عرض مشاركة واحدة
  #51  
قديم 2011-03-10, 08:55 AM
Eshlir Eshlir غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-03-09
المشاركات: 43
مصباح مضئ

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غريب مسلم مشاهدة المشاركة
أول مرة أسمع أن الديمقراطية تعني الشورى.
طيب هل من الممكن أن تعرفها لنا.
الديمقراطية والشورى كشكل من أشكال التفاعل الإيجابي:-
ألم يكن عبر التاريخ تفاعل بين الحضارة الإسلامية بما تحمله من أبعاد روحية واعتقادية وبين أنظمة وثقافات بشرية؟ ثم هل يعد الأخذ بالديمقراطية من حيث كونها لا تمس بالشريعة الإسلامية مروقا من الدين؟.
نعلم أن الدين الإسلامي إنما جاء للناس كافة بمختلف أعراقهم وأجناسهم وبيئاتهم وثقافاتهم، وهذا أمر لم ينكره الدين ولم يكن مغيبا من التشريع، وقد اثبت الإسلام عبر العصور مقدرة كبيرة على احتواء جميع الثقافات فما كان صالحا منها أبقى عليه وطوره وما كان غير ذلك أنكره وقومه؛ فنظام الحسبة مثلا لم يكن ابتكارا إسلاميا محضا ولكنه نتيجة تفاعل مع الحضارة الفارسية، والفرس إنما كانوا يعبدون النار فلم يمنع ذلك من الاستفادة مما أنتجه العقل الفارسي.
يقول الدكتور فهمي هويدي"يظلم الإسلام مرتين مرة عندما يقارن بالديمقراطية، ومرة عندما يقال أنه ضد الديمقراطية، إذ المقارنة بين الاثنين خاطئة، وادعاء التنافي خطيئة. المقارنة متعذرة من الناحية المنهجية، بين الإسلام الذي هو دين ورسالة تتضمن مبادئ تنظم عبادات الناس وأخلاقهم ومعاملاتهم، وبين الديمقراطية التي هي نظام للحكم وآلية للمشاركة وعنوان محمل بالعديد من القيم الإيجابية...باعتبار أن للإسلام مشروعه الحضاري الخاص، بينما الديمقراطية جزء من مشروع حضاري مغاير وهذا الاختلاف لا ينبغي أن يحمل بمعنى التضاد والخصومة، حيث يظل مجال الاتفاق قائما في بعض القيم الأساسية والمثل العليا لكنه ينبغي أن يفهم في إطار التنوع والتمايز " بل يذهب فهمي هويدي إلى أبد من ذلك ليقول "لا يحسبن أحد أنه يمكن أن تقوم لنا قائمة بغير الإسلام، أو أن يستقيم لنا حال بغير الديمقراطية، إذ بغير الإسلام تزهق روح الأمة، وبغير الديمقراطية التي نرى فيها مقابلا للشورى السياسية يحبط عملها" ثم يحدد ماهية الديمقراطية التي يريد التفاعل معها "الديمقراطية التي نقبلها ونعتبرها مقابلا للشورى، أو ترجمة معاصرة لها، هي تلك التي لا تحل حراما ولا تحرم حلالا"10 إنه عندما تعقد المقارنة بين الإسلام والديمقراطية فإن رهان الديمقراطية خاسر- بلا شك- فهذا أمر غير منطقي ولا مجال للمقارنة بين دين من عند الله يشمل كل مناحي الحياة وبين مبدأ يشكل جزءا من البناء الفكري لحضارة معينة وهو ما يؤكد عليه السيد قطب بقوله "بعض من يتحدثون عن النظام الإسلامي يجتهدون في أن يعقدوا الصلات والمشابهة بينه وبين أنواع النظم التي عرفتها البشرية قديما وحديثا، قبل الإسلام وبعده. ويعتقد بعضهم أنه يجد للإسلام سندا قويا حين يعقد الصلة بينه وبين نظام آخر من النظم العالمية القديمة أو الحديثة. إن هذه المحاولة إن هي إلا إحساس داخلي بالهزيمة أمام النظم البشرية التي صاغها البشر لأنفسهم في معزل عن الله....إن القاعدة التي يقوم عليها النظام الإسلامي تختلف عن القواعد التي تقوم عليها الأنظمة البشرية جميعا"11
وأظن أن الحساسية المفرطة التي كانت تسيطر على العقل المسلم خلال مراحل حرجة من مراحل الأمة* جعل الموضوع يتجه نحو ما أسميه بالقياس الشامل، قياس الكل ضد الكل، الكل الغربي –الديمقراطية- والكل الإسلامي –الشريعة-.
وإن كان محمد الغزالي قد حاول الفصل بين الجزء والكل، إلا أنه فصل حذر لا يخلو من نبرة شك حين يقول "والديمقراطية الحديثة تخضع الحاكم لرأي الكثرة، وتمنح السلطة التشريعية من التدخل في شؤون السلطة التنفيذية المحضة، فإن كان الذين يريدون إطلاق سلطة الحاكم عن دائرة الشورى يعنون ذلك فلا حرج عليهم، وإلا فكلامهم لغو لا يعتد به"12 وبنفس النهج والنفس يستر في تصريف موقفه " والأمة الإسلامية مصدر السلطات التي تنشأ بين ظهرانيها. وأعني أنها وحدها صاحبة الحق في اختيار الرجال الذين يولون أمرهم وفي محاسبتهم على ما يقومون به من أعمال، وفي ذمهم أو الثناء عليهم، وفي معاقبتهم إن أساؤوا وفي عزلهم ، وكلمة "مصدر السلطة" من مصطلحات العصر الحاضر، ونحن لا نهتم بالاسم وإنما نهتم بالحقيقة والمدلول، كما أننا نرفض التلاعب بالألفاظ ... وهذا هو ما نقصده بكلمة "الأمة مصدر السلطة" ولا يجرؤ أحد على إنكار ما نقرره هنا، وما نقرره هو ما تزعمه، أن صدقا وإن كذبا، شتى الأنظمة الإنسانية الحديثة.."13 .
ما يمكن أن نخلص إليه هو أن الديمقراطية لا يجب أن توضع في مقابل الإسلام بل الأصح أن توضع مقابل –مقابلة تكامل لا مقابلة مقارنة- جزئية منه – بغض النظر عن أحكام القيمة (صح/خطأ، سليم /غير سليم )- ألا وهي جزئية نظام الحكم أو تدبير الشأن السياسي للدولة، على اعتبار أن هذا الأمر ليس من أركان الدين الإسلامي ولا من أساسياته، وأنه خاضع للاجتهاد بانتمائه إلى المرتبة الثالثة من مراتب التشريع (الإجماع)
رد مع اقتباس