أبو عبد الرحمان التونسي
2011-08-30, 02:06 AM
الإعداد للهرْج [ أبو عبد الله التونسي]
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة بقيت تترد في ذهني منذ قرأتها في أحد مقالات
الشيخ أبي قتادة منذ عشر سنوات..
إن سقوط أمريكا سيفاجئ من ينتظره !
كلمة تدل عن عبقرية هذا الرجل في زمن الغثاء.
سقوط الحضارة الغربية أمر قدري محتوم
اجتمعت أسبابه منذ زمن بعيد
عندما يباع التأمين على قروض الربا المضاعف دون تقابض بين أهل اللواط
فلا تسأل عن النتيجة
بل لقد اجتمع في أمريكا وغيرها من بلاد الغرب جميع الأسباب التي
أوجب كل واحد منها هلاك أمة من الأمم السابقة
المؤشر الأخير لهذا السقوط
التطاول على النبي صلى الله عليه وسلم وسبه والاستهزاء به
علنا مؤذنا بحتمية التدمير
مشروع بولسن أو أي مشروع غيره إذا اعتمد سيزيد في إثقال
كاهل المواطن الأمريكي البائس ويجعل هذه الدولة الآثمة عرضة للانهيار
الاقتصادي المباشر، مرهونة في كارثة طبيعية كإعصار كاترينا،
أو زلزال كزلزال سان فرانسيسكو لسنة 1910م،
عملية جهادية تجهز عليها، أو حرب أهلية بين أنصار المرشحين للرئاسة
إذا تكرر ما وقع في فلوريدا بين بوش وآل غور، أو قتل أوباما المهدد
أو أي أمر أعده الله لها ليأخذهم به بغتة فإذا هم مبلسون وهي بالتالي
ستجر معها اقتصاد بقية بلادها الصديقة يعني دول العالم بأسره بسبب
ترابط العملة والمعاملات المالية في ما بينها وسيسبب انهيار العملات
وفقدانها لقيمتها انهيارا اجتماعيا لا يعلم تداعياته إلا الله سبحانه.
سيكون حتما السبب أو أحد الأسباب في عودة الأمم إلى الخيل والسيوف
كما جاء منصوصا عليه في أحاديث الفتن والملاحم
بعض عقلاء الغرب يسميها "الحرب العالمية الأهلية" أو "حرب الجوع"
ويتصور أنها :
انفراط في الأمن وانتشار الجرائم والمجاعات والأوبئة سببه نقص موارد
الرزق وكثرة السكان خاصة في المدن
مضافا إلى ذلك نقص موارد الطاقة أو صعوبة إيصالها و بيعها لانهيار
العملات الورقية (ينظر في سقوط الحضارة الغربية تسجيل درس نهاية
التاريخ للشيخ سلمان العودة الذي ألقاه سنة 1414،
وقارن بين حديث الرجل يومها ومواقفه اليوم !)
الأمر طبعا مفرح لأهل الإسلام بل حتى أهل الإنجيل ينتظرون هذا
السقوط الحضاري بل ويسعون إليه لأنه يسبق رجوع المسيح -زعموا-كما
سيحاول اليهود استغلاله لبناء معبدهم المزعوم –خيب الله مسعاهم-
و الذي لا شك فيه أن مثل هذه الفتن العامة لن تصيب الذين ظلموا خاصة
وسيصيب الكثير من أمة الإسلام ما سيصيب غيرهم من الأمم لأنها أصلا
ليست مبرأة من الإثم على وجه العموم ، إثم تعطيل الشريعة وربط اقتصادها
بالربا وتبعيتها لأعداء الملة وترك خاصتها للجهاد ونصرة الدين وإن كان
بعض المسلمين أقل عرضة للضرر من غيرهم بسبب شظف معيشتهم الحالية،
بل سيكون هذا السقوط بإذن الله سببا في رفع الضيق والبلاء المتسلط
على بعض المسلمين من طرف الدول الغربية كما هو الحال بأفغانستان
والعراق واليمن والصومال وغيرها .. لن يحتاج المرء كثير عناء للربط بين
هذا الشر المنتظر والهرْج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي
الساعة أيام الهرْج (صحيح الجامع) يصفه النبي صلى الله عليه وسلم
بأنه "القتل، القتل" (البخاري يقول عنه " ليس بقتل المشركين ولكن يقتل
بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته فقال بعض القوم
يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
تنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم"
(صحيح ابن ماجه) ولا شك أن ذهاب الحضارة ، مع تمدن الناس سيجعلهم
في حيرة عظيمة عاجزين عن القيام بأبسط حاجياتهم المعيشية مثل شربة الماء
التي اعتادوا أن تأتيهم بأيسر الطرق، فتتطيش عقولهم أضف إلى هذا فقدان
العملات الورقية لقيمتها بسبب سقوط الدولار الوشيك وذهاب ثروات الناس
بالجملة فيصير حال الناس إلى "حيث لا يأمن الرجل جليسه" (السلسلة الصحيحة) "
حتى أن الرجل يلقاه أخوه فيقتله" (صحيح الجامع)و"لا يدري القاتل فيما قتل.
ولا المقتول فيم قتل" فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال "الهرج.
القاتل والمقتول في النار". (مسلم)
يقول خالد بن الوليد رضي الله عنه(
فينظر الرجل فيتفكر هل يجد مكانا لم يتزل به مثل ما نزل بمكانه الذي هو فيه
من الفتنة و الشر فلا يجده قال وتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين يدي الساعة :الهرج فنعوذ بالله أن تدركنا وإياكم تلك الأيام(السلسلة الصحيحة)
ومن عظم البلاء الذي ينزل
"يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه" (البخاري)
لقد وقع مثل هذا في تاريخ الأمة ، لكن بصورة محدودة ففي أحداث
سنة 597 كما يرويها ابن كثير رحمه الله: اشتد الغلاء بأرض مصر جداً،
فهلك خلق كثير جداَ من الفقراء والأغنياء، ثم أعقبه فناء عظيم ... وأكلت
الكلاب والميتات فيها بمصر.وأكل من الصغار والأطفال خلق كثير يشوي
الصغير والداه ويأكلانه، وكثر هذا في الناس جداً حتى صار لا ينكر بينهم،
فلما فرغت الأطفال والميتات غلب القوي الضعيف فذبحه وأكله.وكان الرجل
يحتال على الفقير فيأتي به ليطعمه أو ليعطيه شيئاً، ثم يذبحه ويأكله.وكان
أحدهم يذبح امرأته ويأكلها وشاع هذا بينهم بلا إنكار ولا شكوى، ...
وهلك كثير من الأطباء الذين يستدعون إلى المرضى، فكانوا يذبحون
ويؤكلون، كان الرجل يستدعي الطبيب ثم يذبحه ويأكله... (البداية والنهاية)
ولا حول ولا قوة إلا بالله
فتوقع ما يمكن حدوثه في قوم رق دينهم كأهل هذا الزمان، في فتنة
عامة تأتي على الأخضر واليابس ودون جزم بزمن وقوع هذا بالتحديد
وإن ظهرت بوادره واقتربت ساعته أو أنه هو عين الهرج الذي ذكره
المصطفى صلى الله عليه وسلم بل هو أخوه وصنوه
يبقى السؤال المهم الذي يطرح نفسه
ماذا أعددنا لهذا الهرج وهذه الفتنة العظيمة التي تترصد ؟
طبعا الجواب البديهي أن عامة الأمة اليوم في غفلة عن أمر كهذا
وهي في غفلة عن تدبر سنن الله في خلقه وفي من يجاهر بحربه
و الكفر بأنبيائه
بل الكثير من الخاصة منهم كذلك، وسيصيبها منه ما سيصيبها إلا طوائف
متفرقة هنا وهناك لها استقلال اقتصادي ومنعة توفر لها
حصانة من تداعيات هذا الهرج
لن تتضرر منه أو ستكون أول من يستفيق من صدمته إن أصابها منه شيء
وهذه الجماعات وجب أن تكون وجهة الموحدين من مشارق الأرض
ومغاربها لعموم أمره صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة و نهيه عن
مفارقتها وهذه الجماعات الجهادية والقبائل المستقلة التي كان ينفُر
وينفّر منها أصحاب الوسطية والاعتدال المزعوم ستكون ملاذ المسلمين
يوم تلفحهم نيران الفتن والهرج والمرج وتلهب ظهورهم سياط عصابات
السطو والتقتيل التي ستحل محل الدويلات العربية المنهارة و تكون
امتدادا لعساكرها ولجنودها الجماعات الجهادية المعاصرة (السلفية منها طبعا)
تمثل أسس الخلافة الراشدة التي ستقضي على الهرج في العالم بأسره
فمن استطاع أن يلحق بها الآن فليفعل ومن لم يستطع فلوقت لاحق، ومن
لم يستطع فعليهم (لأن العمل جماعي ولا بد) تكوين مثل هذه الجماعات عند
ظهور الفتنة إلا أنهم سيصطدمون بعوائق ومشاكل قد تجاوزتها الجماعات
الموجودة الآن تتعلق بالعدة والإعداد والتنظيم لكنه أخف الضررين ليحمي
أفراد هذه الجماعات بعضهم بعضا و ليحققوا المجتمع الإسلامي المصغر
الذي سيستأنف الحياة الإسلامية الخالية من مظاهر الجاهلية المعاصرة،
حتى تجمعهم كلمة واحدة.
السنة النبوية التي حذرت من الهرج والفتن، زاخرة بالدلالات على
طرق الخلاص والنجاة منها
أضع بين أيديكم على عجالة ما أوقفني الله عليه منها وإن كان
الموضوع يحتاج مزيدا من البحث والتنسيق إلا أني أرى بوادر الفتنة أسرع
من كتابتي لهذا الموضوع، فما لا يدرك كله فليدرك جله وليرجع إليها المسلم
الموحد حسب قدرته وإمكاناته مع التنبيه أن ما قد يستطيعه المسلم اليوم،
قد لا يصل إليه غدا فعليه المبادرة للخير والإعداد أول وآخر ما يفعله المسلم
في مثل هذه الأوقات وغيرها، هو الاعتصام بالله سبحانه وتعالى والتوكل
عليه والاستعاذة به من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والصبر على البلاء
والإقبال على عبادته سبحانه وتعالى،
فالفتن والابتلاءات مطهرة لذنوبنا وتقصيرنا وموسم من مواسم تضاعف الأجور
ألا ترى قول النبي صلى الله عليه وسلم
"عبادة في الهرج كهجرة إلي" (مسلم)
فأي خير فوق هذا الخير ؟
إن مات الموحد مات على خير وإن عاش، عاش لخير
والحمد لله على نعمه في محنه
وليعلم المسلم أن ما سيصيبه من الخوف و الجوع والنقص قد أصاب
أفضل الخلق قبله من الأنبياء وأتباعهم كافة الأزمان وليصبر وليحتسب
ولا يجزع فلن يصيبه أكثر مما كتب الله له إنما هي سنن الابتلاء قبل
التمكين والمخاض العسير قبل الولادة {ألم، أحسب الناس
أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
الأمر الثاني هو الفرار وهجرة مواضع الفتن لأمره صلى الله عليه وسلم
لأصحابه في زمن الفتنة "ثم لينج إن استطاع النجاء"(مسلم) وأخطرها على
المسلمين اليوم بلاد الكفار الأصليين وهذا أمر واجب في الفتنة وفي
غيرها لبراءته صلى الله عليه وسلم ممن يقيم بين أظهرهم "أنا بريء
من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم ؟ قال :
لا تراءا نارهما" (السلسلة الصحيحة) فإن لم يبادر المقيمين في هذه
البلاد بالهجرة أو لم يستعدوا لها فإنهم سيعيدون مأساة الأندلس في
صورة أبشع ووجه أقبح وما مذابح البوسنة عنا ببعيد فكيف بزمن الهرج
و أفضل الهجرة، الهجرة إلى بلاد الشام أو اليمن لدعاء النبي
صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في قوله "اللهم بارك لنا في شامنا
وبارك لنا في يمننا"(البخاري) وقوله صلى الله عليه وسلم : "ألا وإن
الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام" (رواه أحمد، وهو في صحيح الترغيب)
وقوله صلى الله عليه وسلم :"سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجنّدة،
جندٌ بالشام وجندٌ باليمن وجندٌ بالعراق، قال ابن حوالة : خِرْ لي
يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام (وفي رواية أحمد ثلاثا)
فإِنها خيرة الله من أرضه، يجتبى إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم
فعليكم بيمنكم،واسقوا من غدركم، فإِن الله توكَّل لي بالشام وأهله"
(صحيح أبي داوود) أي تكفل لي بأهل الشام بأن لا تصيبه الفتنة ولا يهلك
الله بالفتنة من أقام بها (عون المعبود) وقوله صلى الله عليه وسلم "
ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجَر إبراهيم" -
أي الشام- (السلسلة الصحيحة)وغيرها من الأحاديث في فضل بلاد الشام
وفضل الهجرة إليها والواقع يشهد بأن البلاد التي ذكرها المصطفى
صلى الله عليه وسلم ستكون أسرع البلاد تغلبا على الفتنة والهرج بسبب
وجود الجماعات الجهادية القادرة على الأخذ بزمام الأمور.
ولسائل أن يسأل أهل الجزيرة ومشايخها خاصة في ما يسمونها
"بلاد السعودية" لماذا لم يذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في أجناد
الإسلام ولماذا لا تقام الخلافة في بلادهم طالت المدة أو قصرت ؟
أليست بلادهم بلد التوحيد ؟ وهل يكون جزاء التوحيد
الحق الحرمان من الخلافة ؟
الجواب على هذا السؤال يحتاج المقارنة بين ما كان عليه الشيخ
محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه وما عليه من ينتسب لدعوته اليوم،
وهذا يحتاج إلى بحث خاص ليس هذا محله، وحسبنا هنا مجرد التساؤل.
المدن أكثر الأماكن عرضة للفتن والهرج ، يكثر فيها السكان وتقل
فيها الموارد فليتحرز المسلمون إلى البوادي والجبال يقول ربنا سبحانه
لعبده عيسى عليه السلام في زمن الفتنة "حرز عبادي إلى الطور"
(مسلم) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "ليفرن الناس من الدجال في الجبال"
(مسلم) ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: (يوشك أن يكون خير مال
المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن). (البخاري)
وقد دلنا عليه الصلاة والسلام على ما ينفع المؤمن حين الفتن في قوله
"من كانت له إبلٌ فليلحق بإِبله، ومن كانت له غنمٌ فليلحق بغنمه، ومن كانت
له أرضٌ فليلحق بأرضه".(مسلم)
يقول أبو هريرة رضي الله عنه "يأتي على الناس زمان ، تكون الثلة من الغنم،
أحب إلى صاحبها من دار مروان" (البخاري في الأدب المفرد)
والحكمة من هذا ظاهرة لما في موارد الماء ومواطن الزرع والغنم من
منافع عاجلة في زمن النقص والحاجة.
فمن عجز عن هذا كله
فليكن حلس بيته لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك في زمن الفتنة
"كونوا أحلاس بيوتكم" (صحيح أبي داوود)
قال ابن الأثير أي الزموها
وذلك أن ينقطع المسلمون لعبادة الله في بيوتهم حتى تمر الفتنة
وتهدأ الأوضاع ولا يخوضوا مع الخائضين
والله أعلم بالمدة المقدرة لذلك وعزلة المسلمين في بيوتهم أو في الجبال
والبوادي تحتاج منهم اتخاذ بعض الأسباب وتجميع بعض الموارد الأساسية
من الأقوات، وهذا ما أوصى به نبي الله يوسف في زمن الجوع والفاقة
{ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون}
وكذلك الأدوية وبعض الأدوات التي يحُتاج إليه في الحياة اليومية البسيطة،
وأن يكونوا على مورد من موارد الماء إذا انقطعت السبل العصرية لضخه
ومن المهم أيضا جمع وتحصين بعض أمهات كتب العلم لأن زمن الفتنة زمن
انتشار للجهل واشتغال الناس عن العلم وطلبه وفقد العلماء مع قلتهم
وانقطاع السبل للوصول إليهم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها
العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج. والهرج القتل" (متفق عليه)
وللاستغناء عن الكتب الالكترونية وغيرها من الوسائل العصرية التي قد
يتعذر الرجوع إليها في أحوال الفتنة والهرج وانقطاع الوقود والكهرباء
ولأن طلب العلم ونشره من أعظم أبواب العبادة والتقرب إلى الله وإخلاء
النفس من هموم الناس ومشاغلهم
وأهم من هذا
إعداد وتخزين عدة الرمي : السلاح بأنواعه لدفع المعتدين والباغين
لقوله تعالى
{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}
ومسألة ترك المسلمين لحمل السلاح، من أعظم أسباب ذلتهم واستعلاء
الكافرين والمرتدين عليهم هذا الزمان
ومن لا يملك سلاحا للدفع عن نفسه وأهله فهو عرضة لأن تُأخذ نفسه
ويُنهب ماله ويُأكل طعامه وتُحرّق كتبه في مثل هذه الأحوال
وعندها يتمنى المرء أن يدفع الدنيا وما فيها على أن يكون له سلاحا
بعد أن عصى الله وفرط في تحصيله
وحسبك من نفع السلاح استعماله في الصيد في زمن النقص والجوع
ووجب عدم الغفلة عن تحصيل بعض الأسلحة التقليدية لمظنة ذهاب الذخائر
النارية ولتيقن الرجوع إلى استعمالها في الأزمنة المقبلة
خاصة أنها مصنعة بطرق حديثة، ولا زال بعض الصيادين يستعمل القوس
العصري والسهام في صيدهم مع ما في الحاجة إلى السلاح لإقامة دولة
الخلافة القادمة مما يجب المباردة إليه كذلك استبدال العملات الورقية التي
لا قيمة لها حقيقة، بدنانير الذهب والفضة خاصة أن طباعة هذه الأوراق لم
يعد معتمدا على قيمتها من الذهب والفضة إنما يعود على ضمان الدول
الكافرة المرابية لقيمتها وهذا أحد أسباب التضخم المالي والفساد الاقتصادي
وهو يسبب لنا كمسلمين الكثير من المحظورات الفقهية التي نحن في غنى عنها
وهذا الاستبدال يقوم به اليوم الكثير من الكفار ويتغافل عنه أصحاب الأموال
من المسلمين وعند إفلاس الدول الغربية ستصبح أوراق نقودها أرخص من
الورق الذي طبعت عليه ويا خيبة من أودع أمواله في بنوك أعدائه
وهذا لا يعني التكالب على المال وتخزين أكثر من الحاجة إليه لأن الناس
في حاجة إلى موارد واستقرار أمني أكثر من الحاجة إلى مال لا يقدرون
على استعماله ولا يجدون أين ينفقونه ولأن المال سيفيض بعد انقشاع
هذه الفتن بظاهر رواية البخاري رحمه الله
"يكثر الهرج، وهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض" وهذا
أمر بديهي إذ بعد تقاتل الناس، ستكثر الأرزاق و يكون الخير أكثر من
الحاجة إليه خاصة إذا ظهر كنز الذهب في الفرات وصار غنيمة في بيت
مال المسلمين ورجعت الأمة إلى الجهاد والغنيمة ولهذا أيضا وجب على
المسلمين أن لا يظنوا على بعضهم البعض بما رزقهم الله من خير
وأن يعودوا إلى أخلاق الرعيل الأول في تراحمهم وإيثارهم في زمن يغلب
فيه الشح وإيثار حظوظ النفس يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "
ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج" (متفق عليه) والعودة إلى
هذه المكارم من الأخلاق سيؤلف الكثير من الناس حول الإمارات الإسلامية
الوليدة ويرفع إيمان القائمين عليها ويعدهم لمرحلة التمكين في الأرض.
ومما يجب المبادرة إليه أيضا تخزين بعض الوقود خاصة في البلدان التي
لا تنتج النفط ولا تصنعه للحاجة الملحة إليه للتنقل والفرار من مواطن الفتن
كما هو مذكور بالأعلى خاص للمقيمين بالدول الأوربية التي قد تفقد
مخزونها بين عشية وضحاها
ويخسر المقيمين فيها وقتا ثمينا لتحصيل الوقود إن وجد، قبل اشتعال
الفتنة فتكون الرزية ولا أنسى التنبيه على القيام ببعض العناية الصحية
من تلقيح وصيانة للأسنان وإعداد بدني عام تحسبا لظرف
لا يعلم شدته إلا الله سبحانه
وأفضل من هذا الاجتهاد في النوافل وقيام الليل وصوم التطوع والزهد
في ما لاحاجة فيه من المباحات فكيف بالمحظورات واستغلال الأوقات
في ما ينفع العبد في دينه عسى الله أن يعصمنا من الفتنة
أو يخرجنا منها سالمين غانمين.
وفي الختام أقول
أني لم أكتب هذه الكلمات للتخويف والإرجاف
بل لتحفيز النفوس على استقبال فتنة عابرة تولد خيرا عميما لأهل الإسلام
وللبشرية جمعاء وإعداد العدة التي تخفف الضيق وتقلل الضرر فسقوط
الحضارة المادية محتوم والهرج كذلك محتوم وإن لم تقع هذه الفتنة اليوم
فهي ستقع غدا دون شك ولا ريب سنة إلهية وأحاديث نبوية صريحة
فإن أعاذنا الله منها فذلك من فضله وكرمه والإعدادات التي ذكرتها
بالأعلى لا يعدم نفعها على كل حال وإن استشرف الهرج وأطلت الفتن
فنحن بإذن الله لها فإن لم نكن نحن رجالها فسيخرج الله لها رجالا ثم لا يكونوا أمثالنا .
أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وبالله التوفيق
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة بقيت تترد في ذهني منذ قرأتها في أحد مقالات
الشيخ أبي قتادة منذ عشر سنوات..
إن سقوط أمريكا سيفاجئ من ينتظره !
كلمة تدل عن عبقرية هذا الرجل في زمن الغثاء.
سقوط الحضارة الغربية أمر قدري محتوم
اجتمعت أسبابه منذ زمن بعيد
عندما يباع التأمين على قروض الربا المضاعف دون تقابض بين أهل اللواط
فلا تسأل عن النتيجة
بل لقد اجتمع في أمريكا وغيرها من بلاد الغرب جميع الأسباب التي
أوجب كل واحد منها هلاك أمة من الأمم السابقة
المؤشر الأخير لهذا السقوط
التطاول على النبي صلى الله عليه وسلم وسبه والاستهزاء به
علنا مؤذنا بحتمية التدمير
مشروع بولسن أو أي مشروع غيره إذا اعتمد سيزيد في إثقال
كاهل المواطن الأمريكي البائس ويجعل هذه الدولة الآثمة عرضة للانهيار
الاقتصادي المباشر، مرهونة في كارثة طبيعية كإعصار كاترينا،
أو زلزال كزلزال سان فرانسيسكو لسنة 1910م،
عملية جهادية تجهز عليها، أو حرب أهلية بين أنصار المرشحين للرئاسة
إذا تكرر ما وقع في فلوريدا بين بوش وآل غور، أو قتل أوباما المهدد
أو أي أمر أعده الله لها ليأخذهم به بغتة فإذا هم مبلسون وهي بالتالي
ستجر معها اقتصاد بقية بلادها الصديقة يعني دول العالم بأسره بسبب
ترابط العملة والمعاملات المالية في ما بينها وسيسبب انهيار العملات
وفقدانها لقيمتها انهيارا اجتماعيا لا يعلم تداعياته إلا الله سبحانه.
سيكون حتما السبب أو أحد الأسباب في عودة الأمم إلى الخيل والسيوف
كما جاء منصوصا عليه في أحاديث الفتن والملاحم
بعض عقلاء الغرب يسميها "الحرب العالمية الأهلية" أو "حرب الجوع"
ويتصور أنها :
انفراط في الأمن وانتشار الجرائم والمجاعات والأوبئة سببه نقص موارد
الرزق وكثرة السكان خاصة في المدن
مضافا إلى ذلك نقص موارد الطاقة أو صعوبة إيصالها و بيعها لانهيار
العملات الورقية (ينظر في سقوط الحضارة الغربية تسجيل درس نهاية
التاريخ للشيخ سلمان العودة الذي ألقاه سنة 1414،
وقارن بين حديث الرجل يومها ومواقفه اليوم !)
الأمر طبعا مفرح لأهل الإسلام بل حتى أهل الإنجيل ينتظرون هذا
السقوط الحضاري بل ويسعون إليه لأنه يسبق رجوع المسيح -زعموا-كما
سيحاول اليهود استغلاله لبناء معبدهم المزعوم –خيب الله مسعاهم-
و الذي لا شك فيه أن مثل هذه الفتن العامة لن تصيب الذين ظلموا خاصة
وسيصيب الكثير من أمة الإسلام ما سيصيب غيرهم من الأمم لأنها أصلا
ليست مبرأة من الإثم على وجه العموم ، إثم تعطيل الشريعة وربط اقتصادها
بالربا وتبعيتها لأعداء الملة وترك خاصتها للجهاد ونصرة الدين وإن كان
بعض المسلمين أقل عرضة للضرر من غيرهم بسبب شظف معيشتهم الحالية،
بل سيكون هذا السقوط بإذن الله سببا في رفع الضيق والبلاء المتسلط
على بعض المسلمين من طرف الدول الغربية كما هو الحال بأفغانستان
والعراق واليمن والصومال وغيرها .. لن يحتاج المرء كثير عناء للربط بين
هذا الشر المنتظر والهرْج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي
الساعة أيام الهرْج (صحيح الجامع) يصفه النبي صلى الله عليه وسلم
بأنه "القتل، القتل" (البخاري يقول عنه " ليس بقتل المشركين ولكن يقتل
بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته فقال بعض القوم
يا رسول الله ومعنا عقولنا ذلك اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
تنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم"
(صحيح ابن ماجه) ولا شك أن ذهاب الحضارة ، مع تمدن الناس سيجعلهم
في حيرة عظيمة عاجزين عن القيام بأبسط حاجياتهم المعيشية مثل شربة الماء
التي اعتادوا أن تأتيهم بأيسر الطرق، فتتطيش عقولهم أضف إلى هذا فقدان
العملات الورقية لقيمتها بسبب سقوط الدولار الوشيك وذهاب ثروات الناس
بالجملة فيصير حال الناس إلى "حيث لا يأمن الرجل جليسه" (السلسلة الصحيحة) "
حتى أن الرجل يلقاه أخوه فيقتله" (صحيح الجامع)و"لا يدري القاتل فيما قتل.
ولا المقتول فيم قتل" فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال "الهرج.
القاتل والمقتول في النار". (مسلم)
يقول خالد بن الوليد رضي الله عنه(
فينظر الرجل فيتفكر هل يجد مكانا لم يتزل به مثل ما نزل بمكانه الذي هو فيه
من الفتنة و الشر فلا يجده قال وتلك الأيام التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم
بين يدي الساعة :الهرج فنعوذ بالله أن تدركنا وإياكم تلك الأيام(السلسلة الصحيحة)
ومن عظم البلاء الذي ينزل
"يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه" (البخاري)
لقد وقع مثل هذا في تاريخ الأمة ، لكن بصورة محدودة ففي أحداث
سنة 597 كما يرويها ابن كثير رحمه الله: اشتد الغلاء بأرض مصر جداً،
فهلك خلق كثير جداَ من الفقراء والأغنياء، ثم أعقبه فناء عظيم ... وأكلت
الكلاب والميتات فيها بمصر.وأكل من الصغار والأطفال خلق كثير يشوي
الصغير والداه ويأكلانه، وكثر هذا في الناس جداً حتى صار لا ينكر بينهم،
فلما فرغت الأطفال والميتات غلب القوي الضعيف فذبحه وأكله.وكان الرجل
يحتال على الفقير فيأتي به ليطعمه أو ليعطيه شيئاً، ثم يذبحه ويأكله.وكان
أحدهم يذبح امرأته ويأكلها وشاع هذا بينهم بلا إنكار ولا شكوى، ...
وهلك كثير من الأطباء الذين يستدعون إلى المرضى، فكانوا يذبحون
ويؤكلون، كان الرجل يستدعي الطبيب ثم يذبحه ويأكله... (البداية والنهاية)
ولا حول ولا قوة إلا بالله
فتوقع ما يمكن حدوثه في قوم رق دينهم كأهل هذا الزمان، في فتنة
عامة تأتي على الأخضر واليابس ودون جزم بزمن وقوع هذا بالتحديد
وإن ظهرت بوادره واقتربت ساعته أو أنه هو عين الهرج الذي ذكره
المصطفى صلى الله عليه وسلم بل هو أخوه وصنوه
يبقى السؤال المهم الذي يطرح نفسه
ماذا أعددنا لهذا الهرج وهذه الفتنة العظيمة التي تترصد ؟
طبعا الجواب البديهي أن عامة الأمة اليوم في غفلة عن أمر كهذا
وهي في غفلة عن تدبر سنن الله في خلقه وفي من يجاهر بحربه
و الكفر بأنبيائه
بل الكثير من الخاصة منهم كذلك، وسيصيبها منه ما سيصيبها إلا طوائف
متفرقة هنا وهناك لها استقلال اقتصادي ومنعة توفر لها
حصانة من تداعيات هذا الهرج
لن تتضرر منه أو ستكون أول من يستفيق من صدمته إن أصابها منه شيء
وهذه الجماعات وجب أن تكون وجهة الموحدين من مشارق الأرض
ومغاربها لعموم أمره صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة و نهيه عن
مفارقتها وهذه الجماعات الجهادية والقبائل المستقلة التي كان ينفُر
وينفّر منها أصحاب الوسطية والاعتدال المزعوم ستكون ملاذ المسلمين
يوم تلفحهم نيران الفتن والهرج والمرج وتلهب ظهورهم سياط عصابات
السطو والتقتيل التي ستحل محل الدويلات العربية المنهارة و تكون
امتدادا لعساكرها ولجنودها الجماعات الجهادية المعاصرة (السلفية منها طبعا)
تمثل أسس الخلافة الراشدة التي ستقضي على الهرج في العالم بأسره
فمن استطاع أن يلحق بها الآن فليفعل ومن لم يستطع فلوقت لاحق، ومن
لم يستطع فعليهم (لأن العمل جماعي ولا بد) تكوين مثل هذه الجماعات عند
ظهور الفتنة إلا أنهم سيصطدمون بعوائق ومشاكل قد تجاوزتها الجماعات
الموجودة الآن تتعلق بالعدة والإعداد والتنظيم لكنه أخف الضررين ليحمي
أفراد هذه الجماعات بعضهم بعضا و ليحققوا المجتمع الإسلامي المصغر
الذي سيستأنف الحياة الإسلامية الخالية من مظاهر الجاهلية المعاصرة،
حتى تجمعهم كلمة واحدة.
السنة النبوية التي حذرت من الهرج والفتن، زاخرة بالدلالات على
طرق الخلاص والنجاة منها
أضع بين أيديكم على عجالة ما أوقفني الله عليه منها وإن كان
الموضوع يحتاج مزيدا من البحث والتنسيق إلا أني أرى بوادر الفتنة أسرع
من كتابتي لهذا الموضوع، فما لا يدرك كله فليدرك جله وليرجع إليها المسلم
الموحد حسب قدرته وإمكاناته مع التنبيه أن ما قد يستطيعه المسلم اليوم،
قد لا يصل إليه غدا فعليه المبادرة للخير والإعداد أول وآخر ما يفعله المسلم
في مثل هذه الأوقات وغيرها، هو الاعتصام بالله سبحانه وتعالى والتوكل
عليه والاستعاذة به من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والصبر على البلاء
والإقبال على عبادته سبحانه وتعالى،
فالفتن والابتلاءات مطهرة لذنوبنا وتقصيرنا وموسم من مواسم تضاعف الأجور
ألا ترى قول النبي صلى الله عليه وسلم
"عبادة في الهرج كهجرة إلي" (مسلم)
فأي خير فوق هذا الخير ؟
إن مات الموحد مات على خير وإن عاش، عاش لخير
والحمد لله على نعمه في محنه
وليعلم المسلم أن ما سيصيبه من الخوف و الجوع والنقص قد أصاب
أفضل الخلق قبله من الأنبياء وأتباعهم كافة الأزمان وليصبر وليحتسب
ولا يجزع فلن يصيبه أكثر مما كتب الله له إنما هي سنن الابتلاء قبل
التمكين والمخاض العسير قبل الولادة {ألم، أحسب الناس
أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}
الأمر الثاني هو الفرار وهجرة مواضع الفتن لأمره صلى الله عليه وسلم
لأصحابه في زمن الفتنة "ثم لينج إن استطاع النجاء"(مسلم) وأخطرها على
المسلمين اليوم بلاد الكفار الأصليين وهذا أمر واجب في الفتنة وفي
غيرها لبراءته صلى الله عليه وسلم ممن يقيم بين أظهرهم "أنا بريء
من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم ؟ قال :
لا تراءا نارهما" (السلسلة الصحيحة) فإن لم يبادر المقيمين في هذه
البلاد بالهجرة أو لم يستعدوا لها فإنهم سيعيدون مأساة الأندلس في
صورة أبشع ووجه أقبح وما مذابح البوسنة عنا ببعيد فكيف بزمن الهرج
و أفضل الهجرة، الهجرة إلى بلاد الشام أو اليمن لدعاء النبي
صلى الله عليه وسلم لهما بالبركة في قوله "اللهم بارك لنا في شامنا
وبارك لنا في يمننا"(البخاري) وقوله صلى الله عليه وسلم : "ألا وإن
الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام" (رواه أحمد، وهو في صحيح الترغيب)
وقوله صلى الله عليه وسلم :"سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجنّدة،
جندٌ بالشام وجندٌ باليمن وجندٌ بالعراق، قال ابن حوالة : خِرْ لي
يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام (وفي رواية أحمد ثلاثا)
فإِنها خيرة الله من أرضه، يجتبى إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم
فعليكم بيمنكم،واسقوا من غدركم، فإِن الله توكَّل لي بالشام وأهله"
(صحيح أبي داوود) أي تكفل لي بأهل الشام بأن لا تصيبه الفتنة ولا يهلك
الله بالفتنة من أقام بها (عون المعبود) وقوله صلى الله عليه وسلم "
ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مُهاجَر إبراهيم" -
أي الشام- (السلسلة الصحيحة)وغيرها من الأحاديث في فضل بلاد الشام
وفضل الهجرة إليها والواقع يشهد بأن البلاد التي ذكرها المصطفى
صلى الله عليه وسلم ستكون أسرع البلاد تغلبا على الفتنة والهرج بسبب
وجود الجماعات الجهادية القادرة على الأخذ بزمام الأمور.
ولسائل أن يسأل أهل الجزيرة ومشايخها خاصة في ما يسمونها
"بلاد السعودية" لماذا لم يذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في أجناد
الإسلام ولماذا لا تقام الخلافة في بلادهم طالت المدة أو قصرت ؟
أليست بلادهم بلد التوحيد ؟ وهل يكون جزاء التوحيد
الحق الحرمان من الخلافة ؟
الجواب على هذا السؤال يحتاج المقارنة بين ما كان عليه الشيخ
محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه وما عليه من ينتسب لدعوته اليوم،
وهذا يحتاج إلى بحث خاص ليس هذا محله، وحسبنا هنا مجرد التساؤل.
المدن أكثر الأماكن عرضة للفتن والهرج ، يكثر فيها السكان وتقل
فيها الموارد فليتحرز المسلمون إلى البوادي والجبال يقول ربنا سبحانه
لعبده عيسى عليه السلام في زمن الفتنة "حرز عبادي إلى الطور"
(مسلم) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "ليفرن الناس من الدجال في الجبال"
(مسلم) ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: (يوشك أن يكون خير مال
المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن). (البخاري)
وقد دلنا عليه الصلاة والسلام على ما ينفع المؤمن حين الفتن في قوله
"من كانت له إبلٌ فليلحق بإِبله، ومن كانت له غنمٌ فليلحق بغنمه، ومن كانت
له أرضٌ فليلحق بأرضه".(مسلم)
يقول أبو هريرة رضي الله عنه "يأتي على الناس زمان ، تكون الثلة من الغنم،
أحب إلى صاحبها من دار مروان" (البخاري في الأدب المفرد)
والحكمة من هذا ظاهرة لما في موارد الماء ومواطن الزرع والغنم من
منافع عاجلة في زمن النقص والحاجة.
فمن عجز عن هذا كله
فليكن حلس بيته لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك في زمن الفتنة
"كونوا أحلاس بيوتكم" (صحيح أبي داوود)
قال ابن الأثير أي الزموها
وذلك أن ينقطع المسلمون لعبادة الله في بيوتهم حتى تمر الفتنة
وتهدأ الأوضاع ولا يخوضوا مع الخائضين
والله أعلم بالمدة المقدرة لذلك وعزلة المسلمين في بيوتهم أو في الجبال
والبوادي تحتاج منهم اتخاذ بعض الأسباب وتجميع بعض الموارد الأساسية
من الأقوات، وهذا ما أوصى به نبي الله يوسف في زمن الجوع والفاقة
{ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون}
وكذلك الأدوية وبعض الأدوات التي يحُتاج إليه في الحياة اليومية البسيطة،
وأن يكونوا على مورد من موارد الماء إذا انقطعت السبل العصرية لضخه
ومن المهم أيضا جمع وتحصين بعض أمهات كتب العلم لأن زمن الفتنة زمن
انتشار للجهل واشتغال الناس عن العلم وطلبه وفقد العلماء مع قلتهم
وانقطاع السبل للوصول إليهم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة أياما يرفع فيها
العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج. والهرج القتل" (متفق عليه)
وللاستغناء عن الكتب الالكترونية وغيرها من الوسائل العصرية التي قد
يتعذر الرجوع إليها في أحوال الفتنة والهرج وانقطاع الوقود والكهرباء
ولأن طلب العلم ونشره من أعظم أبواب العبادة والتقرب إلى الله وإخلاء
النفس من هموم الناس ومشاغلهم
وأهم من هذا
إعداد وتخزين عدة الرمي : السلاح بأنواعه لدفع المعتدين والباغين
لقوله تعالى
{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}
ومسألة ترك المسلمين لحمل السلاح، من أعظم أسباب ذلتهم واستعلاء
الكافرين والمرتدين عليهم هذا الزمان
ومن لا يملك سلاحا للدفع عن نفسه وأهله فهو عرضة لأن تُأخذ نفسه
ويُنهب ماله ويُأكل طعامه وتُحرّق كتبه في مثل هذه الأحوال
وعندها يتمنى المرء أن يدفع الدنيا وما فيها على أن يكون له سلاحا
بعد أن عصى الله وفرط في تحصيله
وحسبك من نفع السلاح استعماله في الصيد في زمن النقص والجوع
ووجب عدم الغفلة عن تحصيل بعض الأسلحة التقليدية لمظنة ذهاب الذخائر
النارية ولتيقن الرجوع إلى استعمالها في الأزمنة المقبلة
خاصة أنها مصنعة بطرق حديثة، ولا زال بعض الصيادين يستعمل القوس
العصري والسهام في صيدهم مع ما في الحاجة إلى السلاح لإقامة دولة
الخلافة القادمة مما يجب المباردة إليه كذلك استبدال العملات الورقية التي
لا قيمة لها حقيقة، بدنانير الذهب والفضة خاصة أن طباعة هذه الأوراق لم
يعد معتمدا على قيمتها من الذهب والفضة إنما يعود على ضمان الدول
الكافرة المرابية لقيمتها وهذا أحد أسباب التضخم المالي والفساد الاقتصادي
وهو يسبب لنا كمسلمين الكثير من المحظورات الفقهية التي نحن في غنى عنها
وهذا الاستبدال يقوم به اليوم الكثير من الكفار ويتغافل عنه أصحاب الأموال
من المسلمين وعند إفلاس الدول الغربية ستصبح أوراق نقودها أرخص من
الورق الذي طبعت عليه ويا خيبة من أودع أمواله في بنوك أعدائه
وهذا لا يعني التكالب على المال وتخزين أكثر من الحاجة إليه لأن الناس
في حاجة إلى موارد واستقرار أمني أكثر من الحاجة إلى مال لا يقدرون
على استعماله ولا يجدون أين ينفقونه ولأن المال سيفيض بعد انقشاع
هذه الفتن بظاهر رواية البخاري رحمه الله
"يكثر الهرج، وهو القتل القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض" وهذا
أمر بديهي إذ بعد تقاتل الناس، ستكثر الأرزاق و يكون الخير أكثر من
الحاجة إليه خاصة إذا ظهر كنز الذهب في الفرات وصار غنيمة في بيت
مال المسلمين ورجعت الأمة إلى الجهاد والغنيمة ولهذا أيضا وجب على
المسلمين أن لا يظنوا على بعضهم البعض بما رزقهم الله من خير
وأن يعودوا إلى أخلاق الرعيل الأول في تراحمهم وإيثارهم في زمن يغلب
فيه الشح وإيثار حظوظ النفس يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "
ويلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج" (متفق عليه) والعودة إلى
هذه المكارم من الأخلاق سيؤلف الكثير من الناس حول الإمارات الإسلامية
الوليدة ويرفع إيمان القائمين عليها ويعدهم لمرحلة التمكين في الأرض.
ومما يجب المبادرة إليه أيضا تخزين بعض الوقود خاصة في البلدان التي
لا تنتج النفط ولا تصنعه للحاجة الملحة إليه للتنقل والفرار من مواطن الفتن
كما هو مذكور بالأعلى خاص للمقيمين بالدول الأوربية التي قد تفقد
مخزونها بين عشية وضحاها
ويخسر المقيمين فيها وقتا ثمينا لتحصيل الوقود إن وجد، قبل اشتعال
الفتنة فتكون الرزية ولا أنسى التنبيه على القيام ببعض العناية الصحية
من تلقيح وصيانة للأسنان وإعداد بدني عام تحسبا لظرف
لا يعلم شدته إلا الله سبحانه
وأفضل من هذا الاجتهاد في النوافل وقيام الليل وصوم التطوع والزهد
في ما لاحاجة فيه من المباحات فكيف بالمحظورات واستغلال الأوقات
في ما ينفع العبد في دينه عسى الله أن يعصمنا من الفتنة
أو يخرجنا منها سالمين غانمين.
وفي الختام أقول
أني لم أكتب هذه الكلمات للتخويف والإرجاف
بل لتحفيز النفوس على استقبال فتنة عابرة تولد خيرا عميما لأهل الإسلام
وللبشرية جمعاء وإعداد العدة التي تخفف الضيق وتقلل الضرر فسقوط
الحضارة المادية محتوم والهرج كذلك محتوم وإن لم تقع هذه الفتنة اليوم
فهي ستقع غدا دون شك ولا ريب سنة إلهية وأحاديث نبوية صريحة
فإن أعاذنا الله منها فذلك من فضله وكرمه والإعدادات التي ذكرتها
بالأعلى لا يعدم نفعها على كل حال وإن استشرف الهرج وأطلت الفتن
فنحن بإذن الله لها فإن لم نكن نحن رجالها فسيخرج الله لها رجالا ثم لا يكونوا أمثالنا .
أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وبالله التوفيق