عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2012-02-20, 03:36 PM
ابو عادل المغربي ابو عادل المغربي غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-02-19
المكان: المملكة المغربية
المشاركات: 125
قلم عبد الله التل .. بطل معركة القدس .











محمد سيد بركة

يعد عبد الله التل من أبرز الشخصيات التي لعبت دورًا رئيسيًّا وتاريخيًّا في الصراع العربي الصهيوني منذ بداية عام 1948م، من خلال المعارك البطولية التي قادها ضد المستعمرات اليهودية قبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين في 15 مايو 1948م، ثم دخوله على رأس الكتيبة السادسة مدينة القدس، وتطهير المدينة القديمة من القوات اليهودية، وحمايتها من الهجمات المتكررة لاحتلالها.

ونتيجة للانتصارات التي حققها عبد الله التل في الميدان العسكري والسياسي خلال تلك الحرب، ولِمَا تحلى به من كفاءة حربية عالية، وذكاء نافذ، وحنكة سياسية، وشجاعة بينة، وإيمان قوي، ووطنية راسخة، برز اسمه ولمع في وقت قصير على الساحة العربية والدولية، حتى أصبحت إنجازاته العسكرية وتصريحاته السياسية وصوره الشخصية تتصدر الصفحات الأولى، وبعناوين بارزة متواترة في الصحافة العربية والعالمية، واستحق لقب بطل معركة القدس من الأوساط الرسمية والشعبية.

وُلد عبد الله التل في مدينة "أربد" عام 1918م، وفي مدارسها أتم دراسة المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ليلتحق مثل كثيرين من أبناء جيله بثانوية السلط، وليتخرج منها في العام 1937م.

عمل لمدة خمس سنوات موظفًا مدنيًّا في مديرية الجوازات، كما حصل على دورة أركان الحرب من بريطانيا عام 1946م، ثم ماجستير آداب من جامعة الأزهر 1965م.

كما عمل ملازمًا في الجيش العربي عام 1942م، ثم عُين حاكمًا عسكريًّا للقدس في الفترة 1948م-1949م، ويُعد من الضباط الأردنيين الذين دافعوا عن القدس عام 1948م، وسُمي "قائد معركة القدس".

وبسبب شجاعته وكفاءته سجل سابقة حميدة في الجيش العربي، حين حصل على أربع ترقيات عسكرية خلال ست سنوات.

معركة القدس

ارتبط اسم المجاهد عبد الله التل بمدينة القدس والدفاع عن هويتها الإسلامية وعروبتها، حتى صار مصطلح بطل معركة القدس ملازمًا لاسم هذا القائد العسكري المتميز.

ومن المؤكد أن بطلاً بمواصفات عبد الله التل لا يحتاج إلى شهادة أحد، فقد شهدت له معارك الدفاع عن عروبة القدس عامي 1947م 948م، ويتذكر المقدسيون وغيرهم من المجاهدين العرب بطولات هذا القائد ضد العصابات الصهيونية، وربما كانت واحدة من أقسى اللحظات التي عاشها العسكري الشجاع أبو المنتصر "عبد الله التل" لحظة إعلان الهدنة وتوقف المعارك، وهو يرى بأم عينه جزءًا عزيزًا من فلسطين ومن القدس الشريف قد أصبح تحت سيطرة العصابات الصهيونية.

بحكم موقعه القيادي في الجيش العربي، وبحكم وعيه وقراءته العسكرية والسياسية الناضجة، فهم عبد الله التل كثيرًا من أسرار الحرب، ودور الجيش البريطاني في دعم العصابات الصهيونية وتوفير الحماية لها؛ لذلك كانت مذكراته التي أصدرها في القاهرة تمثل وثيقة سياسية مهمة من قائد عسكري محنك، قال كلمته بجرأة وشجاعة في كل ما رآه في تلك الحرب، التي لم تكن متكافئة، وحجم المؤامرة التي تعرضت لها فلسطين في تلك المرحلة.

دورات عسكرية عديدة اجتازها عبد الله التل، الذي أصبح أحد أبرز الكفاءات العسكرية في الجيش العربي، استحق عليها عددًا من الأوسمة، وعندما تم تعيينه في أركان حرب الجيش العربي أحسَّ "جلوب باشا" بخطورة ذلك على مستقبله ومستقبل الضباط الإنجليز من وجود كفاءات عربية، فنقله إلى قائد لحرس القوافل، وقد استثمر وجوده هناك لتوفير الدعم للمجاهدين العرب والفلسطينيين وتدريبهم لمواجهة الخطر الصهيوني، وتعرف بحكم موقعه إلى قادة فصائل الجهاد في فلسطين وفي مقدمتهم عبد القادر الحسيني.

ومن الأحداث المهمة في حياته، أن آخر العمليات العسكرية التي قام بها القائد عبد الله التل خلال معركة القدس عندما رفع نيرانه ضد القوات اليهودية؛ لم تكن مؤيدة بأوامر صريحة من قائد الجيش الأردني الجنرال البريطاني "جون باجوت جلوب" الشهير "بجلوب باشا"، وكان رجال العشائر يلقبونه بـ"أبو حنيك"؛ لأنه كان قد فقد جزءًا من حنكه بسبب إصابة خلال إحدى الحروب التي خاضها في زمانه.

فقد اعتبر جلوب باشا مبادرة عبد الله التل وكأنها تمرد على الأوامر، ولكي يتفادى الملامة من المسئولين العرب الآخرين رضخ الملك عبد الله الأول على مضض لمبادرات عبد الله التل العسكرية المتحمسة، حيث كان الملك في خضم مباحثات سرية مع بعض قادة الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية؛ مثل: جولدا مائير، وموشيه شاريت، وإلياهو ساسون؛ طمعًا في الحصول على بعض أجزاء من فلسطين. وقد عكست مبادرات عبد الله التل العسكرية عدم تحمُّله هو وجنوده الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يقع مواطنيهم سكان القدس تحت رحمة نيران العدو دون من يدافع عنهم، بينما يقوم ملكه بالتآمر مع هذا العدو.

وما إن تم التوقيع على هدنة بين الأردن والحكومات العربية الأخرى من جهة والقيادة اليهودية من جهة أخرى -علمًا بأن الفلسطينيين لم يشكلوا طرفًا في تلك الهدنة أو في الاتفاقيات التي تلتها- أظهر الملك عبد الله ساعتها غضبه تجاه مبادرات عبد الله التل العسكرية، التي كانت على وشك أن تُفشِل مخططاته. ومن دواعي العجب أن تمرد عبد الله التل هو الذي أنقذ القدس القديمة وأمَّنها للملك عبد الله الأول، وإلاّ فإن قوات "الهاجانا" اليهودية كانت ستحتلها عام ١٩٤٨م.

وفي نهاية الأمر، تعد عملية الدفاع عن مدينة القدس هو الانتصار العسكري الوحيد ذو الأهمية الذي سجلته الجيوش العربية في حرب فلسطين ١٩٤٨م- ١٩٤٩م، فقد حالت العمليات العسكرية الناجحة التي بادر بها القائد عبد الله التل، دون سقوط مدينة القدس القديمة وبعض ضواحيها في أيدي قوات "الهاجانا"، وإن كانت المدينة -وما تبقى من فلسطين- قد سقطت في نهاية الأمر بين أيدي الإسرائيليين عقب حرب يونيو ١٩٦٧م، أو حرب الستة أيام كما تُسمَّى أحيانًا.

يتبع...
__________________
رد مع اقتباس