معاوية فهمي إبراهيم مصطفى
2024-10-16, 07:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:ــ
(( الثبات على الدِّين))
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين وصلَّ اللهُ على نبينا محمدٍ و على أَلهِ وصحبهِ أجمعين وبعد :ـــ
إنَّ في تعاقُبِ الشِدَّةِ والرخاءِ، والعُسرِ واليُسرِ، كشفٌ عن معادنِ النُفوس، وطبائعِ القُلوب حيثُ يتمحصُ المؤمنون، وينكشفُ الزائفون. ومن عِلمِ حكمةِ اللهِ في تصريفِ الأمور، وجريان الأقدار فلن يَجدُ اليأسُ إلى قلبهِ سبيلاً، ومهما أظلمت المسالكِ وتتابعت الخطوب، وتكاثرت النكبات فلن يزداد إلَّا ثباتاً فالإنسان إلى ربهِ راجعٌ، والمؤمن بإيمانهِ مستمسكٌ وبأقدارِ اللهِ ُمستسلم.
وإنَّ مما حَثَّ عليهِ الإسلام، وعظمةُ القرآن: الثباتُ على الدِّين، و الإستقامةُ عليهِ ذلكَ بأنَّ الثبات على دينِ الله والإعتصامُ بِهِ يدلُ دلالةً قاطعة على سلامةِ الإيمان، وحُسنُ الإسلام، وصحة اليقين، و حسنُ الظنِ بالله تعالى وما أعدَّهُ الله ــ عزَّ وجلَّ ــ من النعيم المقيم في الآخرةِ لعبادهِ الصالحين، وفي الدنيا من النصرِ والتمكين. كما قَالَ اللهُ تعالى: { يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدَامَكُم * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَّهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم})مُحمد٧ ــ ٨ (، وأعظمُ الثباتِ هو الثباتُ على الدِّين.
إنَّ الثبات على دينِ الله خُلقٌ عظيم، ومعنى جميل، لهُ في نفسِ الإنسان الثابت، وفيمن حَولهُ من الناسِ مُؤثراتٍ مُهمة تفعلُ فِعلها، وتُؤثر أثرها، وفيهِ جوانبُ من الأهميةِ الفائقة في تربيةِ الفرد والمجتمع.
إنَّ صفةُ الثبات على الإسلام والإستمرار على منهجِ الحقِّ نعمةٌ عظيمة حباً اللهِ بها أولياءهِ وصفوةِ خلقهِ، وأمتنَّ اللهُ عليهم بِها، فقال مخاطباً عبدهُ ورسوله مُحمد( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): {وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَّ تَركَنُ إلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً} [الإسراء: ٧٤].
وأمر الله سُبحانهُ و تعالى الملائكة الكِرام بتثبيتِ أَهلِ الإيمان، فقالَ سُبحانهُ و تعالى: { إذ يُوحِي رَبٌّكَ إلَى الـمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرٌّعبَ فَاضرِبُوا فَوقَ الأَعنَاقِ وَاضرِبُوا مِنهُم كُلَّ بَنَانٍ،} [الأنفال: ١٢].
إنَّ الثبات على دِين الله دليلٌ على سلامةِ المنهج، وداعية إلى الثقة بِهِ، كما أنَّ الثبات على الدِّين ضريبةُ النصر والتمكين والطريق المُوصل إلى المجدِ والرفعة.
و الثبات طريقٌ لتحقيقِ الأهداف العظيمة، والغايات النبيلة فالإنسان الرَّاغب في تعبيدِ الناسِ لربِّ العالمين، والعاملُ على رفعةِ دِينهِ وإِعلاءِ رايتَهُ لا غِنى لهُ عن الثبات.
إنَّ الثبات يعني الإستقامة على الهُدى، والتمسكِ بالتقوى، وأمرُ النفس على سلوكِ طريقِ الحقِّ والخير، والبعدُ عن الذنُوبِ والمعاصي ومسالكِ الهوى و الشيطان. وإنَّ مِما يعينُ على الثباتِ أمام الفِتن و الإبتلاأت صحةِ الإيمان وصلابةِ الدِّين فكلمَّا كان الإنسانُ قوياً في إيمانهِ، صلباً في دِينهِ، صادقاً مع ربّهِ، كُلمَّا ازداد ثباتــهُ، وقويت عــزيمتـــهُ وثبتت حُجتــهُ، كما قال سُبحانهُ و تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الـحَيَاةِ الدٌّنيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧]، وقال ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): « المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيف، وفي كلٍ خير».
كما أنَّ الدعاء والافتقار إلى الله عزَّ وجلَّ والإستِكانةُ إليهِ من أقوى الأسباب لدفع المكروه وحصول المطلوب، وهو من أقوى الأسباب على الثبات إذا أخلصَ الداعي في دعائِهِ وحسبك أنَّ النبي ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كان يدعو ربَّهُ ويسألهُ الثبات، فيقول: «اللهُمَّ إنّي أسألُكَ الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُشد».
وفي حديثِ إِبن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كان يدعو فيقول: «ربِّ أعنِّي ولا تُعن عليَّ، وإنصرني ولا تُنْصرْ عليّ، وامكر لي ولا تُمكر عليّ، وإهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ. اللهُمَّ إجعلني لكَ شاكراً، لكَ ذاكراً، لك راهباً، لكَ مطواعاً، إليكَ مخبتاً ومنيباً، ربِّ تقبَّل توبتي، وإغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبّت حُجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسللْ سَخِيمةَ قلبي».
كما أنَّ اليقين والرضى بقضاءِ اللهِ وقدرهِ من أعظم الأسباب المعينــــة علـــى الثبات. قال علقمــة بن قيس في تفســـير قولهِ تعالى: { وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ، عَلِيمٌ} [التغابن: ١١] قال: هو الرجل تُصيبهُ المُصيبة فيعلم أنَّها من عندِ الله فيرضى ويستسلِم».
قال شيخ الإسلام إبنُ تيمية رحمهُ الله : «بالصبرِ و اليقين تُنال الإمامة في الدِّين»، وقال إبن القيم رحمه الله : « اليقين من الإيمان بمنزلةِ الرُوح مــن الجــسد». وقال إبن تيمية رحمه الله : « الصبرُ نصفُ الإيمان، و اليقين الإيمانُ كُله».
إنَّ المسلمينَ في هذهِ الأيام يمرون بمرحلةٍ عصيبة من مراحلِ تاريخنا المعاصر ـ وتكادُ تغلبُ في هذهِ المرحلة عوامل اليأسِ ومشاعر الإحباط فهم في أمس الحاجة إلى التمسك بالدين، والعضُ عليهِ بالنواجذ لأنَّ الإستسلام لليأسِ يقتل الهِمم ويُخدر العزائم، ويُدمر الطموحات، وهذه المعاني هي التي تُحرك الإرادات وبذل الجهد.
ورغم تتابــعِ الفتن وتنوعهــا وتكاثرهــا فإنَّ نصــرَ الله آتٍ لا محالة و دون أي شك إن شاء الله كما وعدنا سُبحانهُ و تعالى شريطة أنْ نتمسك بدِيننا ونعتـزُ بشـــريعتنا ويكـون ولاؤنا للهِ ولرســولهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كما قال سُبحانهُ و تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيُّ عَزِيزٌ} [ الحج: ٤٠]، وقال ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): «لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحـــقِّ لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون». وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهُ قال رسولُ اللهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): «لا يزال هذا الدين قائماً يُقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين حتى تقومُ الساعة».
ومع تكاثر أعداء الإسلام، وتكالُبهم على هذا الدِّين، والكيد لهُ ولأهلهِ قال تعالى: { يُرِيدُونَ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ} [الصف: ٨]. إلاَّ أنَّ النصرُ والتمكين بمشيئةِ اللهِ لحملةِ هذا الِّدين المُبشرين بالثناءِ والتمكين كما في حديث ثوبان ( رضي الله عنه ) : «إنَّ الله زوى ليَّ الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإنَّ أمتي سيبلغُ مُلكها ما زُوي ليِ منها»
وكما في حديثِ تميم الداري ( رضي الله عنه ) قال: قال رسولُ اللهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) : «ليُبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ الليلَ والنهار، ولا يُتركُ بيتِ مدرٍ ولا وبرٍ إلاَّ أدخلهُ الله هذا الدينِ بعزِ عزيزٍ أو بذُلِ ذليل، عزاً يعزُ اللهُ ِبهِ دينُ الإسلام، وذلاً يذلُ بِهِ الكفر.
إنَّ عِزَّ هذهِ الأُمَّة، ورِفعةُ أهلِ الحقِ لا تتمُ ولن تكون إلاَّ بالعضِ على هذا الدين بالنواجذ عقيدة وشريعة، صدقاً وعدلاً، ثباتاً في الموقف وصدقاً مع الله، قال تعالى : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَنتُـــمُ الأَعلَونَ إن كُنتُم مٌّؤمِنِينَ} [آل عمـران: ١٣٩]، وقال ـ سبحانه ـ: {وَإن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم} [محمد: ٣٨].
وصلَّ اللهُ على نبينا مُحمد و على أصحابهِ ومن تبعهُ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
إعداد و تحضير الفقير إلى رحمة الله
أخوكم: معاوية فهمي إبراهيم.
******************
https://www.ansarsunna.com/vb/images/buttons/edit.gif (https://www.ansarsunna.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=442979)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:ــ
(( الثبات على الدِّين))
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين وصلَّ اللهُ على نبينا محمدٍ و على أَلهِ وصحبهِ أجمعين وبعد :ـــ
إنَّ في تعاقُبِ الشِدَّةِ والرخاءِ، والعُسرِ واليُسرِ، كشفٌ عن معادنِ النُفوس، وطبائعِ القُلوب حيثُ يتمحصُ المؤمنون، وينكشفُ الزائفون. ومن عِلمِ حكمةِ اللهِ في تصريفِ الأمور، وجريان الأقدار فلن يَجدُ اليأسُ إلى قلبهِ سبيلاً، ومهما أظلمت المسالكِ وتتابعت الخطوب، وتكاثرت النكبات فلن يزداد إلَّا ثباتاً فالإنسان إلى ربهِ راجعٌ، والمؤمن بإيمانهِ مستمسكٌ وبأقدارِ اللهِ ُمستسلم.
وإنَّ مما حَثَّ عليهِ الإسلام، وعظمةُ القرآن: الثباتُ على الدِّين، و الإستقامةُ عليهِ ذلكَ بأنَّ الثبات على دينِ الله والإعتصامُ بِهِ يدلُ دلالةً قاطعة على سلامةِ الإيمان، وحُسنُ الإسلام، وصحة اليقين، و حسنُ الظنِ بالله تعالى وما أعدَّهُ الله ــ عزَّ وجلَّ ــ من النعيم المقيم في الآخرةِ لعبادهِ الصالحين، وفي الدنيا من النصرِ والتمكين. كما قَالَ اللهُ تعالى: { يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدَامَكُم * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعسًا لَّهُم وَأَضَلَّ أَعمَالَهُم})مُحمد٧ ــ ٨ (، وأعظمُ الثباتِ هو الثباتُ على الدِّين.
إنَّ الثبات على دينِ الله خُلقٌ عظيم، ومعنى جميل، لهُ في نفسِ الإنسان الثابت، وفيمن حَولهُ من الناسِ مُؤثراتٍ مُهمة تفعلُ فِعلها، وتُؤثر أثرها، وفيهِ جوانبُ من الأهميةِ الفائقة في تربيةِ الفرد والمجتمع.
إنَّ صفةُ الثبات على الإسلام والإستمرار على منهجِ الحقِّ نعمةٌ عظيمة حباً اللهِ بها أولياءهِ وصفوةِ خلقهِ، وأمتنَّ اللهُ عليهم بِها، فقال مخاطباً عبدهُ ورسوله مُحمد( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): {وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَّ تَركَنُ إلَيهِم شَيئًا قَلِيلاً} [الإسراء: ٧٤].
وأمر الله سُبحانهُ و تعالى الملائكة الكِرام بتثبيتِ أَهلِ الإيمان، فقالَ سُبحانهُ و تعالى: { إذ يُوحِي رَبٌّكَ إلَى الـمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرٌّعبَ فَاضرِبُوا فَوقَ الأَعنَاقِ وَاضرِبُوا مِنهُم كُلَّ بَنَانٍ،} [الأنفال: ١٢].
إنَّ الثبات على دِين الله دليلٌ على سلامةِ المنهج، وداعية إلى الثقة بِهِ، كما أنَّ الثبات على الدِّين ضريبةُ النصر والتمكين والطريق المُوصل إلى المجدِ والرفعة.
و الثبات طريقٌ لتحقيقِ الأهداف العظيمة، والغايات النبيلة فالإنسان الرَّاغب في تعبيدِ الناسِ لربِّ العالمين، والعاملُ على رفعةِ دِينهِ وإِعلاءِ رايتَهُ لا غِنى لهُ عن الثبات.
إنَّ الثبات يعني الإستقامة على الهُدى، والتمسكِ بالتقوى، وأمرُ النفس على سلوكِ طريقِ الحقِّ والخير، والبعدُ عن الذنُوبِ والمعاصي ومسالكِ الهوى و الشيطان. وإنَّ مِما يعينُ على الثباتِ أمام الفِتن و الإبتلاأت صحةِ الإيمان وصلابةِ الدِّين فكلمَّا كان الإنسانُ قوياً في إيمانهِ، صلباً في دِينهِ، صادقاً مع ربّهِ، كُلمَّا ازداد ثباتــهُ، وقويت عــزيمتـــهُ وثبتت حُجتــهُ، كما قال سُبحانهُ و تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الـحَيَاةِ الدٌّنيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧]، وقال ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): « المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيف، وفي كلٍ خير».
كما أنَّ الدعاء والافتقار إلى الله عزَّ وجلَّ والإستِكانةُ إليهِ من أقوى الأسباب لدفع المكروه وحصول المطلوب، وهو من أقوى الأسباب على الثبات إذا أخلصَ الداعي في دعائِهِ وحسبك أنَّ النبي ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كان يدعو ربَّهُ ويسألهُ الثبات، فيقول: «اللهُمَّ إنّي أسألُكَ الثبات في الأمر، والعزيمة على الرُشد».
وفي حديثِ إِبن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كان يدعو فيقول: «ربِّ أعنِّي ولا تُعن عليَّ، وإنصرني ولا تُنْصرْ عليّ، وامكر لي ولا تُمكر عليّ، وإهدني ويسّر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ. اللهُمَّ إجعلني لكَ شاكراً، لكَ ذاكراً، لك راهباً، لكَ مطواعاً، إليكَ مخبتاً ومنيباً، ربِّ تقبَّل توبتي، وإغسل حوبتي، وأجب دعوتي، وثبّت حُجتي، واهدِ قلبي، وسدد لساني، واسللْ سَخِيمةَ قلبي».
كما أنَّ اليقين والرضى بقضاءِ اللهِ وقدرهِ من أعظم الأسباب المعينــــة علـــى الثبات. قال علقمــة بن قيس في تفســـير قولهِ تعالى: { وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ، عَلِيمٌ} [التغابن: ١١] قال: هو الرجل تُصيبهُ المُصيبة فيعلم أنَّها من عندِ الله فيرضى ويستسلِم».
قال شيخ الإسلام إبنُ تيمية رحمهُ الله : «بالصبرِ و اليقين تُنال الإمامة في الدِّين»، وقال إبن القيم رحمه الله : « اليقين من الإيمان بمنزلةِ الرُوح مــن الجــسد». وقال إبن تيمية رحمه الله : « الصبرُ نصفُ الإيمان، و اليقين الإيمانُ كُله».
إنَّ المسلمينَ في هذهِ الأيام يمرون بمرحلةٍ عصيبة من مراحلِ تاريخنا المعاصر ـ وتكادُ تغلبُ في هذهِ المرحلة عوامل اليأسِ ومشاعر الإحباط فهم في أمس الحاجة إلى التمسك بالدين، والعضُ عليهِ بالنواجذ لأنَّ الإستسلام لليأسِ يقتل الهِمم ويُخدر العزائم، ويُدمر الطموحات، وهذه المعاني هي التي تُحرك الإرادات وبذل الجهد.
ورغم تتابــعِ الفتن وتنوعهــا وتكاثرهــا فإنَّ نصــرَ الله آتٍ لا محالة و دون أي شك إن شاء الله كما وعدنا سُبحانهُ و تعالى شريطة أنْ نتمسك بدِيننا ونعتـزُ بشـــريعتنا ويكـون ولاؤنا للهِ ولرســولهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) كما قال سُبحانهُ و تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيُّ عَزِيزٌ} [ الحج: ٤٠]، وقال ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): «لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحـــقِّ لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون». وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنهُ قال رسولُ اللهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ): «لا يزال هذا الدين قائماً يُقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين حتى تقومُ الساعة».
ومع تكاثر أعداء الإسلام، وتكالُبهم على هذا الدِّين، والكيد لهُ ولأهلهِ قال تعالى: { يُرِيدُونَ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللَّهُ مُتِمٌّ نُورِهِ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ} [الصف: ٨]. إلاَّ أنَّ النصرُ والتمكين بمشيئةِ اللهِ لحملةِ هذا الِّدين المُبشرين بالثناءِ والتمكين كما في حديث ثوبان ( رضي الله عنه ) : «إنَّ الله زوى ليَّ الأرض فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإنَّ أمتي سيبلغُ مُلكها ما زُوي ليِ منها»
وكما في حديثِ تميم الداري ( رضي الله عنه ) قال: قال رسولُ اللهِ ( صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ) : «ليُبلغنَّ هذا الأمرُ ما بلغَ الليلَ والنهار، ولا يُتركُ بيتِ مدرٍ ولا وبرٍ إلاَّ أدخلهُ الله هذا الدينِ بعزِ عزيزٍ أو بذُلِ ذليل، عزاً يعزُ اللهُ ِبهِ دينُ الإسلام، وذلاً يذلُ بِهِ الكفر.
إنَّ عِزَّ هذهِ الأُمَّة، ورِفعةُ أهلِ الحقِ لا تتمُ ولن تكون إلاَّ بالعضِ على هذا الدين بالنواجذ عقيدة وشريعة، صدقاً وعدلاً، ثباتاً في الموقف وصدقاً مع الله، قال تعالى : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَنتُـــمُ الأَعلَونَ إن كُنتُم مٌّؤمِنِينَ} [آل عمـران: ١٣٩]، وقال ـ سبحانه ـ: {وَإن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمثَالَكُم} [محمد: ٣٨].
وصلَّ اللهُ على نبينا مُحمد و على أصحابهِ ومن تبعهُ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
إعداد و تحضير الفقير إلى رحمة الله
أخوكم: معاوية فهمي إبراهيم.
******************
https://www.ansarsunna.com/vb/images/buttons/edit.gif (https://www.ansarsunna.com/vb/editpost.php?do=editpost&p=442979)