أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > رد الشبهات وكشف الشخصيات > رد الشبهات وكشف الشخصيات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2023-07-15, 01:35 PM
ناصرالشيبي ناصرالشيبي غير متواجد حالياً
باحث
 
تاريخ التسجيل: 2023-06-18
المكان: مكة المكرمة
المشاركات: 37
افتراضي المعاييرالتي زعم/ محمد شحرورالاتزام بها في ما سماها " قراءته المعاصرة" ومناقشتها

1 ـ نفي وجود الترادف في آيات التنزيل مطلقاً . (لكن بمفهومه الخاطئ له) .
2 ـ مراعاة حدودية شرائع الدين . (أي قوله بأن لكل حكم حدين : حد أعلى ، وحد أدني . يتراوح بينهما) .
3 ـ عدم التقيد بالمفاهيم الموروثة . (أي جحود و إسقاط كل ثوابت الدين المعلومة منه للأمة إلى قبل مجيئ م/ شحرور) .
4 ـ وجوب فهم الآيات وفق ما يقتضيه العقل .
5 ـ مراعاة الترتيل في فهم الآيات . (ويقصد به وجوب استحضار كل الآيات التي تناولت موضوع القراءة للنظر فيها مجتمعة) .
6 ـ مراعاة نظم الآيات . (النظر للمعنى الذي يدل عليه كامل سياق الآية) . وليس الاكتفاء بمعاني بعض ألفاظها .
7 - نفي وجود أي نسخ في الآيات مطلقاً .
8 ـ التنجيم . ويقصد به (مراعاة أثر الفواصل بين الآيات في معانيها) .
9 ـ عدم الاحتجاج بأي حديث نبوي شريف ، إذا رأى هو أن معناه يعارض أي آية من آيات التنزيل الحكيم .
10 ـ تفعيل اعتبار مقامات النبي صلى الله عليه وسلم التي خاطبه الله تعالى بها الآيات . (يا أيها النبي) ، (يا أيها الرسول) .
11 ـ الالتزام - في اختيار أحد معاني اللفظ المشترك - بمعيارين هما: ملائمته للنظم . وعودته لجذره اللغوي .
12 ـ البحث عن مصداقية نصوص التنزيل الحكيم في الواقع المشاهد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناقشة معايير شحرور:
أولاً : ضابط اعتقاد ، واعتماد عدم وجود (الترادف) مطلقاً في نصوص التنزيل الحكيم:
لقد نشأت قناعة م/ شحرور باعتماد هذا الضابط والالتزام به في قراءته للآيات على فهمه الخاطئ لمعنى الترادف . فكانت النتيجة أنه نفي وجود الترادف في نصوص التنزيل الحكيم مطلقاً.
ولكنه نفاه بناء على أن معنى الترادف هو: التطابق التام بين أكثر من لفظ للدلالة على معنى واحد . وهذا فهم خاطئ له خطأ فادحاً .
ولم يكتف بذلك فحسب. بل إنه بنى عليه ادعاء وجوب تنزيه آيات التنزيل الحكيم عن القول بوجود أي الترادف فيها . وزعم أنه يقدح و يطعن في كمال بلاغة النظم الحكيم .
والحقيقة أنه قد جانب الصواب تماماً .
لأن ترادف الألفاظ مختلفة المباني(أي حروف بنائها) معناه الصحيح في اللغة هو: تقاربها في المعنى . لا تطابقها فيه . كما وهم هو، وغيره.
فالترادف معناه الدنو والقرب ، سواء كان مادياً أو معنوياً .
استناداً لوروده بمعنى الدنو والقرب في المواضع الثلاثة التي ذكرت فيها مشتقات لفظه في الآيات الكريمة.
وهي: في قوله تعالى (قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) 72، النمل . أي دنا و قَرُب وأَزِفَ . وبهذا المعنى فسَّره ابنُ عباس رضي الله عنهما .(أنظر الدر المصون في علم الكتاب ، 1/ 4553 ، الكشف والبيان للنيسابوري ، 7/ 221 ، التفسير والمفسرون للذهبي ، 2/ 15).
وفي قوله تعالى (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ/ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) 6 و7، النازعات . قال الشيخ سيد طنطاوي (والمراد بالرادفة : النفخة الثانية ، التي تردف الأولى . أي : تأتى بعدها). ( أنظر: الوسيط ، 1/ 4425).
وفي قوله تعالى (أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) 9 ، الأنفال . روى ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما(مُرْدِفِينَ) أي متتابعين ، بعضهم على أثر بعض .(انظر: تفسير القرآن العظيم ، 4/ 20).
ولذلك فإنه لا يصلح ، ولا يصح اعتبار (نفي وجود الترادف في نصوص التنزيل الحكيم) أساساً وضابطا لقراءة صحيحة لآيات كتاب الله تعالى المجيد .
ثانياً - ضابط حدودية الأحكام : إن اعتماد م/ شحرور الوصف - الذي قال به - لشرائع الدين الإسلامي" أي أحكامه " كلها بأنها حدودية . فإنه يعنى به أن أي حكم شرعي ليس ثابتاً على درجة معينة ، لا يزيد عنها ، ولا ينقص .
فهو يعنى بالحدودية أن أي حكم شرعي يتدرج متحركا ضمن مدى له ، فينتقل في درجاته التي بين طرفيه . والتي سمى أحدهما "حد أدنى" والذي قال بأنه لا يجوز أن يقل عنه مقدار العمل بذلك الحكم . وسمى الطرف الآخر "حد أعلى" وقال بأنه لا يجوز أن يزيد عليه العمل به.
وزعم أن المسلمين في كل حكم شرعي مخيرون بين العمل بالحد الأعلى للحكم ، أو العمل بإحدى درجاته التي تنزل عنه ، وصولاً إلى حده الأدنى . الذي لا يجوز لهم تجاوزه نزولاً . وليس هذا ما قاله فحسب .
بل زعم كذلك بأن آيات التنزيل الحكيم إنما نصت بشان كل حكم شرعي على واحد من حديه فقط . إما على حده الأعلى ، أو على حده الأدنى .
وقد فاته بأنه : بزعمه هذا قد نسب نقص بيان الأحكام الشرعية للمشرع الحكيم . وهذا باطل محض . بل هو فرية على الله تعالى ، وعلى دينه الذي أخبر عباده بكماله . في قوله سبحانه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)الآية ، 4 المائدة .
كما قال في تصوره لتطبيق حدودية الأحكام التي زعمها: بأن على المسلمين - من أهل كل عصر ومجتمع - أن يقوموا باختيار إحدى الدرجات التي بين حدي كل حكم شرعي ، تناسب ظروفهم فيعملوا بها . وأكد على أنه يجب عدم اعتبار درجة الحكم - التي يختارها أهل كل عصر ومجتمع مسلم ليعملوا بها - أبدية ، ولا شمولية.
كما أكد على أن كل حكم شرعي يجب أن يبقى - بالنسبة لغيرهم من المسلمين - على حده الوارد في النص الحكيم . لتبقى له صفة حرية الحركة بين حديه (الأعلى و الأدنى) مجدداً .
وزعم بأن هذا هو ما يضمن مرونة الأحكام -التي يرى- أنه تترتب على هذه المرونة صلاحيته للتطبيق في كل ظرف من ظروف الناس الزمانية والمكانية والمعرفية مهما اختلفت .
و نسي أو تناسى (م/ شحرور) بأن ما قاله قبل ذلك (بأن الآيات الكريمة لم تنص إلا على حد واحد من حدي كل حكم شرعي فقط) يتعارض مع الكيفية التي رسمها هو للتطبيق .
إذ أن العامل لن يجد في التنزيل الحكيم - على حد زعمه - سوى حد واحد فقط من حدي كل حكم شرعي ! . فمن أين يأت المسلم بالحد الثاني لكل حكم ؟ ليتمكن من اختيار إحدى درجاته كما زعم ! .
ومع فداحة فريته هذه على كتاب الله تعالى فإن ( م/ شحرور) لم يقدم أي دليل على زعمه . مع شدة خطورته .
وإنما اتخذ ما ذكره من إسقاطات توهمها بخياله . ثم اعتبرها تطبيقات لحدودية بعض الأحكام الشرعية التي ورد ذكرها على بعض آيات التنزيل الحكيم . ورأى بأن تلك الإسقاطات - التي توهم صوابها - كافية ، ليس فقط لإثبات (الحدودية) ضابطاً لقراءته . بل إنه قد اعتبر رأيه الشخصي كاف لوضع قاعدة عامة. زعم أنها يجب ان تسري على كل الأحكام الشرعية . ومعلوم ان كل هذا باطل محض .
لأن أحكام دين الله تعالى و قواعدها إنما تثبت بالأدلة الشرعية .أي بالنص عليها في كتاب الله المجيد وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المشرفة . وأنه لا يصح أبداً أن تبني قواعد الأحكام الشرعية على مجرد الاستنتاج ، ولا على الآراء والأهواء .
فما تقدم يثبت أن ما سماها (حدودية الأحكام) لا يصلح أن تكون ضابطا لقراءة صحيحة لآيات التنزيل الحكيم .
بل التوصيف الصحيح لهذا الذي سماه ضابطاً: أنه مجرد نتيجة خاطئة أوصلته إليها المقدمة الخاطئة التي وضعها برأيه الشخصي .
أما ما تمحك به في دفاعه عنه: أن من شأنه تحقيق مصداقية خاتمية ورحمة وعالمية هذا الدين . فهو زعم باطل أيضاً .
لأن الحقيقة الثابتة هي أن العمل بالأحكام التي دلت عليها آيات التنزيل الحكيم كافٍ تماما لتحقيق مصداقية عالمية دين الله تعالى ، وخاتميته ، ورحمته للعالمين ، وللبرهنة عليها للعالمين .
ولن يحتاج المسلمون لتحقيق تلك المصداقية أصلاً . لأن مجرد عملهم بآيات التنزيل الحكيم فقط كفيل بتحقيقها وإظهارها ليراها الناس أجمعين في أبهى صورها وسيرون أجمل آثار تطبيقها . قال تعالى( وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا) الآية 16، الجن . وسبق أن تحقق ذلك بالفعل على أيدي المسلمين في القرون الأولى للإسلام . فسادوا العالم المأهول حينها من أدناه إلى أقصاه .
ثالثاً - ضابط}عدم التقيد أو التأثر بما استقرت عليه المفاهيم التي يسميها م/ شحرور الموروثة . في شتى العلوم الإسلامية ، ويقصد بها علوم التفسير، والحديث والفقه، والأصول وحتى العقائد{لأنها - على حد قوله - من وضع الناس ، وليست نصوصاً من عند الله تعالى . فهي ليست نصوصاً قدسية ، ولا خلود لها ، وهي حسب قوله : مجرد اجتهاد بشري . يعتمد على معطيات الظروف المؤثرة فيه .
ثم بنى (شحرور) على ذلك قوله : بأن من حق المسلمين في هذا العصر أن يجتهدوا في فهم آيات التنزيل الحكيم . وأن يستعملوا كل ما توصلت إليه الإنسانية من الأدوات المعرفية الحديثة . كما اجتهد أسلافهم في فهمها . بحسب معطيات عصرهم و الأدوات المعرفية التي توفرت لهم .
وختم كلامه عن هذا الضابط بقوله: بأن نصوص التنزيل الحكيم هي: منهج صاغه العليم الخبير سبحانه وتعالى ليناسب كل الظروف والعصور.
وبهذا يكون (م/ شحرور) قد بنى هذا الضابط لقراءته على إلغاء ، واستبعاد كل العلوم الإسلامية الأصيلة . تأسيساً على مصطلح اقترحه هو ليصف به تلك العلوم ، وفقاً لتصوره ، ورؤيته الشخصية لها . بأنها مجرد (مفاهيم موروثة) . وكأن وراثة العلم صفة ذم قبيحة . ينبغي أن تذم به هذه الامة الإسلامية .
مع أن الحقيقة خلاف ما زعمه تماماً. فقد نسب الله تعالى (الوراثة) لهذه الأمة المحمدية ، في واحدة من أعظم بشاراته سبحانه لها في آية كريمة ، ختمها سبحانه بوصفه بشارته المبنية على الوراثة أنها (الفضل الكبير) الذي تفضل به عليها، في قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) 32، فاطر. هذا من جهة .
ومن جهة ثانية فإن من المعلوم أنه لا يمكن تأسيس ضابط عام لقراءة صحيحة لآيات التنزيل الحكيم على مجرد مصطلح يبتدعه شخص معاصر- جاهل بعلوم الآلة جهلاً مطبقاً دخيل على العلم الشرعي - لمجرد أنه وصف كافة العلوم الشرعية المستمدة من نصوص الكتاب والسنة بصفة مدح توهم أنها صفة ذم . ورأى أنها كفيلة بإسقاطها تماماً .
فضلاً عن أن مصطلح (الثقافة الموروثة) الذي دفع به فضفاض تماماً. أي أنه مطلق إطلاقاً كاملاً، بحيث يشمل جميع علوم الدين دون استثناء. مما يجعله غير قابل لأي دراسة نقدية أصلاً.
ومعلوم أن من شأن أي ضابط صحيح أن يكون محدداً بحيث يمكن إخضاعه للنقد العلمي. لبيان أوجه الخلل فيه. فلا يصح اعتماد ضابط لقراءة صحيحة لآيات كتاب الله تعالى ، وهو مبني على هدم كافة علوم الدين المستمدة منه . بل على الدعوة لتجاهلها و نبذها بالكامل .
ومن جهة ثالثة فإن ادعاء م/ شحرور أن كافة العلوم الإسلامية (التفسير والحديث والفقه والأصول والعقيدة وغيرها) هي من وضع الناس ، وليست مستمدة من نصوص كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . هو في الحقيقة ادعاء غير صحيح .
بل إن ما تضمنته الأغلبية الساحقة - مما أورده علماء الأمة في مصنفاتهم - لكل تلك العلوم إنما هو مبني ومستمد جملة وتفصيلاً من النصوص الشرعية. فكل حكم شرعي أورده علماء الأمة في مصنفاتهم في العلوم يجده المطالع لها مقترناً بدليله من النصوص الشرعية المقدسة .
ولذلك فإن اعتبار م/ شحرور بأن مصدر تلك العلوم هو محض اجتهادات وضعها الناس . هو اعتبار غير صحيح البتة .
أما قوله (بأن علماء الإسلام في القرون الأولى قد اعتمدوا في اجتهاداتهم على معطيات وظروف عصرهم . وأن من حق المسلمين في هذا العصر كذلك أن يجتهدوا مثلهم في فهم آيات التنزيل الحكيم ، وعليهم أن يستعملوا كل ما توصلت إليه الإنسانية من الأدوات المعرفية في عصرنا هذا) .
فإن باب الاجتهاد في فهم النصوص الشرعية كان ولا يزال مفتوحاً دائماً . ولم يقل أحد من علماء الأمة المعتبرين بحصره في أهل القرون الأولى . وهذه حقيقة مسلم بها ، لا يصح نفيها .
ولكن الخطأ في اتخاذ (م/ شحرور) حقيقة أن الاجتهاد متاح ، ولم يقفل بابه ، ضابطاً من ضوابط قراءته لآيات التنزيل الحكيم يكمن في اشتراطه إطلاقه (إطلاق الاجتهاد).أي عدم تقييد العمل به . فهو لا يستثني شيئاً في العمل به ، مع أن الاجتهاد لا يصح إعماله إلا فيما لا نص على حكمه فقط . لا في تفسير كل آيات التنزيل الحكيم .
مع أن من الثابت أن بعضاً منها لا يصح إعمال الاجتهاد فيها لتغيير مفهومها الصحيح . بحجته الواهية أنه "مفهوم موروث " متجاهلاً أنه مثبت بالأدلة الصحيحة . فكل واحد من تلك المفاهيم الصحيحة هو في الحقيقة أصل من أصول الدين وثوابته الأساس.
فقوله تعالى -على سبيل المثال فقط - (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) الآية 18، الجن . مهما تجددت أدوات ومنتجات المعارف الإنسانية الحديثة ، فإن مضمون ومفهوم هذه الآية وأمثالها يجب أن يظل من الثوابت التي لا يصح أن تكون خاضعة لأي اجتهاد .
فمع أن المعارف الإنسانية في عصرنا هذا قد توصلت لصناعة الشاشات الذكية ، والساعات ، ومكبرات الصوت ، وكاميرات التصوير، والمصاعد ، والسلالم الكهربائية ، ووسائل النظافة الكهربائية والإلكترونية ، وغيرها من المستحدثات فليس ثمة ما يمنع من إدخالها إلى المساجد لتقوم بعملها فيها . ولكنها - وغيرها - لا يصح أن تؤثر في ثابت مفهوم هذه الآية الكريمة: وهو جوب إفراد الله تعالى بعبادته في المساجد ورفع الدعاء له فيها عز و جل وحده .
فالحقيقة أن هناك قسم من النصوص الشرعية (التنزيل الحكيم ، وأحاديث السنة المشرفة) لا يصح أن تخضع مضامينها لأي اجتهاد البتة . لكونها من ثوابت هذا الدين .
لذا فإن اعتماد فتح باب الاجتهاد في فهم نصوص آيات التنزيل الحكيم مطلقا، دون أية قيود أو استثناءات هو ضابط خاطئ . لا تصح القراءة به . لأنه يعتمد عدم استثناء أي آية من الآيات . مع أن كثيراً منها تتضمن ثوابت الدين التي لا يصح تغيير فهم المسلمين لها البتة . مهما تجددت نواتج المعارف الإنسانية . هذا من جهة.
ومن جهة أخرى أخطر من سابقتها ، وهي أن اتخاذ واعتماد هذا ضابطاً لقراءة نصوص آيات التنزيل الحكيم (من قبل م/ شحرور أو غيره) يترتب عليه حتماً فتح باب شر واسع لتلاعب الناس - بأهوائهم - في ثوابت دين الله تعالى . فهذا الضابط يمثل في الحقيقة وسيلة من أشد وسائل تحريف الدين وتشويهه.
فقد ذكر الإمام النووي ثلاثة أنواع ممن يقومون بتفسير آيات التنزيل الحكيم فيقولون فيها بالرأي المذموم . فقال:
1 - منهم من يحتج بالتفسير بالرأي لتصحيح مذهبه. مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية . وإنما يقصد الظهور على خصمه .
2 - ومنهم من يقصد الدعاء إلى خير . فيحتج بآية من غير أن تظهر له - منها - دلالة لما قاله.
3 - ومنهم من يفسر ألفاظ - الآية - العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها . مع أنها مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية ، وأهل التفسير ، لبيان معنى الألفاظ وإعرابها، و ما فيها من الحذف والاختصار والاضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والاجمال والبيان ، وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر .
فلا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها، بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها . فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر ، أو على إرادة الخصوص ، أو الاضمار . وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر أ.هـ (أنظر:التبيان في آداب حملة القرآن ، ص 167، فصل "ويحرم تفسيره بغير معانيه ") .
ومثله قول الشاطبي حينما تكلم عن التفسير بالرأي "المحمود . فوصفه بأنه (جارٍ على موافقة كلام العرب ، وموافقة الكتاب ، والسنة) . ثم قال :" فهذا لا يمكن إهمال مثله لعالم بهما) أ.هـ (أنظر:الموافقات ، 4/ 276، الدليل الأول) .
فالحقيقة أن (م/ شحرور) يدخل في النوعين الأول والثالث من أنواع الذين يفسرون آيات التنزيل الحكيم بالرأي المذموم بجدارة - الذين ذكرهم النووي .
ولقد عاينت هذا من خلال اطلاعي على مقالاته، وسماعي لمحاضراته ، وندواته . فألفيته قد اشتط وأغرب في تفسيره لكثير من الآيات الكريمة ، وملأها بالشطحات الخارجة. وضمن كلامه عنها العديد من آرائه الباطلة في معاني ألفاظها، ومقاصد نظمها.
ولولا التزامي في هذا السطور باستيفاء مناقشة بقية الضوابط لذكرت بعضاً منها . ولكني سأكتفي بالإشارة إلى بعض تلك الآيات - على سبيل الأمثلة فقط - ليتمكن من أراد الرجوع إلى ما قاله م/ شحرور في تفسيرها "بالرأي المذموم" ليتأكد من صحة ما ذكرت . فمنها ما قاله بشأن الآيات رقم (23، 35 ، 226، 229، 255، 256 من سورة البقرة . ورقم 14 آل عمران . ورقم 21، 34، 135 النساء . ورقم 38، 39 ، 90، 91 المائدة . ورقم 37، يونس . و رقم 58 ، الإسراء. و رقم 121، طه . و رقم 17، الحج . و رقم 20، الروم . و رقم 30، ق . و رقم 20، الحديد . و رقم 10، الممتحنة . و رقم 3، المسد) .
وقد قمت بالرد على مزاعمه بشأن معظم هذه الآيات في كتابي (الرد على افتراءات وشبهات حول الإسلام العظيم أثارها شحرور، وغيره) . حيث قمت بإثبات بطلان افتراءاته على كل منها تماماً .
فالحاصل أن هذا الضابط لقراءة م/ شحرور باطل. لمناقضته تماما لما قرره سائر علماء الأمة المحققين . ومنهم النووي ، والشاطبي.
رابعاً - ضابط مفاده أنه (لا يصح أن يفهم أي نص لغوي إلا على نحو يقتضيه العقل . أي : أنه يجب - حسب رأيه - أن يكون المعنى الذي يفهم من أي نص لغوي يمكن تعقله ، بمعنى أن العقل يقبل به، ولا يرفضه) . وهذا معنى صحيح تماماً في حق كلام المخلوقين . إلا أنه لا يصح في حق كلام الخالق سبحانه.
وبما أن اعتماد تعميم تحكيم العقل في جميع النصوص المصاغة باللسان العربي يجعله يشمل كلام الخالق سبحانه . فإنه لا يصح البتة .
لاسيما ان الله تعالى قد أخبر بأن بعضاً من آيات كتابه المجيد هي من المتشابه . الذي لا سبيل للجزم يقيناً بتعقل معناه الذي أراده الله تعالى به . ولا يستثنى منه إلا ما أخبر هو سبحانه عنه عباده في موضع آخر . أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم . هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن لجملة (تعقل النصوص) معنيان: الأول هو إفادتها معانٍ يفهمها الناس .
وأما المعنى الثاني لتعقل النصوص . وهو الذي يعنيه ( م/شحرور) بها . وقد عبر عنه بقوله (على نحو يقتضيه العقل). فصرَّح بأنه يقصد به حكم العقل على النصوص . بحيث لا يعتمد ولا يقبل من النصوص الشرعية إلا ما يجيزه عقله منها فقط . ويرفض ويجحد ما عداه منها .
وهذا معنى باطل دن شك . لأسباب عديدة . يكفي منها لرفضه أولها فحسب .
وهو: مناقضته لأصل وسيلة الإيمان بالرسالة . قال تعالى(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ - -) 3، البقرة . ولم يقل سبحانه الذين يؤمنون بالعقل .
فلا يصح اعتقاد واعتماد " تحكيم العقول في النصوص" ضابطاً وأساساً لقراءة آيات التنزيل الحكيم قراءة صحيحة . لأن فيه تنصيباً - للقاصر الخاضع للأهواء - حاكماً على الكامل المحكم . وهذا باطل ، ومرفوض .
فضلاً عن أن العمل بهذا الزعم يفتح باب شر عظيم لتحريف والتلاعب بمعاني الآيات الكريمة على مصراعيه . وهذا بالفعل هو عين ما صنعه م/ شحرور في قراءته لكثير من آيات التنزيل الحكيم استناداً منه على هذا الضابط الباطل أصلاً .
خامساً : ضابط (الترتيل) . ومع تحفظي على هذا الاسم إلا أنني لن أقف عنده . لسببين : أولهما أنه لا مشاحة في الاصطلاح . وثانيهما لأركز على المقصود هنا .
فقد قال (م/ شحرور) بأنه يعني بـ (الترتيل) حصر كل آيات الموضوع المراد قراءته في رتل واحد . مثل "رتل آيات الصيام ، رتل آيات الحج ،رتل آيات الربا ، - - الخ ". وقال بأنه قد التزم به في قراءته . أي أنه يلتزم باستحضار كل آيات الموضوع المراد قراءته مجتمعة ليضمن التوصل من مجموعها إلى الصورة الشرعية الكاملة والصحيحة لموضوع الآيات التي يقرأها .
ولا شك أن هذا أساس وضابط صحيح وجيد . ولابد منه لقراءة أي موضوع تناولته الآيات الكريمة قراءة الصحيحة . بل إن أدني تهاون في الالتزام به ينتج عنه حتما نقص يخل بالصورة الشرعية الصحيحة لموضوع القراءة ، ويبطل نتائجها .
ولكن الحقيقة هي أن (م/ شحرور) رغم تأكيده مرراً على أهمية هذا الضابط وضرورة الالتزام به في القراءة ، لم يلتزم به في قراءته للعديد من المواضيع التي تكلم فيها . مما تناولته آيات كثيرة من التنزيل الحكيم .
وسبق أن بينت مخالفته لهذا الضابط مرات عديدة . أذكر منها على سبيل المثال فقط ما يلي:
1 - في قراءته لموضوع (نوعية العلماء الذين تحتاجهم الأمة) . بمقاله المنشور على صفحته الرسمية بالفيس بوك . بتاريخ 25/ 1/ 2019 م ، حيث جعل عنوان المقال " أي علماء نريد ؟ " ولكنه لم يورد فيه سوى سبع آيات هي : ( 33، فصلت . و107، الأنبياء . و99، يونس. و22، الأنفال . و5 ، الجاثية ، 105، التوبة . و286، البقرة) . والعجيب في الأمر أن هذه الآيات - التي ذكرها - لم يأت في أي منها ذكر للعلم ، ولا للعلماء مطلقاً !.
ومعنى هذا أن (م/ شحرور) لم يقتصر في قراءته لهذا الموضوع على مجرد إغفال ضابط الترتيل وحده . بل إنه لم يأت عليه بأي دليل من أدلة موضوع المقال أصلاً، مما جاء عنه في آيات التنزيل الحكيم . مع كثرتها فيه .
2 ـ أما في قراءته لموضوع " أحكام الشهادة " في إثبات الحقوق بمقاله المنشور على صفحته الرسمية بتاريخ 28/ 9/ 2018 م فعل ذلك أيضاً . فقد اقتصر على إيراد الآيات التالية (الآيتين 29 و30 من سورة آل عمران . مع أنه ليس فيهما شيء مما يتعلق بأحكام الشهادة مطلقاً.
ثم أورد الآيتين رقم 7 و 8 ، من سورة الزلزلة. وليس فيهما كذلك شيء مما يتعلق بأحكام الشهادة . ثم ذكر الآية رقم 284، البقرة ، وليس فيها كذلك شيء مما يتعلق بأحكام الشهادة . ثم ذكر الآية رقم 283، البقرة . وهي تنص على تأثيم من يكتم الشهادة . إلا أنه أعقبها بعد قليل بما يناقض ما نصت عليه الآية حيث قال (ويمكن للإنسان الإعراض عن الشهادة إن كان الأمر متعلقاً بأحد أقربائه)!.
بل الأعجب منه أنه أعقب ذلك بذكر ما يثبت نقيض ما نقله تماماً عن التنزيل الحكيم ! وهو قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) . (135، النساء) . فلم يلتزم لا بضابط الترتيل ، ولا حتى بمنطقية الاستدلال .
3 ـ وأما في قراءة (م/ شحرور) لموضوع خلق الإنسان . في مقاله المنشور على صفحته الرسمية ، بتاريخ 16/ 1/ 2019 م. فقد اقتصر على النظر في خمس آيات فقط هي (رقم 35، من سورة البقرة . ورقم 27 من سورة الأعراف . ورقم 120، من سورة طه . والآيتين رقم 7 و8 ، من سورة الشمس).
فآية البقرة إنما تحدثت عن أمر الله تعالى لآدم وزوجه بسكنى الجنة ، وإباحته سبحانه لهما بأن يأكلا من ثمار أشجارها كلها، عدا شجرة واحدة بعينها، فصرحت الآية بنهيه تعالى لهما أن يأكلا منها . ولم يرد فيها شيء مطلقاً عن خلق آدم .
وأما آية سورة طه - في القدر الذي استشهد به منها - فإنما أخبرت بأن الشيطان هو الذي تسبب في نزع لباس آدم وزوجه عنهما، ليريهما سوآتهما . وذلك بـأن وسوس لآدم وزوجه لكي يأكلا من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عن الأكل منها . وقد ذكرت الآية ما تضمنته وسوسته لهما من كذبه عليهما : حيث أخبرهما " بأن الله تعالى ما نهاهما عن الأكل من تلك الشجرة إلا ليحول دون تحولهما إلى مَلكين ، ودون تخليدهما في الجنة ".
وأما آيتي سورة الشمس فإنما تحدثتا عن " تسوية الله تعالى للنفس الإنسانية " فأخبرت بأنه سبحانه قد أودع فيها القابلية لكلا النزعتين : نزعة الفجور، ونزعة التقوى ". ولم يرد فيهما ما يتعلق ببيان نوع هذا المخلوق البتة .
و لكن م/ شحرور نسب إلى هذه الآيات ما ليس فيها، بل نسب إليها العديد من مزاعمه الباطلة . وأهمها زعمه - المبني على نظرية داروين الباطلة - بأن الإنسان تطور عن الفصيلة البهيمية . حيث زعم أنه كان ينتمي إليها ، قبل أن يصبح إنساناً .
وهذا محض افتراء على الآيات التي ذكرها دون شك .
إضافة لإعراض م/ شحرور تماما عن ذكر أي آية من الآيات الكثيرة التي تحدثت بالفعل عن خلق الإنسان .
وما هذه الأمثلة الثلاث إلا مجرد نماذج تبين كيفية تعامل م/ شحرور مع آيات التنزيل الحكيم . وإلا فإن ردودي على مقالته قد زاد عددها (220) رداً منشورة على صفحتي بالفيس بوك ، لمن أراد الاطلاع عليها . وقد ضمنت العديد منها الكثير من تفاصيل ما يصنعه (شحرور) من صنوف الأباطيل بنصوص الآيات الكريمة ، تحت ستار قراءته المعاصرة لها .
سادساً : الالتزام بدلالة ومعنى النظم بتمامه . لا بمعاني الألفاظ الواردة فيه فقط . وقد زعم م/ شحرور أنه ملتزم به في قراءته .
و حيث أن هذا الضابط صحيح دون شك .
لذا فإن السؤال ينحصر هنا في التزام (م/ شحرور) بهذا الضابط - في قراءته لنصوص التنزيل الحكيم التي قدمها للمسلمين - من عدمه ؟ . والجواب هو : لا. لأن الحقيقة إنه لم يلتزم به في ما قاله ، وما كتبه.
وفيما يلي أمثلة على عدم التزام (م/ شحرور) بهذا الضابط:
1 ـ في قراءته للآية السابعة من سورة الطلاق . بإحدى حلقات برنامجه (رؤية معاصرة) المنشورة على قناته باليوتيوب ، بتاريخ 3/ 8/ 2015 م ، والموجودة كذلك على صفحته الرسمية بالفيس بوك . والآية هي قوله تعالى (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) . وهذه الآية الكريمة - كما هو واضح من ظاهر ألفاظها - تحدثت عن تكليف الأزواج بالإنفاق على زوجاتهم . فبينت أن كل واحد منهم مكلف بالإنفاق على زوجته بحسب سعة رزقه الذي قسمه الله تعالى له .
فالغني ينفق على زوجته بالقدر الذي يتناسب مع غناه . والفقير كذلك مكلف بأن ينفق على زوجته بحسب رزقه الذي قسمه الله تعالى له . وأنه ليس مكلفاً بأن يزيد عن مستوى قدرته المالية . ثم ختم الله تعالى هذه الآية الكريمة بوعده للفقراء بأنه سيجعل لهم بعد عسرهم ، يسرا وسعة في الرزق .
هذا ما دلت عليه ألفظ ونظم هذه الآية الكريمة بتمامهما . دون زيادة أو نقصان.
إلا أن (م/ شحرور) ترك دلالة نظم هذه الآية الكريمة ، وحتى معاني الفاظها . واقتصر فقط على تلفيق تفسير للآية استمده من معنى عبارة واحدة وردت فيها، وهي قوله تعالى (فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) .
فزعم أن معنى هذه الآية الكريمة أن على كل مسلم ومسلمة أن ينفق مما لدية من الموهبة الفنية التي وهبه الله إياها فأجاد أداءها حتى برع فيها . فأنه يجب عليه أن يمتع الناس بأدائه لها . فالذين يجيدون الغناء عليهم أن يغنوا لإمتاع الناس . وكذلك المرأة التي تجيد الرقص عليها أن ترقص لإمتاع الناس برقصها.! وهذا بالتأكيد محض افتراء آثم وباطل منه على دلالة نظم هذه الآية الكريمة.
وقد حدث هذا بسبب الاجتزاء التعسفي الآثم الذي مارسه في قراءته لهذه الآية الكريمة ، وعدم التزامه بدلالة كامل نظمها .
2 ـ في قراءته للآية 23، البقرة ، وهي قوله تعالى (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) زعم م/شحرور أن الضمير المتصل (حرف الهاء) في قوله تعالى (مثله) في هذه الآية يعود على قوله تعالى (عبدنا) . أي على شخص الرسول الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم . وليس على (السورة) في قوله تعالى (بسورة) .
وهذا في الحقيقة زعم باطل لعدة أسباب:
أولها: أن الصحيح لغة هو عود الضمير على أقرب مذكور في الكلام . فيكون الضمير في قوله تعالى (مثله) عائد على السورة الكريمة. في قوله تعالى (بسورة) ، لا على شخص النبي صلى الله عليه وسلم ، كما زعم .
وثانيها: روي عن ابن عباس في قوله تعالى (فأتوا بسورة من مثله) قوله: مثل القرآن . وأن قوله تعالى (وادعوا شهداءكم من دون الله) قال: ناس يشهدون لكم إذا أتيتم بها أنه مثله. (أنظر الدر المنثور للسيوطي ، 1/ 81) .
ثالثهاً : رجح الإمام الطبري ، وغيره من علماء الأمة المحققين ، عود الضمير" الهاء" في قوله تعالى (مثله) إلى القرآن الكريم.(أنظر جامع البيان ، 2/ 427).
رابعهاً:أن هناك آيات كريمة أخرى قد حسمت هذه المسألة . بدحض هذه الشبهة الواهية التي زعمها (شحرور) بغرض التشكيك . وكلها تدل بوضوح لا لبس فيه وتؤكد أن المقصود والمراد بهذا الضمير المتصل تحديداً، هو التنزيل الحكيم . منها قوله تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) 38، يونس . وقوله تعالى (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) 88 ، الإسراء. وقوله تعالى(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ) 34، الطور.
خامسها: ما جاء في مناقشة الفخر الرازي - في تفسيره - لمسألة ما يعود عليه هذا الضمير. وهي مناقشة رصينة ومفصلة - بين فيها أن عوده على شخص النبي صلى الله عليه وسلم يجعل المعنى يصبح (فأتوا بشخص آخر مثل النبي) محمد صلى الله عليه وسلم . فأكد بطلانه لخمسة أسباب تثبت صحة عود هذا الضمير للقرآن الكريم . تركت إيرادها هنا خشية الإطالة.(أنظرها في: مفاتح الغيب ، 1/ 391).
فكل ما تقدم يثبت خطأ قراءة م/ شحرور لهذه الآية الكريمة ، وبطلان زعمه.
3 ـ أما في قراءة (م/ شحرور) للآيات: رقم 20، من سورة الروم ، وهي قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) الآية 20 ، الروم . والآية رقم 14، من سورة نوح ، وهي قوله تعالى(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) . والآية رقم 12، من سورة المؤمنون . وهي قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ) الآية 12، المؤمنون . وببعض الآية الأولى من سورة النساء ، قوله تعالى فيها(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُو اْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) . وبالآية رقم 20، من سورة المرسلات . وهي قوله تعالى (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ) الآية 20 ، المرسلات .
فقد استند إلى هذه الآيات الخمس ليخبر المسلمين بما خلص إليه من قراءته لها . في مقاله المنشور على صفحته الرسمية بالفيس بوك ، بتاريخ 19/ 8/ 2019 م ، حيث قال ما يلي حرفياً:
أ ـ من البشر تطورت سلالة الإنسان الحالي بعد نفخ الروح ، حيث مر البشر بمراحل تطورية من كائن همجي يمشي على أربع وصولاً إلى المرحلة الإنسانية ، أي كائن بشري مستأنس (اجتماعي) غير متوحش ، وآدم يرمز إلى المرحلة الوسطى بين الكائن المستوحش ، والإنسان المستأنس . ونفخة الروح هي التي نقلت الأول ، إلى الثاني . وبتراتب زمني مرحلي أ.هـ
ب ـ وأما عن الآية (20) الروم فقد قال بأن :" ثم إذا " هما أكثر الأدوات تبياناً لطول الحقبة الزمنية بين الطين والبشر أ.هـ
وسبق أن رددت على هذه الزعم الباطل بتاريخ 23/ 8/ 2019 م . فمما جاء في ردي عليه لبيان بطلان زعمه ما يلي :
(أولاً): إن قول م/ شحرور بـ (وجود للبشر قبل الأنسنة) . هو أسلوب مراوغة - لأن أصل المعلومة حقيقة صحيحة ، تدل عليها عدة آيات من التنزيل الحكيم . ولكن ظروف حدوثها الزمانية والمكانية التي يدعيها خاطئة - فعل ذلك - لتمرير زعمه الباطل ، حيث قال (في بداية الأنسنة). فهو لا يزال يكرر طرح زعمه الباطل - المبني على نظرية داروين الباطلة - بأن الإنسان كان قديماً على هذه الأرض ينتمي للفصيلة البهيمية . ثم انفصل عنها . ومع مرور الزمن أصبح إنساناً . حيث قال شحرور حرفياً (ومن البشر تطورت سلالة الإنسان الحالي بعد نفخ الروح ، حيث مر البشر بمراحل تطورية من كائن همجي يمشي على أربع وصولاً إلى المرحلة الإنسانية) أ.هـ
وهذا الزعم تكذبه عدة آيات من التنزيل الحكيم . منها على سبيل المثال قوله تعالى (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ/ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) 71 و 72 ص . فذكرت الآية الكريمة صراحة أن الملائكة لم تسجد لهذا المخلوق البشري " آدم" - كما هو نص الأمر- إلا بعد أن نفخ الله تعالى فيه من روحه .
تلك النفخة الإلهية السامية التي ترقى بها هذا المخلوق من مرتبة البشرية الطينية المعتمة ،إلى مرتبة الإنسانية المتصفة بالروحانية الشفافة ذات القيم النورانية ، اللائقة بالاصطفاء ، وبتلقي العلم عن العليم الحكيم سبحانه وتعالى . قال سبحانه (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُون/ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ/ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ/ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي َعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُون وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون/ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) 30 - 34، البقرة. وقال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ) 11، الأعراف . وقال تعالى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) 33، آل عمران . فهذه الآيات ، وغيرها تثبت أن آدم عليه السلام لم يكن يوماً حيواناً يمشي على أربع . كما يزعم م/ شحرور. بل تنص على أن الله تعالى قد خلقه حسن الصورة معتدل القوام . قال تعالى (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) 64، غافر. وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ/ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) 6 و7، الانفطار . لأن عمل الفاء التي في قوله تعالى (فسواك) في اللغة هو التعقيب مع الفورية . ولم يقل سبحانه - ثم سواك - فلم يستعمل (ثم) التي تفيد التعقيب مع التراخي الزمني .
وقد سبق الرد كذلك على زعمه الباطل هذا ، تعليقاً على الحلقة رقم (18) من برنامجه التفكير والتغيير ، منذ أكثر من عام مضى . وكذلك في مقال مستقل منشور على صفحتي على الفيس بوك ، وقد أثبت فيه بما لا يدع مجالاً للشك بطلان زعمه بالأدلة الشرعية ، والعلمية . وكذلك في ردي تعليقاً على مقاله المنشور على صفحته الرسمية بتاريخ 16/ 1/ 2019 م ، في الفقرة (أولاً) منه .
(ثانياً) : وأما قوله عن (" ثم إذا "في قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) 20 ، الروم . بانهما معاً من أكثر الأدوات تبياناً لطول الحقبة الزمنية بين الطين و البشر) . فهو استدلال لغوي خاطئ بهما .
قال الحلبي عن قوله تعالى " ثم إذا أنتم": (الترتيبُ والمُهْلة هنا ظاهران . فإنهم إنما يصيرون بَشَراً بعد أطوارٍ كثيرةٍ . و" تَنْتشرون "حالٌ . و" إذا "هي الفجائيةُ - - - إلى أن قال: ووجهُ وقوعِها مع (ثُمّ) بالنسبة إلى ما يليقُ بالحالةِ الخاصةِ أي: بعد تلك الأطوارِ التي قَصَّها علينا في موضعٍ آخرَ ، مِنْ كونِنا نُطْفَةً ، ثم علقةً ، ثم مضغةً ، ثم عَظْماً مجرداً ، ثم عَظْماً مَكْسُوّاً لحماً ، فاجأ البشريَّةَ والانتشارَ) أ. هـ (أنظر الدر المصون في علوم الكتاب المكنون ، 1/ 4622).
فالموضع الآخر الذي أشار إليه الحلبي يقصد به قوله تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ/ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ/ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة َمُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) 12 و 13و 14، المؤمنون .
ولذلك فإن قول م/ شحرور عن (ثم إذا) بأنها(أكثر الأدوات تبياناً لطول الحقبة الزمنية بين الطين والبشر) هو زعم باطل . لأن استدلاله (اللغوي) عليه باطل. كما في بيان الحلبي المذكور آنفاً .
وأضرب لذلك مثالاً لمزيد من بيان استعمالهما معا: فإن قال رجل لابنه وهو ذاهب للمسجد مبكراً (ابق في البيت ، ثم إذا سمعت الأذان الحق بي في المسجد) .
فإنه لا يفهم منه أنه طلب من ابنه البقاء في البيت مدة زمنية طويلة (تصل إلى عشرات ، أو مئات الألوف من السنين) كما زعم م/ شحرور هنا - إشارة - وفي أحد برامجه صراحة : بأن" ثم إذا " تدلان على ذلك . هذا من جهة .
ومن جهة أخرى، فقد قام الدليل الشرعي على خلاف زعمه . لأن (ثم إذا) تدلان على (تعدد أطوار الخلقة السلالية) كما تقدم بيانه في الآيات الكريمة المتقدمة . لا على طول المدة الزمنية بين التراب ،و البشرية) أ.هـ الرد .
أضف إلى هذا بعض ما جاء في رد آخر لي على مقال آخر له دافع فيه عن هذه النظرية الباطلة. حيث قلت فيه:
(وهذا الباطل هو عين ما تقول به (نظرية داروين) . والتي تم إسقاط اعتبارها صحيحة بعد أن : ثبت بطلانها شرعاً: بقوله تعالى:(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ) 71 ، ص ، ولم يقل بهيمة . وفي كتابه تعالى آيات أخرى كثيرة مماثلة.
وكذلك ثبت بطلانها علمياً(فعلى سبيل المثال لا الحصر) قالت اختصاصية علم الإنسان بجامعة (مني سوتا) بالولايات المتحدة الأمريكية ، الدكتورة/ سوزان فيرستن مايسترن (إن عظام البشر تختلف عن عظام الحيوانات . فالمقطع العرضي لعظام البشر ذا أنماط دائرية - أي في تكوينه البنيوي - أما عظام الحيوانات فذات خطوط طولية) أ.هـ ( أنظر على اليوتيوب ، أطباء تحريون ، الجزء الأول ، الحلقة 58 ، الدقيقة رقم 13) . وهذا فرق جذري في أصل الخلقة .
وقد أثبت ذلك علمياً كذلك عدد من العلماء غير هذه الدكتورة ، من المتخصصين في تخصصات عديدة .
وما زعم م/ شحرور رجوع الإنسان إلى أصل بهيمي إلا محاولة فاشلة منه لإحياء تلك النظرية الداروينية البائسة ، والتي ثبت بطلانها.
والحقيقة أن تكريم الله تعالى لبني لآدم وبنيه قد بدأ منذ توجهت أرادته سبحانه و اقتضت مشيئته خلق أبينا آدم عليه السلام . فقد أخبر سبحانه في محكم تنزيله: بأنه قد أراد أن يجعله (أي و ذريته) خليفة في الأرض يعمرها ، ويعبده فيها. لا بهيمة ترتع فيها. قال تعالى(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)الآية 30، البقرة ، وقال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) 56، الذاريات.
ومن أعظم حقائق تكريم الله تعالى وتشريفه لآدم عليه السلام أن الله تعالى قد خلقه بيديه. قال سبحانه (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) 75 ، ص . فلا يقبل من أحد، بعد كل هذه الأدلة الدامغة أن يزعم بأن بني آدم كانوا قديماً ينتمون للفصيلة البهيمية.
بل ولا يعقل أن يقوله إلا من كان من الجهلاء الظلاميين ، المحرومين من الإيمان بأنوار كلام الخالق سبحانه الكاشفة لحقائق الخلق.
ولكن لا يستغرب من هؤلاء أن يهرف الواحد منهم من الجهالات بما لا يعرف) أ.هـ
فالحقيقة أن (شحرور) لم يلتزم بدلالة النظم . ولا حتى بالأصول الشرعية المعروفة لقراءة الآيات الكريمة قراءة صحيحة . بل تفرغ لصياغة تلفيق ركيك لدلالة باطلة . ثم نسبها - زوراً وبهتاناً - للآيات الخمس المذكورة . ليفتري أنها تدل على ما تقوله نظرية داروين الباطلة .
4 - وأما في قراءة (م/ شحرور) لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) الآية 183، البقرة . إلى قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) الآية 184، البقرة . فكان مما كتبه في مقاله المنشور على صفحته الرسمية بالفيس بوك بتاريخ 5/ 5/ 2019 م ما يلي:
(لكن المنظومة الفقهية التراثية إذ استبدلت أركان الإسلام بأركان الإيمان جعلت إفطار يوم في رمضان يودي بصاحبه إلى جهنم وبئس المصير، وتغاضت عن قوله تعالى{يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة 185) فيبحث المؤمن عن اليسر فلا يجده) أ.هـ
وقد جاء في ردي عليه بتاريخ 8/ 5/ 2019 م ما يلي:
(وأما قوله عن الفقه الإسلامي الذي سماه " المنظومة الفقهية التراثية "بأنها(جعلت إفطار يوم في رمضان يودي بصاحبه إلى جهنم وبئس المصير، وتغاضت عن قوله تعالى {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}185، البقرة ، ـ ـ ـ الخ) . فهو زعم باطل . ضمنه (كعادته) اتهاماً عاماً لكافة فقهاء الأمة ، رماهم به جزافاً. ولذلك لم ، ولن يتمكن (شحرور) من بيان أين وجد في كتب الفقه الإسلامي ما افتراه عليهم أنهم يقولون بأن (إفطار يوم في رمضان يودي بصاحبه إلى جهنم وبئس المصير) . هذا من جهة .
ومن جهة أخرى فإن اعتباره بأن الفقهاء "ببيانهم لفداحة إفطار المسلم في شهر رمضان دون عذر" قد تعمدوا - حسب زعمه - التغاضي عن قوله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) . فهو زعم باطل آخر منه.
وما أوقعه فيه إلا إصراره على لي عنق هذه الآية الكريمة ، لإخراجها عن معناها الصحيح الذي يقتضيه سياق نظمها الذي وردت فيه، ليجعلها توافق هواه . مع أنه هو الذي يدعي أنه متمسك بـ (مراعاة النظم) ، وزعم أنه من أهم أسس قراءته .
والصحيح في معنى هذه الآية الكريمة هو ما ذكره الإمام ابن كثير، وغيره من المفسرين حيث قال(ومعنى قوله تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) الآية 185، البقرة . أي: إنما أرخص لكم في الإفطار للمرض والسفر ونحوهما من الأعذار لإرادته بكم اليسر، وإنما أمركم بالقضاء ، لتكملوا عدة شهركم) أ.هـ (تفسير القرآن العظيم ، 1/ 501) . وفيه جواب السؤال الذي طرحه شحرور(أين اليسر؟).(هذا هو اليسر الذي زعمت بأن من يبحث عنه فإنه لا يجده) أ.هـ
فهذه أربعة أمثلة من قراءة (م/ شحرور) ثبت أنه لم يلتزم فيها بضابط دلالة النظم القرآني . الذي زعم أنه من أسس قراءته لنصوص التنزيل الحكيم . وقد جاء في ردودي على مقالاته العديد من أمثلة عدم التزامه بما ما زعم أنه سيلتزم به من المعايير في قراءته.
سابعاً : ضابط نفي وقوع النسخ لأي نص من نصوص التنزيل الحكيم مطلقاً:
فالحقيقة أن م/ شحرور لم يقدم دليلاً صحيحاً يثبت صحة القول بنفي النسخ ليمكن اعتماده ضابطاً من ضوابط قراءة صحيحة لنصوص التنزيل الحكيم .
ولذلك فإنني أرى عدم صحة اعتبار نفي النسخ ضابطاً أصلاً .
أما ما ذكره عن فهمه لأحد أدلة المثبتين للنسخ وهو قوله تعالى(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) 106، البقرة ، بأنه إخبار من الله تعالى عن النسخ الذي حصل بين أحكام الشرائع المختلفة (اليهودية والمسيحية والإسلام). فلا يسلَّم له. لأنه ليس في ألفاظ الآية ما يدل على نفي النسخ لآيات التنزيل الحكيم ، كما أنه لم ترد في الآية أسماء الملل التي ذهب م/ شحرورإلى أنها المعنية بحصول النسخ بينها - حسب فهمه - وهي اليهودية والنصرانية والإسلام .
ودعوى نفي النسخ يحتاج إثباتها إلى وجود لفظ صريح يدلٍ عليها، أو على أقل تقدير إلى قرينة واضحة في ألفاظ نص الدليل ، ترشد إلى توجهه إلى موضوع الدعوى تحديداً .
كما أن المعارضين أعني " المثبتين للنسخ " يدفعون نفي النسخ استدلالاً بنص الآية 116، البقرة المصرحة بالنسخ .
بخلاف استدلاله هو بنفس الآية على نفي النسخ فإنه يعتبر دليلاً منفك الجهة عن موضوع دعواه . أي أنه لا يطابقها . بل يدل على نقيضها تماماً ، وهو أثبات النسخ .
أما عن تفسير م/ شحرور لقوله تعالى في نفس الآية الكريمة (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) بأنه وصف لاتجاه مسيرة شرائع الملل المختلفة من جانب التشدد . وهو التكليف(بالآصار والأغلال) إلى جهة التخفيف والتيسير. فهو مردود ولا يمكن قبوله. لأنه تطبيق استباقي من المخالف لمضمون النص وفق دعواه نفي النسخ ، قبل أن يتم له إثبات النفي بدليل صحيح.
فإذا أضيف إلى هذا ، استدلال ثانٍ لمثبتي النسخ ، بآية أخرى هي قوله تعالى(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) 101 النحل .
فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية ما قاله الكفار بشأن نسخ بعض آيات التنزيل الحكيم " قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ" وهذا يؤكد أن المراد بقوله عز و جل " بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ " هو النسخ . وهو تبديل حكم آية سابقة ، بآية لاحقة .
لذا فإنني أرى بأن نفي النسخ لا يصلح أصلاً أن يكون ضابطاً لقراءة صحيحة لنصوص التنزيل الحكيم.
ثامناً: ضابط اعتماد واعتبار دور التنجيم:الذي استمده م/ شحرور من قوله تعالى (فلا أقسم بمواقع النجوم) 75 ، الواقعة فذهب إلى أن المقصود بمواقع النجوم في هذه الآية هو أماكن الفواصل بين الآيات ، التي تحدد بداية ونهاية ألفاظ كل آية من آيات كتاب الله .
لكنه لم يأت بدليل صحيح لإثبات صواب هذا الفهم لهذه الآية . أما احتجاجه عليه لغوياً فهو غير صحيح. وبيان ذلك على النحو التالي:
إن لفظ (النجوم) هو جمع نجمة ، وهو من الألفاظ المشتركة ، وله ثلاث معان أولها الجرم السماوي المعروف المضيء بذاته . وثانيها:النبات الذي لا ساق له. وثالثها . القسم ، أو الجزء من الشيء.
وقد ذكر الله تعالى هذا اللفظ بمشتقاته في كتابه الله المجيد في تسعة عشر موضعاً كلها بصيغة الاسم . وكلها بالمعنى الأول (الأجرام السماوية). عدا واحداً منها فقط فقد جاء بالمعنى الثاني " النبات الذي لا ساق له " وهو في الآية رقم 6، من سورة الرحمن ، وهو قوله تعالى (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).
ولم يأت لفظ النجوم المشترك بالمعنى الثالث له. ولا مرة في كتاب الله تعالى . وبذلك يتضح بأنه ليس في اللغة ما يشير إلى دلالة لفظ (النجوم) على الفواصل المحددة لبدايات الآيات ونهاياتها) هذا من جهة.
ومن جهة أخرى ، حتى لو فهمنا لفظ (النجوم) المشترك في هذه الآية بالمعنى الثالث له أي (أنه القسم من الشيء أو الجزء منه) فإنه سيدل حينها على السورة ، لأنها هي القسم أو الجزء من كتاب الله تعالى ، ولا يدل البتة على الآية ، لأن الآية إنما هي جزء من السورة ، وليست جزءا من الكتاب .
ثم إن لفظ (النجوم) المشترك الوارد في الآية الكريمة التي استدل بها جاء مضافاً إلى كلمة (مواقع) فيكون حمل لفظ النجوم المشترك في هذه الآية الكريمة بإضافته إلى مواقع (على معناه الأول) أي الأجرام السماوية هو المناسب لسياق الآية الكريمة. لأنه يعني قسم الله تعالى بالدقة البالغة لمواقع حركة النجوم التي تتنقل فيها، والتي رسمها لها سبحانه بانضباط كامل ومحكم ، رغم ضخامة خلقتها ، وكثرة أعدادها .
وقبل أن أبدأ في طرح ما لدي من مناقشات بشأن بقية ضوابط م/ شحرور ، أود أن أذكر : بأن الصفة المشتركة التي تجمع بين ضوابطه هي اعتمادها جميعاً اعتماداً أساسياً ، وفي مواضع مفصلية حاسمة على فهم الباحث - وآلة الفهم كما هو معلوم هي العقل - لأنه سينشأ عن الاعتماد على العقل في التعامل مع النصوص الشرعية سؤال جوهري هو (هل يصح جعل العقل حاكماً على النصوص ؟ ، أم أن العكس هو الصحيح) . وهنا أعود لإكمال مناقشة الضوابط المتبقية .
تاسعاً: ضابط عدم الاحتجاج بأي حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما كانت درجة توثيقه إذا خالف وصادم معناه ، معني ودلالة أي نص من نصوص التنزيل الحكيم: وقد اعتمد م/ شحرور هذا الضابط بناء على أن نصوص التنزيل الحكيم هي الأصل الأول لهذا الدين الحنيف ، وهي المحفوظة بحفظ الله تعالى لها في السطور والصدور. بخلاف الأحاديث الشريفة التي لم يتهيأ لها هذا المستوى من الحفظ ، ولا يخفى ما طرأ عليها من كذب وتدليس وغيره.
فاعتبر م/ شحرورأن ما يراه الباحث أو الدارس للنصوص ، ويعتقد أن فيه تضاداً ، أو تعارضاً بين أي حديث نبوي وبين مفهوم أي آية من كتاب الله تعالى مؤشراً يدل على عدم صحة الحديث . وبالتالي اعتبره سبباً كافياً لاستبعاده . أي رده ، وعدم الاحتجاج به مطلقاً.
والحقيقة أن اعتماد م/ شحرور على ما ذكره لتبني ، وانتهاج هذا الضابط لا يكفي .
لأن هناك إشكالاً أساسياً يقدح في إمكانية تطبيق هذا الضابط . وهو أن الوسيلة الوحيدة للتأكد من وجود تعارض وتصادم حقيقي بين مفهوم الحديث . ومفهوم الآية هو:عقل الناظر فيهما . فإن أوصله عقله وتفكيره إلى وجود تعارض بين الحديث ، وبين آية كريمة. بادر للطعن في صحة الحديث ، فاستبعده من الاحتجاج به .
ولئن كان المتبادر إلى أذهان الباحثين حين ظنهم وجود تعارض هو استبعاد الاحتجاج بالحديث و إغفاله لسببين: أولهما أن الحديث هو المصدر الثاني في التشريع . وليس الأول .
وثانيهما : لأنه الأضعف توثيقاً من نصوص التنزيل الحكيم . إلا أن خطورة تبني مبدأ رد الأحاديث المروية إذا خالفت نصاً من نصوص التنزيل الحكيم لا تكمن في المبدأ. وإنما تكمن في أن الوسيلة الوحيدة والآلة الإجرائية لتطبيق هذا المبدأ في مرحلتيه ، وهما : مرحلة فهم النصين أولاً . ومرحلة الحكم بتعارضهما من عدمه ثانياً . وكلا منهما وسيلته هي العقل البشرى .
ولذلك فإن قبلنا بهذه الوسيلة ، نكون قد نصَّبنا غير المعصوم - وهو العقل البشري - حاكماً على نصوص التنزيل الحكيم ، وعلى نصوص المعصوم قائلها(أي على الأحاديث النبوية) معاً. وهذا مرفوض شرعاً ، وحتى منطقياً.
وتتمثل ذروة سنام هذا الإشكال الكبير في أننا حتى في حال رفضنا لحكم العقول على النصوص فإن ذلك لن يعفينا من البحث عن المخرج أو البديل لحسم ما يظنه الباحث بعقله تعارضاً بين نصين أحدهما من التنزيل الحكيم والآخر من السنة المشرفة.
فبعد التأمل وبالرجوع لما أكد عليه م/ شحرور نفسه مراراً من أن الله تعالى جعل مفاتيح فهم نصوص تنزيله الحكيم داخله . توصلت إلى أنه لا مخرج من هذا الإشكال إلا باللجوء إلى العمل بقوله تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الآية 44 ، النحل .
فحينما يعتقد الناظر في النصوص ، وجود تعارض في نص حديث شريف مع نص من نصوص التنزيل الحكيم ، فإن عليه الرجوع أولاً لما ورد من الأحاديث الشريفة في بيان مفهوم النص الحكيم للآية الكريمة . بعد التثبت من صحة الحديث طبعاً- وفق معايير المحدثين المعتمدة - لكون السنة المشرفة هي المصدر الموثوق للتأكد من صحة فهمنا لنصوص كتاب الله تعالى فهما يوافق حقيقة مراد الله تعالى من النص القرآني . قبل المبادرة لاستبعاد الحديث لمجرد الظن بأنه يتعارض مع نص حكيم.
عاشراً: ضابط وجوب مراعاة تباين (المقامات) أي الصفات الاعتبارية المختلفة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم(رسول - نبي - حاكم) والتي خاطبته بها نصوص التنزيل الحكيم . لما لها من تأثير في مفهوم النصوص ، ومعانيها .
ومع الموافقة لـ م/ شحرور على أصل هذا الضابط . إلا أن ما رتَّبه وبناه عليه من تصنيفٍ لنصوص - متون- الأحاديث (السنة المشرفة) إلى أحاديث رسولية - أحاديث نبوية - أحاديث سلطوية تخص صفة ومقام الحكم والقيادة. وكذلك لا تصح الموافقه على حصره وجوب العمل بالأحاديث الرسولية فقط . أما الأحاديث النبوية والسلطوية فلا يجب العمل بها - حسب زعمه - وإنما تستمد منها الأسوة فقط . قال تعالى:(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) 44 ، فصلت .
وقد احتج م/ شحرورعلى إخراج أوامر ونواهي نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم في مقامي نبوته ، وسلطته كحاكم للدولة من دائرة وجوب العمل بها بحجتين:
1 - بأن المجال الذي تتناوله كلا من أحاديث النبوة ، وأحاديث السلطة والحكم منحصر في تقييد الحلال وتنظيم ممارسته في مجتمعه الذي عاش فيه عليه الصلاة والسلام والدولة التي أنشأها ، ولا شأن لها بالتحريم . لأنه صلى الله عليه وسلم - حسب زعم م/ شحرور لم تكن له صلاحية الاستقلال بالتحريم . ولا يبقى بعد ذلك إلا تحريمه صلى الله عليه وسلم لما قد حرمه الله تعالى ، فلا تعتبر الأحاديث في هذه الحال هي المصدر الأصلي للتحريم .
2 - أن عصمته صلى الله عليه وسلم - حسب زعم م/ شحرور - مقتصرة على مقام الرسالة فقط.
أي أن م/ شحرور يرى أن أفعاله عليه الصلاة والسلام وأقواله في مقامي النبوة والحكم لم تصدر عنه ضمن إطار عصمته ، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان فيهما مجتهداً ، يصيب ويخطئ . وقد استدل على زعمه هذا: بآيات عتابه وتصويب بعض أفعاله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) الآية 1 ، التحريم ، وقوله تعالى(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الآية 67 ، الأنفال .
وفيما يلي مناقشتي ، وأوجه اعتراضي على ما قاله م/ شحرور بشأن ضابط تباين المقامات التي خاطب الله تعالى بها رسوله صلى الله عليه وسلم:
أولاً: إن مراعاة أثر المقام أو الصفة الاعتبارية من صفات لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم التي يختار الله تعالى مخاطبته بهافي الآيات ، لا يلزم منها سوى معرفة أثر اختيار تلك الصفة دون غيرها على المعنى العام للنص الحكيم . فنتخذ تلك المعرفة مؤشراً يعين على فهم الآية فهماًً صحيحاً .
وليس ثمة ما يمنع من اعتمادها واحدة من أدوات الفهم الصحيح لكل آية تتضمن خطاباً موجهاً من الله تعالى لرسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأحد مقاماته.
ولكن مع التسليم بوجود أثر لمقام المخاطبة في معنى النص الحكيم إلا أنه لا يلزم منه ، ولا يدل على مشروعية ، ولا على صواب تصنيف الأحاديث إلى:رسولية ، ونبوية ، وسلطوية كما زعم م/ شحرور.
لأن إثبات مشروعية تصنيف الأحاديث يحتاج إلى أدلة مستقلة ، وصريحة تدل عليه. ولم يأتٍ (شحرور) بأدلة عليه تؤيده . وإنما استدل على قوله بتصنيف الأحاديث بدليلٍ استنتاجي فقط ، هو مخاطبة آيات التنزيل الحكيم له صلى الله عليه وسلم بمقاماته المختلفة.
والصحيح أن (اختلاف مقام المخاطبة) لا يصح أن يزيد على اعتباره مؤشراً يساهم في إيضاح بعض مقاصد الآيات.
ولا يصح اتخاذه مقدمة تنتج مشروعية تصنيف الأحاديث . فالاحتجاج به ضعيف ، لأنه منفك الجهة عنه تماماً ، فلا يصلح للدلالة عليه بحال.
وبناء عليه فإنه لا يمكن التسليم بصحة القول بتصنيف الأحاديث أو الدعوة له لعدم قيام دليل صحيح وكاف عليه. لا سيما أن أوامر الآيات بطاعته صلى الله عليه وسلم عامة في صفاته ، ولم تقتصر على صفة معينة منها.
وبالتالي فإن كل ما رتَّبه م/ شحرور- استباقا -على التصنيف المزعوم للأحاديث لا يصح ، ولا يمكن قبوله منطقياً ، إلا بعد يتمكن من أثبات شرعية التصنيف أولاً بأدلة صحيحة وصريحة . وهذا لم يحدث.
ثانياً : أما استدلال م/ شحرور على نفي عصمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مقام النبوة ـ بأن جميع آيات عتاب الله تعالى له ، وتصويب البعض - القليل - من أفعاله قد خاطبته بصفة ومقام النبوة تحديداً (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) . فهو استدلال معكوس تماماً . لأن آيات العتاب تدل على عصمته فيما عدا ما عوتب فيه . فمعاتبة الله تعالى وتصويبه لرسوله صلى الله عليه وسلم في تلك المواضع بعينها يؤكد صواب ما عداها من أقواله وأفعاله. ولذلك فهي تبين وتثبت عصمته صلى الله عليه وسلم على العموم .
كما يجب الانتباه إلى أن القول بنفي عصمته عليه الصلاة والسلام في مقام النبوة بالكلية (أي مطلقاً) يؤدي إلى إتاحة اعتقاد خطئه صلى الله عليه وسلم في غير المواضع التي عوتب فيها . أي أن اعتقاد ذلك من شأنه يجر إلى اعتقاد خطئه دائماً . لزوال وقاية عصمة الله له صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الأخطاء بتأثير هذا الاعتقاد الباطل. وأنها - حاشا لله - قد تركت ولم يتم تصويبها له. وهذا ممتنع في حقه سبحانه وتعالى .
وبعبارة أخرى فإن (افتراض زوال العصمة لا يبقى معه ما يقي ويحمي الدين وأحكامه من أخطاء النبي صلى الله عليه وسلم في مقام(النبوة). وهنا يوضح مدى خطورة اعتقاد نفي العصمة عنه صلى الله عليه وسلم في مقام النبوة .
وأرى أنه لا يصح تصُّور هذا في حق الله تعالى . إذ لا يليق ظن نزعه تعالى العصمة عن مصطفاه للرسالة صلى الله عليه وسلم في واحد من مقاماته المتعلقة بالدين ، وهو مقام النبوة العظيم .
بل إن التصور الصحيح للأمر هو حدوث بعض الأخطاء المعدودة والمحدودة في اجتهاداته صلى الله عليه وسلم والتي أراد الله تعالى استثناءها من عصمته في مقام النبوة لغرض بيان بعض الأحكام الشرعية التي أراد سبحانه وتعالى بيان أحكامه فيها بمناسبة حدوثها الذي أذن . فلا يصح اتخاذها دليلاً ، ولا ذريعة لنفي العصمة عنه صلى الله عليه وسلم في مقام النبوة .
ولو تنزلنا عن هذا المستوى كثيرا - لغرض التمثيل فقط - ونظرنا إلى أصحاب الحصانة من قضاة وبرلمانيين ودبلوماسيين فإن الحصانة لا تنزع عنهم لصدور بعض الأخطاء الاستثنائية غير المقصودة منهم . فما بالنا بمقام من نبأه الله تعالى بأنباء الغيب عن طريق أمين الوحي عليهما الصلاة والسلام ، قال تعالى:(قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) الآية 3 ، التحريم . فمقام النبوة مقام شريف شامخ وراسخ ومقدس .
لذلك فإنني لا أرى صحة الاستدلال بآيات العتاب على نفي عصمته صلى الله عليه و سلم في مقام نبوته . بل أرى أنه لا يليق بمؤمن الذهاب إلى مثل هذا الظن.
ثالثاً:إن ما ذهب إليه م/ شحرور من تصنيف أحاديث السنة المشرفة إلى أحاديث رسولية يجب العمل بها ، وأخرى نبوية لا يجب العمل بها بل تؤخذ منها الأسوة فقط . والذي أسسه على نفي العصمة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مقام النبوة . والذي بناه على أن كل آيات عتابه خاطبته بمقام النبوة ، مردود من وجهين أولهما:عدم إخباره صلى الله عليه وسلم أحداً من أصحابه بهذا التصنيف لكلامه أبداً، ليميزوا بين الأحاديث التي يجب عليهم العمل بها ، عن الأخرى التي هي للتأسي فقط دون الوجوب ، وهو صلى الله عليه وسلم الذي كان يعلمهم دينهم . ولم ينقلوا عنه شيئاً من ذلك أبداً . مع أن قوله تعالى(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) 44 ، النحل ، يوجب عليه صلى الله عليه وسلم بيان آيات التنزيل لهم ، ومنها آيات عتابه وما يترتب عليها ، والتي يفرض المنطق أنها توقعه في الحرج - حاشاه صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك فإنه لم يرد عنه بشأنها شيء مما ذهب إليه م/ شحرورالبتة . و ثانيها : أن الأحاديث المتعلقة بصلب الرسالة محدودة العدد مقارنة بالأحاديث المتعلقة بالنبوة ، فهي الأغلبية الساحقة من السنة المشرفة.
ولذلك فإن تبني تحييد الأحاديث النبوية عن ميدان الأحكام وقصرها على الأسوة فقط " كما هو زعم شحرور"يمثل في الحقيقة وسيلة فعَّالة لنسف غالبية السنة من أساسها ، جملة لا تفصيلاً.
فانتهاج وتبني هذا الزعم بمثابة إعمال معول هدم بالغ التدمير للدين ، ومنزلق سحيق ينبغي المسلمين الحذر من الانجراف إليه.
الحادي عشر: ضابط الاعتماد على معيارين في اختيار أحد معاني اللفظ المشترك الوارد في أي نص حكيم وهما :
ـ اختيار المعنى الملائم لسياق النص .
ـ أن يكون المعنى المختار مستمداً من الجذر اللغوي للفظ المشترك .
وتنحصر مناقشتي لهذا الضابط في وسيلة استعماله في التطبيق.
فوسيلة استخدامه لفهم النص الحكيم المراد قراءته قراءة معاصرة هي الاعتماد الكامل على ما يصدره عقل القارئ من رأي بشأنه ،أي أن قرارات الاختيار فيه موكولة للعقل .
ولما كانت عقول البشر متفاوتة ، فإن هذا المعيار يصبح غير منضبط في التطبيق . فما يقرر عقل ( فلان) من الناس بأن أحد معاني المشترك هو المناسب لسياق النص دون غيره . يقرر عقل غيره بأنه لا يناسب سياق النص . ويختار عقله معنىً آخر من معاني اللفظ المشترك يعتبره الأنسب له. و كلاً منهما يرى أن اختياره هو الصواب .
وهكذا يفقد هذا الضابط صلاحيته كمعيار لاختيار وتحديد أحد معاني اللفظ المشترك ،لتفاوته في التطبيق وعدم إمكانية ثباته.
وهذا ما حدث فعلاً: حين رأى م/ شحرور مناسبة أحد معاني اللفظ المشترك (نساء) في قوله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ) الآية 14 ، آل عمران ، فاختار هو اعتبار دلالة لفظ (النِّسَاءِ) على معنى التأخير والتأجيل . ورأى أنه هو المعنى المناسب لسياق نص هذه الآية الكريمة . فرفض الكثيرون - وأنا منهم - اختياره معنى (التأجيل) للفظ (النِّسَاءِ) في هذه الآية الكريمة.
ولم يأت رفضهم للمعنى الذي اختاره م/ شحرور لكونه جديداً عليهم . أي أنهم لم يرفضوه لتمسكهم بموروثهم الثقافي كما قال م/ شحرور. بل لاختلاف ما اختارته وقررت صوابه عقولهم . فجاء اختيارهم مختلفاً عما رآه هو بناء على فهمهم لألفاظ الآية الكريمة ، وبناء على دلالة كامل سياقها ، لا لمجرد تمسكهم بالموروث.
فتأثير الموروث الثقافي عليهم الذي احتج به (شحرور) لا يكفي وحده لصدهم عن اختيار معنىً جديد لهذا اللفظ المشترك - ولا لغيره - إذا ما وافقت عليه عقولهم ورجحت صواب اختياره في رأيهم.
الثاني عشر: ضابط الالتزام بالبحث عن مصداقية (الآيات) ، وتحري الوقوف على مظاهر تحقق وجود مضامينها في واقع أحوال الكون ، وما فيه ، ومن فيه.
وتتمثل مصداقية نصوص التنزيل الحكيم حسب رأي م/ شحرور في دوام ملاءمتها للمتغيرات المستمرة في المعارف الإنسانية ، وقدرتها على مواكبتها مهما ارتفع سقفها وتطورت أدواتها . فلا يصح اعتقاد انعدام مصداقية نصوص التنزيل الحكيم أبداً .
لصدورها هي والكون من مصدر واحدة . فالله تعالى هو قائل هذه النصوص ، وهو كذلك سبحانه خالق هذا الكون وما فيه ، ومن فيه.
ولذلك وجب أن يكون التطابق بينهما حاصل . وأن يكون التناقض بينهما منعدم . وأن الثمرة المرجوة من هذا الضابط هي الإفادة من أثر مراعاة المصداقية في توجيه قراءة نصوص التنزيل الحكيم وإسهامها في فهم معانيها فهماً صحيحاً .
ومع عدم خلو ما قاله من بعض الصحة نظرياً ، إلا أنه مرفوض شرعاً . لأن النصوص الشرعية دلت على أن أساس ومصدر العقائد في دين الإسلام هو الإيمان بالغيب . لا بالحواس الإنسانية . قال تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) الآية 3 ، البقرة ، وقال تعالى (وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) الآية 122، النساء.
كما أن اتخاذ (السعي وراء إيجاد التطابق بين ما أخبر به القرآن الكريم ، وبين الواقع المشاهد) لو سلمنا به جدلاً - لا قدر الله - كضابط لفهم الآيات ، فإنه لا يمكن السيطرة على استعماله في فهمها . لسهولة وقوع من يطبقه في منزلق المبالغة المفرطة ، لعدم انضباطه. فلا يؤمن الزلل في رحلة البحث عن المصداقية.
هذا علاوة على مخالفته لأصل الإيمان بالتسليم بصدق كلام الخالق سبحانه مهما أدركت حواسنا خلافه . قال تعالى (لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) 67 ، الأنعام ، وقال تعالى(وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) 88 ، ص ، وذلك لضعف الإنسان ، وقصور إدراكه. قال تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) 28 ، النساء ، و قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(صدق الله ، وكذب بطن أخيك) . رواه البخاري في صحيحه برقم (5716) ، ومسلم في صحيحه برقم (2217).
كما أنه لو قبل المسلمون بفتح هذا الباب - لا قدر الله - فإنه سيؤدي إلى القيام بلي أعناق الآيات وتحميلها ما لا تحتمله من المعاني جرياً وراء ما يظن الناظر (في الآيات وفي واقع الكون ومن فيه) بأنه القدر المناسب لتحقق مصداقية التطابق بينهما . بينما يكون في واقع حاله قد بالغ حتى وصل إلى تحريف الكلم مواضعه وذهب بالآيات بعيداً عن معاني ألفاظها، ودلالة نظمها تماما.
لذا فإنه لا يمكن قبول (اشتراط التطابق) كضابط بحال . لتنافيه مع أصل الإيمان بالغيب أولاً ، ولأنه يفتح باب تحريف الآيات. بل يجب استبعاده من ضوابط أي قراءة صحيحة للآيات الكريمة .
وبعد سرد هذه المناقشات لكل ما اعتبرها (م/ شحرور) معاييرا وضوابطاً لقراءته لنصوص التنزيل الحكيم ثبت بما لا يدع مجالا للشك : أنها في مجملها غير صحيحة .ض وأن الاستثناء الضئيل منها (غير منضبط ) ، أو أنه لا توجد وسيلة تضمن سلامة تطبيقه في التعامل مع النص المقدس . ولعل هذا السبب هو الذي جعل علماء الأمة يستبعدون قراءة (م/ شحرور) . لا ، لأنهم لم يفكروا فيما فكر، حتى جاء هو واكتشف مالم يعلموه . ورحم الله امرؤاً عرف قدر نفسه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
نتيجة مناقشة معايير قراءة شحرور :
تبين من المناقشة أن الضوابط ذات الأرقام ( 1 ـ 2 ـ 3 ـ 4 ـ 7 ـ 8 ـ 9 ـ 12) غير صحيحة . ولا يمكن قبول اعتبارها معايير صحيحة لقراءة آيات كتاب الله تعالى ، وتدبر معانيها .
أما الضابطين الخامس والسادس فهما صحيحان تماماً . وقد التزم بهما المفسرون . وكتبهم تشهد بهذا. ولكن (م/ شحرور) لم يلتزم بهما في قراءته.
أما الضابط العاشر: إن مراعاة أثر المقام أو الصفة الاعتبارية من صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي يختار الله تعالى مخاطبته بها ، لا يلزم منها سوى معرفة أثر اختيار تلك الصفة دون غيرها على المعنى العام للنص الحكيم. فتتخذ تلك المعرفة مؤشراً يعين على فهم النصوص فهماًً صحيحاً.
ولا مانع من اعتمادها واحدة من أدوات الفهم الصحيح لكل نص حكيم يتضمن خطاباً موجهاً من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأحد مقاماته.
إلا أن تسليمنا بأثر مقام المخاطبة على معنى النص الحكيم لا يلزم منه ، ولا يدل على مشروعية ، ولا على صواب تصنيف الأحاديث إلى : رسولية ، ونبوية ، وسلطوية كما زعم ذلك م/ شحرور.
لأن ادعاء مشروعية وصحة تصنيف الأحاديث يحتاج إلى أدلة صريحة ومستقلة تدل عليه . وم/ شحرور لم يأتٍ بأدلة مباشرة وصريحة تثبته . وإنما استدلاله على رأيه - بأن يتم تصنيف الأحاديث - بمقامات المخاطبة المختلفة . فهو لا يكفي ولا يصلح دليلاً على مشروعية التصنيف .
ولا ينبغي أن يزيد اعتبار المتدبر لمقام المخاطبة على أنه مؤشراً يفيد في إيضاح بعض جوانب المعاني في النصوص الحكيمة . لا أكثر.
لا أن يجعل مقدمة تنتج صحة ومشروعية تصنيف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدليل شحرور علاوة على ضعفه ، فإنه منفك الجهة عن التصنيف تماماً ، لا يدل عليه بحال .
لذا فإنه لا يمكن التسليم بصحة القول بتصنيف الأحاديث لعدم إقامته الدليل الصحيح و الكافي عليه .
وأما الضابط الحادي عشر: فهو صحيح تماماً . وقد التزم به المفسرون . وكتبهم تشهد بهذا . ولكن ( م/ شحرور) لم يلتزم به في قراءته . وبناء على كل ما تقدم أنى لاعتماد مثل هذه المعايير الخاطئة ، أن يتوصل المتدبر باستعمالها لفهم معاني آيات كتاب الله تعالى فهماً صحيحاً ؟. ( من يصلح الملح إذا الملح فسد ؟) . فليحذر كل من هو مغتر بكلام (شحرور) . اللهم قد بلغت . اللهم فاشهد . والله تعالى أعلى وأعلم . والحمد لله رب العالمين .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
منهج الأشاعرة في العقيدة / للشيخ سفر الحوالي قوقل المعتزلة | الأشعرية | الخوارج 12 2011-05-23 08:40 PM
بروتوكولات حاخامات قم عدو الروافض الشيعة والروافض 0 2010-09-15 04:15 PM
رد شبهات السنه حول الشيعه الحسيني بشار الشيعة والروافض 51 2010-05-06 10:14 PM
يوم الغفران والتهانى والهدايه عيد قتلهم لعمر رضى الله عنه ويختم احتفالهم بالمسابقات من يسب ويلعن ويحقد اكثر محمدع الشيعة والروافض 2 2009-12-20 09:42 AM
"تارك التقية كتارك الصلاة"...؟ ادخل وشوف بنت المدينة الشيعة والروافض 3 2009-12-06 01:10 AM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 يلا شوت 
 شركة تنظيف بالطائف   سحب مجاري   فني صحي   افضل شركة نقل اثاث بجدة   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd