عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2011-04-30, 01:20 AM
يعرب يعرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-12
المكان: دار الاسلام
المشاركات: 4,144
افتراضي

فصل في وجوب التوبة من المعاصي والخروج من المظالم

إذا عزم المسلم على السفر إلى الحج أو العمرة استحب له أن يوصي أهله وأصحابه بتقوى الله – عز وجل -، وهي: فعل أوامره، واجتناب نواهيه.
وينبغي أن يكتب ما له وما عليه من الدين، ويشهد على ذلك، ويجب عليه المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب؛ لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون).
وحقيقة التوبة: الإقلاع من الذنوب وتركها، والندم على ما مضى منها، والعزيمة على عدم العود فيها، وإن كان عنده للناس مظالم من نفس أو مال أو عرض ردها إليهم، أو تحللهم منها قبل سفره؛ لما صح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال "من كانت عنده مظلمة لأخيه من مال أو عرض فليتحلل اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه".
وينبغي أن ينتخب لحجه وعمرته نفقة طيبة من مال حلال؛ لما صح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً"، وروى الطبراني عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا خرج الرجل حاجاً بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور. وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور".
وينبغي للحاج الاستغناء عما في أيدي الناس والتعفف عن سؤالهم؛ لقوله – صلى الله عليه سلم -: "ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله"، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم".
ويجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجة الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك، فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العلم وعدم قبوله، كما قال – تعالى -: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون)، وقال – تعالى -: (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جلعنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً).
وصح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "قال الله – تعالى -: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".
وينبغي له أيضاً أن يصحب في سفره الأخيار من أهل الطاعة والتقوى والفقه في الدين، ويحذر من صحبه السفهاء والفساق .
وينبغي له أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته، ويتفقه في ذلك، ويسأل عما أشكل عليه؛ ليكون على بصيرة، فإذا ركب دابته أو سيارته أو طائرته أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسمي الله – سبحانه - ويحمده، ثم يكبر ثلاثاً، ويقول : (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون)، اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل"؛ لصحة ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما -.
ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار، ودعاء الله – سبحانه - والتضرع إليه، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه، ويحافظ على الصلوات في الجماعة، ويحفظ لسانه من كثرة القيل والقال، والخوض فيما لا يعنيه، والإفراط في المزاح، ويصون لسانه أيضاً من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية بأصحابه وغيرهم من إخوانه المسلمين.
وينبغي له بذل البر في أصحابه، وكف أذاه عنهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة على حسب الطاقة.
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله:
من أحب أبابكر فقد أقام الدين،
ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل،
ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله،
ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى،

ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق.

[align=center]
[/align]

رد مع اقتباس