عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2011-09-03, 11:49 AM
أبومحمد المقطري أبومحمد المقطري غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2011-09-03
المشاركات: 1
عاجل إتحاف الخلان بحكم الموالد في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد ذكرت يوماً لبعض الأحباب شيئاً عن المولد النبوي ؛ نشأته وحكمه , لكن لما كنت قصير الباع قليل الإطلاع , فوجئت بمقال نشره أحدهم في الشبكة العنكبوتية (( الانترنت )) يبين فيه بعضاً من أوهامي في نسبة الأقوال , وقد سألني بعض من يعز عليَّ أن أُبين هذه المسألة لئلا تلتبس عليهم , فترددت في ذلك ؛ لعلمي أني لست أهلاً لذلك , ولا ممن ركض في تلك المسالك , لكن لما تكاثرت الأسئلة حول هذا الموضوع وتعينت علي الإجابة , استعنت بالله تعالى , وكتب هذه الوريقات , سائلاً المولى أن يوفقني لمرضاته.
وقبل الشروع في الموضوع , قدمت تمهيداً لما يراد بيانه على شكل نقاط , ورتبت الموضوع الذي عنيت إيضاحه على شكل سؤال وجواب , والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
فقه الاختلاف:
قال ابن قدامة:((...وَجَعَلَ فِي سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَئِمَّةً مِنْ الْأَعْلَامِ، مهد بِهِمْ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ، وَأَوْضَحَ بِهِمْ مُشْكِلَاتِ الْأَحْكَامِ، اتِّفَاقُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ، وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ، تَحْيَا الْقُلُوبُ بِأَخْبَارِهِمْ، وَتَحْصُلُ السَّعَادَةُ بِاقْتِفَاءِ آثَارِهِمْ)). المغني (1/4).وصَنَّفَ رَجُلٌ كِتَابًا فِي الِاخْتِلَافِ فَقَالَ أَحْمَد: لَا تُسَمِّهِ " كِتَابَ الِاخْتِلَافِ " وَلَكِنْ سَمِّهِ " كِتَابَ السُّنَّةِ ". وَلِهَذَا كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: (( إجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَاخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ)). مجموع الفتاوى (30/79-80).
قال الذهبي:(( وَمَا زَالَ العُلَمَاءُ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً يَرُدُّ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ فِي البَحْثِ، وَفِي التَّوَالِيفِ وَبمثلِ ذَلِكَ يتفَقَّهُ العَالِمُ وَتتبرهَنُ لَهُ المشكلاَتُ، وَلَكِن فِي زَمَانِنَا قَدْ يُعَاقَبُ الفَقِيْهُ إِذَا اعتنَى بِذَلِكَ لِسُوءِ نِيَّتِهِ، وَلطلبِهِ للظُّهورِ وَالتَّكَثُّرِ فَيَقُوْمُ عَلَيْهِ قضَاةٌ، وَأَضدَادٌ نَسْأَلُ اللهَ حُسْنَ الخَاتمَةِ، وَإِخْلاَصَ العَمَلِ )). السير (10/138).
الاختلاف في الاجتهاد لا يفسد للود قضية:
اختلف الشافعي مع تلميذه يونس بن عبدالأعلى الصدفي , قال يونس: (( مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، نَاظَرْتُهُ يَوْماً فِي مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ افْتَرَقْنَا، وَلَقِيَنِي، فَأَخَذَ بِيَدِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُوْسَى، أَلاَ يَسْتَقيمُ أَنْ نَكُوْنَ إِخْوَاناً وَإِنْ لَمْ نَتَّفِقْ فِي مَسْأَلَةٍ )). سير أعلام النبلاء (10/16).
قال الذهبي: (( قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ عَقْلِ هَذَا الإِمَامِ، وَفقهِ نَفْسِهِ، فَمَا زَالَ النُّظَرَاءُ يَخْتَلِفُوْنَ )). سير أعلام النبلاء (10/17).
الواجب إتباع الدليل والتعليل:
قَالَ الشَّافِعِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ: (( أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ )). إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/6).
الاختلاف في الظنيات لا يستدعي التبديع والتفسيق:
قال الشاطبي رحمه الله: (فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكِيمٌ بِحِكْمَتِهِ أَنْ تَكُونَ فُرُوعُ هَذِهِ الْمِلَّةِ قَابِلَةً لِلْأَنْظَارِ وَمَجَالًا لِلظُّنُونِ، وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ النُّظَّارِ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ لَا يُمْكِنُ الِاتِّفَاقُ فِيهَا عَادَةً، فَالظَّنِّيَّاتُ عَرِيقَةٌ فِي إِمْكَانِ الِاخْتِلَافِ، لَكِنْ فِي الْفُرُوعِ دُونَ الْأُصُولِ وَفِي الْجُزْئِيَّاتِ دُونَ الْكُلِّيَّاتِ، فَلِذَلِكَ لَا يَضُرُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ). الاعتصام (1/674).
موقف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عند الاختلاف:
قال الشوكاني رحمه الله: (أما ما حدث من المذاهب فليست بشرائع مستجدة ولا هي شرائع ناسخة لما جاء به خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم وإنما هي بدع ابتدعت وحوادث في الإسلام حدثت فما كان فيها موافقاً للشرع الثابت في الكتاب والسنة فقد سبق إليه الكتاب والسنة وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة فهو رد على قائله مضروب به في وجهه كما جاءت بذلك الأدلة الصحيحة التي منها: "كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد" فالواجب على من علم بهذه الشريعة ولديه حقيقة من معروفها ومنكرها أن يأمر بما علمه معروفاً وينهى عما علمه منكراً فالحق لا يتغير حكمه ولا يسقط وجوب العمل به والأمر بفعله والإنكار على من خالفه بمجرد قول قائل أو اجتهاد مجتهد أو ابتداع مبتدع.
فإن قال تارك الواجب أو فاعل المنكر: قد قال بهذا فلان , أو ذهب إليه فلان , أجاب عليه بأن الله لم يأمرنا باتباع فلانك بل قال لنا في كتابه العزيز: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، فإن لم يقنع بهذا حاكمه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما أمرنا الله سبحانه في كتابه بالرد إليهما عند التنازع). السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (1/984).
التعبد يكون بفعل الأوامر واجتناب النواهي , ولا يتعبد بالخلاف إلا صاحب هوى:
قال ابن عبدالبر: ( الِاخْتِلَافُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَحَدٍ عَلِمْتُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأُمَّةِ إِلَّا مَنْ لَا بَصَرَ لَهُ وَلَا مَعْرِفَةَ عِنْدَهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ، قَالَ الْمُزَنِيُّ: " يُقَالُ لِمَنْ جَوَّزَ الِاخْتِلَافَ وَزَعَمَ أَنَّ الْعَالِمَيْنِ إِذَا اجْتَهَدَا فِي الْحَادِثَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: حَلَالٌ وَقَالَ الْآخَرُ حَرَامٌ فَقَدْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَهْدَهُ وَمَا كُلِّفَ، وَهُوَ فِي اجْتِهَادُهُ مُصِيبٌ الْحَقَّ، أَبِأَصْلٍ قُلْتَ هَذَا أَمْ بِقِيَاسٍ؟ فَإِنْ قَالَ: بِأَصْلٍ، قِيلَ لَهُ: كَيْفَ يَكُونُ أَصْلًا وَالْكِتَابُ أَصْلٌ يَنْفِي الْخِلَافَ، وَإِنْ قَالَ بِقِيَاسٍ قِيلَ: كَيْفَ تَكُونُ الْأُصُولُ تَنْفِي الْخِلَافَ، وَيَجُوزُ لَكَ أَنْ تَقِيسَ عَلَيْهَا جَوَازَ الْخِلَافِ؟ هَذَا مَا لَا يُجَوِّزُهُ عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ عَالِمٍ وَيُقَالُ لَهُ: أَلَيْسَ إِذَا ثَبَتَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ فَأَحَلَّهُ أَحَدُهُمَا وَحَرَّمَهُ الْآخَرُ وَفِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ أَحَدِهِمَا وَنَفْيِ الْآخَرِ أَلَيْسَ يَثْبُتُ الَّذِي يُثْبِتُهُ الدَّلِيلُ وَيُبْطِلُ الْآخَرَ وَيُبْطِلُ الْحُكْمَ بِهِ، فَإِنْ خَفِيَ الدَّلِيلُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأُشْكِلَ الْأَمْرُ فِيهِمَا وَجَبَ الْوُقُوفُ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ وَلَا بُدَّ مِنْ نَعَمْ، وَإِلَّا خَالَفَ جَمَاعَةَ الْعُلَمَاءِ، قِيلَ لَهُ: فَلِمَ لَا تَصْنَعْ هَذَا بِرَأْيِ الْعَالِمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ؟ فَتُثْبِتُ مِنْهُمَا مَا أَثْبَتَهُ الدَّلِيلُ وَتُبْطِلُ مَا أَبْطَلَهُ الدَّلِيلُ؟ " قَالَ أَبُو عُمَرَ: مَا أَلْزَمَهُ الْمُزَنِيُّ عِنْدِي لَازِمٌ؛ فَلِذَلِكَ ذَكَرْتُهُ وَأَضَفْتُهُ إِلَى قَائِلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ أَنْ تُضِيَفَ الشَّيْءَ إِلَى قَائِلِهِ، وَهَذَا بَابٌ يَتَّسِعُ فِيهِ الْقَوْلُ وَقَدْ جَمَعَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي هَذَا وَطَوَّلُوا وَفِيمَا لَوَّحْنَا مَقْنَعٌ وَنِصَابٌ كَافٍّ لِمَنْ فَهِمَهُ وَأَنْصَفَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُخَادِعْهَا بِتَقْلِيدِ الرِّجَالِ ").جامع بيان العلم وفضله (2/922).
لا ينبغي تقويل المخالف ما لم يقله:
قال ابن تيمية: (( القول المحكي قد يسمع من قائل لم يضبطه، وقد يكون القائل نفسه لم يحرر قولهم، بل يذكر كلاماً مجملاً يتناول النقيضين، ولا يميز فيه بين لوازم أحدهما ولوازم الآخر، فيحكيه الحاكي مفصلاً ولا يجمله إجمال القائل، ثم إذا فصله يذكر لوازم أحدهما دون ما يعارضها ويناقضها، مع اشتمال الكلام على النوعين المتناقضين أو احتماله لهما أيضاً، وقد يحكيه الحاكي باللوازم التي لم يلتزمها القائل نفسه.
وما كل من قال قولاً التزم لوازمه، بل عامة الخلق لا يلتزمون لوازم أقوالهم...)). درء تعارض العقل والنقل (2/311).
وقال ابن القيم : (( فَإِنْ كُنَّا قَدْ حَذَّرْنَا زَلَّةَ الْعَالِمِ وَقِيلَ لَنَا: إنَّهَا مِنْ أَخْوَفِ مَا يُخَافُ عَلَيْنَا، وَأُمِرْنَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا نَرْجِعَ عَنْهُ، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ إذَا بَلَغَتْهُ مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يَحْكِيَهَا لِمَنْ يَتَقَلَّدُهَا، بَلْ يَسْكُتُ عَنْ ذِكْرِهَا إنْ تَيَقَّنَ صِحَّتَهَا، وَإِلَّا تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهَا؛ فَكَثِيرًا مَا يُحْكَى عَنْ الْأَئِمَّةِ مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ يُخَرِّجُهَا بَعْضُ الْأَتْبَاعِ عَلَى قَاعِدَةٍ مَتْبُوعِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الْإِمَامَ لَوْ رَأَى أَنَّهَا تُفْضِي إلَى ذَلِكَ لَمَا الْتَزَمَهَا، وَأَيْضًا فَلَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ، وَإِنْ كَانَ لَازِمُ النَّصِّ حَقًّا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّنَاقُضُ، فَلَازِمُ قَوْلِهِ حَقٌّ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ فَلَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ الشَّيْءَ وَيَخْفَى عَلَيْهِ لَازِمُهُ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا لَازِمُهُ لَمَا قَالَهُ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا مَذْهَبُهُ، وَيَقُولُ مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ عِلْمٌ بِالشَّرِيعَةِ وَقَدْرِهَا وَبِفَضْلِ الْأَئِمَّةِ وَمَقَادِيرِهِمْ وَعِلْمِهِمْ وَوَرَعِهِمْ وَنَصِيحَتِهِمْ لِلدِّينِ تَيَقَّنَ أَنَّهُمْ لَوْ شَاهَدُوا أَمْرَ هَذِهِ الْحِيَلِ وَمَا - أَفَضْتَ إلَيْهِ مِنْ التَّلَاعُبِ بِالدِّينِ لَقَطَعُوا بِتَحْرِيمِهَا)). إعلام الموقعين عن رب العالمين (3/222).
ما تعريف الموالد؟
الموالد : جمع مولد: مَوضِع الْولادَة ووقتها , فالمَوْلِدُ: مَسْقَطُ الرأسِ, ومَوْلِدُ الرَّجُلِ: وَقْتُ وِلاَدَتِه. ومَوْلِده: المَوْضِع الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، ومِيلادُ الرَّجُل: اسمُ الوَقْتِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، وَمثله فِي الصِّحَاح. وَفِي المِصْباح: المَوْلِد: المَوْضِع والوَقْتُ، والمِيلادُ الوَقْتُ لَا غَيْرُ , والمُوَلَّدَةُ: الْجَارِيَة المَولُودةُ بَين الْعَرَب، كالوَلِيدة. انظر: المعجم الوسيط (2/1056) , القاموس المحيط(1/671) , تاج العروس (9/327).
ما علاقة المولد بالأديان السابقة؟
في الاحتفال بالموالد تشبه بأعداء الله تعالى:
أصحاب الموالد يتشبهون من حيث لا يشعرون بأعداء الله النصارى حيث كان في البلاد التي جاور فيها المسلمون النصارى كالشام ومصر ، يحتفل النصارى بعيد ميلاد المسيح في يوم مولده ، وميلاد أسرته ، فسرت تلك البدعة إلى المسلمين ، والعجب من بعض المتأخرين كيف يستحسن هذه المشابهة مع تحذر النبي صلى الله عليه وسلم من التشبه بأعداء الدين ؟
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أخرجه الإمام أحمد وأبو داوود. وحسنه الحافظ ابن جحر في الفتح (10/271) , وصححه الألباني في صحيح الجامع (6149) , والإرواء (1269).
قال السخاويُّ في كتابه التبر المسبوك في ذيل السلوك (ص/14) : "وإذا كان أهلُ الصَّليب اتَّخذوا ليلة مولِد نبيِّهم عيداً أكبر، فأهل الإسلام أولَى بالتكريمِ وأجدَر!!! ".
وتعقَّبه مُلاَّ علي القاري في كتابه المورد الروي في المولد النبوي (ص/29-30) بقوله: "قلت: مِمَّا يَرِدُ عليه أنَّا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب".
أورد النقل عنهما الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري رحمه الله في كتابه القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرُّسل وهو ضمن رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النَّبوي (2/630-631). انظر: الرد على الرفاعي والبوطي في كذبهما على أهل السنة ودعوتهما إلى البدع والضلال (1/83).
قال ابن القيم: ومن خص الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات كيوم الميلاد ويوم التعميد وغير ذلك من أحواله. زاد المعاد (1/59).
أمور يضحك السفهاء منها ... ويبكي من عواقبها الحليم
واعتياد الناس على بعض المخالفات الشرعية يوقع الجاهل في حيرة , قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى: " وَلَمَّا كَانَتِ الْبِدَعُ وَالْمُخَالَفَاتُ وَتَوَاطُؤُ النَّاسِ عَلَيْهَا؛ صَارَ الْجَاهِلُ يَقُولُ: لَوْ كَانَ هَذَا مُنْكَرًا؛ لَمَا فَعَلَهُ النَّاسُ ". الاعتصام (1/1460). وذكر الشاطبي في " الاعتصام " أن منشأ الاحتجاج بعمل الناس في تحسين البدع :الظن بأعمال المتأخرين وإن جاءت الشريعة بخلاف ذلك، والوقوف مع الرجال دون التحري للحق.الاعتصام (1/870).
ما تعليقكم على قاعدة (( لا إنكار في مسائل الخلاف )) باختصار؟
قاعدة :(( لا إنكار في مسائل الخلاف )) ليست على إطلاقها , ولا تنطبق على كل مسألة مختلف فيها:
قال الماوردي : (وأما ما اختلف الفقهاء في حظره وإباحته فلا مدخل له في إنكاره، إلّا أن يكون مما ضعف الخلاف فيه، وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه...). الأحكام السلطانية (1367).
قال ابن مفلح:( فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَا إنْكَارَ فِيهَا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ أَوْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهَا أُنْكِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا خِلَافٌ، فَلَهُمْ وَجْهَانِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ كَشَفَ فَخْذَيْهِ، فَحُمِلَ حَالُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى هَذَا أَوْلَى وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ أَنَّهُ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى مَفْسَدَةٍ فَوْقَ مَفْسَدَةِ مَا أَنْكَرَهُ، وَإِلَّا لَسَقَطَ الْإِنْكَارُ أَوْ لَمْ يَجُزْ). الفروع (3/23).
وقعد السيوطي:(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: لَا يُنْكَرُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ)
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ، يُنْكَرُ فِيهَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ:
إحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَذْهَبُ بَعِيدَ الْمَأْخَذِ، بِحَيْثُ يُنْقَصُ. وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِوَطْئِهِ الْمَرْهُونَةَ، وَلَمْ يُنْظَرْ لِخِلَافِ عَطَاءٍ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَرَافَعَ فِيهِ الْحَاكِمُ، فَيَحْكُمُ بِعَقِيدَتِهِ، وَلِهَذَا يُحَدُّ الْحَنَفِيُّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ ; إذْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِ مُعْتَقَدِهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُنْكِرِ فِيهِ حَقٌّ، كَالزَّوْجِ يَمْنَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ، إذَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ، وَكَذَلِكَ الذِّمِّيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ. الأشباه والنظائر (1/185).
قال النووي : (وَكَذَلِكَ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجماعاً أوقياساً جَلِيًّا وَاللَّهُ أَعْلَمُ). المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (2/24).
حتى قاعدة: (( الخروج من الخلاف مستحب )) ليست على إطلاقها:
قال العز بن عبدالسلام :( وَقَدْ أَطْلَقَ بَعْضُ أَكَابِرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ حَيْثُ وَقَعَ أَفْضَلُ مِنْ التَّوَرُّطِ فِيهِ وَلَيْسَ كَمَا أُطْلِقَ، بَلْ الْخِلَافُ عَلَى أَقْسَامٍ:
الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْجَوَازِ فَالْخُرُوجُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالِاجْتِنَابِ أَفْضَلُ.
الْقِسْمِ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِيجَابِ فَالْفِعْلُ أَفْضَلُ كَقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَاهُ مِنْ السُّنَنِ، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سُنَّةٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّةِ الْأَحَادِيثِ وَكَثْرَتِهَا فِيهِ.
وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْكُسُوفِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرَاهَا وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَا خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ.
وَكَذَلِكَ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَتْرُكُ الْمَشْيَ أَمَامَهَا لِاخْتِلَافِهِمْ وَالضَّابِطُ فِي هَذَا أَنَّ مَأْخَذَ الْمُخَالِفِ إنْ كَانَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ وَالْبُعْدِ مِنْ الصَّوَابِ فَلَا نَظَرَ إلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ نَصُّهُ دَلِيلًا شَرْعًا، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَأْخَذُهُ مِمَّا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِمِثْلِهِ.
وَإِنْ تَقَارَبَتْ الْأَدِلَّةُ فِي سَائِرِ الْخِلَافِ بِحَيْثُ لَا يَبْعُدُ قَوْلُ الْمُخَالِفِ كُلَّ الْبَعْدِ فَهَذَا مِمَّا يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ حَذَرًا مِنْ كَوْنِ الصَّوَابِ مَعَ الْخَصْمِ وَالشَّرْعُ يَحْتَاطُ لِفِعْلِ الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ، كَمَا يَحْتَاطُ لِتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ). قواعد الأحكام في مصالح الأنام(1/253).
هل الاحتفال بالمولد بدعة محدثة؟
اتفق أهل العلم على أن السلف الصالح من أهل القرون الثلاثة المفضلة، وفي مقدمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا هذا الاحتفال، ولذلك لم ينقل فعله ولا القول بمشروعيته عن أحد من أهل القرون الثلاثة المفضلة، مع شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وحرصهم على الخير. تسهيل العقيدة الإسلامية (1/524).
الاحتفال بالمولد أمر محدث لم تعرفه القرون الأولى الفاضلة وأول من أحدث هذه البدعة أحد خلفاء الدولة الفاطمية من الرافضة وهو المعز لدين الله وذلك سنة 362 هـ بالقاهرة فقد أحدث ستة موالد وهي: المولد النبوي ومولد الإمام علي ومولد فاطمة ومولد الحسن والحسين ومولد الخلفية المعاصر وبقيت هذه الموالد إلى أن أبطلها الأفضل أمير الجيوش بن بدر الجمالي سنة 488 هـ ثم أعيد الاحتفال بها سنة في خلافة الآمر بأحكام الله سنة 524 هـ، وكان أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي بالعراق صاحب إربل الملك أبو سعيد كوكبري في القرن السابع الهجري . الإبداع (ص/251).
والصحيح أن أول من أحدث المولد الفاطميون كما ذكر ذلك جمع من المؤرخين في الثالث عشر من ربيع الأول سنة ست عشرة وخمسمائة , وكان أول ظهورها في مدينة الموصل على يد صوفي معروف هو عمر بن محمد الملا المتوفى سنة 570هـ بينما توفي أبوسعيد كوكبري سنة 630هـ , فهو متأخر عنه.
والسؤال أين كان المسلمون خلال عدة قرون عن هذا الاحتفال لو كان مشروعاً؟ وأين كان الصحابة والتابعون وسلف الأمة عن هذا الاحتفال لو كان مشروعاً؟ اتباع لا ابتداع (1/221).
فسر خلف أصحاب الرسول فإنهم * نجوم هدى في ضوئها يهتدي الساري
وعج عن طريق الرفض فهو مؤسس * على الكفر تأسيساً على جرف هـار
هل يصح أن يقال المولد بدعة بالإجماع؟
حكى هذا الإجماع جمع من أهل العلم ممن يرى تحريم هذا الاحتفال، ووافقهم على حكاية إجماع السلف على ترك الاحتفال بالمولد جميع من كتب عنه ممن يرى إباحته.
قال الإمام الفاكهاني المالكي في المورد في عمل المولد (ص/8-10) :"لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكَّالون … لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة ولا التابعون، ولا العلماء المتدينون -فيما علمت- وهذا جوابي عنه بين يدي الله تعالى إن سئلت عنه". تسهيل العقيدة الإسلامية (ص/524).
كيف تدعي الإجماع وقد أجاز الموالد الحافظ السيوطي , وابن حجر العسقلاني , وأبوشامة , والسخاوي , وابن الجزري , وشمس الدين بن ناصر الدمشقي , وغيرهم؟!
ينبغي أن تعلم أن كل من ذكرت أقوالهم يرى أن المولد لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون , بل ذكرت في رسالتك عن بعض هؤلاء أنه حدث أو أمر حادث أو أصل عمل المولد بدعة , فراجع كلامك تجد مصداق قولي.
فإن قلت أن المولد بدعة بالإجماع فلست كاذباً وعليك أن تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين ما ينقض هذا الإجماع.
أما المولد فلم يقل بجوازه أحد من المتقدمين فيما أعلم .
وينبغي أن يُعلم أن المتقدمين ويعبر عنهم بالأصحاب , وهم أصحاب الأوجه غالباً , وظبطوا بالزمن وهم من الأربعمائة , ومن عداهم لا يسمون بالمتقدمين , فلما قربوا من عصر المجتهدين خصوا تمييزاً لهم على من بعدهم باسم المتقدمين , فأحفظ ذلك فإنه مهم. انظر:الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية (ص/145) بتصرف يسير.
فلهذا كل من ذكرت أقوالهم من المتأخرين , يذكرون أن المولد بدعة لكنهم استحسنوها كما يعرف ذلك من قرأ كلامهم.
من أول من أحدث الاحتفال بالمولد؟
منهم من ينسب إلى الملك المظفر أبو سعيد كوكبري أنه أول من أحدث ذلك , والصحيح أن أول من أحدث ذلك الفاطميون 13/3/516هـ وكان أول ظهورها في مدينة الموصل على يد صوفي معروف هو عمر بن محمد الملا المتوفى سنة 570هـ , بينما توفي أبوسعيد كوكبري سنة 630هـ , لكن كيف نسب لأبي سعيد؟ قال شيخنا الجبرين عافاه الله (ذهب السيوطي في"حسن المقصد"(ص/189)، وتبعه في ذلك بعض المعاصرين إلى أن أول من عمله السلطان كوكبري الأيوبي المتوفى سنة "630هـ"، وهذا وَهْمٌ منه؛ لأنه قد أحدث قبله، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولكن هذا السلطان أهتم به اهتماماً عظيماً وعمل فيه سماعاً للصوفية، وكان يرقص معهم بنفسه، ينظر: البداية والنهاية(17/205، 206). تسهيل العقيدة الإسلامية (1/524).
والملك أبو سعيد كوكبري قد أثنى عليه ابن خلكان في وفيات الأعيان , وابن كثير في البداية والنهاية , ومن العلماء من ذكر شيئاً من مثالبه , قال ياقوت الحموي: (وطباع هذا الأمير مختلفة متضادة، فإنه كثير الظلم، عسوف بالرعية، راغب في أخذ الأموال من غير وجهها، وهو مع ذلك مفضل على الفقراء، كثير الصدقات على الغرباء، يسيّر الأموال الجمّة الوافرة يستفكّ بها الأسارى من أيدي الكفار، وفي ذلك يقول الشاعر:
كساعية للخير من كسب فرجها، ... لك الويل! لا تزني ولا تتصدّقي). معجم البلدان (1/138).
وقال الشيخ علي الطنطاوي : (وكان يؤخذ عليه أنه على طريقة مبتدعة الصوفية الذين يقيمون حفلات السماع , ويتواجدون ويرقصون , ويأتون أعمالاً ليست من الدين ولا يعرفها السلف , ولا أوائل الصوفيين , وكان مولعاً بها , يزور مدارس الصوفية التي أنشأها لهم , فيجتمع له المغنون –المنشدون- فيسمع منهم مثل الذي تسميه إذاعة دمشق (( الأناشيد الدينية )) والدين بريء منه , ولم يسمع مثله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون ولا عرفوه , ومن هذه الأناشيد ما لا يخلو من كفر صريح , وسؤال الرسول ما لا يقدر عليه إلا الله , ووصفه بما لا يوصف به إلا الله , ومنها ما هو وقاحة وسوء أدب , وغزل بالرسول , ووصف جماله , وذكر للهجر والوصال .
والدين ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وصحبه , ومن زعم أن في المحدثات ما هو من الدين , فقد نسب النقص إلى الشريعة , وادعى بأنه زاد في القربة والطاعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسيصدم هذا الكلام كثيراً من السامعين , ويرون منه غير ما عرفوا وألفوا , ولكن هو الحق , والحق أحق أن يتبع ). رجال من التاريخ (ص/267-273).
هل اطلعت على أدلة المجيزين للمولد حتى تحكم هذا الحكم؟
الأدلة التي ذكرها أصحاب الموالد غالبها من باب الاستحسان العقلي , والاستحسان مختلف في حجيته , فمن العلماء من أنكره قال الإمام الشافعي فيما نقله عنه الغزالي في المستصفى (1/171): (من استحسن فقد شرَّع) , ومنهم من بالغ في إنكاره فقال: "إن من قال بالاستحسان فقد قال قولًا عظيمًا ووضع نفسه في رأيه واجتهاده واستحسانه على غير كتاب ولا سنة موضعها في أن يتبع رأيه كما ابتغاه، وفي أن رأيه أصل ثالث أمر الناس باتباعه , وهذا خلاف كتاب الله عز وجل لأن الله تعالى إنما أمر بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم" , وقد ألف الشافعي رسالة في إبطال الاستحسان , ومما قاله:( "....لا أعلم أحدًا من أهل العلم رخص لأحد من أهل العقول والآداب في أن يفتي ولا يحكم برأي نفسه إذا لم يكن عالمًا بالذي تدور عليه أمور القياس من الكتاب والسنة والإجماع والعقل"). إبطال الاستحسان (ص/37) .
ولكنَّ المتأخرين من أصحاب الشافعي - كما يقول الشيرازي في شرح اللُّمع (2/973) ، يقولون بالاستحسان، وهو عندهم: "ترك أضعف الدليلين لأقواهما، وقد يكون بدليل النص، وقد يكون بالإجماع، وقد يكون بالقياس، وقد يكون بالاستدلال بالنص".
والاستحسان:هو الْعُدُولُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ نَظَائِرِهَا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ خَاصٍّ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.وهناك تعريفات أخرى والكلام عن الاستحسان في كتب الأصول لمن أراد الفائدة.
ولا أنسى أن أنبه أن الاستحسان له معنى صحيح باتفاق وهو: "ترجيح دليل على دليل، أو هو العمل بالدليل الأقوى أو الأحسن" , ومعنى باطل باتفاق وهو: "ما يستحسنه المجتهد بعقله". انظر: معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (ص/230).
ومما استدلوا به: ما في الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» ، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.قالوا: فُيستفاد منه فعل الشكر لله على ما منَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة، ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة- عليه السلام - في ذلك اليوم.
والجواب عن هذه الشبهة من أوجه منها:
أ‌- عمل المولد لم يثبت عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، فإن عدم عمل السلف الصالح بالنص على الوجه الذي يفهمه منه من بعدهم، يمنع اعتبار ذلك الفهم صحيحاً؛ إذا لو كان صحيحاً لم يعزب عن فهم السلف الصالح، ويفهمه من بعدهم.
ب‌- تخريج بدعة المولد على صيام يوم عاشوراء، إنما هو من التكلُّف المردود؛ لأنَّ العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الرأي والاستحسان والابتداع.
ت‌- أن صيام يوم عاشوراء قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيه، بخلاف الاحتفال بمولده، واتخاذه عيداً، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولم يرغّب فيه، ولو كان في ذلك شيء من الفضل لبين ذلك لأمته لأنَّهُ صلى الله عليه وسلم لا خير إلا وقد دلَّهم عليه، ورغَّبهم فيه، ولا شر إلا وقد نهاهم عنه وحذَّرهم منه، والبدع من الشر الذي نهاهم عنه، وحذرهم منه , قال صلى الله عليه وسلم: ((وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).انظر: البدع الحولية (ص/160-161).
ومما استدلوا به: أن أبا لهب رؤي بعد موته في المنام , قيل له ما حالك؟ فقال: في النار، إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين، وأمص بين أصبعي ماء بقدر هذا- وأشار لرأس أصبعه-وأن ذلك بإعتاقي لثويبة، عندما بشرتني بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وبإرضاعها له. قالوا: فإذا كان أبو لهب الكافر، الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحة ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم به، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم يسر بمولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلى الله عليه وسلم لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم , وأَنْشَدَ بعضهم:
إِذَا كَانَ هَذَا كَافِرًا جَاءَ ذَمُّهُ ... وَتَبَّتْ يَدَاهُ فِي الْجَحِيمِ مُخَلَّدَا
أَتَى أَنَّهُ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ دَائِمًا ... يُخَفَّفُ عَنْهُ لِلسُّرُورِ بِأَحْمَدَا
فَمَا الظَّنُّ بِالْعَبْدِ الَّذِي طُولَ عُمْرِهِ ... بِأَحْمَدَ مَسْرُورًا وَمَاتَ مُوَحِّدَا
رَدُّ هذه الشبهة وإبطالها من أوجه:
1 - إن أهل الإسلام مجمعون أن الشرع لا يثبت برؤى الناس المنامية مهما كان ذو الرؤيا في إيمانه وعلمه وتقواه، إلا أن يكون نبي الله فإن رؤيا الأنبياء وحي والوحي حق.
2 - إن صاحب هذه الرؤيا هو العباس بن عبد المطلب والذي رواها عنه بالواسطة فالحديث إذا مرسل، والمرسل لا يحتج به ولا تثبت به عقيدة ولا عبادة، مع احتمال أن الرؤيا رآها العباس قبل إسلامه ورؤيا الكافر حال كفره لا يحتج بها إجماعاً. فقد ذكر صاحب الفتح (( أن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثهُ به , وعلى تقدير أن يكون موصلاً، فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، ولعلَّ الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعد فلا يحتج به )). فتح الباري (9/145) .
3 - أكثر أهل العلم من السلف والخلف على أن الكافر لا يثاب على عمل صالح عمله إذا مات على كفره، وهو الحق لقول الله تعالى، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} وقوله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} «وقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد سألته عائشة رضي الله عنها عن عبد الله بن جدعان الذي كان يذبح كل موسم حج ألف بعير، ويكسو ألف حلة، ودعا إلى حلف الفضول في بيته: هل ينفعه ذلك يا رسول الله؟ فقال: " لا، لأنه لم يقل يوما من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» وبهذا يتأكد عدم صحة هذه الرؤيا، ولم تصبح شاهدا ولا شبهة أبدا.
قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، لكنه مخالف لظاهر القرآن، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} . فتح الباري (9/145). وقد ذكر علماء التفسير في معنى الآية أنّ الكافر إذا فعل عمل خير لا يثاب عليه لفقده الإيمان الذي هو أساس قبول الأعمال كلها ومن ثم عمله يكون كالهباء المنثور. انظر:تفسير القرطيى: (13/21-22).
4 - إن الفرح الذي فرحه أبو لهب بمولود لأخيه فرح طبيعي لا تعبدي، إذ كل إنسان يفرح بمولود يولد له، أو لأحد إخوته أو أقاربه، والفرح إن لم يكن لله لا يثاب عليه فاعله، وهذا يضعف هذه الرواية ويبطلها. مع أن فرح المؤمن بنبيه معنى قائم بنفسه لا يفارقه أبدا لأنه لازم حبه، فكيف نحدث له ذكرى سنوية نستجلبه بها، اللهم إن هذا معنى باطل، وشبهة ساقطة باطلة لا قيمة لها ولا وزن فكيف يثبت بها إذًا شرع لم يشرعه الله لا عن عجز ولا عن نسيان ولكن رحمة بعباده المؤمنين، فله الحمد وله المنة. الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف(ص/60-) بتصرف.
5- أن ما ورد في مرسل عروة هذا من إعتاق أبي لهب ثويبة كان قبل إرضاعها النبي صلى الله عليه وسلم، وما ذكره ابن الجزري من أنه أعتقها عندما بشرته بولادة النبي صلى الله عليه وسلم , يخالف ما عند أهل السير من أن إعتاق أبي لهب إياها كان بعد ذلك الإرضاع بدهر طويل. قال الحافظ ابن عبد البر في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكره إرضاع ثويبة للرسول صلى الله عليه وسلم: (وأعتقها أبو لهب بعدما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة). انظر: الاستيعاب (1/12) .
6- أنه لم يثبت من طريق صحيح أن أبا لهب فرح بولادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا أن ثويبة بشرته بولاته ، ولا أنه أعتق ثويبة من أجل البشارة بولادة النبي صلى الله عليه وسلم , فكل هذا لم يثبت ، ومن ادّعى ثبوت شيء من ذلك، فعليه إقامة الدليل على ما ادَّعاه، ولن يجد إلى الدليل الصحيح سبيلاً .انظر: البدع الحولية (ص/166-).
فإن قال قائل: بأن عمل المولد إنما هو من باب القيام بالشكر الواجب بإظهار الفرح والسرور بيوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم , لا الابتداع في الدين؟
فالجواب: إن كان الحال كما ذكرت أن إقامة المولد قيام بشكر الله تعالى , والسرور بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قلنا يسعك ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم , روى مسلم عن أبي قتادة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ -».
قال ابن رجب:(( وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صيام يوم الاثنين؟: "ذاك يوم ولدت فيه وأنزلت علي فيه النبوة" إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وسلم لهم وبعثته وإرساله إليهم كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.....)). لطائف المعارف (ص/96).
ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخص يوم ولادته بصيام ، وإنما صام يوم الاثنين الذي يتكرر مجيئه في كل شهر أربع مرات، وبناء على هذا فتخصيص يوم الثاني عشر من ربيع الأول، بعمل ما دون يوم الاثنين من كل أسبوع، يعتبر استدراكاً على الشارع، وتصحيحاً لعلمه، وما أقبح هذا إن كان , والعياذ بالله تعالى!!!.انظر: الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف (ص/65).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام الاثنين والخميس , روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».
فإذا كان المراد من إقامة المولد هو شكر الله تعالى على نعمة ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، فإن المعقول والمنقول يحتم أن يكون الشكر من نوع ما شكر الرسول صلى الله عليه وسلم ربه به، وهو الصوم وعليه فلنصم كما صام، غير أن أرباب الموالد لا يصومونه؛ لأنَّ الصيام فيه مقاومة لشهوات النفس بحرمانها من لذة الطعام والشراب، وهم يريدون ذلك-الطعام والشراب- فتعارض الغرضان، فأثاروا ما يحبون على ما يحب الله، وهذا بعينه أعظم الزلل عند ذوي البصائر والنهى. الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف (ص/64).
فإذا قال قائل : ترك السلف لعمل المولد لا يدل على بدعيته , فإنهم أحدثوا أشياء لم تكن قبل؟!
قلنا الجواب ما قاله الشاطبي: (( واستدلال كل من اخترع بدعة، أو استحسن محدثة لم تكن في السلف الصالح، بأن السلف اخترعوا أشياء لم تكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم: ككتب المصحف، وتصنيف الكتب، وتدوين الدواوين، وتضمين الصناع، وسائر ما ذكره الأصوليون في أصل المصالح المرسلة، فخلطوا وغلطوا، واتبعوا ما تشابه من الشريعة ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويلها، وهو كله خطأ على الدين، واتباع لسبيل الملحدين، فإن هؤلاء الذين أدركوا هذه المدارك، وعبروا على هذه المسالك، إما أن يكونوا قد أدركوا من فهم الشريعة ما لم يفهمه الأولون أو حادوا عن فهمها، وهذا الأخير هو الصواب؛ إذ المتقدمون من السلف الصالح كانوا على الصراط المستقيم، ولم يفهموا من الأدلة المذكورة وما أشبهها إلا ما كانوا عليه، وهذه المحدثات لم تكن فيهم، ولا عملوا بها، فدل على أن تلك الأدلة لم تتضمن هذه المعاني المخترعة بحال، وصار عملهم بخلاف ذلك دليلاً إجماعياً على أن هؤلاء في استدلالاتهم وعملهم مخطئون ومخالفون للسنة...... )). الموافقات (2/283-284) .
فإن قال قائل : ذاك اجتهاد السلف وفهمهم , وهذا فهمنا واجتهادنا.فالجواب ما قاله ابن عبدالهادي: ((ولا يجوز إحداث تأويل في آية، أو في سنة لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه، ولا بيَّنُوه للأمة، فإن هذا يتضمن أنهم جهلوا الحق في هذا، وضلوا عنه، واهتدى إليه هذا المعترض المستأخر فكيف إذا كان التأويل يخالف تأويلهم ويناقضه؟ )). الصَّارِمُ المُنْكِي في الرَّدِّ عَلَى السُّبْكِي (ص/318).
والشبه التي ذُكرت حول المولد كثيرة لكني نقلت عن العلماء الذين صنفوا في تفنيدها طرفاً منها.
هل تعتقد أن الموالد تشتمل على منكرات؟
قال ابن حجر الهيثمي في " الفتاوى الحديثة": (الموالد والأذكار الَّتِي تفعل عندنَا أَكْثَرهَا مُشْتَمل على خير، كصدقة، وَذكر، وَصَلَاة وَسَلام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومدحه، وعَلى شرّ بل شرور لَو لم يكن مِنْهَا إِلَّا رُؤْيَة النِّسَاء للرِّجَال الْأَجَانِب، وَبَعضهَا لَيْسَ فِيهَا شرّ لكنه قَلِيل نَادِر، وَلَا شكّ أَن الْقسم الأول مَمْنُوع للقاعدة الْمَشْهُورَة المقررة أنَّ دَرْء الْمَفَاسِد مقدَّم على جلب الْمصَالح، فَمن عَلِم وُقُوع شَيْء من الشرّ فِيمَا يَفْعَله من ذَلِك فَهُوَ عَاص آثم، وبفرض أَنه عمل فِي ذَلِك خيرا، فَرُبمَا خَيْرُهُ لَا يُسَاوِي شَرَّه أَلا ترى أَن الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اكْتفى من الْخَيْر بِمَا تيَسّر وفَطَم عَن جَمِيع أَنْوَاع الشَّرّ حَيْثُ قَالَ: (إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، وَإِذا نَهيتكم عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ) فَتَأَمّله تعلم مَا قَرّرته من أَن الشرَّ وَإِن قلّ لَا يُرَّخصُ فِي شَيْء مِنْهُ، وَالْخَيْر يكْتَفى مِنْهُ بِمَا تيَسّر).الفتاوى الحديثة (ص/109).
أذكر لنا بعضاً من فتاوى العلماء حول الاحتفال بالمولد؟
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(وأما اتخاذ الموسم غير المواسم الشرعية ، كباقي ليال شهر ربيع الأول ، والتي يقال أنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر من ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال، الذي يسميه الجهال (عيد الأبرار)، فإنها من البدع، التي لا يستحبها السلف، ولم يفعلوها) . الفتاوى المصرية : (1/312).
وقال رحمه الله: ومن اعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها، بناء على أن الأمة أقرتها، ولم تنكرها فهو مخطئ في هذا الاعتقاد، فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة، وما يجوز دعوى الإجماع بعمل بلد أو بلاد من بلاد المسلمين، فكيف بعمل طوائف منهم؟
وإذا كان أكثر أهل العلم لم يعتمدوا على عمل علماء أهل المدينة وإجماعهم في عصر مالك، بل رأوا السنة حجة عليهم كما هي حجة على غيرهم مع ما أوتوه من العلم والإيمان، فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة، أو من قيدته العامة، أو قوم مترئسون بالجهالة، لم يرسخوا في العلم، لا يعدون من أولي الأمر، ولا يصلحون للشورى؟ ولعلهم لم يتم إيمانهم بالله وبرسوله , أو قد دخل معهم فيها بحكم العادة قوم من أهل الفضل عن غير روية، أو لشبهة أحسن أحوالهم فيها أن يكونوا فيها بمنزلة المجتهدين من الأئمة والصديقين. اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (2/89).
وقال - رحمه الله -:( وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا. والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع- من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا. مع اختلاف الناس في مولده. فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا محضاً، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان. فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان. وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حراصًا على أمثال هذه البدع، مع ما لهم من حسن القصد، والاجتهاد الذين يرجى لهم بهما المثوبة، تجدهم فاترين في أمر الرسول، عما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد، ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلًا، وبمنزلة من يتخذ المسابيح والسجادات المزخرفة، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع، ويصحبها من الرياء والكبر، والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها). المرجع السابق (2/123-124).
• وقال الإمام تاج الدين عمر بن سالم اللخمي المشهور بالفاكهاني- رحمه الله - في "المورد في عمل المولد" (ص20-21):( لَا أَعْلَمُ لِهَذَا الْمَوْلِدِ أَصْلًا فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا يُنْقَلُ عَمَلُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ هُمُ الْقُدْوَةُ فِي الدِّينِ الْمُتَمَسِّكُونَ بِآثَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ أَحْدَثَهَا الْبَطَّالُونَ وَشَهْوَةُ نَفْسٍ اعْتَنَى بِهَا الْأَكَّالُونَ، بِدَلِيلِ أَنَّا إِذَا أَدَرْنَا عَلَيْهِ الْأَحْكَامَ الْخَمْسَةَ قُلْنَا: إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُحَرَّمًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إِجْمَاعًا وَلَا مَنْدُوبًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَنْدُوبِ مَا طَلَبَهُ الشَّرْعُ مِنْ غَيْرِ ذَمٍّ عَلَى تَرْكِهِ، وَهَذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الشَّرْعُ وَلَا فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ وَلَا التَّابِعُونَ الْمُتَدَيِّنُونَ فِيمَا عَلِمْتُ، وَهَذَا جَوَابِي عَنْهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ عَنْهُ سُئِلْتُ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاعَ فِي الدِّينِ لَيْسَ مُبَاحًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ فِي فَصْلَيْنِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَالَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْمَلَهُ رَجُلٌ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ لِأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعِيَالِهِ، لَا يُجَاوِزُونَ فِي ذَلِكَ الِاجْتِمَاعَ عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ وَلَا يَقْتَرِفُونَ شَيْئًا مِنَ الْآثَامِ، وَهَذَا الَّذِي وَصَفْنَاهُ بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَشَنَاعَةٌ؛ إِذْ لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الطَّاعَةِ الَّذِينَ هُمْ فُقَهَاءُ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَاءُ الْأَنَامِ سُرُجُ الْأَزْمِنَةِ وَزَيْنُ الْأَمْكِنَةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَدْخُلَهُ الْجِنَايَةُ وَتَقْوَى بِهِ الْعِنَايَةُ حَتَّى يُعْطَى أَحَدُهُمُ الشَّيْءَ وَنَفْسُهُ تَتْبَعُهُ وَقَلْبُهُ يُؤْلِمُهُ وَيُوجِعُهُ لِمَا يَجِدُ مِنْ أَلَمِ الْحَيْفِ، وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَخْذُ الْمَالِ بِالْحَيَاءِ كَأَخْذِهِ بِالسَّيْفِ لَا سِيَّمَا إِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْغِنَاءِ - مَعَ الْبُطُونِ الْمَلْأَى - بِآلَاتِ الْبَاطِلِ مِنَ الدُّفُوفِ وَالشَّبَّابَاتِ وَاجْتِمَاعِ الرِّجَالِ مَعَ الشَّبَابِ الْمُرْدِ وَالنِّسَاءِ الْفَاتِنَاتِ، إِمَّا مُخْتَلِطَاتٍ بِهِنَّ أَوْ مُشْرِفَاتٍ، وَالرَّقْصِ بِالتَّثَنِّي وَالِانْعِطَافِ وَالِاسْتِغْرَاقِ فِي اللَّهْوِ وَنِسْيَانِ يَوْمِ الْمَخَافِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ إِذَا اجْتَمَعْنَ عَلَى انْفِرَادِهِنَّ رَافِعَاتٍ أَصْوَاتَهُنَّ بِالتَّهْنِيكِ وَالتَّطْرِيبِ فِي الْإِنْشَادِ، وَالْخُرُوجِ فِي التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ وَالْأَمْرِ الْمُعْتَادِ غَافِلَاتٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} وَهَذَا الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ فِي تَحْرِيمِهِ اثْنَانِ، وَلَا يَسْتَحْسِنُهُ ذَوُو الْمُرُوءَةِ الْفِتْيَانُ، وَإِنَّمَا يَحْلُو ذَلِكَ لِنُفُوسِ مَوْتَى الْقُلُوبِ وَغَيْرِ الْمُسْتَقِلِّينَ مِنَ الْآثَامِ وَالذُّنُوبِ، وَأَزِيدُكَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ لَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ، وَلِلَّهِ دَرُّ شَيْخِنَا القشيري حَيْثُ يَقُولُ فِيمَا أَجَازَنَاهُ:
قَدْ عُرِّفَ الْمُنْكَرُ وَاسْتُنْكِرَ ... الْمَعْرُوفُ فِي أَيَّامِنَا الصَّعْبَهْ
وَصَارَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَهْدَةٍ ... وَصَارَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي رَيْبَهْ
حَادُوا عَنِ الْحَقِّ، فَمَا لِلَّذِي ... سَارُوا بِهِ فِيمَا مَضَى نِسْبَهْ
فَقُلْتُ لِلْأَبْرَارِ أَهْلِ التُّقَى ... وَالدِّينِ لَمَّا اشْتَدَّتِ الْكُرْبَهْ
لَا تُنْكِرُوا أَحْوَالَكُمْ قَدْ أَتَتْ ... نَوْبَتُكُمْ فِي زَمَنِ الْغُرْبَهْ
وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ حَيْثُ يَقُولُ: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تُعُجِّبَ مِنَ الْعَجَبِ، هَذَا مَعَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ هُوَ بِعَيْنِهِ الشَّهْرُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَيْسَ الْفَرَحُ فِيهِ بِأَوْلَى مِنَ الْحُزْنِ فِيهِ. وَهَذَا مَا عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ، وَمِنَ اللَّهِ تَعَالَى نَرْجُو حُسْنَ الْقَبُولِ). الحاوي للفتاوي (1/223-224).
وأقره الشيخ العدوي المالكي في حاشيته على مختصر خليل، والشيخ محمد عليش المالكي رحمهما الله في (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك). حقائق حول المولد النبوي (ص/3).
• وقال العلامة ابن الحاج المالكي- رحمه الله -: ( فصل في المولد: ومن جملة ما أحدثوه من البدع، مع اعتقادهم أن ذلك من أكبر العبادات وأظهر الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد وقد احتوى على بدع ومحرمات جملة...). المدخل: (1/ 313-314).
وقال:( فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ مَا أَشْنَعَهَا وَمَا أَقْبَحَهَا وَكَيْفَ تَجُرُّ إلَى الْمُحَرَّمَاتِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ خَالَفُوا السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ وَفَعَلُوا الْمَوْلِدَ لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى فِعْلِهِ بَلْ زَادُوا عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْأَبَاطِيلِ الْمُتَعَدِّدَةِ فَالسَّعِيدُ السَّعِيدُ مَنْ شَدَّ يَدَهُ عَلَى امْتِثَالِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى ذَلِكَ وَهِيَ اتِّبَاعُ السَّلَفِ الْمَاضِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ مِنَّا إذْ هُمْ أَعْرَفُ بِالْمَقَالِ وَأَفْقَهُ بِالْحَالِ. وَكَذَلِكَ الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَلْيَحْذَرْ مِنْ عَوَائِدِ أَهْلِ الْوَقْتِ وَمِمَّنْ يَفْعَلُ الْعَوَائِدَ الرَّدِيئَةَ وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إذَا عَمِلَ بِالسَّمَاعِ فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إلَيْهِ الْإِخْوَانَ وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ إذْ أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الْمَاضِينَ وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ أَوْلَى بَلْ أَوْجَبُ مِنْ أَنْ يَزِيدَ نِيَّةً مُخَالِفَةً لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَعْظِيمًا لَهُ وَلِسُنَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُمْ قَدَمُ السَّبْقِ فِي الْمُبَادَرَةِ إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ نَوَى الْمَوْلِدَ وَنَحْنُ لَهُمْ تَبَعٌ فَيَسَعُنَا مَا وَسِعَهُمْ). المدخل (2/10).
• قال الحافظ أبو زرعة العراقي رحمه الله: (لا نعلم ذلك -أي عمل المولد- ولو بإطعام الطعام عن السلف). تشنيف الآذان (ص/ 136).
• الإمام الشاطبي قال ببدعية المولد النبوي ؟ فقد ذكر بعض أنواع البدع في أول كتابه الاعتصام (1/34)، وعدّ منها اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وذمّ ذلك. وقال الشاطبي عند عده للبدع التي تضاهي الشرعية: ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وما أشبه ذلك.
• وعلامة الهند أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي قال ببدعية المولد النبوي، وكذلك شيخه العلامة بشير الدين قنوجي الذي ألف كتاباً سماه " غاية الكلام في إبطال عمل المولد والقيام " ( انظر تعليقه على حديث: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " في سنن الدارقطني ).
• الشيخ العلامة أبي عبد الله محمد الحفار المالكي ـ من علماء المغرب العربي ـ: ( ليلة المولد لم يكن السلف الصالح ـ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم ـ يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، لا يعظّم إلا بالوجه الذي شرع تعظيمه، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله، لكن يتقرّب إلى الله جل جلاله بما شرع.. ) المعيار المعرب 7 / 99.
• وسئل الإمام الشوكاني رحمه الله :عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب رحمه الله :( لم أجد إلى الآن دليلاً يدل على ثبوت الاحتفال بالمولد ، من كتاب ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا قياس ، ولا استدلال ، بل أجمع المسلمون أنه لم يوجد في عصر خير القرون ، ولا الذين يلونهم ، وأجمعوا أن المخترع له السلطان:(المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين علي بن سبكتين) صاحب أربل ، وعامر الجامع المظفري بسفح قاسيون .
وإذا تقرر هذا ، لاح للناظر ، أن القائل بجوازه بعد تسليمه ، أنه بدعة ، وإن (كل بدعة ضلالة) بنص المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، لم يقل إلا بما هو ضد للشريعة المطهرة ، ولم يتمسك بشيء سوى تقليده لمن قسم البدعة إلى أقسام، ليس عليها آثار من علم .
أما العترة المطهرة وأتباعهم ، فلم نجد لهم حرفاً واحداً يدل على جواز ذلك، بل كلمتهم كالمتفقة بعد حدوث هذه البدعة ، أنها من أقبح ذرائع المتمخلعة إلى المفاسد، ولهذا ترى هذه الديار منزهة عن جميع شعابن المتصوفة المتهتكة ، التي هذه واحدة منها ولله الحمد .
وسريان البدع أسرع من سريان النار ، ولاسيما بدعة المولد، فإن أنفس العامة تشتاق إليها، غاية الاشتياق ، ولاسيما بعد حضور جماعة من أهل العلم والشرف والرئاسة معهم ، فإنه سيخيل إليهم بعد ذلك أن هذه البدعة من آكد السنن !!!.
ولاشك أن العامة أسرع الناس إلى كل ذريعة من ذرائع الفساد، التي يتمكنون معها من شيء من المحرمات، كالمولد ونحوه، فإذا انضم إلى ذلك : حضور من له شهرة في العلم والشرف والرئاسة، فعلوا المحرمات بصورة الطاعات، وخبطوا في أودية الجهالات والضلالات ، وتخلصوا من ورطة الإنكار، بقولهم : (حضر معنا سيِّدي فلان وفلان ) .
دع عنك العامة ، فإن بعض الخاصة المتميزين في طلب العلم، قعد بين يدي، لقراءة بعض علوم الاجتهاد، فأخبرني أنه حضر ليلة ذلك اليوم من هذا الشهر في بعض الموالد، فأنكرت عليه وانقبضت منه فقال :(حضر معنا، سيِّدي فلان وفلان وفلان) فسألته عن الصفة التي وقعت بحضرة أولئك الأعيان، فقال في جملة شرح تلك القضية : أنه قرأ المولد رجل سوقي، وأولئك الأعيان يطربون ويسمعون، حتى بلغ إلى بعضه، ثم قام كأنما نشط من عقال، وهو يقول : (مرحباً يا نور عيني مرحباً) وقام بقيامه جميع الحاضرين من الأعيان وغيرهم ، وصار ينهق قائماً وهم كذلك ، فتعب بعض الحاضرين فقعد ، فصاح عليه بعض أولئك الأعيان، وقال له وقد ظهرت عليه سَورَة الغضب : (قم ، ما هي ملعابة)، بهذا اللفظ ، وهم لا يشكون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصل إليهم تلك الساعة !!! ثم تصافحوا، وأقبل جماعة من العامة ، بأيديهم أنواع من الطيب ، معاجلين مسرعين كأنهم ينتهزون فرصة بقائه - صلى الله عليه وسلم - ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، أين عزة الدين ؟ فإن ذهبت ، فأين الحياء والمروءة ؟
وهب أنه لا يحصل بحضرة هؤلاء الأعيان شيء من المنكرات كما هو الظن بهم ، ألا يدرون أن العامة تتخذ ذلك وسيلة وذريعة إلى كل منكر ؟ ويصكون بحضورهم وجه كل منكر ؟ ويفعلون في موالدهم التي لا يحضرها إلا سقط المتاع، كل منكر؟ ويقولن: قد حضر المولد (فلان وفلان ) ويتمسكون بجامع اسم المولد ؟
ومن هنا : يلوح لك فساد واعتذار بعض المجوزين ، بأنه إذا لم يحصل في المولد إلا الاجتماع للطعام والذكر فلا بأس به ، وأنه لا يلزم من تحريم ما يصحبه من المحرمات تحريمه ، فإنا نقول:
المولد مع كونه ( بدعة )، باعترافك ، قد صار مصحوباً عادة بكثير من المنكرات، وذريعة إلى كثير من المفاسد، واتفاق مثل هذه الموالد التي لا تشتمل على غير الطعام والذكر، أعز من الكبريت الأحمر ). الفتح الرباني : (2/1087 ـ 1091) بتصرف يسير.بواسطة: الفتاوى والمقالات المهمة في بدعية (الاحتفال بالمولد النبوي) لمحسن بن عوض بن أحمد القليصي الهاشمي.
• وقال العلامة أبو عبد الله محمد المحضار رحمه الله: (ليلة المولد لم يكن السلف الصالح يجتمعون فيها للعبادة ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة؛ لأن النبي لا يعظم إلا بالوجه الذي شرع به تعظيمه..) المعيار المعرب والجامع المغرب (ص: 99- 101).
• وقال الشيخ محمد عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله: (فاتخاذ مولده موسما، والاحتفال بِهِ بِدعَة مُنكرَة ضَلَالَة لم يرد بهَا شرع وَلَا عقل، وَلَو كَانَ فِي هَذَا خير فَكيف يغْفل عَنهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَسَائِر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم، وَالْأَئِمَّة وأتباعهم؟ لَا شكّ أَن مَا أحدثه إِلَّا المتصوفون الأكالون البطالون أَصْحَاب الْبدع، وَتبع النَّاس بَعضهم بَعْضًا فِيهِ إِلَّا من عصمه الله ووفقه لفهم حقائق دين الْإِسْلَام). السنن والمبتدعات بالأذكار والصلوات (ص: 139).
• وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (لاشك أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من البدع المحدثة في الدين، بعد أن انتشر الجهل في العالم الإسلامي وصار للتضليل والإضلال والوهم والإيهام مجال، عميت فيه البصائر وقوي فيه سلطان التقليد الأعمى، وأصبح الناس في الغالب لا يرجعون إلى ما قام الدليل على مشروعيته، وإنما يرجعون إلى ما قاله فلان وارتضاه علان، فلم يكن لهذه البدعة المنكرة أثر يذكر لدى أصحاب رسول الله ولا لدى التابعين وتابعيهم... ). فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/ 54).
وقال: ( إذا عرف هذا فالاحتفال بالمولد بدعة محدث مردود على فاعله، وهو يختلف بحسب على فاعله، وهو يختلف بحسب ما يعمل فيه من البدع والمحرمات، فإن خلا من المحرمات عموماً واقتصر فيه على عمل الدعوة من طعام وشراب وطيب ولم يحضره مردان ولا اختلط الرجال بالنسوان واعتقد فاعله أن هذامن الدين الذي يتقرب به إلى رب العالمين فهذا بدعة محدث مردود على فاعله.
وإن انضم إلى ذلك مايفعله كثير ممن يقيمون الاحتفالات بالموالد من استعمال الأغاني وآلات الطرب وقلة احترام كتاب الله تعالى، فإنهم يجمعون في هذه الاحتفالات بينه وبين والأغاني ويبدؤن به وقصدهم الأغاني، ولذلك ترى بعض السامعين إذا طول القارئ القراءة يملون ويتثاقلون منه لكونه طول عليهم). فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (3/60).
• وقال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، رحمه الله:( اعتاد كثير من الناس، في مثل هذا الشهر، شهر ربيع الأول من كل سنة، إقامة الحفلات الرائعة، لذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك ليلة الثانية عشر منه، قائلين: إنه عبارة عن إظهار الشكر لله عز وجل على وجود خاتم النبيين وأفضل المرسلين، بإظهار السرور بمثل اليوم الذي ولد فيه صلى الله عليه وسلم، وبما يكون فيه من الصدقات والأذكار.
فنقول: لا شك أنه سيد الخلق وأعظمهم، وأفضل من طلعت عليه الشمس; ولكن لماذا لم يقم بهذا الشكر أحد من الصحابة، والتابعين؟ ولا الأئمة المجتهدين، ولا أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخير؟ مع أنهم أعظم محبة له منا، وهم على الخير أحرص، وعلى اتباعه أشد.
بل كمال محبته وتعظيمه، في متابعته وطاعته، واتباع أمره، واجتناب نهيه، وإحياء سنته ظاهرا وباطنا، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك، بالقلب واليد واللسان؛ فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، لا في إقامة تلك الحفلات المبتدعة، التي هي من سنن النصارى. فإنه إذا جاء الشتاء في أثناء كانون الأول، لأربع وعشرين خلت منه، بزعمهم أنه ميلاد عيسى، عليه الصلاة والسلام، أضاؤوا في ذلك الكهرباء، وصنعوا الطعام، وصار يوم سرور وفرح عندهم. وليس في الإسلام أصل لهذا؛ بل الإسلام ينهى عن مشابهتهم، ويأمر بمخالفتهم...إلى أن قال: فالمقيمون لتلك الحفلات، وإن قصدوا بها تعظيمه صلى الله عليه وسلم فهم مخالفون لهديه، مخطئون في ذلك؛ إذ ليس من تعظيمه أن يبتدع في دينه بزيادة أو نقص أو تغيير، أو تبديل؛ وحسن النية، وصحة القصد لا يبيحان الابتداع في الدين. فإن جلّ ما أحدثه من كان قبلنا من التغيير في دينهم، عن حسن نية وقصد؛ وما زالوا يزيدون وينقصون بقصد التعظيم وحسن النية، حتى صارت أديانهم خلاف ما جاءتهم به رسلهم. الدرر السنية (16/104-106).
• وقال العلامة محمد بن عبد اللطيف رحمه الله: (إن عمل المولد من البدع المنكرات والأعمال المنكرات). الدرر السنية (8/ 285).
• وقال الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: (وأنكر الإمام محمد بن عبد الوهاب ما كان عليه الناس في تلك البلاد وغيرها من تعظيم الموالد والأعياد الجاهلية، التي لم ينزل الله بها سلطاناً، ولم ترد به حجة شرعية ولا برهان، لأن ذلك فيه مشابهة للنصارى الغالين في أعيادهم الزمانية والمكانية، وهو باطل مردود في شرع سيد المرسلين). مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (ص/ 44).
• وقال الشيخ محمد الغزالي ، في كتابه ليس من الإسلام / 252:( والتقرب إلى الله بإقامة هذه الموالد عبادة لا أصل لها.. ومن ثمّ فنحن نميل إلى تعميم الحكم على هذه الموالد جميعاً ووصفها بأنها مبتدعات تُرفض ولا يُعتذر لها.. إن إلغاء الموالد ضرورةٌ دينيةٌ ودنيويةٌ.. وهكذا انتظم الاحتفال بليلة المولد النبوي، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شبعان، وليلة القدر، ورأس السنة الهجرية.
وقد حددت لهذه الاحتفالات تواريخ كيفما اتفق، وجُعل البذل فيها من مظاهر التديّن ! وأحياها العوام والخواص بمزيد من الكلام والطعام، وهكذا تكون نصرة الإسلام !! ).
• وقال العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: (الاحتفال بالموالد وتخصيصها بذكر أو دعاء أو أناشيد أو دف أو صلاة أو أي عبادة أو شعار يتخذ فيها إعلاماً بهذا اليوم: يوم المولد، سواء كان مولد نبي أو ولي أو من تدعى ولايته، كالرفاعي والبدوي والبيومي والدسوقي وغيرهم في جل أصقاع العالم الإسلامي أو عظيم من الولاة أو العلماء أو ما يتخذه بعض الناس من اتخاذ عيد لمولده بمناسبة إطفاء ثلاثين شمعة، أي مضي ثلاثين سنة، وهكذا في كل عام، كل هذا بدعة ضلالة، ومنكر يجب إنكاره، ولا عهد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم به قبل اتخاذ العبيدين في عام (362) مولد النبي صلى الله عليه وسلم، إبان حكمهم بمصر، ثم امتد إحداثهم للأعياد حتى جعلوا في كل يوم عيداً للنبي صلى الله عليه وسلم على مدار العام، ثم انتقلت هذه إلى بعض أهل السنة، ووقع بسببه معارك كلامية، وافتراءات على من أنكر هذه البدعة وأنه يبغض النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاهم). تصحيح الدعاء (ص: 110- 111).
• وسئل الإمام مقبل الوادعي رحمه الله :عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي ؟
فأجاب رحمه الله :(الاحتفال بالمولد من حيث هو بدعة ، لم يثبت ، ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، اقرءوا كتاب الله من أوله إلى آخره، هل تجدون الاحتفال بالمولد؟ ، اقرءوا سنة رسول الله ، (صحيح البخاري) ، (صحيح مسلم) ، (مسند الإمام أحمد) ، (سنن أبي داود)، (جامع الترمذي) ، وهكذا أيضاً (سنن النسائي) ، (سنن ابن ماجة) ، (سنن الدارمي) ، إلى غير ذلك، أتجدون الاحتفال بالمولد؟ أم أتى به العبيديون بالمغرب؟ وأصلهم يهود، ثم زعموا أنهم من ذرية أهل بيت النبوة، وأنهم ينتسبون إلى إسماعيل بن جعفر، ثم تبعهم المغفلون!!! ، حتى إن ملكاً في القرن السادس، رأى النصارى يحتفلون بمولد عيسى ، قال أبو شامة : ( فأقام احتفالاً بمولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أعظم من احتفال النصارى بمولد عيسى)، فالملوك والرؤساء لا يحتج بهم ، يحتج بقول الله، ويحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
أنصح كل مسلم يريد النجاة ، ويريد النبوغ في العلم : أن يرجع إلى كتب المتقدمين ، التي هي خالية من هذه البدع، تجد أصحاب الموالد في الغالب ، لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر ، بل ربما ارتكب الفاحشة في الموالد ، فمولد البدوي، ربما ترتكب فيه الفاحشة، وهكذا أيضاً مسجد بالجند، يحضر الناس فيه في ليلة كذا من رجب، ويخيمون عنده بالخيام ، فربما ترتكب فيه الفاحشة ، وأما المبتدعة: فيهمهم محاربة أهل السنة ، يقولون عنهم : (وهابية) جاءوا يخربون علينا ديننا ، أنت يامسكين لست عند الدين، أنت عند العصيدة ، وعند السلتة ، وعند القات ، لست عند الدين ضيعت نفسك ، يا مسكين إن كنت عند الدين، فتعال نحن مستعدون أن نناظرك، وأن نبين لك أنك على بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، والله المستعان ). إجابة السائل على أهم المسائل : (271).
• وسئلت اللجنة الدائمة حفظ الله حيهم وغفر لميتهم :
ما حكم اجتماع الناس للمولد، مع زعمهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحضر مجالسهم ؟ وهل هذا الاجتماع يصح شرعاً، وهل هو دليل على تعظيمه؟
فأجابت :(اجتماع الناس لإحياء ليلة المولد، وقراءة قصته ليس مشروعاً، بل هو (بدعة محدثة)، لم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من العلماء في القرون الثلاثة المفضلة، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، وأما زعمهم:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحضر مجالسهم : فكذب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره حياة برزخية، يتمتع فيها بنعيم الجنة، وليست كحياته في الدنيا ، فإنه قد توفي وغسل وكفن وصلي عليه صلاة الجنازة, ودفن كغيره، وهو أول من يُبعث من قبره يوم القيامة، وقد قال الله تعالى مخاطباً إياه:( إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مّيّتُونَ * ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) .
وأما تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - واحترامه :فإنما هو بالإيمان بكل ما جاء به من عند الله، واتباع شريعته ، عقيدة، وقولاً ، وعملاً ، وخلقاً ، وترك الابتداع في الدين، ومن الابتداع في الدين : الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - ). الفتاوى : (3/ 6 ـ 35) بتصرف يسير .
• وقال الدكتور يوسف القرضاوي: (.. وقالوا إن الذي ابتدع هذه الموالد وهذه الأشياء الفاطميون في مصر، ومن مصر انتقل إلى بلاد أخرى، وربما كان وراء ذلك أهداف سياسية معينة ! أنهم يريدون أن يشغلوا الجماهير والشعوب بهذه الموالد وهذه الاحتفالات ! حتى لا يبحث الناس في أمور السياسة ولا في أمور القضايا العامة إلى آخره ! ولذلك إذا نظرنا إلى الأمر باعتباره عبادة نقول: أنه لم ترد هذه العبادة ولم تصح ) ! قناة الجزيرة.
والله أسأل أن يجعل ذلك في ميزان حسناتي , وأن ينفع به , إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس