عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 2012-04-21, 09:41 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,065
افتراضي سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/قُرًى مُّحَصَّنَة

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدى بالقرآن- ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغنى قطب
{ قُرًى مُّحَصَّنَةٍ }*

الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
يقول الله تعالى في الآية 14 من سورة الحشر :
بسم الله الرحمن الرحيم { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}

جاء فى تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:
(قال تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنتم أيها المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله: يقول: هم يرهبونهم أشدّ من رهبتهم من الله { ذَلكَ بأنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ } يقول تعالى ذكره: هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون، وقوله سبحانه : { لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ } أي لا يقاتلكم هؤلاء اليهود من بني النضير مجتمعين إلا في قرى محصنة بالحصون، لا يبرزون لكم بالبراز، { أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ } يقول: أو من خلف حيطان ).

وجاء في الجامع لأحكام القران للإمام القرطبي رحمه الله تعالى :
قوله تعالى: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً } يعني اليهود { إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ } أي بالحيطان والدُّور؛ يظنون أنها تمنعهم منكم. { أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } أي من خلف حيطان يستترون بها لجُبْنِهم وَرَهْبَتِهم.

وجاء فى تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى:
قال تعالى: { لاَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } يعني: أنهم من جبنهم وهلعهم لا يقدرون على مواجهة جيش الإسلام بالمبارزة والمقاتلة، بل إما في حصون، أو من وراء جدر محاصرين،

وجاء فى الوسيط فى تفسير القرآن الكريم للدكتور طنطاوي في تفسير هذه الآية:
أى: أن هؤلاء اليهود وحلفاءهم من المنافقين، لا يقاتلونكم مجتمعين كلهم فى موطن من المواطن إلا فى قرى محصنة بالخنادق وغيرها، أو يقاتلونكم من وراء الجدران التي يتسترون بها، لأنهم يعجزون عن مبارزتكم، وعن مواجهتكم وجها لوجه، لفرط رهبتهم منكم...

هذا ما أجمع عليه جمهور الفقهاء والمفسرين على أن اليهود لا يقاتلون المؤمنين إلا من وراء جدار أو فى قرى محصنة .

نعود إلى الآية الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }(الحشر14).
فى هذه الآية وان كان الخطاب موجه إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة –فهو موجه أيضا إلى كافة المسلمين فى كل مكان وزمان لأن اليهود هم اليهود وهم أجبن من المواجهة المباشرة مع المسلمين ولكن فى هذا العصر لم يعد تنفع الجدار أو الجدر أو القرى المحصنة فى الحروب الحديثة التي بها من المعدات الحربية ما يستطيع أن يصل إلى أى مكان فى العالم بالطائرات الحديثة أو بالصواريخ ولا يمنعها جدار أو جدر ولو كانوا فى قرى محصنه فالقنابل تستطيع أن تدك أى حصن ومن مكان بعيد عن مسرح القتال.
كما قلنا أن هذه الآية تقرر حقيقة مهمة توضح جبن بني إسرائيل وعدم قدرتهم على المواجهة المباشرة مع المسلمين ولأن اصدق الكلام هو كلام الله تعالى وهو الحق فلابد أن يكون.
فكيف تكون هذه الآية القرآنية إعجاز؟.

في هذه الأيام أو فى هذا العصر وما بعده كيف يكون تفسير هذه الآية وما أراده الله تعالى لنا أن نعرفه عن اليهود وكيف يقاتلون المسلمين -(والله أعلى واعلم)-.

اليهود لكي يقاتلوا المسلمين لابد لهم من الاعتماد على مساندة قوية من دول قوية أيضا وهى تمثل لهم هنا الجدر المحصنة وتكون لهم دولة قوية تتعهد بالحفاظ عليهم ومؤازرتهم فى أى حرب ومستعدين ان يقاتلوا معهم اى قوة تحاول قتالهم وهى تمثل الجدار أو الجدر التي أشارت إليها الآية الكريمة هذا واليهود خبراء فى استجداء دول العالم القوية ذات النفوذ ولو نظرنا إلى حال اليهود فى هذه الأيام وتاريخهم مع المسلمين فى احتلال فلسطين نجد أنهم أتوا إلى فلسطين وسط العرب المسلمين بحماية من بريطانيا ووعد بلفور الذي كان وزيرا لخارجية بريطانيا فى تلك الأيام - وكانت قوة عظمى- بإقامة دولة لهم ولولا هذا التعهد ومساعدة البريطانيين ما استطاع اليهود من دخول فلسطين, ووسط مباركة من الدول القوية الأخرى مثل دول أوربا وأميريكا والتي أمدت اليهود بوسائل التكنولوجيا الحديثة والسلاح وكذلك فرنسا وهى دولة نووية ساعدت ألدوله اليهودية على بناء مفاعل ذرى وأنتجت منه العديد من القنابل الذرية الخطيرة إضافة الى الأموال الطائلة التي أمدتها بها ألمانيا وتعهدت جميع الدول الكبرى فى العالم بالحفاظ على أمن هذه الدولة اليهودية الصهيونية ولولا قيام هذا الحشد الهائل من دول العالم بمساعدتها لما تمكنوا من المواجهة مع المسلمين ، وهذه الولايات المتحدة الأميريكية وهى اقوى قوة فى هذا العصر تعهدت أمام العالم اجمع أنها ستجعل إسرائيل اقوي من العرب مجتمعين ولولا اندفاع الولايات المتحدة الأميريكية لاتقاذ اليهود الصهاينة فى حرب أكتوبر سنة 1973 ميلادية لانتهت إسرائيل, وأيضا وقف معها اغلب دول العالم وهم يمثلون لهم الجدر التي تحميهم في قتالهم مع المسلمين واصبح اليهود فى اسرائيل محمية طبيعية تحت الحماية من الولايات المتحدة الأميريكية والدول الغربية فكانوا لليهود جدارا يمنعهم من اعدائهم واصبحت الولايات المتحدة الأميريكية هى القرية الحصينة لهم التى تمنعهم من المسلمين .

أما الظهير الصهيوني لهذه الدولة الصهيونية العنصرية:
اليهود يتوزع اغلبهم فى البلاد الصناعية مثل دول أوربا الغربية والولايات المتحدة الأميريكية وسيطر اليهود فيها على البنوك وعلى وسائل الإعلام حتى أصبحوا أصحاب القوة والمال والنفوذ فى تلك الدول واستغلوا خبرتهم فى الدسيسة والكذب والافتراء على المسلمين مما جعل حكام هذه الدول تفرض عليهم الحماية وجعل هؤلاء اليهود ينافقون هذه الدول وأخذوا يبثوا سمومهم على المسلمين في وسائل الإعلام التي تملكوها واستغلوا حالة الديمقراطية وحرية الإعلام في هذه البلاد وأداروا منها حربا قذرة من الأكاذيب والافتراءات على الإسلام والمسلمين مما جعل هذه الدول وشعوبها تكره الإسلام و المسلمين واظهروا لتلك الدول بأنهم الدولة الضعيفة التي تعيش وسط بحر من العرب المعادين لهم وأن المسلمين يريدون أن يلقوا دولة إسرائيل في البحر وهى الدولة الصغيرة التى تريد ان تعيش بين العرب فى أمن وسلام وكسبوا تعاطف دول كثيرة من دول العالم واخذوا يمدوهم بالمال والسلاح والمتطوعين في أي صراع بينهم وبين العرب المسلمين وأصبحت هذه الدول لهم قرى محصنة لا يستطيع العرب والمسلمون ان يقاتلوهم فيها أو ينالوا منهم هناك ورغم ذلك ليس لهم ولاء لهذه الدول التي تحميهم ولا لشعوبهم ولا يتورعوا عن ان ينفذوا ضد هذه الدول التى يعشوا فيها أى عمل من أعمالهم القذرة وشكلت هذه العصابات من اليهود طابورا خامسا اقوى في تأثيره ضد المسلمين من الجيوش المسلحة فى دولة اسرائيل.
وباتت إسرائيل الطفل المدلل لتلك الدول وجاز لها ما لا يجوز لغيرها من دول العالم وما حصل للعراق إلا مثالا واضحا لحماية إسرائيل وأمنها لمجرد قول للرئيس العراقي فى غير موضعه بأنه سيدمر إسرائيل فما كان من اللوبي الصهيوني فى أمريكا أن أثاروا العالم بأسره و ضغطوا على الرئيس الأمريكي واخذوا في الافتراء على هذه الدولة المسلمة العربية بأنها تحاول امتلاك السلاح النووي واخذوا ينشرون أكاذيبهم حتى انتهى الأمر بغزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميريكية وبريطانيا وكثير من الدول التي تدور فى فلكهم وتدمير دولة العراق وأعادوها إلى الوراء قرنا من الزمن وقتلوا أهلها وشردوهم فى دول العالم وعاثوا فى العراق الفساد وكل هذا لمجرد ان رئيسها قال انه سيدمر إسرائيل وهم يعلمون تماما أنه ليس لدولة العراق القوة أن تفعل هذا الأمر مع إسرائيل أو حتى تشتبك معها فى حرب عادية ولكن ليكون عبرة لغيره من الدول العربية.هؤلاء هم اليهود دائما . قاتلهم الله

أما قول الله تبارك وتعالى { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } هو ما نشاهده الآن من الوضع العنصري الرهيب داخل المجتمع الإسرائيلي وابسط مثل عليه هو ذلك التمييز بين اليهود من الأصول الشرقية واليهود من الأصول الغربية وهو يشكل شرخا عميقا داخل المجتمع الإسرائيلي وهذا يهدد أمنهم من الداخل.
وما كان هذا ليحدث إلا لحكمة يعلمها الله وقد أشار إليها فى الآية 104 من سورة الإسراء { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }, وجاء فى تفسير الطبري لهذه الآية: (حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن ابن أبـي رَزِين { جِئْنا بِكُمْ لَفِـيفـاً } قال: من كلّ قوم.

وجاء فى خواطر الشيخ الشعراوى رحمه الله :
(وكما تحقق وعد الله فى هذه الآية: { وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً.. }(الأعراف: 168)
لقد صدق وعد الله فقد قطعهم الله تعالى فى بلاد العالم وهم ينكمشون على أنفسهم ولا يندمجون مع غيرهم وكأنهم امة واحد فى البلد الذي يسكنون فيه ثم قال عز وجل فى سورة الإسراء: { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } , وهو ما نحن بصدده الآن، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتات الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر.) انتهى كلام الشيخ الشعراوى.

هكذا حكمة الله فلولا مساندة الدول الكبرى القوية وامداداها بالمال والسلاح والتعهد بحمايتها وكانوا لها تلك القرى المحصنة والجدر او الجدار الذي يحميهم من المسلمين فلولا هذا ما استطاعوا أن يجتمعوا وسط المسلمين ويغتصبوا أراضيهم ويطردوا شعبا بأكمله من أرضه حتى إذا جاء وعد الآخرة اجتمعوا فى هذا المكان وأهلكهم الله بكفرهم على يد عباده المؤمنين.

والله أعلى واعلم .
انتهى بحمد الله تعالى وفضله وما نريد به إلا وجه الله تبارك وتعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

*بتصرف بسيط علما ان المقالة لم تذكر الجدار العازل الذي بناه اليهود الصهاينة في الأرض المحتلة

يتبع
رد مع اقتباس