عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-10-25, 08:23 AM
حامـ المسك ـل حامـ المسك ـل غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-04
المكان: السعوديه حرسها الله
المشاركات: 1,620
افتراضي تكفيرالمعين شروطه وموانعه

بسـم اللـه الرحـمن الرحـيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعـــــد:
من المعلوم" أن أول الفئات التي خاضت في التكفير هم الخوارج , وقد أنكر الصحابة رضوان الله عليهم ذالك أشد الإنكار بل عَدُّوهُمْ رأس أهل الأهواء.
وأولُ مسألةٍ خاض فيها الخوارج وسَبَّبَتْ التَّوَسُّع في التكفير هي مسألة الحكم بغير ما أنزل الله, حيث احتجوا على عليٍ رضي الله عنه ,بأنَّهُ حَكَّمَ الرجال على كتاب الله، لمَّا حَصَلَتْ واقعة التحكيم بين أبي موسى الأشعري وبين عمرو بن العاص رضي الله عنهما,
فقالوا: حَكَّمَ الرجال على كتاب الله فهو كافر، فَكَفَّرُوا عليا رضي الله عنه وأرضاه، واستدلوا بقوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} المائدة44.
فذهب إليهم ابن عباس رضي الله عنه، يناظرهم واحْتَجَّ عليهم بقول الله تعالى : {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} النساء:35،
فرجع ثلث القوم، وبقيت طائفة منهم على ضلالهم، وظهرت فِرَقْ كثيرة من الخوارج وغيرهم توسعت في المسألة توسعا شائنا,
ومن أصول أهل السنة والجماعة" أنهم يفرقون بين التكفير المطلق وتكفير المعين, لأنه من الممكن أن يقول المسلم قولاً أو يفعل فعلاً, قد دل الكتاب والسنة على أنه كفر وردة عن الإسلام، ولكن لا تلازم عندهم بين القول بأن هذا كفر، وبين تكفير الشخص بعينه, فليس كل من فعل مكفراً يحكم بكفره بإطلاق, فقد يكون القول أو الفعل كفراً, لكن لا يطلق الكفر على القائل إلا بشرطه، لأنه لابد أن تثبت في حقه شروط التكفير وتنتفي موانعه، فقد يكون المرء حديث عهد بالإسلام، وقد يكون جاهلاً جهلاً يعذر بمثله, فإذا بين له رجع، وقد ينكر شيئاً متأ وّلاً أخطأ بتأويله، فلابد مع الشروط من انتفاء الموانع ،
ومن موانع التكفير
أولا: الجهل ،
فمن أنكر أمراً من أمور الشرع جاهلاً به، فإنه لا يكفر, حتى لو وقع في مظهر من مظاهر الشرك أو الكفر, وأهل السنة والجماعة, يراعون اختلاف أحوال الناس، وأماكنهم وأزمنتهم , من حيث انتشار العلم، أو عدمه، لأنهم لا يشتركون جميعاً في معرفة الأمور الضرورية على درجة واحدة, بل قد يعرف البعض ما لا يعرفه الآخرون, أو قد تكون بعض المسائل من المسلمات عند البعض مع أن غيرهم يجهلها,
ثانيـا: الخطأ, والقاعدة في ذالك قوله تعالى في سورة الأحزاب : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } .
وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}.
وقوله تعالى : {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
وقوله تعالى : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}.
إلى غيرذلك من الآيات .
ثالـثا: الإكراه, فالإكراه بضوابطه الشرعية, يعتبر من موانع التكفير في حق المعين, ومن ضوابطه، التعذيب, والتهديد بالضرب والقتل، إلى غير ذالك؛
رابعـا: التأويل ، فالتأويل السائغ الذي له وجه في العلم واللغة يعتبر من موانع التكفير, إذا كان سببه القصور في فهم الأدلة الشرعية، أو الاستناد إلى الشبه التي تصرف عن إتباع الحق دون تعمد للمخالفة،
خامـسا: التقليد, فالتقليد المباح يعتبرمن موانع التكفير، وهو الذي يكون في حق من لا يعرف طرق الأحكام الشرعية، ويعجز عن معرفتها، ولا يمكنه فهم أدلتها، وله طلب الدليل الشرعي من المفتي لأن المسلم من حقه أن يستوثق من أمر دينه؛
سادسـا: العجز, فإن العجز عن أداء ما شرع الله تعالى أو عن أداء بعضه، يعتبر مانعا من موانع التكفير، إذا كان سببه انتفاء الإرادة وعدم الاختيار والرضا والقصد بذلك، واتقى صاحبه الله ما استطاع, لأنه معذور غير مؤاخذ على ما تركه, قال تعالى: { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } البقرة . 286,
أحبـتي في الله " الكفر حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله, فما دل الكتاب والسنة على أنه كفر فهو كفر ، وما دل الكتاب والسنة على أنه ليس بكفر فليس بكفر ، فليس لأحد أن يكفر أحداً حتى يقوم الدليل من الكتاب والسنة على كفره، كما لا بد في التكفير من شروط منها"
أولا: ثبوت أن هذا القول ، أو الفعل ، أو الترك, كفر بمقتضى دلالة الكتاب أو السنة، فإذا لم يثبت فإنه لا يحل لأحد أن يحكم بأنه كفر، لأن ذلك من القول على الله بغير علم، قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} الأعراف .33
ثانـيا: ثبوت قيام المكلف به, فلا يحل أن يرمى به بمجرد الظن ، لأنه يؤدي إلى استحلال دم معصوم بغير حق ,
ثالـثا: بلوغ الحجة, فالذي لم تبلغه الحجة لايعا مل في الدنيا معاملة المسلمين ، أما في الآخرة فمرده إلى الله يعامله كيف يشاء،
رابعـا: إنتفاء مانع التكفير في حقه, وقد سبق ذكرها إجمالا،
وبهذا نعلم " أن المسلم الذي قال قول الكفر, أو عمل عمل الكفر لا يقع الكفر عليه , إلا بعد إقامة الحجة "وهي وصول الحكم الشرعي لمن وقع في الكفر بشروط منــــها :
1 " أن ينشرح صدره للكفر ويطمئن قلبه به وتسكن نفسه إليه.
2 " أن يكون النص قد بلغه، لأنه لا تكليف إلا بعد وصول الخطاب.
3 " أن يكون قد فهم النص وإلا اعتبر أن الخطاب لم يصل إليه .
4 " أن لا يكون هناك شبهات عرضت عليه ، مثل حال أهل التأويل والاجتهاد.
5 " أن تبلغه الحجة ممن هو أهل لها ، وأن لا يكون بينه وبين صاحب القول أو الفعل عداء .
6 " أن لا يكون هناك عارض مثل الجهل أو الإكراه ونحوهمـا.
وأخـيرا: فإن المسألة خطيرة ,وقد خاض فيها الكثيرون ، وكانت إثارتها المعاصرة من قبل جماعة التكفير, ثم انتقلت إلى كثير من السلفيين وانقسموا شيعًا وأحزابًا ، وعقدت عليها ألوية الولاء والبراء ، وأطلقت ألسنة التبديع ، وقد اختلفوا فيها على أقسام كثيرة !!
نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، كما نسأله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، إنه سميع قريب مجيب الدعــاء .

أترككم في رعاية الله
رد مع اقتباس