وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
إذا هو شهر ليس كالشهور
ليس مجرد انقطاع عن المفطرات بل تطهر وتطهير للنفس
إنه شهر الوقاية: إنما الصوم جنة
إنه شهر الموازاة بين مطالب الروح والجسد : انتصار على نوازع الهوى والشهوات واستعادة يقظة الضمير التي كبلتها مشاغل الدنيا والرغبات الجامعة
فيه يستعيد وعيه بذاته فيستقبح المنكرات ويقبل على الطاعات مكسرا قيد سلطان العادة مالكا لزمام نفسه بإرادة وعزيمة ندر أن يمتلكها في غيره من الشهور
إنه الشهر الذي ينمي فينا الإحساس بالذات لخدمة الآخر
شهر المغفرة والشفاعة
إن رمضان يلزم المسلم بأن يستقبله بقلب واع وجوارح حية متسلحا بالصبر على ما يلقى في نهاره معتصما بمراقبة خالقه
أما في ليله فكله إقبال على القيام والذكر تدفعه روح جديدة يكاد لا يعرفها.
إنه الشهر الذي يدفع كثيرا من الناس إلى نقل القرآن من الحفظ في الرفوف طلبا للحماية من كل ما يتوجسونه ضرره إلى التعايش معه بقلب خاشع يتدارسون معانيه ويحفظون سوره
رمضان صومه خالص لله ( الصوم لي) يتحول فيه خلوف فم الصائم إلى أفضل من رائحة المسك .تصفد فيه الشياطين ويفتح فيه الباب للتائبين على مصاريعه وتغفر ذنوبهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
بل إنه الشهر الذي تلتقي فيه شفاعتان للمسلم يوم القيامة: شفاعة الصوم وشفاعة القرآن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنه الشهر الذي يسترد فيه المؤمن عالم الغيب بكل تجلياته بعد أن انحسر في خضم الحياة اليومية . يحرره من استكانته ويخرجه من غيبوبة الأحلام إلى معايشة الواقع ومجابهته بوعي الواثق الساعي للتغيير
شهر العطاء والإحسان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا تاقت النفس إلى كل هذا النعيم لن ترى فيما بين يديها من مال إلا حطاما لا قيمة له فيهون امام النفس التخلي عنه
إنها تجارة النعيم بحطام الدنيا. تنطلق النفس بالمحبة لمن حولها فتنفق في سخاء لا مثيل له لا ترجو من وراء ذلك مصالح دنيوية بل قبلتها وبغيتها نعمة مؤجلة ترجوها يوم اللقاء منتظرة جائزتها التي وعدت بها
وما أشد رغبتنا في تحصيل الجوائز
إنه شهر البر والإحسان وتوطيد العلاقات والتجاوز عن كل ما يفرق . إنه إيثار وإنفاق سخي في سبيل الله طمعا في جته
أليس الشهر الذي انفرد بباب من ابواب الجنة لا يدخل منه إلا الصائمون
الصحة والسلامة الجسدية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الصوم طبيب يأتي على كل ما اختزنه الإنسان طوال السنة من تراكمات دهنية فيذهب بها ويعيد للجسم توازنه المنشود
وليس أجمل ولا أروع من ذلك الحوار الذي وقع بين الحجاج والأعرابي .لقد خرج الحجاج في يوم قائظ وحين حضر وقت الغداء طلب من يشاركه طعامه فلم يجدوا غبر أعرابي حملوه إليه
الحجاج : هلم أيها الأعرابي لنتناول طعام الغذاء .
الأعرابي : قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته .
الحجاج : من هو ؟
الأعرابي : الله تبارك وتعالى دعاني إلى الصيام فأنا صائم .
الحجاج : أصوم في مثل هذا اليوم على حره .
الأعرابي : صمت ليوم أشد منه حرا .
الحجاج : أفطر اليوم وصم غدا .
الأعرابي : أو يضمن الأمير أن أعيش إلى الغد .
الحجاج : ليس ذلك إلي ، فعلم ذلك عند الله .
الأعرابي : فكيف تسألني عاجلا بآجل ليس إليه من سبيل .
الحجاج : إنه طعام طيب .
الأعرابي : والله ما طيبه خبازك وطباخك ولكن طيبته العافية .
الحجاج : بالله ما رأيت مثل هذا . جزاك الله خيرا أيها الأعرابي .
اللهم حببنا في رمضان وحبب رمضان فينا واجعله والقرآن من الشافعين فينا يوم القيامة
وتظل الخواطر تتزاحم وتسأل متى العودة إلى رمضان زمان
يقلع الناس عن الغفلة والضياع؟ متى يصحو فلان ذاك الذي يستعجل بعضا من ركعات التراويح كأنها حمل على ظهره ليفر دون أن يختمها .
ولأي انجاز عظيم يفعل ذلك؟
إنه نداء الشيطان . !!!!!!!!
يغادر بيت الله إلى المقهى .
صيام في النهار وموبقات في الليل.إنها المعصية في أعلى مظاهرها.
لقد حولوا رمضان إلى شهر المعاصي. شهر القمار من خلال اللعب بالورق. هذا على المشروب ( قهوة. ماء معدني. مياه غازية)
وأولئك على الأموال.
هذه تحدث عندنا ولا ضمير يصحو ولا قلب يخشع .
متى يعود الوعي ولا يصبح رمضان شهر الغضب ( والنرفزة) والعصبية الزائدة
شهر الزحام على تعويض ما فات في النهار: تهافت على شراء كل ما تقع عليه العين ليلقى اغلبه بعد ذلك في الزبالة
متى يتقي الناس الله في أنفسهم ؟
وكم من مظاهر أخرى تقشعر منها الأبدان
والموضوع مفتوح لمن أراد الإضافة