أنصار السنة

أنصار السنة (https://www.ansarsunna.com/vb/index.php)
-   رد الشبهات وكشف الشخصيات (https://www.ansarsunna.com/vb/forumdisplay.php?f=14)
-   -   بين ام سامي و ابي سامي (https://www.ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=107480)

ايوب نصر 2020-04-16 08:48 PM

بين ام سامي و ابي سامي
 
[SIZE="5"]نشرت الاخت الفاضلة ((ع س)) قبل ايام ، على صفحتها منشورا مقتبسا من كتاب "حياة الرافعي " لصاحب حياته و كاتب افكاره محمد سعيد العريان ، و مضمون ما تم نشره هو فقرة يتكلم فيها العريان عما كان بين صاحب حياته و بين مي زيادة ، و مكان زوجة الرافعي من كل هذا ، فجاء في كلام العريان ، ان الرافعي كان يطلع زوجته على تلك الرسائل قبل ان يرسلها ، و قد حرصت جهدي على تتبع التعليقات ، فكان اكثر ما يستفزني فيها ، ما ياتي ظالما لزوجة الرافعي فيصفها بالمغلوبة على امرها ، و ما ياتي منكرا للقصة رادا لها مشككا في صحتها ، و في هذا اتهام للعريان .

و قبل ان اشرع في الذي اردته من وراء انشاء هذه المقالة ، فانه وجب على ان اضع بين يديك نص تعليقي على القصة، و الذي كتبته على عجل ، ثم انطلق الى بيان اغراضي من حمل القلم ، و اما تعليقي فهذا نصه :
" زوجته كانت تعلم امرا مهما ، و هو ان حبه لمي ليس هو الحب نفسه الذي يحمله الرجل لامراة ، و لا ينطوي على الاغراض نفسها ، و انما كان حبا من اجل تحريك القريحة و دفع الخيال الى العمل لاجل توليد المعاني و استجلاب الافكار و انشاء الالفاظ ، فحبه لمي كان وسيلة للكتابة " انتهى تعليقي

اما الان فاسارع لبيان ما اريد بيانه ، و ابدا بما قيل عن زوجة الرافعي ، رحمها الله ، من انها كانت مظلومة مغلوبة على امرها ، ليس لها من الامر شيء الا التسليم لما هو كائن حفاظا على زوجها و جمعا للم اسرتها ، و هذا الكلام و اضرابه و اشبابهه ، يصح ان يقال على اي امراة عادية ، و لا اقصد هنا بقولي امراة عادية ما تسرب الى ذهنك من انها غير متعلمة ، لا ياصاحبي ، لا اريد هذا المعنى و لا احوم حوله ، فالجامعية لا تزيد في غالب الاحيان على ان توصف بوصف " امراة عادية " ، و انما الذي اقصده هنا بقولي " امراة عادية " هي المراة التي لا تصلح ان تكون زوجة لعالم ، و ذلك ان للعلماء في اختيار زوجاتهم و رفيقات احياتهم سبيل يتبعونه و صفات يرجعون اليها و قواعد يحتكمون اليها .

و دعني اضرب لك مثالا ، و لن اذهب بك بعيدا ، و ساكتفي بام فهر ، زوجة الامام محمود شاكر ، و الاستاذ شاكر كان دأبه ان يجتمع عليه محبوه و تلامذته و مريدوه، كل يوم جمعة ، فيختلفون اليه اليوم كله ، من قبل صلاة الجمعة الى ما بعد صلاة العشاء ، فيصبح بيته مثل المدرج الجامعي ، و كان مما اتفق يوما ان يكون من الحضور الفنانة كريمة مختار ، بعدما رافقت الاستاذة عايدة الشريف الى دار الاستاذ ، فسالت الاستاذ شاكرا سؤالا ، يدل على فطنتها و انتباهها ، فقالت له : كيف يختار العلماء زوجاتهم ؟؟
و سؤالها هذا لم يصدر منها عن عواهنه ، و لكن لما تفطنت له من ان ما يقام في دار الشيخ محمود ، كل يوم جمعة ، لن تحتمله امراة عادية ، و انما يلزمه امراة تصلح ان تكون زوجة عالم ، و يتوفر فيها من الشروط و المواصفات ما يجعلها تتحمل عبأ الزواج بعالم ، فامراة عادية لن تتحمل ما كان يحدث في دار الشيخ كل يوم جمعة وحده ،و كيف تتحمله و هي تضجر من زوجها و اولاده فقط فضلا على تتحمل عشرات العائلات طوال يوم الجمعة ؟؟؟
و امثلة هذا كثيرة ، و انما اقترصت طلبا للاختصار

و الرافعي لم يكن بدعا من العلماء ولا استثناء من كبار الادباء ، فكانت امراته زوجة عالم ، و اختارها لذلك عن علم منه ، طبع فيه و مكتسب ، و لولا انها كانت على النحو الذي حدثك به و وصفت لك ، لما رايت هذا الفكر الذي يصول و يجول في كتب الرافعي ، لانه ما بلغ ما بلغه ، من فكر عميق و ذهن رزين و راي حصيف و نظر نافذ الى سرائر النفس البشرية ، الا بما كانت توفره له هذه الزوجة من جو يجعله في هدوء الروح و سكينة النفس مما يقدر به على التوليد و الانشاء في اللفظ و المعنى .
و سيتاكد لك هذا كله ، حين تعرف من هي ام سامي ، فهي امراة اتت من بيت علم و ادب و فضل ، فهي اخت احد كبار الكتاب و هو الشيخ عبد الرحمن البرقوقي ، صاحب مجلة '' البيان '' و احد شراح المتنبي و كتب اخرى ، و هذا يؤيد ما نقلته لك في نص تعليقي ، من انها كانت من الفطنة و الذكاء ما يمكنها من فهم زوجها و فهم اغراضه و ما يحركه ، فعلمت ان ما كان بينه و بين مي ، انما هو اسلوب من الاخذ و الرد ، يحرك به قريحته و ينبه به نظره و يستلهم به فكره ، فساهمت بهذا بان جعلت زوجها نابغة الادب و حجة العرب .

اما كون القصة ليست صحيحة ، فاننا نرده من اوجه :
اولها : ان العريان ثقة و نحن نقبل خبر الثقة الى ان يات خبر يرده ممن هو اولى منه في الصدق و الامانة ، او يظهر لنا ما يقدح في عدالة العريان ، و في انتظار ذلك يبقى الوضع على ما هو عليه .
الثاني : ان الرافعي نفسه صرح بهذا و اعلنه ، و ذلك في وحي القلم ، و هو يحكي قصة الجمال البائس ، فقد قال على لسان احد ابطال قصته : " أعرف متزوجًا، أحب أشد الحب وأَمَضّه، حتى استهام وتدلّه، فكان مع هذا لا يكتب رسالة إلى حبيبته حتى يستأذن فيها زوجته، كيل لاا يعتدي على شيء من حقها. وزوجته كانت أعرف بقلبه وبحب هذا القلب، وهي كانت أعلم أن حبه وسُلْوانه إنما هما طريقتان في الأخذ والترك بين قلبه وبين المعاني، تارة من سبيل المرأة وجمالها، وتارة من سبيل الطبيعة ومحاسنها. "
و هذا نص من كلام الرافعي نفسه يصرح فيه و يؤكد على ما قلناه سواء هنا ام في تعليقنا ، و ذلك ان كل كلام شعرا كان او نثرا ، الا و يبث فيه صاحبه شيئا من خلجات نفسه ، و ما تنطوي عليه سرائر قلبه .

كتب : الخميس 20 شعبان 1441 (16/04/2020)[/SIZE]


الساعة الآن »10:14 AM.

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة - فقط - لأهل السنة والجماعة