصيحة: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، فتعال واقتله وأرحني من خبثه، والأرض كلها تستنجد من هذا المجرم القذر، لقد عاث فيها فساداً وخَنى، ولا يطهِّرها إلا المسلم الطاهر، لكنَّ هناك شجراً قصيراً ذا أشواك يسمى شجرَ الغرقد، إنه شجر يهودي بطبعه، يلائم اليهودي، يتستَّر عليه، واليهود يعرفون ذلك، فهم يزرعونه في كل مكان، ولكن الحذر لا ينجي من القدر، والنهاية المحتومة قادمة، والنصر لأولياء الله.

ومن علائم الساعة أيضاً ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من أن نهر الفرات – هذا البحر من الماء العذب الذي ينبع من تركيا فيمر في الشمال الشرقي من سوريا ليدخل العراق ويمتزج مع أخيه دجلة فيؤلفان شط العرب، ثم يصبان في الخليج، يكاد ينحسر عن ذهب، وقُيلْ عن جبل من ذهب، فيسمع الناس به فيقصدونه من كل حدَب وصوب ليأخذوا هذا الذهب.

ولكن ما سبب انحساره؟
لم يذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولعل السدود التي أقامها الأتراك حوله جعل ما يصل من مائه إلى سوريا قليلاً، ولعل مجرى مائه سيتغير إلى مكان آخر فيظهر هذا الجبل الذهبي، ولعله يغيض ماؤه فترة من الفترات لأمر يريده الله سبحانه وتعالى، لكنَّ العبرة من ذلك أن الناس حين يتسامعون بهذه الكنوز الذهبية التي يسيل لها اللعاب ينطلقون إليها، كل واحد منهم يرجو أن تكون من نصيبه، فيلتقي هناك خلق كثير، ويقتتل الناس على هذا الذهب، ولا ينجو من كل مئة رجل إلا رجلٌ واحد، أما التسعة والتسعون فيُقتلون، ولطمعهم يُمَنِّي كلُّ واحد منهم نفسه أن يكون الناجي، ويأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم – إذا حدث هذا في زماننا – أن نبتعد عنه، ونتحاشاه، فلماذا؟

الأمر بسيط لأرباب العقول، فإن الطمع يزين لأصحابه أن يحوزوا على كل شيء دون الآخرين، فيستحلّوا لهذا كل حرام، فتكون مقتلة عظيمة يشارك فيها القتيل والمقتول، فلا يصل إلى هذا الذهب إنسان حتى يقتل عدداً من الناس وفيهم المسلمون، فهو إلى النار، وقد يُقتل أوّلاً، أو يعِدُ أن يقتل عدداً منهم فهو إلى النار أيضاً، فإذا لم يتوجه إليه وامتثل النهي سلِم، وسلم منه غيره، إنها لفتنة عظيمة لا ينجو منها إلا التقي، نسأل الله الهداية.

رياض الصالحين/كتاب المنثورات والملح

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 2015-04-18, 09:11 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

( القائد البطل )

الدكتور عثمان قدري مكانسي


لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في الثامن من رمضان عام ثمانٍ للهجرة سمعت هوازن بهذا الفتح العظيم، فقال مالك بن عوف النصري لقبائلها: هذا محمدٌ فتح مكة، ولا يمنعه أحد من غزونا، فلنغزُهُ قبل أن يغزوَنا، فأجابوه إلى ما يريد، وانطلقوا نحو مكة إلا قبيلتي كعب وكلاب.
وكان الشاعر الفارس دريد بن الصمّة من قبيلة جشم، وهو إذ ذاك شيخ كبير لا يمكنه القتال، لكنه خرج معهم للاستئناس برأيه، والتَّيمن بمعرفته الحرب، فلما وصلوا بجمعهم إلى (أوطاس) على ليلة من مكة قال دريد: بأي أرض أنتم؟
قالوا: بأوطاس، قال: نِعْمَ مجالُ الخيل، مكان واسع ممتد ليس فيه صخور تعيق الحركة، ولا أملس ناعماً يزعج الخيل، ولكنني أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، ويعار الشاء، وبكاء الصغير
قالوا: ساق مالكٌ مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم،
قال: يا مالك ما الذي حَمَلَكَ على هذا؟
قال: سقتهم مع الناس ليقاتل كل إنسان عن حريمه، وماله.
قال دريد متهكماً: راعي ضأن والله (أي لا يفهم إلا في الرعي، أما قيادة الجيش فليس من أهلها) هل يردُّ المنهزمَ شيءٌ؟ إن المعركة إن كانت لك لم ينفعك فيها إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فرّ المقاتلون وسبى محمدٌ نساءك وأخذ أموالك، فكان العار ملازماً لك، يا مالكُ أعدْ من معك إلى بلادهم، ثم القَ المسلمين على متون الخيل، فإن انتصرت لحق بك النساء والأولاد والمال، وإن هُزمت فقد احتفظت بأهلك ومالك.
قال مالكٌ: رجلٌ كبير خَرّفَ، والله لا أستمع إليه.
قال دريد: أين قبيلتا كعب وكلاب.
قالوا له: لم تلحقا بنا ورغبتا عن الحرب.
قال دريد: لقد أحسنتا صنعاً، فلم تسلما قيادهما لغرٍّ جاهل ليس له في الحروب دراية. وددت يا بني جُشَم أن تفعلوا فعلتهما.
فلما خاف مالك بن عوف انفضاض الناس عنه والعملَ بما قاله دريد أمسك بسيفه وقال: والله لتطيعُنَّني يا معشر هوازن أو لأتكئنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري.
قال دريد: هذا يوم لم أشهده – لم أحارب فيه – وما فاتني، فأنا موجود غير محارب.
قال مالك: إذا رأيتم القوم – المسلمين – فاكسروا أغماد سيوفكم وشدّوا عليهم شدة رجل واحد.
وأرسل عيونه يرصدون النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه فعادوا وقد تفرقت أوصالهم خوفاً.
قالوا: إنا رأينا رجالاً بيضاً على خيل بيض، فوالله ما تماسكنا أنْ خفنا – ولعلهم رأوا الملائكة على هذه الهيئة – فلم يحفل مالكٌ بما قالوا.
ولما بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خبرُهم، أجمع المسير إليهم، واستعار من صفوانَ بن أمية مئة درع وسلاح، ثم سار إلى المشركين بعشَرة آلافٍ هم جيشه، وألفين ممن أسلموا بعد الفتح، فكان العدد اثني عشر ألفاً.
قال أحد المسلمين: لن نغلب اليوم من قلةٍ، وهذا يدل على ضعف الإيمان، فالنصرُ من عند الله، وليس بسبب الكثرة: فكم من فئة مؤمنة قليلة العدد انتصرت على جيش أكبر منها بكثير.

فلما قال الناس مثل ما قال: أراد الله تعالى أن يعلمهم كيف يتَّكلون عليه، لا على أنفسهم، فخسروا المعركة في أولها ليعودوا إلى الله ويتوكلوا عليه فينصرهم، وذلك قوله تعالى: { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) }.
وانحدر المسلمون في وادي حنين في عماية الصبح، وكانت هوازن قد سبقتهم إلى الوادي فكمَنت في شِعابه ومضايقه، فلما صار المسلمون بينهم، شدوا عليهم شدة رجل واحد، وفوجئ المسلمون فهربوا، لا يلوي أحد على أحد، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الشجاع الذي لا يعرف الخوفُ إليه سبيلاً فقد انحاز إلى يمينه، ثم قال: (( أيها الناس! هلموا إليَّ أنا رسول الله )) (قالها ثلاثاً) فما سمعه سوى نفر من المسلمين، منهم أبو بكر وعمرُ وعليٌّ والعباسُ وأبو سفيان.
وكان العباس آخذا بلجام بغلة النبي صلى الله عليه وسلم (دُلْدُل)، وكان جسيماً شديدَ الصوت فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
(( يا عباس نادِ الأنصارَ أصحاب السَّمُرة )) (أيْ أصحاب بيعة الرضوان، وكانت عند هذه الشجرة)،
فنادى بأعلى صوته: أين أصحاب السَّمُرة؟ قالوا: لبيك لبيك، فوالله إن سُرعة إجابتهم حين سمعوا صوته عطفةُ البقر على أولادها، وسَرعان ما اجتمع حوله مئة رجل فاستقبل بهم القوم وقاتلهم، فلما رأى شدة القتال قال:
أنا النبيّ، لا كذبْ ... أنا ابن عبد المطّلبْ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبغلته دلدل: ((البَدي دلدل))، فوضعت بطنها على الأرض، فتناول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حُصَيّاتٍ صغاراً فرمى بهنَّ في وجوه الكفار – ثم قال - : ((انهزموا وربّ الكعبة))، ما أعظم الثقة بالله، والركون إليه.
قال العباس: فوصل التراب إلى عيني كل كافر – إنها معجزة ربانية – { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى }، ولم يلبث الكفار أن تهاوَوا أسارى ضِعافاً، والمسلمون يقيّدونهم ويغنمون أموالهم وذراريهم ونساءَهم.

رياض الصالحين / كتاب المنثورات والملح

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-15 الساعة 02:43 PM
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 2015-04-19, 11:37 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه وأرضاه)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


حدثت عائشةُ رضي الله عنها، زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبويّ إلا وهما مسلمان، ولم يمرَّ علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفَيِ النهار، بُكرة وعشية، فلما ازداد أذى المشركين استأذن أبو بكر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى الحبشة، فأذن له، فخرج، فلقيه في سفره ابنُ الدَّغِنّة، وهو سيد قبيلة القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟
قال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض، وأعبد ربي.
قال ابن الدَّغِنة: مثلك لا يخرج يا أبا بكر، إنك تُكسب المعدوم، وتصل الرحمَ، وتحمل الكلَّ، وتَقري الضيفَ، وتعينُ على نوائب الحق، وهذه صفات رجل عظيم، يجب على قومه أن يكرموه لها ويُعظموه، قال أبو بكر: ولكن قومي لم يفعلوا ذلك إنما أساءوا وأهانوا.
قال ابن الدغنة: فأنا لك جارٌ، ارجع واعبد ربّك ببلدك.
فرجع الصدِّيق، وابن الدغنة له جارٌ، وعلمت قريش بذلك فلم تتعرض للصدِّيق، وقالت لابن الدغنة: مُرْه أن يعبد ربّه في داره، فليصلِّ فيها، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلِنْ به، فإنا نخشى أن يَفتن نساءنا وأبناءنا.
وهكذا يفعل أعداء المسلمين، يحسبون الإسلام صلاة وقراءة للقرآن ليس غير، ويرفضون أن يبلّغ الداعية دين ربّه فإن فعل ساموه سوء العذاب، سَجناً، وتعذيباً وإرجافاً.

ولبث أبو بكر زمناً يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا له أن هذا الأمر قتلٌ ووأد لدينه، فابتنى مسجداً بفِناء داره، يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيجذبُ بذلك نساء المشركين وأبناءهم وهم يعجبون منه، وينظرون إليه، وكان الصدِّيق رجلاً بكّاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك وجهاءَ قريش وأشرافَها، وعدّوا ذلك خرقاً للاتفاق، فأرسوا إلى ابن الدغنّة أن لا صبر لهم على ذلك، فإما أن يعود أبو بكر إلى بيته يقرأ فيه ويصلّي فلا يراه أحد، وإلا ضربوا بجوار ابن الدغنة عرض الحائط، فخاف هذا أن تضيع هيبته فجاء إلى الصديق يعرض عليه ذلك، أو يعيدُ إليه جواره وذمّته، فما كان من أبي بكر إلا أن ردّ جواره شاكراً وقال: أرضى جوار ربي تبارك وتعالى وجوارَ رسوله صلى الله عليه وسلم .
وفي هذه الأثناء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، وتجهّز الصديق يريد الهجرة إليها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّمَ :
((على رٍسْلِك يا أبا بكر، فإني أرجو أن يؤذن لي بالهجرة كذلك))،
فرح الصدِّيق بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته، وجهّز راحلتين كانتا له، واعتنى بهما انتظاراً ليوم الهجرة الموعود، ومرّت أربعة شهور.

قالت عائشة: فبينما نحن جلوسٌ في البيت في حرّ الظهيرة قال قائل للصدّيق: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلّمَ متقنِّعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال الصدّيق: مرحباً بأبي هو وأمي، واللهِ ما جاء به في هذه الساعة إلا أمرٌ عظيم. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مستأذناً فقال:
((يا أبا بكر أخرج مَنْ عندك فلي معك حديث))،
قال الصديق: إنما هم أهلك يا رسول الله، فقل ما بدا لك.
قال صلى الله عليه وسلّمَ : ((قد أُذِن لي في الخروج)).
قال الصدِّيق: الصحبةَ يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وسلّم : ((نعم يا أبا بكر)).
قال الصدِّيق : هاتان الراحلتان جهزتهما لهذا الأمر، خذ إحداهما بأبي أنت وأمي.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((آخذ بالثمن))،
قال الصدِّيق: لك هذا إن شئت.
قالت عائشة: فجهزناهما أفضل الجهاز، ووضعنا لهما طعام السفر في جراب، فقطعت أسماءُ بنت أبي بكر قطعة من نطاقها، فربطت به على فم ذلك الجراب، فبذلك سُميت ذاتَ النطاقين.

ولحق الرسول الكريم وصاحبه بغارٍ في جبل ثور ثلاث ليال، يبيت عندهما عبدُ الله بن أبي بكر – وهو غلام حذق فهِم – فيدلج من عندهما بسَحر، فيصبح في مكة لا يراه أحد، فكأنه بات فيها لا يعلم شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أبيه، فلا يسمع أمراً من مشركي مكة فيه كيد لهما إلا وعاه حتى يأتيهما بخبره حين يختلط الظلام. ويرعى عامر بن فهيرة على آثاره فيطمسها، ويسقيهما اللبن.
واستأجر الرسولُ صلى الله عليه وسلم والصدِّيقُ رضي الله عنه رجلاً من بني الدَّيْل، ماهراً في معرفة الطرق، فتركا راحلتيهما عنده قبل أن يذهبا إلى غار ثور، وعلى الرغم أنه كان كافراً إنّهُ كان شريفاً يحفظ العهد والذمّة، فأتاهما بعد ثلاث ليال براحلتيهما فسار بهما ناحية الساحل، وابنُ فُهَيرة يطمس على آثارهما بغنمه.

وكان سراقة قد سمع أنَّ أهل مكة قد جعلوا في مقتل الرجلين أو أسْرِهما مالاً كثيراً، فهو يتمنّى لو رآهما، فكان المالُ من نصيبه، فبينا هو جالس في نفر من قبيلته جُعشم جاء رجل يقول: إني قد رأيت قبلَ قليل أشخاصاً لم أتبيّنْهم بالساحل أظنهم محمداً وأصحابه.
قال سراقة: فعرفت أنهم هم، ولم أكن أحبُّ أن يشرِكني أحدٌ بالجائزة، فقلت مخذّلاً: إنهم بعض من يبحث عن ضالة، فلا تُشغِل بالك فيهم، ثم لبثتُ ساعةً في المجلس تعْمِيةً، ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت جاريتي أن تدخل بفرسي وراء التلِّ كي لا يراني أحد أركبها، وأخذتُ رمحي، ولحقتُ بها من خلف الدار، ثم ركبت فرسي وأسرعت وراءهم حتى دنوتُ منهم، فتعثّرتْ بي فرسي، فخرَرْت عنها، فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلامَ، فاستقسمت بها أأضرُّهم أم لا، فخرجت تقول لا تفعل، فعصيتُها، وكنا في الجاهلية نصدَّقها، فإذا خالفتْ ما نريد تَبِعنا أهواءنا، وركبت فرسي وتبعتُهم، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن ولا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، فساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررتُ عنها، ثم زجرتها، فنهضَتْ فلم تكد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لِأثَر يديها مثلُ الدخان لا نار فيه، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، وركبت فرسي حتى جئتهم، فتيقنت حين نظرت إلى الرسول صلى الله عنه وسلم أنَّ الله مانعُه وأنّه سيظهر على قومه، فقلت: إن قومك قد جعلوا فيك الديّة، وقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلّم خبر القوم، وعرضْتُ عليهم الزاد والمتاع، فلم يقبلاها إلا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((اخفِ عنا وخذّل)).
فسألته أن يكتب لي كتابَ أمْنٍ فدفع الرسول الكريم إلى عامر بن فهيرة فكتب له رقعة من جلد، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ووصل إلى أهل المدينة من المسلمين واليهود خبر هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، فكانوا يخرجون كل غداة إلى الحَرّة ينتظرونه حتى يردَّهم حرّ!ُ الظهيرة.
فلما آوَوْا إلى بيوتهم أوفى رجلٌ من يهود على تل من تلالهم لأمرٍ ينظر إليه فبصُر بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى بأعلى صوته: يا معشر العرب هذا حظكم الذي تنتظرونه، فهب المسلمون يستقبلونه حتى وصل إلى مشارف المدينة، فعدل إلى منازل عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام الصدِّيق يردُّ تحية المستقبلين، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتاً، وأقبل من الأنصار من لا يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم يحيون الصديق، حتى أصابت الشمسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم،فأظله الصديق فعرف الناس إذ ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبقي هناك بضعَ عشْرةَ يوماً، وأسس المسجد الذي بُني على التقوى الذي ذكره الله تعالى في قرآنه الكريم: { لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ }.

ثم ركب رسول الله ناقته وسار معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكانت الأرض لغلامين من الأنصار اشتراهما منهما، وبدأ والمسلمون بناء مسجده عليه الصلاة والسلام، فكان يقول وهم يحملون اللِّبَن:
هذا الحِمال لا حِمال خيبرْ هذا أبرُّ – ربَّنا – وأطهر
ويقول:
اللهم إن الأجرُ أجرُ الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة
وبدأ بناء الدولة الإسلامية.

البخاري، المجلد الثاني، الجزء الرابع، ص254 / باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-15 الساعة 02:45 PM
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 2015-04-21, 06:03 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(شيخٌ مخرّفٌ)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


ما أجمل هذين البيتين وأصدق قائلهما ولعله الإمام الشافعي رضي الله عنه :
مرض الحبيب فزرته * فمرضت من حزني عليه
جاء الحبيب يعودني * فشفيت من نظري إليه

وكثير من الصحابة رضوان الله عليهم يمرضون، فيعودهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويدعو لهم، فيشفيهم الله تعالى ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم ، ولكنّ بعض الناس – إذ يمرضون – تضيق أخلاقُهم، وتسفُه أحلامهم، فيتفوهون بما لا يجوز، ويتكلمون بما يضرّهم.

فمثال الأول سعد بن عبادة، جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم يعوده وكان مغمىً عليه، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم ، ووضع يده الشريفة على رأسه ،فكأن المرض زال عنه، وسرّ سعد لرؤيته النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولدعائه له بالشفاء.

ومثال الثاني رجلٌ يدخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فلما جلس إليه دعا له فقال: (( لا بأس طهورٌ إن شاء الله ))، دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهدى لهذا الشيخ العجوز، فتفتَّح له أبواب السماء لتصعد إلى المولى تعالى، فتنزل بالقبول والشفاء، فما أعظم أن يدعو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فيلبي الله الكريم دعاءَه.
وشاء سوء حظ هذا الشيخ أن يأبى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالشفاء: تقول طهور؟ (والمقصود بهذه الكلمة أن الله تعالى يطهره إن صبَرَ على المرض وألمه من الذنوب والآثام) قالها مستنكراً، ثم أردف قائلاً: بل هي حُمّى تفورُ أو تثور، على شيخ كبير، تُزيره القبور!! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((نعم)).
إنه يستحق ذلك، رفض الدعاء بالشفاء لقلّة صبره، وادعى أن هذه الحمى لن تتركه، بل إنها تزداد وتزداد حتى تقطع أنفاسه وتورده الموت.
فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم : ((نعم))، دعاءً. كانت السماء مفتوحة الأبواب، فارتدت الدعوة الأولى- هذا ما كان- وارتفعت الدعوة الثانية، فجاءت كلمة المليك في السماء موافقة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم،
ماتَ الشيخ... ماتَ داعياً على نفسه بتأمين الرسول عليها وأمْرِ الله بها.

فليدعُ الإنسان بما ينفعُه وإخوانه ولا يضرُّ نفسه ولا يضرُّ إخوانه.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص181

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-15 الساعة 02:48 PM
رد مع اقتباس
  #47  
قديم 2015-04-23, 08:23 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(إسلام عبد الله بن سلام أحد أحبار اليهود)

الدكتور عثمان قدري مكانسي

لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان عبد الله بن سلام يقطف بعض ثمار نخيله، فلما سمع بقدومه انطلق إلى دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله فسلم عليه وأعلن إسلامه، وقال: يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله، وأنك جئت بحق وقد علمَتْ يهودُ أني سيِّدُهم وابن سيدِهم، وأعلَمُهم، وابن أعلمِهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ ونعتوني بأقبح النعوت.

فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهود فأقبلوا فدخلوا عليه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا معشر اليهود، ويلَكُم اتقوا الله، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً، إني جئتكم بحق، فأسلموا)).
قالوا: ما نعلم أنك رسول الله.
كررها عليهم ثلاثَ مرات، فكان ردّهم هو هو، لا يعلمون أنه رسول الله!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((فما مكانة عبد الله بن سلام فيكم؟)).
قالوا: سيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا، وأعلمُنا وابن أعلمِنا.
قال: ((أفرأيتم إن أسلم ما أنتم قائلون؟)).
قالوا: حاشا لله، ما كان ليسلم.
قال: ((أفرأيتم إن إسلم؟)).
قالوا: حاشا لله ما كان له أن يسلم.
قال للمرة الثالثة: ((أفرأيتم إن أسلم؟)).
قالوا للمرة الثالثة: حاشا لله، ما كان له أن يسلم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((يا ابن سلام، اخرج عليهم)).
فخرج عبد الله بن سلام فقال: يا معشر يهود اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ،وأنه جاء بحق.
قالوا له مصرين على كذبهم، كذبت، أنت أجهلُنا وابن أجهلِنا، كذّاب.
فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم مفترون، كاذبون، وأن الإيمان لن تُخالط بشاشتُه القلوبَ المظلمة التي يحملونها في صدور قاسية.
فقال لهم: ((اخرجوا))
فخرجوا ملعونين مطرودين من رحمة الله.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص160

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-16 الساعة 12:41 PM
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 2015-04-24, 11:17 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(المتنبئ الكذاب)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
قدِم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يقول لأصحابه: إنْ جعل لي محمدٌ الأمر من بعده، وسلمني قياد دينه تبعته، وإلا فلا، قال هذا وكان معه من قبيلته خلق كثير يقولون ما قاله.
فلما وصل مسيلمة المدينة أقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة من جريد (والجريد ورق النخل وغصنه)، حتى وقف على مسيلمة في قومه، فصوّب إليه نظره وقال: ((يا مسيلمة)).
قال: نعم.
قال: (( لو سألتني هذه القطعةَ ما أعطيتكها، ولئن كتبَ الله لك الشقاءِ لتشقيَنَّ، ولا عاصم لك من أمر الله، ولئن أدبرْتَ عن دينه، وسلكتَ غير سبيل المؤمنين فلن تُعجزه ،واللهُ غالب على أمره، ولقد أراني الله عز وجل متقلبكَ وعاقبةَ أمرك، فالحذرَ الحذرَ، ولن يُنجي حذرٌ من قدر )).
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( بينما أنا نائم رأيت في يديَّ سوارين من ذهب – والذهب حرام على ذكور المسلمين – فنفختُهما، فطارا، فأوّلتُهما كذابين يخرجان بعدي، فكان أحدُهما العنسيَّ والآخرُ مسيلمةَ الكذاب صاحب اليمامة )).
وقاد خالد ابن الوليد سيف الله المسلول جيش المسلمين في قتال مسيلمة الكذاب فقُتِل الكذابُ في حديقة الموت وأراح الله المسلمين منه.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص182

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-16 الساعة 12:43 PM
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 2015-04-26, 07:26 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(النصراني المرتد)

الدكتور عثمان قدري مكانسي

روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أسلم رجلٌ نصرانيٌ، وقرأ سورتي البقرة وآل عمران، وحفظهما، وكان كاتباً، فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم في رسائله، ولكنَّ سوء حظه جعله يرتد نصرانياً ليسيء إلى الإسلام ونبيه، فكان يدّعي أنّه كتب ما يريد من آيات، وترك ما يريد من آيات، ومحمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي وصفه الله تعالى بحرصه على حفظ آيات الله:
{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) }(القيامة).
يقرأ – حسب ما يزعم هذا الخبيث – من الآيات ما بدّله وحرّفه هذا المرتد..!

وأمات الله تعالى هذا النصراني المرتد، فإلى جهنم مآله، أما في الدنيا فحين دفنوه وعادوا إلى دورهم أصبحوا، فإذا به فوق الأرض، لفظته فلم تقبله، وكيف تقبل كذاباً أفاكاً؟
فماذا قال أهله وأصحابه؟
قالوا: هذا فِعلُ محمد وأصحابه، غاظهم حين ترك دينهم، وهرب منهم، فنبشوا عن صاحبنا وألقـَوه على ظهر الأرض.
فحفر له أهله حفرة عميقة ودفنوه فيها، فلما أصبحوا رأوه فوق الأرض، فقد لفظته كرهاً له، وغضباً منه، فقالوا للمرة الثانية: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لمّا ترك دينهم وهرب منهم، فهم ينتقمون منه، فحفر له أهله وأصحابه حفرة أعمق من الثانية، أعمق ما استطاعوا ودفنوه فيها، فلما أصبحوا رأوا جثته فوق الأرض .. للمرة الثالثة ترفضه الأرض، فعلموا أنَّ ما يرونه ليس فعلَ بشر، إنما هو أمرٌ من رب الأرض وربِّ البشر، فتركوه ولم يدفنوه، فتفسخ ،وزكمت رائحته الأنوف، كما زكم كذبه وإفكُه نفوسَ المؤمنين.

كلامُ سيّدي الرسول * حقٌ لأرباب العقول
عدلٌ جميعُ ما أتى * صِدْقٌ جميع ما يقول (1)

(1) الديوان الثاني للمؤلف "وميض قلب" ص24

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-16 الساعة 12:45 PM
رد مع اقتباس
  #50  
قديم 2015-05-04, 12:30 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(اتركوا لي صاحبي)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى أبو الدرداء رضي الله عنه قال:
كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر يشتدُّ، آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو قادم إليه فقال: إن صاحبكم أبا بكر قادمٌ إليكم من خصومة، فلما وصل الصدّيق سلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا، فلما استوى جالساً التفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء من ملاسنة، ولعلّي تسرعت معه، ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي تسرعي معه، فأبى أن يغفر لي، فأقبلت إليك.

ما أعظم هذا الصديق الكريم، إن الإنسان ليجتهد في أمر، فإذا ما بدا له خطؤه عاد عنه إلى الصواب، وهذا يدل على معدنه الأصيل ونفسه الطيبة، فما بالك بالصدِّيق أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه الذي تربى في مدرسة المصطفى وكان أحدَ المربين الأفاضل في هذه المدرسة العظيمة.

قال صلى الله عليه وسلم مهدئاً رُوعه: ( يغفر الله لك يا أبا بكر )، ثلاث مرات.. رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر للصدِّيق! وثلاث مرات.. إذاً فلا تثريب عليه أغفر ابن الخطاب له أم لم يغفر.

ثم إن عمر بن الخطاب حين هدأت ثائرته، قال: ويحي! يستميحني الصدَّيقُ ويرجو أن أقيل عثرته فأعرِضُ عنه؟!! والله لأذهبن إليه فأستغفره أنا.
سبحان الله.. ما أعظم الأخوَّة في الله! وما أجمل التحاببَ فيه، إنّه نبعُ الصفاء، يا للأخوّة في الله.. اللهم إني أحبّ من يحبونك وأبغض من يبغضونك، وانطلق الفاروق إلى دار أبي بكر فسأل عنه فلم يجده، فقال: هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذهب إليه، فسلّم وجلس، ولم ينبس ببنت شفة.

لم يكن يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد أن يُغضب الصديق، فلما رأى عمر قادماً، وعمر قد أغضب الصدِّيق، تغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أشفق أبو بكر على عمر من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فجثا على ركبتيه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، والله أنا كنت أظلم (مرتين قالها) راجياً عفو رسول الله عن عمر.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله بعثني إليكم، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ ).

اللهم ارض عن الصدّيق والفاروق وأكرمهما ، واغفر لي بحبهما واحشرني معهما في زمرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، واهدِ قومي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ،فإنهم لا يعلمون.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص192

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-16 الساعة 12:46 PM
رد مع اقتباس
  #51  
قديم 2015-05-05, 10:12 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(نهاية طاغية)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


أمية بن خلف أحد طغاة الكفار في مكة، وقف يحارب الدعوة بعنف وشراسة، ويعذب المؤمنين بها، وما فعله بمؤذن الرسول الكريم بلال بن رباح من منعه عن الطعام، ورميه على الرمال الحارقة في الهجير إلى أن اشتراه الصدَّيق دليلٌ على عداوته للإسلام ونبيه وأتباعه.
أمية هذا كان صاحباً لسيّد الأوس سعد بن معاذ رضي الله عنه في الجاهلية، ينزل عليه إذا مر بالمدينة ذاهباً إلى الشام وقافلاً منها.
فلما انتقلت الدعوة الشريفة إلى المدينة دخل سعدٌ فيها مؤمناً بها، مدافعاً عنها، ولكن هذا لم يمنع التواصل بين الرجلين.

انطلق سعد بن معاذ بعدما أسلم – قبل معركة بدر – إلى مكة معتمراً، فنزل على أمية بن خلف فبات عنده، وحين أصبح الصباح خاف أمية على سعد أن يصيبه مكروه إذا اعتمر فطاف بالكعبة فرآه الناس، فقال له: انتظر يا سعد حتى إذا انتصف النهار، وغفل الناس، انطلقتَ فطفتَ دون أن يلحظك أحد، قال سعد: كما ترى يا أمية.

وحين اشتدت الحرارة ولاذ الناس ببيوتهم، انطلق سعد يطوف بالكعبة معتمراً، وحدث ما كان أمية يتخوف منه. فهذا أبو جهل الذي يسكن قريباً (وبيته الآن أماكن لقضاء الحاجة، بنتها إدارة الحرم المكي وهو يستحق ذلك!!) لعله كان عائداً إلى بيته فرأى سعداً فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة؟
فقال سعد: أنا سعد بن معاذ.
وهنا اكفهر وجه أبي جهل غضباً فقال: تطوف بالكعبة آمناً وقد آويتم محمداً وأصحابه.
قال سعد: نعم آويناهم حين ضيقتم عليهم وشددتم عليهم الخناق، فاشتد خصامهما وعلت أصواتهما.
فقال أمية وقد احتد من ضيفه ونسي الصحبة وفضلَ سعد عليه: لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي.
قال سعد متناسياً خذلان أمية له وموجهاً كلامه لأبي جهل: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن طريق تجارتك إلى الشام.
فبدأ أمية يصرخ في وجه سعد ويمسكه ويقول مكرراً دون أن يرعى حسن الضيافة: لا ترفع صوتك على أبي الحكم، لا ترفع صوتك عليه.
عند ذلك احتد سعد هذه المرة على أمية، لا على أبي جهل وقال: دعنا منك – يا أمية – فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إنه قاتلك )).
قال أمية: أتخاطبني أنا؟ أأنا الذي يزعم محمد أنه يقتلني؟
قال سعد: نعم أنت يا أمية، أنت الذي يقتلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال أمية متلوياً وكأنه لديغ: ما يكذب محمد إذا حدَّث، وانكمش في نفسه.

ثم انطلق سعد إلى مدينة الإسلام، فما يطيب المقام إلا هناك في أكناف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيعتمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- إن شاء الله -وتحت رايته.
ورجع أمية حزيناً كاسف البال يقول لامرأته: أما تعلمين ما قال أخي اليثربي؟
قالت: وما قال؟
قال: زعم أنه سمع محمداً يقول: إنه قاتلي، فوالله ما يكذب محمد.
فلما خرج المشركون إلى بدر للقتال استصرخ أبو جهل أمية، فكره هذا أن يكون معهم، فقال له أبو جهل: يا أبا صفوان إنك حين يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل أبو جهل يشجعه حتى قال: أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعيرٍ بمكة، ثم قال لامرأته: يا أم صفوان، جهِّزيني.
فقالت له: يا أبا صفوان أنسيت ما قاله لك أخوك اليثربي؟
قال: لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريباً يوماً أو يومين ثم أعود.
لكن الله تعالى أراد له الموت في بدر حتى قتله الله فيها.

والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد أُبيَّ بن خلف أخا أمية، فالتبس ذلك على سعد، فحقق الله تعالى ما قال سعد في أميّة – كرامةً له - إذ قُتل أميةُ في بدر ، وقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيّ بن خلف بيده الشريفة يوم أحُدٍ فكانت معجزة له حققها الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم .

البخاري مجلد 2 الجزء 4 ص 185
الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزء الثاني ص82

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-17 الساعة 11:58 AM
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 2015-05-06, 04:46 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(العُمَران)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: شَخَص بصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: الرفيق الأعلى (ثلاثاً) ثم مات عليه الصلاة والسلام.
أما الصدِّيق فكان بالسّنح في العلية وكان بيتُه هناك في أعالي المدينة، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليبعثنه الله، فليقطعنَّ أيدي المنافقين وأرجلهم.
وجاء الصدّيق إلى بيت عائشة وفيه جثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسّجى، فسأله الناس: أرسول الله حي أم ميت؟!
فلم يجب، يريد أن يتأكد بنفسه، فلما دخل كشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبّل وجهه الشريف، فلما علم أنه مات حقاً قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، طِبتَ حيّاً وميتاَ، والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً.
ثم خرج، فقال لعمر: أيها الحالف، على رِسلك، فسكت عمر ثم جلس، فتكلم أبو بكر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت.
قال الله تعالى مخاطباً نبيّه الكريم : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)}(الزمر)
وقال سبحانه : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (144)}(آل عمران).
وهنا علم الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التحق بالرفيق الأعلى فبدأوا ينشجون.
وبكت السيدة فاطمة أباها سيّد الآباء فقالت:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * وغاب – مذْ غبت – عنا الوحي والكتب
فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما نُعيتَ وحالت دونك الكثبُ
قالت السيدة عائشة:
فما كان من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها.
1- لقد خوَّفَ عمرُ الناس، وإن فيهم لنفاقاً، فردّهم الله بذلك.
2- ثم لقد بصَّرَ أبو بكر الناسَ الهدى، وعرّفهم الحق الذي عليهم.
ثم بويع الصديق خليفة في سقيفة بني ساعدة بيعة الخاصة، وفي اليوم التالي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العامة.

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص 194

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-18 الساعة 12:04 PM
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 2015-05-08, 11:11 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(إني أحبك أيها الفاروق)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


1- روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده نسوة من قريش يكلمنه، عالية أصواتُهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن بالحجاب – وقفن خلف الحجاب – فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.
فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله – يدعو له -.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك بادرن بالحجاب).
فقال عمر: أنت أحق أن يهبْنَ يا رسول الله.
ثم قال: يا عدوات أنفسهن؛ أتهبنني ولا تهبْنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إيهاً يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك).

2- روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول:
لما قُتل عمر بن الخطاب، وضع على سريره فالتفّ حوله الناس يدعون ويصلون عليه قبل أن يرفع فيدفن، وأنا فيهم، فلم يرُعني إلا رجل أخذ منكبي، فنظرت فإذا عليٌّ فترحم على عمر فقال:
ما خلفت أحداً أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايمُ الله أني لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كثيراً كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(ذهبت أنا وأبو بكر وعمر)
(ودخلت أنا وأبو بكر وعمر)
(وخرجت أنا وأبو بكر وعمر).

3- روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:
بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:
( بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لعمر، فذكرت غيرَتَه، فوليّتُ مدبراً
فبكى عمر وقال: أعليك أغارُ يا رسول الله؟!

4- وروى حمزة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(بينما أنا نائم شربت اللبن حتى أنظر إلى الريّ في أظفاري، ثم ناولت عمر).
قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟
قال: (العلم).

أقول وقلبي يخفق سعادة بما اقرأ عن أمير المؤمنين عمر ، وبما شرُفتُ بكتابته عنه :
( إني أحبك أيها الفاروق ، وأرجو ربي أن يحشرني معك تحتَ ظل عرش الرحمن في زمرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.)

البخاري مجلد 2 جزء 4 ص197-199

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-17 الساعة 12:00 PM
رد مع اقتباس
  #54  
قديم 2015-05-08, 07:04 PM
غرباء ولكن سعداء غرباء ولكن سعداء غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2014-10-13
المكان: المغرب
المشاركات: 145
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
قال تعالى ({وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} . [الحشر/7]
__________
__________________

عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه :

خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر

قال ابن تيمية (في منهاج السنة ج1 ص308) :
قد تواتر عنه أنه كان يقول على منبر الكوفة: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، رُوي هذا عنه من أكثر من ثمانين وجهاً ورواه البخاري وغيره .اهـ.
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 2015-05-13, 11:33 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(عملية فدائية/"مقتل كعب بن الأشرف")

الدكتور عثمان قدري مكانسي



روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
في السنة الثالثة للهجرة كان كعب بن الأشرف قد أساء إلى المسلمين، وكثُر في نسائهم تشبيبُه، وذهب إلى مكة يحرض المشركين على الثأر لقتلاهم في بدر وبكى عليهم، وحرّض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد إلى المدينة وكانت أمه من بني النضير واليهود ينسبون إلى أمهاتهم، أما أبوه فكان من بني نبهان من طيّء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَن لكعب بن الأشرف هذا الذي اتخذ المسلمين غرضاً يرمى، ولم يرعَ حرمة الجوار فاستعدى علينا كفار قريش؟ أين الفدائيون الذين يقتنصونه من حصنه فيكون عبرة لمن يعتبر؟ إن من آذى الله ورسوله دمه مهدور ).
قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟
قال: نعم يا محمد بن مسلمة، ولك الأجر من الله تعالى.
قال محمد بن مسلمة: سمعاً وطاعةً يا رسول الله، ولكن ائذن لي يا رسول الله أن أنال منك أمامه حتى يطمئن لي ولإخواني.
قال الرسول الكريم الله صلى الله عليه وسلم :
( قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك، إن مصلحة الدعوة، والوصول إلى الهدف، والتخلّصَ منه وإراحة المسلمين من شره تبيح ذلك على أن تكون قلوبكم عامرة بحب الله ودينه ورسوله ).
قال ابن مسلمة: والله لا يتجاوز ذلك ألسنتنا فالله ورسوله أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( سيروا على بركة الله ).
وانطلق محمد بن مسلمة في ثلاثة من المسلمين الأشداء فيهم أبو نائلة أخو كعب من الرضاعة، ولكن أخوَّةَ الإسلام أقوى من كل أخوة، فالعقيدة أساس كل محبة وأساس كل أخوّة، والتاريخ الإسلامي فيه صور كثيرة تدل على أن الاختلاف في العقيدة يقطع كل صلة إلا صلة الأرحام، وتبقى العقيدة لب العلاقة بين الناس، فهذا عمر يقتل خاله هشام بن العاص، وأبو عبيدة يقتل أباه الذي حرص على قتله، ومصعب بن عمير يعلن على ملأٍ من المسلمين أن أخوّة الإسلام أقوى من أخوة النسب حين يقول لأخيه أبي عزيز – صاحب لواء المشركين يوم بدر – وقد أسره احد المسلمين : ( وصِّهِ بي يا أخي ) فرد مصعب رضي الله عنه موجهاً حديثه للمسلم : اشدد عليه فإن له أماً غنية تفديه. فقال أبو عزيز : أهذه وصاتك بي يا أخي؟!
فقال المسلم الرائع الذي يرى أخوة الإيمان هي الأخوّةُ الحقيقية وما عداها ساقط
(صه ؛ فإنه أخي مِن دونك).
انطلق محمد بن مسلمة وإخوانه إلى كعب في حصنه فقالوا له:
إن هذا الرجل – يعني رسول الله عليه وسلم -: قد أجهدنا في الصدقات، وعنّانا، فضاقت علينا السبل حتى ضاعت العيال وجهدت البهائم، وإنا قد جئناك نستلفك طعاماً، نرهنك ونوثق لك.
قال كعب: والله لتملّنَّه وتكرهُنّه.
قال مسلمة: إنا قد تبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى نعلم إلى أي شيء يصير شأنه، ولا بدّ لاتخاذ قرار العودة عنه من سبب قوي يعذرنا الناس فيه.
قال كعب: أقبل رهانكم أن يكون نساءَكم.
قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟! لا، غير هذا فاطلب.
قال كعب: فارهنوني أبناءكم إذاً.
قالوا: كيف نرهنك أبناءنا، فيُسبُّ أحدهم فيقال: رُهِن بقليل من الطعام، هذا عارُ علينا، لا نقبل به، ولكننا نرهنك دروعنا وسيوفنا، وأرادوا أنهم إذا جاءوا بأسلحتهم لا ينكر عليهم حملها ولا يخاف منهم.
وانطلق هؤلاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه بما كان،فدعا لهم وشيَّعهم إلى بقيع الغرقد.
ووصلوا إليه ليلاً ودَعوه لينزل من حصنه، فوثب إليهم مرّحباً، فقالت له امرأته: أين تخرج من هذه الساعة؟
قال: إنما هو محمد بن سلمة وأخي أبو نائلة.
قالت: أفي مثل هذه الليلة وأنا وأنت عروسان وأنا أخاف عليك؟
قال: إن الكريم لو دُعي إلى طعنة بليل لأجاب.
وكان مسلمة قال لأصحابه شأشمّه أولاً، فإذا شممته ثانية فاضربوه بالسيف، وحين وصل إليهم قال له محمد بن سلمة:
ما هذا العطر الطيب يا كعب؟! وشم رأسه مبدياً إعجابه، فقال له: هذا أطيبُ عطر، ثم قال متباهياً فخوراً؛ وتزوجت أعطرَ نساء العرب وأكملَهُنَّ.
قال محمد بن سلمة: هنيئاً لك يا كعب.
ثم ساروا يتحدثون ساعة ثم مال عليه محمد وقال: هات رأسك أشمّ العطر ثانية، فلما استمكن منه قال: دونكم فاقتلوه، فكانت نهايته، وصرخ صرخة سمعها مَن في الحصن ولم يجرؤ أحد على استجلاء الخبر، وانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم نزف إليه الخبر.
وخاف اليهود حين سمعوا بمقتله على أنفسهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه
فوثب أحد المسلمين واسمه مُحَيِّصة بنُ مسعود على ابن سِنِّينة اليهودي فقتله -وهو تاجر كان يبايعهم- فقال له أخوه حُوَيِّصة: كيف تقتله وهو من نستفيد من ماله وتجارته؟( أتقتلُه وشحم بطنك من خيره)؟! وأغلظ له في الكلام وكان مشركاً،
فقال مُحَيِّصة: لقد أمرني بقتله مَن لو أمرني بقتلك ما ترددت.
فقال حويصة: إن ديناً أصحابُه بهذا الإخلاص لدين عَجَبٌ، ثم أسلم.

البخاري الجزء الخامس كتاب المغازي ص25

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-17 الساعة 12:01 PM
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 2015-05-18, 09:40 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(عملية فدائية أخرى/"مقتل أبي رافع اليهودي")

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
كان الحيّان من الأنصار، يتباريان في نصرة الدين، فلما سمع الخزرج أن محمد بن مَسْلمة وإخوانَه من الأوس قتلوا كعبَ بن الأشرف قالوا: والله لا يسبقونا، واستأّذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبي رافع اليهودي فأذن لهم، ودفعوا له فتياناً لهذه المهمة فأمّر عليهم عبدَ الله بن عتيك.

وكان أبو رافع هذا صديقاً لكعب بن الأشرف، له مثله جولاتٌ في إيذاء المسلمين والتحريض عليهم، وينال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان في حصن له بأرض الحجاز، فلما دنا الفدائيون منه وقد غربت الشمس، وراح الناس بسَرْحهم، قال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني متلطِّفٌ للبوّاب لعلي أن أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب، وتقنّع حتى لا يراه فيعرف أنّه غريب، وجلس قريباً من الباب كأنه يقضي حاجته، فلما دخل الناس، هتف به البوّاب متعجلاً؛ يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل، فادخل سريعاً، فإني أريد أن أغلق الباب، فدلف مسرعاً وكمن في زاوية لا يراه فيها أحد.

فلما استكمل الناس دخولهم، أغلق البوّابُ الباب وقفله، وعلَّق المفاتيح على وتد في الجدار وانطلق إلى داره، فقام عبد الله بن عتيك ففتح الباب متحَسِّباً لما قد يجري، فلعله إن انكشف أمره استطاع الهرب.
وكان أبو رافع وجيهاً سَرِيّاً، يسهر عنده قومه في مضافة عالية في داره، فانتظر عبد الله حتى انفض السامرون، فصعِد إليه، كلما فتح باباً أغلقه عليه من الداخل، فقد يُحِسّ به أبو رافع فينادي مستصرخاً يطلب النجدة، فيرى منجدوه الأبواب مغلقة فلا يصلون إليه إلا وهو قتيل، هكذا فكّر عبد الله، وكان تفكيره سليماً.

قال عبد الله: فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم بين عياله، لا أدري أين هو، فقلت: أبا رافع، فرد قائلاً: من هذا؟! فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربة بالسيف دون أن أصيبه، فصرخ مستغيثاً، فخرجت من البيت لحظات، ثم عدت إليه فقلت – وكأني أحد سكان الحصن: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: ثكلتك أمك، إن رجلاً في البيت ضربني قبل قليل بالسيف، فحدد عبد الله المكان جيداً وضربه ضربة صائبة جرحته ولم تقتله، ثم وضع ذباب السيف في بطنه حتى خرج من ظهره، فهدأت حركته.
قال عبد الله: وعلمت أني قتلته، فجعلت أفتح الأبواب باباً باباً حتى انتهيت إلى درجة لم أرَها، فوضعتُ رجلي وأنا أظن أني قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت، فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامتي، ثم انطلقت حتى جلست على الباب، فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته أم لا –
سبحان الله! ما أعظم هذا الفدائي! يتحمَّل ألم رجله ويصبر عليه ليتأكد من إتمام مهمته!! هكذا يكون الرجال –
فلما صاح الديك وانكشفت الدنيا قام الناعي على السور فقال: أنعي أبا رافع تاجرَ أهل الحجاز، فانطلقتُ إلى أصحابي، فقلت: النجاءَ النجاءَ، فقد قتل الله أبا رافع،ولم يقل قتَلتُه فالله من قتل {..فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ...(17)}(الأنفال) فقد رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم تربية .
قال عبد الله بن عتيك: وانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته بما جرى فقال:
( ابسط رجلك )، فبسطتها فمسح عليها، فكأنني لم أشتكها قط.

ما اروع الأستاذ والتلميذ ّ هكذا ينبغي أن نكون آباء وأبناء، ومعلمين وطُلاّباً ، وقادة وجنوداً ..

البخاري جزء 5 كتاب المغازي ص 26

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-18 الساعة 12:05 PM
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 2015-05-27, 07:11 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(إليك يحن الجذع يا رسول الله)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


حين بُني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه جذع شجرة نخيل، يقف إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسكه بيده الشريفة وهو يخطب في المسلمين،ويتكئ عليه، كان هذا حتى جاءت السنة السابعة للهجرة، فقال أصحابه يوماً: نصنع لك يا رسول الله منبراً له ثلاث درجات، فترتفع عليه، فنراك وترانا، قال: فاصنعوا ما بدا لكم، وهكذا فعلوا، فلما جَهُزَ المنبر، وقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، سمع المسلمون صوتاً، تلفتوا حولهم، من هذا الذي يبكي؟ من يئن؟ من أين هذا الصوت المتقطع، تكاد نفس صاحبه تخرج من صدره؟ صمت الناس، يبحثون عن مصدر هذا الصوت، ويا للعجب إنه يصدر من جذع النخلة، كان المسجد يغَصُّ بالمصلين، فوصف كثير منهم هذا الصوت.
قال أحدهم: سمعنا للجذع صوتاً كصوت الناقة التي انتهت في حملها إلى عشرة أشهر، فهي تصدر أنين الحمل أو الوضع.
وقال الثاني: اضطربت تلك السارية كحنين الناقة الخلوج التي انتزع ولدها.
وقال الثالث: حنَّت الخشبة حنين الوالد فارقه ولده.
وقال الرابع: خار ذلك الجذع كخوار الثور حتى انصدع وانشق.
وقال الخامس: صاحت صياح الصبي فارق أمّه.
يا الله، خشبة تبكي على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحن إليه؟! فالمسلمون أحق أن يشتاقوا إليه صلى الله عليه. .
كان الجذع في أقصى حالات السعادة حين يلمسه الرسول صلى الله عليه وسلم، فيشعر بالأمن، والأمان، ويسمع منه القرآن الكريم، والذكر الحكيم، أما الآن فهو يشعر أنه فقد ذلك، فحق له أن يبكي.
فماذا فعل النبي الرحيم، ذو الخلق العظيم، والأستاذ الذي علم البشرية كيف يتصرَّفون، وماذا يفعلون؟
نزل النبي صلى الله عليه وسلم وسار إلى جذع النخلة فضمَّه إليه يسكنه ويهدئه، كما تفعل الأم بوليدها، فجعل الجذع يئن أنين الصبي بين يدي أمه والطفلِ في أحضانها، حتى هدأ وسكن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة
ثم قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للجذع على مسمع من الناس: ( اختر واحداً من اثنين ).
الأول: ( أن أغرسك في المكان الذي أنت فيه فتكون كما كنت نخلة مثمرة وارفة الظلال ).
الثاني: ( أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها فيحسن نبتك، وتثمر، فيأكل منك أولياء الله تعالى ).
فقال للنبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اختار أن أغرس في الجنة يا رسول الله
فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فدُفِن.

رياض الصالحين/باب المنثورات والملح

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-18 الساعة 12:10 PM
رد مع اقتباس
  #58  
قديم 2015-05-30, 10:19 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(هرقل الروم)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام:
1- فبعث إلى كسرى: عبد الله بن حذافة فمزق الكتاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مزق الله ملكه )، فسلط الله عليه ابنه شيرويه فقتله.

2- وبعث إلى النجاشي كتابه فسلمه إليه جعفر بن ابي طالب وكان جعفر إذ ذاك في الحبشة وكان حامل الكتاب: عمرو بن أمية الضمري، فأسلم النجاشي رضي الله عنه.

3- وبعث إلى المنذر بن ساوى والي البحرين: العلاءَ بن الحضرمي يدعوه إلى الإسلام، أو الجزية فأسلم المنذر والعربُ كلهم – وكانت البحرين تابعة للفرس – وصالح اليهودُ والنصارى والمجوسُ ودفعوا الجزية.

4- وبعث إلى هوذة بن علي: سليطَ بن عمرو يدعوه إلى الإسلام وكان هوذة نصرانياً، فأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفداً فيهم مجّاعة بن مرارة والرجّال بن عنفوة يقول له: إن جعل له من الأمر من بعده أسلم وسار إليه ونصره، وإلا قصد حربه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ولا كرامة، اللهم اكفنيه )، فمات بعد قليل.

5- وبعث إلى الحارث بن أبي شمَّر الغساني: شجاع بن وهب، فلما قرأ كتابه عليهم قال: من ينزع مني ملكي؟! أنا سائر إليه، فلما بلغ قولُه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادَ ملكه ).

6- وبعث إلى المقوقس بمصر: حاطب بن أبي بلتعة، فقبَّل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأهدى إليه جواريَ منهن مارية أمُّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكانت رسائله عام ثمانٍ للهجرة.

أما رسالته إلى هرقل ملك الروم فقد حملها دِحية الكلبي ،فلما وصلته قبَّلها وجعلها على صدره، وكتب إلى رئيس أساقفته في القسطنطينية يخبره شأنه: فكتب إليه هذا: إنه النبي الذي كنا ننتظره لا شك فيه، فاتّبعه وصدِّقهُ، فجمع هرقل بطارقة الروم في صومعة له في حمص، وغلَّق أبوابها ثم طلع عليهم من عِليّةٍ خائفاً على نفسه منهم، وقال لهم: قد أتاني كتاب هذا الرجل "محمد" يدعوني إلى دينه، وإنه والله النبي الذي نجده في كتابنا، فهلم فلنتبعه ونصدقه، فتسلمَ لنا دنيانا وآخرتنا ونفوز بهما معاً.
فنخروا نخرة رجل واحد استقباحاً لما قاله، ثم ابتدروا الأبواب ليخرجوا فيثوروا ويؤلبوا العامّة والجيشَ عليه فقال: ردّوهم عليّ فردّوهم، فقال لهم: إنما قلت لكم ما قلت لأنظر كيف صلابتكم في دينكم؟ وقد رأيت منكم ما سرَّني، فسجدوا تعظيماً له.
ثم إن هرقل قال لدحية: إني لأعلم أن صاحبك نبيّ مرسل، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى الأسقف الأعظم في القسطنطينية واذكر له أمر صاحبك، وانظر ما يقول لك، فجاء دحية وأخبره بما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال له: والله إن صاحبك نبيٌّ مرسل، نعرفه بصفته ونجده في كتابنا، ثم أخذ عصاه وتوجه إلى البطارقة والقساوسة فقال: يا معشر الروم، قد جاءنا كتاب من أحمد، يدعونا إلى الله، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فوثبوا عليه فقتلوه رحمه الله.
فرجع دِحية إلى هرقل وأخبره بالخبر قال: قد قلت إننا نخافهم على أنفسنا.
ولو أن هرقل ترك الملك وآمن، وفعل كما فعل غيره مما قصَصْتُ عن مَلِك من ملوك بني إسرائيل في كتابي- قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم - لكان من سعداء الآخرة، ولكنه آثر الدنيا العاجلة على الآخرة الآجلة

قال قيصر مخاطباً مَلأَه من البطاركة وقادة الجند والوجهاء:
هلمُّوا نعطيه الجزية فأبوا، فقال: نعطيه أرض سوريا الشام، ونصالحُه، فأبوا واستدعى هرقل أبا سفيان، وكان تاجراً إلى الشام في الهدنة (صلح الحديبية) فحضر عنده ومعه جماعة من قريش أجلسهم هرقل خلف ابي سفيانَ، وقال: إني سائله، فإن كذب فكذّبوه، فقال أبو سفيان: لولا أن يؤثر عني الكذب لكذبت.
فسأله عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان: صغّرت من شأنه فلم يأبه لقولي.
قال هرقل: كيف نسبه فيكم؟
قال أبو سفيان: هو أفضلنا نسباً.
قال هرقل: هل كان من أهل بيته من يقول مثل قوله؟
قال أبو سفيان: لا.
قال هرقل: فهل له فيكم مُلْكٌ سلبتموه إياه؟
قال أبو سفيان: لا.
قال هرقل: فمن اتبعه منكم؟
قال أبو سفيان: الضعفاءُ والمساكين، والأحداثُ من الغلمان والنساء.
قال هرقل: فهل يحبه من يتبعه ويلزمه أو يَقليه ويفارقه؟
قال أبو سفيان: ما تبعه رجل ففارقه، فأخلاقه تَسَع الجميع.
قال هرقل: فكيف الحرب بينكم وبينه؟
قال أبو سفيان: الحربُ سجال يوم له ويوم لنا.
قال هرقل: هل يغدِر؟
قال أبو سفيان: لا، ونحن منه هدنة (صلح الحديبية) لا نأمن غدره، وكان أبو سفيان في هذا يريد النيل من النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يأبه هرقل لقوله.
قال هرقل: سألتك عن نسبه، فزعمت أنه من أكرم الناس نسباً، وكذلك الأنبياء.
وسألتك: هل قال أحدٌ من أهل بيته مثلَ قوله فهو يتشبه به قلت: لا.
وسألتك: هل سلبتموه ملكه، فجاء بهذا لتردوا عليه ملكه فقلتَ: لا.
وسألتك: عن أتباعه فزعمت أنهم من الضعفاء والمساكين وكذلك أتباع الرسل.
وسألتك: عمن يتبعه أيحبه أم يفارقه؟ فزعمت أنهم يحبونه، وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلباً فتخرج منه.
وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أنه لا.
ولئن صدقتَني ليغلبَنَّ على ما تحت قدميَّ هاتين ،ولوددت أني عنده فأغسل قدميه. انطلق لشأنك..
فخرج أبو سفيان وهو متعجب مندهشٌ لما سمعه من هرقل، وقال وهو يضرب إحدى يديه بالأخرى: يا أيها الناس، لقد عظُم أمر محمد حتى باتت الملوك تهابه!
إن هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هيبة الله تعالى، ولكن الغافلين عن هذا الغارقين في أوحال الدنيا لا يدركون ذلك.
قال أبو سفيان مثل هذا في فتح مكة للعباس: لقد بلغ مُلكُ ابن أخيك شأواً عظيماً، فردّ ع
ليه العباس رضي الله عنه: إنها النبوَّةُ يا أبا سفيان، أما آن لك أن تعي هذا؟!
وللدعاة هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فهذا سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله يرى من مجلسه العرضَ العسكريَّ الذي سار فيه السلطان أيوب ملك مصر، ورآه في رَكبه منتفخاً، منتفجاً، فاستحضر العزُّ هيبة الله في نفسه ،وسأله العون على سلّ هذه السخيمة من نفس أيوب، فناداه وهو جالسٌ: يا أيوب! لم يناده بلقب الملك والسلطنة.
فما كان من السلطان إلا أن أوقف العرض ونزل عن مركبته ،وسعى إلى العزّ بن عبد السلام، يقول له: ما الذي تريده يا شيخنا الجليل؟
قال العزّ: ما تقول لله تعالى وقد ولّاك على عباده إذا وقفت بين يديه وسألك عن الخمارة في مكان كذا؟
قال السلطان أيوب: إنها بنيت على عهد والدي.
قال العزّ: أأنت من الذين قالوا: { إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } ؟ّ!
قال السلطان أيوب: لا يا مولانا .وأمَرَ لتوه بهدمها، واستأذن الشيخ وعاد إلى موكبه.
قيل لسلطان العلماء العزّ بن عبد السلام: لقد كان مستعظماً في نفسه وهو في موكبه، أما خفت على نفسك من بطشه؟
قال العزّ رحمه الله: استحضرت هيبة الله في نفسي فوجدته كالفأر بين يدي الهِرِّ.

صلى الله على رسوله الكريم، وجزاه خير ما جزى نبياً عن أمته، ورحم الله علماء الأمة العاملين الوقّافين على حدود الله، الذين لا يخافون في الله لومة لائم.

الكامل في التاريخ الجزء الثاني ص 143

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-18 الساعة 12:13 PM
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 2015-06-01, 12:44 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة /د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(هو من أهل النار)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:
شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر، فكان رجل ممّن يدعي الإسلام قاتل قتالاً قلَّ نظيره، ويفتك باليهود فتكاً يريح النفس، فكنت أتعجب لقوته وشجاعته وصبره، فذكرت للرسول صلى الله عليه وسلم تنكيله بالمشركين فقال:
( هو من أهل النار
فتعجبت لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: يا رسول الله انظر ماذا يفعل وكيف يقاتل؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً ما قاله آنفاً:
( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ).
وتعجب رجل من المسلمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفعل ذلك الرجل الذي يحارب بشدة، فقال: لأتبَعَنَّ هذا الرجل ولأريَنّ نهايته.
كثرت الجراح بذلك الرجل فوقع على الأرض لا يستطيع حراكاً، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه ،واتكأ عليه فخرج السيف من بين كتفيه، فانتحر.
فأقبل ذلك الرجل الذي اتبعه إلى النبي مسرعاً، فقال: أشهد أنك رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حق ما تقوله يا رجل، ولكن ما الذي دعاك إلى قولها الآن؟).
قال: يا رسول الله، ذكرتَ آنفاً مشيراً إلى رجل كان شديد القتال: ( من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ) فتعجبت، ثم تبعتُه ليطمئن قلبي يا رسول الله، وكان ما قلتَه يا رسول الله، وحدِّثه بما رأى.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قم يا بلال، وقل بأعلى صوتك: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ).

كثيرٌ من الناس ترى له فعلاً حسناً، بَيْدَ أنه على غير ملة التوحيد ،فله في دنياه ما يناسب فعله، ولا يقبل الله إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.

البخاري جزء 7 ص212

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-18 الساعة 12:14 PM
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 2015-11-15, 03:08 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي سلسلة قصص رواها الصحابة / د. عثمان قدري مكانسي

سلسلة قصص رواها الصحابة رضوان الله عليهم

(كن نبيهاً ذكياً)

الدكتور عثمان قدري مكانسي


روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يشحذ هممنا كما يشحذ المسَنُّ السكين، ويرفع من معنوياتنا ويشجعنا على التفكير واغتنام الفرص.
فبينا نحن جلوس عنده وهو عليه الصلاة والسلام يربينا ويأخذ بأيدينا إلى الطريق القويم قال:
عُرضت عليَّ الأمم – من لدن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة – وكأنها تمشي أمام منصة سيد الأنبياء ذي القدر العلي، والعزم الجليّ .. كل نبي يمشي، ووراءه من اتبعه، فقد تجد نبياً يمشي وحده، إذ جحده قومه، وكذّبوه، فلم يؤمن به أحد، فأخرجوه من بينهم، وقد يقتلونه، ويظنّون أنهم تخلصوا منه، فتحلُّ عليهم نقمة الله وعذابه فيُستأصلون، أو يُرمَون بداهية تجعل حياتهم جحيماً، فمنهم من أرسِل عليه حاصبٌ، ومنهم من أغرق، ومنهم من أرسلت عليهم ريحٌ صرصرٌ عاتية جعلتهم كجذوع النخل المبتورة.. جزاء على كفرهم وقتلهم أنبياءهم الكرام.وقد تجد نبياً لم يؤمن معه سوى الرجلِ أو الرجلين.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أن أمته كثيرة، فحين مرّت أمّةٌ كثيرة العدد ملأت مكان العرض واتسع محيطها ظنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أمة المسلمين، فشعر بالسعادة، فقيل له: هذا موسى وقومه، فظنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليهود أكثر من المسلمين.. وتأثَّر، ولم يطل تأثره عليه الصلاة والسلام بذلك، فقد قال له الملك: انظر إلى الأفق، فينظر عليه الصلاة والسلام، فإذا سواد عظيم ملأ الخافقين، جموع المسلمين الممتدة أمام منصة سيد الأنبياء تتوارد، وأمامها رجال كالشموس تلألؤاً.. مَنْ هؤلاء الوضيئون؟! قال له مرافقه: هؤلاء سبعون ألفاً من أمتك يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.. الله... اللهَ، ما أعظم أن يكون الرجل من بين هؤلاء الرجال العظام.

ونهض رسول الله صلى اله عليه وسلم ، فدخل منزله.. فخاض الناس في صفات هؤلاء النفر الذين يتجاوز الله عنهم ويكتبهم في عليين، لا يحاسبون..
قال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا أوّل مَنْ أسلم، شاركوه السرّاء والضرّاء، وعلى أكتافهم قامت دولة الإسلام؟
وقال بعضهم: فلعلّهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئاً، ورضعوا لبان التوحيد، وشربوا الإيمان وكانوا جنود الرحمن؟
وكثر الحديث في هؤلاء وتعدد التعليل وذهبت الظنون فيهم كلَّ مذهب.
وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم على حالهم التي تركهم عليها، وسمعهم يتداولون الحديث، ويتعاورون التحليل، ويقلبون الأمور، فسألهم قائلاً:
( ما الذي تخوضون فيه؟ ) فأخبروه، فوضح لهم حينئذ صفاتهم ،فهم:
أولاً: لا يطلبون الرُّقْية، ولا يرقُون أحدا (والرقية: تعويذة تكتب فيلبَسها من يطلبها، ليست من الإسلام في شيء إلا أن تكون مما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كأن يقول:
( باسم الله أرقيك، والله يشفيك ) .
ثانيا: لا يتطيرون، ولا يتشاءمون، فالتشاؤم ليس من الإسلام، لأن المسلم حين يكون إيمانه قويا، يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعتقد أن الله لا يصيبه إلا بما كتبه له، والمتشائم متردد، خوَّاف، يضيّع الفرص، ويكون أثره في مجتمعه سلبياً.
ثالثاً: إيمانه القوي بالله، وصلته المتينة به – سبحانه – تجعله يُسلِمُ الأمور إليه، ويتوكل عليه، فلا يخشى في الله أحداً، ومن كانت هذه صفاته أفاد أمته وأرضى ربّه، وكان على نور منه جلّ شأنه.
يا الله! ما أروع أن يكون أحدنا من هؤلاء،
وكان عكّاشة بن مِحصَن بين الحاضرين، فلمعت في ذهنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب النابهين ذوي البديهة السريعة الذين يغتنمون الفرص ويقتنصونها، ولعله يفوز بدعاء منه – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم؟
قال عليه الصلاة والسلام: ( أنت منهم ) ، كافأه على نباهته وسرعة بديهته.
ويسأله آخر أن يكون منهم، فماذا كان جواب المعلم الأول؟!!
نبهه الرسول المعلم أنه ضيّع على نفسه المبادرة حين تأخّر عن عكاشة، وكان عليه أن يسبقه، فالنجاح حليف المتنبهين اليقظين، الذين لا يفوّتون الفرص..
وهكذا نجح رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثارة الحوافز، والدفع إلى التنافس .

رياض الصالحين: باب اليقين والتوكل / الحديث /49/

يتبع

آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-11-19 الساعة 08:43 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
هل مات الانزع البطين على الكفر موحد مسلم الشيعة والروافض 5 2020-04-22 02:51 AM
المغانم اية للمؤمنين فاين اية ايمان الانزع البطين موحد مسلم الشيعة والروافض 1 2020-03-16 04:06 PM
قال الرافضي محمد الهادي مرتضى موحد مسلم الشيعة والروافض 1 2020-03-07 11:23 PM
صورة قرآنية بديعة / د. عثمان قدري مكانسي Nabil الإعجاز فى القرآن والسنة 0 2020-03-01 07:58 PM
من قتل عثمان موحد مسلم الشيعة والروافض 0 2020-02-04 10:06 PM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   زيوت امزويل AMSOIL   ايجار سيارات مع سائق في ماربيا   اشتراك شاهد رياضه   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض   ربح المال من الانترنت 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 شركة تنظيف منازل بالرياض   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   شركة عزل خزانات بجدة   يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd